روايات

رواية عروس الالفا (الهجينة 2) الفصل السادس والأربعون 46 بقلم ماهي أحمد

رواية عروس الالفا (الهجينة 2) الفصل السادس والأربعون 46 بقلم ماهي أحمد

رواية عروس الالفا (الهجينة 2) البارت السادس والأربعون

رواية عروس الالفا (الهجينة 2) الجزء السادس والأربعون

رواية عروس الالفا (الهجينة 2) الحلقة السادسة والأربعون

أنتِ وحدك من بين الجميع استثناء جعلتي القلب موطنك دون استئذان ، وسبحان من جعل القلوب للقلوب تصفو وتذوب، فلما الملام؟
هكذا الوضع، هما الأن معهُ في سيارته التى شقت الطريق شقاً يتوجهون بالسياره الى محافظة أسيوط فأتت ببالها والدتها” زهره “حين تعلم بأنها استقلت السياره معهم او معه هو بالأخص دون علمها كيف سيكون رده فعلها استدارت بجوارها الى “ياسين” الجالس يقبض على المقود بكفيه ينظر للطريق بعينين ثاقبتين سائله:
_هو احنا هنروح امتى؟
ابتسم بسخريه يجاوب على سؤالها:
_افتكر انك نطيتي في العربيه بمزاجك فنروح أمتى دي بقى بمزاجي
لا تعلم كم مر من الوقت حتى بلغوا وجهتهم هبط ياسين من السياره وهو يسند بذراعه على الباب ووقفت شمس بجوار الباب الأمامي الخاص بها تردد في ذهن “يزن” وهو يهبط من السياره أخر محادثه حدثت بينه وبين ياسين قبل ساعات
_ساره هتعيش مش هتـ ـموت .. انا مش هسيبك يايزن
قال أخر كلماته يطالعه بنظرات واثقه مما يقول فبعث بقلبه شىء من الطمأنينه
فاق “يزن” من شروده على صوت “ساره” بملامح وجه باسمه:
_هتفضل واقف عندك كده كتير هو مش المفروض اننا جايين هنا نغير جو ونخرج
فأكمل” يزن ” جملتها بعيون زائغه يحك على أنفه:
_وجايين نكشف عليكي كمان نسيتي دي
تركت مكانها بعدما استدارت حول السياره واقتربت منه تحتضن كف يده قائله ببسمه حانيه:
_يزن والله أنا كويسه دي مجرد دوخه مش أكتر للدرجه دي بتخاف عليا يا يزن؟
راودت شمس ذكرى لـ “ياسين” في مخيلتها تسمع أنفاسه على مقربه منها عند سماع هذه الجمله من ساره:
_بتخافي عليا ياشمس؟
ابتلعت ريقها ترمق “ياسين” بنظرات خاطفه تبدو وكأنها تصادف وجهُ للمره الأولى بينما “ياسين” لا ينظر اليها فكان ينظر أمامه يطالعهما ترواده نفس الذكرى وهي تقول بنبره بها من الغيظ ما يكفي :
_لا.. لن ولم أخف عليك قط بحياتي فأنتَ سبب خوفي لسنينٍ طويله
حاول عدم النظر اليها بجواره لذا ادعى شروده يخشى أن تفضحه نظراته فابتلع ريقه وأرغمه قلبه دون أن يشعر للنظر اليها نظره خاطفه سريعه فنظرت “شمس” أمامها مسرعه قبل أن يراها تطالعه هي الأخرى فابتسم بسمه صغيره ظهرت على ثغره
أقترب “يزن” من” ساره ” أكثر رافعاً كف يده يمرر أصابعه بين خصلات شعرها المتروكه على جبينها اصبح وجهُ على مقربه من وجهها قائلاً وعيونه تحتضن عيناها:
_وأنا ليا مين غيرك أخاف عليه ياساره
تنهدت “ساره” بهدوء تحركت ناحيته حين مسحت على عنقه تنظر له بعينين تجبره على النظر اليهما:
_أنا بحبك أوي يايزن
أنهت جملتها وهام هو بها اصوات ضربات قلبه السريعه غطت على أي صوت أخر ابتسم بسمه حانيه ومال يقبل جبينها قبله طويله أغمضت عيناها ورائحته تتسلل الى روحها كم اشتاقت لقربه منها بهذا القدر ، الغريب بهذا كيف للمسه واحده من شخص تحبه تكون قادره على جعلك تشعر بأن كل شىء تريده أصبح ملك لك الأن
حمحم “ياسين” عند رؤيتهم هكذا فاقدين الشعور بالمكان والزمان قائلاً بسخريه:
_طيب نجيلكم احنا وقت تاني بقى
ابتسمت ساره بعدما استدارت بجسدها تطالعه بمشاكسه:
_ايه ماحدش خاف عليك قبل كده ولا ايه
انمحت الأبتسامه من على وجهُ ببطىء يهز رأسه نافياً ينظر الى تلك الواقفه من الجهه الأخري للسياره قائلاّ :
_لاء.. مافيش
مسح وجهُ بضيق وانحنى بجسده سريعاّ يعود أدراجه داخل السياره يحاول الهرب من النظر اليها قائلاً:
_أنا هاروح اركن العربيه في مكان قريب وأنتَ اطلع العياده يا “يزن” وانا هطلع وراكم
اشار “يزن” رأسه بالموافقه وضغط “ياسين” على المكابح مسرعاً وكأنه يهرب من شىء ما ربما من عدم النظر اليها أو ربما من نفسه هو نفسه لا يعلم
____________( بقلمي ماهي احمد)___________
ربما هناك ألم بداخل صدورنا مهما حاولنا اخفاؤه تفضحه الأعين بمجرد النظر اليهما لاحظ “بربروس” الحزن بعيون “مارال” من أخر محادثه بينهما وهي تحاول تجنب حديثه
بحث عنها بعينيه حتى شعر بها قلبه هي الأن بداخل غرفة غدير تضب أغراضها بحقيبتها تستعد للمغادره لم يستطع الدخول ولكنه انتظر بالخارج حتى لا يكونوا بمفردهما بداخل غرفه مغلقه فانتهت هي مما تفعله تنادي على غدير من الداخل لم تجب عليها حتى خرجت تبحث عنها لتجده أمامها تصنع “بربروس” عدم معرفته بتجاهلها لهُ فبدأ بقول :
_أنويتي العوده؟
فأجابت تنظر بعيون باحثه عن غدير:
_اه.. ماشوفتش غديي
تجاهل سؤالها وهو يصوب نظره تجاهها أكثر:
_أسنعود بتلك السرعه
كمشت حاجبيها وهي تصوب نظرها تجاهه تكرر كلمته :
_سنعود!!
