روايات

رواية أترصد عشقك الفصل الخامس والخمسون 55 بقلم ميار عبدالله

رواية أترصد عشقك الفصل الخامس والخمسون 55 بقلم ميار عبدالله
رواية أترصد عشقك البارت الخامس والخمسون
رواية أترصد عشقك الجزء الخامس والخمسون
أترصد عشقك
أترصد عشقك

رواية أترصد عشقك الحلقة الخامسة والخمسون

الحب
وويل لمن أصابه الحب..
الحب ليس تلك المشاعر الناعمة التى تغلف القلوب.. وتستكين أى مشاعر غيرة
وليس ذلك الشعور بالطمأنينة والراحة
بل على العكس
كونك تحب
أى أنك تعيش حياة محفوفة بالمخاطر.. ما بين كراهية وعداوة وبغض تمنعك من الوصول للحبيب
وأضف ياعزيزي.. بهارات الغيرة والتملك التى يتفرد بها العاشق ليتحول الى شخص بدائي بربرى…
الحب طاقة مستنفذة من قلب نابض.. ليتحول الى شبح شخص ليس ما كان عليه فى الماضى..
الحب
مصدر لتهلكة كل قلب
الحب
مصدر شقاء لكل روح
الحب.. وويل الحب لمن أصابته بسهامها.
الدموع جفت مآقيها، وحالة الحداد التى أعلنتها آسيا منذ إصداره شفهيًا بالطلاق جعلها مذبذبة
تشعر انها فقدت جميع توازنها الداخلى، وبقت تترنح يمينًا ويسارًا بحثًا عن قبس شئ تستند عليه لتستعيد توازنها
لكن منذ متى وهي بتلك الحالة!!!
منذ أن عاد حبيبها وهو ليس بحبيب، ومنذ أن عادت هى ليست بـ هى القديمة!!
هو محق لقد تغيرت، وصار بالمثل، ومنذ متى يصبح الإنسان على ما هو عليه على مر السنوات..
تأوهت بقهر شديد وهى تدفن وجهها فى وسادة فراشها تستعيد يوم طلاقها ليلة زفاف وجد…..
بدأ عدد الضيوف يقل تدريجيًا والعصفوران يستعدا للرحيل بعد مغادرتهم القاعة منذ قليل، لم تملك شيئا سوى أن تبقى ملتصقة بجوار غالب كما رغب منها منذ منتصف الحفل، معطيًا لضيوفه مساحة واسعة للاحاديث عنها وهى ما زالت بجواره تلصق ابتسامة مصطنعة كالمحيطين..
غلف الصمت طريق العودة للمنزل، وبدى غالب أكثر انسانية متخليًا عن قناع البرودة والعملية محدثًا إياها عن أول حفيدة من الجيل الثاني شـمـس
الفتاة تملك طاقة قوة وحب لا ينبضان جاعلة غالب يتخلى عن حوافظه وتبقى الفتاة بين ذراعى الجد .. لوهلة خيل اليها ان الدموع تغلف مآقي غالب سرعان ما استعاد صلابته مرحبًا بمارية التي تعاملت بتوتر وكفيها مستقرة في أحضان زوجها.. وبين برودة وعملية كانت واقفة كتمثال شمعى مبهر للبصر للمحيطين وخاصة الاطفال وهم يرونها كأميرة هاربة من الشاشات التلفزيونية والفضل يعود لوجد.
هبطت من السيارة لتتحرك متجهة الى بوابة المنزل، الا ان خطواتها تخشبت ما ان أبصرته
شعرت بغصة مؤلمة فى حلقها وهي تتفحصه مليًا
بدى مهلكا لها ولقلبها الذى كان متيم ولا زال
ربما تلك المعضلة الوحيدة التى لن تنكرها، وهذا ما يجعله يستغله لأسوأ مرحلة..
عيناها كانتا شفافتين له، رجفة جسدها، ونظرة التيه التي سكنت حدقتيها مخالطًا الشعور بالوجع جعله يقترب منها.. معطيًا فقط هزة رأس من جده الذي تحرك تجاه المنزل
جده كان عند وعده حينما أعطاه فرصة لهما، فرصة أخيرة كي يناقشا بتعقل كما رغب.. متمنيا زوال اى شوائب فى حياتهما.. لكن لمعة التصميم في حدقتيها جعلته يهز رأسه بيأس واضعًا يديه فى جيب بنطاله
يقف امامها بسطوته التى لا تنكرها، بعضلات جسده الرجولية الضخمة التى كانتا حنونتين فقط فى أشد لحظاتهما العاطفية التى لم تستمر طويلاً
فغرت شفتاها وهى تحدق فى عينيه وهى ترى العزيمة التى لم تقتله، عزيمة لكى تكون تحت سطوته، مهما حدث ما زال رافضا أمر الطلاق
هو لم يستسيغ تلك الكلمة حينما رددتها على مسامعه، ووعودهما التي نصت أن كلمة الطلاق لاغية من قاموس حياتهما
غمغم بسخرية لنفسه.. ألم يكن هو أول من حطم أساس علاقتهما؟!!
وما زاد الطين بلة انه يتهمها بهذا الامر، بدلا من محاولة احتوائه وقد كان معذور يقسم مئة مرة أنه لم يكن ليحاول أذيتها ولو على حساب نفسه
لكن كل ما يفعله فى سبيل سعادتها وحدها
ولكن بدلا من احتواء الأمر، لقد تضخم حتى ما عاد شفتيه قادرة على التحدث كما رغب جده..
همت آسيا بالتحرك حينما وجدته واقفًا كتمثال صخرى صلب، بدا جامدًا متصلبًا لا شئ يبدو به بشريًا سوى من عينيه التي تتفحصانها من منابت رأسها حتى اخمص قدميها باعجاب لم يخجل بإظهاره.
تحركت مبتعدة عنه الا ان يده الخشنة التى امتدت لكفها كان بمثابة جرس انذار طوارئ ليصيب كلا جسديهما بشرارة، رفعت وجهها بتجهم قابله الآخر ببسمة وهو يضغط زندها بقوة قائلاً بنبرة متسلطة
-محتاجين نتكلم
ضيقت حدقتيها به بحدة وسؤال لعين يلح عليها، لماذا لم يحضر الحفل؟! هبطت نظراتها لزرائر قميصه المحلولة مبرزة صدره العضلى لترفع عينيها تجاهه وهي تلمس ضعف رجولى منه لأنثاه فقط… ضعف رجولى جعلها بدلا من الرفض والنفور تقترب منه هامسة بنبرة جاهدت لتصبح باردة .. جافئة، لكن خرجت متحشرجة .. لاهثة!!
-انت عارف الساعة كام دلوقتى يا لؤى
تلك المرة لم يحاول أن تصده عنه بل كل ما فعله أنه أرخى يده الحرة على ظهرها ليقرب الانشات الفاصلة بينهما لتصطدم بجذعه العضلى قائلا بنبرة خشنة
-محتاجين نتكلم
استفز كل حواسها، ولهاثه الذي يضرب وجهها لا يفلح باستعادة جمودها امامه، حاولت الفكاك من حصاره بجسدها الذي استسلم طواعية لصاحبه ومالكه الوحيد، وعينيها التى حاربت تلك المرة بضراوة كى لا تسقط فى سحيق عينيه المظلمتين
– اتفضل
همست بها بحدة والوضع بينهما بدى حميمى، حميمي لدرجة أن أنامله ارتفعت على طول ظهرها حتى وصل لعنقها .. تصلبت شعيرات جسدها وهى تسمعه يغمغم بنبرة دافئة
-لا بعيد عن الناس، مش عايز حد يقاطعنى
تهدجت أنفاسها وهى تنظر اليه بتيه شديد، ولمساته لموطن ضعفها الظاهرة جعل ساقيها تتحولان لساقين هلاميتين كادت أن تميد بها الأرض، لولا ذراعه التي أحكمت حصاره على خصرها ليصبح جسده داعم لجسدها الرخو!!
غمغمت باستفسار
-مش فاهمه ماله مكتب غالب؟
غمغم تلك المرة بيأس وهو يحاول صرف عقلها عن العمل كى تستلم طواعية فقط حتى يصلا لبر آمن لحديث طال نقاشه، غمغم اسمها بحدة
-آسيا
زفرت بيأس وهي تسلمه جسدها لبرهة من الوقت .. تستعد لحرب نفسية ستخوضها لا محالة وتركته يدفعها لسيارته وما ان جلست على المقعد حتى تحرك هو يستقل مقعدًا وانطلق بسيارته وعينا غالب يهز راسه بألم للنتيجة التي سيعلمها صباح الغد !!
مرت تنظر الى الشوارع بملامح واجمة، والضيق يعتريها من كونها أسلمت حصونها سريعًا له
الأحمق يعلمها كخطوط كفيه، ويعلم كيف يلين أمامها لترضخ بسهولة له.. شدت بقامتها وهى تلتفت له بكامل جسدها قائلة بحدة
-هتودينى فين
اجابها بهدوء وعينيه معلقة على الطريق
-متقلقيش هرجعك
انفجرت تضحك بسخرية، وكبحت لجام الدموع كي لا تظهر أمامه لتغمغم ببرود
-صدقنى دى اخر حاجة ممكن أفكر فيها، ورايا شغل بكرا لوحدى، غالب مش هيقدر يروح المؤسسة، وانت .. نقدر نقول بقيت زى الشبح.. خلتونى اشيل مسؤولية ناس وسبتونى
ابتسم لؤى بهدوء وهو يلتمس عصبيتها من حديثها الحاد، تلقى اللوم عليه وعلى غالب كونهما تركا عمل المؤسسة على عاتقها بمفردها، والحق يقال كان يعلم أن امرأته ستستطيع أن تعمل بكفاءة دون وجودهما وهذا ما اقترحه لغالب الذى كان قلقا على رمي بكامل ثقلهما عليها.. لكن طمئنه، أن اسيا لن تدع أي أمر دون أن تفرض مدى جديتها واستيعابها لتحمل المسؤولية.. ألقى نظرة سريعة نحوها بفستانها الملكى الأزرق باعجاب لم يداريه ليغمغم
-غالب مكنش هيسيب الشغل، لو كان عارف انك مش قد المسؤولية
عبست آسيا وهو تضم ساعديها على صدرها قائلة بحدة
– بمعنى
رفع لؤى عيناه عن الطريق وشبع عينيه من ملامحها الفاتنة ليهمس لها بصوت أجش
-انتى وانا اللى هنشيل مسؤولية شغل العيلة، لحد لما يشرف الجيل الجديد ويمسكوا المسؤولية
شعرت بشئ يدغدغ معدتها لتنظر اليه بعبوس حافظت عليه قائلة ببرود أشد مدفوعًا بالفضول
– مجتش الفرح ليه
رفع حاجبيه بتسلية شديدة مجيبًا إياها بغموض
-مين قالك انى مكنتش موجود
علم انه يستفزها لاقصى حد، وهذا ما ظهر جليًا على محياها الحسن لتغمغم بحدة
-تقصد جيت لما الفرح فضى
هز لؤى رأسه بيأس، لن يخبرها انه كان فى ركن قصى جدًا عنها، يراها.. يتمتع بطلتها التي فاجأته، لقد فاجأته وجد حين اخبرته ان امر الفستان على حسابها، لقد خشى أن يكون عارى خليع المنظر ووقتها لن يلومه شخص على تأديبه لزوجته، لكن ما أن أبصرها بفستانها الملكي فقد خلبت لبه حتى نهاية الحفل
جسده كان يعصيه ليتقدم ويختطفها بين ذراعيه بدلا جلوسها كالجماد بجوار جده الذى يربت على ظهرها بين الفينة والأخرى، وهذا سبب اخر جلب له البسمة لشفتيه
آسيا
الشيطانة المهلكة، بدأت تسقط دروعها أمام جده الذي يلتمس راحة حينما شعر أنه على بداية طريقه للصلح معها..
