روايات

رواية قلبي و عيناك و الأيام الفصل السادس 6 بقلم رحاب إبراهيم حسن

رواية قلبي و عيناك و الأيام الفصل السادس 6 بقلم رحاب إبراهيم حسن

رواية قلبي و عيناك و الأيام البارت السادس

رواية قلبي و عيناك و الأيام الجزء السادس

قلبي و عيناك و الأيام
قلبي و عيناك و الأيام

رواية قلبي و عيناك و الأيام الحلقة السادسة

~… صدمة…~
على مفترق طرق تلاقينا….القلوب تميل والطريق مفارق !
ساقه القدر إلى هنا…المشفى ..!
بعدما آتـاه اتصال هاتفي من أحد الأطباء بضرورة وجوده لأمر هام لن يحتاج الكثير من الوقت …..
استغلت چيهان الفرصة وذهبت إليـه قبل ان يغادر …بعدما ألتقيا أمس واتفقا على بعض الأشياء النهائية بشأن زواجهما….
كان گ الذي يذهب إلى الشاطئ ويعرف أنه سيغرق حتى الموت !
قالت چيهان وهي تقف عاقدة ذراعيها حولها في نظرة تتدلل وابتسامه تتراقص على وجنتيها بشيء من العتاب :
_« افتكرت إنك جاي عشاني ! ليلة امبارح اتكلمنا في كل حاجة بخصوص جوازنا…. ماسمعتش منك كلمة رومانسية حتى …! »
كل شيء تفعله كأنها تفعله من خلف حجاب !….أو ستار يواري أنوثتها ودلالها فلا يراها ولا يتأثر !
قال وهو يفحص تقرير أحد مرضاه وظهر بعينيه عدم الاكتراث :
_ « أنتِ عارفة أني مش بحب اتكلم كتير يا چيهان…. بس عمومًا لكل مقام مقال … الكلام الحلو له وقته وآوانه …»
اقتربت منه بخطوات هادئة ….والابتسامة على شفتيها تعلن أنها سعيدة بكل ما للكلمة من معنى….ونظرتها تخبره أن بين كتمانها شيء من الحب تكنّه له ….
كثير من الرجال تغلب مقاومتهم أنوثة امرأة … أو حتى تقلل ثوراتهم الغاضبة … ويرق لهن الصلد ….بينما هو ضاق فجأة من اقترابها…!
كأنها هم ثقيل ….يملأ رئتيه اختناق …وقلبه ارهاق …ينقض الظهر حملًا مرتمي من قسوة الظروف ….
وضعت چيهان يدها بجرآة غلى كتفه واليد الأخرى سحبت الاوراق من يده والقتها على المكتب بأهمال، وعينيها على عينيه بدقة وقالت بتدلل :
_ « وجيه …. المرة دي أنا ناوية احافظ على بيتي بجد ….أنا مش چيهان اللي اتجوزتها من عشر سنين وطلقتها في شهور….أنا دلوقتي انسانة بتحب واحد وعايزة تعيش معاه لآخر نفس في حياتها…. اوعدني أنك تفضل معايا وتحافظ على جوازنا… ماتسبنيش وتمشي من أول غلطة زي زمان..! »
حاول أن يتهرب من عينيها…أن يبعدها عنه ….ولكنه على وعد غليظ مع نفسه … لن ينكثه بهذه السهولة …!
تريد وعد ؟!

 

