روايات

رواية أترصد عشقك الفصل السابع والأربعون 47 بقلم ميار عبدالله

رواية أترصد عشقك الفصل السابع والأربعون 47 بقلم ميار عبدالله
رواية أترصد عشقك البارت السابع والأربعون
رواية أترصد عشقك الجزء السابع والأربعون
أترصد عشقك
أترصد عشقك

رواية أترصد عشقك الحلقة السابعة والأربعون

وكيف لطاعن القلب أن يؤلمنا بالالامه
ويقتلنا بعذابه
وكيف لناحر الفؤاد .. أن نتلظي بنيران عذابه
وكيف لمن دمرنا، وبعثرنا، وجعلنا حطامًا.. نحزن على مصائبه!!
الأمر ليس طبيعيا
اما هي ساذجة أو هي ساذجة للغاية!!
الأمر لا يوجد به خيار آخر.. هي حمقاء، مغفلة
تردد تلك الكلمتين وكلما تغمض جفنيها تفجع من تذكر الخط المستقيم.. ليجفل جسدها برعشة قوية كادت أن تسقطها ارضا تداركتها جيهان سريعا وهي تمنعها من السقوط، جاعلة جسدها دعامة لحمايتها من السقوط، انهارت شادية كورقة خريفية لم تتحمل قسوة رياح الخريف لتسقط على الأرض معرضة لتصبح اسيرة اقدام الهائمون في الطريق دون هدف!!
عضت شادية على باطن خدها بألم والدموع الغبية تسقط منها دون أدني رادع، لن تسامحه .. لن تسامحه ان قرر مغادرة الحياة ان لم يجيبها على اسئلتها
انفجرت فى البكاء الصامت وهي تلعن عقلها الأحمق، أي مسامحة وهي بين يدي الرحمن.. ربما هو فى حالة أفضل منها ومن الجميع!!
اتسعت عيناها بجحوظ حالما ترى أن أفكارها السوداوية تتعارض مع النبض الخافت، يئن ويحزن على حال الالامه واحزانه!!
ذراعين تشدد من أزرها قبل أن تنهار ساقطة على مقعد والذراعين الحانيتين والكتف الذي استندت عليه غادرها، لترفع راسها وهي تري ركض جيهان تجاه الطبيب الذى خرج من غرفته.. أشاحت بعينيها وهي تخشى أن تسمع ما يرفضه عقلها
تخشى خسارة من أعاد قلبها للحياة مرة اخري، ودعسه على قدميه دون أدني رحمة!!
ألم يفكر مرتين قبل أن يقوم بفعلته؟!! ألم يخبرها انه يحبها؟!!!
لم يخبرها… لم يخبرها، فغرت شادية شفتيها بصدمة وهي تستوعب تلك النقطة، لكن عاد انين ضعيف يخبرها عن كافة الأشياء الصغيرة التي اهتم بها واولهم قطتها الصغيرة لولو، أشياء صغيرة لا تصدر إلا من رجل مهتم!!
عضت على باطن خدها وهي تشعر بيد تربت على خدها، لتنتفض مجفلة مسببة ذعر جيهان التي اقتربت جالسة بجوارها هامسة بألم لرؤية شبح شادية يعود لينغص حياتهم جميعا
-شادية.. ارجوكي تماسكي نفسك
ضمت كف يدها لتضربه على أنين القلب، وما ادراك عن أنين القلب؟!!
يشتت الانسان، يسقطه من سابع سماء إلى سفح الارض.. يجعل الجسد كجثة هامدة سوي من انفاس رتيبة تتردد بين جنبات الصدر، يعدها بصبر متطلبا الخلاص ومقابلة الوجه الكريم!!!
مسحت دموعها المراقة عليه، لما تبكي عليه؟!! أتحنين له يا شاديااه؟ بعد ما فعله؟!
لكن العقل هز راسه برفض… هي تخشى المرأة الطيبة التي ضمتها بين ذراعيها، تخشى أن تفقدها هي الأخرى، هي تخشى أن تكون السبب فى قتله، هي السبب.. هي السبب.. هي التي قادته إلى الهاوية!!!
اخبرتها بألم قاسي وفؤاد منشطر إلى نصفين، وحالة من عذاب النفس تعانيها لذلك القاسي الجاحد
-قلبي موجوع
ابتسمت جيهان بارتعاش وهي ترفع رأس شادية تفيق تلك التي تهذي لتصرخ بابتسامة مطمئنة
-هيعدي.. هو كويس والله استريحي
سكن جسد شادية وعينيها تتسع بعدم تصديق، تستشعر الصدق من الكذب فى عينيها إلا أن الدموع فى شقيقتها الصغرى التي تكبحها صادقة تمامًا، لتغمض جفنيها براحة وهي ترخي راسها على كتف جيهان التي بكت بصمت محتضنة اياها بقوة
هي الاخرى تتعذب عذاب الضمير، هي من قادت شقيقتها إلى ذلك الدرك
من دفعتها دفعا للوقوع في حب رجل لا يطال حتي ظفر منها، عضت علي اناملها خجلا وغضبا ويئسا انها لا تستطيع إيجاد حل.. لا تستطيع إخراج شادية من حزنها وإغلاق صفحة سرمد من حياتها للأبد!!
استمعت إلى همس شادية المتحشرج بمرارة
-بيعمل معايا ليه كده!!.. حد يفهمني.. ليه بيتفنن يعذبني معاه وانا مش عارفة اساعده
اهه مكتومة كادت تخرج من حلق جيهان إلا أن شادية عادت تدفن وجهها فى كتف شقيقتها التي تمنحها بعض من السلام الذي تحتاجه، والفتاتان تفتقدان الأم، تحاولان عدم ثقل كلا من والديهما وشقيقهما بأحمال مشاعرهم ويكفي ما تورطا به محاولين إيجاد الحل للخروج من تلك العاصفة!!!
ربتت جيهان على ظهر شادية وعينيها بدأت تترصد من حولها، تخشي وجود صحفي مسترق يلتقط صورا لهما، مع حرص عائلة سرمد منع أي صحفي في المشفى، همست جيهان اسمها قائلة بقلق
-شادية
رفعت شقيقتها رأسها قائلة بتعب وهي تمرر أناملها على خصلات شعرها
-انا عايزة استريح، تعبت من كل حاجة
استقامت من مجلسها ومدت يدها قائلة
-تعالي نمشي
تخشب جسد شادية ولثواني نظرت إلى جيهان بعدم فهم وببلاهة، كيف تتركه؟! كيف تدعه وهو كاد ان يغادر عالمهم!!، ارتجفت شفتاها وهي تهمس بصوت خافت
-مش هقدر، لازم اكلمه
زفرت جيهان بتعب وهي تخفض بجذعها لتهمس بلين محاولة إخراجها من ذلك مستنقع جحيمها
-مش هيفوق دلوقتي يا شادية، نيجي وقت تانى يكون احسن
حاولت شاجية القيام من المقعد، لكن شعرت بمن يجبرها جبرا على الجلوس بجواره
ألا يكفي القلب تعبًا؟
ألم تيأس بعد؟!!
غمغمت بصراحة وهي ترفع عيناها تحكي معاناة جسيمة لما يجول فى عقلها
– خايفة
اقتربت جيهان تسألها بصراحة
-من ايه يا شادية
نظرت شادية نحو الفراغ وهي تجيبها بتخبط
-من بكرا
لم تجد جيهان ردا سوى معانقتها تجذبها بقوة للخروج من الشرنقة التي اصرت على الوجود بها، لتهمس جيهان بصلابة
-استهدي بالله يا شادية، الدكتور طمنا، هو كان عامل حسابه لأي حاجة تحصله
اجفلت شادية منتبهة إلى تطورات لم تكن تعلمها سابقا، لم يخبرها احدًا انه معرض للانسحاب من حياتها هكذا قبل ان تحاسبه على جميع ما اقترفه بحقها، لم تنتهي منه بعد
تمتمت بنبرة شاحبة وهي تنظر اليها بقلق
-يعني كان عارف ان ممكن قلبه يقف
اجابتها جيهان صراحة وهي تمر بيدها على خصلات شعر شادية المدمرة من كثرة العبث بهما
-مش اووي يعني، بس عارف ان حالته النفسية مش هتبقي كويسة خصوصا لما يفوق ويلاقي نفسه هيضطر يقعد شهور فى المستشفى فى عمليات عشان يحاول يقف علي رجله تاني
صفعة قوية لطمت خدها لتتسع عينا شادية بجحوظ محاولة استيعاب الكارثة الكبري!! ماذا تعني
ماذا تقصد بكلامها!!
اخرجت نفسا ثقيلا من شفتيها لتسألها شادية بترقب
– يعني ايه ؟!!، مش مجرد كسور فى جسمه
عضت جيهان باطن خدها بقوة لتشيح بوجهها متجنبة الاجابة مما جعل شادية تجذبها لتنظر اليها بحدة وعينيها منتظرة الاجابة، تلعثمت جيهان قائلة
-ممكن يبقى مشلول، ده اللي قاله الدكتور
كادت ان تسقط شادية على الارض، وهي تشعر بالرؤية تحولت لضبابية.. امسكتها جيهان بقوة وهي تناديها بإصرار
– شادية
رفعت شادية عيناها تجاه الغرفة بألم، لتزم شفتيها بإصرار تلك المرة.. تنفض عباءة الهوان والضعف لتستقيم من مقعدها وهي تنظر الي شقيقتها قائلة بنبرة حادة
– مش هسيبه
رأت شادية الرفض الملتمع فى عيني جيهان، الا انها لم تعبأ برفضها من موافقتها… لم يقحمها الأحمق في ذلك الأمر
اليس من المفترض ان تشعر ببعض التشفي؟ إن عدالة السماء رحمتها من نيران غضبها، أليس من المفترض أن تهدأ وتبتعد
لما ازدادت تعلقا وتشبثا به؟!.. بل لما تشعر ان الكسور فى جسده تجعلها تشعر بتحطم عظامها؟!! ماذا فعل هذا الرجل بها؟!
ماذا فعل ذلك الجاحد بها؟ والي أي حالة اوقعتها فى حالة بائسة مثيرة للاشمئزاز؟!!!