تنهد مجيبًا إياها بهدوء
-جيت فى النهاية يا آسيا
لكن عقلها لم يصدق انه كان بجوارها دون أن تشعر به، تشعر بأن هناك شئ اخر يخفيه عنها، ومنذ متى لم يخفى ذلك الضخم شيئًا!!
ابتسمت بمرارة شديدة وهى تهمس بتهكم
-ايه اتجوزت من ورايا، ووراك التزامات تانية عشان مقدرتش تيجي فرح بنت عمك
التزم الصمت من جانبه لتتابع هى تبث قلة حيلتها معه، تدفعه لاقصى مراجل غضبه كى يعطيها ورقة حريتها
-انت عارف الناس هتقول ايه على غيابك
زمت شفتيها وهى تراه صامت.. جامد لا يقوم بأدنى حركة، اقتربت منه وهي تلكزه على صدره هادرة بغضب ناري
-ما ترد عليا
ألقي نظرة عليها قبل أن يتنهد مصطفًا بسيارته على جانب طريق مقفر .. لينظر نحوها قائلا بنبرة ذات مغزى
-ساعات الكلام مش بيكون ليه لازمة، لطالما التانى على ضلاله
تلك المرة انفجرت آسيا ضاحكة، وصدى ضحكاتها مريبة، مرعبة لآذان السامعين
خفتت ضحكاتها رويدًا لتنظر اليه وملامحها الفاتنة تتحول الى وحشية قائلة
-ضلاله!!!! وانت بقى الحمل الوديع اللى انا بعلق شماعات الغلطات عليه مش كدا!!! رد عليا واياك الكدب
التفت لها بكامل جسده وهو يغمغم لها قائلا ببرود
– ليه بتنسى يا اسيا أننا بشر، مش طول الوقت مثالين
ويخبرها بوقاحة أنه بشر، هل هذا يعني أن يستدرجها ويخدعها وهى لم تجرأ للحظة على خداعه، غمغمت بجفاء
-عندك حق
تركته يخرج ما فى جعبته ليتابع حديثه قائلاً
– لؤى اللى انتى عايزانى ارجعله صعب يا اسيا، إحنا بنتغير مع الزمن
ابتسمت له بسخرية شديدة، جعله ينظر اليها وهو يلاحظ فتورها من الاستماع اليه، عزيمتها على الاخذ ما طالبت بحقه، إلا انه لم يملك سوى أملاً خافتًا بين جنبات صدره
برغم كل شئ لا يملك سوى هذا الأمل!!
شبك أصابعه وهو ينظر اليها قائلا بهدوء
– حتى انتى يا آسيا، انتى بنفسك مش زى زمان
زمت شفتيها ببرود شديد ناظرة إلى عينيه قائلة
– مين اللى بدأ اللى وصلنا ليه حاليا
لم يجيبها وهذا ما توقعته، لتقترب منه قائلة بحدة
– اتجرأ وقول انا يا لؤى
اطبق لؤى شفتيه مفكرًا وهو لا يرى جدوى من حديثه، تنهد مجيبًا إياها علّها ترتاح حينما يعترف بما ترغب بسماعه
– الكبرياء مش هيفيدك بحاجة، انا بعترف انى غلطت فى حاجات كتير .. انتى بقى ايه وضعك
حدقت عينيها داخل حدقتي عينيه الداكنتين
وتمنت انها لو لم تثق به
لم تضع ربع ثقتها حتى بهذا الشخص الذى باتت لا تعلمه
الدموع احتشدت فى مآقيها لتهمس بصراحة
– اتمنى فى يوم لو معرفتكش يا لؤى
اتسعت عينا لؤى ذهولا ودهشة، وألم نابض طعن فى فؤاده مباشرة، لم يتوقع ان تقولها ابدًا
تلك الكلمة كما لو كان سيف حاد خرج من غمده وطعن فى صدره بقوة!!
أشارت إلى موضع قلبها ودموعها لم تسيطر عليها لتجهش فى البكاء قائلة
– ده بيوجعنى، بيوجعنى بكلامك وافعالك .. بتجرحنى كتير وانا غبية عشان بسامحك مية مرة بسبب حبى ليك
تلك المرة اندفع غضبه يخرج امامها، ليمسك رسغها بقسوة هادرًا فى وجهها بحدة
– بتسامحينى ازاى يا آسيا وانتى كل مرة عايزة تدمري عيلتى، عايزاني اسكت
هطلت الدموع تحاكى وجعًا نيابة عن لسانها، ما زال يضعها فى تلك البؤرة باجحاف دون وجهه حق، نظرت الى رسغها التي أصبحت في قبضة يده، لتتحرر منه بقوة هادرة فى وجهه بصراخ تام
-فين اذيتهم يا لؤى، بص في عيني وبطل غبائك ده.. انا فين قدرت أأذيهم ها انطق ورد عليا!!
كانت تدفعه بعيدًا عن متناول جسدها، تكيل اليه اللكمات والضرب على وجهه وصدره وكل ما يطيله، وكان هو جامدًا متلقى ضرباتها بصدر رحب، محاولا أن تمس وجهه ليراها تتراجع بتعب على ظهر الباب وهى تشير بيدها الى نفسها هامسة
– انت بنفسك كنت عايز تحطنى فى خانة الخاينة مش كدا!!
اكتفى من ترديدها كالببغاء ليقترب منها الا انها اشارت له بالنفى، وضعت يدها على موضع رحمها تبكي بقهر شديد لترفع عينيها تنظر اليه بقهر وألم شديدين هامسة
– حتى حتة طفل، طفل بتمناه .. فاكرنى هساومك بيه، مش كده!!
اضطربت عيناه وهو يراها تنظر اليه بغضب، اجلى حلقه وهو يسمعها تضحك بسخرية لتتابع همسها الخافت قائلة بجفاء
– اعترف انك مش واثق فيا لحد دلوقتي خايفة اغدر بيك يا لؤى، عشان كدا كنت بتستخدم وسائل منع الحمل بدون علمي .. اوعى تفتكر معرفتش بموضوع حبوب الحمل اللى كنت بتدهاني من ورايا
هم تلك المرة أن يسحبها لاحضانه، ليخبرها أنه كان مجبور لفعلها على أوامر الطبيب النفسي، وأنه يموت الف مرة لفعل هذا.. الأمر لم يكن سهلا له وهى تخبره بين يقظتها وسباتها انها ترغب بطفل منه.. ترغب ان تجلب العديد من الاطفال ويكون هو والدهما
كانت تنمى به شعور الابوة والفخر كون تلك المرأة تناجيه ليزرع طفلا فى رحمها
لكن بالجوار يجب عليه أن ينفذ تعاليم الطبيب الذي يستشيره لكلاهما، وقد طالبه بتأجيل امر الحمل حتى تستقر حالتها النفسية
انتبه لها وهي ترمقه بقسوة لتهمس بنبرة خافتة
– زى ما قولت احنا بشر، كلنا بنغلط.. بس دى الحاجة الوحيدة اللى عمرى ما هسامحك عليها.. فاهم ليه طلبت الطلاق، لان انا كمان خايفة منك
اشاحت وجهها للجهة الاخرى، محاولة التقاط انفاسها، ضمت يدها بقوة على موضع رحمها، لا تعلم الى من تأتمن بالحديث معه فى هذا الحديث
ومن كان المفترض الاقرب الى روحها، طعنها بخسة ودناءة منه
لم يسأل مشورتها حتى، لم يصارحها بأى شئ .. تركها على ضلالها ملاحقة سراب!!
اقتربت منه تلك المرة ممسكة بتلابيب قميصه هادرة فى وجهه بغضب
-متخيل شكلى ازاى لما الدكتور قالى عن الموضوع ده، وانا الغبية اللى استبعدتك.. بس ازاي استبعد اول واحد دايما بيكون فى بؤرة الاتهام مش كدا ولا لأ يا زوجى العزيز!!!
رفع يداه ليلمس جانبى وجهها قائلاً بأسف
-الموضوع ده كان غصب عنى
واجابته كانت خاطئة
تبريره لما فعله، وارتكبه بحقها كان جواب خاطئ منه لتهدر فى وجهه واناملها تضغط بعنف على قميصه
-اياك تتجرأ وتقول غصب عنك.. غصب عنك فى ايه .. رد عليا وجاوبنى
وضع يديه على خصرها لتجلس على فخذيه، ولم تكن هى فى كامل وعيها لما يفعله، كل ما ترغبه هو التبرير ثم القصاص بحق طفل ربما يكون الآن داخل رحمها
اجابها بصراحة مغمغمًا
– انتى مكنتيش فى كامل وعيك يا آسيا، والموضوع ده عملته مضطرًا مش بايدى بس كنت عايزك تبقى كويسة الاول .. تتخلصى من حقدك وتبقى مستعدة لطفل ولحياة زوجية مستقرة
تركت اناملها قميصه وهى تحدق به بشرود
أيحسبها مختلة؟ مجنونة؟ اذا لما لم يرسلها بنفسه الى المصحة كى تتعالج من مرض الانتقام الذى يسكن روحها!!
ان كان سعيها للانتقام من عائلته يؤرقه، فليستعد للحرب التي ستشنها له ذلك الكائن العضلى .. عديم الرحمة والقلب
ضربته بعنف على صدره هادرة تلك المرة بجنون
-حياة زوجية مستقرة، انت مجنون… انت بنفسك هدمت آخر طوبة فى البيت
حاول ان يتحكم فى فرط حركتها، خاضعًا إياها الى سلطانه الا انها ابت ان تستسلم له
تأوهت بوهن ما ان جثم عليها بكامل ثقله لترى نفسها انها جالسة على المقعد وهو بكامل هيئته يسطو من فوقها، زمجرت بوحشية تهم أن تخدش وجه ليصرخ تلك المرة بقوة
-آسيا
دفعته عنها بيأس، لا ترغب بأى لمس ولو عرضى لذلك المنافق، القاتل لها
هسهست بحدة وهي تزيح جبلا من فوقها
-وجودى هنا ملهوش لازمة من الاول، انا مش عارفة انا ايه اللى جابنى هنا
لم يملك حدًا لإخماد ثائرتها سوى بقبلة نارية بينهما، لثوانى اهتزت آسيا وهى تشعر به يعاقبها بقبلته
تأوهت بوجع وهى تزيح شفتيه عنها، لتنظر اليه بازدراء قابله الاخر بعزيمة ليعود مقتنصًا شفتيها مداعبًا مواطن ضعفها .. خرجت صرخة جريحة من حلقها وبدى لها محاولاته
كمحاولة انتهاك جسد تحت مسمى عقد زواج!!