بالتأكيد فلن أتركك تعودين بمفردك
تحركت من أمامه تجاوبه:
_بيبيوس انا مش عيله صغييه وزي ما عيفت اجي لوحدي اكيد هعيف ايوح لوحدي
استدار بوجهُ يتابعها بعينيه تبتعد عنه يتجاهل ما قالته قائلاً بسخريه بصوت عالى نسبياً:
_حسناً ، خذيني أنتِ معك لأنى ضللت الطريق
ابتسمت مارال دون أن تنظر خلفها فأكملت طريقها تبحث عن غدير بالخارج
__________(بقلمي ماهي احمد)_____________
دخل “يزن” بخطوات بطيئه متردده للعياده يخشى أن يصل اليها ويضطر لسماع ما يؤكد بأصابه حبيبته “ساره” بهذا المرض اللعـ ـين يتقدم نحو الممرضه على أمل أن ينفي الدكتور ما بالأشعه التي احضرها معه ابتلع ريقه بتردد وهو يردد:
_في حجز بأسم ساره العربي
أشارت الممرضه برأسها بالأيجاب بعدما تحققت من دفتر المواعيد:
_ايوه يافندم بس للأسف الدكتور هيتأخر النهارده شويه لو تسمح تقعدوا تستنوه هو قدامه بالظبط نص ساعه
أشارت “ساره” برأسها بالموافقه بعدما قرأت اليافطه المكتوب عليه تخصص الطبيب جلست على المقعد سائله “يزن” بهمس:
_دكتور مخ وأعصاب ليه يايزن؟
فمال هو بوجهُ هامساً بأذنها:
_أنتِ هبله ياساره أنتِ مش بتحسي بصداع ودوخه في راسك هوديكي فين غير مخ وأعصاب
ذمت على شفتيها من كثره أهتمامه بهذا الدوران الخفيف الذي شعرت بهِ فلم يأتي ببالها قط بأن يكون لديها ذلك المرض الخبيـ ـث
وقفت “شمس” بعدما رفضت الجلوس تسأل الممرضه عن الدكتور “سمير فايز” اذا كان بالقرب من هنا فأجابتها الممرضه تشير بأصبعها جهه اليسار:
_تقصدي دكتور سمير دكتور أمراض نفسيه وعصبيه
أشارت “شمس” رأسها بالايجاب:
_ أيوه هو
استكملت الممرضه أجابتها قائله:
_هتلاقيه بعدنا بشارعين برج الجوهره الدور الرابع
ابتسمت شمس بسمه شاكره لها تاركه اياها تخبر يزن وساره قائله:
_طالما الدكتور هيتأخر شويه هاروح اعمل حاجه جيت عشانها مخصوص
فردت “ساره” مسرعه:
_طيب افرض اتأخرتي
ماتقلقيش معايا تليفوني في الشنطه اول ما تخلصوا رنوا عليا على طول
اعترض “يزن” على طلبها وهو يقول:
_لاء ياشمس احنا جينا مع بعض و هنمشي سوا استني نكشف ونيجي معاكي مكان ما تحبي
فأجابته بعينين راجيتين:
_أرجوك يا “يزن” أنا مش هتأخر عشان خاطري سيبني أمشي قبل ما ييجي ياسين انا هسأل عن حاجه قريبه من هنا وهاجي بسرعه
تنهد بعد الحاحها وهو يخبرها بما استمعت لهُ برضا:
_طيب ماتتأخريش ساعه بالكتير وتكوني هنا هتصل بيكي كل شويه
أشارت برأسها وهي مبتسمه تبتعد عنهم ناحيه الباب:
_مش هتأخر مسافه السكه
____________( بقلمي ماهي احمد)__________
لم تطأ قدمه العياده حتى الأن ، كان يتسكع في الطرقات محاولاً تجنبها على اي حال ، فأتاه أتصال في هذه اللحظه ليجد المتصل
“الطبيب علي “رد وهو متوقع سيل الاسئله التي ستنطلق عليه الأن ليسمع صوت “الطبيب” يقول:
أنتَ أخدت” شمس ” معاك ياياسين.
رد عليه بأيجاز:
_مش أنا اللي أخدتها هي اللي جت فمشيت
وصل الى مسامعه تعنيف “زهره” الشديد تلك الواقفه بجوار “الطبيب” تتحدث بصوت عالى عل صوتها يصل لهُ:
يعني ايه هي اللي جت وازاي تاخدها وتمشي من غير ماتقول لحد.. انا بنتي مش هتركب معاك لوحدها اكيد أنتَ اللي اجبرتها
أضاف بعض البرود بكلامه يحاول استفزازها أكثر:
_سكت الوليه اللي جنبك دي ياعلي
حاول “الطبيب” اضفاء بعض الهدوء لفض النار المشتعله بين الأثنين:
_ياسين.. ارجوك زهره مراتي وشمس بنتها ومن حقها تقلق عليها
هنا ظهر ضجره جلياً وهو يقول:
_أنا ساكتلها بس عشان هي مراتك ياعلي وبعدين أنا ما أجبرتهاش تيجي معايا زي ما هي بتقول هي اللي ركبت معانا بأرادتها
فأتت “غدير” من خلف الطبيب تدعم كلامه:
_أيوه انا شوفتها ياطنط زهره وهي بتركب معاهم اول ما عرفت انهم رايحين اسيوط وياسين ماتكلمش اصلاً
رمقت مشيره غدير بنظرات لو كانت النظرات سيوف لقطعتها أرباً فأكد عليها الطبيب:
_أنتِ متأكده ياغدير أن مش هو اللي قالها تعالي معانا
فأجابت مسرعه تؤكد كلامها مره اخرى:
_ ايوه متأكده.. وبالعكس دي ساره هي اللي قالتلها تعالي معانا مش ياسين وهي ما صدقت وركبت معاهم على طول
طيب هي فين دلوقتي.. ادهاني
قالتها زهره بأنفعال جراء فعلتها الهوجاء هذه فأجاب هو بالنفي:
_مش معايا اتصلي بيها على موبايلها هي مع يزن وساره
تنفست مشيره بارتياح عندما علمت بعدم تواجدها معه فردت زهره بعصبيه اكثر:
_ما لو كان تليفونها معاها كنت اتصلت بيها وانا هتصل بيك ليه؟ شمس ناسيه تليفونها هنا
زفر”ياسين”بتعب وتابع بقوله:
_خلاص هاروحلهم انا العياده وهخليها تكلمك من هناك
كاد الطبيب ان يغلق الهاتف فهتفت مشيره برجاء:
_ينفع ماتقفلش
مد” الطبيب “كف يده بالهاتف لها فأغلقت زر المكبر واضعه الهاتف على أذنها قائله بحنان تبتعد عنهم بخطوات بطيئه:
_ياسين أنت كويس؟ طمني عليك.
