روايات

رواية وهام بها عشقا الفصل الخامس 5 بقلم رانيا الخولي

رواية وهام بها عشقا الفصل الخامس 5 بقلم رانيا الخولي

رواية وهام بها عشقا البارت الخامس

رواية وهام بها عشقا الجزء الخامس

وهام بها عشقا
وهام بها عشقا

رواية وهام بها عشقا الحلقة الخامسة

_ احنا چايين النهاردة نطلب ايد بنتكم عشان نفض التار زي ما قلنا منعًا لسيل من الدم هياخد في طريقه كتير منينا
كان خليل يتحدث بمغزي او لهجة مبطنة بتهديد خفي وخاصةً حينما تابع
_ واني چاي اطلب منك يد بنتكم ليا
تردد صدى الكلمة في أذن سليم الذي الجمته الصدمة وجعلته غير مدركًا لما يحدث
ازدرد لعابه بصعوبة بالغة وهو ينظر إلى كامل الذي صدم بدوره من طلبه ينتظر رده رغم أنه يعلم الإجابة جيدًا
فقال بتسويف
_ نسبك ياحاچ على العين والراس، بس البنت لساتها صغيرة و….
قاطعه خليل بلهجة واثقة
_ اللي اعرفه ان عمرها عشرين سنة يبقى صغيرة كيف؟
حمحم كامل باحراج وهو لا يجد الكلمات التي يصيغ بها حديثه دون احراج
_ مقلتش حاچة بس اني بتكلم عن فرق العمر وهي….
ضرب خليل بعصاه الأرض وتحدث بقوة
_ عمر ايه اللي بتتحدت عنيه، الصحة والمال موچودة ودول أهم حاچة
اعتدل في جلسته وأردف مستفسرًا
_ ولا انت كان ليك غرض تاني؟
كان قلب العاشق يترقب كل كلمة ينطق بها الآخر وهو يتمنى بداخله أن يرفض عمها تلك الزيجة وحينها سيفعل المستحيل للزواج منها حتى لو اضطر للهرب معها، فقط يرفض
لكن للقدر رأيه الذي لن يغيره غير عابئًا بقلوب العشاق ليرضخ عمها لطلبه ويقصم قلب كلاهما نصفين لينتزع منه الحياة
وأي حياة وعشق القلب وروحه أصبحت لغيره
ومن؟ عمه الذي قام بذبـ.ـحة بخنـ.ـجر ذو حدين
يتزوجها لتعيش معه تحت سقفٍ واحد
أي ألم، وأي حياة تلك التي سيكتب حاضرها بدموعٍ لا بل د.مًا على صدره
اهه صامته من شفاه كان يتغنى منذ قليل بدنو قربه منها، لكن الآن أصبح الممكن مستحيل
وافق عمها ليدق أول لولبٍ في نعش عشقٍ لم يكتب عليه أن يرى النور
سيظل في ظلامه ليحجب عنه نور الحياة التي طلما سعى للخروج من دماسته
كان الجميع يقوم بالمباركة والتهنئة إلا هو فقد الجم الألم لسانة واكتفي بابتسامة سمجة أخفت خلفها وجع سنين وفراق أحكم قبضته عليه حتى شعر بالاختناق
لحظات مرت عليه وهو ينظر إلى الفراغ أمامه يتخيل صدمتها بذلك الخبر الذي سيصعقها كما صعقه قبلها
لعن فكرته التي اقنعهم بها بفض الثأر بالزواج، ومن كان يدري بأنه يدمي قلبه وقلب محبوبته بسـ.ـلاح بارد مزق به قلوبهم
لا يدري ماذا حدث سوى وقوفهم وهم يهموا بالانصراف ولا يعلم أحدًا منهم ما يشعر به
نهض بدوره ثم خرج معهم حتى وصلوا إلى سيارتهم
صعد إلى سيارته ليقع نظره عليها وهي تختبئ خلف باب شرفتها ليصرخ قلبه ألمًا على عشق كسرت فروعه ليأن الجزع حزنًا عليه
أخذ ينظر إليها من مرآت سيارته حتى خرجوا من بوابة المنزل
ليتخذ طريقًا مخالفًا لطريقهم، لا يعرف إلى أين
كل ما يريده هو ان يكون وحيدًا
❈-❈-❈
اما هي فقد تلقت الخبر بقلب ملتاع
زلزل كيان روحها وهي تستمع لحديثهم الذي كان كطعنه حادة أصابت روحها
لتشعر برياح غدرٍ عصفت بها
خدعها وأوهما بحبٍ واهمٍ لا سبيله إليه منه سوى القصاص
وقد نال مبتغاه
واقتص من قلبٍ واهن لا ذنب له في هذه الدنيا سوى إنه عشق من لا أهل لذلك
أغمضت عينيها بألم شديد وهي تستند بظهرها على الجدار الذي كان أحن عليها منه
أوهمها بالعشق وقد كانت في اشد الحاجة إليه لتبحر معه في محيطٍ من مشاعر لم تختبرها من قبل وتغوص معه في رحيق عشقه الذي كادت ان تذيب فيه كالزبد لولا ظهور حقيقته على غير هدى.