أن يبقى معها !
حسناً….. سيكن رباط أكثر غلظة على نفسه ….لكي لا يحرق كبريائه بخطوة سيفعلها رغما عن كل كبريائه إذا استمر حرًا طليق …..
قال وهو ينظر لعينيها …ولكنه لا يرى عينيها …!
بل عينان أخرى ….يتحديانه منذ زمن بعيد…..قال بصوت مُحمل بثقل عظيم لذلك الوعد على قلبه :
_ « اوعدك….»
اتسعت ابتسامة جيهان وقالت وقلبها يُحلق عاليًا من السعادة :
_ « أنا مبسوطة اكتر مما تتخيل …بس أنت مكشر ليــه ؟! بقا المناسبة دي ما تستهلش أنك تفرح ؟! …..»
ابتسم ابتسامة باهته حتى يرضيها ولا يكسر فرحتها الظاهرة بصدق …..وفي قرار المغادرة الذي كان على أطراف لسانه وكاد أن يتفوه به هجمت على المكتب ….ليـلى !
ابتعدت جيهان بحركة سريعة وبعض الخجل والعصبية من اقتحام غريب انفرادهما…..بينما تسمرت عينان وجيه بثبات على عينان ليلى المنتفخة من البكاء …المملؤءة بالذعر والخوف ….
نظرت له ليلى بصدمة من هذا القرب بينه وبين المرأة الأخرى الذي تتذكر أنها رأتها بأحد الصحف ربما …..
تجمدت ليلى للحظات ودموع عينيها تتساقط حارة على وجنتيها ….
الشيء الوحيد الذي أنساها ما رأته هو صوت صالح وهو يهتف اسمها بالخارج ….ويبحث عنها …
غفلت عن كل شيء وركضت إلى الشخص الوحيد الذي سيظل لها كل شيء ….مهما فعل …
ركضت إليه …وابتلع ريقه عندما رأها تتجه إليه بهذه اللهفة…خاطرة متهورة مرت على عقله بثوانِ ….
صورت له مشهد سريع …. أنه سيأخذها بين ذراعيه من أي شيء سبب لعينيها الألم ….وينقذ نفسه وينقذها …
يحارب الهجر والظروف وكل شيء ….
أين هو من هذه الشجاعة ….؟!
وقفت أمامه وهي تبكي بقوة وقالت له :
_ « وجيـه….أنا مش مصدقة أني شوفتك تاني..!!»
ضيق وجيه عينيه في دهشة !! ماذا تقول ؟!
ربما لو كان ذلك استقبالها له بأول مرة بعد هجر سنوات ما كانت آلت الأمور لما هي عليها !
كادت أن تتابع …وتقول شيء…بل أشياء….كل شيء
ليدق الذعر بقلبها من جديد بدخول صالح …
ارتجفت ليلى گ المحمومة وهرعت الي وجيه أكثر …. تمسكت بياقة معطفه وتوسلت ببكاء :
_« ما تسبنيش تاني عشان خاطري…. ماتسبنيش …..»
رددت الكلمة بتأكيد…كأنها تؤكد عليه أني يأخذها من هنا…الأمر أمرها !!
ضيقت جيهان عينيها بغضب من تلك المرأة المجهولة التي تقترب إليه بذلك القرب الغريب !
تابعت ليلى ببكاء يشبه الصراخ :
_« أحميني منه … خليني هنا….جانبك … لازم تعرف أني ..»
التمعت عينيه ببريق شديد….ظهر بها ضعف وشوق يسخر من مقاومته التي شيدها …ولكن ….
أتت الرياح بعدما أحترقت السفن ..!
تكذب لتنقذ نفسها…مؤامرة الأفاعي….!
قاطعها ورفع يديه ليدها المتمسكة بمعطفه ووضعها على يدها… فتبسمت عينيها بالأمل….حتى أنزل يدها من على ملابسه بقسوة …..
ورغم ذلك عينيه ثابته على عينيها كأنها تُعيد لها مشاهد ماضية …. وكأنها تشاهد ملفات الماضي فيهما !
نظرت ليلى ليدها الساقطة جانبها بصدمة جمدتها …حتى قال بصوت جليدي جاف ونظرات تلتهب انتقام ورد الصاع لها مثلما فعلت…. وبنفس الكلمات التي قتلته بها سابقـًا:
_« أبعدي عني…. سيبيني في حالي …..أنسيني …»
كلمات …. كأنت گ السم !
طعنات ..!
استخدمتها قبله ؟!
قتلته بها أولًا ….!

 

هي البادئة !
اتسعت عينيها في صدمة راعدة ….وأصبحت فجأة وكأنها بلا روح !
أين انت فيك ؟!
تردد هذا السؤال بعقلها وهي تتنظر له بذهول ….!
ورغم ما قاله …ولكنه ود لو يصفع نفسه على ما قاله !!
لم يكن رد الضربة من شيمه !
ابتعدت عنه خطوة خطوة ببطء…كأنها الآن تهرب منه هو فقط !
حتى اصطدم ظهرها بالحائط واستندت عليه ببكاء صامت…أقوى من الصراخ …بكاء يملؤه الضياع والضعف والتيهة …..
شاهدت الممرضة منى ما حدث وهي تقف خلف صالح وصدمت من موقف وجيه ومن كلماته !
اشفقت على ليلى واقتربت لها قائلة :
_ « تعالي يا ليلى …. بنتك لوحدها وهتصرخ لو مالقتكيش جنبها…»
كانت ليلى في صمت تام…الدموع تسقط من عينيها فقط وتنظر له ….
ونظرتها التي قتلت فيه قوة مزيفة ربحها كي ينساها فهواها اكثر!
وتلاقت نظراتهما في صمت مزعج من النظرات الصارخة..!
سحبتها الممرضة وهي لا حول لها ولا قوة ….كأنها بالفعل أصبحت جثة تتحرك !
ضاقت نظرات صالح على وجيه وقال :
_ أنت رميتها زي ما رمتك زمان …وزي ما أنا رميتها وطلقتها ….مابقيتش تلزمني …..بس بنتي مش هسيبها ….»
خرج صالح من غرفة المكتب وترك وجيه يقف بلا حركة ….كأن أحدًا انتزع شيء من روحه !
اقتربت جيهان منه وتساءلت بعصبية :
_ « مين دي يا وجيه ؟! وكلمتك كده ليه ؟! وأنت….»
صاح وجيه بغضب فيها وصب عليها كامل غضبه وهو يتنفس بحدة كأنه في سباق للركض:
_« سيبيني دلوقتي …عايز أبقى لوحدي ….»
كتمت چيهان كم هائل من التساؤلات واطاعت أمره حتى لا يغضب عليها أكثر من ذلك وخرجت ….
توترت عينيه في صدمة من نفسه…كيف لجأت إليه وخذلها بهذه الطريقة ؟!
عناد ؟!
كبرياء ؟!
أم صفعه حتى تشعر بما وضعته بشراب عمره الفائت وتجرعه بمرارة …نقطة نقطة ! …دون رحمة منها؟!
العقل يقول احسنت….
والقلب يبك بقهر !
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
اقتحم جسد ليلى رجفة عنيفة تشبه نوبات مرض الصرع …..اسندتها الممرضة منى بقلق وتوجس من حالتها ….وادخلتها لأقرب غرفة كانت فارغة من المرضى…رافقتها حتى تمددت ليلى على الفراش وهي ترتجف بشدة وكأنها محمومة …قالت الممرضة منى بخوف :
_« مالك يا ليلى ؟! …»
نطقت ليلى باسم ابنتها وأسنانها تصطك ببعضهما :
_« بـ…بنت…ي …»
فهمت الممرضة ما تريده فقالت :
_ « حاضر…هروح اجيبهالك حالًا…..»
ذهبت الممرضة لتأتي بالطفلة ….ولكنها لم تجدها بالغرفة !
وجدت فقط أحدى الممرضات وهي تأخذ جهاز قياس السكر من درج الكومود بجانب الفراش ….تساءلت :
_« البنت الصغيرة اللي كانت نايمة هنا فين يا سماح ؟! …»
أجابت سماح بتلقائية :
_« واحد خدها وقال أنه أبوها ….البنت صحيت ومشيت معاه بس كانت بتعيط ….»
هتفت منى بغيظ :
_ « وبتسبيه ياخدها ليه من غير أذن أمها ؟! »
نظرت لها سماح بقلق وشعرت وكأنها تسببت بمشكلة كبيرة …واجابت :
_ « طب تعالي نلحقه …اكيد مبعدش من هنا ولا لحق يخرج من المستشفى …»
هرعت منى معها للخارج ولكن لا وجود لطيف ذلك الرجل البغيض ولا الطفلة …!!

