روايات

رواية سمال الحب الفصل السابع والعشرون 27 بقلم مريم محمد غريب

رواية سمال الحب الفصل السابع والعشرون 27 بقلم مريم محمد غريب

رواية سمال الحب البارت السابع والعشرون

رواية سمال الحب الجزء السابع والعشرون

رواية سمال الحب كاملة (جميع فصول الرواية) بقلم مريم محمد غريب
رواية سمال الحب كاملة (جميع فصول الرواية) بقلم مريم محمد غريب

رواية سمال الحب الحلقة السابعة والعشرون

تستغرق رحلة الطائرة ثلاثة عشر ساعة و عشر دقائق من القاهرة إلى مطار ( جي إف كينيدي / نيويورك ).. و كانت الوجهة نفسها هي “مانهاتن”.. تلك المدينة الساحرة، كرزة الولايات المتحدة الأمريكية، التي تقع في جزيرة على مصب نهر هدسون، و توجد فيها حديقة سنترال بارك، بالإضافة إلى أفخم الفنادق و المطاعم و المنازل و الشركات و مبنى البلدية و العمدة و غيرها من المصالح العامة …
كانت يداها ترتجفان و هي تشدّ ذراعيها حول الصغيرة، سبب هذا التوتر المُفاجئ هو إدراكها الحق كم أنها صارت بعيدة عن حبيبها، عن روحها التي تركتها معلّقة معه هناك
بالاضافة إلى أنها لم تطمئن عن أحواله بعد و كيف هو وضعه الآن !
لكنها أيضًا.. تشعر بأنه بخير.. كان إيمانها قويًا في الله.. و كانت تعلم أن حبيبها لا يمكن أن يُهزم بأيّ طريقة
فهو دائمًا ما ينجو، في الواقع، الفضل في نجاتهم جميعًا يعود له، إنه يُشكل الدرع و السلاح معًا، و ما أحلّ به سببه اكتراثه بالجميع، الجميع من دونه هو …
-حمدلله على السلامة !
إنتبهت “ليلة” لصوت مُعتقلها، بينما كانا يتجاوزا بوابة الطائرة الخاصة التابعة إليه، لم تعيره إهتمامًا و ضمّت “كاميليا” في حضنها أكثر مشددة حولها الشال الثمين الذي قدّمه لها “حسن” قبيل هبوط الطائرة مشيرًا إلى أهمية حاجتها إليه
الآن بعد أن واجهت “ليلة” موجة البرودة الشديدة بالخارج، أدركت لماذا كان يُصر، على الرغم أن الولايات المتحدة تمر بفصول الخريف هذه الفترة، لا زال سبتمبر في بدايته، و من المقرر أن يبدأ الشتاء مع حلول ديسمبر !
مرّا عبر أكشاك التفتيش بمنتهى السلاسة، و قد أملت “ليلة” لو يكتشفوا أمره، أو أيّ شيء يعيق دخولهم إلى البلاد.. لكن مع الأسف.. تم كل شيء بنجاح
و ها هما يخرجان الصغيرة النائمة بين ذراعيّ “ليلة”.. كانت السيارة الرياضية الفارهة في إنتظارهم… نزل السائق مسرعًا ليضع الحقائب بالصندوق.. بينما “حسن” تولّى معاونة المرأة التي معه في الولوج إلى المقعد الخلفي و الجلوس بأريحية هي و الطفلة
إتخذ محله إلى جوار السائق الشاب، و قد بدا من حوارهما العفوي كم أنهما صديقين لا رئيس و مرؤس… دقائق قليلة و توقفت السيارة في مرآب خاص لواحدة من أفخم عشر فيلات بالمدينة
كل شيء يحيط بها يوحي بأنها البيئة المناسبة تمامًا لطفلة مثل “كاميليا”.. و أن الوضع لو كان معكوسًا، لو أن “رزق” هو من كان يرافقهما لكانت حظيت الصغيرة بأفضل حياة على الاطلاق.. و لكن… أين هو الآن !؟
لونين فقط أبرزا بناء المنزل رائع البناء الهندسي، هما الأبيض حيث تم طلاء كل حجر به، حتى الأثاث، و الأخضر، حيث كانت الأشجار و المرج المحيط به و الكثير المزروعات في كل مكان

