روايات

رواية مذكرات فيروزة الفصل الثاني 2 بقلم شيماء آل شعراوي

رواية مذكرات فيروزة الفصل الثاني 2 بقلم شيماء آل شعراوي

رواية مذكرات فيروزة البارت الثاني

رواية مذكرات فيروزة الجزء الثاني

مذكرات فيروزة
مذكرات فيروزة

رواية مذكرات فيروزة الحلقة الثانية

فى صالة التدريب كان يقف اللوء “عامر” يشرح لبعض الخريجين الجدد بعض المعلومات الخاصة بالمهمة الجديدة وكان من ضمنهم ابنه “أدم”، تحدث عامر بجدية: اتمنى تكونوا فهمتوا ايه المطلوب منكم هناك مش عايز أى غلطة لان قصدها حياتكم وكمان المقدم “عمران” هيبقى القائد بتاعكم والمسؤل عنكم هسيبكم دلوقتى تتعرفوا عليه وهيعرفكم أكتر عن المهمة اللى هتقوموا بيها.
تقدم منهما “عمران” ليضربون له السلام تعظيماً ووقارً لمقامه، فهم يسمعون عنه كثيرآ فهو ظابط مخابرات ذو شخصية قوية وله انطباع حاده وعمره ٣٢ سنة ومن أمهر وأكفأ الظباط فى مقر المخابرات وهذة فرصتهم حتى يتعلمون من خبرته.
وقف أمامها بوقار ليقول بصرامة وهو يعطى لهما ملف:
– دا ملف فيه فى كل المعلومات اللى تحتاجوها وطبعا دى اول مهمه هتكون لينا مع بعض وفى شوية حاجات كدا لازم تعرفوها هقولكم عليها لكن مش دلوقتى، واه كمان لازم تبقوا عارفين أى مهمه هنقوم بيها هنواجه الموت و ممكن منرجعش منها ف اللى خايف على نفسه وروحه يقدر من دلوقتى يتفضل يعتذر عن طلوعه للمهمة دى.
أردفوا بحماس بأنهم على أستعداد لتلك المهمة، بينما قال “أدم” بسعادة: وياترى بقا المهمة دى طالعنها فين.
نظر إليه :عمران” بطرف عينيه قائلاً بنبرة تحمل قدراً من السخرية:
– هو حد قالك أن احنا طالعين رحلة سعيدة نفرفش على نفسنا فيها ونغير جو، لا صحصح كدا معايا انت وهو احنا رايحين للموت برجلينا والمهمة اللى رايحنها فى سيناء على الحدود وهنتعامل مع أرهابيين وناس مسلحة والغلطة الواحدة هناك هتقضي على الكل مش عليك و بس فهمتوا انا مش عايز اشوف استهتار من أى حد فيكم، أستدار بضهره مبتعداً عنهما قليلاً ليكمل حديثه مرة أخرى: قدامكم ست ساعات تجهزوا فيها لان هنتحرك بإذن الله تعالى على بليل و يلا اتفضلوا مش عايز تأخير.
********************
فى غرفة “فيروزة” كانت تضع سلسلة فضية على عنقها الطويل لتقوم بتحسسها وهى تبتسم برضا على مظهرها الهادئ واللائق فهى تعشق تلك الاكسسوارات والأمور الهادئة، أخذت هاتفها وحقيبتها ومفتاح سيارتها وأتجهت إلى باب غرفتها لتجد “وليد” واقفاً مستنداً على ذاك الباب..
نظرت إليه باستغراب قائلة: وليد انت بتعمل ايه هنا ووقف كدا ليه.
نظر إليها بنظرات ذات معنى ثم قال:
– هى الهانم خارجة ولا ايه ؟
زفرت فيروزة بهدوء وقالت: اه خارجة عندك مانع .
– وياترى على فين العزم إن شاء الله.
– خارجة مع “لارين” والبنات هنشتري شوية حاجات من المول.
تحدث “وليد” ببرود: بس أنتى مدتنيش خبر بأنك خارجة ولا حتى استأذنتِ منى ياهانم.