 

➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
دخل صالح ومعه الطفلة ” ريميه ” التي تبكي بقوة …إلى مكتب وجيه الذي وضع رأسه بين راحتي يديه في حزن شديد….
ليرفع رأسه ناظرًا بأحتقار لهذا الرجل الذي سرق منه أغلى شيء لقلبه ….حبيبته …
قال صالح بعجرفة وغرور :
_ « عرفت أن عمي هنا….حساب المستشفى عليا …. شيك فاضي واكتب فيه المبلغ اللي أنت عايزه….»
ضيق وجيه عينيه بكره شديد للذي يتحدث بعنجهية وتسلط ..! نهض وتحكم بأعصابه كي لا يصفعه على وجهه وقال :
_« الحساب اتقفل بالفعل … فلوسك مالهاش لازمة ….»
رفع صالح عينيه بنظرة ضيقة ماكرة :
_ « ومين اللي قفله ؟! …»
جزّ وجيه على أسنانه بقوة وعصبية ثم أجاب :
_ « مالكش فيه …. دي حسابات خاصة بالمستشفى …. مش أي حد يطّلع عليها !! »
فهم صالح أن وجيه يسخر منه ويقلل من شأنه خلف الكلمات ….تطلع به بعدائية وشر ثم قال :
_« ما تتحدنيش أنت ماتعرفش أنا ممكن اعمل إيه….أبقى اسأل كويس عليا ….وبخصوص عمي فأنا عملت اللي عليا …أنما هو ما يلزمنيش لا هو ولا بنته….بس بنتي اللي تلزمني ….»
نظر وجيه للطفلة التي تتلوى ببكاء في قبضة أبيها فأعتصر قلبه يد من الألم لأجلها …..سأله في كره :
_ أنت واخدها غصب عنها ؟! أمها عارفة وموافقة ؟! »
مدت الطفلة ” ريميه” يدها وهي عاجزة عن رؤية اتجاهه… حتى انحنى وجيه لها وامسك يدها في لمسة حنونة وكاد أن يسألها فأرتمت الطفلة على صدره ببكاء وهمست له :
_ « ماتسبنيش …معاه….خليني معاك ….»
ودفنت رأسها بكتفه في احتماء ….
يا الله ..
تلك الكلمات مرةً أخرى !
من النسخة الصغيرة لحبيبته !
تمسكت الطفلة بمعطفه وهي تصرخ وتبك، فجذبها وجيه إليه بقوة …لم يبقى على هذا العهد الزائف الكريه .. وقال لـ صالح بعصبية :
_« طالما مش راضية تيجي معاك يبقى سيبها مع والدتها…لما أمها توافق أبقى خدها….مش هسيب البنت معاك وهي بتعيط كده ! »
تملّك الغضب والشر من صالح …ولكنه ليس غبي لدرجة أن يستخدم العنف الآن….كان لديه شيء أكبر يربح به…..أخرج ورقتان من محفظته الخاصة ورفعهما أمام عين وجيه قائلًا :
_« طب ما تقرأ اللي في الورقتين دول ….يمكن تعرف أنا مصمم أخد بنتي ليه…. أنت مش هتمنعني أخد بنتي بس حابب أنك تعرف السبب….ولو كنت مكاني كنت هتعمل كده …..»
استقام وجيه بجسده وترك الطفلة التي تشبثت بقدميه في خوف وأخذ الورقتان ليقرأهما …..اتسعت عينيه بذهول وصدمة

 