تساقطت دموعها بغزارة على حظها العثر الذي اوقعها في طريقه، وشعرت بأنها في أمس الحاجة لوالديها
لماذا لم ترحل معهم؟
غادروا وتركوها في تلك الحياة الظالمة بلا قلبٍ يحميها
لا تعرف متى أو كيف وجدت نفسها في غرفتها
لا تعرف شيئًا سوى ذلك الضياع الذي ألقيت به.
نسماته التي كانت تتغنى بها ولها أصبحت إعصار جارف أخذ في سيله روحها
وأخذ يتلاعب بها كورقة في مهب ريح
وغدر آخر لا شك به؛ كان من أعز الناس لديها، هربت وتركتها هي تواجه ذلك المصير بدلًا منها
الآن فقط علمت سبب هروبها.
لن تضعف وستتمرد تلك المرة ولن تعبأ لأحد بعد الان وليكن ما يكن، لم يعد لديها ما تخاف عليه، فليعود الثأر إذًا ويأخذ في طريقه ما يأخذ
لكن لن تسمح لهم باستخدامها وسيلة أو كبش فداءًا لابنهم..
❈-❈-❈
كانت تقف غي المطبخ تحضر العشاء عندما عاد مصطفى من العمل ويبد عليه السعادة
دلف المطبخ ليحاوطها من الخلف وهو يتمتم هامسًا بجوار أذنها
_ مفاجأة
عقدت حاجبيها بدهشة فالتفت بين يديه لتنظر إليه متسائلة
_ خير؟
أخرج ظرف من جيبه وأشار لها بهم
_ تذكرتين لمصر
لم تصدق حلم ما سمعته اذناها فتخطف منه الظرف وتخرج منه التذكرتين تتأكد منهم وسألته بفرحة
_ جبتهم ازاي؟
ابتعد عنها ليجلس على المقعد ورد بحبور
_ الفلوس اللي عمي بيبعتها وصلت النهاردة وأول حاجة عملتها دفعت إيجار الشقة واشتريت التذاكر
جلست على المقعد المجاور له وتحدثت باشتياق
_ مش مصدقة اننا أخيرًا هنرجع مصر
ابتسم لها بحب
_ صدقي، المهم عايزين نجهز الشنط لإن الطيارة ميعادها بكرة الصبح
نهضت لتنهي اعداد الطعام
_ انا خلاص قربت اخلص الغدا، نتغدى ونقوم نجهز الشنط
نهض مصطفى بدوره
_ وانا هدخل اعرفهم برجعنا، مع اني مش عارف هواجه جدي وعمي ازاي بعد ما خبينا عليهم.
_ خلاص ياحبيبي بقا الموضوع اتنسى
_ اتنسى ايه! دا عمي وجدي كانوا هيخلصوا على جاسر والباقي لولا إن جدهم عاصم اتدخل.
يلا خلصي الأكل لحد ما اكلمهم.
❈-❈-❈
في غرفة مهرة
كانت مستلقية في الفراش لا تعرف ماذا تفعل الخوف بداخلها يفعم قلبها
عليها الهرب قبل أن يعلم من تكون، فإذا علم لن يرحمها ولن يرأف بضعفها.
فكرت قليلًا ثم في حل حتى تهاد إليها بتلك الفكرة
نظرت إلى الممرضة بتوجس وسألتها
_ هو انا هقدر امشي بعد اد ايه؟
تحدثت الممرضة بعملية وهي تكشف عن الجرح كي تغير لها الضمادة
_ لااا مفيش حركة دلوقت خالص، على الاقل يعدي اسبوع.