أردفت بتعجب قائلة:
– بس أنا استأذنت من بابا وهو وافق ومرفضش.
وضع يديه فى جيبه وقال ببرود:
– اولا مفيش الكلام دا الأذن تاخديه منى انا مش من أبوكى أنتى ناسية أن انا خطيبك يا أستاذة ومش مسموح ليكي الخروج غير بأذني أنا فاهمة.
– أنت ازاى بتكلمنى كدا مش معنى أنك خطيبى تتعامل معايا بالشكل دا وتتحكم فيا بالطريقة دى.
اقترب منها لتتراجع هى للخلف ليقول:
– لا ياحلوة من أول ما اتولدتى وانتى بقيتي بتعتي واتحكم فيكى بالطريقة اللى تعجبني ويلا اتفضلى كدا زي الشاطرة تغيري هدومك لان مفيش نزول.
تحدثت فيروزة بضيق من تحكماته قائلة:
– يعنى ايه مفيش نزول انا خارجة مع اخواتى و
قاطع كلماتها ليردف بغضب: أنا قولت كلمة تتسمع ياهانم أنتى فاهمة و إلا قسماً بالله هتشوفى وش تانى منى أتمنى متشوفهوش لأنك لو شوفيته هتكرهى نفسك اوى يافيروزة.
نظر إليه بنظرات غاضبة: لا بقا دى مابقتش عيشة انت شكلك اتجننت على الأخر
أمسكها من يديها بعنف ليردف بصوتٍ عالٍ : صوتك دا ميعلاش عليا تانى ومفيش خروج ومن هنا ورايح كل حاجة هتبقى بحساب معاكى وكلمتى هتتسمع.
ليدفعها على الفراش لتسقط عليه بقوة وضعت يديها على ذراعها التى تؤلمها من قبضته ترقرقت دمعة فى عينيها لتنظر إلى تلك العلامات الحمراء على بشرتها البيضاء من أثر يديه، ليغادر غرفتها صافعاً الباب خلفه.
بعد مرور بضع من دقائق من الوقت مازالت جالسة كما هى جاءت جدتها إليها تحمل بيديها كأسين من العصير الليمون بالنعناع الفرش، وضعتهم على الطاولة بجانبها لتربت على شعرها بحنان لتقول بمزيج من القلق:
– “فيروزة” حبيبتى مالك “وليد” قالنا تحت أنك تعبانه شوية ومش هتقدرى تخرجى مع البنات فى حاجة بتوجعك.
اردفت “فيروزة” بنبرة يكسوها الحزن: لا أنا الحمدلله بخير متقلقيش عليا ياتيتا.
-أزاى بس مقلقش عليكي يابنتى دا انتى حته من قلبى
لم تتلقى رداً منها رفعت الجدة رأس “فيروزة” المنخفضة أرضاً ثم قامت بالتحديق إلى وجهها لترى تلك الدمعة العالقة بطرف رموشها الكثيفة لتفر الدمعة هاربة من عينيها إلى وجنتيها المصتبغة بحمرة خفيفة، ذهلت الأخر من رؤية علامات الحزن تكسى وجهها لتقول بقلق:
– روزا بنتى فيكي ايه ياقلب جدتك أنتى ليه الدموع والحزن اللى ظاهر عليكي فى حاجه مزعلاكى او حد عملك حاجة.
أخذت “فيروزة” تمسح دموعها الساقطة بكف يديها الصغيرة لتقول بنبرة باكية: ابدا مفيش أى حاجة وكمان انا مش زعلانة خالص.
– ازاى مش زعلانة خالص احكيلي ايه اللى مخليكي تعيطي كدا
نظرت إليها بعيون دامعة قائلة: وليد…
– ماله “وليد” حصل حاجة مابينكم !
انهمرت عينيها لتؤمى رأسها بالإيجاب لتقول: انا بجد تعبت من تصرفاته وتحكماته فيا وهو اللى منعنى من الخروج ونزل قالكم أنى تعبانه وانا مفيش فيا أى حاجة ومابقتش عارفة هو بيعمل معايا كدا ليه.