….
ردد ما يقرأه دون أن يستوعب أو يصدق ما يقرأه ….
ادمان مخدرات..؟!
واسم المريض……” ليلى عبد العزيز ”
خطف صالح الورقتان منه وقال بابتسامة ساخرة :
_ « أظن فهمت دلوقتي…. دي شهادة مرضية من المركز الطبي اللي ودتيها تتعالج فيه …… ولولا أن ليا اسمي وسمعتي وهتفضح كنت رفعت عليها قضية وخدت البنت….بس بنتي لو مخدتهاش بالذوق هخدها بالقانون….امها غير أمينة على طفلة صغيرة بظروف بنتي …. وخصوصا لو بحالتها دي….»
حمل صالح الصغيرة التي تناشد وجيه وتمد ذراعيها للنجدة، ولكن وجيه يقف زائغ النظرات….يلهث في دروب التيهة…ضائع الفكر …مشتت …في صدمة عنيفة ….
قابل صالح الممرضتان بخارج مكتب وجيه وأوقفاه فقال لهما في ثقة :
_ « اسألوا دكتور وجيه….وهو هيجاوبك …. أنا فهمته حالة ليلى ..»
تعجبا الفتاتان وتركاه يذهب …. بينما ذهبت الممرضة منى لوجيه ….لتجده يقف مكانه دون حركة …لا زالت حالة الصدمة متملكه منه …..قالت له في ضيق :
_ « يا دكتور ….. وليلى لما تسأل على بنتها هقولها إيه ؟! »
ابتلع وجيه ريقه بصعوبة ولم يجيب …..فكررت منى سؤالها حتى هتف وجيه بعنف :
_« أخرجي برا … مش عايز اسمع اسمها….»
صدمت منى من تعنيفه وطرده لها …..ما كان بذلك الغاضب يومًا مهما أستاء من شيء ….لم تره هكذا في مدتها القصيرة بالمشفى….خرجت من المكتب وهي تدمدم بالكلمات واالسخط …
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
توجهت الممرضة منى لغرفة ليلى فوجدتها تقف بحمام الغرفة وتصب الماء على وجهها …كأنها تخمد نيران تحترق …..علها تستفيق من تيهتها …ومن غفلتها …ومن هذا العجز…!
فقالت منى بأسى وضيق :
_« الراجل اللي كان واقف معاكِ خد ريميه يا ليلى…..جريت وراه أخدها منه لقيته استأذن من دكتور وجيه….»
انتفض جسد ليلى واستدار لها بعينيان مذعورتان وهتفت :
_« صالح خد بنتي ؟! …..»
توجست الممرضة من الهلع الواضع على وجه ليلى وقالت بتلعثم :
_ « والله روحت لدكتور وجيه أسأله قام طردني ومش عايز يسمع اسمك!! »
اتسعت عين ليلى على أخرهما ….لا تصدق أنه فعل ذلك حقاً !
زلزلت الأرض أسفلها وارتعد الغضب بكامل كيانها …. توعدت عينيها بشيء صارخ وهي تغادر الغرفة كأنها تركض ….

 

➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
گ الشيء الثقيل الذي هزى على رأسه ما ترك بعقله انتباه أو تركيز….
حتى أنه شعر بأن عينيه قلت رؤيتها بعض الشيء !
وبينما وهو يسند يده على المكتب واقفا محني الرأس في كسرة …استقام أخيرًا وشعر بأختناق كبير بهذا المكان ….بشيء يدمي قلبه …. تحرك نحو الباب وخرج من المكتب مغادرًا المشفى بأكملها….
خطواته بالمرر الطويل والمارة حوله اكدت للجميع أن به شيء غير طبيعي …حتى أوقفه صوت صارخ يهتف باسمه ….استدار ببطء ليجدها تمضي إليه بخطوات واسعة كأنها تنوي نشب أظافرها بعنقه …..بنظراتها الغاضبة تلك ….
الذي لم يرها بتلك الكراهية من قبل !!
مضت إليه ليلى في سرعة أكثر من المعتاد حتى وقفت أمامه وكأن الزمن تقف بينهما …وحولهما ….
لترفع يديها وتهوي بها على وجهه بصفعة شرسة ….
وصرخت بعينيها الحمراء ودموع تغرق وجهها :
_ « دلوقتي حاسة أني ما بكرهش حد ادك …. ايوة …أنا بكرهك …»