مسد على عنقه بتعب يشير برأسه بالأيجاب:
_انا كويس يامشيره ماتقلقيش عليا
انا بس حبيت اطمن عليك مش أكتر
ابتسم ابتسامه امتنان فقال ببسمه حانيه:
_انا اسف يامشيره من ساعه ما وصلتي القريه وانا سايبك خالص حصل حاجات هبقى احكيلك عليها بعدين أنتِ عارفه يزن مهم بالنسبه لعمار ازاي واللي يهم عمار يهمني بس لما اجي واخلص اللي انا فيه هنقعد مع بعض زي الأول
ابتسمت ابتسامه عريضه واخذت نفس عميق تتحدث بامتنان:
_انا قولت انك نسيتني لما رجعت لأهلك وناسك
فرد عليها بثقه مما يقول:
_أنا ماقدرش انساكي يامشيره ولا انسى اللي عملتيه معايا ووقفتك جنبي طول العشر سنين اللي فاتوا
ابتسمت متابعه:
_انا مهما عملت معاك مش هنسى وقفتك جنبي في يوم
كاد ان يغلق الهاتف فتحدثت هي مسرعه تخبره بما تذكرته للتو :
_ياسين صح.. نسيت اقولك انا عارفه انك بتحب الشيري كولا فحطيتهالك في الأزايز اللي بتحبها وهتلاقيها في درج العربيه
شكرها بامتنان على اهتمامها بأدق تفاصيله، فأغلقت الهاتف تتنهد بارتياح من حديثه معها
____________(بقلمي ماهي احمد)___________
هناك طرقات تجبرنا على تذكر ما نحاول نسيانه وهذا ماتفعله هذه الطرقات بـ “شمس” الأن حين مر أمام عينيها احداث من السنين الماضيه نفس الشوارع، نفس المحلات ، ونفس الفندق ، نعم هذا الفندق الذي قضت بهِ ليله هي وعمار مضى على سيرها في هذه الطرقات أكثر من عشر سنوات طرقات يركضون بها هرباً من “ياسين” وهي الأن تركض بنفس الطرقات لتداوي نفس الشخص الذي كان سبباً في هروبهما وفزعهما وهو “ياسيـــن”.. غريبه هي الحياه وكذلك الأيام أليس كذلك!!
أخيراً بعدما ارهقت عينيها بالبحث وقع نظرها على يافطه دكتور “سمير فايز” ابتسمت بعدما أخذت وقتها الكافي في البحث عنه صعدت الى عيادته تنتظر دورها ولم تنتظر كثيراً حتى وجدت الممرضه تنطق بأسمها دخلت وهي متردده بالدخول فحثتها نبرته المطمئنه على التكلم بارتياح جعلها تنتزع جزء من مخاوفها:
_اهلاً بيكي قبل اي شىء عايز اقولك خدي نفس عميق وحاولي ترتاحي شايف نظراتك متوتره
جلست أمامه تفرك بأصابعها وبدأت بقول:
_بصراحه اه اول مره ادخل عياده دكتور نفسي
حد قالك ان الدكاتره النفسيين بتخوف
كان هذا سؤاله فردت هي مسرعه
_ماقصدش بس
فهم هو مقصدها فتابع بقول:
_المرض النفسي زيه زي المرض العضوي بالظبط ياأنسه
نظر في الورق أمامه الموضوع عليه اسمها فبادرت هي بقول:
_شمس اسمي شمس
تشرفنا يا انسه شمس، قوليلي ايه اللي خلاكي تقرري انك تتعالجي نفسياً اي الاعراض اللي بتحصلك
_لاء ده مش انا
كان هذا جاوبها جواب سريع دون تردد فابتسم “الطبيب” على سرعتها في التحدث مما جعله يسأل اومال لمين؟
_ابتلعت ريقها بعيون زائغه تحاول ان تستجمع كلماتها هاربه من سؤاله:
_ممكن اسأل حضرتك شويه اسئله؟
فأجاب بالتأكيد فاسترسلت حديثها:
_لو شخص عزيز على حد أوي ومات والشخص اللي لحد ده ماتله بقى بيتكلم زيه وساعات بيبقى نفس نبرة صوته ونظرة عيونه وحتى كلامه وجملته اللي كان دايما بيقولها الشخص المتوفي ده ومش بس كده واوقات كمان بيتكلم معاه واحتمال كبير انه بيأذي نفسه وبيطـ ـعن نفسه يبقى هو كده بقى مجنون ومحتاج يتعالج
ابتسم الطبيب على اسئلتها التلقائيه فأجاب بهدوء يترك مقعده على المكتب ويجلس بالمقعد المقابل لها:
المريض النفسي عمره ما كان مجنون ياشمس ، المريض النفسي زي ما قولتلك قبل كده بيبقى زيه زي اي مرض عضوي بيحصلنا وممكن كمان المرض النفسي بيأذينا أكتر من المرض العضوي أحياناً..
_يعني بيتعالج
اكيد بيتعالج بس لو هو عاوز يتعالج أنتِ دلوقتي قولتيلي كام حاجه ماقدرش أبداً اقرر منهم واشخص حالته بالظبط ، لازم المريض ييجي واول شىء بسأله اذا كان مدمن او لاء لان الادمان عامل قوي يخلي الشخص يصاب بأنواع كتير من الأمراض النفسيه
لا.. لا مش مدمن خالص
كانت كلماتها سريعه وبدون أي مقدمات فسألها الطبيب السؤال التالي:
طيب الشخص المتوفي ده يقربله ايه؟
طالعته بهدوء قبل ان تقول بنبره حزينه:
_ابنه
ابتلعت غصه مريره في حلقها قبل أن تضيف:
_ومكانش يعرف انه ابنه.. عرف انه ابنه اللي بيدور عليه سنين قبل ما يموت بثواني مات وهو في حضنه
ترقرقت عيناها بالدموع تتذكر تلك الليله القاتمه:
_مـ ـات ما بين ايديه صـ ـرخ صـ ـرخه قلوبنا اترجت لما صـ ـرخها من كتر وجع قلبه عليه كنا كلنا حواليه بس مره واحده ومن غير اي مقدمات وقف وقام بص للزاويه اللي في القبو ..