حينما يأس من أن يلاحظ تجاوبًا منها ولو قدر ضئيل ابتعد عنها لاهثًا يهم بالاعتذار الصادق، وقد بدا أمامها كصورة وحش غاب يفترسها .. إلا أنها فاجأته بالصفعة التي تردد أثر صداها في أرجاء السيارة
ابتعد اسيا بقدر المستطاع عن متناول يده، وبدت غاضبة.. حانقة.. لا تعلم كيف جرؤ على ما قام به ذلك الحقير
هل يظن ان المشكلة هينة ليحلها بقبلة او علاقة حميمة؟!!
هدرت فى وجهه بوحشية دون ان تلاحظ وجهه الذى اسود قتامة أو عينيه التى اشتعلا بثأر
– انت اتجننت، انت فاكر باللى بتعمله معايا هيأثر فيا، انتى عارفه عملت فيا ايه، دبحتنى لتانى مره يا لؤي .. لتانى مرة بصقفلك باعجاب، مطلعتش فى الاخر انا الشيطانة، طلعت انت يا لؤي
تهدجت أنفاسها حين همست اسمه، نظرت الى ملامح وجهه التى لم تستطيع قراءتها وظلت على حالها الثائر، وهى تطالبه بقسوة
– طلقنى
لم تستمع الى هدير انفاسه، ولا حتى الى أنامله التى اطبقها بعنف على جانبيه ليسألها بصوت خافت
– ده اخر كلامك!!
زئرت بوحشية وهى تضربه فى صدره هادرة بعنف والخلاص من قيده
-وانت فاكر هرجع فى كلامى، طلقنى دلوقتى، والا عزة جلالة الله من بكرا لارفع قضية خلع وساعتها هخلى اللى ما يشترى يتفرج
نظر دون أن يأتي بأي رد فعل انساني لها، مال فقط نحوها لتجفل مبتعدة عنه الا انه امسك بذقنها لترفع رأسها بكبرياء وقوة
حدقت بعينيه التى تنظران نحو عينيها بأسف، وشريط ذكريات يمر بينهما، م
أسند جبينه على خاصتها لتجفل آسيا منه وهمت بالتحرك مبتعدة إلا أنه ثبتها ممسكًا بكف يده الحرة خلف رأسها ليهمس لها قائلاً
– انتى طالق يا آسيا
وكانت تلك آخر جملة نطقها، بعدها انطلق بسيارته غلفهما الصمت عائدًا بها إلى منزل عائلته!!
……….
عودة للوقت الحالى،،
رفعت وجهها حدة حينما شعرت بمن اقتحم خلوتها فى الغرفة، رفعت عيناها تجاه مارية التى تنهدت بيأس وهى ترى ملامح وجهها الشاحبة لتقول بحدة
– ميستاهلش يا آسيا
رفعت اسيا عيناها بعدم تصديق، لا تصدق بمجرد ما اخبرت به شقيقتها عن كونه يدس الحبوب اللعينة تلك فى طعامها حتى تصدر القائمة السوداء، وطلبت منها ان تظل عدة ايام في منزلها حيث ان ماهر منشغل برحلة طويلة نظرًا لعمله ولم تستطيع تلك المرة أن تلحقه ففضلت البقاء مع ابنتها… أصدرت ضحكة ساخرة وهي تهمس
-دلوقتى ميستاهلش يا مارية
زمجرت مارية بوحشية وهى تتمنى لو ترى هذا المدعو بزوجها امامها كى تقوم بقتله، هسهست بقسوة
– انا مكنتش اعرف اللى عمله، لو كنت اعرف صدقينى كنت قطعته بسنانى
جذبت آسيا رأسها بعيدًا عن الفراش لتحدق فى ملامح مارية القلقة، ابتسمت وهي تربت على ظهرها مطمئنة إياها لتهمس مارية بتردد
– هتسيبى البلد يا آسيا
احتدت عيناها بقسوة وهى تغمغم
– بعينه، انتى فاكرانى هخاف منه، بالعكس هخلينى قدامه ولا يعرف يطول منى حاجة
تصاعد صوت مارية الساخر
-انتى بتضحكى على نفسك مش كده!!
امسكت آسيا بكف مارية ووضعته على نبضات قلبها، لتقول بقهر
-خانى يا مارية، عارفة وجع الخيانة انا حاسة بيه دلوقتى، الالم عمره ما بيخف لأ مضطرة استحمله
جذبتها مارية الى عناق اخوى، بكت اسيا بقهر ومارية عيناها تلمعان بعزم شديد لتهمس
-بكرا يجيلك راكع، متقلقيش
لم تكن لتحظى اسيا بعناق كهذا من شقيقتها او دعم سوى من تلك الحادثة، ابتسمت بامتنان شديد لشقيقتها وهى تفكر فى ذلك الاحمق
يظنها تلحق الاذى بعائلته وهى لم تستطع ان تقوم بأى شئ حفاظًا على حبه
لكن الأحمق… ستريه ذلك الكريه.. هركليز الجسم، صغير العقل
ستريه ما يعني الانتقام الحقيقي !!!
*****
فى قرية الغانم،،
وتحديدًا فى الفناء الخاص بالروضة فى مدرسة شمس..
ترجل نضال من سيارته وهو ينظر الى ساعته يلعن تأخره، ويلعن تحجج عصفورة العائلة رهف عن عدم قدرتها لاصطحابها كونها تمر بفترة امتحانات تحتاج كل مجهود منها بسبب سنتها الدراسية الاخيرة..
ركل حصوة اعترضت طريقه وعينيه تبحثان عن صغيرته الشقية التى بدأت تعتاد بقوة على الروضة وجميع العاملين خاصة المديرة الأربعينية التي تستلطفها ولا تستلطفه مطلقًا، والحق يقال المشاعر بينهما متبادلة، ولا يستطيع ان ينكر ان المرأة فى هذا العقد تمتلك جمال فريد
مزيج بين أنوثة ناضجة.. ويعلم ان المشاعر الانثوية فى تلك الفترة تحتاج إلى أن رعاية قصوى من الرجل حتى يتخمها لحد الشبع..
ولمحة
مجرد لمحة عن تلك المعذبة لعقله
يتخيلها وهى فى هذه الفترة
بملامحها الانثوية الناضجة، وطفل منه يسكن رحمها واخر يلهو فى الارجاء من حولها مشاركًا جنون صغيرته معه
عض على نواجذه، ومجرد تخيل انها عادت تسكن بيته، زلزل رجولته
غامت عيناه بعاصفة، وكل يوم جسده ومشاعره تأن
تأن حاجة لانثى يتشبع من نهل رحيقها
حاجة لانثى لتكون له طاقة لامتصاص غضبه
حاجة لانثي
اللعنة
يحتاج لامرأة فى حياته .. والا لن يكف عن التفكير بتهور كلما فكر فى تلك الجاحدة!!
حاجته لطفل تلك المرة تزأر روحه الابوية، شمس تستحق اخوة .. تستحق اخ يكون لها حامي وجدار صلب تستند عليه..
ويكون هو عضده حينما يكبر ويهرم.. انتبه من افكاره على صوت اقتحام صغيرته كقطار صغير لتقتحم ساقيه الطويلتين قائلة باشتياق
-بابى
رفعها سريعا ومال طابعا قبلة على جبينها استقبلتها هى بابتسامة شقية ومالت تطبع قبلة على خده الخشن جراء لحيته التى تخز شفتيها .. غمغم نضال بحنان شديد
-روح بابى انتى
سألها بهدوء وهو يحاول ان يلاحظ اين راته لتندفع اليه بهذا الشكل، وهاجس لعين انها بصحبة ذلك المدعو بيوسف مرهف بالاحساس تقتله غيرة
-عملتى ايه فى الفصل
والفتاة كانت تحتاج هذا السؤال، لتنفجر تسرد بسلاسة التقطتها من التعامل مع الأطفال بنفس عمرها
-قعدت مع يوسف عشان يعلمني الرسم
عبس وجهه، وتجهم وهو يهز راسه بيأس، يبدو لا مناص من المدعو بيوسف، يخشى أن تلك الفتاة تلتصق به كعلقة حينما يدخلن المرحلة الابتدائية ليقول بتهكم
-ومفيش غير سى يوسف يا شمس هانم تقعدى جنبه
عبست شمس كعبوس وجهها، ومدت اصبعها المكتنز تفك عقدة حاجبيه لتغمغم بنبرة جادة لا تليق بفتاة تتحدث مع والدها ولا بعمرها حتى!!
-يوسف صاحبى
جز على اسنانه محاولا السيطرة على عصبيته، غمغم بحنق قائلا بسخريته المعتادة التى لم تفهمها صغيرته
-لا ان كان كده ماشى، انا اطمنت عليكى
اومأت شمس برأسها، وكانها بحاجة الى تأكيد والدها كى يقر بعلاقة الصداقة التى توطدت مع يوسف.. او ربما هى بحاجة اخ
وحقًا يحتاج لامراة لتجلب له اخ لصغيرته، ربما تكف وقتها عن الالتصاق بيوسف!!
نداء طفولى خجل خرج من الذي يسكن افكاره ويقتحم حياته هو وصغيرته، ليلتفت الى مصدر الصوت الذي صدر من خلفه
-شمس
عينيه تحدقان بذلك الزئرد الصغير، ملابسه التى لا يوجد بها أى غبار، وتصفيفة شعره المثالية جعله يحسد هذا الصغير على مثاليته المتكاملة فى هذا السن الصغير، بل وحرصه على نضافته وبدا هذا يعكس بالسلب على صغيرته التى بدأت تهتم بعدم انزلاق اى طعام على ثيابها.. طبعًا الحديث عن الملابس لا علاقة له بشعرها المشعث جراء فرط حركاتها!!
اخفض بقامته نحوه وترك شمس تقف تنظر لهما بهدوء، ليرى يوسف يمد بيده الى ورقة رسم بيضاء متأكد انها منه وقد تنازل عنها لصغيرته، وقال بنبرة طفولية بها نبرة احترام كبير له وخجل طفولى
– بعد اذنك يا عمو، شمس نسيت رسمتها
ويستأذنه!!
ويلتاه
يخشى المرة القادمة يستأذنه ليذهبا الى حديقة الالعاب!!