أردفت الجدة” قائلة:
– أهدى ياحبيبتى يمكن كان هو مدايق من حاجة وجت فيكى أنتى.
هزت رأسها بضيق قائلة: لا ياتيتا دى مش أول مرة يعمل كدا معايا أنا حسيت انه هيضربنى وكمان معاملته اتغيرت معايا أوى مبقاش زى مكنا فى أول الخطوبة كان بيعاملنى كويس ومكنش بيرفض ليا طلب وعمره ما زعقلى أو قال كلمة تزعلنى لكن دلوقتى لا مبقاش يفرق معاه زعلى وعلى طول بقى يقول لا على كل حاجة اجى اعملها حتى دا مش بيسأل عنى غير كل فين وفين ويوم لما يجي يسأل يتخانق معايا بسبب وبدون سبب انا بقيت حاسه من أفعاله انه مش بيحبنى ولا عايز يكمل طب لو هو فعلا كدا ليه ميسبنيش ويريحنى بدل ما كل شوية يحصل ما بينا خناقات ومش طايق ليا كلمة.
أمسكت جدتها يديها وقالت بهدوء: دا انتى شكلك شايلة منه اوى بس الأمور ماتتحلش بالطريقة دى يا “روزا” هو أكيد لسه بيحبك و كمان حاولى تهدي كدا وتبقى تقعدى معاه وتتكلمي وتقوليله كل اللى فى قلبك بهدوء وهو هيسمعك وحاولوا تشوفوا حل انتو خلاص كلها شهرين وهتتجوزوا.
تحدثت “فيروزة” قائلة:
– هو حضرتك فاكرة أن أنا محاولتش لا حاولت وكتير أوى لكن هو مكنش بيسمع منى وبيفضل يقولى بطلى شغل العيال دا انتى كبيرة وانا ما بحبش الست النكدية اللى تيجي وتناقش خطيبها فى كل حاجة هى زعلانه منها، صمتت قليلاً ثم أكملت قائلة بحزن:
– تعرفى كمان أن من ضمن الأسباب اللى مخليه يتعامل معايا كدا أنى مش بديله اللى هو عاوزه.
نظرت إليها متسائلة: وايه اللى هو عاوزه.
– عايز يقرب منى بحجة أن انا خطيبته وبنت عمه وخلاص هنتجوز وأنا رافضة الكلام لأنه حرام ولما بقوله كدا يقولى أنتى مش بتحبينى وبتعملي حاجز مابينا بأسلوبك دا ولما قولتله مش معنى أنى بحبك يبقى اسلملك نفسي وأغضب ربنا علشان رغبات حضرتك معجبهوش كلامى وقالى تمام يبقى أنتى اللى جبتيه لنفسك ومتجيش تلوميني بعدها، مفهمتش وقتها كلامه غير الفترة دى لما اتغير معايا أوى وبقى يبعد عنى، وعمل معايا مشاكل وخناقات كتير وانا استحملت وعمره ما اشتكيت لحد فيكم ولا حتى لبابا مردتش اشغله بأمورى كفاية هموم أخوات ومشاكلهم ومشاكل شغله وعارفة أن الحمل تقيل عليه وانا مش حابه ازود همه وحمله، بس ياتيتا أنا بجد تعبت من العلاقة دى ومابقتش قادرة استحمل انا طاقتى خلاص خلصت من كتر ما انا مستحملة معاه وبعدى كل حاجة بتحصلى أنا خلاص مش عايزة أكمل فى الخطوبة دى.
أردفت الجدة قائلة:
– علشان خاطرى ممكن تهدي وماتتسرعيش فى قرارك بدل ما تيجي تندمي.
– اندم لا متقلقيش أنا ندمانة من دلوقتى أنى وافقت على الخطوبة منه بس أعمل ايه قلبى حبه واتعلق بيه لكن كل دا بدأ يتلاشى مع تغيره معايا.
