روايات كاملة

رواية اغتراب مشاعر كاملة (من الفصل الأول إلى الأخير) بقلم ياسمين جمال

 رواية اغتراب مشاعر كاملة (من الفصل الأول إلى الأخير) بقلم ياسمين جمال

رواية اغتراب مشاعر كاملة (من الفصل الأول إلى الأخير) بقلم ياسمين جمال

رواية اغتراب مشاعر المقدمة

– ما هو الحب ؟
صمت خيم على المكان ، لكل شخص وادٍ خاص به ، سؤال في هيئته طبيعي ، إذا لم لا يوجد رد؟!
قررت إحداهن كسر حاجز الصمت :
– هند ، فلتجيبي أنتِ أولاً .
سكتت هند قليلاً ، حاولت التفكير ، ثم أجابت
– دقة قلب !
نظرن الخمس نساءِ لها ،وهي استحيت من نظراتهن .. ووجهت الكلام إلى صديقتها .
– فلتجيبي أنت نورا .
ونورا أجابت سريعاً برفع كتفيها ، ونظرة غير مهتمة ..
– لا يوجد ما يسمى بالحب ، كله هراء .
لم تجد منهن استجابة ، ولا حتى بالنظرات ، وقررت : لتكمل اللعبة ..
– وأنتِ ندى ؟
وتلك الأخيرة ردت بعقلانية
– الحب ، أن تجدي ما يريح عقلك قبل قلبك .
ونظرت ندى إلى التي تليها
– سعاد ، دورك .
– أن يدفع لي حق تلك الوجبة..
جذبت أنظارهن بكلمتها فتبسمت وقالت
– إني أمزح ، فلنقل :- ليفعل لأجلي المستحيل .
وأخيرا صاحبة السؤال ” سما “، رأت السؤال في أعينهن و أجابت ..
– لم ألتقيهِ لأعرفه !
وسكتت .. ربما عبرت عن حالها أكثر مما ينبغي .. ولكن هي لا تحب السكوت و لا تكره السماع فقررت البوح والسماع ، فهن غرباء عنها ، قد التقين في هذه الرحلة التي لم تبدأ بعد .. فها هن يجلسن في الطريق بعد عطلٍ أصاب الحافلة ؛ شكل كل خمسة فريق ليجلسوا سويا وكان من نصيبها هؤلاء الزميلات ، تعارفن الأسماء ، وجلسن يتحاورن كصديقات
– لكل منكن قصة عبرت عنها بكلمات فلتقص كل منكما قصتها وكل آذان صاغية ..
فضلا وليس أمرا ادعموني ولا يشترط قول الكلمات الإيجابية أريد نقدا بناءا فيه الجيد والردئ وشكرا لكم مقدما .
دمتم ف أمان الله

رواية اغتراب مشاعر الفصل الأول

الفصل الأول .
مشاركة_بمسابقة_الروايات الفصل_الأول دقة_القلب
هل رأيتم سندريلا ؟
نعم عندما ذهبت للأمير بفستانها الجميل وبحذائها الكريستال السحري ، ونقف عند رقصتها مع الأمير، نبطئ الأحداث وندخل في خلدها : ماذا حدث لتحب سندريلا الأميرَ ؟ ، هل لأنه أمير ؟ أم لأنها شعرت بدقة قلب ؟
نعم شعرت .. ولا أحب حتى تخيل أنها أحبته لكونه الأمير ، فهذا الأمر ليس رومانسياً البتة.
أنا ك “هند” أحب أن أشعر بدقة قلب مع الذي أتخيله زوجي ، لا أريده غنيا جدا مثل قارونٍ مثلاً ، ولا وسيما كيوسف حتى ، أريد فقط دقة القلب ..
مسحت دمعة خائنة نزلت ؛ أحرقت خدها الوردي وقالت
– لي مع تلك الدقة ذكرى ، لا أحب عادةً تذكرها ، ولكني سأقصها عليكن ..
منذ شهرين
ذات صباح يسبقه مساء ، كانت هند منشغلة كعادة البنات : في استقبال طلبات الأصدقاء ..
وطلب وراءه آخر حتى كان طلب أعز الأصدقاء :- كريم .
لم يُقبل الطلب في البداية ، ولكن سرعان ما قُبل على أرض الحقيقة ..
حكاية ككل الحكايات نحن أصدقاء ثم الأعز ثم نهجر تلك الخانة ونبدأ حكاية جديدة
– هند ، أنا أحبك ليس كصديق ولكن كحبيب .
كلمات جوفاء ، صماء ، باردة ولكن في صميمها جديدة !
فلم تكن هند ممن يغلقوا الأبواب بأشد الأقفال، ولم تكن أيضا مفتّحة الأبواب ..
فلم تك تسمع كلمات الحب والغزل ، ولم يكُ يطرأ على أذنيها تعابير الحب والاشتياق.. ولم يتجرأ أحد لدخول وطرق باب من تلك الأبواب .
قبلت بتلك الفرصة كتغيير بحياتها التي أصبحت كالروتين..
وكريم كباقي البشر يريد الأخذ قبل العطاء وفي حالته قد أعطى الكثير ويسأل أين ما أريد ؟
وهي تتحجج .. الأمر جديد .
وتماطل.. أصبر عليّ تنل ما تريد .
وقد ألقى عرضا ربما يكون سببا في الجديد
– ما رأيكِ في نشاط للجامعة .. رحلة لمرسى مطروح!
لم تلبث كثيرا في التفكير
و من ثم وافقت !
_________
تائهة ، كلمة تصف حالتها وبجانبها أنها تشعر بالملل .. بل الكثير منه .
ظنت أن بخروجها تستطيع الخروج من تلك الحالة ، كانت قبل أن ترتبط بذاك الكريم أكثر حيوية ونشاط، كانت مقبلة على الحياة أكثر، تقبل المغامرة و، نتيجة تهورها قبلت بتلك العلاقة ولم تقبل بإحساسها الآن.. تشعر وكأنها مقيدة بأغلال وهمية ؛ تشعر بها وكأنها تعيق حركتها ، و تعيق حريتها التي تفتقدها الآن ..
تشعر بالأسى لكريم ، ترى محاولاته المضنية في جعلها تستجيب و تتجاوب معه ، وهي تكتفي بابتسامة شاحبة كشحوب الموتى..
– لنأكل !
كانت كلمته مقتضبة ، يبدوا أنه على شفا حفرة من معاملتها ..
– ماذا تريدين ..؟
– أي شيء ..لا أشتهي شيئا معينا .
– يبدوا أنه في كل شيء . اجلسي !
كانت للأمر أكثر منها للطلب .. ترى حيرته في كيفية البدء معها ، وتنتظر أن يبدأ حتى جاء “هو” .. وصاحبته الدقة .
تراه يسلم على كريم بابتسامة بشوش ، خفضت بصرها فهي لم تكن خائنة يوما
– كيف حالك يا حسام ؟
– حالي كحالك في تلك الكلية ..
– لا تيأس ، كلها أيام ونتخرج ..
– أتمنى على خير ..
انتبه كريم لهند
– أعرفك يا حسام ، هند
سكت كريم قليلا وأضاف
– زميلتي !!
كانت تنتظر كلمة أخرى .. ربما أقرب من تلك الجافة ، يبدوا أنه حقا قرر الانتهاء من تلك الخيوط الوهمية التي كانت تظن يوما أنها كانت تُحاك حولهما …
___
دعا كريمُ حسام لينضم إليهما وبالطبع لم يكن لديها اي اعتراض وكان هذا من رأي كريم وحده ..
ولكن في نفسها كان هناك ، إذ اهتمامها بزميله كان واضحا جليا وكانت تأنب نفسها على هذا التفكير .. كانت تحبذ الانتهاء وعدم ترك بقايا للقديم كي تبدأ بالجديد .. كان شعارها دائما لا أثار يمكن أن نندم عليها.. وها هي تتخلى عن أول شعار ..
وتخلت عن الكثير بعده فلم تترك كريم الذي جدد محاولاته في جذبها نحوه ، ولم تتخذ قرارا في شأن علاقتهما المنهارة ، ولم تبطل التفكير في ذاك الحسام !
حسام الذي دق قلبها عندما رأته يسلم على كريم ، وضحكته التي كانت تنظر لها دون شعور ، ومرحه في الحديث ، وحركته المصاحبة له في كل حديثه بيده اليمنى .. حتى لاحظت أنها عادت تفعلها ..
ربما كان هذا هو الحب ! أتلك الدقة هي ما كانت تنتظرها على أحر من الجمر ؟
تركت غرفتها وذهبت تتمشى لعل نسيم البحر يُهديها حلا ؛ فترسوا بسفن فكرها إلى ما تريد ..
وتأتي الرياح بما لا تشتهي السفن
– أيمكن أن أجلس معك ..
حملقت في وجهه وظلت على حالها ولم تدرك أنه جلس بجوارها ، أفاقت على سؤاله
– ماذا تفعلين في هذا الوقت ؟
حاولت تشجيع صوتها وحثه على الكلام وخاب ظنها وخرج متقطعا خجلا
– أحاول أن أسترخي؟
– وهل هناك ما يعيق ذهنك ؟
خرجت آهة مكتومة منها لم يدركها وسمعته
– تعرفين اسمي يوافق اسمك !
– ماذا تعني ؟
– الهند و الحسام كلاهما أسماء للسيف ..
نظرت له نظرة لم تك خجلة، ولم تك .. لا تعرف !
سألته
– أأنت معنا في نفس القسم ؟
– لم تريدي تغيير الحديث ؟
– منحناه لا يعجبني!
نظر إلى مقلتاها وقال
– ولكنه يعجبني..
وأردف بصوت رخيم
– وعينيك.
سألت مسحورة
– ما بهما ؟
أجاب بدفء
– تعجبني..
دقة بل دقات وزلزل المكان .
وأفاقت على ذكريات على من كان !
وهربت من الأمام !!
لا تريد أن تكون خائنة ..
فتصبح بعد ذلك بائسة .
وقررت وصممت لابد من الانفصال .
******
كان حوارهما حادا على عكس ما توقعت ، أول مرة ترى هذا الوجه من كريم، تعرفه دائما هادئ ومتزن ، يفكر أكثر من مرة فيما يفعل لكن الذي أمامها الآن ليس كريما بل آخر لم تعتقد بوجوده يوما !
تنفست وحاولت الهدوء فهي تعلم أنها مخطئه بل مذنبة في حق كريم ؛ فهي عندما دق قلبها لحسام قررت الانسحاب ولم تعمل حساب لقلب كريم ، أيمكن أنه دق لأجلها .. !؟
– لم لا تردي؟
كانت بزعيق أخافها
– ليس عندك شيء تقولينه، صحيح ؟
– كريم ، افهمني.
قاطعها بحدة
– أفهمك ! وهل أفعل شيئا غير فهمك ، كل مرة أرى منك وجه البرود وأتلاشى .. أحاول أن أعرف اهتماماتك وأغمس نفسي فيها لأجل رضاك ولا أرى منك سوى كلمات باردة ، أنت أنانية !!
نعم هي تدرك ذلك الآن هي حقا أنانية ، لم تفكر إلا في نفسها ولكن مهلا فلو فكرت فيه وفي حبه وضحت عن دقتها ، النهاية أيضا البؤس.. لن تعيش مع رجل وهي تفكر بآخر ، مستحيل !
أقنعت نفسها وعلمت أن ما فعلته أخيرا هو الصواب ، خطئها حقا أنها وافقت على تلك العلاقة من البداية ..!
كانت دمعة في البداية والآن سيل قد تم دعوته..
سألتها ندى
– ماذا بعد ؟ أتقبل كريم الأمر ..
– كان مجروحا جدا ، لم أقصد يوما جرحه فهو كان نبيلا إلا في لحظة النهاية ..
– ماذا تعنين؟
– سأكمل..
صرخ في وجهها
– اخرجي الآن ..
– لا أريد تركك هكذا؟
نظر إليه نظرة تكاد تفتك بها أدركت بها مدى عمق جرحه ، قالت بعدم استيعاب
– أنت مجروح.. قلبك !
أجاب بسخرية
– وهل أنت من ستتضمدين جرحي الغائر؟ هل تستطيعين مداواته ؟ هل يمكنك أن تجعليه يبرأ.. لا تكثري من الكلام أنت فقط لم تفكري سوى بحالك .. أنت لست سعيدة ، أنت تفتقدي حريتك ، أنت لا تجدي راحة في هذه العلاقة ؛ فهي تقيدك ، صحيح أليس هذا كلامك وأنا المذنب !
أكمل صارخا
– أنا من جعلتك تعيسة صحيح! أنا من كنت أتلمس منك البسمة لأكون أنا سعيدا .. حريتك !! أتشعرين حقا أنها فقدت ، ألا ترين من حولك تأمليهم .. ستجدين ما معنى الحرية حقا ..
هند ، أنا تعبت حقا، منك ومن كل شيء .. كلامك بائس مثلك .. لا أريد منك أي شيء سوى الابتعاد ..
وتذكري حقا أني كنت أحبك يوما!!
شهقت بصوت عال وفرت من أمامه..
كان عليها أن ترفق بحاله أكثر لا أن تجرحه بهذه الطريقة !
صدق في قوله هي حقا بائسة .
وقفت مكانها ولم تكمل تلك الخطوات ، قررت بقول كلمة أخيرة ، تسكن بها روحه وروحها، تعلمه أنه إنسان نبيل حقا ، تعلمه أنها آسفة لكل شيء ، لكل لحظة شعر فيها بأسى ، لكل دقيقة هي كانت من حقه في أن يكون سعيدا ..
وقفت على الباب فتحته ببطء لم يدرك أنها ورائه وسمعته
– كنت على حق يا حسام هي لم تكن تحبني ، صدقت .
سكت قليلا وأكمل
– أنت فعلت الكثير لأجلي .. لم أكن لأنتبه لولا تدخلك بيننا ..
سكت ثانية
– المرة المقبلة سأختار بحذر ، من لا تستطيع أن تتركني لتذهب لصديقي ..
ابتسم بألم وأكمل
– لن أستعين بك ثانية صدقني.
وأقفل الخط واستدار ووجدها ..
كانت خطة منهما أن يكتشفا مدى الصمود !!
و لم يحذرا باكتشاف الأمور ..
وتركته حقا بل وتركتهما..
ومازالت تبحث عن دقة القلب !!
ياسمين_جمال_أبوالسعود
قراءة ممتعة
يهمني رأيكم
دمتم في أمان الله