أكثر ما يؤلمنا هو الظلم….والأكثر ألم أن يكون بيد من نحب !
حملقت أزواج من العيون عليهما ….. بينما يده على جانب وجهه في صدمة مما فعلته !
صفعة !
لرجل بمكانته…بهيبته …بشخصيته !
ستكن بالتأكيد علكة يمضغها الآخرين بأفواههم لفترة كبيرة ….
احتد به الغضب… غضب لكرامته گ رجل تمت أهانته أمام الجميع …. أطبق شفتيه على بعضهما في غضب تنذر به عينيه، ثم بنفس اليد التي كانت على وجهه إثر الصفعه كانت تجرها من ذراعها لمكتبـه….
حاولت أن تتخلص ليلى من قبضته وهي تتمتم بعصبية …ولكن كأنها صبت جميع قوتها بتلك الصفعة، وأصبحت بعدها ورقة ذابلة من شجرة هشة تخطفها النسمات….
دفعها وجيـه بداخل مكتبه بعصبية بينما عينيه تصرخ بعنف وتلتمع بشرر ناري….. لم يكترث للهمهمات ولا للأقاويل فيبدو إنه نفذ لجام التحكم بأعصابه …..
اندفعت ليلى على مكتبه بقوة …. حتى استدارت له بنظرة غاضبة ولمحته وهو يغلق باب المكتب الذي حجب عيون الكثير من الأشخاص ….. قالت بصوتٍ عالِ وهي تتحدث بغضب ودموع متساقطة :
_ « أنا عايزة أمشي من هنا …مش عايزة أشوفك … جايبني هنا ليــــه ..؟! »
أقترب إليها بنظرة تشتعل غضب وكراهية …. حتى لو كانت وليدة موقف وستزول …ولكن حقا مرت عليه تلك اللحظة أخيرًا…ويرجو أن لا تزول…..قال بغضب :
_ « أخرسي خالص ….أنا مش طايق حتى اسمع صوتك …. أنا بالفعل كنت رميتك ورا ضهري …. كنت شوفت حياتي أخيرًا ! لكن اللي عملتيه ده مش هيعدي بالساهل …»
ابتعدت خطوات للخلف وهي تهتف ولكن بداخلها ترتجف بكاء وألم :
_ « اللي أنا عملته ولا اللي أنت عملته ؟! »
أشارت لنفسها وهي تبكِ بمرارة :
_ « أنا جريت عليك لما حسيت بالخطر…!
استنجدت بيك عشان تحميني …!
ما شكيتش لحظة أنك هتدافع عني وتحميني ..!
كنت فكراك حاجة تانية غير اللي واقف قدامي دلوقتي …!
وكله كوم…وأنك تسمح لحد ياخد بنتي كوم تاني !
ده أنا جريت عليك ومرعوبة منه تقوم تسلمه بنتي من ورايا ؟!
للدرجة دي ……»
قاطعها بالحديث وقطع المسافة بينهما بحركة سريعة وعصبية …ليتحدث بنبرة قاسية وعنيفة :
_« للدرجة دي أنا بحتقرك !
مش أنتِ كرهتيني ؟! ده أقل شعور حاسه دلوقتي ليكِ !
عمري ما كنت اتخيل في يوم أنك مدمنة مخدرات !
واضح أن طليقك استحملك بما فيه الكفاية …يمكن كمان كان عارف من قبل ما يتجوزك …. عشان كده وافقتي عليه وبعتيني في لحظة ! …. ومكنش في أي شيء يخليكي توافقي عليه وترفضيني طالما والدك كان موافق عليا …. ! »
أطرقت رأسها للأسفل بنظرة باكية … وارتجفت من البكاء بشكل عنيف أمام عينيه …وضعها صمتها موضع اتهام أكثر …. فهتف بعنف والمرارة تطوف بعنف في عينيه :
_« لعبتي بيا … كنت صريح وأصدق من أنك تعملي فيا كده !
يمكن لو كنتِ قولتيلي الحقيقة كنت ساعدتك تتعالجي ووقفت جانبك ! »
نظرت له بألم وقالت بحزن وكسرة :
_« أنا مكنتش مدمنة لما عرفتك ….. ده حصل …»
أغمضت عينيها في ألم وتيهة وهي لا تجد إجابة بعقلها المشوش والتائه …فقالت ببكاء وتيهة :
_« مش عارفة…مش عارفة ….. »
لم يرى بإجابتها سوى الكذب والمراوغة فقال بسخرية ونظرة محتقرة :
_« يعني كمان مكنش في سبب عشان تعملي فيا كل اللي عملتيه ! بس يمكن ده من حسن حظي أني بعدت عن انسانة منحلة زيك … ماتنفعش أم …ولا تنفع زوجة تشيل اسمي …»
كتمت ليلى صرخة عالية … والسبب الوحيد الذي جعلها تتزوج ذلك المجرم …لا تستطع التفوه به …… هزت رأسها والدموع تتساقط من عينيها وقالت بكسرة :
_« أنا هاخد أبويا من هنا …. لو كنت أعرف إنك هنا مكنتش جيبته هنا ….. »
صاح بوجهها بعصبية وود لو يصفعها ولكن رجولته تأبى ذلك :
_« أظن الدكتور قالك ماينفعش …. »
نظرت له بتيهة وهي لا تتذكر أنها تحدثت مع أي طبيب …قالت بتلعثم :
_« محدش قالي حاجة ! »
سومها بنظرة غاضبة وهتف بها :
_« بطلي كدب بقى !! أنتِ عارفة أن الدكتور المشرف على حالته رفض تاخديه ….أظن هتنكري كمان أنك وقفتي نفس وقفتك دلوقتي واتحدتيني ! »
صدمت من قوله … ضيقت ليلى عينيها وبفوضى عارمة تحدث برأسها وأفكارها المتأرجحة …… هزت رأسها بالنفي !