الحاح جيهان منادية باسمها جعلها تفيق من غيمات شرودها
– شادية
تسمع جيهان تطالبها بالخروج واكتفائهما بالبقاء لهذا الوقت في المشفى، قبل وصول عائلته التي بادرت إحدى الممرضات بالاتصال به والتي كلفوها بأن تكون متابعة لحالته واي تطورات سواء ايجابية او سلبية ببلاغها!!!… لكن شادية متشبثة بالبقاء.. تعاند بقسوة لا تفهمها
– مش هسيبه يا جيهان، هو اصر يربطني ليه فى اللي عمله، انا مش هرب تاني .. مش عايزة أكون جبانة
زفرت جيهان بحدة وهي تهدر تلك المرة فى وجهها قائلة
– وجودك هنا لا هيقدم ولا هيأخر، انا خليت الممرضة تبلغني لو فاق تتصل بيا.. وشك يقطع الخميرة يا بنت، يصح اول ما يفتح عينه يشوف المنظر المقرف ده
همت شادية للرد على وقاحتها التي تفاجئت بها بكلمة وقحة، لكنها تراجعت قائلة بهمس خافت
– جيهان مش فايقة لهزارك دلوقتي
همت جيهان بالصراخ حقا تلك المرة فى وجهها، ولا يهمها ان كان يوجد صحفي او أي لعين في هذه المشفى، لكن همس شادية الناعم متخطاها اياها بكل برود جعلها تغمض جفنيها بيأس
– طنط غيداء
اقتربت شادية بلهفة نحو غيداء التي سارعت بالاقتراب من النافذة الزجاجية، تطمئن عيناها على قرة عينها، وابنها البكري الذي يتسرب من يديها، دمعت عيناها وهي تلمس الزجاج وكأنها ترسل له اشارة خفية ان والدته بقربه
مازالت قريبة منه
دمعة انزلقت من عينها وهي تحاول التجلد والتماسك، تعلم ما كل هذا الأمر سوى ابتلاء من الله عز وجل لعبده … حمدت لله على سلامته وهي تتضرع بهمسات خافته أن لا يريها سوءً به، لأنها لن تتحمل
تقسم انها لن تقدر على تحمل مصائب أخرى من عائلتها، انتبهت على همس شادية باسمها وهي تناديها بهمس محبب لها، رغم أن هناك امنية مستحيلة لو تسمع كلمة “ماما” فقط من شفتيها.. استغفرت الله سريعا وهي تشعر بانزلاقها بأفكارها إلى منحدر خطر، لتهم بالحديث بلهجتها الأم.. الا ان عيني شادية الحذرتين جعلها تستسلم لها قائلة ببعض الحنق
– طبعا أعلم، لا حديث بلغة الأم معك
عضت على شفتيها وهي تحاول التلاهي للرد على إجابتها، هي حتما لا تعلم لما تصر على هذا الأمر؟!!! .. فى البداية كانت تري الانجليزية ستكون باردة المشاعر .. فاتر التعبير، لكن المرأة .. مشعة بالحنان والعطاء اللذان لا ينبضان، حتي حاجز اللغة تلاشي تمامًا، لتبقي مترددة ما بين سماحها بالتحدث على راحتها، أو التشبث برأيها… همست بتلعثم قائلة
– طمني الدكتور، قال انه هيكون ..كويس
ابتسمت غيداء بألم لم تستطيع اخفاؤه، لتقترب منها وهي تربت على كتفها هامسة بحشرجة خافتة
-أعلم يا صغيرتي، ما زال قلبي يحمل ايمان قوي اننا سنمر بتلك المحنة
عضت شادية شفتها السفلى وهي تنظر الي غيداء بألم، لا يحق لها أن تسبب بمعاناة لتلك المرأة.. هذا ظلم بين، لإيذاء امرأة مثلها؟! لكن يا ليت الأمر بيدها، رفعت عيناها بجرأة لتسقط على الزجاج
فغرت شفتيها بانفراج خفيف، لترى الجهاز ينبض.. ليختلج قلبها اثرا على نبضات قلبه الرتيبة.. عادت بعينيها لتهمس بخجل
-طنط غيداء
رفعت غيداء عيناها قسرا من رؤية صغيرها لتجفل من تلك العينين الغائرتين، بهت وجهها وهي ترى قسمات وجهها الحزينة الشاحبة!! ماذا تفعل تلك الغبية بنفسها؟!! هل تريد اللحاق به؟!! اقتربت منها تمسكها بخشية تمرر عيناها بخشية عليها لتسألها بقلق مفزع
– ما بك يا صغيرة؟
تحاشت شادية النظر إلى عيني المرأة .. كيف تنظر إليها؟ وهي تخشى ان توجه اصابع الاتهام لها؟!!.. تقسم وان وجهت أصابع الاتهام لها فقط ستعتذر منها .. فقط تقولها.. تنطق بما يعتري من مشاعر داخل صدرها؟! لا يجب ان تتركها هكذا تعاني بمفردها!! همست بخشية وهي تنظر اليها
-لو عايزاني أمشي متتردديش، انا مش من حقي اكون هنا .. بس انا خايفة
قالت اخر كلمتين فى همس خافت، تخشي أن تكون سمعتها، بل الأنكى أن تفهمها خاطئة.. سمعتها تقول
– تخشين فقدانه؟
كادت أن تهز رأسها نافية، محرجة مشاعر المرأة … إلا أنها لا تريد اشعال الأمل في قلب المرأة، كادت أن تهز رأسها نافية.. بل أوشكت على فعلها،لكنها هزت رأسها ايجابا ما ان وقعت اسيرة لعينين المرأة لتخرج تأوه مكتوم لتهمس ببعض الحنق
-اتورط بسببي فى مشاكل كتيرة، انا نبهته انه يبعد عني بس هو عنيد
تنهدت غيداء اسفه، وعينيها ترتفع لرؤية صغيرها مطمئنة عليه، لتقول بهدوء
-اعلم صغيري كما أعلمك يا فتاة، هذا طبع سرمد بالنهاية.. أشكرك على وجودك بجواره
أتشكرها؟
هي تنتظر منها صراخ.. لوم.. عتاب.. لكن تشكرها؟ .. تشكرها على ماذا؟ هي.. رباااااه
كادت أن تغادر ساحبة جيهان التي تراقبهما عن كثب، مترصدة لهما
امسكت يدي غيداء مما جعل غيداء تجفل من مباردة شادية التي تلونت وجنتيها بالحرج وهي تهمس بخجل
-طنط غيداء
رفعت عينيها قائلة بيأس
-علميني
رفرفت غيداء جفنيها بعدم فهم، لتهمس
-أعلمك ماذا؟
اخبرتها بتردد
-الصبر والقوة
يؤلمها كثيرا ان الفتاة تتخبط فى الحياة دون هدي، امسكت بكلتا يديها بثبات لتستشعر برودة أطرافها، همست غيداء قائلة بنبرة امومية
– هذا تطلبينه من الله يا حبيبتي، ليس مني.. أخبرتك سلفا ايمانك مهتز يا شادية
رفعت عيناها تلك المرة إلى شقيقتها التي تراقبهما لتبتسم لها وهي تنظر الي شادية قائلة بنبرة حانية
-عودي للمنزل يا صغيرتي، وسأدعي لك أن يربط الله على قلبك، لكن سأسألك شئ واخشي ان تفهمينه خاطئا
اجابتها شادية بتلهف وهي تشعر بالدفء يتغلغل أطرافها من لمسة المرأة، كم تمنت وجود والدتها الآن.. كم تمنت الارتماء بين ذراعيها الان وتخبرها ان كل سيكون علي ما يرام.. دعت لها بالرحمة
-لا يا طنط غيداء اتفضلي
ظلت غيداء تنظر اليها بخجل وحرج، ومع نظرة شادية المشجعة سألتها بحرج
-هل تصلين يا صغيرتي؟
اومأت شادية برأسها وهي تلمس بعض التقصير لربها، اغرورقت عيناها بالدموع وهي لا تصدق كم تشبه والدتها.. والدتها التي كانت تحرص كل الحرص علي سؤالها اذا ادت فروضها فى مواقيتها ام لا !!!!
-نعم
انشرحت أسارير غيداء وهي تقترب لتربت على كتفها قائلة بهمس ناعم
-حسنا عودي واكملي فروضك وتدعين لربك بتضرع فقد قال فى كتابه الكريم فى سورة غافر “وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ “
صدقت بعد غيداء، لتشجيعها بحماسة قائلة
-اذهبي الآن، استريحي فى المنزل.. سأكون بجواره
إلا أن شادية لم تريد ترك يدي غيداء، لتهمس معتذرة
-انا اسفه بجد يا طنط غيداء، كل اللي حصل بسببي
ابتسمت غيداء باطمئنان مغمغة
-لا دخل لك يا حبيبتي بشئ، انه قضاء الله
لن تدعي شادية أن غيداء بخير.. هي أم وابنها طريح الفراش وبسبب غير مباشر هي التي أودت حياته للتهلكة، ربما لو لم يتقابلا لما حدث؟!!
ونست أن ذلك قضائه وقدره، يعلم الله كم هي حزينة انها لا تستطيع تهدئة روعها كما تفعل!!
زفرت بيأس وهي تشعر ان مكتوفة الأيدي، ياليت لها تستطيع تقديم شيء ملموس كما تفعل معها، صاح نداء جيهان الحانق
-شادية
التفت شادية نحو جيهان وهي تقرأ عيناها التي تبوح بالتردد والتخبط، مما دفع غيداء لتبتسم بضعف مشجعة إياها للتحرك
-هيا اذهبي
تحركت شادية على مضض تام، وعينيها معلقة علي غيداء التي تنظر نحو النافذة تمتم بعبارات خافتة، غصت بحلقها وهي تشعر بالدموع تلسع عينيها، اقتربت جيهان وهي تربت على ظهرها لتبتسم شادية بوهن وهي تزيل الدموع بيدها وهي تترك المكان مضطرة.. لكن يوجد عودة واحدة فقط يجب عليها فعلها
يجب عليها مقابلته حينما يصبح فى حالة مستقرة، يجب أن تضع السطر الأخير لصفحته من حياتها.
*****
في قصر الغانم،،،
لطالما عرف عنه زير النساء
الرجل الذى يستطيع ايقاع النساء الجميلات، صاحبات عقول فارغة وأجساد يتناحر الذكور لضمهم إلى قائمة إنجازاته الذكورية أمام قبيلته!!
نسائه كان يختارهم بعناية.. من تحرك رغبته يلتف حولها كحية يغريها بنعومة جلدهم
وفراسة الصياد الذي يعلم متى يضع الطعم؟ ومتى يصطاد فريسته.
عينيه معلقة على صغيرته شمس التي تبدأ بخطواتها الصغيرة تجاه العالم، ترتشف حب الحياة من زوجة أخيه ورهف والصغيرة أسيل التي تعتبرها كدمية تعتني بها كالتي تمتلئ غرفتها الضخمة المليئة بالدمي بمختلف احجامها.. ابتسامة حانية رسمت على شفتيه وهو يفكر
متى تغير؟ وكيف؟ وكله من أجل الصغيرة وهو يحرص أن تأخذ جميع الامتيازات التي لم يحصل عليها بسبب طفولته التي لا يتطرق إلى تفاصيلها حاليًا، وحينما يشعر بدوامة الماضي تجرفه إلى مستنقع ظلماته، يد صغيرة ناعمة وابتسامة واسعة من صغيرته تجبره على الافاقة، وبذل جهده لأن يكون معها لأكبر قدر ممكن رغم عمله.. ربما طليقته كانت تساهم فى الكثير من الاشياء وسهلت حياته اكثر مع صغيرته، التفاصيل الصغيرة لم يكن يهتم بها فى حياة شمس.. لكن لولا وقاص وزوجته ورهف ربما ما قدر على تخطي تلك الأزمة!!!
ضحكة مقهقهة من فم صغيرته جعل نضال ينتبه من شروده ليري أسرار تقوم بحملها مدغدغة اياها بكافة انحاء جسدها، وقبلة شمس التي تلكأت على خد أسرار التي تضحك باشراق جعله يصاب هو الآخر بالعدوى.. وذكري قديمة عن امرأة لا يود تذكرها للمرة الثانية فى شروده جعله يزفر بصوت عالي يشغل تفكيره بالنظر اليهما، ليري أسرار تتقدم نحوه وعلامات المكر جعله ينظر إليها بريبة لتقول بسخرية
-نضال انت مشكلة بجد، مفيش يوم والتاني وتعمل مشكلة من غير مشكلة فى المدرسة
امتعضت ملامح نضال فور تذكره ذلك الصرح العظيم المسمى بالمدرسة، أو كما تقول الناظرة الباردة انه مكان لصنع أبطال المستقبل، ماذا تظن نفسها؟! هل هم فى الجيش الحربي؟!
مزاجه تعكر وهو يتذكر المصيبة التي نحرت فؤاده ليدقق النظر تجاه شمس التي تلعب بالكرة ليعود النظر نحو أسرار قائلا بضيق
-بس اخر مرة كانت مشكلة بجد يا أسرار
انفجرت أسرار تضحك بشماتة، وكأنها تعطيه رسالة مشفرة ” احصد ما تعمل” زفر بسخط لتزيد من سخطه وغضبه
-انت بتهزر، ده كله عشان طفل صغير قد بنتك باسها من خدها
شرست ملامح نضال ليختلج عضلة فى فكه، وهو يهم باطلاق سبة وقحة للجميع اولهم الصبي الوقح يليهم والدته أشدهم برودة ثم الناظرة واخرهم صغيرته شمس، امسك بوسادة صغيرة وقذفها فى وجهه قائلا بغضب حقيقي
-متقوليش باسها من خدها عشان عفاريت الدنيا بتتنطط فى وشى
انفجرت اسرار تضحك بشماتة وهي تتفادي القذيفة النارية من الناري، ليصدر صوت شمس الحانق بنبرة طفولية جعل أسرار ترغب فى التهامها كحلوي المارشميلو
-بابا شرير.. يوسف طيب
قلقت اسرار على الطفلة حينما وجدت نضال هب من مجلسه بعنف، حتى الصغيرة خشت منه مما جعلها ترتمي بين أحضان عمتها، التي لبت نداء الحماية على الفور وهي تضعها على فخذيها تقبلها بدفئ قائلة
-هتقوليلي يا روح عمتو انتي، تعالي
فغر نضال شفتيه بصدمة وهو يحدق تجاه ابنته التي تتشبث فى ملابس أسرار التي تفسدها دلالا فوق دلاله ودلال عائلته.. هز رأسه نافيا وهو يشعر أنه سيصاب بنوبة قلبية حتما على يد تلك النسوة!!! يجب عليه جلب ذكور فى عائلة النسوة تلك قبل أن يصاب بذبحة صدرية!!