شعرت بخوف شديد وزاد عندما سمعت طرقه ودخوله الغرفة
خوف لا بعده خوف وهي تراه يتقدم منها وعلى محياة ابتسامة تخفي الكثير والكثير مما جعل قلبها ينقبض خوفًا وخاصةً عندما وقف أمامها وتحدث بقوة
_ عاملة ايه دلوقت؟
حاولت الاعتدال لكن الألم الذي شعرت به اثر حركتها جعلها تأن
ارتباكها وخوفها جعله يوقن بأنها تعلم كل شئ مما جعل شعوره بالانتقام يزداد أكثر
لكن ليس من تلك الضعيفة
بل ممن وراءها
لن يرحم ولن يغفر تمامًا كما فعوا من قبل
جاء أخيرًا وقت الحساب
_ اهدي أومال الحركة غلط عليكي، واني رايدك تبقي زينة
حديثه المبطن جعلها ترتعد خوفًا ماذا ينتوي، نظراته حديثه كل شئٍ يؤكد لها حقًا بأنه علم من تكون
لكن كيف ذلك ولا أحد في البلدة يعرفها
هي تلك الخطيئة التي اقترفها كامل النعماني مع خادمته (البندرية) كما كانوا يطلقوا عليها
وقد أبقى الأمر سرًا حتى لا تكون إهانه لحرمه المصون
_ بتفكري في ايه شاغلك إكدة؟
ازدردت لعابها بصعوبة وتحدثت بارتباك
_ أني رايده أرچع لأهلي
عادت ابتسامته الساخرة تأخذ طريقها إلى فمه القاسي
ثم أشار للممرضة بالانصراف لتخرج مسرعة وتحدث هو بقوة
_ أهلك مين؟
هالكة لا محالة تحت نظراته التي تحمل غضب ووعيد ستكون هي قربانه
رمشت بعينيها التي أُسرت بعينيه وتخترق دواخلها حتى كاد أن يسحب روحها من شدة الخوف
فقالت بكذب
_ أنا مش من المنطقة دي، انا كنت مخطوفة وقدرت اهرب من الناس دي
ولما شافوني ضربوا عليا نار ودخلت ارضك اتحامى فيها
كانت نظراتها تهتز اثناء الحديث مما جعله ابتسامته الساخرة تعاد إلى فمه وقال متهكمًا
_ طيب ما تشوفي كدبة تانية لإن دي متدخلش دماغ عيل صغير عشان تدخل دماغ مهران الهواري
جلس على المقعد وعاد بظهره للوراء متحدثًا بقوة
_ انتي مهرة كامل النعماني من مراته البندرية اللي اتچوزها في السر ولما مراته عرفت طلقها وماتت وهي بتولد، قرر انه يتخلص منيها وبعتها لوحدة في اسكندرية تربيها واللي هي بلد امك الله يرحمها.
شدد على كلمته الأخيرة ثم تابع
_ولما ماتت رچعك تاني والكلام ده من سنتين بس، بعدها اخوكي اللي هو حسين اتشاكل مع ابن خليل النچايمي واتسبب في شلله وكان هيرچع التار القديم ولما كبارات البلد اتدخلوا عشان يهدوا الموضوع هدوه بالنسب، بس الغريب في الموضوع هربتي ليه؟
خوفتي مثلًا من غدر النچايمة؟ ولا هو سبب تاني محدش يعرفه؟
من هذا الرجل؟ وكيف علم كل ذلك
اهتزت نظراتها وهي تقابل نظراته الواثقة بحدتها مما جعلها تسأله باقتضاب
_ مين اللي عرفك؟
عادت ابتسامته الساخرة على فمه الحازم وتحدث بثبوت
_ دي حاچة متخصكيش.
صاحت به رغم المها
_ لا؛ دي بالذات تخصني لإن محدش يعرف الموضوع ده برة البيت، يعني اللي خبرك من چواته ولازمن اعرف هو مين
اندهش مهران من الحدة التي تتحدث بها تلك القطة الذي ظنها (سيامي) ليتفاجئ بحدتها دون مخالب
إذًا هل لها مخالب تخفيها خلف هذا الوجه الملائكي، أم إن حدتها تلك تظاهرًا بقوة زائفة
تنهد بتسلية ونهض ليقترب منها ويخطو تلك الخطوة الفاصلة بينه وبين فراشها ليميل عليها قليلًا جعلها تجفل وتمتم بخفوت بجوار أذنها
_ متشغليش حالك بحاچة لاجل ما تستردي صحتك، لإن الأيام الچاية دي محتاچة قوتك.