امتلأ الغضب بعينيه، فهو لا يدري موجة تيهتها وقالت بحسم حتى لا يرى ضعفها أكثر من ذلك :
_ « أي كان …هاخد أبويا من هنا…أنا المسؤولة، الدكتور مش هيجبرني أبقى…أنا مش عايزة أكون في مكان أنت فيه ….وكفاية كده …»
اسودت عينيه بظلال قاتمة من الانفجار الناري ……
ماذا يفعل مع تلك المخلوقة التي أستاطعت أن تزرع بقلبه منتهى الحب ومنتهى الكراهية في نفس اللحظة !
قال بتوعد ارتعد بنبرته وكأنه ينذرها بأمر خطير :
_« خديه مش همنعك….بس أوعدك مافيش مستشفى هتستقبل حالته ولو ليوم واحد ….لو طلع من هنا يبقى حكمتي عليه بالموت …وأنتِ عارفة أني اقدر اعمل حاجات كتير ….. جربي عشان تتأكدي من كلامي …بس خلي بالك …التجربة هنا فيها موت …. أنا مش متمسك بيه عشانك !
أنا متمسك انتقم منك ….على اللي عملتيه زمان…واللي عملتيه دلوقتي….. مش هسيب الفرصة دي من ايدي عشان أقفل آخر صفحة من حكاية كلها خيانة وغدر ….»
نظرت له نظرة طويله كلها عتاب وحزن ثم قالت :
_ « يبقى من حقي أعرف مصاريف علاجه …مش هيتعالج ببلاش …ولا شفقة منك …. بس خلي انتقامك بعيد عنه وعن بنتي …أنما أنا خلاص…. أنت زي اللي بيطلب الأعدام لميت ! »
التمعت عينيه فجأة بخاطرة ماكرة ابتسم لها بسخرية …. توجه لمكتبه ورفع سماعة هاتف أرضي وأمر بإرسال ” رئيسة الممرضات” ….. مدام ” عفاف”
نظرت له ليلى بصدمة وقالت وهي لا تعرف لأي شيء يخطط …
أتت سيدة اربعينية وتقترب إلى الخمسين مرتدية زي أبيض مختلف عن الممرضات وعن الأطباء أيضاً….. ووقفت أمامه في وقار قائلة :
_« نعم يا دكتور …؟ »
جلس وجيه أمام مكتبه وارجع ظهر للوراء بنظرة متمعنة بوجه ليلى الذي وكأنها تنتظر حكم الأعدام …وقال والسخرية تملأ عينيه :
_« شوفيلها شغل هنا …. أي شغل ….»
ضيقت ليلى عينيها بدهشة في حين نظرت لها السيدة بتعجب ….من طلب وجيه الذي لأول مرة يطلبه من أحد…ولأن تلك الفتاة لا يبدو أنها تدري ما هو عمل المستسفيات من الاساس …ومن حالتها التي لا يرثى لها ….. فقالت بتعجب :
_ « هتشتغل إيه يا دكتور ؟! يعني ما اظنش أنها دكتورة ولا حتى ممرضة … هي معاها شهادات إيه ؟! »
رمى وجيه نظرة جانبية لعينين ليلى التي شردت بتيهة واضحة فقال :
_« أي شغلانة على ما تحضر أوراقها …. »
قالت السيدة وهي ترمق ليلى من رأسها لأخمص قدميها …وقالت باستغراب:
_« مافيش اماكن فاضية غير النظافة يا دكتور …حتى المطبخ العمالة فيه اكتفت ! »
تنفس وجيه بملامح جامدة وهو ينظر ل” ليلى” ونظرته بها بريق وكأنه يجاهد شيء بداخله سريعا ما أخفاه …ثم قال وابعد عينيه عنها :
_ « مافيش مشكلة …. »
غادرت السيدة وهي تعده بترتيب الامر في خلال ساعة واحدة …. تحركت ليلى أمام مكتبه وقالت وهي تكتم دموع هائلة :
_ « لو فاكر أنك كده بتعاقبني تبقى غلطان …. ياريت كل العقاب كان كده …. حتى لو هشتغل هنا اي شغلانة الشغل مش عيب….وأهون مليون مرة من حاجات كتير وأولهم أنك تشفق عليا أنا وابويا …. بس هروح أجيب بنتي الأول …. مش هقدر أعيش من غيرها …»
نبضت عينيها بالدموع وظهر بها بريق توسل فنظر إليها بثبات ثم قال :
_« طليقك مش هيسبك في حالك لو خدتيها …. خصوصا أن ليه الحق في أخد البنت بعد اللي عرفته ….»
قالت بألم :
_ « أنت مش عارف أي حاجة ….. سيبني أجيب بنتي … ريميه مش بتحب عيلة أبوها لأنهم قاسيين عليها … ولا هو بيدور عليها حبا فيها ….. هو عايزها عشان عارف أن هي الطريق ليا ….بيذلني بيها عشان أرجع …. »
حدجها بنظرة شرسة ونارية ثم مسحت هي عينيها من الدموع وقالت :
_ « لما أبويا يفوق هنسافر لأبعد مكان عن الكل …. لحياة جديدة وناس جديدة …يمكن أقدر ارجع نفسي اللي مش عارفة ألقيها ….»
استدارت لتخرج من المكتب فأوقفها بحدة ….اتجهت له من جديد فوجدته يقترب لها بتريث….وقفها أمامه وظهر بعض التردد بعينيه …كأنه يكفاح لقول لشيء….أو بالأصح لأخفائه …!
قال أخيرًا بنظرة ثاقبة لعينيها دون تعابير على وجهه :
_« شغلك ابتدا من دلوقتي ….مش هينفع تخرجي …. شغلك وبياتك هيكون هنا…. خروجك بأذن …..»
ردت بغضب :
_« أنا مضطرة ارجع على فكرة ولا ناسي أن ابويا هنا ؟!