والانكي يشترى لها الحلويات التي يحرص كل الحرص ألا تتناولها إلا على فترات قصيرة، طبقًا لنصائح غالية من أسرار المشرفة على تناول طعام الصغيرة والشيف الشامى الذى يدللها بطعام صحي من كعكتها اليومية التى تحتفظ بنصيب له ولتوأمه.
سأله بعبوس، وهو حقًا يحاول فك شفرات هذا الطفل.. لا يصدق امرأة كغالية تستطيع أن تربي طفلين بهذا العمر
وهو…!!
حسنًا لا يستطيع ان يلجم جماح ابنته المتسلطة قليلة كمثله!!
-انت متربى كده، ولا ده شو قدامها
عقد يوسف حاجبيه بعدم فهم، مما اضطر نضال يجز اسنانه قائلاً بطريقة يفهمها الصغير
– امك وابوك علموك تعمل كدا!!
اومأ يوسف بهزة رأس ايجابية جعلته يقترب منه قائلا بحدة
-وابوك بقى مقالكش تبعد عن الشر وتغنيله
بدى الطفل حائرًا، بل المعنى الادق لم يفهم مقصده، مما جعل نضال ينظر إلى صغيرته المستائة للغاية من معاملته لصديقها، مما جعله يغمغم بضيق
– امك لسه مجتش مش كدا!!
رفع الطفل عينيه بطفولية إليه، وعينيه تلمعان بقوة قائلا
-يحيي قالى انها هتتأخر شوية، ممكن شمس تقعد معايا لحد لما تيجي
يحلم أن يعطيه ابنته، هو سيغادر ابنته، وليرسم هو منتظرًا والدته!!
سأله بجمود وهو يرى اختفاء النسخة الهمجية منه
-واخوك فين
اجابه الطفل بحزن حقيقي تلك المرة
-يحيي مش بيحب الرسم، بس شمس بتحبه
رفع عينيه تجاه الصغير الماكر، يلعب على أوتار ابوته لينظر الى ابنته التى هتفت نحوه بتوسل
– بابى بليز خلينى معاه
ساومها ابوها قائلا بنبرة ماكرة
– فيه كيكة رهف مجهزاها ليكى لما نرجع
لمعت عينا شمس لثوانى ثم رنت بنظرها تجاه يوسف العابس، ووجهه احمر بحرج وخجل شديد كان سيستأذن مغادرًا إلا أن شمس قالت
– هاكلها انا ويوسف بكرا، هحطها فى اللانش بوكس بتاعى
انفرج وجه يوسف وحدق نحوها بسعادة لينظر ثانية الى والدها الضخم قائلا بتوسل
– من فضلك يا عمو
زم نضال شفتيه، وتوسل عينا الطفل الشبيهة كالجرو الصغير .. حسنًا تؤرقه
بل تجعله يرضخ لطفل غريب ليس من نطاق عائلته وهذا مؤشر سيء له
غمغم بيأس حانق
-انت متربى بطريقة غريبة وده مقلقني منك
اعطى موافقة مبدئية مشيحا بيده بلا مبالاة
-خليكم قدام عيني
انشرح اساير كلا الطفلين، ليتقدم يوسف نحو محتضنًا اياه وقد وصل رأسه نحو فخذه مجيبًا اياه
-شكرا جدا يا عمو
تيبس جسد نضال لثواني، وهو يشعر بتلك الحاجة مرة اخرى
طفل
طفل آخر
طفل يشبه ذلك اليوسف
يكون له!!
غمغم بفظاظة شديدة
-مبحبش الاحضان من ولاد، ستات بس
ضيق يوسف حاجبيه بتفكير قائلاً
– يعني لو كانت شمس ولد مكنتش هتحضنه
ارتفع حاجبا نضال، وقد اوخذ على غرة من هذا الزئرد ليقول بيأس
– لمض ودماغك واسعة، وشكلك مش ساهل زي ما بتبين
انطلق الطفلين بسعادة نحو أسفل الشجرة التى اعتاد رؤيته بهما، ويبدو أنها القطعة الخاصة بالصغير.. شرد ببصره بعيدًا وهو يرى الصغير مبسطًا كفيه تجاه كراسة رسمه يبدو انه يشرحلها عن رسمته الجديدة وصغيرته تستمع بإنصات واهتمام شديدين.. تأوه بوجع حقيقى حينما شعر بقذيفة نارية تجاه ساقه ويحيي يرفع بساقه يركله بتهور مما صاح نضال بحنق
-يابن المجنونة
امسكه من تلابيب قميصه ويبدو أن غالية لم تربى الصغير الاخر كما يجب، ولم تستطيع الجام جموحه.. صاح يحيي بحنق وغضب طفولي
– ابعد عن اخويا
أعجبه تلك الحمية الاخوية منه، حسنًا هل باستطاعته الآن أن يأتي بتوأمين
زمجر نضال برعب ارعد فرائص الصغير
– اسمع بقى يا فرقع لوز… كون انك تطلع عضلاتك الكدابة دى على نضال الغانم تنساها، انت فاااااهم
لوهلة لمح دموع ابى الصغير أن يظهرها، وتلك شجاعة كبيرة من الطفل الذى يلتمس به رجولة مبكرة .. حاول ان يبتعد عن قبضة هذا الرجل الذى لا يطيقه ولا يطيق ابنته ليهدر فى وجهه بعنف وكراهية
– متقربش منه، مش بحبك ولا بحب بنتك
نظر نضال له باستخفاف ليبعده عنه مسافة مترين قائلا باستخفاف
-ولا انا طايقك، مشاعرنا واحدة
زم الصغير شفتيه بحدة، والغضب المتلألأ فى حدقتيه بعكس الوديع الصغير جعله ينظر اليه بنظرات صارمة رأى بها اجفال الصغير وخوفه ولم يشعر سوى ان نطق بصوت مرتفع
-انا بكرهك
هم بالتحدث، ويكرر له أن مشاعرهما متبادلة.. الا ان صوت انثوى حازم صاح من خلفه
-يحيااااااااا
رفع عيناه تجاه غالية، وأشرقت ملامح وجهه وهو يراها تقترب بكامل بهائها
هل يلاحظ تغيرًا فى ملابسها العملية الملونة
أم أن عينيه اعتادت على ملامحها الهادئة المغلفة بحزم امومى وهى تحدث صغيرها قائلة بعتاب حازم
-اعتذر حالا
نظر الطفل بعبوس شديد، والحنق يعتري ملامحه ليغمغم بيأس
-ماما
إلا أن نظرة الأم الصارمة، يعترف اخافته قليلا وهو يسمعها تغمغم بحدة
-حالااااا
زم الطفل شفتيه بمعارضة واضحة، إلا أنه لا يملك سوى الاستسلام لرغبة والدته وان كان رغم أنفه ليقول بحقد
-اسف
ارتسمت ابتسامة ناعمة نحو صغيرها لتعبث بشعره الذي كان مشعثا بالفعل قائلة بصوت حنون
– روح هات اخوك وتعالى
أومأ الصغير رأسه وهو يتحرك دون أن ينسى برمق نضال نظرات نارية استغربها نضال في بادئ الأمر ليغمغم قائلا باعجاب
– مسيطرة
الا نظرة الحنون اختفت مع رحيل طفلها لتنظر نحو بحزم واضح قائلة بحدة
-متستناش انى اعتذرلك على تصرفه
هز نضال رأسه بلا مبالاة قائلاً
– مش منتظر منك حاجة يا غالية
نظر نضال تجاه غالية بفضول شديد، عينيها تلمعان كألف نجمة فى ظلام سرمدى… هذه نظرتها تجاه أطفالها،
لا ينكر انها تعجبه بطريقة ما!!
غمغم بنبرة ذات مغزى و عينيه تمشطان جسدها فوق ثوبها العملى الوردى
– المرة اللى فاتت مشيتى ومكملناش كلامنا
حدقت تجاهه بدهشة سرعان ما نظرت تجاهه بجدية، وعينيها تنظران اليه بترفع تام لا يعلم من أين تجلب هذا
هو نضـال الغـانـم بعزته وجلالته، تنظر إليه امرأة لا يرى أى جاذبية بها سوى عينيها وطفليها و…..، تلكأت عيناه قليلا نحو جسدها
وحسنًا تمتلك جسدًا ذو منحنيات خطرة، وان كانت تداريه بثوبها، لكنه نضال الغانم بالنهاية!!
ابتسم بغرور وهو يرى ملامحها المتحفزة مجيبة اياه
-كلام ايه؟!.. اه تقصد عن طليقتك
ثم شرعت بإخراج سيفها أمامه لتقول ببرود جاف ككلماتها الرصاصية
– عايزها ليه ترجعلك تانى، يمكن عشان هى خلعتك وعايز تنتقم منها، نزعة بدائية منك عايز تعمل كدا، او كبرياءك لسه واجعك من الموضوع ده، او حاجتك ليها لسه مخلصتش مش كدا!!
هم بالتحدث إلا أنها وجدها تقترب منه قائلة بحدة
– طول ما بتعامل الست بضاعة او اداة متنفس لرغباتك انسى انها تكون تحت طوعك، وانا استحالة اعمل كده معاها
ضم يديه في جيب بنطاله، والنظر الي عينيها ممتع
عينيها تلمعان مع غضبها، وهذا شئ اخر يكتشفه فى تلك المرأة
يحاول جاهدًا معرفة كيف تركها طليقها هكذا حرة، تغوى راهب كحاله.. وهى أمامه كحلوى لاذعة يشتهى تناولها
– محتاجها
قالها بنبرة اجشة، ونظرات عينيه الداكنتين أثارت رعب غالية، وهى تعى مدى اقترابها الجسدى منه.. ابتعدت عنه وهى تهمس بنبرة باردة
-قولها كده
وعينيه هو تمران على انحناءات جسدها التى يستطيع رؤيتها بين نسيج قماشها، انه يتحرش بامرأة
اللعنة عليه، يتحرش بامراة تمتلك مهرين صغيرين.. ماذا ستفعل اسرار حينما تعلم!!!