لم يضيف كلمة أخرى وهو ينسحب بهدوء خارجًا من الغرفة وابتسامة متوعدة ناقمة لثأ.ر لن يمحيه زمن مرتسمه على فمه الحازم.
أما هي فقد الجمتها الصدمة لثواني
وذلك التوعد الذي ظهر واضحًا في عينيه جعلها تجفل منه
هل سيخبر والدها؟
هل ستجبر على العودة إليهم؟
وإذا حدث ستجبر على الزواج من خليل كما سمعت زوجة ابيها؟
هزت رأسها برفض، لن تقبل مهما حدث، عليها الإسراع بالهروب كما أن يخبر أهلها
لكن كيف وهي تعلم جيدًا بمدى صعوبته في هذا القصر الذي يحيط بالرجال من كل جانب
هل تذهب إليه وتطلب منه المساعدة
سخرت من نفسها
وهل سيفرط في تلك الفرصة التي قُدمت إليه على طبق من ذهب
عليها أن تجد حل بأسرع وقت مهما كلفها…..
❈-❈-❈
_ عنديكي حل تاني؟
بهتت آسيا وهي حقًا ليس لديها حل آخر، فهروب تلك الفتاة قلب الأمور رأسًا على عقب
كما انه لم يجيب على اتصالها رغم محاولاتها الكثيرة
هي تعلم جيدًا مدى تعلق ابنها بمرح، ستكسر قلبه وهي لن تقبل بذلك
هي طلبت منه فض الثأر لكي تحمي ابنها وأقنعته بمقابل مجزي وهي زواجه من تلك الفتاة
لكن هروبها لم يكن بالحسبان
_ بس انت خابر أن ابنك رايدها واني مستحيل اكسر بخاطره
نهض كامل من مقعده بضيق وتحدث بانفعال
_ والله بقى هو اللي چابه لروحه، وبعدين نكسر بخاطره احسن مـ النچايمة يكسروا بعمره
لم تقتنع آسيا وتقدمت منه لتقول ببغض
_ كله من عملك الاسود اللي بلتنا بيها، لو مهربتش مكنش حصل اللي حصل ده وكنا چوزناها ليه وخلاص
ارتدى كامل عباءته واخذ عصاه وهو يقول بسئم
_ اني ماشي لإن الكلام معاكي ممنوش رجا
خرج من الغرفة ومازالت تغلي من شدة الغضب
اسرعت لتغلق الباب خلفة بالمفتاح كي تحدثه بآمان
لكنه كـ عادته لم يچيبها
عاودت مرة أخرى لتنجح تلك المرة وأجابها بحدة
_ في ايه يا آسيا…..
لم تمهله فرصة للحديث وقالت بامتعاض
_ الغي الچوازة دي ياخليل
عقد حاجبيه مندهشًا وسألها
_ كيف ده هو لعب عيال إياك، انتي قولتيلي اوافق على فض التار بالنسب زي الناس ما قالت واديني فضيته ووافقت على الچوازة
ابتعدت آسيا عن الباب خوفًا من أن يسمعها أحد وتحدثت بحدة
_ البنت بنته هربت ومش لقينها وهو دلوقت بيقول انه هيخلي بنت أخوه مكانها
_ بس اني مش شايف مشكلة، بدل ما كنت هخلصك من واحدة خلصتك من اتنين
_ لا، دي بالذات لا
سألها بسخرية
_ ليه ان شاء الله؟ مستكتراها عليا؟
نفت آسيا
_ مش إكدة واصل، البنت دي ابني رايدها ومش عايزة اكسر بخاطره.
اخطأت قولها أذ اتخذها خليل عقابًا قاسيًا لتطاوله على ولده فقال بمكر
_ بس خلاص الموضوع انتهى واني مستحيل أرچع في كلمتي، البنت دي من النهاردة بقيت تلزمني ولو حاولتي تلعبي بديلك انتي الخسرانه
أغلق هاتفه وتركها هي تتلوى بحقدها ويزداد سخطها على مهرة التي سقطت هي أيضًا بأيدي من لا يرحم
❈-❈-❈
جلس على شاطئ النيل يستمع لصوت الناي الذي لُحن على اوتار حزنه
الصدمة شديدة والقلب رافضًا الاستسلام لمصيره
وماذا بوسعه؟هل يرفض يعترض يصيح؟ ومن يستمع إليه؟
عمه الذي طلبها له بعد أن اتفق الجميع على زواجها منه هو؟!
