روايات

رواية يناديها عائش الفصل السادس والأربعون 46 بقلم نرمينا راضي

رواية يناديها عائش الفصل السادس والأربعون 46 بقلم نرمينا راضي

رواية يناديها عائش البارت السادس والأربعون

رواية يناديها عائش الجزء السادس والأربعون

يناديها عائش

رواية يناديها عائش الحلقة السادسة والأربعون

بقاءه بجانبي كان كافيًا لأشعر بأني أتوسد الطمأنينة. ❤ “لقائلهـــــا”
*********
رؤيته وهو مشحون بالغضب كالأسد الذي قُتلت لبؤته فقام يزئر بوحشية و يفتك بكل من يقف أمامه.. هو من أفضل الأشياء على الإطلاق التي جعلت قلبها المتمايل يستقيم في حبه، ولكن رغم ابتسامتها الخافتة لغيرته القوية عليها وغضبه الشديد عندما رأى ذلك الأبله “أمير” لم تدم سعادتها كثيرًا وتحولت ملامحها للقلق والخوف من أن يتهور أسدُها ويفترس ذاك الحقير.
وجدت نفسها تمد يدها لتتعلق بكتفه الذي تضخمت عضلاته توًا تزامنا مع ارتفاع الأدرينالين عنده، لم يتحرك له جفن بل ظل مصوب نظره تجاه أمير وهو يضغط على أسنانه بقوة حتى اصطكت وكان صوتها مسموعًا لعائشة التي توترت بشدة وأخذت تداعب ذراعهه برقة ممزوجة بالخوف لتقول بنظرات مترجية
–بدر.. بالله عليك
مسح على وجهه بنرفزة هاتفًا
–بحاول أهدى.. عايز أقوم اقتله دلوقت.. أول اما شوفته افتكرت منظرك في الليلة اللي مش قادر أنساه دي
أردفت بصوت خافت مضطرب
–هو بعد اللي أنت عملته فيه هيخاف يبصلي أصلًا.. شيله من دماغك عشان خاطري
تأمل عيونها للحظات، فوجد نظرات القلق تملؤها.. شعر بالندم تجاه نفسه لعدم تحكمه في انفعاله وتسببه لارتباكها وهي على وشك الدخول للإمتحان.. أراد مطمأنتها فتنهد ليقول بهدوء وهو يحتوي كفيها بحنو يبث فيهما الاطمئنان و السكينَةٌ
–متخافيش.. غضبي وانفعالي لما شوفته شيء طبيعي جدًا كرد فعل على اللي عمله.. بس اطمني مفيش حاجة.. وبعدين مش عيل ضايع زي ده اللي احطه في دماغي.. خلاص هو خد جزاءه
“يعني أنت كويس !.. قصدي.. يعني مفيش حاجة مضايقاك ؟”
سألته بـ تَرَدُّد، فأجاب بابتسامة مزيفة
–أنا كويس يا حبيبتي متقلقيش.. حاولي بقى تسترجعي اللي ذاكرتيه في دماغك عشان امتحانك فاضل عليه نص ساعة ويبدأ
أومأت قائلة وهي تستعد للنزول
–أنا هروح أنا بقى عشان أراجع مع صحابي شوية
–استني
التفتت بقلق
–في حاجة !
–ابعدي عن صحابك اللي كنتِ تعرفيهم قبل كده
أومأت مردفة بصدق
–أنا أصلا مبقتش بكلمهم ولا ليا علاقة بيهم.. أنا ليا صحاب تانيين علاقتنا ببعض سطحية بس بنات محترمة يعني.. متقلقش
“مش قلقان عشان واثق فيكِ.. بس انتبهي كويس عشان مش كل الصحُاب كويسين زي ما أنتِ فاكرة”
قالها بنبرة هادئة وهو يطالعها بحنان أبوي، فهزت رأسها بموافقة ثم فتحت باب السيارة وقبل أن تنزل منها استوقفها صوته الحنون قائلًا
–عائش
أدرات رأسها لتجيب مبتسمة بلُطف
–نعم
“أنعم الله عليكِ يا مُهْجَةُ فؤادي.. بحبك”
اتسعت ابتسامتها وزال القلق عنها.. تعشق فيه أشياء كثيرة منها أنه يستطيع أن يغير مزاجها من السيء لأكثر من رائع في دقيقة واحدة.
خفق قلبها بحُب وسعادة ولم تستطيع قول شيء سوى أنها اكتفت بالنظر لعينيه بطريقة هو يتفهمها جيدًا.. يُقال في قانون العُشاق، من دلالات الحبِّ ألا تشعر بالجهد في الوصال أو الاتصال، في الشرح أو الفهم، في الحضور أو الغياب، في اللجوء أو الهروب، في الاستناد أو الانزواء، في أن تشعر بالأمان والإيمان، بالسلام والإسلام، بالركون والسكون.. وهذان الإثنان طبقان تلكِ المقولة في نظرات العين بينهما.. فكانت كفيلة بأن تجعل كل واحد منهما يفهم الآخر ويفهم ماذا يود أن يقول قبل أن ينطق به.. رغم المشاكل الكثيرة في علاقتهما لكن باتا يعترفانِ لبعضهما أن لا أحد يستطيع التنفس دون الآخر، وكأنهما مصدرا الأكسجين لكلاهما.. ولكن هل إذا حدثت فجوة عظيمة في علاقتهما أدت للفراق سيذبل ذلك الحُب أم يظل و يدوم ؟
_______________
ثم أننا مدينون بالحب لكل صديق جعلنا نبصر شيئًا جميلًا في أنفسنا حين أوشكنا على الانطفاء .. 🌸
********
من المعلوم أنّ نسبة السعادة في الحياة ترتفع بوجود الأصدقاء وبوجود دعمهم وحبهم ورعايتهم، كما أنّ نسبة التوتر والشعور بالخوف والقلق تقلّ كلما كان لدينا أصدقاء مخلصون، و يزيد وجود الأصدقاء حولنا من الشعور بالتكيُّف والانتماء، ويُصبح للمرء في حياته هدف يسعى لأجله خاصة مع وجود الأصدقاء الداعمين الذين يحبون الخير لك ولأكون صريحة معك عزيزي القارئ.. لا أدري نحسد من على من ؟
أنحسد روان على رُميساء تلك الصديقة الناعمة والمرحة والوفية والخلوقة أم رُميساء على روان؛ لأنها حظيت بفتاة طيبة القلب مثلها تعتبرها أخت لها وتحبها أكثر من نفسها وتخاف عليها كثيرًا !
لنمسك العصا من النصف ونقول أن الفتاتين أكثر من رائعتين ونتمنى جميعًا لو أننا نملك صديقًا بمثل صفاتهنَّ.