لمعت عيناه بعاصفة الرغبة وهو يقول بنبرة قاسية
– مش راضية تفهم حاجتى ليها
فغرت غالية شفتاها وهى تنظر الى اثر طفلها الذى تأخر لتهمس بتهكم
-ده انت على كده بتموت فيها
تمتمت بحنق بعد زفرة حانقة منها ومن وضعها الميؤوس الذي لن تتخلص منه سوى بعودة اطفالها وعودتهما نحو شقتهما الهادئة
-خلاص اعمل اللى هى عايزاه
عصفت ذهبية عينا نضال بوحشية، ليزأر بغضب نارى متملك
-اسيبها!! استحالة
تلك المرة لم تمتلك غالية سوى ان تهدر في وجهه بعصبية
-بطل تفكيرك الانانى ده شوية، اعترف انك خسرتها .. سيبها فى حالها
حدق إلى عينيها الثائرتين، وهو يراها كمهرة جامحة.. لم تروض حتى بعد طفليها، لعن طليقها للمرة الألف وهو يغمغم بمشاكسة
– انتى بتقوليلى الكلام ده ليا، ولا لطليقك اللى مش سايبك
اجفلت من كلامه، ويبدو أنه أخذها على حين غرة، لتجلى حلقها وهي تمتم ببرود
– انا وهو زى قصتك مع فرح، استحالة تكمل
رفع عيناه الى ركن قصى حيث رجل بملابس سوداء منتصف العمر، يلاحظه دائمًا حينما تكون غالية فى البؤرة يسير خلفها كالظل، ابتسم بسخرية وهو يغمغم لها قائلا
– واضح، بإمارة انه معين مخبر عشان يديله تفاصيل حياتك مع اولادك
رفعت غالية عينيها تحدق نحو المخبر الذى يتابعها وما أن لاحظها حتى ابتسم ببرود، وهو يبتعد عن مجال رؤيتها لتعود بنظرها تجاهه قائلة ببرود جليدى
– يعمل اللى يعمله، مش فارقة
ثم القت نظرة خاصة تجاهه، وكأنها لا تعلم أنه يقوم بهذا الأمر تجاه صديقتها فرح التى ضمتها تحت جناحها.. لتقول بنبرة ذات مغزى علّه يفهمها
– كتر القيود مش بتروض يا نضال
لوى نضال شفتيه ساخرًا، وهو يعلم أنها تشير تجاه فرح.. رأى اقتراب الطفلين لتحتضنهما معًا قائلة بحماس امومى
– يلا يا حبايبي، محضرالكم مفاجأة فى البيت
هلل وجه الطفلين حتى ذلك المدعو بيحيي اختفت معالم الحنق من وجهه، قالت غالية بنصيحة لا تعلم لما قدمتها له
– زى ما بتهتم بيها، اهتم باللي حواليك.. انك تجرى ورا سراب هيتعبك
الا انه كان بعيدًا جدًا عن نصيحتها، عيناه تلتهمان ملامحها الامومية وقد زادها بهاء فوق ملامحها الهادئة من وجهه نظره، نظر اليها بعمق قائلا بصوت أجش
– يمكن لو كنا فى ظروف مختلفة مكنتش سبتك
رفعت غالية حاجبًا مستنكرًا قائلة
– ده على اساس ايه بقى!!
اخفض عينيه وهو ينظر تجاه صغيريها، الطفلين اللذين يرغبهما بحاجة موحشة، ليقول بغموض
– حاجات كتير، اولها انك متتسابيش.. تربي عيال بالشكل ده صدقيني مش بالساهل انك تتسابى وكنت اتجوزتك
شهقة انفلتت من شفتى غالية، وهى تحدق تجاهه بصدمة، حتى الطفلين بدًا لم يستوعبا ما قاله.. الا ان يحيي أول من تخلى عن صمته ليزمجر بوحشية
– مامى لبابى بس
التفتت غالية بدهشة وبدت فاقدة السيطرة عن ما قاله ذلك المخبول، لتهمس بعتاب تجاه صغيرها الحامى الطباع
– يحيي
زمجر يحيي بوحشية تجاه نضال، مخبرًا اياه بوضوح أن والدته خط أحمر.. ابتسم بانتعاش والصغير لا يدرى انه هكذا يجذبه الى والدته اكثر، وان التحديات التى أمامه يكسبها بجدارة!!
سمع همس غالية الحاد
– نضال اللى بتقوله ده مينفعش، الناس هتفهم غلط
نظر الى الصغير بتحدى وهو يرفع عينيه تجاها قائلاً
-بالعكس بتكلم جد، لو فى ظروف تانية كنت اتجوزتك انتى، انا ببنتى وانتى بعيالك
زمت شفتيها بحزم وتلك المرة يوسف ويحيى يزمجران بوحشية.. يبدو أن الوديع ليس بوديع، بل كذئب صغير مخادع.. استمع إلى زمجرة الأم قائلة
– لولا عارفة الكلام بتاعك هزار، صدقنى مكنتش عدتهالك
جذب يوسف يدى والدته قائلا بنبرة قوية متخليًا عن لطفه الزائف كما توقع
– مامى خلينا نمشى
حدجه الصغيران بنظرة قوية نارية، مما جلب البسمة لشفتيه … نظر بعينيه تجاه صغيرته العاقدة ساعديها قائلة بنبرة طفولية متزمرة
– انا مش عايزة
رفعها بقوة على ذراعيه قائلا بمشاكسة نحوها
-اهدى يا غيورة، انا بس بحرك الماية الراكدة
الا ان الصغيرة لم تهدأ، ولم يملك الأب سوى أن يطبع قبلة على جبينها ليهمس لها قائلاً
– بابا قلبه لشمس وبس، التانية متستحقهوش
نظر إلى صغيرته لتؤكد لها كلامه، مشيرًا تجاه خائنته، لتهز الصغيرة قائلة
-صح
******
زفرت جيهان بحنق للمرة الألف وعينيها معصوبتين على أوامر وسيم الذي جهز لها مفاجأة كما قال.. لم تشعر سوى بتعب وارهاق والصداع وهى ماكثة في السيارة لساعات تكاد تقسم من كثرة الملل انها تعدت العشرة.. هذا على سبيل المبالغة..
شعرت بسكون سيارته اخيرا، وصوته العابث يقول
-جاهزة
تأففت بحنق وهي تخرج من السيارة لتصطدم بلفحة هواء بارد محمل باليود، لتخلع عصبة عينيها وهي ترى نفسها أمام مرسى يخت خاص بعائلته، يكفى الشعار المميز كوضوح الشمس في مؤخرة اليخت لتسقط فكها ببلاهة وهي ترى يحمل حقيبة ظهر خفيفة مشيرًا لها بالتقدم
اللعنة عليه
هل آتى هنا ليغرر بها؟!
بل الأفظع.. ليتمم زواجه
ام اغتصابه تحت عقد زواج!!
عضت على باطن خدها، وافكارها السيئة تزاخم عقلها، ويقين داخلى تعلمه.. ان اقترب هذا الاشقر ازرق العينين سـ تستسلم له برضا تام.. وربما ستشاركه صخبه
لكن والدها
تجهمت ملامحها وهى تصرخ فى وجهه
-انت جايبنى اخر الدنيا، عشان تودينا حتة خلا يا وسيم
ابتسم وسيم بمشاكسة لطيفة وهو يغمغم
– هننزل نتعلم السباحة
سكن الذعر في ملامحها وهي تراه يسحبها تجاه اليخت لتستسلم له صاغرة وهي تتوجه معه لقمرة القيادة متحركًا باليخت بعيدًا عن اليابسة لتغمغم بذعر وهي ترى ابتعاد اليابسة عنها
-استحالة، وفى بحر انت بتحلم
غمغم وسيم بصلابة، وازداد اصراره ان يكسر حاجز رهبتها المياه، يكفى عقدتها حينما سقطت من الباخرة فى حفلة عيد ميلادها وبدت تشعر برهبة وخوف شديدين من المياة..
جيهان يجب أن تواجه ما يخيفها حتى لا يعوقها أى مخاوفات فى حياتهم القادمة..
هو كثير محب السفر للشواطئ والساحل وهى بطبيعتها تحب اليابسة والأرض..
نزع عنه القميص القطنى ليقف أمامها عارى الصدر مبرزًا عضلات جذعه العضلية مما جلب حمرة طفيفة الى وجنتيها قائلاً
-الموضوع سهل متخافيش
واتبع بقوله حينما أوقف اليخت وتحرك بعيدًا عن قمرة القيادة، رافعا ذراعيه ليفله النسيم البارد من البحر بانتعاش شديد اشتاقه، تقدم نحو الحافة وجيهان تتبعه بذعر شديد
– وسيم بجد ابعد شوية خايفة لتقع
حدق فى عينيها ليهاله الذعر المرتسم فى وجهها، ابتسم بعبثية وضربات قلبه تصرخ مهللة.. الشقية تخشى عليه حتى من ما يحبه!!
هل استوعبت ما كانت تقوم بفعله فى رحلاتها الجامحة في الأدغال، وما مقدار القلق الذي اكتنفه وهي بعيدة عنه.. غمغم بعبثية
– يعنى لو وقعت هتنزلى وتنقذينى
شهقت جيهان بصدمة جراءة لوقاحته فى الاستهانة من ما تخشاه، عينيها لا اراديا تنظر اليه والي البحر الذي سيستقبله أو يبتلعه بالصيغة المُثلى .. لتتجهم ملامحها قائلة بحدة
-انت بتعرف تعوم انا لو نزلت هغرق يا ناصح
انفجر ضاحكًا بعبثية وهو يغمز لها قائلاً ببساطة
-افرض جانى شد عضلى
جزت جيهان على اسنانها، ومقدار ضبط النفس الذى تكابح لتهدئته يستفزها، اللعنة لما هو بهذا الهدوء؟!!