– ربنا يهديكم ويهدي سركم يارب وكل حاجة تتصلح.
نظرت إليها “فيروزة” بضيق وقالت:
– وأنا مش عايزة كل حاجة تتصلح أنا عايزة افركش أم الخنقة اللى حطيت نفسى فيها من بدرى بس خلاص هانت هو اصلا جاب أخره معايا.
*********************
فى أحدى المولات كانت تسير “لارين” مع اولاد عمها لتردف قائلة بفرحة: يااااه وأخيراً الواحد خرج وخد أفراج يوم من المذاكرة.
تحدثت “سهر” وقالت: اه وربنا دا انا مصدقت بابا يوافق كل شوية يقولى أنتى فى ثانوية عامة مفيش خروج اقعدي ذاكرى مش عايز دلع بس لما لقى عمو “عامر” وافق مقدرش يقول لا ويرفض زى كل مرة.
التفت “لارين” تنظر إليها:
– دا أنا قعدت أقنع فى بابا اسبوع لحد مااطلق سراحى اهم حاجة دلوقتى نروح نشترى شوية حاجات ندلع نفسنا بيها وبعدها نروح نأكل سوشي.
رمقتها “سارة” بنظرات مشمئزة لتقول: نفسي أعرف ايه سر حبكم فى الاكلة دى أزاى بتاكلوها دا انتو مقرفين.
أجابتها “سهر” : دى أحلى أكلى فى العالم كله أنتى أيش فهمك أصلا فى فن أختيار الأكلات.
– والله سبتلكم انتى وهى الفهم والفن جتكم القرف فى اختياركم وبعدين خلينا نخلص بدل ما حد منهم يرن علينا ويقولنا ارجعوا.
ذهبوا إلى محل مليئ ببعض الكتب ثم قاموا بشراء بعض الكتب الثقافية والتاريخية، “التفتت” لارين تنظر بجانبها ليقع نظرها على هذا الرف الذى يوجد عليه مذكرات مزخرفة بالورود الزهرية لتقوم بأخذ أثنين بأشكال مختلفة قد أعجبوها، تحدثت “سارة” متسائلة:
– ها يابنات فى حاجة تانية هتشتروها من هنا.
اقتربت الأخرى لتضع المذكرات على المكتب حتى تحاسب وقالت: هاخد دول كمان لاختى “فيروزة” هى بتحب المذكرات المزخرفة بالهيئة دى، ثم وجهت كلامها إلى العامل : هو مفيش عندكم استيكرات من الدانتيل الخاصة بعمل الكتب.
اردف العامل: طبعا عندنا ومن حظك الحلو أن التشكيلة دى لسه نازلة لأول مره عندنا النهاردة هجبلك كذا واحدة منها وتختاري الشكل اللى يعجبك.
– تمام.
بعد ساعتين من التجول جلسوا فى ذاك المطعم الهادئ بعد ما أكلوا، وضع أمامهم النادل مشروب الآيس كوفى المثلج…
أخذته “سهر” لتتذوقه ثم قالت بأعجاب:
– واو طعمه تحفه أوى أحسن من اللى بعمله فى البيت الراجل اللى عمله حرفياً فنان ومخترع.
نظرت إليها أختها: على فكرة أنتى أوفر أوى يا”سهر” دا طعمه عادى جدا وبعدين فين الاختراع فى دا.
– نفسي فى مرة تخرجى معانا وانتى ساكتة لازم تحطى تعليقاتك فى كل حاجة يعنى.
– أخرسى يازفتة وبعدين هو الخروج معاكم انتو الاتنين يتسمى خروجة أصلا، فينك يافيروزة والله مفيش أحلى من خروجتها الحلوة واللذيذة.
– خلاص بعد كدا متخرجيش معانا دا أنتى رخمة أوى.
قاطعهم ذاك الصوت الذى أتى من ورائهم قائلاً:
– حتى وانتم برا البيت ماسكين فى خناق بعض مفيش مرة كدا تكونوا عاقلين فيها.
نظروا إليه ثم تحدثت “سارة” مندهشة: “معاذ” أنت بتعمل ايه هنا.