كانتا تقفان مع أصدقائهم يراجعون المادة التي سيختبرون فيها اليوم حتى رن هاتف رُميساء برقم والدتها فأجابت
–نعم يا ماما
الأم بصوت قلق
–عامله ايه ياحبيبتي.. أنتِ مذاكرة كويس يا رُميساء ؟ مصحتنيش ليه الصبح افطرك قبل ما تمشي.. أنا آسفة يا بنتي راحت عليا نومه.. طيب فطرتي ؟.. بالله عليكِ ذاكرتي كويس ؟ طب الامتحان هيبدأ امتى ؟ دخلتوا المدرسة ولا لسه موقفنكم برا ؟
اجابت رُميساء ضاحكة من تلك الأسئلة التي انهالت على رأسها من والدتها المرتبكة للغاية
–اهدي يا ماما.. اهدي يا حبيبتي.. كله تمام وزي الفل.. هدخل كمان شوية.. متبطليش تدعيلي أنتِ بس بالله عليكِ
–بدعيلك والله يابنتي.. يارب الامتحان يجي سهل وتطلعوا كلكم فرحانين
–يارب يا ماما
كانت روان تقف بالقرب من رُميساء وسمعت اهتمام والدتها وخوفها عليها، فأدمعت عينيها رغما عنها وتمنت لو أن لها أم حنونة كباقي الأمهات اللواتي جئنا مع أولادهن واحتشدن أمام المدرسة خائفين عليهم.. لاحظت رُميساء عيون روان الدامعة فأدركت في الحال ما تسبب في حزنها و بذكاء طصنعت أن والدتها تسأل عن روان فهتفت بصوت عالي يصل لمسامع تلك التي تقف بخيبة أمل توزع نظراتها على جميع الأمهات، منهن من تراجع مع ابنتها ومنهن من تؤكل ابنها ومنهن من تهدئ ابنتها من التوتر وهي كالغصن المقطوع من شجرة وتُرك وحيدًا بعيدًا عن بقية اخوتها من الأغصان.
قالت رُميساء
–روران برضه كويسه.. أهي واقفه معايا.. عايزه تكلميها ! طيب معاكِ أهي
لثوانِ لم تفهم والدتها وعندما أدركت الأمر هاتفت روان متسائلة عن أحوالها كأنها ابنتها
–ازيك ياروان ياحبيبتي.. أنا مش عايزاكِ تتوتري ولا تخافي خالص.. قولي يارب وربنا معاكم يا حبايبي
أجابت روان بسعادة ظهرت عليها
–الحمدلله يا طنط.. لأ مش متوترة.. أنا عندي حسن ظن بربنا.. متقلقيش
–ونعم بالله يابنتي.. ربنا معاكم
–يارب.. مع السلامة
ابتسمت رُميساء بخفوت لسعادة روان وزوال حزنها ، فقد قصدت ألا توقظ والدتها حتى لا تأتي معها وتبقى روان بدون أم.. علمت أن ذلك الفعل سيحرق قلبها كثيرًا؛ لذلك تغاضت عنه ولم تفعله.. اقتربت منها لتهمس لها بنبرة مازحة
–علفكرة لون الخمار ده لايق على بشرتك خالص.. مخليكِ زي القمر وشكلك هيجيلك عريس انهارده
ضحكت روان لتوكزها قائلة
–بلا عريس بلا نيلة أنا اهم حاجة عندي أحقق حلمي و أعمل حضانة للأطفال… وبعدين أصلا أنا أي حاجة بتليق عليا ..
شاركتها الأخرى الضحك لتقول
–آه طبعا أنتِ هتقوليلي.. بأمارة أول مرة جربتي فيها تلبسي الطرحة.. كنتِ مطلعة ودانك منها شبه محمد سعد في كتكوت لما كان بيحاول يهرب من الفخايدة
تذكرت روان الموقف وظلت تضحك حتى انقطعت أنفاسها و رُميساء تحاول أن تكتم فمها حتى لا يلتفت اليهن الشباب، ولكن روان معذورة فشكلها كان يشبه كتكوت بالفعل.
استطاعت أخيرًا تمالك نفسها من الضحك واخبرتها أنها ستذهب لتشتري زجاجة مياه من “السوبر ماركت” خلفهما.
كان المحل مزدحمًا فوقت روان وراء فتاتان احداهما تعرفها رُميساء.. سمعت روان تلك الفتاة تقول لصديقتها بنبرة غِل
–أدهم مكلمني امبارح وحرقلي دمي
تساءلت صديقتها
–ليه.. ايه اللي حصل ؟
اجابت بغضب
–بيقولي البيه اللي بتحبيه عينه من رُميساء صحبتك.. بيقوله عجباني.. مش فاهمة أنا عجباه في ايه دي.. ده عامله زي الغراب لابسه اسود في اسود مش باينلها ملامح.. عجباه ازاي دي معرفش.. أهو واقف هناك اهو عمال يبحلقلها
قالت صديقتها بعفوية
–بس رُميساء محترمة.. مش واخده بالها منه أصلا ولا بتاعت حب ولا كلام من ده.. دي في حالها دايمًا
ردت بحقد
–اسكتي أنتِ مش فاهمه حاجة.. دي سوسه.. بتتظاهر بأنها البنت اللي مفيش حد في اخلاقها ولا شطارتها وهي تلاقيها ماشيه معاه أصلا
كل ذلك الحوار وصل لمسامع روان التي أخذ الدم في عروقها يغلي كغلي الماء عند أعلى درجة، ما قالته تلك الفتاة جعل روان تتوعد لها بالقتـ ل في سرها.. فقالت الأخرى
–أنا عايزه اخلي شكلها مسخرة قدامه عشان تبقى تعجبه كويس
–هتعملي ايه ؟
–هعمل نفسي ماشيه من جنبها واتكعبل و الميه تنكب عليها.. خلي الكل يضحك عليها.. يبقى يوريني بقى هيعمل ايه.. كنت بفكر اجيب صور ليها واوديهم لواحد معرفة يعمل بيهم فوتوشوب واخليها تيجي تبوس رجلي عشان أمسحها من المواقع
شهقت الثانية بصدمة قائلة
–يخربيتك.. لا مش للدرجادي.. حرام عليكي احنا مشوفناش منها حاجة وحشة
نظرت لها بغيظ متوعدة
–مقولتلك أنتِ مش فاهمة حاجة.. دي بت لئيمة
كل ذلك الحوار سمعته روان وتصلبت بصدمة مكانها خوفًا على صديقتها من تلك الوقحة التي تخطط لإيذاءها…. غضبت روان بشدة وتسارعت أنفاسها الغاضبة حتى وصل لهيب غضبها لظهرهما، فاستدارا ليروها تنظر لهما بأعين غاضبة كغضب الذئاب تنظر لهما بكل غضب و شّر.. كادت الفتاة أن تنطق ولكن روان سحبتها من يدها بكل قوة وهي تنظر أمامها بنظرات انتقامية.. ثم وقفت معها في احدى الجوانب المتخفية عن رُميساء كي لا تراهم وتعرف بما تكنه لها تلك البغيضة من مشاعر كراهية فيحزن قلبها الرقيق الذي لم يكره أو يتسبب في اغضاب أحد من قبل وحتما اذا عرفت بذلك سيتشتت ذهنها وتفقد التركيز في الامتحان؛ لذلك ستنتقم روان لإهانة صديقتها دون اخبارها بما حدث أو سيحدث.
اخرست روان تلك الفتاة بإشارة من اصبعها الذي صوبته تجاهها بكل تحذير لتقول بلهجة صارمة
— إلا رُميساء… بدل ما أنتِ هتولعي بغيرتك منها كده وبتدبرلها في مكايد من تفكيرك الزبالة.. روحي نضفي نفسك وقلبك من الغل والسواد اللي جواه ده وأنتِ هتبقي أحسن منها أو على الأقل زيها
كادت أن تتكلم، ولكن دفعتها روان في الحائط لتقول لها بغضب لا مثيل له
–أقسم بالله اللي خلقني وخلقك لو فكرتي تاني في أذيتها سواء أنتِ أو شوية الأشكال الزبالة اللي تعرفيهم.. لاخليكم تحفروا قبركم بايدكم..