ظل يذرع الأرض جيئة وذهابا تحت أنظار اسرار المتسلية التي تسمع شمس تهمس بفضول
-النونو لسه نايم
اومأت اسرار رأسها مجيبة نحوها وهي تميل طابعة قبلات كثيرة على وجنتيها المكتنزتين
-لسه نايم، بس اول ما يصحي اوعدك هتلعبي معاه
هدر نضال بحدة وهي يشير باصبعه بجواره تجاه شمس
-شمس، تعالي هنا
رفعت شمس عيناها تجاه والدها ببعض الرهبة تحت نظرات عينيه الداكنة.. العنيفة، لتخبئ وجهها في صدر أسرار التي اصدرت صوتا متأثرا وهي تربت على ظهرها … لترفع عيناها بتسلية خفية وزرقة عينيها تلمع كالأحجار الكريمة ليعيد ندائها تلك المرة بنبرة أقل حدة، وإن حمل الغطرسة والغضب
-شمس
رفعت شمس عيناها الشبيهة كأبيها، نظرات أعينهم كالشبل والأسد .. تجعيده حاجبيها شبيهة لوالدها جعل الاب يجفل لثواني وهو يري بداية التمرد يلوح بالافق لتقول بعبوس
-انا زعلانة
اتسعت عينا اسرار بتفاجئ تلك المرة، حسنا هي معتادة على مشاكسات الاب وابنته، ومهما تدللت الصغيرة الا انها لا ترفض أمر والدها ولا تعصيه… لكن متى تمردت الصغيرة؟!
بل السؤال الأهم.. ماذا فعل ذلك الأحمق، لتتمرد فتاته بتلك الطريقة؟
كادت ان تسأل عن السبب، الا انها سمعت سبة وقحة اطلقها نضال جعلت اسرار تعقد حاجبيها بضيق وهي تحذره من اطلاق اي الفاظ خارجة لتراه يتحرك بإفراط شديد، كما لو أنه يسير على طريق من جمر!!!
سمعت صوته يخرج غاضبا حانقا
-والله والبت طلع ليها صوت
ابتسمت اسرار ببعض الشماتة، حسنا هي تحب رؤية نضال الفاقد للسيطرة لبعض الوقت، أفضل من الساخر بارد الاعصاب، لتقول بلا مبالاة
-بركاتك يا شيخ يوسف
لمعت عينا شمس وتورد خفيف جعل اسرار تفغر شفتاها بصدمة، رفرفت بأهدابها عدة مرات وهي لا تصدق أما تراه حقيقي؟
هل توردت وجنتي الفتاة، أم تلك هلوسة كونها لم تستطيع النوم من بكاء صغيرها أمس؟!!
رأت الصغيرة تلعب فى خصلة من شعرها هامسة بصوت خافت
-يوسف معاه يحيي، يحيي شرير زي بابا
همت بزجر الصغيرة عن عدم استخدام أي كلمات تقلل من شأن أبيها، إلا أنها تفاجئت حينما سمعت كسر كوب التي وجهها للحائط، راقبت انفعالات جسد نضال الذي يحاول كبح جنون شياطينه، وكلما حاول اخراج كلمة يبتلعها فى حلقه خوفا من تشويه صغيرته اكثر من اللزوم، ليقول بسخط
-عجبك كده يا هانم، مش بعيد فضحاني علي الفضائيات
حاولت أسرار عدم الضحك، حاولت وهي تنظر الي شمس التي ورغم جسدها الذي يرتجف بين ذراعيها، إلا أنها عنيدة مثل ابيها.. لم تحاول تهدئته بقبلة مخادعة، او تتشبث فى بنطاله كما تفعل حينما ترغب منه ان يطعمها بيده بل وتحضير الفطور الخاص من يديه، الا ان الابتسامة التي خرجت رغما عن أسرار جعلت نضال يستشيط غضبا وود لو خنق اسرار فى التو والحال
لكن تلك الشامتة.. سيأتي لها يوم وتعاني عشر اضعاف من صغيرها الصبي
نداء حماسي صدر من خلفهم ينادي الصغيرة التي انتفضت من أحضان اسرار
-شمس
اسرعت شمس برفع يديها وهي تهمس اسمها تمط حرف اسمها الأخيرة بنبرة تجعل الأخرى ينبض قلبها حبا للصغيرة، وعشقها لها يزداد يوما عن الآخر حينما بدأت تعيش فى قصر العائلة
-رهففف
ضحكت رهف باشراق وهي تحتضنها بقوة لتدور بها وشمس تنفجر تضحك بصخب متشبثة بملابس رهف، توقفت رهف عن الدوران لتطبع قبلة على مقدمة رأسها قائلة بنبرة شامتة وهي تنظر الي نضال ببعض الشماتة
-بابا مزعلك ليه يا شموس
انقلبت تعابير وجه الصغيرة للعبوس الشديد وهي تقول بنبرة أوشكت على البكاء
-مانعني اتكلم مع يوسف
اتسعت عينا اسرار بادراك لمعرفة السبب الحقيقي لتمرد الصغيرة بل مقاطعة الصغيرة لوالدها، بعد انتهاء تلك المهزلة واللعب بأعصاب النضـال هذا، سيكون لها حديثا ناضج مع الصغيرة عن كيفية اطاعة الأب، حتى وان كان الاب عنيفا، متحكما، غيور لحد الجحيم.. ستحتاج وقاص فى هذا الأمر، فـ وقاص الوحيد الذي تحترمه الصغيرة وتهابه وتطيع أوامره دون جدال.
لمعت رهف عيناها بإهتمام وهي تلقي نظرة تجاه البركان المشتعل لتقول
-يوسف الصغنن الحلو ده اللي شوفته الاسبوع اللي فات وكنتوا بتلونوا مع بعض
تلك المرة أخرج نضال لفافة التبغ وكسر اولي قواعده، وهي عدم الشرب أمام صغيرته ..لكنه لن يتحمل، يقسم لن يتحمل، نفث الدخان بحرقة وهو يسمع سؤال اسرار المهتم
-هو يوسف بيعرف يرسم ؟
اللعنة على اليوم الذي صمم فيه الدخول إلى المؤسسة، وعاند كالحمار لدخولها رغم عن انف الناظرة، عض على نواجذه ليأتيه الفاجعة الكبرى حينما سمع تقول بسعادة
-هيرسمني في يوم
وضع نضال يده على قلبه وصدماته فى الصغيرة تزداد يوما عن يوم، ربت على قلبه الذى يشعر انه ستوقف على الخفق تحت نظرات اسرار المستنكرة ونظرات رهف الماكرة، لتميل طابعة قبلة على خد شمس بعدما سحبت منها تقريرا وافيا امام والدها
لن تنسي اعتراف الصغيرة حينما اقرت انها تخبر والدها عن جميع مقابلاتها لخطيبها نزار خلسة عنه، لتجده من حيث لا تعلم فى مكانهم.. استمعت إلى نبرة نضال اليائسة وهو يجلس على المقعد بتعب
-حباية الضغط، مش قادر .. مش قادر
زمت رهف شفتيها محاولة منع الضحك، وهي تجد شمس تحاول التحرر من أحضانها لتلقي نفسها بين ذراعي أبيها الذي يقوم بعرض مسرحي رخيص جاذبا انتباهها
اليس مبكرا على تلك العروض؟!! اليس من المفترض أن يقوم بها حينما تصبح الفتاة في سن العشرين ؟!! غمغمت بهمس خافت
-اشرب يا كازانوفا عصرك
ولتزيد من حنقه، بل وليعلم أنها من عائلة الغانم، التي لا تترك حقها.. قالت بمكر وهي تجذب انتباه الصغيرة
-هخلي بابا يسمحلك تكلميه بس بشرط
لمعت عينا شمس باهتمام وتحفز نضال على وضع الفتك بالنسوة الثلاث هنا، وقد انشغلت لثواني عن ابيها، لتنظر رهف لنضال قائلة ببرود
-تبطلي تعملي شغل الجواسيس عليا، قولي لبابا انا قفشاه كويس
هز نضال رأسه بلا مبالاة قائلا
-انا معملتش حاجة
ضحكت رهف بسخرية وهي تغمز لأسرار بحركة مقصودة جعلتها تسترخي في مجلسها اكثر واضعة ساقا فوق الاخرى تشاهد الشد والجذب بين الاخ واخته مع الصغيرة، اللعنـة!!
عائلة المجانين خاصتها، يحتاجون لدراسة مكثفة حول تنشئة الطفل، كان يجب عليها أن لا تعتمد على افق نضال الضيق الذي يشمل فى جلب احتياجات الطفلة دون مساهمة في تربيتها بالشكل المطلوب والمثالي، سيتحتم عليها وضعهم فى اجتماع عائلي مغلق لعدم السماح بذلك الانفلات يحدث مرة أخرى أمام الصغيرة والصغار القادمين!
-بس البنت اعترفت انك باعتها تعرف تحركاتي مع نزار
وعلى ذكر الشامي، معسول الكلام هذا، انقبضت معالم وجهه للتقزز.. بربكم ماذا يجعل النساء هن يكدن يفقدن عقولهن من كلمة غزلية مبتذلة من أي رجل شامي؟!!
هل كثرة المسلسلات التركية المدبلجة جعلتهن لا يفرقن انهم بالنهاية رجال، بل ويغدرون ببساطة كحال أي رجل طبيعي!!.. هز رأسه بيأس قائلا بنبرة متقززة
– مش عارف ابلعه.. مش بينزلي من الزور
تدخلت تلك المرة اسرار بمشاكسة لطيفة.. أو حاولت أن تجعلها لطيفة!!
-مش لازم تبلعه يا نضال، ممكن تمضغه الاول وبعدين تبلعه
ورده كان إلقاء قذيفة نارية من وسادة ناعمة فى وجهها، تلك المرة لم تستطيع تفادي الضربة لتستقر فى وجهها، جعلها تتأوه بتوجع حقيقي
-ايييي
اطلق سبة خافتة وهو ينظر الى النساء اللاتي كون عصبة حقيقة، عجبا.. يجب ان يحذر منهن، ليس أحمق كي لا يهتم بالخطر الحقيقي الذي أمامه
فالنهاية… الكثرة تغلب الشجاعة!!
صاح بحدة وهو يحاول التخلص من الاولي، لينفرد باخته وصغيرته وسيستخدم كافة وسائله للضغط على الفتاتين
-روحي شوفي جوزك
لم تكترث رهف لما يحدث، وشمس تتابع ببعض الشغف لما يقوم به والدها، انتبهت على صوت رهف التي قالت بنبرة حماسية
– تحبي نعمل ليوسف كيكة نصالحه بيها
لمعت عينا شمس بحماس شديد، لتصفق بكلتا يديها تقول بخجل لذيذ تحبه رهف كلما تطلب منها تسرد تفاصيل يومها الدراسي.. والتفاصيل هنا تعني يوسف
ذلك الطفل الملائكي، اللطيف، مرهف المشاعر، الموهوب منذ صغره.. وخجله حينما يسمع إطراء من أي امرأة خصيصا هي، حينما قبلت وجنته ذات يوم حينما تطرأ لنضال عمل عاجل وتطلب منها احضار الصغيرة، احمرت وجنتا الطفل لدرجة كادت أن تلتهمه من فرط اللطافة
-بيحب شوكليت كيك
انفجرت رهف ضاحكة، وهي ترفع عينها إلى عيني داكنتين … مشتعلة كالجمر لتقول
-ياروحي، تعالي تروح المطبخ ونعمله احلي شوكليت كيك
غادرت رهف حاملة شمس بين ذراعيها التي بدأت تتحدث بحماسة شديدة عن ما يقوم يوسف في وقت الراحة أو حين انتظاره لوالدته
تاركين والدها المشتعل.. واسرار التي انفجرت ضاحكة بانطلاق حتى احست بالدموع التي خرجت من عينيها من فرط الضحك، جز نضال على اسنانه وهو يهدر بغيظ
-شايفة بتردهالي ازاي
لم تستطع إخفاء الفضول لمعرفة المسمى بيوسف، الذي جعل الصغيرة تقف فى صفه لأول مرة مفضلة اياه عن والدها، تعلم نضال ربما قسا عليها قليلا او كثيرا!!