هتفت بأصرار امتزج مع وجعها:
ايوه انا فاكره كويس انه بص للزاويه اللي في القبو وابتسم بعد ما كان بيصـ ـرخ بكل ما فيه ، ابتسم ابتسامه مش هنساها ابداً ، واكنه كان شايف اللي ضاع منه من سنين ساب جثـ ـه أبنه وبعد ما كان
بيصـ ـرخ عليه قال بكل بساطه انا ماشي ، كلنا كنا مستغربين ازاي يسيب جثـ ـمان ابنه وهو حتى مادفــ ـنش ده جسمه لسه مابردش بعد ما كان هيمـ ـوت عليه مشي وغاب عننا عشر سنين بس لما رجع ما رجعش ياسين رجع واحد تاني، بيكلم نفسه، بيكلم بنبرة ابنه، بيحاول يأذي نفسه
وبيـطـ ـعن نفسه بالسـ ـكين نظراته المرعبه وبالذات وانا معاه زي ما يكون عمار ابنه عايز يقولي انا عايش ماموتش
مسحت بأصابعها وجنتيها بعد انهيار دموعها قائله:
_حاسه انه موجود بوجوده وياريته كان موجود حقيقي
مد “الطبيب” كف يده بالمناديل:
_اتفضلي امسحي دموعك
مدت كف يدها تمسح دموعها بعدما أخذت نفس وكأنها غريق تتنفس الهواء فتابع الطبيب اسئلته:
_الظاهر ان المرحوم كان غالي عليكم أوي الله يرحمه
فتابع بقول:
_بصي يا انسه شمس بعد كل اللي قولتيه ده وبعد ما حاولت اربط الخيوط ببعضها قدرت اكون شكل مبدأي بمرضه وهو مرض نفسي اسمه (بارانويا) او بمعنى اصح اسمه جنون الأرتياب بس قبل ما اكمل حابب اعرف علاقته بالمتوفي كانت عامله ازاي قبل ما يمـ ـوت يعني كانت علاقتهم كويسه ببعض بما انه مكانش يعرف انه ابنه:
سؤال جديد سأله الطبيب فردت هي بحزن:
للأسف كانوا بيكـ ـ رهوا بعض جداً
_ماتعرفيش ايه سبب كر ههم لبعض:
سؤال مفاجىء من جديد يربكها فصمتت لثواني تابعت بتردد تبتلع ريقها:
_للأسف أنا ، انا السبب في كر ههم لبعض
فسأل بعدم فهم:
_معلش توضحيلي أكتر ليه كنتي السبب في
كر ههم لبعض
فأجابت بنبره متقطعه تنظر للأسفل تعيد خصلاتها الاماميه بأطراف أصابعها للخلف بتوتر:
_ اصل ، اصل الاتنين.. الاتنين كانوا بيحبوني
كمش حاجبه باستغراب وصمت لثواني فرفعت هي رأسها تطالع ملامح وجهُ.. من يراهُ الأن يقسم بأن ملامحه خاليه من أي تعبير لم يعد يستوعب ما قالته للتو فأدرك صمته سائلاً :
_أب وابنه بيحبوكي ازاي انا قابلتني حالات كتير بس اول مره اشوف اب وابن بيحبوا نفس البنت اولاً فرق السن بما انه أب اكيد راجل مسن مش قادر يقف على حيله ايه اللي يخليه يبص لمراهقه زيك طالما من عشر سنين وياسين ده عنده كام سنه؟
اسئله.. اسئله كثيره ماذا تخبره.. هل تقول له بأنه مستذئب مهما مر عليه الزمن لا يشيخ ابداً.. هل تخبره بأنها هجينه هل سيصدق حقاً أدركت المأزق الذي وضعت نفسها بهِ ابتسمت ابتسامه مصطنعه للمره الأولى في هذا اللقاء قائله:
_اقصد هو أخوه بس كان دايماً بيعتبره ابنه وكان بيدور عليه بس للاسف فقد الذاكره ولما رجعتله الذاكره عرف ان ده اخوه انا بس التعبير خاني من كتر ما هو دايماً بيقول انه بيعتبره ابنه
كاذبه.. لم تستطع قول الحقيقه فمن سيصدقها على كل حال
تنهد “الطبيب” بارتياح عند سماعه بأنه شقيقه وليس والده فأجابها ببسمه مريحه:
_بصي ياشمس.. انا هجاوبك على بعض الاسئله اللي سألتيني عليها واحده واحده ياسين لما عمار مـ ـات ما بين أيديه عقله ماستوعبش أنه فقده..
عقله ماقدرش يتحمل فقده كان ممكن وقتها يتحول للجـ ـنون بس عقله هنا عمل حصن منيع عشان مايفقدش قدرته وابتدى يكون شخصيه في دماغه بالحاجه اللي كان عايزها تحصل وهي ان عمار يفضل عايش وده سبب ان ياسين بص في الزاويه زي ماقولتي هنا في اللحظه دي هو كان شايفه قدامه ولما ابتسم الصوره اللي كونها في دماغه هي اللي كانت بتبتسمله وهنا عقله محى ذكرى وفاته واتمسحت خالص كان لازم الشخصيه اللي اتكونت دي تؤمره بالرحيل عن جثمان عمار لانه لو كان شافه وهو جثه وشافه وهو واقف قدامه كان ساعتها هيتحول للجنون فكان لازم يمشي .. تاني شىء وهو ان جنون الأرتياب ده بيكون شخصيات كتيره في منها المؤذي وفي منها اللي بيدعمك يعني مثلاً لو كان عمار مات وهو بيحب ياسين والاتنين كويسين جدا مع بعض فكان هيظهرله بنفس الصوره بأنه طيب وبيدعمه وبيتمناله الخير دايماً اما في حاله ياسين فالاتنين كانوا بيكـ ـرهوا بعض زي ما قولتي فبالتأكيد الشخصيه اللي عقله هيكونها هتبقى شخصيه
مؤ ذيه وهتفضل تأذيه لحد ما يقـ ـتل نفسه في يوم او حد من اللي حواليه
وقفت من على مقعدها بهلع تكرر كلماته:
_يقـ ـتل نفسه
اه وكمان يأذي اللي حواليه ، ويفقد السيطره على نفسه لما تجيله نوبه منهم وقتها مابيكونش شايف قدامه لازم يهدى لازم يشعر ان في حد جنبه ويحتويه قبل ما يرتكب فعل يندم عليه لما يفوق
مرض ارتياب الجنون للأسف من اسـ ـ وء واعـ ـنف انواع المرض النفسي
نظرت له ببسمه متوجعه وهي تقول:
_طيب والعمل يادكتور
العمل انه لازم يتعالج قبل ما يـ ـأذي نفسه واللي حواليه اكتر من كده ويكون هو عايز يتعالج ده سبب رئيسي عشان يخف
لا يوجد أمامها خيار سوى الموافقه:
_هحاول
انهت حديثها لتخرج بهدوء فوقفت تنظر خلفها تسأله:
_لو حبيت اتواصل مع حضرتك وماقدرتش اجي هنا اتواصل مع حضرتك ازاي تاني
قال وهو يقوم بمد كف يده بالكارت الخاص به:
_لللأسف ده كان أخر يوم ليا في العياده النهارده بعد كده هبقى في عيادتي اللي في القاهره وهاجي هنا قليل اوي لو تقدري تجيبهولي القاهره انا هكون في العنوان والمواعيد اللي عندك في الكارت حاولي ما تتأخريش في علاجه امبارح افضل من النهارده
أشارت برأسها بالموافقه ببسمه مكسوره تنظر بالكارت في يديها خرجت من عند “الطبيب” لتجد توغل الليل فعمت العتمه كم مر من الوقت وهي بالداخل استوعبت مرور الساعات وكأنها كالدقائق فتحت حقيبتها لتبحث عن هاتفها فبالتأكيد واردتها اتصالاتهم ظلت تبحث بداخل الحقيبه بعشوائيه فلم تجده.. ضر بت بكف يدها على جبينها تمسح بيدها على وجهها بضيق عندما تذكرت بأنها قد نست هاتفها في غرفتها.. هرولت مسرعه الى الخارج تنظر هنا وهناك تبحث بعينيها عن الشارع
مازالت تهرول بين الطرقات تبحث عن النقود بداخل حقيبتها فوجدت انها لم تحضر نقوداً ايضاً قررت الذهاب الى العياده وهي على يقين بأنها قد أغلقت الأن بالتأكيد تركوها وحدها ورحلوا وعلى الرغم من ذلك مدت خطواتها أسرع ربما ينتظرونها هناك حتى وصلت للمبنى تهرول على الدرج بأنفاس مقطوعه.. وصلت أخيراً لتجد الباب مغلق والأضاءه خافته تنبعث اضاءه خفيفه من الطابق العلوي.. ظلت تدق بيديها دقات متواصله على الباب ربما يوجد أحد بالداخل ولكن دون استجابه حتى راودها شعور الأحباط.. الأن توقفت عن دقاتها فهذا ما كانت تتوقعه ولكن كان هناك امل صغير أن ينتظرها أحدهم ماذا تفعل لا هاتف، ولا نقود، فكيف تعود الى قريتها ؟ أغلقت عيناها وخرجت من داخلها تنهيده يائسه استدارت بجسدها تستعد للرحيل فوقع على مسامعها صوته وهو يجلس على الدرج بانتظارها وهو يقول بصوت حازم:
_كنتِ فين؟
دب بقلبها شعور بالطمأنينه عند سماع صوته رفعت عيناها للأعلى لتجده يجلس على الدرج بأنتظارها أصابعه متشابكه ينظر للأسفل يتنفس بارتياح عند وصولها بعدما اكله القلق.. فكرر سؤاله من جديد السؤال الذي لم تجيبه هي منذ دقائق
_كنتِ فين ياشمس الوقت ده كله؟
قال اخر ثلاث كلمات ببطىء شديد من بين أسنانه هربت الدماء من عروقها شعرت بالخوف من نبرته فمازال على نفس وضعيته لم يتحرك انش واحد شعرت ببوادر نوبه كما حدثت لهُ من قبل فجلست بجواره دون حديث رفعت أصابعها ببطىء تضع كف يدها على ذراعه لتهدئته قليلاً استدار بوجهه يطالع كف يدها الموضوع على ذراعه بحنان تسارعت دقات قلبه تنهد بخفوت يحاول تهدئه ذلك الغبي الذي يضرب بالقرب منها فهي ستشعر باضطرابه فردت هي دون تفكير:
_أنا كنت.. كنت بشتري حاجات وبتفرج على المحلات ومش فاهمه الوقت سرقني ازاي
بان الكذب في نبرتها لذا اعطاها ابتسامه خبيثه لاحظتها هي فسحبت كف يدها ونظرت حولها هاربه ولكن ثبتها قوله:
_وفين الحاجات اللي اشترتيها مش شايف حاجه في ايدك
وقفت أمامه تعطيه ظهرها تفرك بأصابعها بقلق:
_ما هو اصل.. اصل انا كنت
فبتر هو حديثها قائلاً ببرود مستفز:
_يلا اكذبي كذبه تانيه.. ولا اقولك.. استني انا مش مهتم
ليست هي الكاذبه الوحيده الأن فهو أيضاً يكذب فضوله ينهشه من داخله ولكنه سبقها يهرول على الدرج وهي تتبعه
يزن وساره مستنيين ياريت مانتأخرش عليهم اكتر من كده
___________( بقلمي ماهي احمد)__________
تحمل حقيبتها بين كفيها تضعها بالسياره تنظر خلفها تطالعه ببرود:
_كان ممكن تفضل مع دكتوي علي يابيبيوس مش لازم تيجع دلوقت
يدرك موقفها جيداً، يدرك الضجه التي أحدثها بداخل عقلها بحديثه الأخير معها لذا حاول تقبل كل كلمه تتفوه بها بصدر رحب:
_أعتقد هذا يكفي فجلوسي في القريه أكثر من ذلك لا فائده منه
فقالت دون تردد تقلد طريقته:
_وجلوسك في الحايه أيضاً لا فائده منه ياشيخنا
اغلقت حقيبه السياره بأنزعاج وصعدت على الفور تاركه اياه خلفها يحاول استيعاب ما قالته منذ ثواني فتذكر كم قسى عليها من قبل تنهد بعمق محاولاً الا يفقد اعصابه فصعد بالمقعد الأمامي فأمر السائق بالتحرك الى محطه القطار
__________(بقلمي ماهي احمد)_____________
كان يجلس على مكتبه يضع أمامه كتاب الكيميا الذي رسب به واضعاً على اذنه سماعه الرأس يستمع الى الموسيقى المفضله لهُ يستذكر دروسه جيداً فغداً هو يوم اختباره دخلت عليه هامسه تحاول أن تقترب منه ببطىء حتى أمسكت بكتابه فجأه قائله:
_بتعمل اي؟
كان هذا سؤال غدير بعدما دلفت غرفته دون استئذان انزعح من دخولها هكذا فطالعها بانزعاج يملىء عينيه هتف بأصرار قائلاً:
_غدير احنا مابقيناش عيال صغيره عشان تدخلي عليا كده مره واحده من غير ما تستأذني ، قولتلك الف مره قبل كده على الاقل خبطي افرضى كنت بغير هدومي او مش لابس اصلاً او حتى بعمل حاجه مش عايزك تعرفيها
لم تأخذ حديثه على محمل الجد كعادتها فجلست على فراشه تربع قدميها ممسكه بكتابه تخبره بمشاكسه:
_ياسلام وده من أمتى ياحسان ما انا طول عمري بدخل عليك عادي مش معنى الأيام دي يعني وبعدين انا بعتبرك اخويا زي رعد وداغر كده احنا متربيين سوا واعرف عنك كل حاجه زي ما أنتَ تعرف عني كل حاجه اي اللي جد يابني
_عشان احنا مش اخوات
جحظت عينيه وقال جملته بثبات يؤكد ما قاله من جديد:
_ايوه ياغدير احنا مش اخوات، مش معنى انك بتيجي تقضي هنا كل اجازه طول العشر سنين اللي فاتت تبقي اختي .. انا مابطلبش كتير كل اللي بطلبه انك تخبطي مش اكتر قبل ما تدخلي زي ما أنتِ عندك خصوصياتك انا كمان كبرت وعندي خصوصياتي