تدخلت صديقة الفتاة لتسأل روان بعفوية بدا عليها الغباء
–هو أنتِ ازاي لابسه خمار وبتتكلمي بالأسلوب ده؟
انفعلت روان عليها فخافت الفتاة من نظراتها ورجعت للوراء.. صاحت روان ساخرة منها
–والخمار ماله ومال إني باخد حق صحبتي ؟
لبسي ماله ومال إن برد كرامة صحبتي يا شوية أغبية.. تحت الخمار واللبس الواسع ده واحدة لو شمت خبر أنكم بتفكروا تأذوا صحبتها هتنهش لحمكم بسنانها.. أنا هسيبكم المرادي ومش هعملكم فضيحة.. بس و الله والله اللي مبحلف بيه باطل لو رُميساء حصلها حاجة هعرف إنكم اللي ورا أذيتها وساعتها مش هرحمكم.. اللهم بلغت اللهم فاشهد
نظرت لهم نظرة أخيرة مليئة بالتهديد والتحذير لتتابع قبل أن تنصرف
–بالمناسبة مفيش غراب في المدرسة غيرك..عشان لابسه محترم بتقولي عليها غراب !
بصي لنفسك يا عسل وبلاش تقارني نفسك بـ رُميساء..عشان الجزمة اللي هي لبساها انضف منك ومن اللي زيك..ع الأقل هي مش بتقرطس اهلها وتروح تمشي مع ده وده..حاسبي نفسك قبل ما تحاسبي غيرك ولآخر مرة بقولهالك شيلي رُميساء من دماغك عشان أنا لو حطيتك في دماغي همشيكِ عريانه..اسألي عن روان حافظ في شعبة أدبي و أنتِ هتعرفي إن اللي يفكر يدوسلي على طرف بقطع رجله..فاهمه يا حيلتها !!
لم تنطق الفتاتان و ظلتا تنظران لها بصدمة دون أن تتفوهان بحرف واحد خوفًا من تلك الجمرة المشتعلة.
تساءلت رُميساء عن سبب غيبتها فقالت ضاحكة كأن شيء لم يحدث؛ حتى تقطع الشك فيما حدث
–كنت بحاول ابرشم بس فكرت مع نفسي وقلت اسقط ولا أخش جهنم
–طب يلا يختي عشان اللجنة هتبدأ كمان خمس دقايق
سارت معها وهي تعاتب نفسها ندمًا على الكذبة التي اختلقتها للتو
–استغفر الله العظيم سامحني يارب عشان كدبت، ثم دعت الله أن يخرجوا من الإمتحان مجبورين الخاطر.
________________
يقف صاحب العينان الزرقاوتان وسط مجموعة من الشباب بينهم فتيات في مثل العُمر.. جميعهم كانوا يدرسون بالخارج ثم عادوا للإستقرار بمصر؛ لذا توجهوا اليوم لإجراء امتحاناتهم في السفارة و مع ابتداء العام الدراسي الجديد سيدرسون جميعًا بالجامعات المصرية كل طالب في تخصصه.
وقف قُصي بـ طلّته البهية يضع يده في جيب بنطاله ويتحدث بلباقة يشوبها بعض الغرور المصطنع، حتى لاحظ اعجاب بعض الفتيات به وهو يصطنع اللامبالاة وعدم الاكتراث لهم على الرغم أن فتاة من الواقفين لم تعِره أي اهتمام وكانت منشغلة بمراجعة المادة.. تلك الفتاة بالذات أعجبته جدًا ولم يستطيع انزال عينه من عليها؛ لذلك ظل مرتديًا نظارته الشمسية؛ لئلا يلاحظه أحد وهو غارق بتأمل ملامحها الرقيقة.. قرر في نفسه أن يحادثها ليخوض معها في علاقة جدية بدأت بالإعجاب ثم الصداقة والحُب فيما بعد إذا توافقت مشاعر الإثنين، ولكنه على آخر لحظة تذكر نصائح سيف له وأنه يجب أن يضع في الحسبان أمه و أشقائه الفتيات.. فتراجع عن فكرته وابتعد عن تلك المجموعة وهو يحدث نفسه بصوت مسموع
–يارب أنا بحاول… سيف بيقول من ترك شيء لله عوضه وأنا أهو قدرت اتحكم في نفسي.. ساعدني بقى يارب وخلي ابويا يشيل فكرة جوازي دي من دماغه.. أنا عايز اتجوز واحدة على مزاجي أنا وكمان مش عاوز أنا ابقى مسؤول عن أسرة وزوجة وعيال دلوقت.. عايز اعيش حياتي الأول.. ساعدني بقى يارب
تزامن حديثه مع نفسه مع مجيء تلك الفتاة الجميلة التي كان قصي يناظرها.. تساءلت برقة
–أنت بتدرس ايه ؟
أجاب بتلقائية وهو مصدوم من حديثها معه
–آآآ.. اييه.. بدرس.. بدرس
قاطعته ضاحكة
–نسيت بتدرس ايه ؟
رد وهو يحك جبهته بتوتر
–لأ.. بس قلقان من الامتحان شوية.. أنا في علوم
ابتسمت بدهشة لتقول
–ايه ده بجد !! أنا كمان في علوم.. قسم ايه ؟
–الفلك وأرصاد الجوية
هتفت بذهول
–مش معقول.. أنا كمان في نفس القسم
رد قصي بعفوية وهو ما زال مندهشًا
–ايه الصدفة الحلوة دي !
مدت الفتاة يدها لتصافحه قائلة بابتسامة جميلة
–بحيث كده بقى نبقى صحاب.. أنا كارمن و أنت ؟
نظر قصي ليدها الممدودة ومد يده ليصافحها بتردد قائلا
–قصي..
–قصي ! اسمك حلو أوي يا قُصي
أومأ بخجل.. لأول مرة يشعر بالحياء وهو يتحدث مع فتاة.. قال وهو ينزع نظاراته بتلقائية
–ميرسي لذوقك
“وعيونك كمان حلوين أوي.. بليز قول إنها مش لينسيز ؟”
قالتها وهي تنظر له باعجاب وتبتسم برقة.. فهز قصي رأسه بنفي ليقول
–لأ مش لينسيز.. كان مصدوم من جراءتها و عفويتها المبالغة، لايدري هل هي حقًا جريئة ومن الفتيات اللواتي يتلاعبن بالشباب أم عفويتها زائدة لذلك تتحدث ببراءة، أو على ما يبدو من ملابسها وشكلها أنها فتاة منفتحة ومتأثرة ببلاد الغرب.. تساءل
–هو أنتِ كنتِ عايشة فين ؟
أرجعت خصلات من شعرها وراء اذنها كأنها تحاول لفت انتباهه لأنوثتها ولا يعلم هو لماذا تفعل ذلك وهي بالفعل جميلة لا تحتاج لأن تلفت انتباه أحد.. أجابت بنعومة
–بابي رجل أعمال مشهور في بريطانيا.. وعنده شغل في كذا بلد زي ايطاليا.. فرنسا.. أمريكا.. النمسا.. السويد… اليابان.. مصر.. وكنت بسافر معاه علطول..بس جاله شغل مستعجل في مصر فنزلت أدير أنا الشغل ده واكمل دراستي هنا
“لوحدك؟”
سألها بتعجب ، فأجابت بلباقة كأنها استعدت لذلك السؤال منذ مدة
–أكيد لأ.. مامي معايا بس بابي بيعتمد عليا في كل حاجة.. لأن أنا معاه في كل شغله من صغري.. يعني فاهمة في الشغل كويس
أومأ بتفهم وهو يسأل نفسه
“أنا كان مالي أنا ومال الليلة دي كلها”… قال مبتسمًا
–ما شاء الله… ربنا يوفقك
تساءلت
–و أنت بقى كنت عايش فين ؟
–مفيش بلد معينة استقرينا فيها لأن برضه بابا كان بيسافر من بلد لبلد حسب طبيعة شغله واحنا كنا بنسافر معاه.. وجينا على مصر قررنا نستقر جنب أهلنا
–اممم.. وأهلك ساكنين فين ؟
رد مستغربًا من تساؤلاتها الكثيرة
–في المنصورة
شهقت بدهشة
–واحنا كمان ساكنين في المنصورة
رفع قصي حاجبه مستنكرًا ليقول
–صدفة غريبة
رن جرس الاستدعاء لبدء الامتحان، فقالت وهي تدلف معه للداخل
–سوري.. ريلي ايم ڤري سوري إني وجعت دماغك برغيي.. بس بجد ايم سو هابي إني اتعرفت على شخص جميل زيك.. نادرًا لما تلاقي حد كويس في الزمن ده.. و أنت باين عليك مثقف ومحترم
” شكرًا”
قالها قصي وهو يتوجه لمقعده ويقول لنفسه
“البت دي باين عليها هبلة ورغاية بس شكلها طيب.. لأ حلوة.. عجبتني.. بس صدفة غريبة فعلًا ده ناقص تطلع ساكنة في البيت بتاعنا وأنا معرفش ! ”
_________________
نزلت عائشة من السيارة وبدر يتبعها بنظراته، ولكنه لم يستطيع الصمود فنزل وراءها ليزداد طمأنينة عليها، ولم تلاحظ ذلك.