قادها “حسن” مباشرةً إلى طابق الغرف عبر مصعد كهربائي، لم يكن البذخ و دلائل الثراء من حولها غريبة عليها، لقد ترعرعت في أجواء كهذه تمامًا، لكنها لم تكن بنعمة على إطلاق، بل كانت أكبر نقمة حاقت بها …
-دي أوضتك يا ستي ! .. قالها “حسن” متقدمًا إيّاه داخل جناح كامل متكامل
كانت باللونين الأبيض و العاجي، و الستائر باللون الزهري، و الأرض الرخامية و الشفافة كالمرايا عارية تمامًا، و الحمام بأقصى الغرفة هناك، و الصالون الصغير بالوسط، كانت مثل شقة …
-لو عايزة أوضة منفصلة للبنت ..
-لأ ! .. قاطعته “ليلة” بحدةٍ و إلتفتت إليه
أردفت بنظرة نارية :
-كاميليا مش هاتتنقل بعيد عني
ابتسم و قال ببساطة :
-أوكي براحتك.. إللي انتي شايفاه طبعًا. بس ده مايمنعش إني هاجبلك Babysitter عشان تساعدك. ماتنسيش إنك مسؤولة عن روح تانية !
لوهلة أرادت أن تعترض على كلامه، لكنها أدركت بأنه محقًا، خاصةً أنها أحسّت بضعفٍ متزايد مع مرور الوقت، و كأن أعراض الحمل قد بدأت تشتد عليها …
لكنها في نفس الوقت أبت الفكرة تمامًا و هي تهتف معترضة :
-لأ يا حسن.. بص بقى. أنا جيت معاك و طاوعتك كل ده عشان مقدرة حالتك. و عارفة يعني تكتشف إن أبوك إتقتل. و فاهمة كمان إنك مش هاترتاح غير لما تاخد تارك. كل ده فاهماه لأني مرّيت بيه …
اومأ لها و رد بهدوء :
-كويس إنك فاهمة حاجة زي دي !
هزت رأسها بشيء من العصبية، لاحظت تململ الصغيرة بحضنها، فالتزمت الصمت بينما ولّت لتضعها بالسرير، ثم عادت إليه و قالت مخفضة صوتها قدر الإمكان :
-بص يا حسن. في حاجات إنت ماتعرفهاش.. أنا واثقة أول ما تعرفها هاتهدا. و هاتفهم انت كمان آ ا …
-ليلة من فضلك ! .. قاطعها هو هذه المرة بلهجةٍ تحذيرية على قدر هدوئها
-احنا بدينا صفحة جديدة و جوينا الماضي. ماتحاوليش تصحي الماضي.. عشان لو صحي صدقيني. هاتشوفي قدامك إنسان عمرك ما شوفتيه و لا حتى في اسوأ كوابيسك !!
رغم التهديد الصريح و النظرات القادحة بعينيه، قالت باندفاع إنفعالي :
-إنت ماتعرفش أبــــوك عمل فيــا إيــه !!!
-و مش عايز أعرف !!!! .. أخرسها بصياحه المخيف و المفاجئ
إنخلع قلبها من شدة لهجته و إحتقان وجهه، حتى أن الصغيرة بدورها قد استيقظت مذعورة و باكية، لكن “ليلة” من صدمتها لم تتزحزح من أمامه، بينما يكمل بنفس القدر من الغضب :
-كفاية إللي عرفته. كفاية عرفت إن جوزك السفاح قتله بوحشية و قطعه حتت و كنتي عارفة و ساكتة. إحمدي ربنا إنك لسا واقفة قصادي. لولا بس إني …
و بتر عبارته قبل أن ينطق بالبقيّة، لتخرج عن صمتها هنا و تحثه و قد إزداد عبوسها :
-لولا إنك إيه يا حسن ؟ إتكلم.. قول يا حسن !!!!رغم التهديد الصريح و النظرات القادحة بعينيه، قالت باندفاع إنفعالي :