رواية اغتراب مشاعر الفصل الثاني

الفصل_الثاني :- الحب هراء .
أي مسمى أنتم تتكلمون ! عن الحب ، أي حب ؟
ألا ترون المشاكل ؟
ألا ترون حالات الطلاق بين الناس ؟
عن أي حب تبحثين يا هند ؟ أي دقة قلب تبحثين عنها ؟
كله هراء صدقوني ..
تريدون أن تسمعوا قصتي .. سأقصها عليكن .. ولتسمع و لتعِ كلامي كل واحدة ؛ لأريكن ما الحب الذي أنتن هائمات به؟!
قصتي وما أحلاها في البداية ، البدايات دائما جميلة في كل شيء ، في بداية الحياة كمولود، بداية الحبو ثم المشي ثم الحضانة ثم المدرسة ثم التخرج… كل شيء في بدايته فيه نوع من المزية..
أول لمسة من حبيبك لا تنسى ، تتذكرين تعابيره، رائحته ، لون قميصه ، تتذكرين الدفء الذي يسير في عروقك حينها ، تتذكرين تلك اللحظة الذي اقترب منك فيها وعبقها في أنفك إلى اليوم ..
أتذكر الآن تلك اللمسة منه كان يوم كتب كتابنا ، كنت سعيدة جدا ، كنت قد توجت له أخيرا بعد حب لم يكن طويلا فقط بضع شهور ؛ فقد كنا أقارب فهو ابن خالتي وليته لم يكن !
– أحبك !
كانت أول مرة أسمعها في حياتي ، أحببت نبرته بها كان صوته دافئ رخيم ..
راقبت في نفسي خجل لم أكن على عهد به و سخونة في وجنتي كأن وجهي لتوه خارج من فرن حامِ !
– ألن تقوليها ؟
– أقول ماذا ؟
كنت أفهم قصده ، ولكن أحببت المماطلة
– أحبك
– سأقولها..
– ها أنا أسمع !
تركته مكانه واستجبت للأصدقاء فقد حان وقت الرقص ، تلفتتُ له وجدته يتوعدني .. حتى وعيده أحببته!
انتهت الأمسية ، كانت أمسيةً جميلة أتذكرها طول حياتي ؛ فهي من الأيام القليلة التي عشتها حقا …!
توالت بعدها أيام سعيدة كنت أقارن بها نفسي وأي امرأة أخرى في هذا الكوكب بل وكل طائر حر سعيد ، كنت أقارنه وأجد نفسي أكثر سعادة منه !
خبط على الباب أنبأني
– مازن يا نورا ، ينتظرك في الأسفل !
نظرت للمرآة وأمسكت بالحقيبة وانطلقت .. هناك سعادة أكثر بقربه تنتظرني..
– ماذا اليوم ؟
فتح لي باب السيارة وقال بهمس في أذني
– هذا الجمال ..
أُحب نبرته في الحديث أكثر من كلامه : فيها نوع من الانجذاب
– فلننطلق .
قلتها بلهفة .. أتطلع لأشتري أثاث بيتي .. بيتي! مذاق تلك الكلمة رائع .
سمعته يقول
– لأسمعها أولا ..
فهمت قصده ، تبسمت بسعادة وقلت
– يا حبيبي !
– أخيرا!
كان صوته عال .. ضحكت عليه ونبهته ” أننا في الشارع ” وانطلقنا ..
هذا سرير رائع ، وتلك ركنه ذوقها رفيع ، وهذا صالون جيد ..
اخترنا كل شيء ، حتى الملابس .. ولم أسلم من تلميحاته ! التي صارت تعجبني ؛ تُرضي غرور الأنثى فيّ .
حتى جاء الزفاف .. وزفت العروسة للعريس ..
– قوليها ..
– أحبك
وضمة تنوسي بها كل من في الكون ، ودوران أوقف القلب ..
و دقة القلب .. وكل شيء في الحياة وردي ..
زوج حنون ، لا يكل ولا يمل من قول كلمات الغزل .
فكان دائما يضمني إلى صدره فأسمع عندها نبضات قلبه ..
ويقول لي بصوت أحن .. أنت أقرب شخص لي في الكون
فلا يأتي يوم وتعذبيني وتتركي هذا الصدر وتهجريني
إن كان بموت أو حياة … و سأدعو ربي كل يوم في الصلاة
أقاطعه وأنهره عن ذاك الكلام ..
ألا يدري أنه كل الأنام..
وأضع يديّ على فيه وأقول :
لا تقل أبدا هذا القول
فأنت يا مازن عالمي في هذا الكون
أنت الحب وأنت السند ..
وأنا سأدعو ربي الصمد .. أن يطيل بعمرك يا حبيب
وتظل طول عمري أحلى رفيق ..
______
وانتهى شهر العسل !
وانتهى معه العسل .. وكل شيء وردي
وعادت الحياة لمكانها الصحيح : دوامة العمل والبيت والمطبخ والحمل ..
لا أقصد أني حملت ، بل انتظار الحمل ..
من حولي ينتظر .. وينتظر ، ويسألون : هل امرأتك حامل ؟
لم التأخير؟ اذهب للطبيب .. وذهب
غير الطبيب .. و غير
من عنده العيب ؟ لا أحد فينا ..
وفي الآخر : اذهب لشيخ !!
وكان هذا غضب البركان ..
قولي أقل .. اعملي أعمل .. اذهبي أذهب .. افعلي أفعل.. وقد طفح الكيل !!
من قال أني أريد حملا .. أنا لا أريد ؟
نظر مازن لي وقال بهدوء مميت
– ولكني أريد ..
وعلى صوته وقال بحدة
– أريد أن أصبح أبا ، وسأفعل أي شيء .. هل تسمعين أي شيء لأصبح أبا !!
وتركني وذهب !
______
– على مهلك !!
ترى اهتمامه منصب عليها ، يعتني بها كأنها قطعة من الخزف ، و بالطبع هذا الاهتمام لأجل ابنه المنتظر ..
في النهاية هي أيضا تريد أن تكون أم ، بل هي تترقب أكثر منه هو ، خافت على مازن حين واجهها آخر مرة لم تكن خائفة منه ، بالطبع كلا! بل عليه ..
حينها توضئت وصلت ركعتين دعت بكل ما يجيش بقلبها وحينها جاءتها تلك الفكرة .. انتظرت حتى أتى آخر الليل وألقتها عليه
– ما رأيك في أطفال الأنابيب ؟
كان عليها أن تشاركه حلمه ، قد رأت في عينيه رغبة وإصرار على ذاك الوليد ، وهي لم تكن بلا قلب ..!
وافق وراحب وسارع ببيع السيارة دون تردد.. شاركته فرحته وصارت تتكلم معه على ابنهما المنتظر ..
– ماذا سنسميه؟
– أتريدين ولد ؟
– ولم قلت هذا ؟
– صيغتك تقول ولد !
– أنت ، ماذا تريد ؟
– أي شيء .. أريد طفلا منك وحسب ..
قالها جبرا للخاطر ، تعرف أنه يريد طفلا وليس شرطا منها !
ابتسمت وضمت صدره تبثه خوفها بدلا من صاحبه .
وها هي ممددة على سرير جامد وحدها وفي غرفة صماء !
دائما ما كانت تخاف الوحدة ، كانت تشغل وقتها بالعمل على الحاسوب تارة ، وتارة بأعمال المنزل ، وأخرى بالذهاب للنادي المجاور …
تذكرت تحذيرات الطبيبة من الحركة ، آثرت الحفاظ على ولدها ..
ولدها ! وضعت يدها على بطنها تلمستها برفق
– هل تسمعني ؟
إحساس رائع!
– أنا أمك ..
تبسمت ضاحكة ، أحست بشيء يدغدغ قلبها
– أنت ونيسي هذه الأيام .
سكتت تسمع ضربات قلبها
– وما أحلاك ونيس ..
قضت أيامها بين حبيبها الجديد ..
تحكي له القصص وهو يطلب المزيد ..
حتى نضب الخيال
فقررت بأن تقرأ عليه وله قرآن ..
تتلمس السور التي فيها القصص ..
وتظل تحكي و تقص القصص ..
مرة بآية .. وأخرى بسورة ..
حتى أحبت تلك السورة ..
تحكي عن عجوزة وعقيم ..
يريدا أن يكونا لهما وليد ..
وأخرى بكر رشيد
يأتي لها من دون تدخل وليد ..!
فنظرت للسماء وتقول
يا من أعطى زكريا بعد العجز والعقم ..
ولإبراهيم بعد الصبر والكبر
و يامن أعطى مريم دون رجل
احفظ لي ولدي من كل شر ..
ونامت بعدها نوما عميقا.. شعرت فيه براحة لم تشعر بها من قبل ..
أحست بخالة كانت تذهب لها قديما عندما كانت صغيرة تربت على كتفها بحنان
– خالتي سعادة!
تبسمت لها الخالة بصفو..
وكأن نورا تذكرت أنها كانت تخاصمها فقالت بأسف
– أنا آسفة .. الآن أنت لست غاضبة مني ، صحيح ؟
تبسمت لها ثانية وأخذت منها تلك الوردة التي كانت تملكها بيدها وأعطت لها باقة أكثر جمال منها ثم ذهبت..
ظلت نورا تنادي وتنادي و فاقت على صوت مازن يقوم بإيقاظها ..
– أنت بخير ؟
كان قلقا ، يمد بيده كوب ماء ، أخذت ترتشف منه وترتشف حتى ابتلعت آخر قطرة
– آت لك بالمزيد..
– متشكره ، أريد أن أنام ..
واحتضنها سلطان النوم من جديد ..
_____________
عدت أيام لا تعرف عددها بعد ذاك الحلم ، تشعر بقلق غريب ينثر حباته في أرض قلبها ، ترى ماذا سيطرح هذا القلق ؟
حاولت الانشغال وفي النهاية تعود إلى نقطة البداية ..
ما هذا القلق الذي أشعر به ؟ !
حتي عرفت كنهه ..
نظرت إلى الدم أسفلها ، لحظة من الجمود وعدم الاستيعاب ، وصرخة بأعلى صوت تظنه لديها..
ولم يكن أحد بجانبها .. ووقعت على أرض صلبة باردة ، وفقدت الوعي !
-يُتبع – .
ياسمين_جمال_أبوالسعود
يهمني رأيكم
دمتم في أمان الله

رواية اغتراب مشاعر الفصل الثالث

اغتراب_مشاعر
الفصل_الثالث: وماذا بعد ؟
المكان أصبح أكثر برودة ، أهو برد المكان حقا أم برد قلبها الخاوي ؟ كانت أياما شعرت فيها بالدفء من وجود مازن بجانبها ، كان له دفئا خاصا به ؛ لا تحتاج بقربه إلى مدفئة أو أي شيء آخر يكفي أنه بجانبها حقا ..
ولكن البرد فرض سيطرته على أركان حياتها فأصبح يحيط بها من كل جانب
– أين قميصي ؟
قامت من مكانها بثقل تجر رجليها بجر غير معتادة عليه .. تشعر بأنها شابت كثيرا عما كانت عليه قبل خمس سنوات .. حين كان هو يبحث عن مصدر سعادتها ويقدمه لها قربانا ..
– لا أجده ، آت لك بغيره ؟
– لا ، أنا أريد هذا القميص !
ظلت تبحث عنه بأعين غائرة ، ألا يمكنه الطلب برفق أكثر .. يبدوا أن مازن القديم قد ضل طريقه وضاع .
تنهدت بألم يصدر من ضلوعها وقالت بقلة صبر كانت تظن يوما أن لديها الكثير منه
– أنا لا أجده ، اختر قميصا آخر .. سأبحث عنه فيما بعد .
قال بعدم اهتمام لنبرتها التي تصرخ بألم
– أنت لا يمكنك فعل شيء . حتى
وبتر كلمته ربما استغنى هذه المرة بما قال في السابق بأنها مهملة ، غير مهتمة بأي شيء ، لا يمكنها حتى حمل أي مسؤولية حتى لحمل بذرة في أحشائها !
كلمات كانت كوابل من الرصاص .. الذي لم يذق مازن له طعما يوما !
فكيف يشعر بما يعتري قلبها من خوف ؟ كيف يشعر بتلك السكين التي لم تخرج يوما من قلبها ؟ كيف يشعر وهو يلهي نفسه مع أصدقائه وهي التي تشعر بالوحدة والفراغ كل يوم ؟
حتى يوم تعبها وإجهاضها كانت وحيدة بائسة .. ظلت فاقدة للوعي إلى أن أتى من عمله ، لم يكلف نفسه يومها عناء الاتصال والاطمئنان، سألته وترجته بأن تأتي أمها إليها حين حملها وكان دائم الرفض
– أنت تعلمين أن البلدين على مسافة كبيرة وأن أمك لو أتت لبقيت مدة حملك هنا ..
وأكمل وهو يربط ربطة عنقه
– لا أريد أحدا أن يدخل بيتي ويكون حائلا بيني وبين زوجتي .
وأخذ حقيبته وذهب !
كان لا يريد حائلا وعازلا بشريا .. والآن هذا الحائل الذي بينهما ماذا نسميه ؟ ولم تيأس وسألته بعد الإجهاض في إتيان أمها ورغم تعبها الذي كان باد عليها وشحوب لونها الذي جعلها تفقد جمالها الذي كانت تملكه كان الرفض سيد الآراء لديه ..!
– مازن ، رجاءا لا تتأخر اليوم .
كانت تنتظر منه كلمة تشعرها بأنها ما زالت مهمة لديه، كانت تريد أن تشعر بالاطمئنان ، أن تشعر بأمان هجرها منذ زمن ، حتى أصبحت بقربه تشعر بأنه سيهجرها بين الحين والآخر ..
صارت هي من تهتم بالإنجاب ، ترى فيه مصدر الأمان الذي ضل ، مصدر النور الذي أطفئ ، مصدر حبها الذي جف بحره وجفت معه حياتها وصارت كصحراء باردة جافة ..
كانت تلك الأيام القليلة التي عاشت فيها مع بذرتها التي لم ترها أسعد أيام ، كانت قريبة من خالقها ، تبثه ألمها وتعبها وكدرة أيامها ووحشتها من الوحدة التي تشعر بها ؛ فأسكن روحها وربط على قلبها وجعلها لا تشعر بمازن و لا بغيره واكتفت بوليدها وبقربها من بارئها حتى كان أمره ولا اعتراض على أمره .
ظلت تشعر بالتعب والألم في بطنها وظلت تحاول التغلب على هذا الشعور الذي زاد وما عاد يحتمل ؛ أمسكت هاتفها ونادت بأعلى صوتها متلاشية صوته الذي جاء بتمتمات لا تريحها فصرخت فيه مستنجدة فيكفي كلاما أنا أموت !
______
انتظرت هطول غيث عينها وطال انتظارها كثيرا يبدوا أن سحاب مقتليها جف ؛ فلم تعد تتكرم عليها بالدموع
– وماذا بعد ؟
سألت” سما” نورا التي لم تعد تستطيع أن تكمل الحديث .
– ماذا حدث لك ؟
وكانت تلك هند .. أجبرت نورا نفسها على الحديث
– ها أنا أمامكم حية ترزق .
تكلمت سعاد
– لا نريد هذا ، فلتكملي ..
أجابت نورا
– لا أريد أن أحكي المزيد .. هذا الحديث يوجع قلبي .
صمتن جميعهن، وقطع الصمت وقوف نورا تبحث عن شيء دافئ لقلبها قبل جسدها ولكنها توقف حين سمعت ندى
– أتصالحتما ؟
أجابتها نورا
– تطلقنا..!
وأكملت تبحث عما تريد ..
نظرن الأربع إلى بعضهن ولم تنبت إحداهن ببنت شفة حتى جاءت نورا وبيدها كوب شاي دافئ يستريح داخل كفها .
وقالت بابتسامة بشوش
– سعاد أريد أن أعرف المستحيل لديك .. تجذبني كلمتك .
تنحنحت سعاد ونظرت إلى ندى تستأذن أن تأخذ دورها وتلك الأخيرة وضعت كفها ليحتضن وجهها ” قصي علي قصتك فإني أسمعك “
وهي سافرت إلى عالمها حيث ” إبراهيم “
تذكرت وهي تضع وجهها في هاتفها ليلا والجميع نيام حولها لا تسمع سوى صوت الحروف التي تكتبها وصوت شخير أبيها الذي يفزعها بين الحين والآخر ..
ترى تلك الصورة فتعجب بها ، وذاك الفستان الرائع الذي تتخيل نفسها ترتديه فقد كان فستانا لليلة العمر تلك الليلة التي ستفعل بها كل ما تحلم به وأوله ذاك الذي أمامها ، تذكرت ابنة خالها وفرحها ، تذكرت كيف أن ابنة خالها محظوظة بذاك الرجل الذي تزوجته ، رأت في عينيه حب عميق لها .. تمنت دائما حبا مثل هذا لا تريد حبا عاديا تريد حبا يفيض قلبها سعادة ..
تنبهت إلى تلك الرسالة التي جاءتها ، حاولت كشف الستار عنها وجدتها من شاب يسمى ” إبراهيم .. “
– مساء الخير ، أنا إسمي إبراهيم .. أنا من بلدك وأنا معجب بك كثيرا ..
ترددت في الرد عليه وقررت أن ترد ولكن بقسوة
– ماذا تريد ؟
– التكلم معك ..
– أنا لا أكلم شباب
وخرجت من التطبيق تكمل عبثها..
جاءتها رسالة في اليوم الثاني
– كيف حالك ؟
رأت الرسالة ولم ترد
– أقول لك أنا جاد .. أرسلي لي رقم أمك أحادثها .
توترت أكثر ودق قلبها بعنف .. ربما هو صادق .
أرسلت له رقم أمها وانتظرت .. وانتظرت هل سيكون جادا حقا ؟
لماذا طلب رقم أمها ؟ ولماذا أرسلته له ؟ هي غبية لم تفكر .. كان عليها الانتظار وسؤاله عن من يكون ؟ ماذا يريد منها ؟ لما لم أفكر؟
وقطع تفكيرها صوت الهاتف الأرضي .. صمتت وأنصتت لصوت أمها
– أهلا ، أهلا يا بني .
– كيف حالك يا خالتي؟
– أنا بخير الحمد لله .. ماذا تريد ؟
– أنا يا خالتي اسمي إبراهيم من عائلة … أحب ابنتك وأنا الآن مسافر في قطر وأخاف أن يتقدم أحد لابنتك فكلمتك هل يمكنك أن تنتظريني إلى أن آتي بنفسي لأتقدم لها ..
سكتت الأم قليلا سعاد آخر أخواتها الخمس.. تحبها أكثر من عينها ، ويبدوا أن هذا الرجل يحبها وأيضا هو مسافر في قطر إذا سيعيشها عيشة طيبة ..
– سأنتظرك يا بني ..
سعد بقولها بل طار فرحا أجاب بصوت تملئه الفرحة
– شكرا ، شكرا يا خالتي، ربنا يعطيك الصحة .. أنا عند وعدي ، يوم أن أنزل البلد سآتي لك سريعا ، شكرا مرة أخيرة . هل تريدين أي شيء .
تعجبت من نبرته وقالت بدهشة
– لا و شكرا .
– مع السلامة .
وأغلق الخط
جرت سعاد على هاتفها وأمسكته وجدت رسالة منه
– أعلمتِ أني جاد .
– من أنت ؟
-يتبع.

