روايات

رواية روح بلا مأوى الفصل الخامس 5 بقلم سارة فتحي

رواية روح بلا مأوى الفصل الخامس 5 بقلم سارة فتحي
رواية روح بلا مأوى البارت الخامس
رواية روح بلا مأوى الجزء الخامس

رواية روح بلا مأوى الحلقة الخامسة

الاحتواء ليس صعبًا لكنه يتطلب ثقة كل طرف بالأخر
   ***
الصدمة نزلت عليه الجمت لسانه وحواسه رمقته بنظرات
نارية جزًا على شفته السفلى وهو يحذره من استكمال حديثه ثم استدار
سريعًا ليرمقها وجدها تنهض من الارض كانت تجفف
الماء ويبدو عليها انها لم تسمع شئٍ، بينما هى رمقته باغتياظ ثم هتفت بحدة :
– اييييه واقفين بتتفرجوا على ايه ؟!
رفع ضياء يديه دلالة على الاستسلام هاتفًا :
– أنا ماليش دعوة
لكمه كنان فى كتفه قائلًا :
– انجز يا عم المسالم انت
تحرك معه صوب الشرفة ثم اقترب منه :
– انت يا بنى ادم غبى ايه خطيبتك دية قدامها ها
مال ضياء رقبته نحو اليسار قليلًا وهو رافعًا احدى حاجبيه :
– هى ايه الحكاية بالظبط ؟!
– ولا حكاية ولا رواية الموضوع كله البنى ادمة اللى جوه دية انا معرفش عنها حاجه غير انها فى نظرى
حرامية .. كمان بيسان لسة مش خطيبتى دية مجرد
كلام بين الامهات مش اكتر مفيش حاجه رسمى
قال جملته بتلقائية رافعًا حاجبه باستهزاء، قهقة
ضياء عاليًا قائلًا :
– طب والله قولت انت جاى هنا مش عشان توريط اسم ابوك بس عشان تهرب من بيسان..
حك ضياء ذقنه بتفكير ثم رمقه بنظرة ذات مغزى :
– بس انت قد الكلام ده .. ده نهلة هانم لو سمعتك
تقلب الدنيا مراجيح وتركب على مقشة زى الساحرة الشريرة.
قاطعه كنان محذرًا :
– متنساش انها امى اتلم
ابتسم بمكر :
– مين اللى جاى معايا الحفلة بكرة ؟!
– مش انا ماليش فيه
جلس ضياء على المقعد خلفه واضعًا قدمًا فوق الأخر
قائلًا بخبث :
– اولًا ده افتتاح مكتبة يعنى كتب وهتلاقى مزاجك
ثانيًا واوعى تفهمنى غلط اصلى ممكن كلمة توصل لانطى نهلة على جو كرومبو اللى انت عاملهُ والبحث عن الجريمة ده وان حياتك فى خطر  .. او طبق اكل من ايد كيان فقول انها
احسن من خطيبتك تنكة هانم ..
توسعت عيناه بذهول من الصدمة :
– ضياء انت بتساومنى انت اتجنتت
صمت للحظة قبل ان يوجه بصره نحو طيف الواقفة هناك قائلًا  :
– الضرورات تبيح المحظورات
عايزك معايا انا حاسس انها مش طايقانى وده وحش
في حق تاريخ الصياعة بتاعنا
نظر له باشمئزاز ثم اردف بتفاخر :
– لا حاسب انا تاريخى زى الفل
بعدين حاسس مش متأكد ؟!
 انا مش عارف انا مستحملك فى حياتى ليه ؟!
صمت للحظة مفكرًا ثم اجابه :
– الحب يا كيكو بقى
*****
اشرأبت بفيروزتها إلى السماء  التى غابت شمسها
لتحتجب خلف تلك الغيوم الرمادية الكئيبة مثل روحها
تخرج زفيرًا  من فمها تشعر وكأن
روحها تتبخر مثل الهواء المنبعث من فمها، قلبها محطم
هل هى بالفعل عشقت طاهر تنهدت بأسى قطع شروها
والدتها هامسه :
– بيلا واقفة عندك ليه كده؟!
وقافله الفون بتاعك ليه ؟!
طاهر اتصل عشان يطمن عليكى
انعقد حاجبيها تهمس باستنكار   :
-طاهر ؟!
هزت والدتها رأسها بالايجاب :
– ايوة كلميه كان قلقان عليكى ؟!
هو انتى تعبانة ؟!