هي لا تضمن نضال وجنونه هذا المستحدث الذي يجعله بالنهاية انسـان!!، هزت كتفيها قائلة بنبرة متسلية
-الصراحة تستاهل، بعدين واضح ان يوسف ده شكله هيطلع ابن حلال
امتعضت ملامح وجهه، وازداد تقطيب حاجبيه ليقول بهدر
-البت لسه هتدخل ٥سنين تبدأ تصاحب ولاد
لفت خصلة من شعرها واجابته بنبرة غير مكترثة
– خلينا تجرب.. مش هتخسر حاجة
ما حدث للجميع؟ هل أصبح هو المعتوه أمامهم؟!!، هدر بسخط
-لما تجبيلنا بيبي تاني وتطلع بنت خلينا نشوف كلامك يا مدام اسرار
لم تعلق بكلمة واحدة على كلامه، لتنظر اليه بعمق اثارت اهتمام نضال الذي رفع حاجبيه يخبرها ان تخرج ما فى جعبتها، سألته بنبرة هادئة
– مش ناوي تتجوز؟
أجابها بسخرية وهو ينوي على تخريب تلك الكعكة المزعومة للمسمى بيوسف، الصغيرة الشيطانة لم تحاول حتى تشجيع الشيطانة الكبيرة رهف ليصنعوا له شئ خاص.. أو حتى كوب شاي!! وضع كلتا يديه على جانبيه وهو يقول لها بجرأة
– شاوريلي علي واحدة وادخل بيها النهاردة قبل بكرا
شهقت اسرار لجرأة كلماته، مما جعلها تسحب وسادة بل القذيفة السابقة لتلقيها فى وجهه قائلة بحنق
-قليل الادب
هز نضال رأسه بلا مبالاة.. فبالنهاية هو زير نساء، وروح الصياد تجعله يبحث عن طريد جديد، شئ يبدد من حياته الرتيبة!!
******
نفس الجدران البيضاء المقيتة
رائحة الغرفة معطرة ببخور العود.. يبدو أن الطبيب استبدل معطر الجو ببخور!!
رغما عنها شعرت بالاسترخاء وهي تريح برأسها على مقعدها، عينيها تسبحان فى فلك السقف.. ابتسامة شاردة تمر على ثغرها وهي تفكر
وهل لغيرها شئ سوي التفكير؟!!
بدأت تحضر دورات لتنمية المهارات الشخصية وتطوير الذات، حتما بدأت كمغفلة فى هذا العالم الكبير… لقد شعرت بكيف كانت ضئيلة وهي لم تحقق شيئا فى سنين عمرها للحياة!!
هي لم تخلق عبثًا.. تردد تلك الجملة كثيرًا، جملة كمفتاح الطاقة، يحفزها على استمرار حياتها او حينما تشعر بالفشل من حرق وصفة جديدة او فشلها، ثم بدأت تطوير ذاتها فى مهارات الكومبيوتر، وبدأت تساهم فى العمل كأمينة مكتبة، رغم أنها لم تكترث للمال.. لكن هو المكان الوحيد الذى تستطيع التعامل مع اصحاب العقول الراقية، تنجذب لبعض الأحاديث لكبار السن المثقفين تستمد منهم معلومات ذاتية وخبرة تعلموها طوال عمرهم… ابتسامتها اتسعت وهي لا تصدق انها وجدت صحبة مثمرة بين مجموعة رجال تقاعدوا من الجيش احدهم يجبر صديقيه على الذهاب الى المكتبة معه.. أفاقت من شرودها لتسمع صوت الطبيب البارد
-حاسة نفسك ايه دلوقتي
لو اخبرها احد لماذا تذهب اليه رغم انها تشعر ليست فى حاجته…. ربما ونس؟!
ربما شخص غريب تخرج له ما جبعتها، بل شخص عملي يتعامل معك بالمال قبل الدخول لمقابلته وليس شخص صديق او عزيز عليك لتستطيع مكالمته!!
شخص يجب أن تتخذي معه موعد محدد بعد انتهاء جلستك.. بل ربما ان حاولت اتصاله فى منتصف الليل، اما سيخبرك انه فى وقت راحته أو سيكون هاتفه مغلق..
لتكون صريحة.. الطبيب الذي أمامها ليس سئ، وهي ليست فار تجارب لتذهب لمئة طبيب
اجابته بهدوء شديد
-كأني حققت انجاز كبير
هز الطبيب رأسه وهو ينظر اليها، وجهها المنشرح والسعادة التي تحاول التحكم بها جعله يقول
-عقبال شهادة تخرجك يا فرح
اعتدلت فى جلستها وهي تنظر الي عينيه الباردتين، تحاول تفحص أي تغير به
لما هو بارد هكذا؟ ألا يجب على الطبيب الحقيقي ان يكون متفاعلا مع الذي أمامه؟!! اجابته بغطرسة
-امتياز مع مرتبة الشرف
ابتسامة باردة زينت ثغرة.. لم تكن ابتسامة .. بل شئ مميت جعد ملامح وجهه جعله أكثر نفورا من وجهة نظرها
هي لا تقيس مدى وسامته من خلال ملامح وجهه، هذا الشئ العقيم لدى النساء المهوسات لرجل وسيم دعسته بقدميها، حينما تقابل شخص وتتآلف معه ربما تراه افضل شخص فى حياتك، ضحكت فجأة بدهشة من افكارها المنحلة
اي رجل يا حمقاء مرة اخرى
الا يكفي من قتلك… ابتسمت بسخرية وهي تقابل نظرات الطبيب بسخرية الذي قال بهدوء
-الغرور مش كويس للإنسان
فأجابته بحدة وهي تستقيم من مجلسها لتدور حول الغرفة بتقيم غير منصف، لو فقط توقف عن كونه تقليدي.. اختار الوان هادئة بعكس الأبيض الخانق
الاحمق لما يحاول تطهير بقعة مدنسة بالسوداوية
-سميه براحتك، علي كدا انت طول الوقت كدا
جملتها الاخيرة بها استنكار جعله يرفع حاجبه ليسألها بهدوء
-طول الوقت أي؟
عادت للجلوس على المقعد وهي تضع كلتا يديها على فخذيها، تتفرس ملامح الهادئة التقاسيم.. دون وجود حدة في عينيه، او تقاسيم خارقة أو ساحقة، لتقول بحدة
-ابتسامتك باردة، عينيك مفيهاش اي اهتمام للي قدامك.. كأنك بنيت حيطة بتعزل مشاعرك عن اللي قدامك
تلك المرة ابتسم ابتسامة حقيقة، جعلت فرح تنظر اليه بامتعاض وبغض شديدين، تبغط اي شخص خالي البال، بل كل شخص قادر على رسم اقنعته بعيدا عن الأشخاص
لكنها لا ترغب بقناع.. ترغب ان تكون خالية البال!!
استمعت الي رده الهادئ الخالي من برودة صوته
– بتحاولي تبقي دكتورة يا فرح
هزت فرح رأسها بيأس وهي قائلة
-يعني انا بستغرب دلوقتي، ليه الدكاترة النفسيين بيروحوا لدكاترة نفسي وفي نفس الوقت بيعالجو المرضى، يعني ده مش هيأثر علي علاجهم للمرضى اللي تحت ايديهم
اومأ برأسه صامتا لبعض الوقت، ليقول بنبرة عملية
-احنا بشر يا فرح بنغلط .. وبنتعب فى اوقات .. محتاجين حد يسمعها ونفضفضله اللي جوانا
عقدت حاجبيها بريبة شديدة وهي ترى ابتسامته الباردة تعود للسطح، سألته
-طب ازاي؟ ، بتعاجلوا مرضي و انتوا نفسكم مرضي
تلك المرة اتسعت ابتسامته ليقول بهمس
-كلنا مرضي نفسيين، مسمعتيش عن الموضوع ده قبل كدا!!
اتسعت عيناها بجحوظ … لتقول بنبرة غاضبة تسخف افكاره
-بتهزر بقي!! يعني ايه فلوسي راحت هدر كده
وضع كلتا يديه على جانبي جسده وقال بنبرة يعلم انها تستشيط غضبا منها
-ايه تحويشة عمرك ضاعت!!، متقلقيش انا موافق تجيلي ببلاش صدقة كدا
رفعت كلتا حاجبيها بغضب مستعر لتقول
– هو احنا هنهزر
أجابها بنبرة فاترة المشاعر
-ما قولتي اني بارد، عموما لو شايفاني مجنون تقدري تشوفي حد غيري
استقامت من مجلسها بحدة وهي تصدح فى وجهه حانقة
-عمري ما شوفت واحد مجنون زيك
هز رأسه بلا مبالاة، قبل أن يضع يده على ذقنه ليجيبها بهدوء
-قولتلك كلنا مجانين، بس نسبة الجنون مختلفة من الشخص والتاني
قلقت فرح على ذاتها أكثر، المفترض انها فى يد امينة صحيح؟!!لكن اللعنة هذا الرجل يزيد من هلعها وفضولها في آن واحد
نظرت اليه شزرا محاولة أن تبين تفاصيل جده من هزله؟ لكنه كالحائط يصد اي محاولة اختراق منها، لتقول له بحنق
-علفكرا انت بتخوفني منك ومن نفسي
هز رأسه ببساطة وهو يستقيم من مجلسه ليصب له قدح من ماكينة القهوة ليقول
-كون انك خايفة، يعني انتي لسه عايشة.. مشاعرك لسه متحكمة فيكي
كلام فلسفي لا تستلطفه منه نهائيا، لكنها تحب سماعه من العواجيز، تصدقهم لأنهم لم يدرسوا تلك الكلمات المنمقة التي يحشرونها حشرا في عقول المرضى، بل شخص عاني وقاسي مر الحياة واستخلص حكمته بكلمات بسيطة معبرة، تدخل للصميم
والاهم انه صاحب قلب حر
ضيقت عينيها وهي تراه يجلس مرة اخرى على مقعده دون أن يهتم حتى بدعوتها للجلوس، الوقح يرغب بطردها؟!!!
فى احلامه
سألته بحنق ولو كانت النظرات لتقتل لحرقته من مجلسه
-وده وحش؟
نفى برأسه وهو يخبرها بنبرة هادئة
-لأ .. المشاعر اللي جوا الانسان بتخلق مننا دفا.. دفا طبيعي.. واللي معندهوش يبقى شخص ميت يا فرح
اهتز كامل جسدها لتتعثر بوقفتها تحاول الاقتراب لمقعدها الخاص، دار الصمت بينهما وهو يراقبها بكثب شديد وتحليل اكبر، جالسة بشرود عينيها محدقة نحو الفراغ، وجدها ترفع راسها بتعب حقيقي لتهمس
-عقدت حياتي اكتر
اكتفي بهزة رأس خافتة، بل لا معنى لها لتزفر بيأس على مجيئها الأحمق له
لكن هو يحفزها بطريقته الباردة، الاحمق يحفزها بقوة على إثبات له عكس نظرياته
انه مجرد أحمق جاهل، حفظ فقط ولم يفهم.. أو ربما لا أحد يفهم بالنهاية!!