رواية اغتراب مشاعر الفصل الرابع

مشاركة_بمسابقة_الروايات رجاءا حلوا اللغز الفصل_الرابع :- المستحيل
ضحكة مكتومة أثناء ليل جميل يشبه لحظتها التي تعيشها ، همسه في أذنها له طرب بديع يشبه موسيقى عذبة تعزف علي جيتار حبٍ لم تكن تعرف عنه أي شيء . أحبت صوته الذي يبثها حنان يجعلها ترقص على السحاب متناسية أهلها جميعا . فكيف تذكر أهلها وهو صار هم ؟ بل كيف تذكر نفسها وهي صارت هائمة به !
ذاك الإبراهيم الذي عرفت أنه يحبها منذ زمن ، عجبت من قوله وكيف لاحظها ؟وهو أجاب بشجن
– وهل يخفى القمر . كنت كملاك يسير على بساط ، أسرت عيناي منذ أن رأيتك تمرين من أمامي بذاك القميص الأحمر الذي تمنيت أن أكون هو ..
ثم أكمل بهمس
– فهو كان يحتضنك كما تمنيت أنا .
صرخت سعاد فيه
– إبراهيم !
– عيونه ..
– لم نتفق على هذا !
– الوعود وضعت لنقطعها..
أخبرته بتردد
– لا أريدك أن تقطع وعدا أعطيته لي !
كانت نبرتها بها خوفا ؛ فهي تخاف على نفسها فهو وعدها أنها ملكه وهو ملكها.. لا تريد وعدا يمكنه أن يخلفه.. هي تتلمس قدومه على أحر من الجمر .. تريده أن يطمئنها لا أن يجعلها تخاف !
فهم إبراهيم كلمتها هو لم يكن إلا رجلا يوفي بكلمته وخاصة معها هي أجابها على كلماتها التي لم تنطقها
– سعاد ! لا تخافي أنا لا يمكن أن أتركك..
زفرت بارتياح وابتسمت وقالت بمزح
– أنا لا يمكن أن أُترَك ، كيف بجمالي أن يترك من الأساس !
أجابها بعبث
– يا واثق ..
– متى ستأتي ؟
أراد أن يغير الحوار
– أرسلي لي صورة لك .
– لماذا ؟
– لكي أرى جمالك الذي لا يترك؟
– أما قلت أنك رأيتني ؟
– من الممكن أن تكوني تغيرت . ربما قصرت ، أو سمنت أو أصبحت سمراء ، هكذا لا بد أن أعرف البضاعة قبل أن أشتريها .
– بضاعة !
قالتها بنفور وأكملت بزعيق لم تدركه
– سمنت، وقصرت! أأنت أهبل؟
ضحك على صوتها وسمعها
– اسمع ، اذهب واشتري بضاعة أخرى .
ثم سكتت
سألته بشيء فيه دلع
– لماذا لم تقفل ؟
كانت تريد أن تسمع أنه يحبها ولا يريد أحدا في الدنيا سواها ولكنه فاجأها
– أنتظرك لتقفلي ..
غضبت من قوله بل ثار بركانها وأغلقت الهاتف في وجهه ولم تدرِ عن ضحكته التي سافرت إلى أعماق قلبه .
_________
تنظر إلى ورق الكوتشينة أمامها تخاف أن تختار أي ورقة وتخسر ، هي في حالة تعادل الآن مع بنت أختها ونتيجتها تحسم اللعبة ، تذكرت حالها مع إبراهيم كانت حالتها تعادل معه قبل أن ترسل له تلك الصورة ، فبفعلتها أصبح هو مالك اللعبة يملك خسارتها وكسبها داخل مضمار لعبة الحياة ..
لم تحسبها كعادتها فهي متسرعة دائما ، تمشي على ممر دون التبصر عن ماهيته ، لم تعِ ما الذي سيهديها إليه ألهلاك ؟ أم النجاة ؟ رضيت فقط بإرضاء غرور أنوثتها ، استشاطت غضبت حين ذكرها بأنها بضاعة ولم تفكر كثيرا وأرسلت الصورة مزيلة بكلمات تثبت بها نرجسية الأنثى و حبها لنفسها!
ليتها أطالت التفكير مثلما تفعل الآن ! ولكن ليت لليت مكان !
– خالتي ، فلتنهي الاختيار .
نظرت ” لإسراء” ابنة أختها نظرة ” لن تكسبيني ” واختارت ورقة وقعت بها فريسة سهلة تحت فم تلك التي تراقصت عينها قبل جسدها الصغير
– كسبت ، كسبت . لقد قلت لك إسراء لا تهزم .. هيا أعطيني ما اتفقنا عليه ..
وها هي أنثى أخرى تملك تلك النرجسية !
نظرت سعاد لها بغيظ تلك الفتاة لا تنسى أبدا ،فدائما في المقام الأول حقها الذي غير قابل للنسيان أو التناسي.
ألقت لها ذاك المال الذي كانت تدخره إسراء معها فقد غلبت شرطها في إعطائها وهو أن تتجاوزها في تلك اللعبة والآن هي خسرت المال الذي لم يكن ملكها ، ولن تقبل خسارة أي شيء آخر وخاصة إن كان أعز ما تملك .
دخلت غرفتها وأغلقت عليها الباب ، أمسكت مفتاحا لعالم لم تحسب أن تتعمق فيه ، وأرسلت رسالة لرجل لم تكن تحسب أن يأخذ قلبها في يوم ، وكتبت
– إبراهيم !
وسكتت وأرادت أن تكتب المزيد و أنى لها هذا وقد جف حبر عقلها ! أرسلت تلك الكلمة له التي لم تكن سوى مناداته ..
أرادت أن تكتب المزيد الذي يعبر عن خوفها وقلقها وظنها الذي تظنه فيه ، وجف حلقها عن التعبير وكذلك أناملها . ظلت تنظر إلى الرسالة وجدته رآها وبدأ في الكتابة
– بنت حلال .
ضحكت شفتيها
– ما جعلك تقول هذا ؟
– كنت في أشد الحاجة للحديث معك .
– لماذا ؟
– رن علي .
استجابت وأطاعت ، لم تكن لترفض له أمرا ؛ تشعر معه بسلب إرادتها .. سمعته يسلب أيضا حواسها وتركته يسلبها بإرادة لم تكن معها .
وقفت عند شعوره لرؤيتها في الصورة ، أفاقت من سيل المشاعر الذي كانت تغرق فيه وسألته بتردد
– أيمكن !
وسكتت ثانية لا تعرف لما تنسى الكلمات عند هذا الموضوع ؟ سمعته يقول بدفء وبنبرة فيه حنانا كانت تفتقده
– لا تخافي ، أنا لا يمكن أن أأذيك.
– حقا !
سألته وهي شاكة متيقنة.
– الذي يحب لا يؤذي.
فرح قلبها
– أتحبني؟
أجاب بعد ضحكته
– لا أحبك .
– نعم!
عليت ضحكته أكثر
– أذنك فيها شيء ؟ أوقعت عليها وأنت صغيرة مثلا !
– لماذا ؟
– قلت لا أحبك وأنت لم تسمعي !
– إبراهيم !
– أحب اسمي منك .
لانت ولان صوتها
– فقط .
– أي نعم.
وأغلقت في وجهه
وجدت رسالة منه ” أخر مرة يغلق الهاتف بهذه الطريقة !
ضحكت ضحكة شريرة أخيرا استفزته ولم تنسى أن تحفظ رسالته .
انتظرت لآخر الليل وأعادت محاولة الكلام معه ؛ فقد كان يريد الكلام معها بشأن أمر ما ، وهي بتعجلها لم تمهله الوقت للبوح عما يدور في خلده.
أرسلت له ملصق تعبر به عن أنها هي لا غيرها فقد كانت تلك طريقتهما للبدء ، بدأت الحديث
– ما أخبارك .
رأى رسالتها ولم يرد
– لما لا ترد ؟
تعرف إجابة سؤالها ألم يكن هو ما استفزها والآن هي المخطئة وهو الذي لابد له من اعتذار !
ففي قانون العشاق يصبح الجاني ضحية ، والضحية جاني ! ؛ وتبا لهذا قانون .
تنفست بعمق اتصلت به وبدأت حديثها
– سأقول لك نكتة.
لم تجد منه استجابة ، أكملت
– ذات مرة امرأة كانت حامل وولدت !
أجاب بملل
– يا سلام !
أخيرا رد
– قل لي نكتة .
– لا أعرف نكتة معينة ..
– أي شيء
– عندي معلومة ..
أجابت بنزق ، هي لا تحب المعلومات ولكن هي تريد أن تخرجه من بوتقة الحزن والزعل وخاصة منها
– تفضل .. يا أبو المعلومات
– هل تعلم ! أن الصائمين يفطرون عند آذان المغرب .
– يا سلام!
– أجل والله !
– وماذا أيضا ..؟
– وأنهم يتسحرون قبيل الفجر .
– والله !
– ألا تصدقيني ، وأيضا حل هذه : يمشي على أربع ثم على اثنتين ثم على ثلاث من هو .
– دعني أفكر .
– سأتركك للغد . هناك أمر أود الحديث فيه ..
تنبهت حواسها وسكتت تريد أن تشاركه حياته ، مشاكله ، لا تريد أن تكون هامشا في سطور عمره ، تحبه وتريد المزيد بل تطمع في حياته كلها ، سمعته
– الناس هنا لا يعطوني مستحقاتي كما ينبغي ، وكل يوم مشكله ، فكرت أن أتركهم ولكنهم يقيدونني، يجعلوني كالعبد عندهم، إن استمر الوضع سأنزل مصر !
حزنت لنبرته وعلى ما يحدث معه دعت له في سرها وجاءت لتنطق وجدتها بأعين تشيط غضبا وأيدي تطورت حول نفسها في استعداد لضرب فتاة طائشة تتحدث في الهاتف الساعة الثانية عشر ، وشرف لا بد أن يأخذ حقه فأمها لا تهتم ولا تسمع !
_ يتبع _

رواية اغتراب مشاعر الفصل الخامس

مشاركة_بمسابقة_روايات اغتراب_مشاعر الفصل_الخامس :- لأجل عيونك .

 

تكورت على نفسها كالجنين في بطن أمه ، تحاول أن تمد لنفسها الأمان الذي فقدته بمجرد دخول أمها عليها !
من المفترض أن تكون أمها هي الأمان الذي تنشده ولكن بضربها بتلك الطريقة التي جعلت عظمها أشلاء وجعلتها لا تشعر بمن حولها تفكر بمن هو مصدر الأمان الحقيقي ؛ إبراهيم !
الآن هي لا تعرف كيف تتواصل معه ، فأمها أخذت منها الهاتف ، عليها التفكير بعمق .

 

كان عليها أن تنتبه أكثر كما كانت تفعل ، كانت حين تشعر بشخص قادم، خطوات تقترب ، تنفس غير مريح يقترب منها ، خروشه ولو بسيطة تض
رب عن الهاتف صفحات وتلقي به في أي مكان ، وهو كان يعرف ويتفهم ويقفل وهي تمثل النوم كالطفل الوديع . كسبت كل جولة سوى هذه وعقابها كان الحرمان .
سكنت عدة أيام توحي لأمها بأنها عقلت وهي في الحقيقة تفكر من أين لي بهاتف ؟
في يوم وجدت أختها تجلس ولا تلقي بالا لهاتفها أخذته كأنها ترى الصور وتلعب وتسمع وثم أرسلت رسالة تعبر بها عن ما حدث وتطمئنه على حالها وأنها بخير تنتظر فقط الفرصة لتحدثه وأغلقت وكأن شيئا لم يحدث !
و أيضا هاتف صديقة أو ربما زميلة فلا يضر ورسالة عابرة عن مدى الاشتياق وعن ضيق الحال!
والأم تظن أن الفتاة قد تأدبت، وأن الحال قد اعتدلت ولا تعرف أن العقل دائم التفكير في إبراهيم الذي ليس له مثيل !
حتى وجدت ابنتها بهاتف لا يقال عليه جديد فأخذت بالصراخ
من أين لك هذا ؟ والفتاة لا ترد
وضرب مثل سابقه وصدقني فلا توْب
فكيف المتاب من عشق؟ وكيف الخلاص من غم؟
ولكن أهم سؤال ،أنى لي من هاتف الآن !؟
********
• وفقط !
نظرن الأربعة لها وسألت إحداهن
– ماذا كنت تقصدي بالمستحيل؟
فكرت سعاد وقالت
– أي شيء يمكن أن يجمعني به .
سكتن جميعا وكأن على رؤوسهن الطير ، التي تفكر أيمكن أن يكون المستحيل ما فعله كريم ، ماذا كان يريد من تدخل حسام في الموضوع ؟
أم مازن ماذا كانت تتوقع منه نورا ولم يفعله ! أكان مستحيلا لدرجة عدم قدرته على فعله والنهاية كانت الطلاق !
وماذا تنظر سعاد من إبراهيم وهل سيوفق؟
وماذا عن ندى و سما ؟
تلفتت الأعين عليهما بسؤال ماذا عنكما؟
ألكما قصة أيضا ؟ هل هو رجل خاب ظنكما به ؟ أم رجل قد محوتموه من صفحاتكم ؟ أم رجل تنتظرين منه المزيد ؟ أخبرونا عنكما ..
وتوقف سيل الأسئلة عندما قدم هذا الرجل الذي توقف عند اسم واحدة
– هند !
استجابت صاحبة الاسم وقالت مندهشة
– حسام ؟
نظرن جميعا إليه وهو أحس بالحرج من تلك العيون وقال بصوت يكاد يسمع
– هل يمكن أن نتكلم على انفراد.
وبعد تماطل وعدم استحباب وافقت مضطرة
– أنا آسف !
يتأسف، يتأسف على ماذا ، على قلبها الذي جرح أم على ذاك الرجل الذي ظن فيها الظنون . ولكن للحظة هي المخطئة وهي المذنبة هي من جعلت الرجلين يتحكمان بها لو أغلقت واستحكمت على نفسها ما كان هذا حدث .
تنفست بعمق وطهرت قلبها وعقلها ولم يعد هناك سواد ولا ضغينة نحوهما لا كريم ولا حسام ولا دقة قلب بعد الآن .
ابتسمت وفهم ابتسامتها خطأ وظن أنها استهزاء وصار يدافع عن نفسه – هو من أصر ، أنا لم أكن أريد
والكلام سيطال وهي فضت المقال
– كل شيء على ما يرام. لست حزينة بل سعيدة بما حصل فأنا كنت في غفوة والآن استيقظت، لا تأسف بل يحق لك الشكر مني، شكرا لك ، عن اذنك .
وانصرفت من أمامه بهدوء مريب ، نظرن إليها وهي نظرت إلى ندى
– أخبريني عن قصتك .
سألتها ندى
– ماذا قال لك ؟
– لا شيء مهم .. فقط تأسف .
نظرن لبعضهن، واحترمن رغبتها ، تنحنحت ندى وبدأت
– قصتي ، ليس لي قصة فأنا أخاف : أخاف من أن أكون ضعيفة و في الليل أبكى والنهار أداري ، أخاف أن يرزقني الله بولد وأن أعيش لأجله مستسلمة، أخاف أن أتزوج وأن أخطب وحتى صرت أخاف من الرجال !
فلي أب يعمل ويجاهد للقمة العيش ولي أم تجاهد لأن يبقى البيت ، ويأتي أبي ويسب ويضرب ويفعل كل ما يقول لنا أنه خطأ وثم تأتي أمي آخر الليل تراضيه ويصبح على العمل وثم يعيد الكرة كذا مرة ! وهي لا تيأس وتقول أحبه وكله يهون ..
وأنا لا أريد ذلك لا أريد الذل والمهانة أريد أن يستريح قلبي وعقلي وخاصة عقلي ! و انتهت القصة .
نظرت سعاد لها وقالت
– قصة مملة ..
ابتسمت ندى بمرارة
– آسفة لأني لم أُسليك .
غيرت سعاد انتباهها إلى سما
– سمااااا!! دورك .
تنبهت سما لها وقالت بمرح
– أفزعتني !
– سأحاول بقوة المرة القادمة .. لم يرضني هذا .
– قصتي أقصر من ندى وعلى عكسها أنا لا أخاف بل أتمنى !
حشرج صوتها وقالت بألم
– كبرت كما يقولون وصرت لا أناسب أحدا ، كبر عظمي وكبر عقلي وكبرت الأنثى في ، عندما يتقدم أحد يعجب في البداية وثم يأتي الرفض ، كأنهم يمثلون الإعجاب ويكشفون النقاب عند المغادرة ..
وعندما أوافق يرفضون ، وعندما أرفض يوافقون .. أعلم أنها قصة مملة ولكن الحقيقة أمر وانتهت قصتي ..
أرادت هند تغيير جو الكآبة الذي حل
– أنت بدون الرجال ملكة ! أتريدين وجع قلبك ، يا أختي فلتعيشي حياتك. وأيضا ما سنك ؟
أجابت سما بحرج
– واحد وثلاثون .
– فقط !
تعجبت سما لهند وأدركت أنها تهون عليها ولكنها لم تدرك شعور افتقار الأنثى لرجل ، لرجل يكون حياتها ، رجل يكون مأواها وسندها ، رجل تشتكي وتلقي حملها عليه ، فالأنثى بطبيعتها ضعيفة هشة تحتاج لأساس قوي ؛ فتقوى به وتشد أزرها ، تريد أن تصبح زوجة فالليالي باتت طويلة وسوادها انتقل لعيشها ، تريد أن تصبح أما تسهر وتتعب وتضحي و تشقى لكي ترى بسمة تضيء كوادر الحياة فتشرق حياتها وتبدأ تضحي من جديد ، الحياة دون رجل حياة فارغة ! كانت كلماتها داخلها كما تفعل عادة وابتسمت ابتسامة هادئة تخفي ورائها عالم !
قطع سكونهن صوت أحدهم
– الحافلة أُصلحت .
تهللت أساريرهن و بدأن في النهوض بهمة ، وصلت للحافلة وتنبهن بفقد نورا ، رجعن يستعجلنها، وجدتها تمسك الهاتف وعلى وجهها تعابير صدمة ، اقتربن
مازن لنورا: إن كنت تظنين أني طلقتك فأنت تحلمين ، ونحن نعيش في واقع لا حلم !
وأغلق الهاتف وانقبض قلب نورا .
_ يتبع _____.
ياسمين_جمال_أبوالسعود
دمتم في أمان الله

 

 

رواية اغتراب مشاعر الفصل السادس

 

 