التفت أمير بتلقائية وهو يتحدث ويمرح مع أصدقاءه فانتبه لها.. نعم يعرف ذلك الوجه جيدًا ولكن.. ملابسها ! تغيرت ملابسها وأصبحت محتشمة وواسعة عن ذي قبل كان ينظر لها بتعجب من هذا التغيير المفاجئ، حتى وقعت عيناه على هذا الذي يقف خلفها كالجبل الراسخ لا يهاب مخلوق.. كان يقف بدر يصوب نظراته المحتدة تجاه أمير وكأنه يرسل رسالة عبر نظراته تقول “تلك الفتاة تخصني.. لي وحدي.. إياك حتى والتفكير بها”
ابتلع أمير ريقه بصعوبة وبدا الشحوب على وجهه وهو يتذكر الضرب المبرح الذي ناله من صاحب القبضة المميتة في ذلك اليوم.. استدار في الحال يحاول التخفي في أصدقاءه بينما بدر لاحت على وجهه ابتسامة ساخرة وهو يشاهده يحاول الهروب منه كالفأر.
استند بدر بظهره على السيارة في اتجاه عائشة يحيطها بعينيه وكأنه يحاول حمايتها حتى وهي بعيدة عنه.. بينما هي لم تنتبه من الأساس لخروجه من السيارة.
مرّت بجانب أصدقائها القدامى دون أن تبالي لوجودهم فاستوقفها صوت احداهن تقول بسخرية
–ايه ده !! عائشـة الخياط !! فينك مختفية بقالك مدة ؟ طب ارمي السلام حتى
التفتت لها عائشة لتقول بلا مبالاة
–لا من قطعت علاقتي بيكم من زمان..اكتشفت انكم متنفعوش صحاب
ردت وهي تنظر لملابسها بـ استهزاء
–اممم.. عادي يا حبيبتي احنا اللي ميشرفناش نعرفك تاني
أدركت عائشة انها مغتاظة منها فضحكت بخفة دون أن ترد عليها وقبل أن تذهب استوقفتها ثانية لتقول ببرود
–مبروك على الاستايل الجديد
استدارت عائشة لتقول بابتسامة ساخرة وواثقة
— هو أنتِ متعرفيش ! مش هي مسمهاش مبروك ! مبروك دي ياقلبي جايه من الفعل الثلاثي برك.. على وزن مفعول.. ومعناها برك عليكِ البعير.. يعني قعدت عليكِ جاموسة فطستك.. اسمها مُبارك.. يا باشمهندسة….. ثم تركتهم و انصرفت مبتعدة عنهم وهمهمات الغيبة والسب عليها تصل لأذانها.. فضحكت لتقول لنفسها..
–خليهم يشتموا كمان.. مفيش أحلى من إن الواحد ياخد حسنات عالجاهز
وقفت وحدها بعيدًا عنهم تستذكر بعض القوانين الفيزيائية و رغمًا عنها التقطت أذنيها حديث يدور بين بعض الفتيات بجانبها.. تقول واحدة منهن بنبرة اعجاب
–فاكره الممثل ابو شعر طويل ده التركي اللي كان في مسلسل كده كان كوميدي شوية بس مش فاكره اسمه.. أهو اللي واقف هناك ده شعره شبه بالظبط
فترد الثانية عليها بنفس نبرة الاعجاب
–بس ده أحلى.. أنا معرفش بيجيبوا الچينات الحلوة دي منين
وتقول الثالثة
–سيبكم من شعره.. ركزوا في فورمة جسمه ولا شكله وهو واقف كده كاريزما.. تحسي إنه كان زعيم مافيا بس تاب
ضحكوا جميعًا على تلك الجملة لتقول فتاة أخرى
–ده بنات الدنيا اشكال والوان عدوا من قدامه وهو ولا هنا.. مبصش لواحدة فيهم.. شايف نفسه أوي
ردت صديقتها ضاحكة
–يابت الشباب الحلوين بزيادة دول مبيبصوش لبنات.. البنات هي اللي بتجري وراهم
نظرت عائشة لما ينظروا اليه فوجدتهم يحدقون بـ بدر كأنهن لم يرون رجال من قبل.. بالطبع شعرت بالغيرة تكاد تأكل قلبها.. تدخلت بينهن لتقول بغيظ وملامحها تنضج بالغضب
–هو انتوا محدش علمكم قبل كده تغضوا بصركم !! ايه القرف ده ؟؟
ردت فتاة بـ استنكار وهي تنظر لها بدهشة
–و أنتِ مالك أنتِ.. خليكِ في نفسك
“حاضر هخليني في نفسي.. أشارت باصبعها تجاهه وهي تنظر لهم بوجوم قائلة.. اللي هناك ده يبقى نفسي ”
تركتهم مندهشين وذهبت تجاهه.. ابتسم لها عندما رآها تُقبل عليه ولكن اختفت ابتسامته على الفور عندما رآها ترمقه بغضب.. قالت بحدة وهي تشير للسيارة..
–ادخل العربية حالًا
تساءل بعدم فهم
–في ايه ؟
–اخلص
قالتها وهي تحاول كبح غضبها.. فنفذ أوامرها دون جدال.. ركبت بجانبه قائلة
–أنت ايه اللي موقفك كده للي رايحه واللي جايه تبحلق فيك !!
تأملها بدهشة ليقول بعفوية
–اهدي بس.. ايه اللي حصل.. أنا عملت ايه ؟
انفجرت عائشة تصيح بـ غيرة وهي تلوح بيدها هنا وهناك بحركات طائشة
–أنا عايزه أعرف دلوقت ايه اللي مطلعك تقف قدام العربية وعاملي فيها توم كروز
كاد أن يتحدث ولكنها لم تدع له فرصة، حيث تابعت بصياح
–البنات عمالة تفصص فيك وهياكلوك بعنيهم وأنت الهوا عمال يطير في شعرك تقوم أنت مرجعه ورا زي ما تكون بتمثل فيلم رومانسي وهما ياعيني هيموتوا على جمالك..