لن يستطيع فعل شئ
قضي الأمر بموافقة عمها والجميع
لم يعترض أحد وكأنهم يريدون التخلص من الثأر وكفى
لا يهم الطريقة، ولم ينتبهوا لتلك القلوب العاشقة والتي سطر على جبينها الفراق
أغمض عينيه واللحن يزداد حزنًا وكأنه يتناغم مع دقات قلبه
تذكر عينيها ضحكتها رقتها كل ذلك أصبح ملكًا لعمه
صرخ وصرخ لكن دون صوت، وكأنه فقد صوته مع انطفاء شلعة قلبه
توقف العزف ليلتفت إليه سليم يسأل ذلك الراعي
ابتسم له ثم قال بهدوء
_ لكل شئ نهاية، مع أن النهاية بتكون بداية
زي الشر ياولد عمي بيكون جواه الخير ومحدش منينا داري
سخر سليم من حديثه وقال بسئم
_ للاسف الشر المرة دي واعر اوي ملقتش فيه أي خير، مفيش غير الد.بح بسكينة تلمة بتحز في قلبي لحد ما هيضيع روحي.
نهض الرجل وهو يضع الناي في حقيبته المتهالكة وغمغم بقوة
_ الخير جوى الشر، والنهاية هي البداية
اشار بسبابته للسماء وتابع
_ ورب العباد بيدينا البلاء على اد صبرنا، أصبر تلون واتقي الله في كل خطوة
تلاقي الفرچ بيچري عليك وانت قاعد مطرحك.
شرد سليم في حديثه وتساءل أين الخير بعد أن أصبحت حبيبته زوجة عمه؟
هل يقصد بأن يكتفي بوجودها بجواره؟
بالطبع لا، هو ليس بخائن
إذا تم الأمر؛ عليه أن ينساها، بل عليه أن يترك المنزل بأكمله
لن يتحمل رؤيتها معه تحت سقفٍ واحد.
نظر إلى الراعي ليسأله ولكنه كعادته يرحل دون ان يشعر به.
عاد بنظره إلى النيل الهادي والمسالم الذي إن لم يتعامل المرأ معه بحذر ابتلعه دون رأفةً به
حاله كحال عمه، هادئًا معه ويقدره كإبنه، لكن إن شعر بغدر لن يرحمه ولن يرأف به.
رن هاتفه وهو يعلم هوية المتصل جيدًا
تردد كثيرًا في الرد عليها لكن عليه ان يعرف ما تنتوي فعله
وما إن فتحه حتى سمع صوتها العاتب يقول
_ وصلت للي رايده يا ابن النچايمة؟
نظر إلى ما بين قدمية بحزن وقال بخفوت
_ لا موصلتش لأ حاچة يابنت النعمانية
كانت تحاول كتم عبراتها التي تهدد بالهطول وهي تستمع لصوته الحزين لكنها منعت نفسها من ذلك وغمغمت بحدة
_ كيف ده؟! اومال اللي حصل ده كان ايه؟
تنهد بألم
_ كان غصب عني، لو انتي هتقدري تعملي حاچة كنت انا كمان هعمل
لم يجبه سوى صوت بكاءها مما جعله يغمض عينيه بألم
ظل صامتًا يستمع لصوت نحيبها الذي يمزق قلبه بدون رحمة لكن ليس بوسعه فعل شئ
_ هتفضلي تبكي إكدة كتير
صاحت به بألم
_ وانت هتسكت إكدة وتسيبهم يچوزوني عمك؟
ولا انت كنت خابر
اخذ نفس عميق يهدئ قليلًا من نيرانه وتحدث بهدوء رغم النيران التي تشتعل بداخل قلبه
_ لا مكنتش خابر واتفاجئت زيك بالظبط، بس للأسف مقدرتش أعمل حاچة
عقدت حاجبيها بدهشة وسألته بعدم استيعاب
_ يعني هتسيبني لعمك؟
قصمته نصفين دون أن تدري، وهو ليس بوسعه شئ
انتهى الأمر بين مجلس الرجال ولم يكن يستطيع الاعتراض
_ في حل واحد ادامنا؟
ردت بلهفة
_ قول
_ إننا نهرب ونهمل البلد باللي فيها