مشاركة_بمسابقة_الروايات
اغتراب_مشاعر الفصل السادس
جلست كل واحدة على كرسيها الخاص لكل منها عالمها الذي يختلف عن الأخرى ورغم ذلك التقيْن .
رأين دخول حسام من باب الحافلة ، إذا كان معنا منذ البداية ولم نلتفت إليه ، أغمضت هند عينيها وأرجعت رأسها للوراء متمته ” عفا الله عما سلف ” .
وجلس حسام بجانب واحدة منهن ، واحدة مكان بجوارها فارغ كفراغ قلبها ” ندى ” .. وانطلقت الحافلة .
لكل منهن كان لها وجهتها
فلهند كانت تهرب من الجامعة وناسها ، ما صدقت أن انتهت من الامتحانات حتى سارعت بركوب الحافلة التي تؤديها إلى قلب آمن يحميها ؛ قلب أمها !
ونورا : تهرب من واقعها الأليم ، هاربة تتخفى في ستار الليل ليحفظ سرها وتنجوا مما سيفعله مازن بها ، ورغم ذلك لحقها وإن كان بالهاتف !
سعاد : تتسكع ! لا تعرف ما الذي جاء بها في هذا الطريق ، كانت تتمنى سلوك آخر حيث روح الفؤاد إبراهيم !
ندى : تبحث عن عمل في تلك المدينة ، تريد أن تقف على قدمها ، لا تريد يوما أن تأتي و يشفق رجلا عليها ، حتى وإن كان فيما بعد زوجها !
سما : حالها مثل سعاد التسكع، ولكن تسكع بفائدة كنوع من الترويح عن النفس بعيدا عن الأهل عن الجيران عن الأقارب عن كل شيء سوى نفسها !
– حمدا لله على سلامتكم .
فرح الركاب بهذه الكلمة وتلاشوا رغبة البعض بإطالة هذه الرحلة ، نظرن إلى بعضهن وقررن الجلوس في الانتظار .. بادرت سعاد : ما رأيكم بتبادل أرقام الهاتف ونبقى على اتصال ..
وافقن إلا واحدة
نورا : أفضل عدم التبادل ، فلنظل غرباء عن بعض .
نظرن إليها وسألن لم ؟
وهي أجابت :- نحن الآن غرباء ، لنحتفظ بتلك الذكرى في القلوب وحسب أما لو اقتربن سنكون مكشوفين أمام أنفسنا وإياكم وأنا لا أريد ذلك .. الناس الغرباء نفضلهم دائما على الأقارب ؛ لا يعرفوننا ولا نعرفهم نتعرى أمامهم ولا يفضحونا ليس مثل الأقارب غالبا .
تلمسن منها الحزن وأعجبن بمنطقها بل وطبقنه .
وسارت كل منها في وجهتها ، يعشن في مناطق مختلفة فكان لكل منها طريقها الخاص .
___
– أنا جئت .
صرخت هند بصوت عال ، خلعت حذائها رمته كعادتها وذهبت حيث أمها احتضنتها بشوق وثم انقلب الشوق بكاءا ، تعجبت أمها من فعلتها كثيرا وآثرت الصمت حتى انتهت ابنتها من البكاء
– أفرغتِ شحنتك ؟
ابتسمت هند أو حاولت ومسحت دموعها بكف يديها كطفل صغير ، ضحكت أمها على فعلتها وأخذتها حيث غرفة المعيشة
– احكي لي ..
– أنا فقط اشتقت إليك ..
نظرت لها بأن هذا ليس المقصود تنهدت هند وقصت عليها ما حدث وأمها تتأملها، تراقب تعابيرها، تعرف ما كانت غائبة عنه ولم تدركه بأن فتاتها الصغيرة قد تفتحت وصارت تبحث عن مأوى لها ، انتظرت حتى انتهت من الحديث والقص وقالت بحكمة
– أهم شيء أنك تعلمت درسك..
توقفت هند عن البكاء.. هكذا فقط !
ألن تعاتبها، ألن تزجرها، تعلمت درسها هذا ما تقوله أمها !! وكان تفكيرها بصوت عال كعادتها فردت أمها عليها
– نعم لن أعاتبك .. يكفي أنك عاتبت نفسك أ أزيد عليك فوق احتمالك، تعلمين ما سأقول وتحفظينه عن ظهر قلب .. أهم شيء أنك تعلمت الدرس وأخذت المستفاد هذا ما يهم .
تعجبت من منطق أمها ، نعم قد أزاحت من عليها لوم وعتاب كانت تعده بينها وبين نفسها ، و حوارا طويلا لم ينطق منه حرفا . احتضنت أمها حضن امتنان وقالت بحب
– شكرا ..
______
احتضنت نورا والدتها بشوق وأخذت من حضن والدها مأوى ، وبيد أخيها تتلمس السند ، وبحضن أختها تناشد الأمل ..
جلسوا سويا يتذكرون أيام السمر والسهر ولكن ضحكة الماضي تملؤها الحياة وضحكة اليوم تملؤها الكدر ..
طالت سهرتهم بذكريات يشوبها الأمل على ما فات وكلما كان هروبهم من الألم لاحقهم وأبى الانسياب ..
– صحيح نورا مازن اتصل وقال بأن الطلاق لم يتم .
سألها أبوها ، أجابت وعلى شك الوقوف
– سيتم يا أبي لا تقلق ..
سألتها أختها تحثها على الجلوس
– ما الذي حدث لكل هذا ؟
وبسؤالها حثتها أكثر على الهروب ، تهرب من تلك الحقيقة بأنه لا يحبها !!
فلو كان يحبها هل كان ينتظر كل هذا الوقت ؟ عثور جارتها عليها وذهابها للمشفى حتى كان وقت خروجها!!
وجدها تخرج متكأه على جارته رق قلبه لها وسارع الخطى
– آسف تأخرت ..
نظرت نورا له طويلا بعتاب وقالت متداركة الواقفة جنبها
– لا عليك ، هل يمكننا الخروج..
أدرك نظراتها ولم يعلق وسارع بالخروج ، أوقف تاكسي وعادوا سريعا ..
اتكأت عليه مجبرة حتى دخلوا شقتهم، سألها
– كيف علمت أم شيماء بم أصابك ؟
جلست على الكرسي بألم وأجابت
– أليس هناك سؤال أهم ..
لم يفهم ما تريد ، وهي زاد ألم قلبها .. كانت تتمنى أن يجري نحوها بعد أن سمعها بدل أم شيماء التي سمعتها ونورا تصرخ حين كانت تتكلم مع زوجها ، أسرعت ودقت الباب وما إن لم يرد عليها أحد ذهبت سريعا للبواب أخذت نسخة من الشقة بعد عناء ليس بالقصير وشهود الجيران على دخولها الشقة ، وجدوها ملقاه قرب الشرفة لاحول لها ولاقوه ومن ثم إلى المشفى وتلك المرأة الطيبة لا تفارقها!!
طال صمتها عليه وزاد معه الحزن على ما بدر منه ، سمعته
– ماذا تقصدين ؟
– لا شيء..
قالتها بنبرة بلا أمل ، فكيف تطلب منه الاهتمام؟ كيف تطلب منه أن يسأل ماذا حدث لها ؟ ما السبب وراء فقدان الوعي ، لماذا كانت تتألم ؟ منذ متى تتألم …؟ والكثير كانت تناشد الكثير ولكن للأسف بئرها جف ولم يعد فيه حتى ما يبل شفتاها.
مضت عدة أيام رتيبة مملة سوداء كما كانت تراها اشتاقت لمازن القديم، لمازن الذي كان بمجرد رؤيته تعرف الابتسامة طريقها على شفتيها .. استيقظي نورا من حلمك فالماضي لا يعود والحاضر على وشك الانقطاع !!
أحست بالراحة تسري في عروقها وكل الشكر تلك الجارة الطيبة فمنذ تلك اللحظة وهي لا تفارقها . سبحان من جعل الرحمة في قلب الغريب قبل القريب !
رجعت من ذكراها علي تلك الدمعة الساخنة ظنت أن دموعها جفت ولكن يبدوا أن هناك المزيد .. فتحت حقيبتها وأخذت ذاك القرص لعله يساعدها على الانفصال رغما عن ذاك الواقع الأليم .
رأته أمامها وجهها أمام وجهه بلون عينه المتقلب كحاله وكتصرفاته التي لم تعد تفهمها .. تمنت أن تكون تلك اللحظة حقيقية ، أن يبقى هكذا قريبا منها ينادي اسمها . يبدوا أنه حلم جميل لا تريد الاستيقاظ منه .. لاحظت أنها في غرفتها القديمة هذا ليس حلما هو واقع مر !
انتفضت من نومها نظرت لمن حولها ..أبوها ، أمها، أختها ، وهو !
خرج صوتها مبحوحا
– لم أنت هنا ؟
نظر للواقفين حولهما كان دائما وأبدا لا يحب دخول أحد بينهما فقال بصوت حرج
– هل يمكننا أن نتكلم .
وأردف مؤكدا
– على انفراد .
__________
وصلت بيتها وتتمنى الخلاص منه ، دقة بابها والفاتح كان أمها مصدر الحنان ، مصدر الأحضان بل مصدر الضرب والإهانات..
– أخيرا شرفت !
– لم أتأخر ..
بل كانت تتمنى أن تتأخر ، لم تطل الكلام مع أمها وهربت إلى غرفتها ، كانت رحلتها مع صديقاتها كئيبة ورغم ذلك انتظرت وانتظرت حتى انتهت فسحتهم ثم قرروا الرجوع وهي تعمدت أن يتناسوها وكان من نصيبها رحلة أخرى ثم تلك الزميلات .
أخرجت ذاك الهاتف الصغير التي أخذته من إحداهن فهي لن تيأس ستظل تحادثه .. أرسلت ملصقها وتعابير عن حبها واشتياقها وانتظرت الرد .. حتى جاء رده معبرا عن مدى شوقه وحنينه إليها
– أخيرا !
– أوحشتني ..
– أنت أكثر بل أكثر بكثير ، احكي لي عن ما يحدث معك ..
قصت عليه ما حدث في الفسحة الكئيبة ومقابلتها بتلك الزميلات .. استمع إليها بصدر مليء بالشوق ، وقلب غير هادئ بالنبض، وعقل متيم لآخره ، وقرار قد قرره
– سعاد يا أحلى ما في الوجود .. لمصر قررت النزول .
___________
رحلة هادفة ، كان هذا رأيها فقد قُبلت في الوظيفة ثم ذاك الدرس الذي تعلمته من قصص تلك الزميلات لا يمكنها حصر تلك الدروس و لكن هي بالتأكيد كل شيء له أوان فلا استعجال !
وصلت لبيتها سلمت على أهلها ومن ثم قالت أخبارها وأنها ستنتقل غدا للمدينة
– وحدك !
تلفتت لأبيها وقالت مؤكدة
– نعم وحدي .
استنكر أبوها ما يسمع وأخذ نفسه وضيقه إلى غرفته ، سمعت أمها معاتبة
– أليس هناك طريقة ألطف من هذه ؟
– هذا ما لدي.
قالتها ندى بجفاء، تركتها أمها وذهبت إلى بعلها تناشده القبول وأن هذا مستقبلها وأنها يجب أن تعتمد على نفسها .. والأب أجاب
– ولكنها بنت !
– بنت بمئة رجل .. أنسيت كيف ربيتها؟
سخرت ندى من كلمة أمها بينها وبين نفسها ودخلت غرفتها ، فغدا ورائها سفر طويل .
_________
قرعت الباب بهدوء تخاف عليه أن يجرح ، كفى قلبها المجروح ، فتحت لها أمها بابتسامة بشوش وقالت سعيدة
– بنت حلال .
وأخفضت صوتها
– في الداخل مع أبيك عريس .
********
 
نكمل بكرة بإذن الله
ياسمين_جمال_أبوالسعود

رواية اغتراب مشاعر الفصل السابع

الفصل السابع
عريس ، أتفرح أم تحزن ؟ وقفت مكانها دون حراك ترى أمها تحرك شفتيها دون انقطاع لا تسمع لم تقوله وإن سمعته لا تستوعبه.. رجعت مرة أخرى لموضوع العرض تعرض نفسها وهي يكاد يقتلها الحياء إزاء الموقف وإزاء كل شيء .. تتمنى في تلك اللحظة أن تنشق الأرض وتبتلعها ثم تنتظر إجابة اختبار لم تذاكر له !
‐ هل تسمعين ؟
صحت من أفكارها على صوت أمها ، تحركت من أمامها ودخلت غرفتها
– ارتدي أحسن ما عندك .
– أمي ، ليس اليوم !!
– لماذا ؟
قالتها بغضب فأجابت عليها سما بنبرة تحاول أن تمتص بها غضبها
– أنا آتية من سفر طويل ، متعبة ومجهدة، أبي يتكلم معه إن وجد قبول فمرة أخرى .
فكرت أم سما للحظة ابنتها محقة عليها أن تثقل نفسها لكي لا يشعر أنها متمسكة به ..
– حسنا ، حسنا سأقول لأبيك .
وخرجت وأغلقت الغرفة تاركة تلك الوحيدة وحيدة ..
لن تستعجل ككل مرة عليها الصبر ثم الصبر !
______
أرسلتها أمها إلى أختها تلك القريبة منها ” روان ” سمعت كلام أمها على غير العادة وأطاعت بدون نقاش ، تعجبت أمها من حالها فمنذ متى تسمع سعاد الكلام ؟ منذ متى وهي مطيعة هكذا ؟ لم تعد تفتعل المشاكل ! ولم تعد تتكلم كثيرا ! لاحظتها أمها التي قررت البحث وراء ابنتها ، استغلت عدم وجودها وبحثت في الأدراج وفي الدولاب وفي الحقائب ماذا بقي ؟ أعادت النظر للغرفة واتجهت نحو السرير ، أزالت المرتبة نعم وجدته ! هاتف آخر ..
– أمي …
بترت سعاد كلمتها حين رأتها أمامها ممسكة ذاك الهاتف
– ألن تحرمي ؟
قالتها أمها بغضب وازداد غضبها عندما سمعتها
– لا لن أحرم .. قلت لك أني أحبه وأنت لم تحاولي حتى فهمي..
– أفهم ماذا ؟ أنك فتاة طائشة، حمقاء ، مستهترة، ستضيعين نفسك في أي وقت .
لاحظت تقدم أمها نحوها اختبأت في أختها روان القادمة معها وقالت
– لا ، لن أضيع فهو يحبني ويخاف علي ..
وقفت أمها مذهولة مما تقوله تلك الحمقاء ، فأي رجل الآن يخاف على امرأة ، أي رجل يصون امرأة ، وما يزيد الطين بله أنهما لا تربطهما أي علاقة .. لا يمكنها السكوت هذه الفتاة لابد أن تتأدب ضربتها الكثير ولكن الآن حان وقت غيرها ذهبت لأبيها قالت له كلمات كثيرة وعن أنه يجب معاقبتها والأب دون تفهم للأمر واستيعاب مشاعرها قام بضربها دون رحمة فماذا كانت تنتظر منهما سوى الضرب !
رأتها أختها تُضرب أشفقت عليها كثيرا حاولت خلاصها من أبيها الذي يضرب كأنه يضرب دابة لا إنسان وأخيرا نجحت في محاولاتها ، أخذتها إلى الغرفة حاولت أن تجعلها تهدأ وما إن هدأت حتى قالت لها
– من هو ذلك الذي تحبين ؟
حكت لها عن إبراهيم وتحولت دموعها إلى لمعة وبكاءها إلى ضحكة وخوفها وعنادها إلى دقات تطرب الأذن لها ويصغي السامع لجمالها .. استمعت لها أختها ولاحظت التغيير الحادث لها؛ أختها هائمة!
حاولت مساعدتها وفكرت بدلا من أن تكون في السر وتفعل شيئا خاطئا لتجعلها أمامها وتفهمها بالعقل .. على الأقل تقلل الضرر
– اكتبي حسابك في هاتفي ..
مضى ذاك اليوم الكئيب ، قد اشتاقت له .. تريد أن تعرف ماذا فعل في الحجز ؟ في أي يوم سينير البلدة بقدومه ؟ فلو كان الآخذ منها الهاتف غير أمها لكان لها تصرف آخر !
أشرقت الأرض بنور ربها قامت متعبة لم يكن نومها هنيئا أبدا .. حاولت تضييع الوقت بأي شيء و لكن ما يزيد غضبها من أمها أكثر؛ إخبار باقي الأخوات بأمرها .. وكل واحدة منهن تنظر نظرة عتاب ولوم، ويلقين كلمات سامة جارحة ، ألا يمكن أن يتفهموها مثل روان مثلا !! أم أصبحن جلادات ببعض كلمات؟
_________
– قومي يا كسولة ..
استمعت هند لنداء أمها التي تركتها وذهبت .. دخلت على زوجها وجدته انتهى مما كان يعمل ابتسمت وجلست تنظر له
– تريدين قول شيء ..
ابتسمت لكشفه إياها دائما ، قالت وأقبلت نحوه
– هند .
– ما بها ؟
تنهدت وقالت بهدوء
– أريدك أن تقترب منها ، تتكلم ، تحكي ، تسأل عنها ، اهتم بها.. فقد حان دورك الآن .
أخذها من يدها وأجلسها وجلس معها
– لا أفهم .
قصت له ما حكته لها هند .. وأردفت
– بنتنا تحتاج لمن يحتويها وخاصة في هذا السن .. أظن الآن انتهى دوري وحان دورك الآن كن لها الصاحب الذي تريده ، والرفيق الذي تبحث عنه، اجعلها تجعل سرها معك .. لا تجعلها تشعر بالنفور والاغتراب فتلجأ لآخرين لا نضمن ما هي صفاتهم كن أنت المأوى والمحتوِي لها ..
فهم ما قالته ابتسم لها ابتسامة عذبة وربت على كفها بحنان
– وأين مأويا الخاص بي ..
ابتسمت بخجل وأشارت إلى قلبها
– هنا مأواك.
ابتسما وخرجا من غرفتهما قابلتهما هند ، تركتها أمها مع أبيها ودخلت المطبخ
– صباح الخير يا أبي ..
– صباح الخير يا قمر .
وضع يده على ذراعها باحتواء
– قولي لي كيف كانت الامتحانات ؟
أجابت بضيق
– كانت يا أبي وانتهت ، لم هذه السيرة على الصباح ؟
ضحك على كلامها وقال
– تذكريني بنفسي ..
وأكمل ضحكته ، رن الجرس وفتحت الأم
– تفضل يا عمرو، حماتك تحبك ..
دخل عمرو بسرور
– أنا أريد ابنتها تحبني لا هي ..
والتفت إلى خاله
– صباح الخير..
سمع رد التحية من خاله الذي تركه ولحق بزوجته ، قال موجها تحيته لهند
– حمد لله على سلامتك .
ابتسمت له وقالت بحياء
– الله يسلمك . كيف حالك ؟
– أحسن من أي وقت مضى .
استأذنت ودخلت عند أبيها ، ظل ينظر لها ولا يسمع من الدنيا سواها ، لكزته أمها متمتمه
– قلت لي : تريد ابنتها صحيح !
تحشرج صوته
– حاضر يا خال قادم ..
وسارع من أمام أمها .
______________
ظلت ناظرة إليه وهو ما إن تأكد من خلو الغرفة حتى قال بغضب
– لم تركت البيت ؟
– مازن ، لم يعد هذا الكلام مفيد !
غضب من برودها ، وقال بتهكم
– وما هو المفيد من وجهة نظرك ؟
لم تنطق وتركت لعينيها العنان أذرفت دموع حسرة وضياع ، رق قلبه لها وحن صوته تجاهها ، جلس بجوارها وقال بهدوء
– ما الذي أوصلنا لهذا ؟
تعالت شهقاتها ، يريد أن يصرخ بها .. أن يمسكها من ذراعها ويهزها بشدة .. فوقي نورا .. لم لا تتكلمي ؟ لم لا تبوحي بما يعتمر قلبك؟ .. ما الذي يحزنك إلى هذا الحد ؟ قولي شيئا .. لم تركت البيت ؟ لم تركته فارغا فأصبح أنا كاليتيم ..؟ لم تصرين على البعد كلما تقربت ابتعدي .. وكلما حاولت تجعليني أفشل؟ ماذا تريدين مني ؟ ما هي أمنياتك التي لم تتحقق ؟ لم أرى الدموع فحسب ؟ انطقي .. انطقي ولا تجعليني حائرا مشتتا ، لا تجعلي بيني وبينك حائلا ..
يريد أن يصرخ ويعلو صوته ولكنه ضمها إلى صدره وهي تمسكت بقميصه .. وزادت شهقاتها وقالت من وسط دموعها
– مازن ، أنا حامل.
تجمدت يده عليها ، قال بهدوء يعاكس حالته
– ماذا ؟
لم تستطع النظر إليه ، أرخى يده من عليها وقال متكأ على فخذه
– هل ما سمعته صحيح ؟
قام من مكانه فجأة ، وقف أمامها وعلى صوته
– هل .. هل سأصبح أبا؟
ضحك بمرارة
– وأنت … تريدين أن ..
وأكمل بمرارة أكبر واستياء
– تريدين أن تتطلقي .
ظلت ناظرة إلى الأرض ، لا تريد أن يهتم بها لأجل طفله ، تريده هو وتريد اهتمامه من أجلها هي وفقط لا لأجل شيء حتى وإن كان طفله ..
– لما لم تخبريني ؟
قالت بقوة ضعيفة ، وصوت عال مهزوز، ويد ترتعش
– لأنك لن تهتم … ستجعلني وحيدة بائسة ، أعد البلاط في الشقة، لا أرى نورا ولا ضياء، محرم علي أرى أهلي ولأجل ما تريد تحرمهم أن يأتوا لي .. منذ متى تهتم بي؟ .. منذ متى اتصلت بي وسألتني كيف حالك ؟؟ ها .. منذ متى أخرجتني حتى نتمشى على الأقل؟ .. منذ متى قلت كلمات لطيفة؟ .. منذ متى سألتني عن حالتي ..؟
أدارت وجهها لا تريده أن يكشف ضعفها أكثر
– نفيتني في بلد لا أعرف فيها أحد وصبرت، قلت لا تريد أحدا معنا وتحملت ، تريد اهتمامي لأجلك فقط وفعلت ، ماذا عني ؟ ماذا تعرف عني ؟ ، ماذا أحب؟ ماذا أكره ؟ هل أنا تعبة؟ ما الذي يريحني؟ ما الذي يفرحني ؟ ما الذي يغضبني؟
أنت لا تعرف عني شيئا كل ما تعرفه عني ما الذي تريده أنت.
مسحت دموعها وقالت تريد إنهاء الحوار
– لا أريد اهتمامك لأجل ابني .. أريد اهتمامك لي ، فإن لم يكن لي فأنا لا أريده .
نظرت له وقالت برجاء
– هل يمكنك الخروج ؟
______________
جلست سعاد بجانب أمها غاضبة ، يقتلها القلق ولا تجرأ حتى على التنفس .
رأت دخول إسراء للبيت متوجهة بالحديث إليها
– خالتي ، أمي روان تقول لك : فلتأت فصديقتك فاطمة تريد الحديث معك .
فاطمة ! ليس لديها صديقة بهذا الاسم ، لحظة !
قامت فجأة فأفزعت أمها وارتدت حذائها سريعا
– فاطمة طبعا .. ههههه .
ووضعت يدها على كتف إسراء – هيا بنا ففاطمة تنتظر ..
وخرجت من البيت حتى بدون استئذان أمها ، وصلت عند أختها تسارع الريح سألت أختها
– أين ؟
أخذت الهاتف منها ورنت ، انزوت عن الأعين ، وسمعت صوته .. وقالت بشوق
– أوحشتني .. كيف حالك ؟ ماذا فعلت؟ في أي يوم ستأتي ؟ لما لا تنطق ؟
سمعت ضحكته
– على رسلك .. فأنت لا تعطيني وقتا لأرد … وأيضا أنت أيضا أوحشتني ..بل أوحشتني جدا و سآتي على الأسبوع القادم !
وأكمل مؤكدا
– لأراكِ.
******
استلمت عملها بنشاط ، تريد إثبات جدارتها وتحقق لنفسها مكانه حتى وإن بدأت كموظفة عادية يكفي نظرتها أمام نفسها أنها في داخلها ليست عادية أبدا.
ابتسمت لمكتبها الصغير داخل تلك الشركة الكبيرة وأودعت أمنية في سرها وخبأتها عن الأعين ..
لاحظت دخول رئيس مجلس الإدارة رجل كبير بهيبة تتمنى مثلها لها وسمعته
– صباح الخير عليكم جميعا ، وكل عام وأنتم بخير عندي لكم خبر
والتفت ورائه ليضع يده على كتف شاب يافع في مقتبل العمر ، وسمعت همهمات الموظفين حول كونه ابنه وأكمل الرجل
– من اليوم حسام باشا هو رئيس مجلس الإدارة الجديد ، وستقام حفلة كبيرة بمناسبة هذا الأمر أتمنى أن تحضروها ونتمنى لكم يوما سعيدا ..
جحظت عينيها لما ترى وتذكرت تلك الزميلة هند وقالت بدهشة
– حسام !!
***********
ياسمين_جمال_أبوالسعود