-إنت ماتعرفش أبــــوك عمل فيــا إيــه !!!
-و مش عايز أعرف !!!! .. أخرسها بصياحه المخيف و المفاجئ
إنخلع قلبها من شدة لهجته و إحتقان وجهه، حتى أن الصغيرة بدورها قد استيقظت مذعورة و باكية، لكن “ليلة” من صدمتها لم تتزحزح من أمامه، بينما يكمل بنفس القدر من الغضب :
-كفاية إللي عرفته. كفاية عرفت إن جوزك السفاح قتله بوحشية و قطعه حتت و كنتي عارفة و ساكتة. إحمدي ربنا إنك لسا واقفة قصادي. لولا بس إني …
و بتر عبارته قبل أن ينطق بالبقيّة، لتخرج عن صمتها هنا و تحثه و قد إزداد عبوسها :
-لولا إنك إيه يا حسن ؟ إتكلم.. قول يا حسن !!!!
ألقاها بوجهها أسرع مِمّا توقعت :
-لولا إني بحبك. بحبك يا ليلة. سمعتي و لا أقول كمان ؟!!!
حسنًا.. هذه الصدمة بجميع الصدمات التي تلقّتها حتى الآن… صدقًا !
إبتلعت ريقها بتوار جمّ و قالت ناظرة في عينيه الهائجتين بارتباك :
-حسن.. انا مش مصدقة وداني. و مش عايزة اصدق أصلًا. انت طول عمرك أخويا !!
ضحك بسخرية قائلًا :
-عشان إنتي كمان طول عمرك عميا. و ماشوفتيش و لاحسيتي بيا. أنا مربيكي على إيدي. كنت بجهزك عشان تكوني ليا أنا. حتى الفترة إللي كنتي فيها مع صاحبك كريم. قتي تقوليلي مجرد صحاب و انا عارف إنك بتكدبي. بس مابطلتش لحظة واحدة أصدر لك فكرة إنك ليا أنا.. لكن بردو غبية و مافهمتيش …
و أضاف من بين زمجرته القاتمة :
-لحد ما جالي خبر جوازك.. سبحانه و الله. إللي مانعني ساعتها إني أنزل و اطربأها على دماغ الكل. و أولهم أبويا إللي كان عارف إني عاوزك و سمح بكده.. أنا عفيت عن الماضي دلوقتي عشانك. عشان تبقي ليا لوحدي و نعيش سوا. لكن يا ليلة.. لو حاولتي تفسدي الوضع ده بأي شكل. هاتتحملي النتيجة كلها !
بقيت تهز رأسها سلبًا قبل أن تقول من بين أسنانها :
-إنت مش فاهم حاجة. ماينفعش أصلًا.. حتى لو الظروف دلوقتي سمحت و جمعتنا. مش هاينفع. عمري ما هاكون ليك يا حسن
-عشان رزق ؟؟! .. سألها باستنكارٍ محتقر
فجاوبته أخيرًا بهتافٍ صارخ و محموم و كأنها فقدت السيطرة كليًا :
-لأ عشان أبوك. أبوك اغتصبني يا حسن. سامع ؟ و مش مرة و لا إتنين. أبوك فضل سنتين يعمل القرف ده معايا. سنتين.. و انت كنت فين ؟ كلكوا كنتوا فيــــــــن ؟؟؟؟؟
كمن تلقّى لكمة عنيفة، تدحرجت عيناه في جفنيه كما لو أن دوارًا ينتابه و هو يقول :
-إنتي بتقولي إيه ؟ إنتي إتجننتي صح ؟ أو أنا ماسمعتش كويس !!!!!
أصرت على اعترافاتها :
-لأ انت سمعت كويس. و هي دي الحقيقة. أمال انت فاكر رزق قتله ليه ؟ و على فكرة لو ماكنش رزق قتله. أنا إللي كنت هاقتله …
لم يتحمّل قبول الفكرة و الصورة التي حاولت إيصالها، فتنصل من سيطرته على نفسه هو الآخر و تهجّم عليها قابضًا على عنقها بيد و بيده الأخرى ممسكًا بخصرها بقوة أكثر إيلامًا عن التي حول رقبتها