قالها وهو يعلم مدى اضرارها، لكنه أراد لمرة واحدة فقط أن يكون أناني
انتظر ردها الذي يعلمه جيدًا ويعلم طبيعة تربيتها التي ستحتم عليها الرفض، وقد كان له ما أراد
_ مستحيل أجيب لنفسي ولأهلي العار اللي هيلازمهم العمر كله
تنهد مستسلمًا
_ يبقى نرضى بالمكتوب وكل واحد منينا يتحمل نصيبه من الألم
ازدادت مرارة حلقها إزاء استسلامه الفاتر وتخليه عنها، ألم يوعدها بمجابهة العالم لأجل الفوز بها؟
أين إذا وهو يحدثها بكل ذلك الهدوء
إذا فليكن نصيبه من الألم هو الأشد والأصعب
أغلقت الهاتف دون أن تتفوه بحرف آخر
وما إن أخفته في خزانتها حتى سمعت طرق الباب
فقامت بأغلاق الخزانة بسرعة ثم دلفت المرحاض لتغسل وجهها سريعًا واسرعت بفتح الباب لتجد عمها أمام الغرفة
حاولت أن يبدو صوتها طبيعيًا وقالت بترحيب
_ أهلاً ياعمي اتفضل
دلف كامل الغرفة وقد شعر بصعوبة بالغة في الحديث معها
يحاول صياغة الكلمات قبل التفوه بها
فأشار لها بالجلوس بجواره وقال بلين
_ اني رايد اتحدت معاكي في كلمتين مهمين اوي، بس ياريت تسمعيني زين
جلست بجواره لتومأ له باستسلام فيبدو أن سليم محق في كل كلمة
هم اضعف من الوقوف أمامهم
_ دلوقت المجلس حكم بالنسب بين العيلتين وخليل النچايمي طالب يدك وإن رفضت انتي خابره اللي هيحصل زين، وخصوصاً أن الحق معاهم وممكن التار يوصل لأخوكي لما يكبر
وعشان أكدة لازمن نطاطي عشان الريح دي تعدي من غير خساير، صحيح أني صعب عليا أچوزك لواحد زييه بس قدر ربنا هنقولوا ايه.
مرارة وازدراء شعرت بهم وهي تستمع لحديثه
لو كان الأمر بعيدًا عن أخيها لأصرت على الرفض وليلتهم الثأر في طريقه من يريد لن تهتم بأحد
أخيها وحده هو الذي سيجعلها ترضخ لهم لأجل وحيدهم الذي يعيش فقط من أجل ملذاته
_ ها يابنتي قولتي ايه؟
لو كانت النظرات تقتل لوجدت عمها صريعًا بدمائه أمامها الآن
وهذا ما لاحظه كامل، لكن ليس بوسعه شئ
لولا هروب ابنته الذي تحمس لأجل الزواج كي يرحمها من بطش زوجته ولم يتخيل هروبها كما لم يتخيل أيضًا طلب خليل
انتهى الأمر وعليهم الرضوخ
_ والله يابت أخوي على عيني اللي بيحصل ده بس مفيش في ايدينا حاچة نعملها
ليت باستطاعتها الهرب لكن إلى أين
وإن وافقت الفرار مع سليم ماذا سيكون مصير أخيها
مهرة لم يكن لديها ما تخشى عليه، ولا احد يعلم بوجودها، وهذا ما جعلهم يكتمون الخبر بداخلهم ولم يستطيعوا البحث عنها أكثر من ذلك كي لا يعلم أحد بأمرها لكن هي عندها أصعب بكثير
_ ومهرة هتسيبوها أكدة مش عارفين إن كانت حية ولا ميته؟
بوغت بسؤالها لكنه حقًا لم يترك شبرًا إلا وبحث عنها فيه كما انه يعلم جيدًا بأنها لن تستطيع الاستمرار في الهرب وحتمًا ستعود
_ هترچع برضاها غصب عنها هترچع ملهاش مكان تروح فيه، وهي قليلة التصرف وعشان إكدة واثق انها هترچع.
رغم هدوءه في الحديث إلا أنه يحمل توعد خفي ينذر بغضب جحيمي لن تستطيع مهرة تحمله.