رواية اغتراب مشاعر الفصل الثامن

اغتراب مشاعر
الفصل الثامن
حضرت الحفلة التي تقام على شرف حسام باشا ، كانت أول مره تحضر مثل تلك الحفلات ، كانت هادئة وفي نفس الوقت مميزة .. كانت بين الحين والآخر تنظر لحسام خلسة ، تناولت مشربا باردا وانغمست بين النساء .. تريد أن تتشرب من عالمها الجديد، أن تكسب منهم خبرات تجعلها تتزن وتمنع نفسها من الوقوع .
استأذنت واتجهت للمرحاض وكانت على وشك الاصطدام ، رفعت وجهها وجدته ! صدفة غريبة
– ألا تعرفين كيف تصطدمي ؟
نظرت له في ذهول وأكمل
– نعم ، مثل الأفلام فتاة جميلة مثلك وشاب وسيم مثلي يصطدمان ببعضهما وتبدأ قصة .
لم تنطق وبقيت على ذهولها وهو تركها و تبادلا الأنظار ثم غمز لها ، متسائلا ” أين رأيتها ؟ “
تداركت ندى نفسها وأكملت طريقها..
لم تستطع إكمال الحفل فهي شعرت بأنها محاصرة بنظراته وهذا يزيدها ارتباكا لم يكن فيها يوما ..
ظلت طول الطريق تفكر في جملته، أعجبت بسلاسته في الحديث بالطبع رجل أعمال لابد له من لباقة وجذب انتباه ، نقطة جيدة ستضيفها لما تريد.
*****
ظلت سما تقلب في الطعام بدون شهية منذ خبر العريس لم تسمع أي شيء . لا أمها ولا أبوها حتى ! سمعت أمها
– لم لا تأكلين؟
– ليس لدي رغبة .
كانت تريد أن تسأل ولكن منعها حيائها، حاولت التشجع
– أمي .
جذبت انتباه أمها ، وقالت وهي تنظر لطبقها الذي تلعب فيه، وقالت ويكأن الأمر لا يهمها
– ماذا عن العريس الذي تكلمتم عنه ؟
أجابتها أمها و هي تدعي اللامبالاة
– لا يناسبنا فرفضناه .
تريد أن تعرف السبب ، لم أمها هكذا ؟ نظرت لأبيها الذي يتابع الحوار ففهم نظرتها
– أمك لا تريده مع أنه شاب صالح عيبه من وجهة نظر أمك أنه متزوج .
خرجت أمها عن هدؤها
– نعم متزوج ! لن أزوج ابنتي لأحد لديه امرأة أخرى فهي لديها من الجمال والذكاء ما يجعلها تتزوج بسفير وليس رجلا مثله ! أنا أعجب منه هل كان يظن أننا سنزوج ابنتنا له بسبب سنها ؟ كلا فابنتي لا يعيبها شيء وتستحق أفضل منه ..
– وهل كونه متزوج يا أمي عيبا ؟
– ماذا تقصدين بكلامك ؟ هل أنت موافقة لتكوني زوجة ثانية ؟
ردت بأدب
– ليس هناك ما يسمى بزوجة ثانية ولا ثالثة ، كل ما في الأمر سأكون زوجة .. ولكن هلا نظرت للأخلاق وللدين هل هو ذو خلق ودين ؟
تعجبت أمها منها وصرخت بها
– وهل أخلاقه ودينه ستعوضك في الليلة الذي سيكون فراشك فيها باردا؟ هل ستحل محله ؟ هل ستطفئ نارك؟ هل لو اشتقت إلى زوجك ستذهبين إليه عند زوجته الأخرى ؟ سنتكلم بصراحة فأنت لست صغيرة . كيف تفكرين؟ زوجك سيشاركك أخرى في الاهتمام في الكلام ، في المعاملة في كل شيء ! حتى في أصغر الأمور ، في ابتسامته ! فكري بعقل أنت لا ينقصك شيء نستطيع أن تبقي معنا كل العمر ..
– ولكن يا أمي..
أعرضت أمها عنها ، فهي لا تقبل أن يكون في زوجها شريك أتقبل لابنتها !
– وماذا عنك يا أبي ؟
– رأيي من رأيك .. الله هو من شرع هذا الأمر فلو كان فيه ضرر لما شرعه أبدا . كل أمر في الحياة له سببه وحكمته التي لا نعرفها فربما يكون هنالك حكمة من الزواج الثاني ونحن لا ندركها..
– أي حكمة تقولها ؟
علت صوتها ولكنها غضته عنه حين أدركت علوه، فمهما يكن هو زوجها ..
– رسولنا الكريم قال ذا خلق ودين _كما قالت ابنتك _لم يضع شروط مثل ما تضعينها أنت .
– أفهم من هذا أنك موافق ؟
– ليس محل موافقة ورفض الآن سنستخير وسيكون هناك رؤية شرعية وبعدها ليقض الله أمرا كان مفعولا .
قامت أم سما من مكانها رافضة الحديث الجاري وذهبت سما لأبيها وقالت بابتسامة
– أنت لم ترفضه في البداية صحيح ؟
– كلا، ولكني عرضت بالكلام لأمك لكي أمتص غضبها.
وأكمل وهو يقوم ويحاوط ابنته
– أنا فخور بك.. هكذا أريدك .
***********
جلس مازن بينه وبين نفسه يراجع ما آلت إليه الأمور ، هو يحبها ولا ينكر ذلك وربما تصرفاته فهمتها خطأً. كان عليها الحديث معه مشاركة ما يحزنها، ولكن الآن لا ندم ، يجب عليه مصالحتها. ارتسمت ابتسامة صافية على وجهه فهي أصبحت أم ولي العهد .
ارتدى ملابسه وذهب لمحل ورد يريد أن يبدأ صفحة جديدة معها لا يستطيع أن يفكر مجرد تفكير في بعدها عنه فهي ملاذه الآمن وسكنه الذي يرتاح له . دخل المحل نظر للورد أمامه أي نوع هي تحب ؟ أي لون هو أقرب إليها ؟ وجد نفسه جاهل بالإجابة يبدوا أنه حقا لا يعرف عنها شيئا ، اختار ما وجده محببا لعينه واشتراه وتوجه إليها ..
قرعٌ على الباب أنبأها.. بأن القارع هو من أحيا نبضتها.
قامت من مكانها منتظرة .. رغم ألم القلب فهي نضرة .
بحبه الذي أشجاها .. ومنع النوم منها و جفاها .
راعت دخلته عليها .. ويقدم لها وردا ليديها .
نورا يا أحلى ما في حياتي ..
لا أعرف في الشعر ولا أراعي كلماتي ..
ولكن عليك أن تصدقيني.
وأشار إلى قلبه ، وتفهميني..
إن كان في يوم أخطأت ، فأنا آسف و قد اعتذرت.
فهل يمكنك أن تسامحيني.. وأرجع وأقول لك : لا تهجريني.
فالبيت بدونك خواء ، وأشعر أني أختنق و أحتاج لهواء .
نزلت دمعتها بيديها وقد اقترب منها
– ما الذي يبكيكِ ؟ أعرف أني أخطأت فهل يمكننا أن نبدأ من جديد ؟
عطست مرة وأخرى ، قلق عليها وسأل
– هل أنت مريضة ؟
نفت برأسها وأشارت للورد
– عندي حساسية ..
أبعده عنها سريعا وقال بندم حقيقي و بلهجة مسرحية
– أقر وأعترف أنا مازن ال.. أني لا أعرف شيئا عن محبوبتي فهل يمكنها أن تجعلني أغرف من بحرها ، وأروي ظمئي بقربها؟
– ولكن ..
– ليس هناك لكن .. أريد فرصة ثانية أنا حقا لا أستطيع العيش بدونك . وافقي نورا اعط لي فرصة ، بوحي بما يعتمر صدرك ، فسكوتك يجعل بيننا حفرة كل يوم تزيد ولابد من وضع حل .. فنحن على شفا حفرة من الهاوية.
– حسنا ، سأفكر.
سعد بكلمتها وقام سريعا مناديا على أبيها
– عمي سآخذ امرأتي ..من بعد إذنك .
قالت معترضة
– أنا قلت سأفكر ولم أوافق ..
– حسنا ، فهمت أمامك خمس ثوان فكري فيهن .
و أخذ بفتح حقيبتها وقد أخذ قراره لابد من التغيير !
***********
جلست على سريرها تفكر في عريسها القادم ، المتزوج !
ماذا يخبئ لها الله ، ولماذا كان هذا الرد على أمها ؟ لم تفكر يوما أن تتزوج رجلا متزوجا ؟ إذا لم تغيرت الآن وتغير فكرها .. ؟ أهو سنها ؟ أهذا سبب ! هي الآن تخاف من ليلها الطويل وفي حال تزوجته أيضا سيكون هنالك ليل طويل !
عليها التفكير بعمق .. لن تستحمل كل هذا العمر وترمي نفسها في الهاوية في النهاية . ستقابله وستسأل وعليها أن تقنع نفسها.
*********
صعدت الأسانسير هي اليوم متأخرة كثيرا كان عليها الاستيقاظ مبكرا كاد أن يُغلق حتى فُتح مرة أخرى ووجدت حسام أمامها .. لم ينتبه لها في البداية فكان يهندم نفسه تعجبت له كيف لرئيس مجلس الإدارة أن يأتي بغير بدلة رسمية ! التقت نظراتهما في المرآة فالتفت إليها
– أتلاحقينني؟
تعجبت منه وكادت ترد ألا أنه سبقها
– ستقولين صدفة أعرف .
اتجهت أنظارها ناحية أخرى فتبسم حسام ضاحكا مما زادها غيظه .. وصلت وجهتها فغادرت المصعد ، لمَا ينعقد لسانها أمامه؟ .. ولم تسمع تساؤله
– أين رأيتها من قبل ؟
**********
تستمع إلى الأغنية بتمتع لذيذ وتكرر بعض منها ، وتضحك بهيام على البعض الآخر ، نظرت للمرآة أمامها
– أخيرا سأراه .
وضعت لمسات من المكياج لتبرز جمالا تتمنى أن يراه ، تخطط بقلم عينيها التي تتمنى أن تشبع برؤياه ، و أحمر شفاه لشفتين تتمنى الحديث معه ولو بكلمة وهو أمامها … كل شيء فيها ينادي اسمه وكل ذرة فيها تعشق روحه .
– أين أنت ذاهبة الآن ؟
– سأذهب لجدتي قليلا .
وهكذا أخذت حجتها في التزين ، كانت عيناها تلمعين وتحسب الوقت و قد مضى ثانيتين. خرجت من البيت سريعا فهي كم اشتاقت لجدتها، وكم تود رؤيتها .. ولم تجلس عند تلك الجدة كثيرا حتى اطمأنت بوصوله وأنه سيسلم على الأهل والأصدقاء ثم إلى طريق الأحباب .
رقصت ضربات القلب ، وتبسمت الشفاه بحب ، وجلست أمام الباب منتظرة قدومه بلهفة ..
– أنا سأدخل شارعك الآن .
تعلقت الأنظار ، وتلاشى كل من في الحياة ، فهناك من دق له القلب، تريد أن تذهب بجانبه ، لا أن تجعله يمر فحسب.
صحت من هيامها على مروره السريع ، لم تلحق حتى لرؤيته ، أمسكت هاتفها وقالت
– إبراهيم ، ارجع مرة أخرى أنا لم أرك وافعل مثل الأفلام تصوير بطيييييييء .
ضحك على كلمتها ورجع مرة أخرى قائلا
– سمعا وطاعة .
***********
ياسمين_جمال_أبوالسعود
اغتراب_مشاعر
مشاركة_بمسابقة_الروايات