رغمًا عنه ضحك على شكلها الغاضب وذلك اغاظها أكثر فضربته في صدره بخفة هاتفة
–أنت ليك عين تضحك..
أخذت تقلدهم لتقول بمياعة مصطنعة
–شعره أحلى من شعر الممثل التركي معرفش اسمه ايه.. عليه فورمة جسم خطشيرة.. ياربي عليه و على جماله
لم يستطيع بدر تمالك نفسه من الضحك على شكلها وتعبيرات وجهها المضحكة للغاية.. أما هي ظلت تنظر له ببرود.. فقام بإحاطة وجهها المنتفخ من الغضب ليقول باسمًا بسعادة من غيرتها الشديدة عليه
–سيبي اللي يبص يبص وكبري دماغك.. المهم أنا عايز مين وبحب مين.. أنتِ عارفة كويس انك مالية عيني وقلبي وعقلي.. يعني مستحيل ابص لواحدة غيرك.. ومفيش واحدة في العالم ده كله تاخد مكانك.. أنتِ مسيطرة عليا يا عائش و قليل إما واحدة تسيطر على واحد بالشكل ده
تنهدت لتقول بعد أن هدأت قليلا
–كان هاين عليا اكلهم بسناني.. أنت مشفتهمش وهما بيبصولك ازاي
رد ضاحكًا
–والله ما أخدت بالي.. ولا في دماغي الكلام ده أصلا.. أنا كنت عاوز اطمن عليكِ لحد ما تدخلي من باب الكلية
نظرت له لتقول بغيظ
–بقولك ايه.. أنت تشوفلك صرفة لشعرك اللي كمان شوية هيضفر ده
تحسس شعره ليقول بخبث
–خلاص هقصه
صاحت باعتراض
–تقص مين ؟؟؟ والله مقعدلك فيها.. صلّ على النبي كده.. هو في حد ربنا مديله شعر زي شعرك كده ويروح يقصه ! بتتبتر على النعمة ليه يا مسلم.. بسم الله ما شاء الله يعني.. احنا كبنات بنيجي بعد مرحلة الثانوية وشعرنا بيبتدي يقع لحد مهنقرع على أول التلاتينات وأنت داخل في التلاتة وتلاتين أهو وشعرك أجمل من حياتي.. شيل الفكرة دي من دماغك يا بدر عشان منزعلش من بعض
كان يتأملها و يضحك على جنونها وطريقتها العفوية والمضحكة في الحديثة بينما هي تثرثر
–أنا عايزه أعرف حاجة واحدة دلوقت.. أنت مبتلعبش رياضة ومع ذلك عندك ضلعات تسد عين الشمس
قاطعها وهو لا يزال يضحك
–اسمها عضلات يا حبيبتي
تابعت مردفة
–ما علينا.. المهم جبت منين الضلعات دي بقى.. بتطلعلك ازاي ؟
أجاب مصطنعًا الغرور
–الشغل اللي بشتغله من وأنا صغير مفيش واحد من بتوع الچيم الفرافير دول يقدر عليه
–ليه يعني ؟
–عشان معظمهم بيروحوا يربوا عضلات يفتخروا بيها وخلاص.. أما اللي زينا بيتعب ويشقى من صغره وعلطول معرض للشمس.. جسمه بيبقى ناشف والحمدلله ربنا بيديه قوة تهد جبال
هزت رأسها بتفهم
–اممم.. قولتلي.. بس برضه شوفلك صرفة لشعرك الملفت ده.. عارف بتفكرني بمين.. بالبدو والناس اللي بتعيش في الصحرا و بالممثلين بتوع فيلم الرسالة.. أنت شعرك زيهم.. ناعم وتقيل وواصل لبعد كتفك وده مخلي شكلك ملفت.. بجد لازم تشوفلك حل
–طب أعمل ايه؟
–اتحجب
–نعم !!
اعادت القول بضحك
–اتحجب.. والله هتتعاكس برضه
أشار للساعة بيده قائلًا
–صحابك دخلوا.. باقي خمس دقايق والامتحان يبدأ يا هانم
تلون وجهها لتهتف وهي تنزل من السيارة
— يا خبر أبيض.. ادعي على شعرك باايه.. جايبلنا الكلام دايما
اسرعت في خطواتها لتبدأ امتحانها، بينما هو تابعها بنظراته لحين اختفت من أمامه وهو يضحك بخفة محدثًا نفسه
–مجنونة والله.. هي بتحب شعري وأنا نفسي اقصه و خايف منها.
امتحانها مدته ساعتان؛ لذا لم يكن هناك داعِ لأن يذهب ويعود ليأخذها ويأخذ سيف.. ففضل الانتظار لحين خروجها..
وضعت أوراق الامتحان أمام جميع الطلاب، منهم من أتى امتحانه سهل ومنه من كان امتحانه صعب للغاية في مستوى الطالب فوق الممتاز واستطاع حل الاجابات كلها دون أن يتعذر أمامه سؤاله و يعجز عن حله، لم يكن ذلك الطالب الذكي سوى “قُصي”
سمع همهمات أصدقاءه وهم يشتكون من صعوبة الأسئلة بينما هو يكتب الاجابات بكل بساطة كأنه ينقل من كتاب مفتوح أمامه… و بالنسبة لبعض الكلمات التي كتبها على ذراعه ليغش منها.. قام بمسحها قبل أن يذهب للامتحان خوفًا من الله كما أخبره سيف..
نعم لم يذاكر كثيرًا ولكن عقله العبقري لا يستطيع نسيان أي معلومة دخلت رأسه.. في المدرسة الاجنبيه التي كان يرتادها في الخارج.. كان محط انظار جميع المدرسون والطلاب.. الجميع توقعوا له مستقبل مبهر وأن يصبح عالمًا ينفع البشرية في المستقبل، ولكن قصي شخص كسول لا يحب المسؤولية؛ لذلك لا يهتم بمستقبله.. الحياة بالنسبة له هي لهو ولعب.
أتى الدكتور الخاص بالمادة التي يؤديها طلاب قسم الفلك والفضاء ليجيب عن الأسئلة المتعسرة وكيفية حلها.. ورغم أنه شرح لهم طريقة الحل لكنهم لم يفهموا.. كان قصي يحل في ورقته ولا يهتم بما يقوله الدكتور.. وذلك لفت انتباهه فذهب ووقف بجانبه يطالع اجاباته وماهي إلا دقيقة واتسعت عينيه بانبهار ليقول بهمس وصل لمسامع قصي فابتسم خلسة
“ما شاء الله !”
…..
بالنسبة لعائشة.. جاءت الأسئلة التي أخبرها بدر بأن الامتحان لن يخلو منها.. اندهشت من أن تلك المسائل كلها كان يذاكرها لها بدر أمس و أكد عليها أنها ستجدها في الامتحان.. استطاعت حل جميع الأسئلة إلا سؤالين عجزت عن حلهما بالكامل.. وفي آخر الوقت توصلت لحل واحد والآخر اجابت عن نصفه ثم سلمت ورقة الامتحان راضية شاكرة ربها ثم عزيز قلبها الذي ساعدها في ذلك.
أما روان كان امتحانها ليس بالسهل ولا بالصعب ولم تقف أمامها أسئلة كثيرة ولكن في النهاية خرجت راضية عن اجابتها، وللأسف بكت رُميساء كثيرًا بسبب تبديلها للإجابة الصحيحة في آخر الوقت في احدى الأسئلة، واكتشفت مؤخرًا أن الاجابة التي كتبتها في قبل تبديلها كانت الصحيحة.. في النهاية استطاعت روان تهدئتها.