ثم غمغم بصوتٍ طاحن يمتزج بعويل الصغيرة بجوارهما :
-أنا عارف إنتي بتقولي كده ليه. كنت متوقع تعملي أي حاجة عشان ترجعي لحبيب القلب. كنت متوقع أي حاجة غير الو×اخة دي.. بس عارفة ؟ بعينك. لو شوفتيه تاني. و و×اخة بو×اخة يا ليلة. هاتشوفي مني إللي عمرك ما تخيلتيه …
كانت تراقبه و هو يتكلم بعينين شاخصتين، عاجزة عن الرد، ليمسك بذقنها في طرفة عين مثبتًا وجهها قبالة وجهه حتى إلتحمت نظراتهما، و قال بلهجةٍ جمدّت دماؤها و أوصالها :
-هاخليكي تنسي كل حرف قولتيه على أبويا. و تمحيه من الذاكرة. هاخليكي تفوقي و تقولي بلسانك إنك ليا أنا !
كانت أصابعه قد زحفت الآن لتمسك بفكها باحكامٍ، عندما أيقنت نيّته، فحاولت الإفلات، لكن شفتيه أطبقتا على فمها كله كالكماشة …
كان هذا اسلوبه الأكثر جاذبية و إيقاعًا للنساء، لكنه اخطأ تقديرها، فهي لم تشعر سوى بالقرف، إذ أخذ يقبّلها بانفعالٍ و عنف و هو يمسك بمؤخرة رأسها بقوة، فسحق قدرتها على الهرب منه، لجأت إلى كل ما تملك لتبعده عنها، لكن دون جدوى، ذكّرها كليًا بقوة زوجها التي يستحيل عليها دحرها
و رغم أن شفتاه الطريّتين مدفوعتان بالغضب، إلا إن القبلة كانت دافئة و حنونة إلى أقصى حد، لكنها لم تحب ذلك و كاد أن يصيبها بالجنون، فاستطاعت أن تسحب يديها من حصار ذراعيه بصعوبةٍ، و أخذت تدفعه في صدره و وجهه محاولة إبعاده إلى الوراء، لكنه إزداد عنادًا و اشتدت قبلته شراسة من النوع الحميمي الأكثر لطفًا حتى أنها أحسّت بأنفاسه الساخنة في جوفها …
ما كان ليتراجع إلا إن تستلم له، أو يحدث هذا، هذا بالضبط
شعر بتشنجاتها القوية بين ذراعيه، و توقف فور سماعها تئن بمرارة موجعة، أدرك أنها تتألم حقًا، فحررها في ثانية، ليراها تسقط فوق قوائمها على الأرض و تتقيأ معدتها الفارغة أساسًا
في لحظةٍ هكذا ألمّت بها محنةٍ من محن الحمل، و قد خلصتها من العذاب الذي كانت تعانيه و قد أيقظ فيها كل مشاعر الرعب و النفور التي نجح زوجها بعد صولات و جولات من شفائها ظاهريًا، لكن ها هي، مع أقل ضغطٍ طفت على السطح مجددًا …
كانت حالتها مزرية الآن، حين وقف “حسن” في مكانه كالصخرة، مذهولًا، كانت تسعل و ترتجف كورقة في مهب الريح، و إنضمت إلى الصورة فجأة الصغيرة “كاميليا” التي تمكنت من النزول عن السرير و الحبو تجاه “ليلة” ؛
تسلّقت عليها حرفيًا حتى تعلّقت برقبتها و هكذا احتضنتها بذراعيها القصيرين، بينما تدير “ليلة” رأسها ناحية “حسن” و هي تقول و الدموع تغطي وجهها الملتهب :+
-أنا كنت بحبك رغم كل إللي أبوك عمله فيا.. لكن دلوقتي يا حسن.. أنا بكرهك أكتر منه… بكرهك !

يتبع ….

اترك رد

error: Content is protected !!