الفصل التاسع

يا أرض انشقي وابلعيني . ضاع ما كانت تحث نفسها عليه الأيام القليلة الماضية فأين هو لسانها الذي كان سينطلق بالأسئلة ؟ وأين هي عيناها التي سترى ما يعجبها؟ وأين هو صوتها الذي سيعلق على أي شيء لا يريده ؟ أين هم الآن ؟ أم تركوها وذهبوا للا مكان !
كانت تظن نفسها تعودت على تلك التجربة والحقيقة هي كل مرة أخجل من سابقتها ..
– أتريدين سؤالي عن شيء ؟
نعم هي تريد أن تسأله لماذا أنا ؟ أهو سني ؟ ما ذنب امرأتك ؟ لم تريد الزواج عليها؟ هل قصرت في شيء ؟ أم أنك المقصر ؟ أمامك الكثير من النساء لم وقعت عيناك علي ؟ وخرج سؤالها
– أنا لا أعرف عنك شيئا !
اتكأ باهتمام
– ما الذي تريدن معرفته ؟
– تقريبا في وضع مثل ما نحن فيه الآن ، كل شيء .
– وأنا موافق ، أنا اسمي عبد الرحمن … متزوج ولدي ابن، لدي مصنع صغير وطموحاتي أن يكبر ، عمري ٣٦عاما ، هوايتي الرسم عند وقت فراغي
قطع كلامه وسألها
– هل لديك هواية معينه ؟
– لا !
اكتفت بكلمتها المقتضبة فسألها
– هل تحبين الطبخ ؟
– بعض الشيء .
– قراءة الكتب ؟
قالت بحماس
– جدا .. في وقت فراغي أقرأها ، حتى لو منشغلة أقرأ قبل نومي بضع دقائق . لا أستطيع العيش بدونها ..
تعجبت من نفسها كيف انطلقت بالحديث هكذا! عليها الاتزان.
– أكمل .
– حسنا ، أنا أيضا أحب الكتب لكن ليس كثيرا أشعر بأنها مملة بعض الشيء لذا تقريبا ما قرأت كتابا بكامله إلى الآن .
قالت سريعا
– لماذا ؟ ربما ما قرأت يكون بأسلوب غير شيق ، أنا أعرف بعض الكتاب يكتبون بشغف فينعكس على كتبهم ويجعلون القارئ ينجذب من أول كلمة..
– ربما معك حق .. أتحبين الروايات؟
– نعم الهادف منها فقط .
– وكيف تعرفينها إن لم تقرإي؟
– للأسف قرأت منها وميزت الكاتب الذي لديه رسالة ممن يضع بعض حروف بجانب بعضها ؟
– يبدوا أنك تحبين القراءة حقا ، وماذا تحب أيضا ؟
– ألم يكن أنت من تجب ؟
رجع للخلف وقال بابتسامة بشوش
– نسيت ..
تنحنح وقال
– أنا لم أكن أحب المدرسة أبدا !
رفعت رأسها إليه متعجبة
– ماذا ؟
– بصراحة أنا لا أعرف ماذا أقول ؟ كيف أعرفك عن نفسي ! ماذا يقول المرء في وقت كهذا ..؟
ظلت ناظرة له وعينها بها ألف سؤال لم يستطع لسانها قول واحد منه ..
– هل أعجبتك ؟
خفضت رأسها مرة أخرى بحياء هو حقا يعجبها !
ماذا تقولين سما ؟ هو رجل متزوج ولديه ابن و وسيم لديه هيبة في جلوسه و كلامه سلس … و
وقطع سيل أفكارها دخول أباها المكان .. استأذنت وخرجت لأمها السائلة
– ماذا حدث ؟ لم توافقي صحيح ؟
قالت بعين راغبة ممتنعة
– سأستخير أولا .
وهربت من أمام أمها الشاكة في ابنتها
– أيعقل ؟!
********
• أقول لك يا خالي ما رأيك في نزهة على شاطئ الإسكندرية ، فنحن لم نذهب منذ مدة ..
ابتسم عمرو عندما أنهى كلمته ونظر إلى هند التي ما إن ذكر اسم الإسكندرية أمامها وهي صار عقلها يعمل بهمة ، فكم هي ملت من جلوسها بين أربع حيطان ، وكم اشتاقت للخروج لنزهة وكأن عمرو قرأ أفكارها وقالت مشجعة
– الله عليك يا عمرو ، هكذا ولاد العمة .
تمنى عمرو زوال الاسم الأخير وأن يحل محله آخر .ربما حبيب . سمع خاله
– اتركوني لأفكر، و يا عمرو انتهي من طعامك واذهب للمكتب يكفي مماطلة ..
أجاب بمرح
– علم وينفذ يا فندم .
ضحكت هند في سرها، فلمحها عمرو قائلا
– هكذا اجعلي الدنيا تشع نورا .
توقفت عن ضحكتها ونظرت له وهو باسم ضاحك وضاء الوجه ، وضعت يدها على قلبها نعم دقة قلب !
***********
بدأت دوامة الدراسة وكم هي مملة ، ولكنها سبب عظيم لرؤيته .. هي الآن في السنة الثانية من ثانوي تجاري وعليها بالمذاكرة والجد والحب !
وهل يجتمع الثلاثة معا ؟ أجابت بفخر طبعا لا إذا سأختار الحب !
– أمي ، أنا ذاهبة للدرس .
– لا تتأخري.
وهل تسمع شيئا ؟ بالطبع لا .. تأكدت من زينتها المفرطة لابد أن تكون أمامه أجمل امرأة في الكون فهي سعاد ..
تفتحت أوراق أنوثتها وتبث على كونها الرحيق .
وتشرق الأرض ببسمتها فيكفي أنها حبيبة إبراهيم !
ضحكت على ما تقول في نفسها منذ متى وهي شاعرة ؟ أجابت وهي تكاد تطير من على أرضها منذ أن رأته ، مش أن أحبته ، بل منذ أن ولدت أنوثتي على يديه ..
سمعت المدرس يقول كلاما وكأنه لا يمت لها بصلة وكأن الكلام تعاهد ألا يصل إليها ؟
انتهى درسها الذي ندمت أن حضرته فهذه البداية فماذا سيحدث إن توغلت قليلا ! تعمدت نسيان كشكولها وتركت صديقاتها ورجعت مرة أخرى.. ذهبت حيث يجلس ، تلكأت في السير ، ولكن الطريق يعاند معها وينتهي بسرعة ، يا أرض اصبري قليلا وكأنك تتنظرين سنينا للقاء حبيب !
ورجعت البيت وسريعا إلى هاتفها
– حبيبي ..
سمعته بغضب
– ما هذا الذي ترتدين ؟
انطفأت فرحتها من لهجته وحاولت تداري خيبة أملها
– ما به أليس جميلا علي ؟
قال بصوت عال غاضب
– سعاد ، لا ترتدي مثل هذا مرة أخرى .
قالت بعناد
– وماذا يحدث إن ارتديت؟
أتاها رده بغلق الهاتف ، نظرت للهاتف أمامها وابتسمت
– يغير علي!
*************
رمى حسام الورقة التي في يديه صائحا
– صاحبة هند ! لقد عرفتها.
وظل مستيقظا يراقب الخيوط السوداء في ليلة كهذه ، ليلة شاعرية بل ليلة بها أرق كبير، لم قفزت إلى رأسه فجأة ! وكيف لم تذهب فجأة كما جاءت ؟ لاحظ ظهور أول خيط أبيض في الأفق ظل يتسلل ويراقب ولوج النهار في الليل حتى بقي نهارا خالصا . قام من مكانه واستعد ليوم جديد به تلك الجديدة تبا ما هو اسمها ؟
ضحك على نفسه وازداد ضحكه أكثر عندما وجد نفسه حتى لم يسمع صوتها ولا مرة .. ويلك يا حسام ويلك !
ظل جالسا في سيارته إلا أن لاحظ قدومها ، قام من مكانه سريعا ويكأنه جاء متأخرا مثلها .. وها هو يسرع مثلها حتى اقتربا من المصعد
– يبدوا أن لقاءاتنا ستكون في المصعد دائما!
لم ترد عليه ، يزعجها أنها أصبحت كسولة هذه الأيام وتستيقظ متأخرا عليها أن تلتزم أكثر هكذا لن يحقق ربع حلم لها !
– هل أنت خرساء ؟
نظرت له بغضب وكادت أن ترد حتى وصلت وجهتها فتركت المصعد .. ضرب يدا بيد قائلا
– هكذا لن ينفع أبدا !
*********
وصلت للإسكندرية سريعا نتيجة لإلحاح عمرو الدائم .. توقفت قليلا عند عمرو هل هو حقا من دق قلبه لها ؟ هل سيحل يوما مكانا في حياتها ؟ لم تفكيرك هذا يا هند! أنسيت كريم بهذه السهولة وإذا نسيت كريم هل نسيت حسام فهو أيضا دق له القلب .. أيمكن لو وجدت آخر دق له القلب ستنسى عمرا؟ أصبحت تخاف من نفسها .
وضع أبوها يدها عليه باحتواء تحب حركته تلك كثيرا تشعر بأن أمان الدنيا كله حولها ، سمعت أباها
– لا تنسي هذا : أني جئت لأجل خاطرك .
– لن أنساه يا أبي …
تدخل عمرو في الحوار
– بل انسيه وتعالي احملي معي حقيبة ..
ضحكت على منظره وهو لا يستطيع حمل حقيبتها يبدوا أنها حقا أثقلتها.
– أنت من حفرت للنزهة فلتتحمل واحمل الحقائب .
أتم أبوها الكلمة ودخل ضاحكا للداخل وهي شفقت على عمرو ورجعت له
– هل أساعدك ؟
– ينصرك ربنا ، يعزك ربنا ، يجوزك ابن حلال ربنا ، رجلا يحبك ، قولي يا رب .
ضحكت ضحكة عالية دق قلبه لها طربا وسمع أجمل “يا رب ” منها فحمل حقيبتها وللعجب كانت خفيفة !
**********
ترى اهتمامه المزيف من وجهة نظرها فتارة تضحك وتارة تحزن .. هي صحيح تريد اهتماما ولكن يكون نابعا من قلبه لا أن يمثل عليها . و عزاؤها أنه يحاول التغيير ؛ لم يقف عندما طلبت الطلاق وواجهته بحزنها وفراغها أنه لا يستطيع التغير ولا يستطيع أن يغير تجاه حياته بل ثابر وحاول وإن كان من وراء قلبه .
وما يغيظها أكثر تغيرات مزاجها الدائمة فتارة تعشق رائحته وتظل تشم فيها أياما ، وأياما أخرى تمقتها بل وتنفر منها وهو صابر قانط ،على وشك الانفجار الذي تريده أن يحدث!
تبا لحمل كهذا !
راقبته وهو داخل عليها ، ابتسم ابتسامة بشوش لها راقب تعبيرات وجهها وتأكد من هجوم عليه سيحاول تفاديه ، حمد الله في سره لأنه تكلم مع طبيبتها وقالت بأنها في الحمل سيحدث لها تغيرات هرمونية وله توابع هو يراها الآن . قبّل وجهها و دعا في سره أن يمر الأمر مرور الكرام
– أوحشتني.
وتركها وذهب أو حاول
– مازن .
استدار إليها
– عيون مازن .
تضايقت منه وقالت بغضب
– لا تعاملني هكذا .
ضحك على غضبها فاستفزها أكثر
– كيف أعاملك؟
– أريد أن أتشاجر ..
تسمر مكانه وضحك بصوت عال جدا يبدوا أن هذا الحمل سيشيب شعره!
فقال غائظا لها و أقبل عليها
– كيف يتشاجر الإنسان مع روحه .
نفضت يده التي اقتربت منها وقالت وهي تتركه
– تبا لك ولابنك يا مازن !
وأكملت في سرها
– لو لم أكن أخبرته بما يعتمر في قلبي لكنا نتشاجر الآن !
_____________
دخل حسام غرفة المراقبة و اقترب من الرجل الذي كاد يقف له وقال
– أرني أنظر .
استجاب الرجل وأراه ، ظل ينظر للشاشة حتى لمحها
– قرب الشاشة هنا .
أطاع الرجل
– نعم هذه ، أريد كل المعلومات عنها .
يتبع..