هاجر وسيف طالبان مجتهدان، بصرف النظر عن شقاوة سيف في أول العام الدراسي ولكنه طالب مجتهد ويذاكر جيدًا بشهادة معلميه.. مثلهم كمثل أي طُلاب مجتهدين.. لا ينسون ما ذاكروه وخاصة أن امتحانتهما لم تخرج من الكتاب الجامعي أو شرح الدكتور في المحاضرة.
…….
خرجت عائشة والابتسامة تزين وجهها لتركب السيارة بجانب بدر قائلة بسعادة
–الامتحان جه من اللي قولتلي عليه
غمز لها ليقول بثقة
–أنا كلمتي متنزلش الارض أبدًا.. بعد كده تقولي سمعًا وطاعة
قالت باسمة
–بجد ربنا ميحرمنيش منك
–ولا منك يا مُهجة فؤادي
قالها وهو يميل ليُقبل يدها.. تساءلت بعفوية
–يعني ايه مهجة فؤادي.. أنا حاسة انها حاجة حلوة أوي.. عشان اما بتقولها عينيك بتبقى كلها مليانة حُب
أجاب وهو يحتوي يدها بكفه واليد الأخرى يقود بها السيارة.
–مهجة القلب يعني الروح ودم القلب… وأنتِ روح قلبي.
نظرت في الاتجاه الآخر وهي تعض على شفتاها بخجل وسعادة بينما هو اختلس النظرات اليها بسعادة تفوق سعادتها وهو يدعو ربه أن يجعل علاقتهما سعيدة دائمًا.
التفتت اليه متسائلة
–هو احنا رايحين فين ؟
–لحقتي تنسي !
–آه.. الأخمرة !!
أومأ مبتسمًا ليوقف السيارة بجانب الطريق وأخرج هاتفه ليقول
–هتصل على هاجر اطمن عليها عملت ايه في الامتحان وبالمرة أسألها على اسم المحل اللي بتجيب من عنده حاجتها..
–طيب وسيف..؟ زمانه خلص امتحانه
–لأ سيف عنده مادتين انهارده.. أروح اجبلك اللي أنتِ عاوزاه وبعدين نروح نجيبه
.. بعد أن اطمأن على شقيقته و اطمأن أنها مع زياد وفي طريقهما للبيت.. توجه للمحل مستلزمات المحجبات الذي تتعامل معه هاجر.
رفض بدر أن يدخل مع عائشة معللًا أن جميع من بالمحل نساء ولا يصح تواجده بينهن.. تفهمت عائشة و دلفت لتشتري ما تريد من الملابس الفضفاضة بعد أن أخذت المال اللازم الذي استطاع بدر تدبيره لذلك الأمر الأسبوع الماضي من مكسب الورشة.
تأخرت ساعة كاملة وقلق بدر عليها جدًا فقرر أن يذهب ليطمأن عليها بعد أن وجدها لم تأخذ هاتفها معها.. رآها تخرج من المحل وبيدها الاثنين أكياس ممتلئة بالملابس فضحك قائلًا وهو يأخذهم منها ويضعهم في صندوق السيارة
–اشتريتي المحل كله ولا ايه !
–لأ.. أنا جبت لهاجر وماما زي ما جبت لنفسي
ظنّ أنها تمزح ففتح الاكياس وجد بالفعل أن لون الخمار الواحد تكرر منه ثلاثة وكذلك الإدناء والجوارب !
تأملها بدهشة وهو يفتح فمه بتعجب شديد من فعلتها التي لم تكن متوقعة أبدًا.. قالت ضاحكة وهي تركب وهو يركب بجانبها
–بتبصلي كده ليه ! اقفل بوقك طيب
رد وهو يستوعب ببطء ما فعلته
–أنا مديكِ الفلوس تجيبي بيها لبس ليكِ.. تروحي تجيبلهم معاكِ ومتجبيش كل اللي نفسك فيه !!
توترت قليلا وظنت أنه استاء من فعلتها، ولكنها تفاجئت به يقترب منها ويضع قبلة عميقة حنونة على جبينها ليقول بصوت دافئ
–أنتِ ازاي جميلة كده !
أردفت مبتسمة
–هاجر ليها حق عليكِ طالما لسه مراحتش بيت جوزها.. و بعد كده لما تجبلي حاجة تجيب لماما زيها.. هتفرح أوي
ظل للحظات ينظر لها بعشق يود لو أن يأخذها في احضانه أو يحتجزها في قلبه لا تخرج أبدًا.. يطيل النظر اليها باعجاب شديد وفمه مفتوح نصف فتحة دلالة على الانبهار وعدم التصديق التام بما حدث.. أما هي خجلت من نظراته التي تفترسها كالذئاب الجائعة واعتدلت في جلستها لتشيح بوجهها من النافذة.. بعد أن استوعب الأمر تنهد بحُب ليقول
–أنتِ طلعتي أحسن مني في حجات كتير أوي.. يبختي بيكِ بجد
ابتسمت بخجل دون أن تجيب.. ليصدح صوتها بعد دقائق متذكرة شيء
–بدر ما تروحني أنا بسرعة عشان ألحق أحضر الاكل وابقى روح هات سيف
أراد بدر مشاكستها والمزاح معها فقال
–هو أنتِ بتعرفي تطبخي أصلا يا عائش !.. فاكره الشاي اللي حطتيلي فيه ملح بدل السكر ؟
رغمًا عنها تذكرت الموقف وهي تضحك وتقول بأسف
–كنت بنتقم منك.. سوري يا بدوري مكنتش اعرف إن هقع ولا حد يسمي عليا
رد غامزًا
–بس وقعتي احلى وقعة
هزت رأسها ببراءة تشوبها السخرية
–اه طبعًا.. اومال.. أنت هتقولي
–عالعموم.. أمي كلمتني وأنتِ بتشتري الحاجة وقالت انها عملتلنا غدا..
هتفت بدهشة
–بجد !! طب ليه تتعب نفسها.. انا كنت هعمل
مد يده ليرفع ذقنها برقة وأدار وجهها له ليقول بجدية
–عائش.. طول فترة الدراسة والامتحانات أنتِ مش مطلوب منك غير انك تذاكري.. شغل البيت ملكيش دعوة بيه.. طالما أنا اتجوزتك وأنتِ في الدراسة يبقى لازم استحملك لحد متتخرجي
علقت على آخر جملة وهي ترفع حاجب وتخفض الآخر بمداعبة
–هتستحملني لحد ما اتخرج بس !
–استحملك العُمر كله
قالها وهو ينظر لعينيها نظرات غرامية، فأشارت لساعته لتقلده كما فعل قبل أن تبدء الامتحان
–باقي خمس دقايق وسيف يطلع يابيه.. ناسي نفسك
ضحك وهو يدير السيارة تجاه جامعة شقيقه
–نسيت نفسي معاكِ
“يا مرارك يا عائشة.. مش هنخلص من المحن ده انهارده”
أضحكه ما قالته بشدة وكأن الكلام يخرج من فمها كالعسل.
كان سيف يراجع الامتحان مع ثلاثة شباب من أصدقاءه الجدد يبدو عليهم الاحترام.. عندما رأى بدر.. ابتسم كالطفل الذي خرج من روضته ووجد والده في انتظاره.. عانقه بدر أمام اصدقاءه بعد أن القى عليهم التحية.. ثم حمله ليدخله السيارة وساعده واحد من الشباب في حمل الكرسي ووضعه بصندوق السيارة..