نبرته الجاده احرجتها لم تعتاد على حديثه هذا، فهو بمثابه أخ لها ولكن كلماته كانت كالصفعات على وجهها غزت الحمره وجهها تتمنى لو تنشق الأرض وتبلعها الأن اشارت برأسها بعيون دامعه تبتلع ريقها بصعوبه تشير بكتفيها:
_تمام ، مكنتش اعرف اني بضايقك اوي كده ، انا اصلاً مش هدخل عليك تاني ماتقلقش
رحلت صافعه الباب خلفها هز رأسه وعيناه لا تفارق الباب قائلاً بجديه:
_تمام ياغدير
رحلت “غدير” تهرول على الدرج بالخارج التفتت خلف المنزل ودموعها تنهمر على وجنتيها بعدما فتحت قفل الدراجه الخاصه بها صعدت على الدراجه تقودها بين الطرقات المظلمه على يسارها البحيره وعلي يمينها الحقول ينساب الهواء بين خصلات شعرها القصير.. كانت تقود الدراجه بسرعه كبيره في المناطق الوعره وعلى حين غره ودون ان تشعر ظهر أمامها فتى يقف بطريقها لم تستطع ان تقف بالدراجه في الوقت المناسب تسمع صوته قائلاً:
_حاسبي.. حاسبي يا انسه
لم تستطع كبح الفرامل لتصطدم بهِ بعنف شديد سقط الفتى للخلف على الأرض لتقع هي فوقه والدراجه تقع عليها فأصبح هو بالأسفل قائلاً من بين أسنانه بألم يظهر بنبرة صوته:
_مش قولتلك حاسبي يا أنسه
قالت بوجه باكي:
_مكانش قصدي
___________(بقلمي ماهي احمد)___________
كان حاضراً بالسياره خلف المبنى الخاص بالعياده حث “شمس” على الركوب وهو يلوح لها بكف يده على استعجال:
_اركبي
أمسكت بمقبض الباب وقبل ان تصعد السياره قالت سائله:
_هو احنا رايحين فين؟
رد وهو يركب على مقعده جوارها:
_هخطفك
أدار سيارته قبل صعودها فحنى رأسه يطالعها سائلاً بعصبيه:
_هتطلعي ولا امشي
قال جملته يضغط بقدمه على مكابح الوقود يستعد للرحيل هو هكذا مربك دائماً ، لا يوجد امامها اختيار سوى الصعود معه وقبل أن تغلق الباب ضغط على المكابح على استعجال يشق الطريق شقاً راوده اتصال فنظرت “شمس” على شاشه هاتفه دون ان تلمسه عقدت حاجبيها باستغراب تنظر لاسم المتصل مستفهمه:
_عملي الاسود!! مين عملك الاسود ده؟
_أمك
قالها سريعاً دون تردد فاستكمل حديثه دون ان ينظر اليها:
_ردي عليها بقى عشان اخلص من صداعها
تنهدت وهي تبلع ريقها تستعد لسيل الاسئله التي ستواجهها الأن:
_ايوه ياماما
انتظرت حتى انتهت زهره من توبيخها ثم اردفت:
_ضيعني ايه بس ياماما انا عيله صغيره انا بس كنت
فقاطعتها زهره توبخها من جديد تتوعد لها عند عودتها
_خلاص ياماما ، خلاص عشان خاطري لما اروح انا خلاص في الطريق راجعه
ابتسم “ياسين” بخبث على تأكيدها لها حتى اوقف السياره لتجد نفسها امام محطه القطار يأتى يزن مسرعاً:
_اتأخرتوا كده ليه؟ القطر قدامه تلات دقايق ويمشي
شعرت بأنها لا تفهم شىء ، لا تعلم حتى الى اين وجهتهم الأن وقف” يزن “مقابلها بنفس متقطع:
_يلا ياشمس مافيش وقت احنا لازم ننزل القاهره ساره مستنيانا في القطر ماينفعش نسيبك تروحي القريه لوحدك في وقت زي ده
وقفت تفكر في والدتها لثواني تراهم امامها يصعدون للقطار صعد” ياسين ” ومن خلفه “يزن” يقفون على باب القطار وهي مازالت واقفه هل تصعد حقاً معهم، ماذا عن والدتها وضع
” ياسين ” يديه بجيوبه الخلفيه خلف يزن يطالعها بابتسامه شامته يرى عيناها الحائره.. تحرك القطار ببطىء في بادىء الأمر فمد” يزن”كف يده لـ “شمس” يحثها على الصعود:
_يلا ياشمس مش هينفع نسيبك هنا
ودون ان تشعر مدت كف يدها لـ “يزن” وصعدت معهم تركها يزن وتقدم الى الأمام تراه يبتعد عنها وهو يقول:
_تعالي اوديكي لساره
تجمدت قدماها من الذهول.. هل حقاً صعدت معهم الى القطار لا تعلم الى اين سترحل فابتسم ياسين بسمه شامته ومال بوجهه هامساً بأذنيها:
_ده أنتِ هتتنفخي
____________( بقلمي ماهي احمد)___________
ده انا هنفخها .. بس لما تجيني
قالت زهره كلمتها وهي في قمه نرفزتها تضـ ـرب كف بأخرى
_اهدي يازهره مش كده
حاول “الطبيب” تهدئه “زهره” قليلاً فردت بعصبيه:
_ما أنتَ طبعاً حاطط ايدك في المايه البارده ياسي علي ومش حاسس بيا وهتحس بيا ازاي وانت عمرك ما هتحس باللي انا حاسه بي ولا عمرك هتبقى أب ولا هتخلف في يوم
قالت كلماتها دون وعي لما تقوله نزلت كلماتها كالصاعقه تشق قلبه نصفين طالعها بعدم تصديق مما قالته فعقدت “مشيره” حاجبها باستغراب فهمست لنفسها قائله:
_معقول حتى علي كمان طلع مابيخلفش
حاول أن يهدأ ولا يقدم على فعل شىء يندم عليه بعد الأن:
_أنا صحيح مابخلفش بس أنتِ كنتِ بنتي الصغيره
كان هذا رده الذي تبعه بقول:
_زي ما بتخافي على شمس انا كمان بخاف عليها يازهره وبخاف على أي حد هنا بالرغم انه مش من دمي.. شمس طلعت القطر معاهم بمزاجها مش غصب عنها .. أنا عارف أنك مش عايزاها تبقى مع ياسين.. بس اللي انا متأكد منه أنك لو لفيتي الدنيا كلها مش هتلاقي حد يخاف عليها ويحميها اكتر من ياسين وسبب اني مابخلفش انتِ عرفاه كويس ورضيتي بيا قبل ما نتجوز فماتجيش دلوقتي تعاقبيني بحاجه غصب عني
قال كلماته تاركها خلفه تراه يبتعد عن ناظريها، ما الذي تفوهت بهِ تلك الحمقاء أخذت تؤنب حالها على ما قالته فنطقت اسمه حتى توقفه