غمغمت بغضب جلى
-هرميلك اى حاجة تتشعبط فيها، مش محتاجة ذكاء
تنهد يائسًا وهو يقترب منها محاولا احتضانها من الخلف وجذبها اليه، الا من كثرة محاولاتها للافلات من قبضته أدى إلى سرعة جذبه الى الحافة.. ليتخشب جسد جيهان لثواني وهي تنتفض بذعر قائلة
-اوعى تعمل اللى بتفكر فيه، والله فيها زعل جامد
اقترب بشفتيه يهمس في اذنها بهمس أجش
-جمدى قلبك يا وحش
أغمضت جفنيها ونبرة الصدق الذى غلف صوته سحبها الى غمامة ناعمة جعلتها لم تنتبه كونه حملها وقفز بها نحو عمق البحر
صراخ مرعب شق سكون المكان ثم صمت عم المكان حالما سقط الجسدين داخل المياه الدافئة، تشبث وسيم بها بقوة وهو يصعد بها نحو سطح البحر.. شهقت جيهان وهى تحدق فى وسيم بذعر مغمغة
-وسيم، وسيم انا بترعب
اقترب بجسده يجعلها فى حضنه ليهمس لها بصوت خشن
-ثقي فيا، عمرى ما هسيبك الا لما اموت
رفعت جيهان عيناها تحدق نحو عينيه الباردتين
زرقاويه .. تبًا لهما، تحبهما رغم برودتهما، يلفها بدفء عكس ما توقعته، همست بخشية وهى ترفع اناملها تلمس خصلات شعره التى غطت جبهته
-بعد الشر، متقولش كدا
ابتسم بجاذبيه جعل قلبها يتضخم أكثر وتغرق فى حب هذا الرجل أكثر وأكثر، غمغمت ببؤس
– بعدين انا عروسة على وش جواز، مش عايزة اترمل قبل الجواز
تلك المرة لم يمتلك سوى ان ينفجر ضاحكًا وهو لا يصدق تفكيرها بعقلها الصغير، شعر بها تتملص من قبضته ليحكم قبضته حول جسدها وهى تتملل بحدة قائلة
– بتضحك على ايه
لعب بحاجبيه بشقاوة قائلاً
-تصدقى المرة دى هسيبك بجد
تلك المرة لمعت عيناها بذعر حقيقى لتلتف ذراعيها حول عنقه قائلة بخوف
-وسيم اوعى بجد انا بخاف
تضخم قلب وسيم، وقربها اللين منه، بملابسها التى التصقت بسبب المياه مبرزًا انحناءات انوثتها جعل رجولته تزمجر بقوة.. يحاول يستغل هلعها عليه ويتقرب لينهل من أنوثتها
لكن رجولته، وتوصية ابيها جعله يتخشب ليستغفر قائلاً
-مالك مكلبشة فيا كده ليه، خلى بالك لاحسن اعملك قضية تحرش
إلا أن مزاحه لم يلقى صداه نحوها، لتنفجر باكية وهي تركن براسها على ذراعه لينخلع قلبه وهو يمسك راسها ليقع عيناه على دموعها ليقول بأسف
-انا اسف.. متعيطيش والله اسف
مسح دموعها وهى تبكى بصمت ليهمس بصوت أجش
-كنت بحاول اخليكي تكسرى رهبة الخوف بس
الا ان صمتها كان مقلقًا له، همس بذعر حقيقي
-جيهان
توجه بها نحو الباخرة ليجعلها تصعد عليه، ثم صعد خلفها وآتى بمنشفة كبيرة ووضعها حول ذراعيها .. جثى أمامها ليسحبها بقوة الى ذراعيه وشهقاتها كتمه صدره.. لعن تسرعه وغبائه ليشعر بدفعة عنيفة منها ليرفع عينيه ببلاهة وهي تزمجر بوحشية فى وجهه
-بكرهك
اقترب منها محاولا تهدئتها قائلا باسف
-اسف
إلا أنها كانت بعيدة عن وعيها، لتلكزه بقوة في صدره صارخة
-بكرهك
جذبها بهدوء الى حضنه ليشدد ذراعيه حولها قائلاً بهدوء
-حقك عليا، انا غبى
بكت بحرقة وهى تدفعه من صدره بلا حول ولا قوة
-بكرهك.. مجنون وغبي
طبع قبلة على جبينها مغمغمًا
-حقك عليا، مش هكررها تانى
تراخت اعصابها، لتركن رأسها على صدره متنهدة بضيق، غمغمت بحنق متأثر حال غياب شقيقتها من المنزل
لأول مرة تشعر ان غيابها خنيق بهذا الشكل
تشعر ان عماد المنزل غاب، وابيها متأثر بشكل مضاعف لرحيلها الخاص بالعمل
يا ليتها لم تشجعها للذهاب
همست باختناق لتضع احمالها عليه
– غياب شادية مخليني مش ماسكة اعصابى، عارف اول مرة احس ان انا مسؤولة منها، حتة الاهتمام الزيادة اللى كانت محوطاني بيها وقت ما كنت بسافر واتصالها بيا كل شوية برغم انه كان بيخليني متنرفزة ظاهريا وكنت بهددها اني مش هرد تانى لو اتصلت، بس جوايا مبسوط اووى انها مهتمة بيا.. دلوقتى السحر اتقلب على الساحر وبقيت كل ساعتين بتصل بيها
جففت الدموع بأناملها ويدها الاخرى متشبثة بالمنشفة لترفع عينيها ناظرة الى عيني وسيم الهادئتين.. صمته وتفهمه جعلها تسترسل قائلة
– بابا رغم انى شايفاه مرعوب عليها بس مش بيتكلم، بتفكرنى بنفس نظرته لما كنت بسافر لاماكن ممكن ميكونش فيها تغطية بس شادية اضعف منى يا وسيم
ضيق وسيم عينيه بعدم تصديق لما تتفوه به جيهان، كيف لا ترى التغير الذى طرأ عليها
حتى وإن ظاهرت بالصلابة كما يرونها، لما لا يشعرون ان بالفعل طرأ تغير عليها
وكله يعود بعلاقتها التى انتهت بدون معالم بسبب الأجنبي ليقول بشك
– انتى لسه شايفة كده!!
صمتت جيهان لبرهة بعد ما تفوه به، لم تعود لنوباتها السابقة والسابقة تعنى الملعون معاذ، وليست ساخطة من جسدها .. بل بدت اشبه براضية لما حدث لها، غمغمت بضجر
-مش عارفة، بس مش قادرة اشوف حاجة تانى غير ده، هى مسؤولة منى
ارتسمت ابتسامة واسعة على شفتى وسيم، التقطتها جيهان خطئًا لتلكزه بحدة على صدره قائلة بعنف
-بتضحك على ايه
تأوه وسيم بتوجع وهو يمرر كف يده على صدره قائلاً
– حبى ليكى بيزيد كل يوم
رمقته بشك لتغمغم ساخرة
– لا والله!!
امتعضت ملامحه وهو يقترب بوجه منها قائلاً بصوت ابح يخلب عقلها كحال المستمعات لبرنامجه
-متفصلنيش من الجو الشاعري
مالت رأسها محدقة في وجهه لبرهة قبل أن تتمتم
-تصدق وتؤمن بالله
اجابها بهدوء وعينيه تمعن النظر فى ملامحها عن قرب مما اصابها بالارتباك
-لا اله الا الله
دفعته بغلظة شديدة لتستقيم من جلستها قائلة بحنق
-بابا عنده حق انه مبقاش قريبة منك من وقت كتب كتاب، ارجع بينا البيت
زمجر وسيم بوحشية وهو يقول بنفاذ صبر
-ما هو مش هسيبك غير لما نتفق على الفرح
عضت باطن خدها وهى تنظر اليه بحنق بالغ
-كلم بابا
ضيق عيناه بعبوس ليغمغم بصلابة
-عايزه آخر الشهر
هزت راسها بلا مبالاة قائلة ببرود
-شادية مش هترجع اخر الشهر، هتيجي الشهر الجاى
هسهس وسيم بوحشية وهو يقترب منها وعلامات الصبر نفذت من وجهه الوسيم
-جيهان
تلونت وجنتيها بالحمرة من الخجل والحرج فى آن واحد لتهمس بارتباك
-لما ترجع هنتفق
هم بالرد إلا أنه نظر الى تراجعها وتوتر ملامحها ليهمس
-خايفة منى؟!
رفعت وجهها بـ اباء قائلة ببرود
-واخاف منك ليه
تنهد بأسى ليقول بنبرة أشبه بالتوسل
-وافقى
تنهدت بيأس ولا فائدة من الحاحه، لتغمغم
-وقت ما شادية ترجع، حدد الميعاد اللى يعجبك بس قبلها تكون مجهز فستان الفرح
التمعت عيناه بتسلية متوحشة، اخافتها
تقسم أنها شعرت أن الذي أمامها ليس بوسيم الذي تعرفه ليقول
-متقلقيش فستانك جاهز من قبل فرح وجد
تأمل ان والدها أن يؤجل الأمر، واضعًاأى حجج كالشهور السابقة لتقول
-بس فاضل انك تقنع بابا
خيمهما الصمت لدقائق قبل أن تشهق جيهان بهلع باحثة عن حقيبتها
-يخربيتك، المفروض اتصل بشادية دلوقتى
تنهد وسيم بيأس وهو ينظر الى
*****
خارج البلاد،،
وتحديدًا فى احدى البلاد التى تهتم بالأزياء الفاخرة ومتاجر ثياب باهظة الثمن..
تنهدت شادية بضجر وهى تتصفح الأخبار الأجنبية بعد نجاح مناسبة ذلك المدعو بداوود
هزت رأسها بيأس وهى تلتقط خبر بعينيه عن شائعة التصاق داوود بالكامل لها فى الحفل
لا تعلم إلى أين يريد أن يصل بهذا الأمر
ان كان يريد استفزاز واثارة حنق سرمد، فما السبب الذى جعل داوود يكرهه الى هذا الحد؟
ماذا فعل سرمد ليكن داوود كل تلك العدائية؟!
مسدت صدغها بتعب شديد، وكل عصب فى جسدها يحفزها أن تقوم بقتله فى التو واللحظة
لم يكتفى منذ مجيئها بإسبوع مع طاقم فريقها بالكامل وخاصة نجوى الذى كان شبه ملتصق بها، والفتاة حاولت بقدر الامكان أن تكون عملية وتتصرف.. لكنه لم يلقى بالا بأي شئ
ضاربًا بكل تعليماتها بعرض الحائط كالأحمق الآخر، تأكدت من خصلتهم تلك أنهما اقارب..
انتبهت على وضع النادل لقدح القهوة التى طلبتها وحينما مدت يدها لتلمسه، تذكرته هو
تحذيره لها من القهوة، وعن مدى الأضرار الجسيمة التى تقع للمرأة
فغرت شفتيها بصدمة وهى تتذكر غزله بها، لما الآن تتذكر غزل ذلك الايطالى؟!!
أغمضت جفنيها بيأس ولسانها تلقائيًا يرفض القهوة طالبة بأي عصير طازج.. والنادل لم يملك وقتًا للسؤال عن رفضها للقهوة بل سارع بأخذها واملاء طلبها الجديد..
تنهدت للمرة التى لا تعلم عددها ونظرت نحو الفراغ..
جاء صوت أجش رجولى يقتحم انعزالها التام عن الجميع
-هل أعجبتك المدينة؟
رفعت بصرها لتحدق نحو عينيه، تحاول معرفة لونهما.. تراهما احيانًا بركتى من العسل كـ الآن واحيانًا آخرى كليل سرمدىّ، ابتسمت ببرود وهى تجيبه وعينيها محدقة نحو نقطة فراغ
-ليست سيئة، البلاد كلها سيان بالنسبة لى
هز داود رأسه بلا معنى ليسحب مقعدًا بوقاحة ويجلس عليه تحت نظراتها اللامبالية.. عائلة النجـم حتمًا يحتاجون دروس مكثفة عن قواعد اللباقة والآداب!!
ارخي ساقيه واضعا يده على ذقنه، متفرسًا فى ملامحها السمراء بجمود
ليقطع الصمت المريب بعد وضع النادل لعصيرها وادلاءه بكوب قهوة قائلاً
-غريب امرك يا شاديااه، توقعت أن تكونى مثله
عضت على باطن خدها بقسوة، وكلامه يجلب ذكريات لا تود تذكرها فى تلك اللحظة!! تلعن أى ذكرى أو أى حديث عابر مر بها مع هذا الايطالي
رباااه
أى شق حديث لم يصلوا إليه بعد؟!!
ربما لم يصلا الى تسمية أطفالهم
اطفال!!! نكست شادية رأسها بخزى تام، وافكارها المنحلة تلعنها بقسوة.. فى ماذا تفكر هى؟!!
