روايات

رواية عهود الحب والورد الفصل الثامن 8 بقلم سارة أسامة نيل

رواية عهود الحب والورد الفصل الثامن 8 بقلم سارة أسامة نيل

رواية عهود الحب والورد البارت الثامن

رواية عهود الحب والورد الجزء الثامن

عهود الحب والورد
عهود الحب والورد

رواية عهود الحب والورد الحلقة الثامنة

صرخ أمان وهو يقترب لكن سبقه والدها وهو يحمل رأسها بين يديه وقد انهار جموده وصلابته..
انطلى الهلع على ملامح وجهه، ورفع صوته يُنادي للطبيب:-
– دكتور .. دكتور هنا بسرعة..
جاء الطبيب وبصحبته ممرضة بينما تقف الجدة تشاهد الموقف بشبه إبتسامة .. لا عجب فمن الطبيعي أن تكون هذه علاقة الوالد..
انحنى توفيق وحمل عُهود ثم دخل إحدى الغُرف المُجهزة ووضعها برفق فوق الفراش..
– هي مالها يا دكتور .. أيه إللي حصلها..!
تسائلت والدة عُهود بخوف فاقترب الطبيب ليفحصها وهتف بعد مدة:-
– الآنسة اتبرعت بكمية كبيرة من الدم وكان لازم تعوض الدم ده، غير إن عندها نقص فيتامينات ومعادن والدكتور حذرها لكنها أصرت تتبرع لأختها..
كلمات نزلت على قلب توفيق وكأنها عاصفة رعدية لكن ابتسمت الجدة دلال فهذه هي عهود..
ابتعد وخارت قواه ليسقط على طرف الفراش، بينما اقتربت منها والدتها وبكت بعنف وهي تُقبل يديها بحنان:-
– حقك عليا يا عهود .. أنا السبب يا حبيبتي، والله يا بنتي إنتِ لو سامحتيني على الظلم ده أنا مش هسامح نفسي، حقك عليا، يلا فتحي عيونك يا أجمل ما شافت عيني..
أنا غلطانة أنا إللي أم مش كويسة، أنا أصلًا مستاهلش كلمة أم، أنا دمرت بناتي الإتنين .. سامحني يارب.
سحبتها الجدة برفق وهي تهدئها:-
– إهدي يا نجلاء .. إهدي يا بنتي، كل حاجة هترجع ودا كان إختبار طويل لكم كلكم وأهم حاجة إنكم عرفتوا قيمة إللي بين إديكم..
ألقت بنفسها دا أحضان الجدة وقالت بمرار:-
– أنا وجعتها كتير أوي يا أمي، أنا بعدت عنها كتير أووي .. أنا ليه كنت قاسية كدا يا أمي دلال.. قوليلي..
نظرت لتوفيق الذي يجلس بصمت وأكتاف ساقطة وقد اصفر وجهه، صاحت بوجهه وهي تبكي:-
– دي عهود يا توفيق إللي قولت عليها أنانية ومعندهاش أصل، ونفسها أختها تموت..
دي عهود إللي كان نفسك هي تموت بدل سمر..
دي عهود إللي قولت هحرمها من الأكل والشرب وهمنع عنها الفلوس لغاية ما ترجع لعقلها..
دي عهود إللي بعدنا عنها في محنتها ومصدقتهاش وظلمناها كتير..
في عز ضعفها ووجعها سبناها، أنا مكسوفة منها أووي والله..
كم استحقر نفسه، وكم كان حقير! كما قالت زوجته لا يستحق تلك النعمة، نعم عهود نعمة هو لا يستحقها.
اقترب أمان من توفيق ووضع يده على كتفه بدعم ثم هتف:-
– عهود بريئة من أي إتهام من إتهامات زمان، كان شوية عيال بعد تفوقها حبوا يبعدوها عن طريقهم، وأنا للأسف شاركت في ظلمها معاكم..
رفع توفيق رأسه ونظر له بتعجب ثم تسائل:-
– ليه وإنت أيه داخلك في الموضوع ده يا أمان.
تنفس أمان بعمق ثم بدأ يسرد ما حدث قديمًا دون أن يترك تفصيلة صغيرة، لتنجلي حقيقية كانت عهود قد توسلت إليه وروتها له مرارًا وتكرارًا لكن قد كان أصم أعمى عن كل شيء..
خرج صوت توفيق ضعيف متسائل تعصف به عواصف الحيرة:-
– هي هتسامحني! يعني أقدر أرجع بنتي تاني ليّا.
اقتربت الجدة من ولدها وقلبها يأبى أن يراه في ضعفه هذا، وقالت وهي تُشير لهم لتسحبهم للخارج:-
– سيبوا عهود ترتاح شوية.
وأكملت تقول بهدوء لتوفيق الذي جلس بضعف وخنوع:-