الكل يتخبط دون معرفة الحقيقة المطلقة!!، همست بتساؤل
-لو نفسي اعمل حاجة مجنونة هتشجعني؟
عبس بريبة وهو يحاول التغلغل لمعرفة إلى أي جنون ترغب بالوصول إليه، لكن هذا لم يمنعه من أن يقول بنبرة متسلية
-لو قررتي تنتحري، مش هشيل ذنبك
اتسعت عيناها واجفلها من رده، لم تتوقع انه يمزح بسوداوية هكذا!!، اشمئزت ملامحها وهي تستقيم بحدة لتهدر فى وجهه بحدة
– هتخليني ارتكب جناية وانت السبب
هز الطبيب رأسه بيأس تام، مازالت تتباعد عن مواضيعها الشائكة .. تخشى منه؟! ربما لو عرض حالتها على طبيبة ربما يكون افضل؟!! فكر ببعض الملل، لكن ما زال يسعى لسبر اغوارها.. اسوء نقاطها السوداوية فى حياتها .. مرحلة العلاج التي ترفض أن تطلعه على تفاصيلها، متى تشعر بانجرافها للماضي، و متى تبقى معزولة عن العالم
لا تساعده لتساعد نفسها، بل تتعامل مع الامر بطبيعية وكأن زيارتها لطبيب نفسي هو علاج دون الاهتمام ان كانت تطبق نصائحه ام لا
بل تراه مجنونا اخرقا، بارد المشاعر كما تظن، ابتسم ببرود وقال بنبرة عملية
-عموما طالما مش هيأذيكي ولا هيأذي اللي حواليكي اعمليه
لم تخفي دهشة فرح وهي تراه غير مكترث للامر الجنوني الذي ترغب في إشراكه بها، اللعنة عليها.. بل مجيئها المستمر له.. هي تبغضه بقوة، تحاول معرفة متى يكتفي منها
بل متى يمل منها، ويخبرها بابتسامته الباردة التي ترغب حقا ان تكسر صف اسنانه الامامية لكي يحرم من ابتسامته البغيضة تلك لتقول بنبرة فضولية
-انت مسألتش ايه هو
رفع يديه قائلا بنبرة ذات مغزى
-خلي بالك من نفسك يا فرح
علمت ان جلستها انتهت، التقطت حقيبتها وهي تغادر دون ان توجه كلمة او النظر الي وجهه، بل كل ما فعلته انها اغلقت الباب خلفها بحدة لتغادر المركز دون إلقاء أي سلام عابر حتى لموظفة الاستقبال.. ضمت كلتا يديها في جيب سترتها الجينز الرياضة لتضع نظارتها السوداء القاتمة ناهبة الأرض بحرقة.. عينيها تنظر نحو وجوه السائرين لتتوقف بغته وهي تشعر بأحدهم يلاحقها .. نصف التفاتة اتجاه اليمين لترى سيارة سوداء مميزة بين سيارات الاخري ويكفي رقمها المميز لتعرف صاحبها، زفرت بيأس وهي تغمغم
– مفيش فايدة منك
عدلت سيرها لتتوجه نحو السيارة السوداء لتطرق على النافذة الامامية وما ان انفتح النافذة، ابتسمت بسخرية وهي تري السائق الذي كان مسؤولا يوما عنها لتقول له بجفاء
– لو شوفتك تاني بتمشي ورايا، هتبات فى التخشيبة بتهم اقسم بالله تبيتك فى السجن وابقي وريني مديرك هينفعك ولا لأ
-بنفذ تعاليم الباشا، عشان احافظ على سلامة سيادتك
قالها السائق بنبرة جادة، ويبدو أن تهديدها لم يخيفه، هل الأحمق يظنها طفلة رضيعة لا تستطيع الاهتمام بشؤونها الخاصة .. جزت على أسنانها بحدة قائلة بنبرة متسلطة
– فيديو صغير عايزاك تتخيل محتواه هبعته لمراتك وصدقني فى ظرف 24 ساعة ترفع عليك قضية خلع، ابقي وريني هينفعك مديرك بأيه
لم تنتظر فرح رده بل دارت على عقبيها لتكمل طريقها وابتسامة نشوة تتسلل شفتيها، ربما ستحتاج لجيجي فى الأيام القادمة لمهمات سريعة .. لم تنتبه من غمرة نشوتها زمور سيارة يطرق اذنيها كأجراس مزعجة جعلها ترفع عيناها لتهم بإلقاء سبة وقحة لكن ما ان تداركت انها فى منتصف الطريق، تلونت شفتيها بالحرج لتتحرك مبتعدة وهي تلعن الآخر الذي لا يرغب بخروجه من حياتها مطلقا
الغبي ان لم يتوقف عن وجوده فى حياتها، سيجعلها تقوم بأفعال حقا ستندم عليها لاحقًا.
*****
الضغوط أصبحت تتراكم عليها بشكل لا يصدق
وكله بسبب عمتها
تنهدت بضجر وهي تضرب علي المقود بيأس، تشعر انها علي وشك فقدان سيطرتها
جدها اخبرها ان لزم تدخله سيمنعها من مشاركة حفل الزفاف، لا تصدق ان جدها قاسي بتلك الدرجة .. ذلك الرجل الحنون ما رفض لها طلب قط فى سبيل سعادتها او نجاحها الا وحققه.. إلا جميلة التي يعتبرها كأبنته ما زال يقسو عليها حينما وجدها ان وان تهابه لكنها تمارس بعض من تسلطها عليها
هي لا ترغب بمنع جدها من وجود عمتها في حياتها، لكنها تخشي احزانها.. تري الألم في عيني عمتها من جفاء جدها لكنها تكابر
لا تعلم لماذا؟
تقسم ان انهارت بين ذراعيه وكانت اسفه بكل صدق وبكل ما يعتمل بها داخل صدرها لسامحها علي الفور
لكن الجد يريد تحطيم غرورها الذي لا حد له، وتغطرسها اللامتناهي.. تحمدلله انها لم تعيب فى زوجها بكلمة.. لكنها تذكرها بفروق حياتهما وما قد سيؤول اليه في المستقبل حثنماف تنطفئ جذوة الحب واللهفة
كلماتها المتشائمة جعلتها تهرب من المنزل وتستقل سيارتها منطلقة نحوه، لن تنتظر حتي اتصال واجابة
تحتاج زوجها، حاميها بجوارها الآن!!
ضغطت علي زر الاتصال وفتحت المكبر الصوتي منتظرة الرد عليها طرقت علي المقود باصابعها النحيلة وزفرت براحة حينما اتاه رده الأجش لتصيح بمرح مصطنع
-صباح الخير
زفرة خشنة وصلتها لترتعش بخجل وشوق لتراه يهمس بصوت خفيض
-احنا داخلين على العصر ياوجد
رفعت عيناها ما ان وجدت اصطفت بسيارتها تحاول ان تنتبه من وجود المارة كي لا تدعس أحدهم في هذا الصباح، زفرت بتعب هامسة
-عاصي
ورده التلقائي الذي يجعل قلبها يخفق بعشق لذلك الرجل
-عيونه
تلونت وجنتيها بخجل محبب لتهز رأسها بيأس علي حالتها المستعصية، الرجل يتكلم بطبيعية لم يتغزل بك ماذا دهاك يا غبية؟!!
همست بحرج
-انا برا
شعرت بفترة صمت قطعها بتساؤل عجيب منه
-برا فين؟
عضت علي باطن خدها بتوتر وهي تهمس بحذر
-برا مكان شغلك
وما تخشاه سياتي
هل سيصرخ؟!
ام سيعاتب؟!
ماذا تهذين يا غبية؟، تحاول السيطرة علي انفعالاتها لتسمعه يقول بدهشة
-لوحدك!!
لا تفهم ماذا يقصد بمفردك؟ القت نظرة حول المكان الهادئ حولها
حسنا المكان هادئ بغرابة كونه فى مكان منعزل عن ضجة العاصمة، عضت علي شفتيها بتوتر وهي تلاحظ لا وجود للمارة الذين تخيلتهم قبل ان تصطف بسيارتها، يوجد عدد قليل من السيارات يعد علي الأصابع خمنت انها تابعة للمركز لتزفر بتعب
– بجد محتاجاك اووي يا عاصي
فركت جبينها بتوتر شديد وهي تسمع نبي الاهتمام فى صوته
-ايه اللي حصل
بح صوتها بعتب حقيقي لتهمس بخشية ان لا يردها خائبة
-مش هينفع احكيلك، تقدر تنزل ولا هيبقي صعب
صمت طويل احرق المتبقي من اعصابها لتجده يتحدث مع احدهم بهمهمات لم تفهمها قبل ان تسمعه يقول بصوت أجش قوي
– قاعدة في عربيتك
اومات برأسها موافقة وكانت يراها وهمس بالكاد مسموع قالت
-ايوا
اجابها بنبرة جادة
-مش هتأخر عليكي، خمس دقايق وجايلك
اغلقت المكالمة وهي تبتسم بانشراح قلب يلعب اوتاره علي معزوفة عشق له لا ينتهي لتهمس بخجل
– بحبه يا نااااس
افاقت علي نقرات للزجاج المقابل لتجفل من غمامتها الوردية وهي تراه امامها، قلق واهتمام فاضح لا يستطيع مداراته.. فتحت قفل السيارة ليصعد السيارة بجوارها وهو يسالها بقلق
– ايه حصل
عينيه تتفحصان وجهها وملامحها المتوردة، امسك بكلتا يديها لتجفل وجد من شعورها بقبضة يده القوية اسفل يديها الرقيقتين لتهمس باشتياق
-وحشتني
رفع عيناه بقوة اليها وهو يخبرها عن سعير اشتياقه لها
تهدجت انفاسها وعينيه الخضراويين تلعبان تأثير فتاك عليها لتسمع همسته الخشنة
-وجد
ابتسمت وجد باضطراب وهي تحاول سحب كفيها بحرج كي لا ترتمي في صدره، وليقل عنها ما يقل
امراة وقحة.. عديمة التربية.. لا يهم فهي زوجته
سألته باهتمام وهي تلاحظ الارق في عينيه
-اتغديت؟
رأي اسلوب المراوغة تحدث امامه ليمسك وجهها بين راحتي كفيه ليقول
-وجد .. مالك طمنيني
مالت وجد بشفتيها تقبل راحة يده بحب شديد، وتلك القبلة الرقيقة في جسد رجل ضخم كحاله لا تدرون ماذا تفعل به
كزلزال مقياسه سبعة ريختر يهدم ارضه، كقنابل قاصفة تسقط من السماء، راها تبتسم بمرح قائلة بمرح مصطنع
– انا حاولت كتير اعملك حاجة تاكلها، بس للاسف فشلت والاكل اتحرق، فجبت كشري من عند ابو طارق ووصيته على الصلصة في طبقك والشطة في طبقي
مالت نحو كيس الطعام الموضوع في الاريكة الخلفية لتقدم له طبقه ببساطة تقبلها دون تفوه كلمه لتقول بهدوء
-تحب نروح فين
اجابها بهدوء وعينيه تتفحصان تحاشيها الاجابة علي استفساره
-انا بقول نروح حتة هادية
اومأت وجد وهي تعيد تشغيل سيارتها لتتوجه به نحو احدي المناطق الآمنة الهادئة .. وما ان اصطفت بسيارتها امام حديقة الأرجل عليها خفيفة فى هذا الوقت التفت اليها قائلا
-وجد
وقتها لم تتحمل الصمت اكثر لتنظر اليه منفجرة بغضب
– جميلة هانم قررت بما اني فاشلة في المطبخ تجيب شيف وعمال للنضافة… انا بحاول مع توحة اتعلم الاكل بس بفشل وفي نفس الوقت انا عايزة ابقي لوحدي يا عاصي، انا وانت لوحدنا في بيت لينا
هز راسه بتفهم شديد، متفهمًا دفاعها للغضب واستهانة عمتها لقدراتها العظيمة، سألها بصراحة شديدة
-يعني مكنتيش خايفة اني ارفض
رفعت عيناها نحوه بجمود ولم ترتعش او تتردد لتجيبه بقوة
– لأ، عارفة انك هتعرف توصل لحل وسط .. انا خايفة ارفض مساعداتها تفتكر اني زعلانة منها لحد دلوقتي.. بطلت ما اقولها كلمة مماة من فترة طويلة وده مزعلها جدا، وانا خايفة ازعلها اكتر لو رفضت أي مساعدة منها.. حاولت ابين اني هبقي مرتاحة لوحدي بس هي مش مصدقاني
زفرت بيأس ومشكلتها العويصة بدت اقل ضررًا ما توقعه، لكنها تظل بالنهاية مشكلة ويجب عليه حلها.. امسك كلتا يديها وطبع علي كلاهما قبلة دافئة دغدغت اطراف يديها قبل ان تصل الي قلبها لتسمعه ينطق اسمها بكل العمق والتلذذ فى نطق كل حرف منه
-وجد
رفعت عيناها بألم حقيقي وهي تشتاقه بجنون، لم تراه منذ أسبوعان.. المتوحش لا تعلم كيف قدر علي عدم رؤيتها
بل هي تخشي انها تعلقت به لدرجة لة شفاء لها منها
لكنها عاشقة.. وهذا ما يجعلها مطمئنة، سمعت سؤاله الدافئ
-ده بس اللي مضايقك؟
هزت رأسها نافية قبل ان تجيبه بتردد يائس وخشية ان يضحك عليها ويتهمها بالطفولية
لا تعلم ماذا تظن السوء دائما فى تلك الفترة، وخصوصا هو.. الشخص الذي من المفترض ان لا تظن به سوءً
– بقيت اشوفك يا عاصي كل فين وفين، هو انا مش بوحشك
اجابها بنبرة خشنة تفضح شويه وعذاب بعده
-لدرجة مميتة يا وجد
ارتجفت اثر كلماته وسكن فزعها، وهدأ خوفها، لتتسلل ابتسامة ناعمة وهي ترمقه بعشق جارف وشكر صامت علي تفهمه لحالتها.. سمعت يجلي حلقه قبل ان يهمس
– الشقة قربت تخلص، تحبي نحدد ميعاد الفرح؟
رفعت عيناها برهبة لتجد نفسها تقول باندفاع
– بعد العيد
لمعت عيناه بتقدير تام، بعد شهران اذا تريد جميلته ان تكون عروسه داخل جدران منزله
بالكاد حاول ان يضبط اعصابه كي لا تنفلت وهو ينظر الي خجلها الفطري منه بابتسامة دافئة ليقول
– خلي بالك الشهر قبل العيد هيكون صعب عليكي
عقدت وجد حاجبيها بريبة، كون رمضان الله القادم سيكون صعبًا، هي اعتادت علي الصيام والعمل في السنين السابقة وليس بشئ صعب ان تنتظر باقي اشياء عمتها الثمينة كونها انتهت من جلب اشيائها وفستان زفافها ستذهب الي مصمم الزفاف في الاسبوع القادم لتقيس الفستان وتري ما التعديلات القادمة قبل ان يكون في غرفتها، سألته بريبة
-هيكون فيه ايه يعني؟!!