نظرت لها بأعين خاوية قائلة :
– لا بس عشان ضغط الافتتاح متقلقيش
لم تقتنع بحديثها لكنها انصاعت لرغبتها فى الا تضغط عليها فى الحديث مردفة :
– طب ادخلى حبيبتى ريحى ونامى قبل الافتتاح
هزت رأسها فى صمت وسارت خلفها ثم اغلقت الشرفة
وتوجهت إلى الفراش تجلس ثم انحنت لتخلع الجهاز
****
مر اليوم التالى سريعًا بدون احداث تذكر حيث جاء
الموعد المحدد للافتتاح كان افتتاح ذو طابع كلاسيكى
يتناسب مع شخصية بيلا، الاجواء هادئة والموسيقى
هادئة ولجا كنان يرتدى حلته السوداء، وضياء الذى كان يرتدى قميصًا وبنطال باللون الاسود ويحمل هدية معه
يبحث عنها بانظاره فوقع بصره عليها وهى تقف
مع طاهر لا يسمع من حديثهم شئٍ ولا يرى سوى
ابتسامة تزين ثغرها لا يعلم لَمِ شعر بضيق
فى صدره تنهد واشار لكنان برأسه نحوها وهو
يسبقه بخطوات فتابعه حتى وقف امامها ثم تحمحم :
– مساء الخير
استدار له طاهر بترحيب ماددًا يده :
– دكتور ضياء نورتنا بجد
حاول ان يتغاضى عن صيغة المثنى التى يجمع نفسه
معها دائمًا ابتسامة فاترة قائلًا :
– بنورك .. دكتور كنان شريكى
– اتشرفنا
تلك الكلمة التى اردفها معًا كل من بيلا و طاهر
ابتسم كنان ثم قال بنبرة هادئة :
– الشرف ليا التنظيم بتاع الافتتاح على مستوى عالى
بجد كده انا هطمن على شغلنا.. بس هو ده اكيد ذوق
حد بيحب الكتب طبعًا
تحولت فجاءة لطفلة صغيرة سعيدة بالاطراء قائلة بنبرة طفولية :
– بجد يعنى الافتتاح والاجواء حلوة انا تعبت عليها
اوى .. بس متقلقش يا دكتور شغلك مش هيقل عن
كده نهائى
اغمض عيناه بانفعال فهى لطيفة مع الكل سواه ثم
فتحها هو يمد يده نحوها بالهدية، فرفعت اهدابها
إليه باستيحاء ثم همست برسمية :
– ميرسى .. ماكنش فى داعى تعبت نفسك
كاد أن يختنق من طريقتها، فاستئذن طاهر ليرحب
ببقية الضيوف وانسحبت هى ايضا بلباقة لتنضم
لصديقاتها
جاب كنان المكان بعيناه بانبهار ثم وقعت عيناه على
من يشتعل بجانبه فهز رأسه ضاحكًا :
-ايه يا عم المشتعل مالك ؟!
اوعى تكون بتحب وغيران وكده
فاقترب منه ليردف بحزم ونبرة الضيق لم ينحج فى
اخفاءها :
– مش فاهم مالها بتحاول تتجاهلنى ومش طايقنى
ده غير الاخ طاهر الملزق اللى بيتكلم بصيغة إنهم واحد
قهقة كنان على حالته قائلًا بخبث :
– انت غريب ياجدع مش يمكن واحد فعلًا
سيبك الحفلة مليانة مزز تفتح القلب
– الصراحة يتاكلو اكل بس انا بحاول اغض بصرى
ابتسم كنان بتهكم قائلًا :
– لا وانت اللهم قوى ايمانك
****
بينما على الجانب الاخر اصدرت تأوه خافتًا اثر ارتطمها بحائط بشرى ادى إلى
وقوع حقيبتها ارضًا رفعت عيناها تنوى الاعتذار فهى
كانت تسير فى عُجالة لكن عندما انصدمت بعيناه تحولت ملامحها لشراسة :
– احنا هنستهبل بقى ؟!
صمت لحظة ليهتف بنبرة مشدوهة :
– انتى تانى ؟!
عقدت ذراعيها امام صدرها وهى ترمقه بنظرات استحقار قائلة باستهجان :
– والله !!