أى اطفال منه؟؟.. رفعت عيناها تحدق نحو الحائط غير مكترثة بالقاء نظرة تجاهه لتقول بجمود
-هو يعلم انني لست من هواة السفر
أطلق داود صيحة متفهمة وهو يغمغم بسخرية
-تفضلين العيش فى موطنك
تلك المرة رفعت عيناها الجامدتان تنظران نحو عينيه الخاويتين.. ليستا خاويتين .. بل كجمرتى من الجحيم لتهمس ببطء شديد
-من لا وطن له .. يكون فاقدًا هويته، اعتزازه وفخره، من لا وطن له.. يكون انسان ميت .. أجوف
طبق الصمت يغلفهم، ويبدو أن ردها جعله منقلب الوجه، ساخط الملامح، حانق التعابير، سرعان ما سكن تعبير هادئ على وجهه وهو يقول
-احببت ان اشكرك على حفل امس
اى حفل امس؟!!
هل يقصد انعدام الذوق؟ والمسافة الشخصية بينهما؟! لا تود التعامل مع والدها الآن
يكفى انفجار شقيقها الحاد وهو يخبرها انه سيكون هنا عند المساء ليعودا معًا الى القاهرة!!
ارتشفت من عصير البرتقال بهدوء وهى تحدق نحوه ببطء
تتخذ نفس تكتيكاته .. ليقابلها بابتسامة ماكرة جعلها تهمس ببرود جاف
-توددك لى أمام الصحافة لا احبه يا سيد داود، لا تفكر اننى غبية كى لا افهم أى لعبة ترغمنى على لعبها معك
هز داوود رأسه باستحسان، ويبدو ان السمراء تجارى اللعب معه، لتتسع ابتسامته وهو يميل بغتة نحوها هامسًا بنبرة أجشة، تكاد تقسم ان نصف النساء هنا يكدن يسقطن صرعى تحت ملامح سطوته الحادة
-وما هى تلك اللعبة؟
مالت هى الآخرى لتقع كهرمانيتها على عسل عينيه .. رحلة عينيه بدأت من منابت رأسها المغطاة الى شفتيها المطليتين بملمع شفاه لتجز على اسنانها بحزم
-اكثر ما اكرهه ان يتم استدراجى واستخدامي كبيدق فى لعبة أحدهم، ولعبتك انت مع قريبك من الأفضل أن تنهيها نهائيا بعيدًا عنى
تراخى على كرسيه ناظرًا لها بعبثية واضحة، ليقول بصراحة تتشابه كثيرًا مع الآخر
-شادياااه .. لم ينفع معه أن أجبره على شئ حتى مع اختلاقى لمشاكل في عمله، لما لا تستوعبين انك اهم من حياته
شعرت بغصة فى حلقها جراء صدق حديثه، رفعت عينيها إليه لتراه يتابع ببرود تام
-وبفضلك استوليت على عدة فاتنات في عمله واصبحن تحت ارادتى، بفضلك اصبحت اقوى منه
وضعت الكوب بحدة على الطاولة لتزمجر تلك المرة بوحشية لبوة تدافع عن المملكة فى غياب الزوج الجريح
– وهل تسمى الطعن في الظهر شرف؟! لم تستطيع محاربته وهو على قدميه، اتحاربه الآن وهو طريح الفراش
لمعت عيناه بوحشية، جعلتها تتراجع قليلاً، بل تدرك إلى أى مسار تقحم نفسها به واستدرجها إليه، ليرد ببساطة
– نعم، ولم اندم على فعلها
الغضب والقسوة التى تلمعان فى عينيه لقريبه لا تصدقهما
ماذا فعل هذا الأحمق به لكى يكرهه الى هذا الحد؟! حتما يكاد فضولها يدفعها الى معرفة هذا الأمر.. هزت راسها باستنكار تام لما تسمعه بأذنها لتقول
-كيف تفعل هذا؟! من أي طينة أنت مصنوع
ارتسمت ابتسامة على شفتيه ونظر لها بهدوء قائلاً بوقاحة
– عزيزتى، نحن هكذا.. ربما صادفت ان قابلتِ حبيبك واغراكِ بهمساته التي أيقظت النيران فى جسدك
رأى شعلة النيران فى حدقتيها، يبدو أنه ضغط على الجرح المناسب، وود لو رآها تصرخ فى وجهه ليسترسل قائلاً
– لكن انا .. بعكسه، جميعنا صيادون لكن استراتيجيتي مختلفة، لا اجذب فريستي بطعم.. بل انقض عليها حية، عيناها بداخل عيني
انتظر ردها
كان على أحر من الجمر لمعرفة ردها، ولم تتأخر عليه إذ أجابته قائلة بهدوء منقطع النظير
– يبدو انها ليست كالأخريات
ضاقت حدقتيه متفرسًا فى ملامح وجهها الباسمة بتسلية شديدة ليغمغم
-من؟
عيناها لقطت امرأة شعر احمر تحدق تجاهها بعدائية، لتعيد نظرها اليه قائلة بمكر
-فريستك الحالية.. ألم أخبرك مسبقًا؟! غزالتك من ستسقطك في فخها
تلك المرة ابتسم، وتحولت الابتسامة الى ضحكة مجلجلة أثار انتباه وحفيظة ذات الشعر الأحمر ليتهدأ ضحكاته وهو يجيبها
– لا تستوعبين حتى الآن، لا اسقط في الفخ، انا استاذ تلك اللعبة
القت نظرة سريعة نحو ذات الشعر الأحمر، لا تعلم ماذا تعمل لديه.. ليست مساعدة أو رأتها في عمله، لكن هذا القرب وان تكون تحت ناظريه يثير رعبها.. انتبهت على نبرة صوته الجامدة
– من المتوقع أن يكون رأى صورنا اليوم، انها منتشرة فى جميع الصحف الالكترونية
استمعت اليه بصمت وهو يراها هادئة، وكأن حديثه لا يعنيها بشيء ليتابع قائلاً ببرود
– اعتقد انه نصحك بعدم الذهاب والسفر، وانتى من رفضتى وضربتى بكلامه عرض الحائط.. ربما لو كان يسير على قدمين، لترك ما بيده وقدم هنا مسددًا لكمة ساحقة على وجنتى
قلبت شادية عينيها بملل وهي تنظر اليه بصمت و برود شديد لتقول
-تتحدث كثيرًا
هز رأسه قائلاً بهدوء
-بل أفكر معك بصوت عال
اقتربت بجسدها نحو.. تراه يرتشف قدح القهوة الذى برد قليلاً لتقول
-ما الذى جعلك تكرهه الى تلك الدرجة ؟
غامت بركتي العسل ليصبحا كجمرتين متقدتين من الغضب .. رأت عروق يديه التى برزت وهو يكاد يتحكم بهما كى لا يحدث ما لا يحمد عقابه!!
-لقد ذبحنى، حطم أواصر صداقتنا
قالها بنبرة خشنة.. وكأنه خارج من اعماق جحيمه، لترى ملامحه الوسيمة الحادة استحالتا إلى شيطان أسود.. سألت بتوتر
-أبسبب امرأة ؟
رفع عيناه نحوها وتلك المرة ضحك مجلجلاً جاذبًا انتباه رواد المقهى، لتنظر اليه بيأس شديد وحنق جعله يرفع كف يده معتذرًا قبل ان يستعيد ملامحه الطبيعية قائلاً بسخرية
-المرأة اخر اهتماماتى يا جميلة، اذهبي واسأليه
عقدت جبينها بعدم فهم، لتهمس
-اذهب إلى أين؟
ارتسمت ابتسامة واسعة على شفتيه، كبسمة صياد أوقع فريسته فى مصيدته ليقول ببسمة وهو يسترخي بجلسته
-الى المشفى
حدقت به بصدمة وعدم استيعاب حقيقى ليهز رأسه موافقًا بهدوء قائلاً
-نعم، يتعالج هنا.. اذهبى والقى نظرة على منظره البائس، ربما يثير تعاطفك
رأته يضع بطاقة مدون بها عنوان المشفى .. حدقت نحو البطاقة ثم إليه، محاولة أن تستوعب هل يساعده حقا؟ ام انه يكرهه كما يدّعى؟؟
-داود
همست بها بتعجب، ليقول بجفاء تام وهو يستقيم من مجلسه
– ان لم تذهبي له اليوم، سأعتبر انها علامة خضراء لى لأجعلك ملكى
قلبت عينيها بملل حقيقي لتجيبه
-ظريف
أسند كفيه على الطاولة ليميل بجذعه نحوها، جاعلا اياها تتراجع خطوة ليلتصق ظهرها في المقعد وهى تسمعه يقول بجدية تامة
-لا مزاح فى هذا، برغم انك لست من نوعى.. لكن ربما تثيرين اعجاب مع الوقت
ابتسمت شادية بهدوء وهى محدقة فى عينيه لتقترب منه هامسة بنبرة وعيد
– نسيت ان اخبرك، انك لست نوعى المفضل من الرجال، لا اطمئن لك ابدًا ولو كنت الرجل الوحيد في الكرة الأرضية سأفضل أن أحرقك حيًا حتى لا تتجرأ وتعبث معى بحديث انت لست أهلا له
استقامت من مجلسها برشاقة ساحبة حقيبتها، بعد أن وضعت النقود على الطاولة لتغادر المقهى برشاقة غزالة برية جعل داود المحتفظ بنفس موضعه ساندا كفيه على الطاولة يرمقها حتى غابت عن انظاره، ابتسم لاعنًا ذلك اللعين المحظوظ لأمرأة مثلها
-مثيرة للإعجاب
******
تتحرك فرح بخفة بين أرجاء دار النشر التى وقعت عقدها منذ لحظات
تعلم ان خطوة نشر أى كتاب ولو مجرد خواطر امراة عابرة، شئ كبير وعبء ثقيل، لكن فى لحظة جنون منها وافقت على احدى عروض دور النشر بعد التأكد من مصداقيتها وها هى الآن تتلمس طريق النور..
داخلها معبأ بـ طاقة لا تنضب، القت تحية نحو إحدى السيدات وهى خارجة من الدار لتستقل سيارة الأجرة.. إلا أن سيارة سوداء ذات أرقام مميزة جعلتها تميل رأسها بتعجب!!
هل ما تراه حقيقي أم هي تتخيل ؟! ألم يتوقف حقًا عن فقدان الأمل!!
هزت رأسها يائسة وهى تستقل سيارة الأجرة متجهة بها الى مكتبة العم صلاح .. لقد اشتاقت للحديث معه، وإعطاءه آخر مستجدات حياتها
ربما لم تجرب شعور أن تخبر لأحد ما عن انجازاتها الصغيرة قبل الكبيرة، او حتى شارك احد معها نجاحها الدراسى!!
والديها لم يهتما… وربما نضال لم يكن يهتم بالأمر، فقد كان يتعامل معها معاملة جسدية بحتة، وحينما ثارت وأصرت على عملها كعارضة، فضل التعليم عن العمل!!
تنهدت بسأم وهي ترخي راسها على مسند المقعد..