ابتسم عاصي ببعض المكر، وليعينها وجد علي ما ستفعله توحة بها في الشهر المبارك ليقول بغموض
-نخلي توحة تجاوبك علي السؤال ده
عبست بعدم فهم وهمت بالقاء سؤال لكنها تعلم انه لن ينطق
ماذاستفعل بها توحة؟!
استقتلها؟! بالطبع لا
دائما ما يحب عاصي ان يلعب بفضولها ويكون الامر عاديًا، عبست في وجهه ببؤس لكن هذا لم يمنع ان تخشي ان يكون الأمر ليس هينًا علي الاطلاق!!
****
فى قصر السويسري،،،
القي وسيم حشرجة خشنة واتصاله العاشر بها فى هذا المساء انتهي بعدم ردها، هذا ناهيك انها رسائله على جميع تطبيقات التواصل الاجتماعي منذ الصباح وللمفاجئة.. النشطة 24 ساعة منذ عام سابق، لم تفتح منذ الصباح!!
بدأ القلق ينهش قلبه وهو ينظر نحو المنزل المقابل، هل قتلها معتصم؟!
لا لا لكان قتله منذ ذلك اليوم الذى سرق بهما لحظات عمرهما، محتفظ بها فى ذاكرته!!
ابتسم بدفء وهو لا يصدق انه ينجرف الي تيارات الجنون خاصتها، تعجبه منها هي فقط!!
عاد اتصاله تلك المرة بيأس، وهو لا يصدق معتصم إن أبدي أي تصرف عنيف تجاهه إذا أجبرها أن لا ترد علي مكالماته أو أن تستعر أشواقه لعناقها!!
الرجل مجنون ويفعلها.. هز رأسه بيأس من أفكاره التي تطرق عقله دون هوادة.. وما ان أوشك الأتصال على الانتهاء جاءه ردها الضجر .. ليزفر براحة وهو يبتسم ببلاهة كون معتصم حماه العظيم لم يقوم بأي أفكار غريبة مثل التي طرقت على عقله
-انزلي
صدر صوته عبر الأثير وزفرات انفاسه جعلت معدتها تنقبض برهبة، اجفلت جيهان وهي تتوقف عن النظر حول غرفتها الفوضوية من ملابس الثمينة وبعض الثياب التي استعارتها من شادية وباتت الآن من نصيبها الخاص، هذا عداك عن صناديق كرتونية لثياب وصلتها عبر الشحن خلال الأيام السابقة.. ستجعل شادية تختار ما يعجبها ثم ستأخذ الباقي لها وما لا ترغبه ستجمعه في صندوق آخر للتبرع..
ابتسمت بسخرية وهي تسمع نبرته الآمرة، هذا الأحمق يجيد فقط الأمر والنهي، غير هذا لا يستطيع فعل شئ، حتى لم يستغل رحلتهما القصيرة المجنونة ليقبلها في نهاية الطريق.. يعلم الله كم تلهفت لأنتظار قبلتها الأولى
لكن الغبي
الأرعن
البارد
الجلمود
عديم المشاعر
لم يحاول حتي احتضانها، رأت عيناه تغيم بعاطفة إصابتها بتبلد في كافة أعضاء جسدها..
عينيها توسلته قربًا
عناق كالذي سمعته وقرأته
تآلف روحين، وانسجام جسدين .. وقلبان يخفقان فى ضلوعهم بقوة
لكن لا شئ
انتهت الليلة بكارثة وجود الايطالي في المشفى، ووالدها قام بصب جام غضبه عليها كونها أغلقت هاتفها، ثم انشغلت في أمر شادية وتناسته
حرفيًا تناسته كليًا.. كالايام السابقة
تجعله هو من يتوسل ويتذلل لها للرد عليه!!
أجابته بنبرة متحدية ولمعة خبيثة تزين حدقتيها
-اطلعلي لو كنت راجل
زفرة حارة منه وصلتها جعلها تصاب برعشة كهربائية لذيذة، تنهيدة حارة وئدتها سريعا وهي تسمع اللي زفراته الغاضبة
-مبلاش تلعبي على الوتر ده، هتندمى
تهديدات
هذا ما تأخذه منه بالنهاية، قطبت حاجبيها بغضب بين، لتهدر فى وجهه
-تصدق بالله انت اكتر بتقول كلام وبس، انا ورايا شغل كتير نتكلم بكرا
والمفاجئة التي لم يتوقعها انها اغلقت الهاتف فى وجهه، الفأرة الصغيرة زوجته وحلاله أغلقت الهاتف، تمتم ببلاهة وهو يرفع الهاتف ينظر الي الشاشة
-قفلت السكة في وشي
عاد اتصالها مرة اخري ليسمع أكثر صوت مزعج كونها اغلقت الهاتف، عاد بنظره تجاه المنزل المقابل وتحديدا نحو شرفتها المفتوحة ليهمس بإصرار
– واضح انك عايزة الوش التاني، وماله يا حرم وسيم المالكي
توجه نحو السور الفاصل بين المنزلين، بخطوات حذرة توجه نحو أسفل شرفتها، وعينيه تتفحص الطريق يمينا ويسارا خشية أن يقبض عليه حماه العزيز متلبسًا ووقتها سيضيع عليه فرصة لقائه بها..
هي ترغب بالمجنون
والمنفلت الأعصاب
أليس كذلك؟!!
ابتسم بخبث وهو يصعد الحائط وقد ساعده ذلك وجود أنبوبة تصل إلى شرفتها.. تنفس الصعداء ما ان وضع قدمه على شرفتها وبقي يحدق إلي أسفل الحديقة بريبة.. يخشى أن يراه حماه
يقسم انه لو اكتشف انه وصل لشرفتها سيقتله دون أن يهتز طرف عينيه!!
تصاعد الطنين في أذنيه وهو ينظر إلى الغرفة المحرمة، رائحة مسكرة تداعب أنفه دون أن يتجرأ بخطوة واحدة للدخول إليها
ما يقوم به كارثة
بل مصيبة ستنتهي بقتله وقتلها
اللعنة عليه، وعلى غباءه، وعلى ما يقوم به لإثبات لها أن يستطيع أن يكون مجنونا ولو ليوم واحد
لكنه يخشى عليها.. والغبية لا تفهم الأمر
كم مرة كاد أن تنفلت اعصابه ليسحبها بين ذراعيه ويبث لها عذاب سنوات عمره منذ أن وقع بحبالها كمدله .
شعر بحركة مضطربة فى الحديقة لترتعد فرائصه وهو يدخل نحو الغرفة ويغلق الشرفة متنهدا براحة، ران الصمت لدقيقة كاملة يستوعب انه داخل عرفتها
المملكة المحرمة لفأرته الصغيرة، رفع عيناه فجأة لينظر تجاه الباب إذا كان مفتوح.. لكن هدأ تحفزه ما إن وجده مغلق.. عينيه بدأت تمر على كافة ارجاء غرفتها
فوضوية .. كحياتها وشخصيتها
عبق غرفتها بالمعطرات النسائية، وصوت خفيض من هاتفها يصدح لأغاني مطربها المفضل
مازالت مجنونة به تلك الغبية… يمرر أنامله على خصلات شعره بجذع.. اين هي
لا يوجد أثر واحد على وجودها في الغرفة!! أمعقول انها خرجت خلال مكالمته؟!
أم جلست مع شقيقتها؟! صاح بيأس وهو يشعر بسخف الموقف لوجوده فى غرفتها دون فائدة
-راحت فين دي
وما أن هم بالخروج من غرفتها بالطريقة التي دخل بها، وليعينه الله على طريق العودة.. فإن كان تطلب منه شجاعة الاقدام .. فالعودة تحتاج عشر أضعاف ما قام به
صوت فتح باب الغرفة الداخلية وخروجها بتبختر وغنج طبيعي جعل جسده يتخشب وهو يراها بروب الحمام الأبيض تجفف خصلات شعرها بشرود شديد وبدت كأنها فى عالم خاص بها.. لم تنتبه له مقدار ذرة وهي تتوجه نحو طاولة الزينة لتجلس عليها وبدات تدهن كلا ذراعيها بمستحضرات عديدة وابتسامة ناعمة تزين ثغرها
اسودت عيناه وهو يرى الروب الأبيض ينحسر ليكشف عن مقدمة صدرها وهي شاردة .. لاهية عنه، شهق بصوت أجش حينما رآها ترفع ساقها لتضع كريم مرطب..
وسحر لحظتها وانسجامها انقطع حينما استمعت الى صوت أجش، رفعت رأسها بصدمة حينما رأته واقفا خلفها تماما
والسطح العاكس يموج بعواطف خشنة، عنيفة.. تري كلتا يداه تنقبضان وتنبسطان وعينيه مسلطة بجرأة لم تعتادها علي جسدها وخصوصا بعض المواضع التي برزتها بسخاء…
استقامت من مجلسها بانتفاضة ودارت بجسدها اليه لتنفرج شفتاها وما ان اوشكت علي الصراخ وجدته انقبض كليث وجد غزالته الشريدة ودفع بجسدها لترتطم على سطح طاولة الزينة خاصتها، سمعته يهمس بحذر
-اوعى تفتحى بقك
قلبها ينبض كما لو انها تسمع طبول العيد، عينيها الجاحظتان ترمقه بصدمة، تحاول استيعاب وجوده هنا
داخل غرفتها، أرضها الخاصة.. سرها الخاص الذي يعبر عن شخصيتها.. طرفة بعينيها ثيابها الداخلية الموضوعة على المقعد الخشبي.. هل رآه؟
اللعنة عليه إذا رآه.. وماذا اذا مسكه بيده؟!!
ارتفع معدل نبضها للهلع، والحمرة تكسو وجنتيها وكفه يده الخشن موضوع علي ثغرها يمنعها من التحدث، ذراعه الأخرى أحاطت بخصرها.. وكلنا ذراعيها علي جانبي جسدها
عادت ترفع عينيها لتحدق الي عواصفه السوداء… هذا مؤشر سئ .. بل سئ للغاية!!
رفعت يدها بضعف تحاول التحرر من شفتيه، الا أنه طالعها بحذر.. يحذرها ان قامت بالصراخ.. توسلته بعينيها ان يحررها إلا أنه فى النهاية وافق علي مضض ليترك ثغرها لتهمس بصوت خفيض
-انت دخلت ازاي يا مجنون، بابا سمحلك تطلع ازاي
لوهلة شعر بالحرج من ما سيتفوه به، لكنه قال ببساطة
-من البلكونة
ألم تريده مجنونا؟
فلتهنأ بجنونه الذي صنعته بيديها.. شهقت جيهان بصدمة متجلية في عينيها، دفعته ببعض الوهن والضعف لتجده كصخر لا يتزحزح من أمامها لتصيح بصدمة
-انت بتقول ايه؟! أنت بتتشعلق في الحيطان زي حرامية الغسيل
انفجر هامسًا بقسوة، وهو يمسكها بكلتا ذراعيها لتتاوه بألم حقيقي وهي تستشعر قوته
اللعنة متى أصبح صلبًا وقويًا؟!