_علي استنى
لم يستمع لها تاركاً أياها يغادر المنزل فأوقفتها الخاله تضرب بعصاها الأرض:
_سبيه يازهره.. سبيه يعيد حساباته.. وانتِ كمان يابتي عيدي حساباتك من اول وجديد قبل ما تخسري علي وتضيعيه من بين ايديكى
ابتلعت مشيره ريقها فرؤيه الخاله تشعرها بالتوتر
هيبتها.. كلامها الحكيم.. نظرتها المدانه دائماً وكأنها تخبرها بأنها ستكشفها يوماً ما اسرعت بالدخول الى غرفتها ممسكه بكف زهره تأخذها معها داخل الغرفه
__________(بقلمي ماهي احمد)_____________
كانت تجلس أمام الباب بالقطار وهو مسرعاً تستطيع سماع اصوات بوق القطارات من حولك تسند هي بظهرها على احدى الجوانب تنظر الى الحقول والمباني تتنفس الهواء مع نسماته البارده فأتى “بربروس” يجلس في الجهه المقابله لها.. ادارت وجهها مسرعه تطالع الخضرا مع سرعه القطار فابتدا هو حديثه قائلاً:
_اعلم ما بداخلك كما اعلم جيداً سبب معاملتك لي ولكنكِ طلبتي مني سائله ان اقنعك بدين الاسلام فلا ذنب لي يامارال
ما ان ادركت ما قاله حتى وقفت مسرعه تبتعد عنه
قبض بكف يده على معصم يدها فنزلت بعيناها الى موضع يدهُ فسحب كف يده مسرعاً من عليها يقول بعيون راجيه:
_أرجوكي اجلسي.. فأنا لا أتحمل لحظه يحمل بها قلبك شيئاً ضدي
ابتلعت ريقها تعود أدراجها جالسه تنظر لهُ بعيون باكيه فنطق هو بما لا تريد البوح به فقال بلطف:
_حسناً ، لقد سمعتني أريد سماعك الأن لما كل هذا الغضب قولي ما عندك فأنا احتاج لسماعه
أنتَ غلطت يابيدقوس
ابتسم هامساً لنفسه حسناً لقد عادت تناديني ببيدقوس وهذا شىء مطمئن فأكملت هي حديثها:
_غلطت لما قولت ان احنا بنعبد 3 الهه الكلام ده غلط اوي احنا بنؤمن بأله واحد بس معندناش تعدد الهه بسم الاب والابن والروح والقدس دي زي مثلاً الشمس بتطلع نور وحراره وضوء ومع ذلك هي كيان واحد هي الشمس فاهمني يابيدقوس
كانت تشرح له بغـ ـ ضب عارم حاول الا يتحدث معها اكثر من ذلك حاول ان يمتص غضـ ـبها يشير برأسه بالموافقه:
_افهمك يامارال ، حسناً دعينا لا نتحدث بالدين “لكم دينكم ولي دين “هل توافقينني على ذلك
اشارت برأسها بالموافقه فمسح على وجهها بأنامله دموعها التى كانت تنهمر بغزاره يحتضن عينه عيناها بحب فابتسمت هي ابتسامه من بين دموعها فطلب منها مره أخرى ما يتمناه منذ سنين:
اتقبلين ان تكوني زوجتي يامارال؟
ابتسمت ابتسامه خفيفه حاولت الحديث من وسط نحيبها فخرجت الكلمات متقطعه:
_أأ.. اايوه.. ايوه.. اتجوزك يابيدقوس
ابتسم ابتسامه عريضه زادت من وسامته وهو يصرخ بأعلى صوته بالقطار:
_ربـــــــــــاه
___________( بقلمي ماهي احمد)____________
كان يستلقي بظهره على سقف القطار يضع كف يده خلف رقبته يطالع السماء والنجوم المترصعه بها.. بين أصابع كفه الأخر سيجاره ينفخ بها مايريد أخراجه من صدره يعبث الهواء بخصلات شعره الكثيفه هنا وهناك تلاحقت أنفاسه في صوره غير منتظمه حاول كثيراً أن ينام ولكن النوم هجره عقله لا يتوقف عن التفكير بـ” شمس ” أين ذهبت ولماذا تكذب اخذ نفساً اخر من سيجارته ينفخ بها بزهق تراوده افكار لا يستطيع أخراج تلك الأفكار من عقله
_________________
شمس كنتي فين كل ده؟
جلست بجوارها تطالعها بهدوء:
_بلاش اقولك ياساره كنت فين اصل مش عايزه اكذب عليكي وفي نفس الوقت مش عايزه اقول
همست” ساره ” اليها قائله:
_اى ده للدرجه دي الموضوع كبير
اشارت برأسها بالأيجاب فأكملت ساره حديثها:
_اسكتي ده ياسين كان هيموت عليكي كان عامل زي المجنون، ما سابش حته الا لما دور عليكي فيها، كان بيتحرك بسرعه جداً مهمهوش اذا حد يشوفه ولا لاء راح الفندق اللي كنتي فيه مع عمار وراح كمان شقه الدكتور علي بس غريبه مش عارفه ليه بيقول عليها شقه يزن وعمار
فردت سائله:
_هو قال كده؟
ايوه، لولا ان الدكتور طلب اشعه وتحاليل لازم تتعمل في مصر يزن مكانش خلانا نسافر معلش بقى عشان سافرنا فجأه
ابتسمت “شمس” تهز راسها بلطف:
_ ماتفكريش فيا انا اهم حاجه انتِ
وضعت “ساره” يدها على ذراعها بابتسامه واسعه:
_عارفه ياسين فين؟
بعدم فهم:
_لاء هيكون فين
رفعت سبابتها تشير الى الأعلى قائله:
_فوق القطر ابن المجنونه
هزت “شمس” كتفيها ببراءه:
_ياسين.. هتتوقعي منه ايه غير كده
أتى “يزن” يمد كف يده الى ساره:
_ساره عايزك
طالعت شمس قائله:
_طب عن أذنك ياشمس
نظرت ” شمس” الى الأعلى وابتسمت وهي تجلس على المقعد بجوار النافذه تسند برأسها على الزجاج تتابع بعينيها الطريق رائحه السفر بكل مكان الهواء الشديد.. تحرك القطار بسرعه كبيره.. اضاءه خافته تعتمد على ضوء القمر في الرؤيه.. أخرجت من حقيبتها مذكرته التي لا تفارقها يوماً أخذت تقرأ ما بها من جديد تتخيله ممسك بقلمه يجلس على البحيره المقربه الى قلبه وهو يكتب:
“عاداتي مع النساء غريبه.. اكره لمستهن لي.. ولكني أستمتع بدماؤهن الدافئه عند غرزي انيابي بأجسادهن.. ولكن أمامها هي كل ما أريده هو أن تتجول يداها الجميلتان هاتان على جسدي بحريه تكتشف جسدي كما لم تفعل أمرأه من قبل.. اللعنه عليك ياقلبي.. لماذا هي.. لما ” شمس” هي حقاً امرأه مميزه.. حتى اسمها مميز مثلها..أظنني سأتذكر هذا الأسم لوقتاً طويلاً..