القى سيف التحية على عائشة وردتها عليه.. ثم ظل كل واحد منهما يتحدث عن امتحانه وعن المراقبين وتنظيم اللجان.
……
الساعة الرابعة والنصف بعد العصر.. كانت والدة بدر قد اعدت الطعام لهم وتركته عالمنضدة بالصالة في بيت عائشة وقامت بجمع ملابسهم المتسخة وغسلها وتبديل ملاءات السرير وتنظيف البيت بالكامل.
بعد أن تناولا الاثنين طعامهما.. نهضت عائشة على الفور لترتدي الملابس الجديدة متلهفة أن ترى شكلها الجديد بها.
جلس بدر على الفراش يستند بوجهه على كفه وذراعهه مستندة على فخذه يتابعها بسعادة مماثلة لسعادتها وهي تدور بالملابس الجديدة أمامه كالأطفال عندما يرتدون ملابسهم الجديدة ليلة العيد.
وقفت أمامه لتقول بفرحة طغت على ملامحها
–ايه رأيك ؟ شكلي حلو ! مطخني ولا مرفعني ؟ طيب الخمار مظبوط ! ايه رأيك في اللفة دي ؟.. حلو لون الادناء ده عليا !
نهض ليقترب منها ويجذبها من خصرها عليه قائلا
–أنتِ اللي بتحلي اللبس مش هو اللي بيحليكِ
ابتعدت لتقول بتذمر
–بالله عليك بلاش مجاملة.. قول الحقيقة بدل مقلبهالك محزنة واقعد اعيط للصبح
سحبها من ذراعها بلطف ليقول باسمـًا متغزلًا بجمالها
“وجهك كـ فلسطين تشبه القمر في ليلة عتمة، و للمسلمين قُدس و أنتِ قُدسي”
وقع آثار غزله عليها كالمخدر، فغابت عن الوعي بإرادتها بين ذراعيه.. تعانقه بشدة.. تتذكر كل ما مرّت به من قسوة وجحود في المعاملة من العائلة في طفولتها وتود أن تبكي في أحضانه شاكرة له على انتشالها من كل ذلك الكره الذي كان محيط بها في الصِغر.. فتاة مثلها لم تحضنها أمها يومًا وكان والدها واعمامها يعاملوها بقسوة وهي طفلة.. بالطبع سشتعر بأنها أسعد إمرأة في العالم عندما يحبها شخص جميل القلب و القالب مثل بدر.
ابتعدت لتقول بصوت حنون
–تعالى نروح نقعد مع ماما وهاجر شوية ونديهم الحجات الجديدة.
______________
جلس قصي وأسرته يتناولون الغداء.. ولم تمر دقيقتين حتى بدأ جو المشاحنة والشجار بين قصي ووالده
هتف قصي بغضب بعد أن نادى على والده أكثر من مرة ولم يجيبه لأنه مشغول بالحديث مع شقيقه الأكبر حول شركته الجديدة
–محدش فيكم فاضيلي ليه ؟؟
مش عايزين تسمعوا مشاكلي لييه.. هتخلوني أحلف أدخل اعمل قناة عاليوتيوب وافضحكم كلكم قسمًا عظمًا اجرسكم واحد ورا التاني يا عيلة مفيهاش حد مهتم بمشاعري ولا احاسيسي
رد عليه والده
–قوم ياض يا بغل يا رداح أنت من قدامي بدل معلقك من رجلك في المروحة
–هتعلقني من رجلي في المروحة !! ده أنت معملتهاش يا حج وأنا صغير عايز تعملها وأنا في مقتبل العشرينات.. شاب بريء جميل زي الورد.. تهينوا بالشكل ده !! لا يا ميجو متفقناش على كده
قال آخر جملة وهو يهز اكتافه بمياعة قاصدًا استفزاز والده
ليهتف الآخر بصدمة بينما البقية يضحكون
–ميجو !!
راح قصي يركض هاربًا وهو يصيح
–والله لاوريكم.. بكره تعرفوا قيمتي لما اتجوز البنت اللي تدخل مزاجي واخدها واسافر
–البنت اللي تدخل اييه ياروح امك !!!
–اللي تدخل مزاجي يا بابا
–جاك بو.. انت مش هتجوز غير اللي هشاور عليها ولا عايز تجبلنا واحدة من المقاطيع اللي تعرفهم تفضحنا وسط الخلق
صاح بحنق
–على جثتي لو اتجوزت واحدة مبحبهاش
صاح الآخر بغضب
–على جثتي أنا باابن الكلب لو اتجوزت واحدة مش على كيفي
–هو ايه اللي على كيفك ! هو أنا هتجوزها سبت وجمعة وادهالك بقيت الاسبوع.!!
استفز والده كثيرًا وقام من مكانه ليصيح متوعدا له
–امشي من وشي حالا بدل معمل معاك الصح
–تعمل معايا الصح.!! أب ده ولا زعيم مافيا
–يلا يا بغل يا ابن الكلب
–والله الكلب ماليه ذنب في اللي بيحصل ده
دلف لغرفته وأخرج هاتفه يتصفحه فوجد تلك الفتاة “كارمن” قد أرسلت له طلب صداقة.. تردد في قبولها ليقول لنفسه أخيرًا
–هاخد رأي سيف الأول.. بس هي طيبه والله.. بجد بجد أحلى حاجة فيها طيبة قلبها
____________
ثم بعد الصّبر جَبرًا ، ثم بعد العُسر يسرًا.
*****
اقتاد زياد سيارته متجهًا نحو مركز التحاليل الذي قامت وردته بعمل تحليل السرطان الخاص بها فيه.. فاليوم هو موعد معرفة نتيجة التحليل ولم تكن هاجر أو أي فرد من العائلة على علم بهذا الخبر.. لم يرد زياد اخبارهم.. اراد الاطمئنان أولًا.. فإذا قدر الله وكانت النتيجة سيئة لا يتسبب بافزاعها أو افزاع أسرتها بل يحاول ترتيب الأمر ليخبرهم بطريقة ما تخفف عنهم.. ولكنه يأمل كل الأمل و يظن بالله خير الظن أن تكون النتيجة جيدة.. ظل طوال الطريق يدعو الله أن يجبر خاطرهم.

جلس أمام الطبيبة يفرك يديه بتوتر ويدعي الله في سره… تحولت ملامح الطبيبة للإندهاش وهي تقرأ التحاليل.. ثم وضعتها لتتحدث لزياد بابتسامة بشوشة جعلته يستبشر الخير بقلبه
هتف زياد بلهفة
–خير يا دكتور ؟؟
تبسمت الطبيبة قائلة
–كل خير يا أستاذ زياد.. خليني الأول اوضحلك نقطة مهمة.. غالبًا يعدّ السرطان المنتشر مرضًا مستعصيًا على العلاج، إلا أنّه في بعض الحالات يمكن الشفاء من السرطان بعد انتشاره.. زي ما حصل بالظبط في حالة هاجر
لشدة توتر زياد شعر أنه لا يفهم شيء، كل ما يريد سماعة جملة “هاجر خفت”
أرادت الطبيبة التوضيح له أكثر والشرح بالتفصيل فقالت..