-اخرسي، انا غلطت يوم ما جيتلك
جزت على أسنانها بحدة لتدفعه بقوة أكبر، وهي لا تصدق وقاحته.. اللعين اقتحم غرفتها ويبدو نادما أنه قدم إلى هنا
وهل دفعته للصعود؟
اشارت بيدها تجاه الشرفة لتقول بصلابة
-اتفضل اخرج زي ما جيت، انت قاطعتني من لحظة استجمامي
لم تشيح عيناه علي ما يظهر جليا من فرط حركاتها السريعة، ينحسر الروب شيئا فشئ، ويظهر ما تحثه يداه على لمسهم
تحشرج صوته وعينيه ترتفع الى عنقها البض ليري وجنتيها التي تحولت لجمرتين من أثر انتهاكه المحلل لها
لا يشعر بمقدار ذرة ذنب.. لا يشعر سوي بعاطفته التي تندلع ونيران شوقه تأمره على اخمادها
سألها بخشونة وتلك المرة يديه القاسيتين أصبحتا مستكشفتان، لجوجان لمعرفة ما أسفل الروب
-كنتي بتعملي ايه
ارتعد جسدها حينما شعرت بانامله علي طول ذراعها، تهدجت أنفاسها وهي تجيبه ببعض الخجل وان غلفته بالحدة
-بعمل ايه يعني .. بهتم بجسمي، حاجات تخص البنات
اغمض جفنيه للحظة وهو يستشعر بشرتها الدافئة ونعومته بين أنامله، سألها بإصرار
-وعلى كدا بتقعدى كام ساعة فى البتاع ده
رفعت عيناها بدهشة وهي لا تعلم ما سر إصراره على معرفة تلك الأشياء الخاصة بها، لدهشة لسانها وجدت نفسها تجيبه
-يوم بحاله، وباقي الايام باخد اول ساعتين صبح واخر ساعتين بليل
حاولت ابتعاد مقدار خطوة وهي تمسك بكلتا يديه توقفانه عما يفعله بجسدها
أين شجاعتها
أين حزمها وسيطرتها
بل أين استسلامها، ألم تنتظر لحظات جنونه بفارغ الصبر وكادت تصب لعنات عليه
لما هي الآن خجلة؟ متوترة؟ تذوب ذوبًا بين ذراعيه، همست بخجل
– اطلع يا وسيم، ميصحش
لكنه لم يبتعد، يبدو انه لن يبتعد مطلقًا.. الخطوة التي ابعدتها عنه جعله يقترب منها خطوتين لترتطم بصدره العضلي وهال لها الصدمة الكهربائية التي تعرضت لكلا جسديهما
فغرت شفتيها بصدمة ولان جسدها ليحيط خصرها حول ذراعه وتزداد التصاقا به
مال برأسه متشممًا عطر جسدها المسكر، ليهمس لها بصوت رجولي أصاب وترا في انوثتها
-فين الجريئة بتاعت يوم الحفلة
عضت على شفتها السفلى بنفي وهي تخبره، أنها كانت طفلة مجنونة، لا تعرف ان لعب الكبار ليس من اختصاصها مطلقًا
اندفعت تتفوه بحمق
-وسيم انا مش لابسة حاجة، وانت غريب
شهقت ما ان انتهت لتضع يدها على ثغرها بصدمة ما قالته، دفعته بعنف عنها حينما رأت الصدمة تتجلى في حدقتيه.. تراجعت لخطوات بعيدة عن حصاره تكاد تهرب نحو الحمام كما جاءت منه لتسمعه يقول بصوت أجش
-انت عارفة كلامك ده مخليني عايز اعمل ايه
توترت وازداد الموقف رهبة بينهما وهي تراه يتحرك بتؤدة لتقول بتوسل
-استهدي بالله كده واخزي الشيطان، واطلع
اقترب منها بهدوء شديد محاولا ابعادها عن أي فواصل تبعده عنها، كادت تصل الى باب الحمام لينقض عليها بشراسة جعلتها تصرخ بجزع .. كمم فمها وهو يلعن غبائه ليهمس
-خايفة مني؟!
هزت رأسها نافية وهي تتمسك بقميصه تتوسله البعد
تلك الحمقاء مرة تجذبه لوصالها
والان تبتعد.. تخشى وهو لم يتهور بفعل واحد
رفعت يدها تزيح يده عن شفتيها، لتهمس بضعف انثوي
-خايفة من نفسي .. وسيم انت لو قربت مني انا مش همنعك
اجفلت حينما وجدته يدفعها للحائط، تأوهت بألم وهي تلعنه.. ألم يقولوا إن الحوائط هي افضل اماكن رومانسية بين العاشقين؟
لما شعرت بتحطم ظهرها بسببه الآن؟!
همت بإلقاء سباب مناسب الا ان جميع انتفاضتها وصورتها تم قمعه بين شفتيه..
هل هذا هو عناق العاشقين؟
تشعر بوهن وتخدر في جميع أطرافها، وحاجة ملحة لتبث عواطفها هي الأخرى
أن لا تكون هي الجانب المستقبل فقط، بل الجانب المعطي
اسندت ذراعيها على منكبيه، والقبلة البريئة تتحول لشيء أشد شراسة وجموحًا
بالكاد تتلفظ أنفاسها ومهما بلغت جراءتها إلا أنها لم تستطيع مجاراته.. ظلت تستقبل وما ان شعرت انها ستسقط اسفل قدميها، امسكها بحزم وقوة وهو يعيد من نهل ماءه العذب
الماء الذي ظل يبحث عنه طوال سنوات عمره، ظن أنه سيكتفي.. ان الامور لن تأخذ أكبر من قبلة وعناق
لكن هل جربتم معاناة المحروم؟
الشئ الذي حرم منه لسنوات أصبح بين يديه؟
ضميره ما زال يقظ رغم عواطفه ومشاعره يرتكبان جريمة بحق والدها وثقته به
يحاول الاكتفاء لكن الشعلة والشرارة التي بينهما تتشعب .. استقبالها لأشواقه مذهل
تخبطها وترددها ومحاولاتها الحثيثة لتكون جانب كفؤ أمامه يشعل جنونه، وبدأت يداه تلمسان مفاتنها لتنتفض كالملسوعة وهي تبعد جسده بضعف عنها
تراجع لخطوات وبقي محدقا الى آثاره بجوع شديد.. روبها الذي تعيد ترتيبه واخفاء جسدها وحماية نفسها منه وكل ذلك امر غريزي منها جعله يهمس بصوت أجش
– اسف
ارتمت علي الارض بوهن وهي تتنفس بصعوبة، تلتقط أنفاسها التي سلبها الوقح منها لتمسد صدرها مغمضة جفنيها
لقد قبلها الوقح في غرفتها، لم تحلم حتى بربع ما حدث هنا!!
هي أمامه شبه عارية والوقح كان يقوم بافعال مخلة لها، ماذا فعلت هي؟!
نكست رأسها أرضا محاولة الإفاقة من عاصفته لتسمع صوت شادية المرتفع
-جيهان خدي لولو معاكى فى الاوضة النهاردة
قلقت وارتعدت فرائصها من كون شادية تدخل غرفتها الآن؟!!
اللعنة إذا دخل وصرخت شقيقتها، سيقتلها والدها
بل سيقتل كلاهما
وما توقعته حدث حينما حاولت شادية فتح الباب إلا أنها حمدت الله حينما وجدته موصد، لتطرق باب حجرتها ونبرة متعجبة ظهر فى صوت شادية
-جيهان، انتي قافلة الباب ليه
حاولت الرد عليها، الا انها لم تستطع .. شعرت بظله الضخم يبتلع جسدها، لتزدرد ريقها بتوتر وهي ترفع عينيها لتراه يجثو أمامها ولا يوجد أي علامة ذنب لما قام به
سماء عينيه متوهجان بطريقة خلب لبها، غمغم بصوت متحشرج ما زال يشي بتأثره مما حدث
-ردي عليها
هزت رأسها نافية وهي تهمس بضعف
– مش قادرة
هم بامساك يديها لتنكمش بجسدها هامسة بتوسل
-امشي يا وسيم
لم يحاول أن تصل أمورهم إلى ذلك الحد، المرأة التي تخشاه كانت منذ قليل.. أقل وصف هو أنها كانت مذهلة، بل مدمرة
قال بفظاظة شديدة وهو ينظر إلى آثار حمراء طبعت اسفل عنقها، لفحة من الغرور اصابته .. الوقحة ستسبه .. جيد شئ ستتذكره به
-مش همشى غير لما نحدد ميعاد جوازنا
رفعت رأسها بحدة وبدأت جيهان التي يعلمها تعود مرة أخرى لتدفعه بحدة هامسة بصوت خفيض
-يا مجنون
امسك ذراعيها بقوة المتها بعض الشئ ودفعها لتتأوه ليزمجر بهمس مماثل
-انا ابقي ملعون لو سيبتك تفلتي من ايدي
عاد الطرق مرة اخري علي باب غرفتهما لتشعر جيهان بالتوتر، وإن قل رعبها بعد أن وجدت أنها أحكمت غلق باب غرفتها لتسمع صوت شادية الحانق
-جيهان افتحي الباب عشان لولو، انا خارجه دلوقتى
رفعت جيهان عيناها بتوسل وبدت ضعيفة جدا امامه، لتهمس
-وسيم، كفاية كدا
لكن عديم الذوق والاحساس همس بسخرية
-مش كنتي عاملة فيها البت الجامدة اللي مش فارق معاها حد، قلبتي قطة دلوقتي
تلك المرة لم تجد بدًا سوى دفعه بحدة لتنفض عن ضعفها لتصدح بصوت مرتفع ترد على شقيقتها
-سيبيها يا شادية انا هاخدها
زفرت شادية براحة حينما اجابتها، لتقول
-قافلة الباب ليه دلوقتي، افتحي عايزة اتكلم معاكي
زمجرت باتجاهه ليغادر إلا أنها وجدته يعقد ذراعيه ببرود شديد وكأنه في مملكته
– مش هينفع.. عشر دقايق اخلص اللي في ايدي و افتح
قالتها بحدة وهي ترمقه بقسوة وتكاد تدفعه للخروج، ابتسم وسيم بتسلية وهو يراها عادت لطبيعتها .. هذا ما يرغبه فى جيهان .. تلك التي اختبرها منذ قليل يريدها في أشد لحظاتهما الخاصة، لكن باقي اليوم يردها هكذا
مشتعلة، ثائرة، غاضبة.. عاد صوت شادية يهمس بحذر
-انا رايحة المستشفى، هو فاق
اجابتها جيهان علي الفور وهي ترمق وسيم بيأس لتسرع بسحب ثيابها الداخلية قبل ان يتفرد بها
-جاية معاكى، استنيني
امسكها من ذراعها من ان وجدها تلتقط ثياب موضوعة بعشوائية على فراشها ومقعدها
-رايحة فين يا هانم
انفلتت من قبضته بحدة وهي ترمقه باشمئزاز حقيقي لتقول بصلابة
– عشر دقايق، اجهز الاقيك برا
ثم توجهت بكل بساطة داخل الحمام مغلقة اياه بحدة، ليصفر وسيم بتسلية وهو يربت على صدره المحترق هامسًا
-ماشي يا جيهان ، انا وانتي والزمن طويل
وعاد يخرج من غرفتها كما دخل وما ان سمع صراخها الهادي من الحمام علم أنها رأت آثاره المطبوعة على جسدها، ابتسم بانتشاء ذكوري وهو يهبط من الشرفة ليخرج من المنزل كما دخله بهدوء.
زمجرت جيهان بوحشية وهي ترى حالتها المدمرة عبر المرآة.. متى وصل المتوحش الذي عنقها؟ كيف لم تشعر به
هل هو مصاص دماء ام ماذا ليقوم بعضها؟ صرخت بحدة
-مش هسيب اللي هببته ده علي خير، فاكرني هسكتلك يا متوحش
انزلقت بعض الدموع من عينيها وهي تنظر الي عنقها بحسرة، يجب أن ترتدي شيئا بأكمام اليوم، عادت تنظر إلي كلتا ذراعيها المصبوغتين بحمرة شديدة لتسبه في داخلها
-متوحش.. همجي
في المشفى،،،
تسير شادية في الرواق الطويل الذي يصلها الي غرفة معذب فؤادها وضميرها بقلق.. الممرضة هاتفتها منذ الصباح عن خبر إفاقته أخيرا وقد تم نقله إلى غرفة أخرى.. لم تشعر سوى أنها ترتدي ثيابها ورغبة للقائه وسؤاله.. ترغب في إنهاء حيرتها وسبب وجعها
عضت على طرف شفتها السفلى بقلق وبدأت الشجاعة تتسرب منها رويدًا، لتشعر بتخبط فى ساقيها لتلتفت تجاه شقيقتها التي تمسكها من ذراعها وتسير بهدوء لتهمس بخشية
-بابا ميعرفش
ابتسمت جيهان بوهن، تخشي شادية من والدها التي تعتبر مقارنة بجنون وسيم لا شئ، اللعين هذا ستدمره، يتعلمه ان جيجي السويسري ليست مجرد لعبة بين يديه
لا تعلم ما تتفوه به، لكنه أخذها على حين غفلة
كانت راغبة، ومشتاقة، ومتلهفة، لكن في غرفة نومها؟!!!!