عليها هي أيضًا ان تخرج من ذلك الجحيم
مهما كان جحيم النچايمة قاسي لا يرحم لكن سيكون افضل بكثير من ذلك الجحيم الذي ستجده لو ظلت وتزوجت حسين.
_ اللي تشوفه ياعمي انا موافقة
تهللت اساريره لأنتهاء ذاك العداء والاطمئنان على سلامة ولده
_ على خيرة الله اني هتصل عليه نحددوا ميعاد الفرح وربنا يسهل
خرج من الغرفة وقلبها يأن من تلك الحياة التي فرضت عليها، لكن ليس بيدها فعل شئ سترضى بنصيبها مهما كان حدته
لم تمهلها الحياة لتلتقف أنفاسها لتتفاجئ بمن يدلف الغرفة دون استأذان
اجفلت مرح عندما رآته أمامها وعينيها لا تبشر بخير
نهرته بحدة
_ انت بتعمل ايه هنا؟ امشي اطلع برة.
اغلق الباب خلفه مما جعلها تشعر بالخوف منه وتقدم منها وهو يقول بثبوت
_ متخافيش اني چاي عشان أخلصك من الچوازة دي.
رغم الخوف الذي اعتراها إلا إنها تحدثت بقوة
_ واني مش رايدة الخلاص اللي هياچي منيك.
اغضبته كلماتها وتحدث بغضب
_ واني مش هقعد اتفرچ عليكي وانتي بتضيعي من إيدي
تقدم منها أكثر وترتد هي للخلف بوجل ليقول من بين اسنانه
_ ياتاچي معاي دلوقت نهمل البلد وننفد من التار والچوازة دي، يا إما مش هرحمك ومش هتسلمي مني
وإن كانت مهرة بتنجدك مني قبل سابق فدلوقت لا خلاص غارت وريحتنا منيها
الشر الذي ظهر واضحًا في عينيه ارعبها وجعلها ترتعد بوجل فأكمل تهديده وهو يتقدم منها اكثر
_ ها هتوافقي ولا أنفذ تهديدي
هزت راسها برعب
_ حاضر بس مش دلوقت يومين إكدة لإن البيت مقلوب زي ما انت خابر
وانت كمان تچهز المكان اللي هنعيش فيه مش هنهرب إكدة وخلاص
فكر قليلًا ثم نظر إليها بشك وقال بوعيد
_ انتي خابرة لو حسيتك بتلعبي بيا هعمل فيكي ايه؟
ازدردت ريقها بصعوبة وقد سيطر عليها شبح الخوف لكنها جاهدت ليبدو صوتها طبيعيًا
_ لا طبعًا ما انت خابر إني رافضة الچوازة دي، وعايزة أى حاچة تخلصني منيها
أومأ برأسه ثم تحدث بجدية
_ أني هظبط كل حاچة في خلال يومين ونهمل البلد وهناك نكتب الكتاب ونعيش بعيد عنيهم.
هزت راسها بخوف شديد ونظرت إليه وهو يخرج من الغرفة لتسرع خلفه وتغلق الباب جيدًا بالمفتاح
حقًا نار النجايمة ولا جنته هو، لو كان على الهرب لهربت مع حبيبها وليس مع هذا المختل
لكن عليها اولًا ان تخبر عمها كي يمنعه عنها
❈-❈-❈
وطئت الطائرة الأراضي المصرية لتتسع ابتسامة العاشقين باكتمال فرحتهم بعودتهم لأهليهم
نظر لطفله بسعادة غامرة وحدثه بحب
_ حمد لله على السلامة يابطل وصلتك بلدك بالسلامة.
حمله مصطفى بيد وامسك يد زوجته بالأخرى وخرجوا من الطائرة ونظراتهم تحمل اشتياق وحنين لبلدهم
انتهوا أخيرًا من الإجراءات وخرجوا من المطار ليجدوا سمر ومنصور باستقبالهم
كانت فرحة سمر لا توصف بعودتهم
وخاصةً بمالك الصغير
أما منصور كعادته جاف التعامل رحب بعودتهم باقتضاب ثم صعدا معهم السيارة وعاد بهم إلى المنزل
❈-❈-❈
انتفض مهران من مقعده وهو يتلقى ذلك الخبر الذي جعله يصيح في هاتفه
_ انت بتقول ايه؟ انت واعي لحديتك؟

يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية وهام بها عشقا)

اترك رد

error: Content is protected !!