–هاجر كانت مصابة بنوع من السرطان اسمه السرطان الميلانيني رغم انه أخطر أنواع سرطانات الجلد لكن يمكن الشفاء منه.. الدكتور اللي هاجر كانت بتابع معاه شخص المرض غلط.. يعني في البداية أول اما هاجر جالها المرض ده لم يتم التشخيص بدقة.. وده كان سبب امتداد حالة المرض والعلاج.. على الرغم من انه بالعلاج الكيميائي كانت هاجر خفت من زمان .. وانت اكيد لاحظت الشحوب على وشها والبقع على جلدها في بداية المرض كانت عامله ازاي
كان وجه زياد يبدو عليه القلق والارتباك الشديد؛ لذا لم ينطق بشيء سوى أنه ظل يردد “يارب”
تابعت الطبيبة مبتسمة
–ولما جيت أنا شخصت حالتها مكنش فيه أي علامات للمرض ده على جلدها وده اللي خلاني مندهشة.. حتى الأطباء الزملاء معايا في القسم مش مصدقين التطور اللي حصل في حالة زوجة حضرتك.. اكتشفنا بعد كده إن المرض زي ما انتشر في جسمها.. بدأ يهاجم نفسه ويرجع ينكمش ويقل لحد ما اختفى خالص.. ودي حالات نادرة جدًا بتحصل دون تدخل جراحي..
نطق زياد أخيرًا بعيون ملتمعة بالدموع
–يعني.. يعني هاجر مبقاش عندها سرطان !
أومأت الطبيبة بوجهها البشوش لتقول
–ألف مبروك يا أستاذ زياد.. هاجر خفت.. وصلها سلامي
توقف ذهنه عند جملة “هاجر خفت” شعر بأن قلبه سيخرج من قفصه ليحلق و يغرد فرحًا في السماء..ظل يحمد و يشكر الله كثيرًا ثم شكر الطبيب وذهب ليقود سيارته بسرعة جنونية و دموع الفرح والسعادة تنساب من عينيه وشفتيه تتحرك تلقائيًا
“الحمدلله.. الحمدلله.. شكرًا يارب شكرًا”
اتصل بوالده ليخبره بأن يجمع العائلة في باحة منزلهم ويحضر صناديق المشروبات الباردة يوزعها عليهم لحين مجيئة.. فعل والده ذلك ظنًا منه أن زياد كسب قضية مهمة.
بعد أن أهدت عائشة الملابس الجديدة لهاجر ووالدة بدر.. شكروها كثيرًا واحتضنتها مفيدة كما تحتضن هاجر بحنان لتخبرها أن تناديها دائمًا ماما ووعدتها أن تعوضها عن حنان الأم الذي لطالما افتقدته.
جاءهم جميعًا الاتصال من مصطفى والد زياد ليتجمعوا بحديقة منزله.. هاتفت هاجر زياد كثيرا لتستفسر منه ولكنه لم يجيب حتى لا يضعف أمام توسلاتها ويفسد المفاجأة.
أضاء القمر الكون وزينت النجوم السماء لتكون أسعد ليلة مرّت على عائلة الخياط..
اجتمعوا جميعهم في الحديقة.. النساء يتحدثن مع بعضهن وعائشة تجلس على الأرجوحة ونورا تقوم بدفعها بلطف.. صاحت عائشة بحماس
–زوقيني جامد يا نورا الله.. نفسي احس اني طايره
قالت نورا بـ مزاح
–ولما تقعي.. يجي بقى سي بدر بتاعك ده يطير رقبتي
استدارت لها عائشة لتقول ضاحكة
–هيطير رقبتك بس !
جاءتهم هاجر بعد لحظات تقول بـ انزعاج
–بتصل بـ زياد مبيردش والتليفون بيدي جرس.. ماشي يا زياد انا هعرفك ازاي تخبي عليا حاجه
نظرت عائشة ونورا لبعضهما بتعجب ثم نظرا لهاجر.. فتساءلت الاخيرة
–بتبصولي كده ليه ؟
قالت عائشة
–أصل أول مرة نشوفك متعصبه كده
و قالت نورا بضحك
–طلعتي بتتعصبي زينا اهو.. الله يكون في عونك يا زيزو
… بينما قصي وسيف اجتمعا يتحدثان سويا.. فأخبره قصي عن تلك الفتاة التي تعرف عليها في الصباح بالسفارة وكان رد سيف..
–لا يا قصي.. تكلم بنات تاني.. لأ.. امشي عدل بقى ياعم
–يابني بقولك هي اللي جات كلمتني والله.. بس شكلها طيبه
انفعل سيف عليه
–هو أنت ماسكلي طيبه طيبه.. احنا هنعمل ايه بطبيتها ! قصي أنت وعدتني هتخليك في حالك وتمشي عدل وتبطل تكلم بنات.. حصل !
هز قصي رأسه ببراءة
–حصل.. وأنا هعملها بلوك قدامك اهو
أخرج هاتفه ووضعها على الحظر أمام أعين سيف وعندما انشغل سيف بالحديث مع بدر.. انتهز قصي الفرصة و رفع عنها الحظر وهو يضحك ضحكة شريرة تشبه القط توم عندما يستطيع ايقاع چيري في فخه.
وصل زياد آخيرًا وعلامات السعادة تملأ وجهه.. وجه الجميع انظارهم صوبه منتظرين المفاجآة التي اعدها لهم..
فهتف بصوت عالٍ سعيد بشدة وهو يظهر التحاليل أمام الجميع
–هاجر خفت.. وردتي خفت.. هاجر مبقتش مريضة
صمت خيم عليهم يحاول كل شخص استيعاب ما قيل.. اطلقت الزغاريد من زوجة مجاهد ومصطفى و خرّت مفيدة ساجدة على الأرض وهي تبكي بسعادة شديدة.. بينما بدر وسيف نظرا لبعضهما ثم نظرا لشقيقتهما التي ترنحت مكانها من الصدمة وتحركا نحوها يعانقونها ويقبلونها والدموع تفيض من أعينهم بفرحة لا توصف..
مازالت عيناها معلقة على التحاليل بيد زياد وهي تنظر له غير مصدقة.. ركض نحوها وحملها بقوة وظل يدور بها وهو يصرخ كالصغار بفرحة شديدة.. انزلها وهو يُقبْل جبينها بعشق ليقول
” مش قولتلك خلي عندك حسن ظن بالله وهو هيفرحك ”
نطقت بعدم استيعاب وهي تبدأ في البكاء
–يعني.. يعني أنا خفيت !! بجد يا زياد خفيت ؟؟
شدها ليدخلها في احضانه وهو يبكي معها غير آبه بنظرات الجميع التي تحيط بهما.. همس بجانب أذنيها
–خلاص ياروح زياد مفيش تعب تاني.. ربنا رحيم أوي يا هاجر.. أوي
اخفت رأسها في صدره لتبكي بشدة وهي تردد
–الحمدلله.. شكرًا يا ربي
تقدم والد زياد نحوهما ليقول بسعادة
–ده أحلى خبر سمعناه في حياتنا والله يا زياد.. أنا كنت مفكر انك كسبت قضية مهمة ولا حاجة.. بس جبتلنا الخبر اللي احلى من أي حاجة
مسح زياد دموعه وهو ينظر لوالده مبتسمًا ثم أعاد النظر لهاجر قائلًا
–دي فعلًا كانت أهم قضية عندي.. والحمدلله كسبتها.. كسبناها بالصبر يا بابا
ربت والده على كتفه لينظر للجميع قائلا بصوت عالٍ
–حضروا نفسكم وبلغوا أهل الحارة كلهم.. بكره ان شاء الله هعمل أضحيه ونأكل الفقراء وكل اهل الحارة هيجوا ياكلوا..بنت الغالي ربنا شفاها وعشان فرحتنا تكمل لازم نفرح الفقراء وكل اهلنا معانا.

يُتبع ..

‫4 تعليقات

اترك رد

error: Content is protected !!