– ولا حاجة كنت مع اصحابى انتو بقا ياحلوين بتعملوا ايه هنا.
– عمك وأبوك افرجوا عن الاتنين دول فجينا نتمشى شوية ونشتري شوية حاجات من المول.
– تمام لو خلصتوا يلا هوصلكم فى طريقي.
اجابته “لارين” بهدوء: احنا خلصنا بس عايزين نقعد هنا شوية.
نظرت “سهر” لاخيها: اه يامعاذ بالله خلينا قاعدين شوية الواحد كان مخنوق ياراجل مفيش حاجة بنعملها غير نروح المدرسة ومنها على الدرس وبعد الدرس للبيت ومن البيت للمدرسة الواحد زهق دى مش ثانوية عامة دى ثانوية ظلم وحبس وإرهاق ورخامة وتناحة وتعب أعصاب اه وربنا.
قرصها من وجنتيها بخفة ليقول بمرح:
– أومال أنتى فاكرة الثانوية ايه ياعسل أنتى وهى، وبعدين لازم تتعبوا فى الأول علشان تقدروا توصلوا لحلمكم وتجيبوا مجموع كدا يشرف.
تحدثت “سهر” بتذمر: دا مش مجرد تعب يامعاذ الثانوية دي انتحار ياجدع.
– معلش ياحبيبتى والله هتعدى على طول وبعدين أنا جنبك وفى ضهرك دايما ومش عايزك تتعبي أعصابك بالشكل دا المهم تعملوا اللى عليكم ومش مهم أى حاجة تانية.
– وربنا أنت احسن أخ فى الدنيا يامعاذى.
-قلب معاذك من جوا.
وضعت “لارين” يديها تحت ذقتها: ياعيني عليكي ياشابة ياللي مش لاقية حد يهون عليكي وربنا ظلم أنا خلاص مش عايزة أكمل تعليم وودوني على بيت حبيبي بلا تعليم بلا نيلة .
نظر إليها معاذ بنظرات ذات مغزى ليردف:
– بقا أنتى عايزة تروحى على بيت حبيبك امممم وماله دى حاجة حلوة والطموح جميل بردو بس لما تبقى تشوفى حلمة ودنك يا”لارين” ويلا على البيت أنتى وهى مفيش قعاد اكتر من كدا.
*******************
فى المساء كانت واقفة “نازلى” فى المطبخ تعد قهوة لزوجها وأخواته، تقدمت الأخرى منها بخطوات بطيئة وخفيفة حتى لا تشعر بها ثم قامت بفزعها فشهقت على أثرها “نازلى” وهى تضع يديها على موضع قلبها، فنظرت خلفها وجدت أبنتها تكتم ضحكتها وخزتها فى يديها قائلة: حرام عليكي يا “لارين” وقفتى قلبي يابنتي.
ضمتها “لارين” وهى تبتسم:
– أسفة يامامى قوليلى بقا بتعمل ايه.
– بعمل قهوة لابوكى.
– طب ما تعمليلى معاكى فنجان قهوة من يديك الحلوين دول.
– لا.
تممت بضيق فقالت: لا ليه بس ياماما اعمليلي فنجان واكسبي فى بنتك ثواب دماغى مصدعة وعايزة اذاكر ومش عارفة.
– لا يعني لا هعملك عصير فواكه أحسن على الاقل تتغذى بدل ما أنتى معضمه كدا وبعدين روحى شوفى أختك “فيروزة” بتعمل ايه وخليها تنزل تقعد معانا شوية.
اجابتها “لارين” بعد ما أخذت تفاحة من على المطبخ قائلة: كنت عندها من شوية وقالتلي هنام ف سبتها تنام.
قطبت جبينها بأستغراب: تنام غريبة يعنى مش من عوايدها تنام فى الوقت دا لسه بدرى، التفتت تنظر لابنتها ثم أكملت بقلق: لأحسن تكون تعبانه.
– لا ياحبيبتي هى كويسة.