فى جميع حياتها الحافلة لم تشعر باهتمام ابوى سوى من العم صلاح، انتبهت على صوت السائق منبهًا عن وصوله لوجهته، نقدته وهي تترجل من السيارة لتتوجه داخل المكتبة، ألقت تحية لصبى القهوة
-صباح الخير
اجابها الصبى بابتسامة واسعة
-صباح النور يا استاذة، عم صلاح راح مشوار وزمانه جاى، تحبى تشربى حاجة
هزت رأسها نافية بابتسامة بسيطة لتقول
-لا شكرًا
هز الصبى رأسه بتفهم خارجًا من المقهى، لتلقى فرح حقيبتها على طاولتها المفضلة ثم توجهت الى قسم الروايات الرومانسية ملتقطة كتاب وحينما استدارت تفاجأت او بمعنى ادق تصنعت المفاجأة لتقول بتعجب
-نضال!!
ضم نضال يديه فى جيب بنطاله الجينز، بدى نضال مختلفًا عما اعتادت عليه
منذ متى يرتدى بنطايل جينز، وقميص قطني ؟!! من المعروف عليه التزامه بالثياب الرسمية وإن أراد أن يصبح أكثر جموحًا وجاذبية يتخلى عن سترة حلته مشمرًا ساعديه ويحل ثلاث ازرار من قميصه..
عيناها بلا وعى كانت تتفحص ثيابه.. رغمًا عنها لترفع عينيها الى عينيه الساكنتين من اى انفعال ليبادر بصوت أجش
-مش هسألك عاملة ايه، من شكلك باين انك كويسة!!
القى نظرة عامة حول المكتبة العتيقة، حاولت مدارة ابتسامة وهى ترى تقززه من ما يراه ورائحة الكتب العتيقة ليغمغم بسخط وهو ينفض تراب وهمى عن قميصه
-سمعت انك اتشهرتى
مالت رأسها بهدوء، والحدود الآمنة بينهما لم يحاول أحدهما أن يخترقه
يتعاملان كغريبين، والوضع هذا جعلها تبدو سعيدة .. بل وأكثر راحة
بعكسه هو.. تبدو بهية، فاتنة الأنظار بفستانها الأرجواني وذلك السلسال المستفز الذى يستقر براحة بين نهديها .. التمعت عيناه بشرر لم تدركه وهى تسأله بهمس خافت
-فى ايه بالضبط
عيناه لم تتزحزح عن ذلك السلسال والله أعلم أي عقل ذكورى رآه وبدأت يسبح بخياله إلى أحلام جامحة كحاله هو!!!
ارتفعت حدة صوته من كثرة جموح أفكاره
-ناوية تعملى عقد مع دار نشر، غريبة مكنتش اعرف انك موهوبة لدرجة انك تتجرأى تنشرى كتاب
ارتفع حاجبا فرح بريبة، قبل أن تتنهد وهي تضم الكتاب بين اناملها كى لا تضربه بها على رأسه قائلة
-عايز ايه يا نضال
حدق نحو عينيها محاولا أن يستشف مدى تأثرها ببعده، كحال تأثره هو وإن كان لا يبرزه
-عايزك
صمتت لبرهة قبل تقول بنبرة متهكمة
-عايز جسمى؟ مش كدا!!
نفى بعد برهة من الوقت وعينيه تتأملان معالم وجهها الصبوح
– لأ
مسحة سريعة من خصلات شعرها التي تعود لاستطالتها من جديد بعد تهورها في قصه منذ طلاقهما ليقول بصراحة
-عايزك انتى بكل حاجة فيكى
انتظر ان يرى حنين، عتاب ربما، او حتى حنق وغضب
لكن لا شئ
ملامحها الهادئة ارتسمت ابتسامة واسعة وهى تسأله بسخرية
-للدرجة دى وحشتك؟! ما تقدر تتجوز حد غيرى وتلبى رغباتك
انتفخ معالم وجهه واللعبة الحمقاء التى تمارسها الآن، بل وتدير لعبتها جيدًا جعلته يرضخ ولاول مرة فى حياته مقرًا باعتراف بليغ
-مش عايز غيرك
ربما لو كان فى وقت اخر، لعلمت أن عبارته تلك تغنى عن ألف كلمة احبك، وعشرون ألف كلمات غزلية .. إلا أن ماذا؟!
هل يصدق انها ستخر راكعة بعد ما قاله، غمغمت بصراحة واضحة وقد اكتفت من ظهوره فى حياتها كعفريت العلبة
-عايز ايه تانى اديهولك، او لسه مخدتهوش منى عشان ترتاح
لكنه مصرًا على جلدها، فتح جروح جديدة لم تندمل بعد
– كلك يا فرح، كلك على بعضك
ضحكت بسخرية وهى تهز رأسها يائسة من مخيلته حتى للرجوع إليه، اسودت ملامحها قتامة وهى تجز اسنانها بعصبية
-ارجع للوجع تانى يا نضال، للذل والمهانة والضرب، ارجع برجلى للراجل الوحيد اللى اعتبرنى متنفس وحيد لغضبه وقهره وطلباته المزاجية
تراخت اعصابها ليسقط الكتاب من يدها، وهى تقترب منه.. تكسر مسافة الأمان بينهما لتهمس بعصبية
-ليه مش عايز تفهم انى انسانة ومش هقدر
دارت عيناها فى أنحاء المكان خشية أن يسمعهما أحد، لا تود ان تلتصق بها اشاعات فى هذا المكان، لتسترسل قائلة بحدة
-ليه مش عايز تفهم انى مش هقدر ارجعلك تانى، ليه مش عايز تفهم
تلك المرة هدر هو فى وجهها، وقد بدى يائسًا من إيجاد حل لتلك المعضلة
حل لإيجاد امرأة تناسبه بكل عقده وجنونه
امرأة يستطيع ان يأمنها على ابنته، بل وتجلب له اطفال، حاجته لاطفال من صلبه تكاد تؤرق مضجعه!!
-عشان مش قادر .. مش قادر اطلعك من دماغي
استحوذت الصدمة على معالم وجهها الشاحب، لتنظر اليه بعدم تصديق.. إلا أنها سرعان ما استعادت هدوءها قائلة ببرود
-مش قادر تنسى عشان للاسف انا اللى قررت ابعد عنك.. انا اللى حطيت كلمة النهاية، لو انت اللى حطيت كلمة النهاية مكنش بعيد اووى بقيت بين حضن ست تانية
تنهدت بهدوء مستعيدة توازنها الداخلي، لتنظر الى حدقتي عينيه الجامدتين
-المشكلة مش فيا، صدقنى انا بقيت احسن ومتقبلة كل حاجة حصلتلى، بقيت واعية انى مكنتش هوصل اللى وصلته ده بدونك
بدى متفاجئًا مما تقوله، اتشكره رغم كل ما فعله؟!!
ارتسمت ابتسامة ناعمة على شفتيها قائلة بتأكيد
-متستغربش، حبيت اشكرك لانى لأول مرة احس ان انا ليا شخصية، بقالى فترة بدور على نفسى، ولقيتها
انه يخسرها
بل خسرها
نادى اسمها بغضب
-فرح
كان نداءه لاسمها،محذرًا، كي لا تتمادى في ما تحاول القيام به.. الا انها ابتسمت بهدوء قائلة
-كل ما استوعبت اننا مش لبعض، كل ما هتقدر تفهم ان الحاجات اللى مش قادرين ناخدها مش عشان هى صعبة.. لا عشان احنا منستحقهاش
انحنت تلتقط الكتاب لتنظر الي عينيه العابستين، والى وجهه المضرج بالحمرة من الغيظ لتقول ببساطة
-وقت ما أنشر الكتاب، مش هكسفك واقولك متجيش، بس تنورنى وقتها
تخطته الا انه امسك ساعدها بحزم، وهو يدفع جسدها لتقترب منه، نظرت اليه بحذر هامسة اسمه
-نضال!!
الا انه كان أكثر يائسًا من أن يتركها، ليميل رأسه وشفتيه تهمسان فى اذنها
-الحاجات اللى مش قادرين ناخدها يا فرح، بعافر انى امتلكها، ده الفرق بيني وبينك
حدقت نحوه لثوانى وهي تنظر نحوه بيأس
لا فائدة ترجى منه ذلك الرجل مطلقًا
أزاحت يدها من قبضته لتقول ببرود
-هتتعب كتير، وصدقنى بدل التعب ده توفره لحد تانى
رمقها باستهزاء ليسألها بغضب بارد، ويا ويلها إن اعطته اجابة خاطئة
-عايزة تقوليلي مش عايزة راجل فى حياتك
حاولت الحفاظ على سيطرتها لتغمغم بهدوء صقيعي
-جربتك انت .. وحقيقى سديت نفسى، بس مش هكدب عليك واقولك لأ مش عايزة.. انا عندى يقين ان ربنا كريم وحقيقي هيعوضنى عن حاجات كتير
عيناه المشتعلتين بالغضب، يبدو كأنه آتون جحيمي على وشك القائها فى التهلكة
اقترب
واقترابه لا يبشر بالخير مطلقًا
الا ان زمجرة رجولية خشنة صدحت من بوابة المكتبة، جعلتها تجفل وهى تراه كثور هائج رأى رقعته الحمراء والذي هو عبارة عن نضال، ليتقدم نحو بنبرة وعيدية وقبضة يده سددت على وجه نضال
-يا ابن ******

شهقت فرح وهى تتراجع خطوة وهى ترى الثور انبطح مسددًا لكمات ثائرة لنضال الذى يستقبل لكماته ببرود
وكأنـه.. يعرفـه!!
سمعت من زمجرات الرجل الخشنة جملة واحدة
-غالية خط احمر انت فاهم
اتسعت عينا فرح جحوظًا وهي تنظر نحو عيني نضال الذي التقط نظرتها المحذرة
إلا أن ابتسامته الواسعة جعلتها تغمض جفنيها بيأس
لا فائدة ترجو من هذا الرجل..
استقام الثور ببرود اعصاب وهو يلقى تحذير صريح
-المرة دى تحذير، اقسم بالله المرة الجاية مش هتتحرك على رجليك
استدار الرجل نحوها ينظرها من منابت رأسها حتى أسفل قدميها بجمود، ضيقت حدقتيها محاولة التعرف على هذا الرجل
ملامحه تبدو مألوفة .. بل مألوفة جدًا
لكن أين رأته؟!!
جذبها نضال من فقاعة التفكير بصوته الساخر
-شايفة حتى طليقها مش قادر يستوعب فكرة انها تبقى ملك لغيره
عضت فرح باطن خدها وهى تهز رأسها بيأس.. وخشت أن تسأله عما فعله ليغضب طليق صديقتها
تبًا له
تبًا لهذا الرجل ألف مرة
سألته بتحفز تام
-انت عملت فيها ايه
عدل هندامه قائلا بوضوح تام
-كنت بقولها هتجوزك!!
أغمضت جفنيها .. وداخلها تسبه بأفظع الشتائم التى تعلمها
هكذا هو نضـال الغانـم
ولن يتغير مطلقًا حتى وإن أصابه داء العشق!!

يتبع

لقراءةالفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على (رواية أترصد عشقك)

اترك رد

error: Content is protected !!