الفصل العاشر

ملأت صدرها بالهواء وأخرجته على مهل تحب هذا النوع من الاسترخاء يجعلها تفكر بهدوء وسكينة . ظلت ناظرة لأمواج البحر أمامها تارة قوية وتارة هادئة ضعيفة ؛ وهذا ما يميزها . تنبهت بجلوس عمرو بجانبها ، متى قدم ؟ تذكرت حسام بجلوسه بجانبها المرة الأولى والأخيرة وتمنت في داخلها أن تستقر على حال .
– هل تحبين البحر ؟
نظرت للبحر أمامها
– بل أرهب منه ، غموضه يجعلني حائرة ، وأمواجه تجعلني مشتتة .
نظر عمرو لها وقال
– إذا تحبين الصراحة .
– أليست الصراحة راحة .
ابتسم وتنهد بعمق وقال بحماس
– اعملي حسابك سنذهب اليوم للقلعة .
وقفت بنشاط وقالت بفرحة أطفال
– نعم هكذا التنزه ، سأذهب لأستعد .
وسبقته للداخل وجعلته يقف يراقبها كما يفعل دائما
– أتمنى أن تعجبكِ صراحتي.
*******
• هل استخرتِ؟
وقفت سما حائرة بداخلها راحة وعقلها لا يكف عن الأسئلة ، نظرت لأمها التي تنتظر منها الرفض ولأبيها الذي يثق بقرارات ابنته . وأجابت
– أريد أن أجلس معه مرة أخرى .
وقالت مؤكدة
– أحتاج لهذا.
زفرت أمها بضيق وابتسم أبوها وقال
– حسنا سأبلغه.
*******
أخبرها بأنه مسافر لبعض الوقت وهي استغلت الفرصة بارتداء ما تريد ، قد قللت من ارتداء البنطلون وأخذت في تقليل كمية المكياج ولكن هو مسافر الآن فيمكنها أن ترتدي كما تشاء ..
سعدت لخاطرها هذا فهي تحب أن تبدوا جميلة ، بل أجمل من الجمال نفسه .. رضيت عن مظهرها بحبور وأعطت نفسها قبلة في المرآة وأخذت كتبها وخرجت من البيت
– أمي ، أنا ذاهبة للدرس .
قالت أمها كلمتها المعتادة
– لا تتأخري .
أغلقت الباب ووجدت إبراهيم أمامها
شهقت بصوت عال ونظرت للشارع أمامها وخلفها
– ماذا تفعل هنا ؟
– ما هذا الذي ترتدين ؟
نظرت لنفسها كانت قبل لحظات فرحة والفرحة تغمرها من مجرد التغيير والخروج عن الأوامر والتنفيذ وها هي الآن خجلة وتريد الهرب . ضغطت على الباب مرة أخرى وقالت
– سأغيره.
وهربت من أمامه ولم تستطع الرد على أمها المستغربة
– لماذا رجعتِ؟
********
ترددت كثيرا في طرح أسئلتها ، وكانت عصاها الغليظة التي تحثها على التقدم والسؤال أنها داخلة على حياة كاملة لا تشترط الجزم عليها فقط لبضع راحة . رفعت رأسها لعبد الرحمن وجدته ينظر لها بنظرة أخجلتها. فليكف عن النظر !
سمعته
– كنت تريدين التحدث .
أومأت برأسها وضمت كفها ليبثها الشجاعة وقالت
– امرأتك ..
بلعت ريقها وأكملت
– هل يعيبها شيء لتتزوج عليها ؟
أجاب بسرعة
– كلا ، ليس فيها شيء ، بل سيدة محترمة ، خلوقة، تراعي بيتها وابنها .
نظرت له وفهم نظرتها
– هل تعتقدين أني لأني أريد التزوج إذا امرأتي بها عيبا ، أو أني لست مرتاحا معها بالعكس فهي بمثابة السكن لي تتحملني في غضبي وتفرح لفرحي وتحزن لحزني.. أنا أكنّ لها كل تقدير واحترام .
رغم غضبها في التكلم عن امرأته بهذا الشكل ألا إنه ارتفع مقاما في قلبها ..
– إذا لماذا …
وبترت كلمتها وهو أكمل عنها
– لماذا أتزوج صحيح ؟ هل هذا سؤالك .
أومأت برأسها وسمعته
– هل يمكنني الإجابة عن هذا لاحقا .
– ألا ترى أننا في موقف لابد من وضع النقط على الحروف فيه .
ابتسم لها
– حسنا سأجاوبك هناك أمرين : الأول أنني رجل لم أكتفي بواحدة ، وهذه غريزة الله سبحانه جعلها فينا نحن الرجال ولذلك حلل التعدد .. فأن أتبع غريزتي في الحلال أفضل من فعلها في الحرام . وإلا ما رأيك ؟
توترت وسألت
– معنى هذا يمكنك التزوج علي مرة أخرى ؟
– ربما
وتغيرت نظرته ونبرته
– وربما لا !
خجلت منه ومن نظرته وضغطت على نفسها للتكملة
– والثاني ؟
– الثاني سامحيني عليه سأخبرك به في وقت لاحق . هل لديك أسئلة أخرى ؟
نعم ، كانت تريد ، قلبت في دفاتر عقلها أي سؤال، أي شيء كان عليها كتابته في ورقة بدلا من كتابته في عقلها ..
ابتسمت وقالت
– كان لدي ونسيت ..
ضحك بمرح وتنهد
– حمدا لله مر الأمر بسلام .
استغربت منه فقال
– أشعر بأني في اختبار ولابد أن أنجح .. هل تخبريني النتيجة الآن ؟
مسكت يدها المرتعشة وقالت بصوت لا يكاد يسمع
– عليك التمهل فالصحف لابد أن تصحح.
ضحك على كلمتها ولاحظ دخول أبوها الذي قال
– يبدوا أننا سنسمع أخبارا سارة.
أجاب عبد الرحمن
– أتمنى يا عمي ..
وأكمل واقفا
– علي الذهاب الآن .. أنتظر النتيجة بفارغ الصبر .
وسلم عليهم وخرج .
نادها أبوها
– ها يا ابنتي ، ما رأيك؟
– سأستخير ثانية يا أبي .
وهرعت إلى مخدعها تخبره موافقتها .
___________
راقبت دخول السكرتيرة لذاك الحسام تخبره أنها بالخارج وسألت نفسها لماذا يريدها ؟ ولماذا خصها بالذكر ؟ تحاول أن تتلاشاه بقدر الإمكان ولكن الحظ دائما ضدها ..
– يمكنك الانتظار قليلا .
أطاعت وجلست في حضن ذاك الكرسي وتمنت أن تغوص إلى داخله أكثر فأكثر.. أغمضت عيناها بتعب ؛ هي تفكر كثيرا هذه الأيام في أبيها الذي يحاصرها بالعريس وأمها الخاضعة له . تبا فهي تمقت ضعف أمها !
سمعت فتحة الباب وتعلق نظرها بالخارج منه كان ذا هيبة حقا .. وقفت على أمل أن تدخل وتعلم لم طلبها ؟وفاجأها أنه خارج وينظر إليها بأمر أن تتبعه .. لم تفهم شيئا ولكن سحبتها قدمها إلى حيث يذهب ..
وجدته يمر على كل زاوية في شركته وهي ورائه تستغرب وتسأل لم هي هنا ؟ ولم تتبعه ؟
رأته يجلس على كرسي مكتبه بعد رحلته الطويلة التي امتدت ثلاث ساعات وهي لا تفهم شيئا فيهن ولكن ظلت تراقبه ، وترى تعامله ، كان على عكس ما تكلم معها ؛ فهو حازم صارم !
انتظر حسام أن تتكلم وأن تسأل ولكن هي كالجماد ! ماذا يفعل بها كي يحثها على الحديث ؟ قد عرف عن النساء الثرثرة والكلام لا السكوت والوقوف كالأصنام.
– اجلسي .
استجابت فهي حقا تحتاج للجلوس ، وهو راقب أنينها الصامت ، هي حقا غريبة ..لم لا تظهر ضعفها كباقي النساء ، أليس _كما يقال _ أقوى ما فيها ضعفها .. ولكن تلك الجامدة أقوى ما فيها صمتها.
– ندى .
نظرت له بدهشة وتداركت دهشتها سريعا حين عمل عقلها فأنى له باستدعائها إذ لم يعرف اسمها !
– هل أنت حقا خرساء؟
– نعم ، هذه ثاني مرة تتركني بهذا الهراء .
ابتسم . أخيرا. حاول التحدث بجدية
– لنتكلم فيما أريد .
صمتت لتحثه عن الحديث ورغم هذا لم يعجبه
– أنا أريد مساعدة شخصية .
“هو كاذب كبير” قالها حسام لنفسه
– وهذا ليس تخصصي بل تخصص سكرتيرتك .
– أنا أقصد أنت !
هو يريدها مساعدته هو !
– أنا رافضة . آسفة. بعد إذنك.
أتمت كلمتها وهربت من أمامه ، ماذا يظنها ؟
____________
كانت نائمة على صدره كما تعودت دائما تتمنى بدوام إحساسها بالأمان معه .. فماذا تطلب الأنثى من رجل سوى الأمان ؟ تنفست وشمت رائحته التي تعشقها وحبستها فيها لبضع ثوان وأخرجتها على مهل .. ترى يا مازن هل تحبني مثل ما أحبك بل مثل ما أعشقك ؟ أحست بيده تلمس على شعرها بحنان وكأنه يعطيها إجابة سؤالها . ابتسمت ابتسامة بشوش
– استيقظت ؟
لم يرد عليها واكتفى بابتسامته ، ظل يتأملها قد نقص وزنها بشكل ملحوظ وأيضا خف نومها كثيرا . قام من مرقده وجلس بجانبها وأحاطها بذراعه
– صباح الخير عليك يا أجمل نور .
شعرت بتكلف كلامه أو هذا ما هيئته لها نفسها ، ابتسمت بتكلف أيضا لا تريد أن تفسد يومها من بدايته ..
– لم تنمي، صحيح ؟
أومأت برأسها وأمسكت يده ووضعتها على بطنه وقالت
– اسأل ابنك .
– لم أصبح عليه .
قبل ابنه وسحب نفسه سحبا من الفراش .. فإن جلس أكثر لن يذهب لعمله.
انتظرته نورا حتى خرج من المرحاض ، ووقفت خلفه و سألت بتردد
– مازن ، أنا أريد أمي معي .
لم يرد وفكر بشيء لا يضايقها فهو وعدها صحيح بالتغيير ولكن هناك أمور لا يتقبلها. وهي ظنت سكوته رفضا ..و توجهت لفراشها ستأجل الكلام ربما بعد القدوم من العمل .
____________
فردت ذراعيها بقوة ودارت حول نفسها ، يعجبها هذا الهواء العليل وخاصة هواء القلعة .. قال أبوها
– سندخل القلعة قبل أن تقفل ، ما بقي وقت .
أجابت برفض
– لا أحب دخولها ليس فيها شيئا مميزا ..
– إذا ستبقين.
وتوجه ناحية زوجته وأخذها من كفها ولم يسأل عمرا فهو أعلم بالإجابة .. وهو يريدهما مع بعض ؛ فكر في كلام عمرو له في التقدم لابنته ويعلم أن ابنته خارجة من تجربة فاشلة فلا يريد الضغط عليها وفي نفس الوقت لن يجد رجلا مثل عمرو ؛ ذاك الذي أدبه بعد وفات أمه وتخلى أبوه عنه بالتزوج بأخرى .. يعرف طباعه وخصاله ويتمنى من ابنته تقدير ما تملكه بدون أن تشعر..
أرجع نظره للوراء وجد هند تنظر للبحر وعمرو ينظر لها
عمرو: قلت أنك تخافين منه ورغم ذلك تنظرين له كنظرة عاشق متيم .
استغربت هند له وابتسمت
– رغم ما قلت فأنا أحب منظره هكذا .. أحب النظر إليه فقط أحب المراقبة ..
– ولم لا تأخذين خطوة نحوه ؟
كان هذا السؤال يوجهه لنفسه دائما ، فهو يراقبها دائما من بعيد ويخاف في اليوم الذي يأخذ خطوته يرجع و يتمنى أن لم يفعلها..
سمعها تقول ما في قلبه هو
– أخاف أن أندم !
وهكذا لم يأخذ هو خطوته ناحيتها ، وهي ظلت على خوفها من البحر !
يتبع..

الفصل الحادي عشر

وفي عيد الحب ماذا يتمنى الحبيب من الحبيب ؟ والعاشق من المعشوق ؟ سوى لمسة وبسمة وربما هدية .. وبما أنها لا تقدر على الأولى فقد أباحت الثانية وهو أعطاها الثالثة .
وهديته كانت سلسال زينت به عنقها ، وقربته من قلبها ، وقبلته بروحها ، ومضت عليه بعمرها .
– سعاااد !
سمعت أمها تكرر النداء وهي مشغولة بهدية الأحباب.. فتحت هديته الأخرى ووجدت قميص رصاصي يخص الرجال “بوكليت” قربته من أنفها ووجدت به رائحة خمنت أنها تخصه.
– سعاااد !
ارتدت هديته وذهبت لأمها التي تصرخ .
– نعم .
– تعالي هنا ..
اقتربت وسمعت الكلام بل لم تسمعه فهي مشغولة بالذي ترتديه ، أطاعت أمها على كلام لم تسمعه وذهبت لغرفتها وأمسكت الهاتف المخبئ للمرة الألف من أمها ورنت عليه ..
– يخصك صحيح !
فهم ما تقصد وقال
– لم أجد شيئا يقربني منك سوى أن أعطيك شيئا يخصني.
– تعرف ، هذه أجمل هدية رأيتها في حياتي..
وهديته ظلت ترتديها دائما في الخارج والداخل والنوم تشم عبقه ورائحته وتتخيل أنه هو لا قميصه . وأودعت أمنيتها للسماء
– يا رب قرب المحبين . قولوا آمين .
______________
خرجت غاضبة والغضب يلفح وجهها ، كان عليها الحذر فهو لعوب ؛ أليس هو من فرق بين كريم وهند ؟ أليس هو من أسمع هند طيب الكلام ؟ أليس هو من تغزل بها ؟ والآن أيظن أنها من هؤلاء النسوة اللاتي ستقطع أيديهن لأجله ؟ أم ستنتظر منه لفته ؟ أيظن نفسه يوسف الصديق أم ماذا ؟
جلست على مكتبها بضيق وأخذت تلك الورقة والقلم تقرأ وتقرأ ولا تفهم ولا تعي ؟ أيظن أنه يتلاعب بها بل ويصدق نفسه ..
هربت من مكتبها للمرحاض ، وقفت أمام المرآة أخذت تتنفس مرة تلو الأخرى
– ندى ، أنت أقوى من هذا ، إن كان هو يراك ضعيفة فأنت قوية ، إن كان يراك سهلة فأنت ميؤوس منك ، إن كان يظن أي شيء فأنت على عكسه تماما، أنت هي ندى التي لن يهزمها رجل وإن كان فيما بعد زوجها. ركزي في عملك فهو من سيضمن لك البقاء ، العمل من سيجعلك قوية ، العمل هو من سيجعلك لا تخافين من هجر رجل ولا من بعده .. كوني قوية .
أخرجت كل ما في قلبها وضمت كفها بقوة وخرجت لعملها وهي تعي ما تقرأ وتفهم ما تعمل.
*********
جلست أم سما بجانب زوجها حائرة غاضبة في قرار تلك المتهورة؛ كيف توافق على أن يكون لزوجها شريك ؟ بل كيف فكرت حتى في الموافقة ؟
نظرت لزوجها الذي يتهيأ للنوم وقررت الحديث
– قل لي يا أبا محمد كيف يا أخي توافق على مثل هذه الزيجة؟ ابنتك متهورة ووافقت وأنت لِمَ توافق على رأيها ؟ ألست أنت أبوها الرشيد ؛ هي تخطأ أنت تصحح ، هي تخالف الطريق أنت تأخذها وتهديها .. ما بك في هذا الأمر ؟
اعتدل في جلسته ونظر لمرأته كم هي قلقة على فتاتها لم يرها هكذا وهم يزوجون ابنه حقا البنات غير البنين !
– وما الذي لا ترينه صحيحا في هذه الزيجة يا أم محمد ؟
تعرف أنه بمناداتها بكنيتها يحثها على الفكر بعقل لا عاطفة .. وأنى لها ذلك وهي ترى ابنتها تمشي بلا استبصار ؟
– هذه الزيجة كلها خطأ .. وقرار ابنتك خطأ ، ومساندتك لها خطأ .. أنا مهما أفكر لا أجد شيئا صحيحا .. أنا أعرف ابنتي هي تقبل لأجل سنها وأنا لم أشتكي يوما ولم أحسسها يوما بأني مستعجلة على زواجها أو فراقها مع أن هذا ينغص عيشتي ، ويكدر صفوي ولكن الآن أريدها معي لا أريدها يوما تشعر بغيرة تقتل قلبها ولا أحد يكدر صفوها، أريدها سعيدة هل أنا مخطئة في هذا؟
استمع زوجها لها ويعلم أنها محقة وليست مخطئة لكنه استخار الله ووجد نفسه مسير وقلبه قد شرح وينتظر اقتراب الفرح فتيقن وآمن أن هذا خير لها
– اسمعي مني وانصتي : هذا الأمر ما فيه اختيار ؛ فأنا قد استخرت الله ووجدت شرح صدري وزوال همي وكدري، سلمي أمرك لله وادع لها كل أوان .وهنا انتهى الكلام .
**********
جلست فقط للمراقبة فهي لا تثق في ابتتها وتشعر بحيرة في صدرها ..
– أمي .
– نعم !
– ركزي معي ..
نظرت لها أم سعاد وقالت
– اتركي الأمر الذي تريدني فيه ..
تنبهت لها روان وسمعتها تكمل
– هل ذاك الرجل الذي تحبه أختك قد عاد من السفر .
تصلبت روان مكانها أتكذب أم تقول الحقيقة ؟
– وما الذي يعرفني ؟ ما الذي دعاك لهذا ؟
نظرت الأم لسعاد البعيدة عنها بعض الشيء وقالت بهمس
– هذا الشيء الذي ترتديه أختك لا تخلعه أبدا سواء نائمة أو مستيقظة ؟
نظرت روان لأختها ورأت نظرات أمها لها ودعت في سرها بأن تُحفظ أختها.
********
– كل أحد يترك ما في يده و ليرجع خطوة للوراء .
تركت ندى ما في يدها ورجعت الخطوة وأخذت تراقب بعينها.. ترى ذاك الرجل المرتدي زي الأمن يفتش في مكتب تلك الزميلة ، وآخر يفتش في مكتب زميل ، وآخر في حقيبة أخرى والآن انتقل إليها أحدهم .. لا تعلم ماذا يفقدون ؟ ولا تجرؤ حتى للسؤال .. نظرت لحسام القادم والمستغرب يسأل أحدهم ثم يقف مثلها و يراقب .. وجدت الأمني الذي يفتش حقيبتها يصرخ قائلا
– وجدتها !
دارت بوجهها ناحية الأمني ، ماذا يقصد ؟ اقترب الناس منه أعطاهم ما وجده وما هو إلا فلاشه غريبة لم ترها سوى الآن.
– تعالي معنا يا آنسة ..
– لماذا ؟
– أظن أنك تعرفين ، فلا تعملين نفسك مستغربة !
أخذ صوت الرجل يعلوا مكملا
– خذوها !
حاوطها اثنان من رجال الأمن ، وأخذوها للا مكان وهي لا تجد في نفسها مأوى تهرب إليه فظلت تناشد من حولها ولم يقع بصرها إلا عليه ؛ حسام !
*********
• وأنا قبلت زواجها .
رنت في أذنها تلك الجملة ورن معها قلبها، تريد أن تعلي صوتها وتغرد كما تغرد العصافير ، وتنشد كما تنشَد الأغاني .. جاءت إحداهما تحيي وتبارك وألقت كلاما عن كونها خسارة تزوج رجلا متزوجا وأتمت كلمتها ” لأجل السن يفعل أي شيء ” وهي أرادت رد مكيدتها وبحثت بعقلها عن رد مناسب فكان ردها ابتسامة ودعاء بالهداية والسير من الأمام ؛ يكفي فرحتها اليوم .
اختلت هي وزوجها _يا لها من كلمة رائعة _ اقتربت من الكرسي بخجل وجلست كما يهب الريش على سطح ناعم ، وجدت العشاء موضوعا أمامها ، سمعت صوته
– يا ليتني هو .
رفعت رأسها إليه متسائلة من ذا الذي يتمنى أن يكون هو في ليلة مثل تلك .. أجابها مازحا
– العشاء! تنظرين له بدلا مني.
خفضت رأسها باستحياء وهذه المرة ليس للعشاء بل للأرض ، وسمعته
– سما!
همهمت بخفوت وفوجئت بقربه نظرت له مندهشة
– لم أسمعك فاقتربت.
وأردف
– هل هذه ليلة السكوت ؟ انظري أنا جائع ولم آكل طوال اليوم .
أجابت بسرعة حيية
– لنأكل إذن .
– من يدك .
تحمر خدها بصبغة الخجل وأخذت بأخذ قطعة وقربتها منه ، وهو فعل مثلها و تبادلا الأكل ، سحبت يدها ولم تكمل طريقها ووجّهها هو إلى فمه ، ارتعش بدنها، و ضخ قلبها، ولم تسمع أذنها ، ورأت عينها اقترابه . أغمضت عيناها بحب وأغلقت جوارحها بمُلك ولم يبقى سوى رائحته وقربه وهو وفقط .
_____________
تحبه ، لا تحبه ، تحبه ، لا تحبه …
– أنت وردة غريبة ، بالطبع أحبه .
ألقت وردتها الاصطناعية من يدها ، هي بالفعل تحب مازن وتعلم أنه يحبها ، ورغم هذا تريد برهانا على حبه ، حمقاء أنا ، أعرف !
سعدت لخاطرها بأنها ستفعل مشكلة مع حبيبها بل وسيكون شجارا قويا، يعلي صوته وتعلي صوتها، تتهمه باتهامات هي تظنها هامة وهو لا يقدرها، أسيضرب؟ كلا فمازن غير . المهم أنها ستتشاجر..
لا حظت دخوله وعلى وجهه ابتسامة جميلة ، ما لي هذا الرجل يحلوا يوما بعد يوم .. ! راقبت ما في يده ترى ماذا يخبئ ؟
وقف أمامها ، أحاطها بأمان و قبل وجهها بحب وقرب ذاك الصندوق الصغير منها .
نظرت له وللصندوق تعرف محتواه فهو ما تفضله من الشكولاتة وخاصة هذه الأيام ، كانت تريد أن تتشاجر ، تخلق مشكلة ، تريد أن تكون امرأة مصرية نكديه ، وهذا الرجل يضرب بكل أمانيها عرض الحائط ..
– ألن تقبليه؟
طبعا ستقبله ، أخذته منه وولت بظهرها، ضاع منها ما كانت ترنوا إليه . وهو استغرب موقفها وظل يضرب كفا بكف
– هكذا لا يعجب وهكذا لا يعجب .
_________
– أريد أن أعرف لماذا أنا هنا ؟
– أحقا لا تعرفين أم أنك تمثلين؟
– ولماذا أمثل؟ ذاك الرجل أخرج شيئا من حقيبتي لأول مرة في حياتي أراه ، وبعدها أخذتني إلى هذا المكان وأنا لا أفهم شيئا..
– ذاك الشيء الذي تقولين عليه هي فلاشه تحمل أسرارا للشركة التي تعملين بها وخاصة الفرع الذي في فرنسا ، تم أخذ المعلومات منذ فترة قصيرة ولكنها لم تكن كاملة و اليوم تم سرقة الباقي .
– وشيء كهذا هل سأضعه في حقيبتي هكذا بكل سهولة وأنا أراكم تفتشون ؟ أليس هذا الأمر غريبا .
أرادت وضع الشك في ذاك الذي يحقق معها والذي قال
– أنت بعد العمل ماذا تفعلين؟
– وما الذي يهمك في هذا ؟
– أنت هنا عليك الإجابة فحسب ، ليس عليك عرض أسئلة .
– المتهم بريء حتى تثبت إدانته .
– وأنت أثبتت إدانتك بخروج الفلاشه من حقيبتك .
– قلت لك لم أرى هذه الفلاشه في حياتي ، ولا أعرف حتى ما الذي وضعها في حقيبتي ؟
– عليك الاعتراف سيخفف عليك العقوبة .
– سأعترف بشيء فعلته لكن شيء لم أفعله فأنا آسفة .
ظل ينظر لها ونادى بصوت عال آمرا بأخذها ، هي ميؤوس منها بعد خروج الفلاشه من حقيبتها فقط ستحال للنيابة ..
ظلت ندى تجر قدمها التي لا تحملها ماذا فعلت لتتلقى مثل هذا المصير ؟ ، حاوطت نفسها بأمان منزوع منها فكرت في أبيها ، في أمها ، أي شيء قدمت له قربانا من قبل فينفعها الآن وجدت أن قرابينها جميعا كانت لأجل عملها وفقط ، كل همها كان العمل والسعي وراء المنصب وهي الآن تناشد أمانا لا يستطيع عملها إعطاءه ، كان عليها أن تنصب اهتماما لشيء آخر ؛ ربما لسند لها .
*******
تنزل دموعها كغيث مخزن من شهور ، وتشهق بصوت عال مذبوح ، وتضرب خدها صارخة
– أنا لا أريده ، أنا لن أتزوج هذا الرجل أبدا ، قلت لكم أنا أحب غيره !
وصفعة أكملت عليها ، ووجوه حولها غاضبة كل ما يهمهم أن تتزوج ما يريدون هم وليست ما تريده هي ..
– أنا لا أريد أن أتزوج أبدا .. سأظل عانسا، إن هو وإلا بلا !
وهربت سعاد من أمامهم ورفعت مرتبتها وأخذت الهاتف
– إبراهيم …
وشهقت بصوت عال
– أهلي يريدونني أن أتزوج ..
وأكملت بحسرة وألم
– غيرك !
********
تفرغ ملابسها وتضعها في الدولاب ، لكل رداء ذكرى في مكان هذا الفستان كان لنزهة على المركب ، وهذا البنطلون كان للمنتزه وهذا الرداء كان لحديقة الحيوان … كانت أياما رائعة وعمرو قام بالواجب معها وزيادة . كان لا يتركها تذهب لمكان إلا وهو معها ، كان هو سبب ضحكتها ، هو سبب فرحها ، هو ابنة عمتها ! سأمت من تلك كلمة ، أصبحت ترفضها وتريد أخرى لا تعرف ماهيتها؟
سمعت أمها ترحب بعمرو لم يغب كما توقعت ، تركت ما في يدها ونزلت له سريعا لسبب هي لا تعرفه .. نظر لها طويلا وقطع نظرته هاتفه المقيت ، أهذا وقت مناسب للرنين!
وجدته يشير إليها بأنه سيخرج دقيقة ، تعجبت له وخرجت ورائه وجدته واقف مع أنثى غيرها يسلم ويضحك وما غاظها أكثر كونه احتضن !
ويلك يا عمرو مني .