– بص يا توفيق أنا أكتر واحدة عارفة عهود لأني أقرب حد لها، آن الأوان يا ابني تفوق من إللي إنت وقعت فيه ده، عهود قلبها صافي وطاهر وكان خسارة من زمان القلب ده يضيع بين إللي كانت فيه قبل كدا..
ربنا حكيم يا ابني وعادل، كل الأزمات إللي مرت بيها عهود من أول إنها تتظلم وتنخدع من أقرب الناس ليها .. صحابها إللي كانت مستعدة تفديهم بالغالي، وبعدين الكلام الزور إللي طعنوها بيه .. وحرمنها من الكلية إللي طول عمرها بتسعى لها وتعبت لغاية ما وصلتلها بمجهودها واتحدت الكل..
وبعدين أهلها وأقرب الناس ليها بدل ما يدعموها لا كمان بعدوا عنها .. غير إنها سنتين بطولهم خسرت صحتها وعانت..
دا كله يا توفيق علشان توصل للي وصلتله وأنا واثقة إنها هتوصل لأكتر من كدا..
العفة حلوة يا ابني، عمر ما كان الحجاب الشرعي يعرك ولا يكسفك في وسط الناس؛ لأن دا أمر ربنا، الحجاب ستر ووقار وبيزود جمال الوجه والقلب.
افرح ببنتك وافتخر بيها وادعمها لأنها عملت الصح وسيبك من المظاهر الإجتماعية وكلام الناس إللي مستحيل يخلص..
تنهدت بهدوء واسترسلت في حديثها:-
– إحنا بشر يا توفيق .. عهود اتصدمت من هجومك عليها وردة فعلك، إديها وقتها لغاية ما تصفى وإنت أبوها مش هتهون عليها زي ما هي هانت عليك.
كانت تتحدث بينما هو فأقسم بأغلظ الأيمان أن يجعل لها السعادة مهدًا وأن يعوضها على ما فات..
هي قد ملكت قلبه وكل جوارحه وسيبذل كل غالٍ وثمين في سبيل إرضائها وسعادتها..
انصرف الجميع مسرعين بعدما علموا بإستيقاظ سمر، بينما بقى أمان يُحدق بغرفة عهود بكل مشاعر الحب والحنان..
تنهد بثقل وهو يُغمض عيناه ويتخيل ألا لو كانت حلاله وبين أحضانه كان قد استطاع مواستها وإبتلاع كل حزنها.
– عهود يا حبيبة قلب أمان ربنا ييسرنا أمورنا ويجعلك من نصيبي يا روح قلبي .. سامحيني يا عهود وارجعي بخير علشان أقطع كل العهود لقلبك.. صبري نفذ والله .. يارب اجعلها من نصيبي يارب وأبعد عن قلبها كل سوء يا لطيف.
********
– سمر يا بنتي سمر إنتِ سمعاني.
نظرت لهم بأعين مهزومة وهي ترى تجمع الجميع حولها..
الجميع بجانبها … لكن أين عهود شقيقتها..
تجمعت الدموع بأعينها عند ذكرها..
– ليه كدا يا سمر، ليه تعملي كدا يا حبيبتي.
ابتلعت ريقها بجفاف وهتفت بضعف وقد سمحت لدموعها بالنزول:-
– خطيبي إللي كنت بعاير أختي بيه وبقولها هو إنتِ تطولي ضفره وبجرحها في كل فرصة .. رمى الدبلة في وشي وقالي إن قرف مني وإن هو بيحب واحدة تانية..
وأنا مش عهود علشان أقاوم ويبقى عندي عزيمة وقوة..
ياريتني كنت زيها ولا كنت سألتها استحملت كل إللي حصلها إزاي.. قوليلها يا ماما إن ربنا أخدلها حقها مني..واتحرق قلبي زي ما كنت بحرق قلبها..خسرت أختي تلاقيها دلوقتي بتكرهني وحقها.
– لا يا بنتي لا يا سمر .. إنتوا اخوات ملكمش ألا بعض، عهود بتحبك دا حتى لما عرفت إللي حصلت جات جري، وهي إللي اتبرعت بدمها لكِ علشان فصيلتك مكانتش موجوده.
حاولت الاعتدال وهي تقول بإندهاش:-
– بجد .. بجد يا ماما..
احتضنتها والدتها وقالت بحنان:-
– بجد يا حبيبتي..
اقتربت الجدة وقبلت رأس حفيدتها وقالت بحنان:-
– حبيبتي يا بنتي ألف سلامة عليكِ يا جميلة ستك..
رمت نفسها بأحضانها وهي تشعر بأن ألامها تطيب من فرط ما تلقى من حنان ووقوف الجميع بجانبها:-
– وحشتيني يا نينا أووي..
رفعت رأسها ونظرت لهم قائلة:-
– ممكن أروح أشوف عهود .. أنا كويسة وعايزة أقوم .. أشوفها بس..
وقبل أن يعترض الجميع، كانت عهود تدخل الغرفة بخطوات بطيئة وعلى شفتيها بسمة بسيطة مُرددة:-
– عهود بنفسها جيتلك هنا..