جاء قطار اخر بسرعه كبيره بجانب قطارهما فأحدث ضجه عاليه أغلقت المذكره تحتضنها بين أضلعها تخرج من صدرها تنهيده دافئه تطالع النافذه بجوارها كم تتمنى لو احضرت معها الهاند فري مع أغاني” حمزه نمره” المطرب المفضل دائماً وأبداً اليها فهذه الأجواء تحتاج لأغانيه الأن
وقبل أن يرمش لها جفن وجدته بجوارها انتفضت بانزعاج تطالعه بجوارها دون ان تتحدث فنطق هو بما لا يصح قوله:
_ايه بتفكري فيه ولا أيه؟
ابتلعت ريقها وهي تحتضن المذكره بين يديها بأحكام تحاول تغطيتها بيديها حتى لا يلحظها هو
تطالعه بحذر سائله :
_تقصد مين؟
همس لها بشىء ما في أذنها جعل الدماء تغلي في عروقها بلا رحمه وتابع هو بعد أن ابتعد يعود للخلف بخطوات بطيئه ووجه لها رافعاً كفه ببراءه متابعاً حديثه :
اللي كنتي عنده.. فريد طبعاً.. ولا في غيره
اتهامه لها واضح وصريح فحذرته بنظراتها قبل حديثها:
_ياسين.. بلاش غضبك يخليك تقول كلام مالهوش لازمه
هتف باستهزاء من حديثها:
_غريبه .. مع اني مابقولش كلام مالوش لازمه
وقبل ان تنطق اختفى من امامها بحثت عنه بكل مكان بالقطار فلم تجده من جديد فعلمت اين هو.. بالتأكيد عاد الى سطح القطار انتظرت حتى توقف القطار أخيراً وهبط كل ما فيه خرجت من المحطه تهتف بأسمه يتحرك أمامها بخطوات سريعه حتى جذبته من ذراعه قائله بعصبيه:
_ياسين.. استنى انا بكلمك
مسح وجهُ بضيق قائلاً:
عايزه اي ياشمس؟
_ايه اللي أنتَ قولته ده؟ أنتَ عارف انت بتتهمني بأيه؟
كانت الاجواء مشتعله والنظرات المتبادله تكاد تحرق الجميع فرد بسخريه:
_كذبيني ؟
قالت بعيون هاربه:
_أنا هقولك بس مش دلوقت
في نفس التوقيت هناك من يراقبهما يجلس خالد رفيق “فريد” على الموتور الخاص به يراقبهما عن كثب يتحدث بالسماعه الى فريد:
_ايوه يافريد باشا انا شايفهم قدامي
انتظر خالد حتى اكمل فريد فأجابه بأيقان:
_يافريد باشا انا شايفه وهو بيطلع على سطح القطر بسرعه رهيبه انا متأكد ان الواد ده وراه حاجه
انتظر ثواني ثم تابع:
_تمام يافريد باشا ماتقلقش عليها انا عايزك تقلق عليه هو
طالع خالد شمس وياسين وهو يرتدي خوذته وجدهما والنار تشتعل بينهما اكثر
_شمس أنتِ ماتهمنيش انا بس صعبان عليا امك العقربه اللي فاكره ان انا هبقى السبب في ضياعك
كان يتحدث بغضب عارم من يراه يقسم وكأن اشباح الموت تتراقص على وجهه من كثرة غضبه حاولت ان تحتويه فقالت بنبره متقطعه:
_انا مش هرد عليك بس أنا بس عايزه اقولك ان مافيش فريد ده اصلا
رد “ياسين” على قولها:
_يبقى في غيره
صاحت بغضب وهي تتخطاه:
_تاني ياياسين برضوا بتكررها تاني وبعدين أنتَ مالك اصلاً مهتم تعرف اوي كده ليه؟
عشان كنتِ معايا.. والمفروض ان طول ما أنتِ معايا ابقى عارف أنتِ فين غير كده لاء ماتخليش خيالك المريض يصورلك في يوم أنك تهميني
أنتِ لو بتتقطعي قدامي هفضل اتفرج عليكي من بعيد
تركها ورحل تراه يبعد عن ناظريها حتى اختفى تماماً تركها واقفه في صدمه وذهول مما تفوه به من حماقات سخيفه، سقط قلبها أرضاً شعرت وكأن الأرض لا تتسع لهما سوياً لم ترض أبداً عن اي مما قاله حاولت منع دموعها من النزول ولكن دموعها كان لها رأي أخر لم تشعر بما حولها فاقترب ذاك الفتى منها بسرعه لم تشعر بهِ كانت شارده بما يشغل بالها الأن فتح زجاجه بها ماء نار مركز يلقيه على وجهها نظرت الى الزجاجه برعب دب بقلبها استسلمت تماماً فلم يكن هناك اي مكان للأختباء كل شىء حدث بسرعه غريبه حتى وجدته هو يقف أمامها ذاك الجدار البشري يحميها بجسده يضمها الى صدره يستقبل هو ماء النار كلها على ظهره بدلاً منها اسرع خالد بالدراجه البخاريه وهناك من يصور ذلك احترقت سترته واحترق ظهره بالكامل فتحت هي عيناها لم تكن صدمه بقدر ما كانت دهشه، دهشه غريبه تشبه فرحه الخائف عند شعوره بالأطمئنان وبالرغم مما هو فيه الأن فكان اول ما قاله بنبره متقطعه تحمل من الألم ما يكفي:
_أطمني.. أنتِ بخير ياشمس

يتبع..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية عروس الالفا (الهجينة 2))

‫5 تعليقات

اترك رد

error: Content is protected !!