بس مش هسيب بنتي معاه ! دي زمانها مموته نفسها من العياط …! »
رفض بعصبية :
_« قولت مش هتخرجي ….»
صرّت على أسنانها بغضب وتحركت اتجاه الباب وفتحته قليلًا حتى لحقها وأغلقه بيده مرةً أخرى وهتف بها :
_ « أنتِ مش هتخرجي من هنا ….. مش هسيبك تكوني معاه لوحدك ….. »
رفعت نظرتها له وتطلعت لارتباك عينيه ببطء وكأنه ندم على ما قاله …. تملكه الغضب بعنف ليخفي هذه اللمحة وهتف :
_« خروجك بأذني…ودلوقتي اطلعي برا مكتب يا ليلى ….شغلك مش هنا في مكتبي ….»
رمتها بنظرة عاتبة ثم قالت ببكاء :
_« قولتلك راجعة…. لو أنت مكاني هتسيب بنتك كده ؟!
أنا بحس أني هموت كل ما أتخيل حالها دلوقتي …»
أطرق بيده على الباب بعصبية وهتف :
_« وأنتِ متخيلة أنك لو روحتي تجبيها هيسيبك تاخديها بسهولة ؟! »
هتفت به كي يتركها وشأنها :
_ « مالكش علاقة بأموري الخاصة….شغل وهشتغل طالما هسدد مصاريف علاج أبويا وحتى لو قعدت عشر سنين اشتغل وطالما أنت هتكون مبسوط لما تذلني !! …. لكن أنك تحدد اقامتي مش هسمحلك ! »
رد بعصبية :
_« دلوقتي أنا بس اللي مسؤول عن كل خطوة بتخطيها …. »
ضيقت عينيها بنظرة شرسة وصاحت :
_« انت ما اشترتنيش! لا أنت ولا أي حد هيقدر يسيطر عليا ….. ومتفتكرش أني عاجزة أني اخد أبويا من هنا …. كل اللي موقفني أني خايفة عليه …وعارفة أن أي مكان تاني مش هيكون أمان أكتر من هنا…. جتلك الفرصة يا وجيه تنتقم مني ….تمام
بس بنتي خارج الحسابات …. مش هسمح لحد يقربلها …. ولا هسمح لحد يبعدني عنها …»
فتح وجيه باب المكتب ودفعها للخارج بغضب ….أمام الجميع ….رد لها صفعتها ودون حتى أن يقصد ذلك ..!
لم يتحكم بغضبه …ولم يستطع أن يخبرها …أنه مع كل وجه العقاب والانتقام هذا …أنه جدًا يغار !!
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
في أحد المكاتب بالمشفى …..
وقفت ممرضة شابة ….جميلة الملامح لحد الفتنة …أمام جاسر وقالت بدلال :
_ « يعني خلاص هتسيبنا يا دكتور ؟! هنهون عليك ؟ »
أجاب جاسر بابتسامة ماكرة :
_ « وأنتِ عمرك هونتي عليا غير مرتين تلاته كده يعني ؟ »
ضحكت الممرضة ” منار” ووضعت يدها على فمها ثم قالت :
_« أهو ضحكتني وأنا زعلانة …ينفع كده ؟! »
هز رأسه بابتسامة واسعة وقال بخبث :
_« يا قسوتي …..لأ ما ينفعش … بس إيه الضحكة دي ؟ ما تضحكيش تاني لو سمحتي …»
سألت منار بمكر ورسمت على ملامحها عدم الفهم :
_« ليه ؟! »
رد جاسر بمكر وهو يخلع المعطف الطبي الأبيض :
_ « قلبي …. قلبي دق وقال منار …منار …منار …»
هجم على المكتب فجأة شقيقه يوسف …طبيب اسنان ….نظر يوسف له وهو يرفع حاجبه عندما وجده يخلع معطفه ويتحدث بتلك الطريقة الماكرة :
_« وحــــــدوووووه ….»
تنحنحت منار بحرج ….ووضع جاسر البالطو الأبيض على ظهر المقعد ورد عليه بغيظ :
_« لا إله إلا الله ….. خير يا …دكتور يوسف ؟ »
أقترب يوسف بابتسامة حاول يخفيها وغمز قائلا :
_ « بقول وحدوووه …وحد الله يا جاسر ….وحدي الله يا منار …. احنا في المستشفى مش في قاعة الؤلؤة ؟! »
استأذنت الممرضة منار وخرجت من المكتب بينما جر جاسر شقيقه يوسف من ملابسه وهز قائلًا بغيظ :
_ « كام مرة حذرتك تدخل زي الحمار كده على مكتبي ؟! »
عد يوسف على أصابعه العشرة ثم قال بشرود :
_« تقريبًا عديت الألف وخمستاشر مرة ….. مافيش مرة فيهم كنت لوحدك…لازم أقفشك مع حد…. أنت مش عاتق ….لا جامعة ولا النادي وحتى المستشفى يا مفتري…. كل اسبوع واحدة شكل …. كتير كده !! »
قال جاسر بنفاذ صبر:
_« عايز إيه أخلص ! مابتجهمش على مكتبي كده غير لو في مصيبة …. »
حاول يوسف التذكر ولكنه نسى ما أتى إليه فقال بارتباك :
_« طب سندوتش وراجعلك ….نسيت …»
ظهر فجأة آسر ورعد عند باب المكتب ….أغلق آسر الباب خلفهما ثم قال يوسف بعدما تذكر من صدمتهم :
_« افتكرت …..عمكم أضرب بالقلم يا رجـــــالة ……! »
فغر جاسر فاه من الصدمة حتى قال آسر بعصبية :
_ « أنا حاولت أعرف هي مين معرفتش …ومش فاهم حاجة ! »
رد عليه رعد بتفكير :
_« طالما معملهاش حاجة وخدها مكتبه يبقى يعرفها ….»
نطق جاسر والذهول يملأ ملامحه وهتف :