ابتهج قلب سمر وطالعتها بعدم تصديق محاولة الوقوف والسعي نحوها لكن اختصرت عهود الخطوات وسارعت نحوها ثم جذبتها بأحضانها بقوة..
كانت لحظة مؤثرة وبالأخص عندما زادت سمر من بكائها وشهقاتها علت، وقالت:-
– شكرًا إنك أنقذتيني يا عهود وكنتِ أحسن مني، الحمد لله إنك أنقذيني ومسبتنيش أموت كافرة وكنت خسرت دنيتي وأخرتي..
كانت عهود تحضنها وتمسح دموعها برفق وحنان، أكملت سمر تقول لها:-
– شوفتي يا عهود إللي حصلي… هو سابني وقالي إن قرف مني ورمى الدبلة في وشي .. هو قال بيحب واحدة تانية..
هو فعلًا يا عهود أنا وحشة أووي كدا..
ابتسمت عهود برفق، وقالت بنبرة تحمل قوة وشكيمة رغم لينها:-
– ارفعي راسك يا سمر، محدش في الدنيا يستاهل إنك تنحني علشانه، إنتِ أقوى من دا كله والأهم من كدا إن ربنا بعد عنك شر كبير أوي يا سمر..
قوليلي يا سمر هو حد يستاهل إن تقابلي ربنا كافرة!
للدرجة دي .. للأسف ده ملهوش ألا اسم واحد .. ضعف..
إحنا بإدينا نقدر نختار إللي يسعدنا وبإدينا بردوة يا سمر نروح للحزن..
يا سمر إنتِ هتعيشي مرة واحدة وصدقيني يا أختي نَفسك أولى بالحب ده كله، حِبي نفسك وفرحيها وبلاش تظلميها.
اعرفي إن كل واقعة بتقويك وبتعلمك جديد .. أيوا بتاخدي الوقت على ما تقومي وتستردي نفسك تاني، بس تعرفي بترجعي أقوى من الأول بل بترجعي شخص تاني..
أنا معاكِ مش هسيبك أبدًا هنعدي الفترة دي سواا وهنرجع أحسن من الأول.
إيدي أهي ممدوده لإيدك، هتحطي إيدك في إيد أختك عهود يا سمر..؟
رفعت أنظارها تتأمل يدها والدموع تُهرول على وجنتيها، فيالحسرتها ويالسوءها حقًا..
غمست يدها بيد عهود وهي سعيدة لأجل تلك الفرصة..
********
بعد مرور يوم وفي صباح يومٍ جديد، أخذ الجميع يستعد للخروج من المشفى، بينما عهود فكانت تقف أمام الشرفة تنظر للخارج بأعين شاردة ووجه يتكرمش بين الحين والآخر فور أن تُهاجم تلك الكلمات عقلها بإلحاح فتُسرع بالإستغفار..
إلتزمت الصمت منذ أمس والجميع احترم رغبتها، حتى “أمان” الذي حاول مرارًا أن يجذب معها حديث .. لكن كان دون جدوى..
سارت بضعف خفيّ حتى وقفت أمام سمر وساندتها وهي تقول بمرح:-
– مستعدة يا بطلة، بصراحة حقك تخرجي أن زيك مش بحب جو المستشفيات ده ولا بستحمله.
تحاملت على ذراعها وهمست لها بحزن:-
– مش بتستحمليه .. وإزاي استحملتيه سنتين! إنتِ قوية يا عهود..
– يا ستي بلا قوية بلا غيره دا أنا كحكحت وبقيت عجوزة، حتى شوفي وشي بقاا عامل إزاي..
اندمجت سمر معها في الحديث وردت بمرح:-
– اصبري بس أخف وأنا هعملك شوية اسكربات إنما أيه، دا بس من الأرهاق لكن الحقيقة إنتِ جميلة يا عهودي وروحك أجمل..
ابتسمت لها عهود لذاك اللقب الذي غاب كثيرًا عن لسانها، وحمدت الله لما آلت إليه الأمور .. فحقًا في كل محنة منحة..
أجلست عهود شقيقتها بالسيارة بينما كانت أعين والدها تتابعها بحسرة ووجع وشوق وكم يؤلمه صمتها وذاك الوجع الذي يراه في عينيها وتنضح به ملامحها..
جلس الجميع بالسيارات وجاءت والدتها تضع يدها على كتفها وقالت:-
– يلا يا عهود إركبي معانا.
ابتسمت عهود وقالت ما جعل الجميع يقف مصدومًا، فماذا كانوا يعتقدون فبالنهاية لها مشاعر يجب أن تداويها:-
– لا يا ماما أنا هرجع مع دولا … هناك مكاني.
ونظرت لسمر قائلة بأعين حانية:-
– متقلقيش كل يوم هاجي أقضيه معاكِ ونخرج سوا.

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية عهود الحب والورد)

اترك رد

error: Content is protected !!