مدت يديها بالصنية قائلة: أمسكي كدا روحى وديها لابوكى وانا هطلع ابص على أختك.
– حاضر.
صعدت “نازلى” إلى ابنتها لتجدها نائمة فى سابتٍ عميق قبلت رأسها بحنان ثم أطفأت لها النور وأغلقت الباب خلفها.
فى المكتب وضعت أمامهما “لارين” القهوة نظر إليها والدها قائلة: شكرا يالارين.
– الشكر لله ياحبيبى.
تحدث عمها “خالد”: ايه دا يا”لارين” أنتى اللى عملتي القهوة.
– عيب عليك ياجدع انت تعرف عنى كدا بردو.
– ما انا قولت كدا بردو.
بعد نصف ساعة…
جاء موعد ذهاب “أدم” احتضنته والدته لتتساقط دموعها على كتف ابنها تحدثت قائلة: أعتذر عن المهمه دي ياحبيبى علشان خاطرى متروحش أنا مش مستغنيه عنك.
ربت “أدم” على ظهرها بحزن: مقدرش ياأمى دا شغلى و مستقبلي.
ابتعدت عنه بغضب: هو علشان مستقبلك تضحى بنفسك يا “أدم” انت رايح سيناء وهتتعامل مع أرهابيين ناس متعرفش ربنا ومابترحمش يابنى والقتل عندهم سهل، ماتقوله حاجة يا”عامر” انت ساكت ليه.
نظر إليها زوجها قائلاً: متخافيش عليه يانازلى ابنك بقى راجل مش عيل صغير تخافى عليه وبعدين هو مش لوحده معاه زملائه كلهم وبعدين ابنك قدها وهيرجع ليكى بالسلامة بإذن الله.
تساقطت دموعها مجدداً، اقترب منها “أنيس” ليقول بمرح: وبعدين معاكى ياماما ماقلنا هيرجعلك بالسلامة وزى القرد كمان ومفيهوش خدشاية واحدة وبعدين هو بيأثر فيه حاجة الجحش دا.
رفع “أدم” حاجبه الأيسر: شوفتى أبنك بيقر عليا أزاى.
– سيبك منه ياحبيبى المهم خلى بالك من نفسك.
– حاضر ياامى بس بطلى عياط علشان خاطرى.
ضمه “أنيس” بحزن: متزعلش منى يا”أدم” انا بهزر والله دا أنت تؤامى وحبيبى وبخاف عليك.
– وأنا عارف أنك بتهزر ياقلب أخوك.
اقتربت “لارين” منه بهدوء وبدأت عينيها ترقرق بالدمع:
– دومي هو أنت هتطول هناك.
لمس خديها برفق قائلاً: هقعد شهرونص هناك ياريري.
– شهر ونص بس دول كتير اوى أنا مش متعودة أنك تغيبى عننا بالمدة الطويلة دى .
– صدقينى هيعدوا هوا ياقلبى المهم كفاية عياط بقا أنتى وماما.
تحدث والده “عامر” : يلا يابنى بدل ما هما محسسني أنك رايح تستشهد ومش هترجع تانى.
اخذ حقيبته ثم قال: ابقوا سلمولي على “روزا” لان طلعتلها لاقيتها نايمة.
نظرت إليه والدته لتهز رأسها بالإيجاب.
على الجانب الأخر كان “عمران” واقفاً ينظر إلى السماء المغيمة ينتظر الشباب، وكان داخله يتحدث إلى الله.
فى جميع حواراتي مع الله لم أكن أسمع أى مقاطعة…
كانت الساعات كلها لي، كما أنني بكيت دون حرج ولم أخجل من الحديث عن مشاعري له…
لقد تكلمت كثيراً ولم أسمع صوتاً يأمرني بالسكوت كنت أشعر بالهدوء..
وكل الفوضى التى بداخلى كان يرتبها دائماً…
كم أنت كريمٌ لطيفٌ يا الله استودعك روحي وحياتي.

يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية مذكرات فيروزة)

اترك رد

error: Content is protected !!