ده على اساس انها مش مقصودة
تمتم مستغفرًا وبداخله مستعجبًا من تشابه الشكل والطباع بينما يميل برأسه ناحية اليمين ثم قال بابتسامة ساخره :
– اكيد مش هوصل لكده يعنى .. بعدين انتى مكبرها
فى حق نفسك
توسعت عيناها بذهول وكادت تمطره بوابل من الشتائم
لكنها صمتت  ومازالت متشبثة بنبرتها الغاضبة :
– انت قليل الذوق ولولا الافتتاح كنت عرفت رديت عليك كويس
ثم همست بنبرة خفيضة :
– دلوع مامى اوى
إلتقط أذنه همساتها، لوهلة شعر برغبة فى صفعها لكنه
تسلح بقناع البرود وهو يحك ذقنه قائلًا  :
– دلوع مامى بس اعجبك اوى
انفرج فاهها مصدومة من جرأته فهزت رأسها بيأس
وتجاوزته، بينما هو وضع يده على صدره هامسًا :
– لسانها عايز قصه بس عسل
***
– مش دية كيان مراتك اللى جاية هناك دية
تلك الجملة اردفها ضياء
رفع عيناه يطالعها كانت ترتدى فستانًا اسود وحجابها
الوردى الذى يتماشى مع بشرتها الحليبيه، تمعن النظر بها
وهو يفكر فهو لم يفهمها حتى، الآن وما دفعها للجوء لشقتهم، فهو عاش معها لكنه يجدها
خليط غريب من الغموض والحيرة والالم والطفولة
والأهم التسامح بداخلها طفلة تتراضى بكلمةٍ
صدح صوت ضياء مناديًا :
– كيان
رفعت نظرها لهم فى نظرة سريعة ثم تحاشت النظر إليه
وهى تتقدم بخطواتها نحوهم قائلة :
– اهلًا
 انتوا هنا ليه ؟!
بادرها ضياء بالحديث :
– احنا هنا مدعوين الانسة بيلا هى اللى بتصمم افتتاح
المركز التجميلى بتاعنا
انتى تعرفيها ؟!
ردت سريعًا وهى تهز رأسها كى تنهى الحوار وتنصرف :
– انا بتعامل مع الانسة بيلا من فترة
انا متعهدة الأكل بتاع الاحتفال
كل ذلك وكنان يراقب ربكتها فى الحوار وهى تحاول
أن تنهى الحوار معهم، يشعر انها تعانى من اضطربات
نفسية ، تضع حاجز بينها وبين العالم الخارجى
بينما توسعت عين ضياء بسعادة قائلًا :
– بجد يعنى طلع ذوقها عالى زى فى الأكل
– مش فاهمة تقصد أية  !!
سألته مستفسره عند قصده، ثوان وكان البوفيه يفتح
ورفع بصره وجد بيلا تتوجه مع صديقاتها فقال :
– لا متركزيش بس عن إذنكم مقدرش افوت الاكل
والجمال ده
قال كلمته وهو يغمز بعيناه لكنان ثم انصرف أما هى
فلم تعيره انتباه وتقدمت تقف على بعد خطوات تراقب
ردود الافعال على الطعام وهى تأكل شفتيها بتوتر
بينما على بعد خطوات وقف كنان يراقبها هو لا يصدق
انه تزوج من فتاة لا يعرفها لا يعرف عنها شئٍ، لا يصدق
انه تزوج من لصة، تنهد بثقل ففى النهاية هى ضحية
الدناءة والخسة لمن يغشون فى مواد البناء ولا يهتمون
بالأطفال والكبار هدفهم الأول والأخير الربح ولسوء
حظه تورط والده فهذه الصفقات المشبوهة تقدم ووقف
بالقرب منها وهو يضع يده فى جيب بنطاله والأخرى يقرص مؤخرة انفه قائلًا :
– على فكرة اللى هيشوفك كده هيفتكر حاجة من الاتنين اما اول مره تشوفى الأكل اما حاجة تانيه
استدارت له بحدة وهى تمتم مغتاظة :
– تقصد أيه ؟!
رفع كتفاه بلامبالاة ثم نظر امامه ونظرت هى ايضًا امامها مدعية البرود والثبات بينما التوتر جلى على
ملامحها ثم قالت :
– ما يهمنيش رأى حد وانت حر فى تفكيرك
بنى ادم مستفز اوى
دنا منها اكثر بشكل ملفت وهو يجز على شفته السفلى وبابتسامة صفراء قال :
– انتى قد الكلمة دية ؟!