تجرأ مرة واتى اليها،وربما سيتبعها عدة زيارات ليلية اخرى.. ربما لا تدري
غمغمت جيهان ببعض السخرية
-محسساني جاية نص الليل، روحي اطمني انا هستناكي هنا
دفعتها جيهان ببعض القوة لتقف أمام غرفته، زفرت شادية بيأس وهي ترى أن جيهان تختفي من ذلك الرواق .. تبًا
تبًا لك يا شادية، خانتها شجاعتها لتهرب من غرفته التي استعلمت عنها منذ دخولها للمشفى.. أبصرت الممرضة الخاصة به تخرج من إحدى الغرف لتقترب منها تمسك ذراعها جعل الاخري تجفل للحظات قبل أن تطمئن لمرآها، لاحظت الممرضة القلق والخوف المصاحبان لحشرجة صوتها
-حالته ايه؟
ابتسمت الممرضة بأسي وهي لا تجد شئ سوي اخبارها بالحقيقة لتغمغم بأسف
-مش هكدب عليكي يا انسه، لما فاق الصبح وشاف نفسه جسمه متجبس وانه هيضطر يقعد في المستشفى لشهور كان فى حالة جنون اديناله
دوار
دوار عنيف يكاد يفتك بها ويسقطها ارضًا، لكنها أبت أن تظهر ضعفها امام غريب لتقول بخشية
-يعني ايه، حالته وحشة للدرجة دي
هزت الممرضة رأسها وبدات حرجة مما ستقوله، بالكاد عائلته الخاصة استقبلت ذلك الأمر بصلابة عدا والدته التي انهارت في البكاء هذا الصباح .. وتحت نظرات شادية المصممة زفرت قائلة بصراحة تامة
-أصر يعرف من الدكتور وضعه، رغم ان الدكتور رفض ورغم اصراره اضطر يقوله حالته
ان كانت تتوقع منها انها ستصبر كثيرا لأخبار حالته، او انها ستكون باردة الاعصاب حينما تخبره حالته فهي بالتأكيد مخطئة، جزعت الممرضة حينما امسكتها شادية من عضديها قائلة بحدة
-قاله ايه .. ارجوكي قوليلي
الحدة يختلط بها اليأس والرجاء، عينيها التي تدمعان جعلها تتفهم حالتها وتخبطها.. اضطرت الممرضة تهمس اسفه
-للأسف حالته حرجة جدًا تخليه يفضل علي كرسي متحرك باقي عمره، وده خلاه يبقى في حالة غضب و هيستيريا اضطرينا نديله حقنة مهدئة … ” انتبهت الممرضة لشحوب وجه شادية لتقطع كلامها ممسكة بيديها قائلة” انتى كويسة يا انسه
شعرت شادية بأن الأرض تميد بها، ستستقبلها في أي وقت.. جسدها يخبرها بذلك.. لكن ذلك الدوار وذلك الضعف المقيت لا ترغبه
ألم ترغب أن تصبح شخصية قوية
هذا ما قالته لطبيبتها النفسية التي تشعر أنها لا بأس بها، فترة العلاج طويلة ومكثفة.. هذا ما تردده الطبيبة وهي تخبرها انها ترغب أن تشعر بتحسن.. أن تنسى جروحها، لكن صراحة الطبيبة كونها لن تنسى جروحها جعلها تجفل منها، لتجبرها الطبيبة على استخدام لفظ “المداواة” وليس “النسيان” فهناك فرق شاسع بين الكلمتين، وعليهما يختار الشخص كيف تستمر حياته
فقررت أن تداوي جروحها، وأولها هو
ذلك المعذب الأكبر لحياتها، الذي زاد فساد فوق فسادًا لحياتها.. همست بنبرة حاولت تخرج صلابتها وجديتها
اقدر اشوفه؟
هزت الممرضة رأسها نافية بخشية
-منصحش بده يا انسه، ارجوكي المريض ممكن يأذيكي
صممت شادية على طلبها قائلة
-هدخله .. يعني هدخله
لم تملك الممرضة سوي ان تهمس بأسف مغمغمة بعض الكلمات لم تتبينها وهي تجدها تتوجه نحو غرفته وتقف مترددة علي باب غرفته، قبل ان تستجمع شجاعتها وتدلف للداخل…
زفرت شادية براحة وهي تجد ان الأمر كان يستحق الشجاعة والاقدام، هل حدث شئ ان لم تدلف للداخل
هل وقعت السماء؟ أم تزلزل الأرض أم تساقطت النجوم
الانسان يتنازل عن الكثير من الاشياء بمجرد الخوف
شعور الخوف فقط … دون محاولة
الخوف من الفشل دون حتي محاولة للتجربة
فماذا استفاد من عدم شجاعته؟ لا شئ
وماذا حدث بعدما تراجع عن ما يرغبه خشية فقط من الخوف؟ .. فهو خسر الكثير فى الحقيقة.
نظرت شادية نحو الراقد علي الفراش ولم يكذبوا ان جسده تم تضميده بالكامل، الدموع لا اراديا تتجمع عند مقلتيها لتطلق سراحها وهي تكتم شهقتها المتألمة لما حدث لها بسببه
لم تتمني أذيته بهذا الشكل البشع
لم تتمني أن يخسر حياته بسببها
لم تتمني أن تستمر حياته علي كرسي متحرك بسببها
بمقدار عذابه لها وألمه، الا انها ابدًا .. ابدًا ما تتمني له هذا الأمر
“اتمني تعيش في عذاب قد اللي عيشتهولي، تكون عاجز ومتكتف وقليل الحيلة زي ما خلتني أعيش التجربة دي معاك”
صرخة مفزعة اطلقتها وهي تهز رأسها بنفي، لا لا .. هي ليست ملاك .. هي بشر بالنهاية.. لم يكن لها الحق لتتفنن بعذابه.. هي بشر… بشر
لكن صوت داخلي زئر بقوة وومضات سريعة عن ذلك اليوم جعلها تتجلد بقوة، جففت دموعها سريعا وهي تقترب منه بهدوء ونقرات كعب حذائها يزعج السكون الذي غلف غرفته لتهمس بتعب
-خلتني احمل همك فوق همي، بتخليني فى كل الحالات ابقي مقيدة ليك
سحبت المقعد وجلست عليه لتنظر اليه، لا حول له ولا قوة.. المظهر ضرب وترا قويا بداخلها
ولا حتي ألد أعدائها تتمني له أن يصاب بهذا الأمر
لكن هو…..
هي لا تعلم بأي صفة ينتمي، فى جانب الأعداء أم الأشخاص الذين تتمني حرقهم نهائيا.. ابتسمت بارتعاش وهي تحاول ان تتجنب النظر اليه
-انا مش هتأسفلك علي اللي حصلك بسببي، نهائي.. بس محتاجة افهم ليه عملت كدا.. رميت نفسك فى الطريق ده ليه
استقامت من مقعدها وهي تقترب منه مزمجرة بقوة
-سرمد رد عليا وريحني، ليه اصريت تموت نفسك.. ليه حطتني فى الموقف ده.. ببقى خايفة عليك .. لحد دلوقتي خايفة عليك
لا تعلم أقالتها حقيقة أم الكلمات محشورة داخل لسانها؟ انها تخشي عليه
تخشين علي ماذا وهو بكل برودة أعصاب لم يراعي مشاعرك وقلة حيلتك
انتفضت بقوة وهي تقول بحدة
– مش عارفة ده غباء مني اني لحد دلوقتي شايلة ذنبك، سرمد أرجوك ريحني وشيل مني الحمل ده … عايزة اتخطاك نهائيا
لهثت بانفعال شديد وهي تراقب جفنيه الساكنين دون اضطراب، تأوهت بتعب وهي تعود الجلوس علي مقعدها بانهاك
لا تصدق ما تقوم به، لو كان الأمر بيدها لأجبرته علي المصارحة .. أن تعلم ماذا حدث منذ شهر.. ماذا فعلوا بها
وكيف وصل به الحال داخل شوال!!
أتعرفون شخص معتز بشخصيته وغروره وذكوريته كسرمد كيف سيكون حاله بعد الخبر؟!
انتبهت علي صوت أجش عميق يجيبها ببرود
-غادري
ارتفعت عيناها فجأة لتراه، هل كان مستيقظًا؟! تسارعت نبضات قلبها هلعًا وفرحا لرؤية ذلك السواد البهيم في عينيه
لم تكن تلك نظراته .. لم يكن سرمد هذا الذي تعلمه
تمتمت. بلهاث وهي تستقيم من مجلسها تنظر اليه بفرحة لوجوده.. يتحدث معها، يبادلها نظراتها الشغوفة للاطمئنان عليه وكل ما تقابله خواء
برد اقشعر له جسدها
-سرمد
زم شفتيه وعينيه تلتهم تفاصيل وجهها الهزيل، شحوب وجهها وشفتيها المنفرجتين بلهاث وقد فقدت توردهما.. يبدو ان الاخري كانت تعاني هي الاخري
اغلق جفنيه وانقطع سحر تواصل جري رغم عن كلاهما ليهمس ببرود
-غادري
اجفلت شادية من طلبه.. لكن حاجتها لاخباره عن كافة تفاصيل اختطافه اجبرها للتمنع
-لكن
زمجر بقسوة اخافها ليفتح جفنيه الباردتين واشتعل جذوة الخطر فيهما.. صاح بلهجة قاسية
-اللعنـة قلت اخرجي من الغرفة
عضت باطن خدها وشعورها لرد صفعته الوقحة بصفعة أشد تجتاحها
هي التي من المفترض ان تصرخ
ان تطالب بثأرها رغم عن مايحدث
هو ما يجب عليه ان يخشي منها وليست هي، صاحت بصلابة قوية وعينيها تحدقان به
-لا
زفر سرمد بتعب وهو لا يصدقها، تلومه وتلعنه ثم لا ترغب بالبعد عنه، يخشي عليها من قسوته التي تولدت داخله
يخشي ان يقضي عليها تماما دون شعور منه في نوبة جنونه
الحمقاء.. اشاح بوجهه والتزم الصمت حينما طرق باب الغرفة وقد ترتاح نسبيا لوجود الممرضة، لكن صوت ثعلب ماكر جعل النوم يطير من عينيه حالما وقعت عيناه عليه
-يبدو ذئب العائلة مازال حيًا حتى بعد قربه للموت
تحفزت ملامح سرمد وهو ينظر الي خروف عائلتهم الأسود، داوود.. أو لعنته السوداء.. رمقه بإشمئزاز تسبب فى اتساعة ابتسامة الاخر
-ما الذي أتي بك إلى هنا يا حقير
نظرة ثعلب تجاه المرأة التي تقف امامهم بخشية، جعل الاخر يقسم لو كان بصحته لقتله علي الفور.. اجابه داوود بنبرة متلكئة وهو ينظر الي السمراء الناعمة
هل هذه ما تشغل اهتمام ذئب العائلة الآن
تفتقر لمنحنيات جسدية، جسدها اقرب لعظم علي جلد لا اكثر
ما الذي يثير انتباهه، ووجهها يبدو انها امرأة مريضة
-جئت للاطمئنان عليك
وقفت شادية ببلاهة تحدث نحو الاثنان الذي يتراشقان بالحديث بلغة الأم خاصتهم دون ان تفهم حرفًا
تشعر ان حديثهما متمحور حولها، لكن لو تفهم ما يقولانه.. ونظرات ذلك الغريب لا تطمئنا علي الاطلاق.. ان كانت نظرات سرمد في السابق تثير اشمئزازها لكن هذا يجعلها تخشاه.. نظراته عميقة متفحصة متمهلة سارعت بالخروج من الغرفة دون ان يمنعها داوود بل تابع ببصره حتي اختفاءها.. انفجر سرمد يصرخ في وجهه
-إن سولت لك نفسك لرفع عيناك لها مجرد نظرة عابرة، سأكون قاتلك
ابتسم داوود باستفزاز وهو يرمق جسده المضمد باسف بائس ليقول بنبرة عابثة
-الى حين تستطيع الوقوف على قدميك، وقتها سأمتع عيناي وافعل إلى ما هو أكثر من مجرد نظرة

يتبع..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على (رواية أترصد عشقك)

اترك رد

error: Content is protected !!