 

 

_ « دي مين اللي اتجرأت وعملت كده ؟! »
قال يوسف محاولًا التذكر :
_« سألت منى وناسي قالتلي إيه !! يا جماعة سيبوني اتعشا وارجع ! عقلي هيشتغل وهعرفلكم كل حاجة والله والله …»
عقد آسر يديه حوله وقال بحيرة :
_ « أنا شايف أننا نستنى لما نرجع البيت ونسأله …هتلاقوه دلوقتي عصبي ….. »
نفخ جاسر بضيق وغيظ :
_« أحنا متفقين على سهرة النهاردة ….بقولك ايه أحنا هنتنفي والله وحده يعلم موضوع القافلة ده هياخد اد إيه ….بعدين نبقى نعرف اللي حصل ….. قدامنا ٣أيام على السفر مش هضيع منهم دقيقة ….»
قال يوسف بتصميم :
_« لو المكان اللي هتروحوه فيه أكل …هروح معاكم …..وإلا هقول لجدي …»
جره جاسر أمامه وقال له بغيظ :
_ « رايحين عيد ميلاد في ديسكو ….بس انت عارف لو حد عرف هعمل منك كفته ….»
قال يوسف مبتسما :
_« كفته …طب ياريت ….بس مين عيد ميلاده في ديسكو ؟ »
ابتسم جاسر وتذكر تلك الفاتنة صاحبة الحفل:
_« بسبوسة …»
يوسف بتعجب :
_« بسبوسة وعاملة عيد ميلاد لنفسها ؟! والتورته موافقة ؟! »
ابتسم رعد رغما عنه وقال :
_« دي صديقة جاسر…. بوسي »
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
وقفت چيهان أمامه وهو يجلس شاردًا بعينيه للبعيد ولا يعرف لعذاب قلبه من طريق للخلاص ….قالت بعصبية :
_« ممكن أعرف يا وجيه دي مين بالضبط ؟! أظن من حقي ؟! »
تنهد بقوة ثم قال بضيق :
_ « حكاية قديمة وخلصت يا چيهان …. أو عشان أكون صادق معاكِ ….بتخلص ….»
راقبت چيهان عينيه التي يملأها الحزن وقالت بضيق وغيرة :
_« طالما كده يبقى مش عايزة أعرف تفاصيل …. بس عايزة افكرك بحاجة….أنت وعدتني أنك مش هتسيبني …. ولا ….»
صمتت بخوف مر بعينيها وبنبرة صوتها ….وترقبت اجابته بقلق ولهفة … قال ببطء كأن الأجابة اجبارية :
_ « فاكر ….. أنا للأسف مش بنسى بسهولة …. أو مش بنسى خالص ….. ياريت كان بإيدي أقدر اتخلص بجزء كبير من ذكرياتي ….. »
كانت كلماته متقطعة…. ومليئة بالمعاني الكثيرة …. والألم بأطراف معانيها ظاهر !
زفرت جيهان بضيق شديد….علمت أنها ستواجه شيء كبير هو نفسه يواجهه ….ولكن أن انهزم سيضيع كل شيء….وهي لا تستطيع محاربة مشاعره لامرأة قلبه معها !!
تارة تملكها شعور التحدي …وتارة أخرى تملّكها رغبة الأنسحاب ….
أي الاختيارين أفضل؟! …
بعض الاجابات تترك للأيام …….
دقت على باب المكتب السيدة “عفاف” وسمح لها وجيه بالدخول…دخلت وظهر عليها الارتباك والقلق وهي تتحدث :
_ « البنت اللي كلمتني عنها يا دكتور مشيت ….سألت الكل عليها لحد ما عرفت أنها خرجت برا المستشفى ….. الكلام ده بقاله دقايق …»
انتفض وجيه من مقعده بصدمة….ومر بعقله خط سيرها وهي تبحث عن ابنتها ….مع ذلك الرجل الذي يعرف أنه لا يعرف معنى للرحمة …..
اتقدت نيران الغيرة والخوف عليها حتى اشتدت أنفاسه غضب وتحرك وهو يتمتم بكلمات غاضبة …. ومن بين كلماته انتبهت جيهان لجملته الأخيرة ….. ” مش هسيبها لوحدها معاه …لازم ترجعلي”
ادمعت عين جيهان وهي تره يسرع خلف حبيبته ويتركها كأن حديثه منذ قليل لم يكن …..
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖

يتبع…

تعليق واحد

اترك رد