ابتلعت ريقها بصعوبة وهى تجوب بعينها المكان قائلة :
– انت ازاى تقرب منى كده انت اتجنتت
ابتعدت عنه وهى ترتجف فلأول مرة رجلًا يكون بهذا
القرب انصرفت مسرعة بعيدًا بينما هو هتف بنبرة
مشاكسة :
– انا مش هسيبك إلا لما عرف حكايتك
****
– على فكرة انتى النهاردة جميلة اوى
تلك الكلمات اردفها ضياء وهو يقف خلف بيلا
استدارت بيلا والامتعاض على ملامح وجهها بقوة :
– المرة دية سمعتك كويس هاا ؟!
استكمل حديثه مراقبًا ملامحها وهو يحاول سبر اغوارها :
– اجمل اميرة فى الحفلة النهاردة ، ده حقيقى واللى سمعتيه حقيقى ومش معاكسة، بس انتى واضح ان
شخصيتك عصبية
رمقته بنظرات هادئة حزينة، ملكومة مثل روحها
هى دائمًا تشعر بعجزها ولم تقدر على تجاوزه فهمست :
– تملى الحقيقة مش كاملة ومش كل اللى بتشوفوا
عينينا صح ولو سمحت مبحبش النوع ده من المجاملات عن إذنك
وقف ينظر فى اثرها مصدوم، إهدار لكرامته غير
مسبوق  ولا يعلم لِمَ العنف فى ردود افعالها
****
انتهى الحفل وسار كنان بخطوات خارج مكان الحفل
لمحها تقف فى زواية وتعبث فى هاتفها فاقترب منها
يقف امامها قائلًا :
– يلا
رمشت عدة مرات تحاول ادراك مقصده ثم عقدت حاجبيها متساءلة :
– يلا ايه ؟!
– هوصلك
تحولت ملامحها للتمرد والعناد قائلة :
– لا شكرًا انا طلبت اوبر
يشعر بالغضب يتصاعد داخله استنزفت طاقته اغمض
عيونه المشتعلة ثم تحدث من بين اسنانه :
– بقول يلا انا مش هقف كده كتير
عقدت ذراعيها امام صدرها وهى ترفع انفها بعلو :
– محدش قالك تقف اتفضل
فى لحظة كان يقبض على  معصمها ويجرها خلفه إلى السياره، توقف امام السيارة فاتحًا الباب وادخلها السيارة
واغلق الباب خلفها ثم استدار هو ليجلس على مقعد القيادة ثم مد يده يفك رابطة عنقه
بينما هى كان يشتعل وجهها غضبًا من سحبها خلفه
التفتت له قائلة :
– ممكن افهم بقى ايه اللى انت عملتوا
شملها بنظرة ثم نظر امامه قائلًا :
– مزاجى اعتبريها جدعنة منى
رفعت حاجبيها وهى تهز رأسها بحنق ثم همست بصوت وصل لأذنه :
– سمج اوى
توسعت عيناه بذهول فلسانها اصبح طويلًا توعد لها بداخله، اما هى تجاهلت حديثه ثم اخرجت الهاتف تطالع صفحتها الاجتماعية على موقع التواصل الاجتماعى
بعد مرور نصف ساعة كان يصف سيارته امام المسكن فنزلت وركبوا المصعد، وما أن ولجوا الشقة اغلق الباب يسحبها من يديها ولصقها بالحائط خلفها ووضع يده يستند على الحائط فوق رأسها ودنا من اذنها يهمس :
– انا ايه عيدى تانى كدة ؟!
حاولت السيطرة على رجفة جسدها بسبب قربه بهذه
الطريقة، صوت انفاسها سار مسموعًا اجابته بتقطع :
– لو سمحت كدة ميصحش ابعد
دنا منها اكثر وهو يمسك طرف حجابها يبتسم بتلاعب
على حالها :
– خلينا كدة لحد ما تفتكرى بقى
اغمضت عيناها بقوة وضربات قلبها تتسارع حتى كاد
أن يخرج قلبها من بين ضلوعها من فرط التوتر والخوف
التو ثغره بابتسامة ساخرة هامسًا ببحته الرجولية :
– طلعنا مش اد كلامنا
فتحت عيناها وتلاقت بعيناه فرمشت باهدابها عدة
مرات قائلة ببراءة الاطفال :
– ماكنش قصدى، لو سمحت ابعد  كفاية كده
استقام فى وقفته يدس يده فى جيب بنطاله
قائلًا :
– كفاية عليكى كده مش هعديها تانى ماشى
انطلقت من امامه نحو غرفتها، فابتسم وهو يحك مؤخرة رأسه
يتبع..
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على (رواية روح بلا مأوى)

اترك رد

error: Content is protected !!