الفصل الثاني عشر

ظلت ناظرة له ، لا تفهم لم جاء ؟ ولكنها أحبت إحساسها بأنه معها .. أرادت أن تطمئن منه على أنه أتى فقط ليقف بجانبها ، يساندها، يساعدها على تخطي محنتها ، ويشعرها أنها ليست وحدها فهو يقف معها .
ابتسمت لخاطرها ولخيالها و قبلت لعقلها بالتفكير هذه المرة، ربما ليفكر ما سبب مجيء حسام إليها ؟ وعقلها أوصلها بأمور لا تحب حتى التفكير فيها .. حسنا هذه المرة وفقط ستقبل تفكير خيالها ، هذه المرة فحسب .
راقبت خروج الشرطي وجلوس حسام أمامها، هذه المرة دون ارتباك منها ، لا تفكير ، لا شيء فقط ستدع نفسها للآت.
كيف حالك ؟
أظن أنه ليس جيدا .
يمكنني مساعدتك للخروج من هنا .
قالت بلهفة
كيف ؟
يمكنني التنازل عن المحضر .
فكرت وغضبت لتفكيرها فهو يظنها مذنبة وهذا أسوأ ما كانت تظن . قالت بخيبة أمل
لا أريد ، شكرا لك .
اغتاظ منها ومن برودها، أتى لك الحل على طبق من ذهب وترفضيه يا لك من جاهلة بل جاهلة كبيرة .. غضبت نبرته وعقد حاجبيه قائلا بغلظة
متى ستتركين ذاك الكبرياء؟
الأمر ليس كبرياءا بل هو أكبر من ذلك .
هل يمكنك التوضيح ؟
لماذا تساعدني ؟
حاول تلاشي سؤالها ولكنها أصرت فحاول المراوغة
سأسلك وإن جاوبتني سأجاوبك ، لماذا ترفضين؟
قبلت مساومته وقررت الصراحة
تنازلك عن المحضر سيبقيني بعينك مذنبة وأنا لست كذلك ، إن كنت سأخرج من هنا فسأخرج بعيون الكل بريئة وخاصة أنت !
ولماذا أنا ؟
أنت تراوغ، حان دورك الآن.
حسنا ، أساعدك لأن هناك شعور بداخلي يقول أنك بريئة مجرد إحساس فحسب.
أكنت ستخرجني بناء لإحساس!
أجل !
لماذا ؟
صدقيني لا أعرف ، أنا فقط أثق بك !
صمت كلاهما ونظرا للأرض .. دق حسام بأنامله على المكتب بجواره ليقطع ذاك الصمت وثم قال
ها ، كيف سأساعدك؟
من تلك ؟
سؤالها كان بسيطا ، ونظرتها كانت أبسط ، وتنتظر جوابا مريحا وبسيطا .. وكل هذا من نظرها فقط !
أما عمرو رأى سؤالها بنبرة يكاد يفتَك به ، ونظرتها مع حاجبها المرفوع دون الآخر ، والجواب الذي تنتظره يحمل اتهاما مما جعل بذرة بداخله تبدأ في التمدد والكبر ، أيعقل أن هندا تغار ! لم يشأ أن يريحها ليتأكد لما وصل إليه فقال مدعيا البراءة
هذه لولو .
من ؟
وسؤالها كان بالغضب نفسه ومعه الجحيم إن كانا يشخصان .
رفع كتفيه مستغربا من ردة فعلها وتحولت نظرته للتلاعب معها
قولي لي ، أليست جميلة ؛ انظري إلى قوامها الممشوق ، وعليها عيون تجعلك تذوب .
عمرو !
ونبرتها فيها تحذير من الإكمال وهذا جعله يهرب من الأمام
أين امرأة خالي لم أرها منذ دقيقتين ..؟
وفر من أمامها لامرأة خاله التي لم تتركه حتى تعرف ما ينوي عليه وهو قال ببراءة عذبة أحبتها أم هند
يبدوا أنك ستسمعين قريبا عن زواج ، عليك بتحضير نفسك يا امرأة الخال .. يبدوا أن الحلو قد استوى .
وغمز لها بمرح .
يا قلبي كفى حزنا .. يا عيني كفى دمعا.
و يا فؤادي قد هرمت .. و يا قلبي قد حزنت ..
و يا عمري ماذا أصابك؟ .. ويا دهري لم تقلباتك؟
أتقف معنا إن بكينا بدل الدمع دما !
ستشعر بنا إن رأيتنا نسقط هوا !
ما بقي منا بعد الحبيب؟
و بعد القرب وبعد الحنين .
ظننا أنك تقف معنا .. وياليتنا ما ظننا .
تنزل دموعها بحرقة و قلبها موجوع ، أمها تراها ولا تحن ولا ترجع ، أضربت عن الطعام ، أضربت عن الحياة ، زهدت كل شيء ، فماذا بقي لها ؟ أمها التي لا ترى حبها ! أبوها الذي لا يسكن إلا بضربها ! أخواتها اللائمات! أخوها المتصدر لقرار الرفض ! حتى روان لا تملك لها سوى بضع كلمات .
فقط إبراهيم من بقي لها ، وحتى هذا يحرمونها منه برفض قاطع لا مجال فيه لأي نقاش . ألم يروا حبها في عينه ؟ وصدق كلماته بطلبها ، كانوا يضعونه موضع شبهة ، كانوا يخترقونه بأنظارهم! كل هذا لماذا ؟ ألا لأنه حبها.. صدق في كلمته وطلبها، تبا لهم!
سمعت آذان العشاء ما عادت تشعر بنهار أو مساء ، قامت من مكانها بثقل ولكن ليس كثقل قلبها ووجعه .رأت أمها الجالسة في الصالة لا تنظر إليها حتى ، وهي أيضا تلاشت النظر، فماذا سيفيد ؟
جلست القليل القليل حتى دق الباب بالرنين.. قامت بنت أخيها بفتح الباب و تعلقت الأنظار فقط للأحباب .. أأتى المرة تقول ماذا؟ الرابعة أم الخامسة لأجلها !
خطى خطواته بثقل وقامت أمها لتقابله بل لترفضه ، قالت أمها بغلظة وجعت سعاد
لم أنت هنا مرة أخرى؟
نظر إبراهيم لسعاد
أرجوك يا أم محمد اقبلي زواجي ، صدقيني أنا أحبها ولا أريد سواها ..
قاطعته أمها بحدة
ليس عندنا بنات للزواج .
رجع نظره لسعاد وجدها تدمع ودمعها وجعه، وتربت على صدرها هامسة ” لأجل خاطري ، تحمل لأجلي “
بلع ريقه بصعوبة وضم كفه يستمد منه الصمود لأجلها سيتحايل ، لأجلها سيزل كرامته ، لأجلها ولأجل دموعها سيفعل كل شيء فقط لأجلها ..
ماذا أفعل لتقبليني؟
دارت أم سعاد بوجهها الناحية الأخرى وعقدت حاجبيها بغضب
مهما فعلت لن أقبلك..
ونظرت لإبراهيم بتوعد وأكملت بزعيق
أنت ! ماذا تريد ؟ بنتنا لا نريدك أن تتزوجها
حاول إبراهيم مقاطعتها وهي أكملت بغضب
قلت لك ليس عندي بنات لل
زواج ، أنت لا تنفع ابنتنا ، ليس لديك مال ولا بيت ولا حتى كرامة ، و بيتك الذي تسكن فيه على وشك الهدم ، ماذا تريد منا؟ أعطيك ابنتنا ونقول لك تفضلها على طبق من ذهب ، ونرميها لك ولبيتك الهرم .. أندفن ابنتنا وهي ما زالت صغيرة ، أهذا ما تريده؟
وقفت مكانها وأكملت بغضب أكثر
كلا ، أنت آخر رجل أزوجها له .. من أنت من الأساس ؟ أنت لا شيء ، أنت نكرة .. لن أزوج ابنتي لك ما دمت حية .. وهيا أخرج من بيتي !
سمع كلامها ، جرح قلبه قبل كرامته .. نظر إلى سعاد وجد عينيها تبحر دمعا.. أتبكي على حاله وعلى قلبه الذي ينزف دما .. سحب كرامته ورائه وخرج من بيتها ..
وسعاد وقفت مكانها تشهق بصوت عال وضعت يدها على فمها تكتم شهقاتها وسمعت صراخ أمها فيها
ماذا تريدين من هذا الرجل ؟ تحبينه ! الحب لا يؤكل ولا يشرب .. فقط المال هو من سيجعلك سعيدة.. شخص ليس لديه لا مال ولا بيت ؛ فقير ! يملك قوت نفسه بالقوة .. أهذه العيشة التي تبتغيها ؟ أربيتك على هذا ؟
قاطعت كلمات أمها وقالت من وسط شهقاتها
نعم أريده ولن أتزوج سواه .. يحبني وأحبه ، نعم الحب يؤكل عيشا إن ساندته، نعم الحب يشرب إن ساعدته.. نعم هذا ما أبتغيه فقط لا تتدخلي!
سأتدخل وإن لم يعجبك تدخلي .. لن تتزوجيه..
صرخت سعاد فيها
بل سأتزوجه..
وأكملت باقي كلمتها للأرض التي احتضنتها ؛ فقد فقدت الوعي !
فزع على دخول شريكه مكتبه ، ترك القلم من يده وظل ناظرا إليه
لماذا تساند تلك الفتاة ؟
ولماذا يهمك الأمر ؟
أبوك كان على خطأ حين سلمك منصبه ، وها أنت تثبت ذلك ..
حاول حسام الهدوء والاتزان
هل يمكننا التكلم بهدوء ؟
جلس الشريك على الكرسي أمام حسام ظل يحرك قدمه بتوتر وقال
ها أنا جلست ، قل ما عندك .
ما الذي يغضبك هكذا، يا عمي ؟
أكد على كلمته الأخيرة ، فقال عمه بغضب
فتاة سرقت وقبض عليها، وكل الأدلة ضدها : الفلاشه وخرجت من الحقيبة ، بعد العمل تأخذ كورس للغة الفرنسية وفي هذا الوقت ، لا تتكلم كثيرا ، معرفتها بزملائها ضيقة لأبعد الحدود ، إذن لم تذهب وتحاول التنازل!
من أخبرك بأني أردت التنازل؟
توتر عمه وقال
هكذا ، اترك المهم ودقق فيما لا يعني شيئا .
طال نظر حسام لعمه ونظر للورقة أمامه وقال
اطمئن ، لم أتنازل عن المحضر !
استراح عمه من كلمته و تبسمت شفتاه بتكلف
أنا قلت هذا: ابن أخي عاقل ..
وخرج عمه من أمامه يلعن غبائه ونظرات ابن أخيه تلاحقه ، من أين عرف ؟
مسك حسام هاتفه دق لرقم ظن يوما أن لا يستعين به وقال
أهلا ، أهلا .. كيف حالك ؟ .. كنت أريدك في موضوع مهم
وغضبت نظرة حسام
بل مهم جدا .
سعيدة ، بل سعيدة جدا. رأت نفسها في المرآة كم تمنت هذه اللحظة . تأملت فستان فرحها من أعلاه لأسفله تريد أن تحتفظ بتصميمه داخل قلبها وعقلها .. تأملت نفسها بمكياجها وزينتها، كم حلمت بتلك اللحظة وعدت السنون وطال صبرها وأخيرا ..
عريسك ينتظر .
توترت و ارتعشت يداها ، لاحظت أمها توترها اقتربت منها وأخذتها في حضنها قاومت كلتاهما الدمع وقالت أمها
ليس هذا وقت البكاء ، اخرجي لزوجك .
ربتت أمها عليها بحنان وهي استمدت قوتها من أمها وخرجت لزوجها .
تأملها بنظرة لم تستطع تفسيرها واقتربت منه قبل جبهتها وقال بصوت رخيم
مبارك عليك .
وأنت .
يا ليلة العرس ما أحلاك !
ظللنا أياما نتمناك
ذقنا فيك كل جميل
والليل من بعدك ليس طويل
يا ليلة العرس ما أحلاك !
فعبد الرحمن قد حلاك !
ببسمته التي تتلاقاها
وشوقه الذي تراه عيناها..
يا ليلة العرس ما أجملك ..
قد نورت دربي ، ما أبدعك !
يا ليلة العرس ما أحلاك !
قد ذقنا أياما كنا فيها نتمناك .
وقفت أمامه برجاء ، وكررت سؤالها بشقاء، ووضعت يديها على بطنها تتمنى الشفاء
مازن ، أنا أريد أمي !
طال صبره عليها ، و علت نبرته
ليس ثانية نورا .
كل مرة تقول هذا .. ولكن أنا أحتاجها بالفعل .
يمكنني الجلوس معك .. يمكنني التحلي عن كل شيئا لأجلك..
شهقت بصوت عال ، تعلم أنه سيفعل ذلك . رجعت لقوقعتها من جديد لا ناس لا أهل ، وحتى اهتمامه يتصنعه ، رفضت كل شيء ورفضته هو .. يمكنه الموافقة بسهولة وإراحتها ولكن كيف؟ ولته ظهرها وأنزلت دمعها وقد فرغ صبرها .. يبدوا أن الماضي بانتظارها .
راقب حسام دخول ندى ، اعتدل في جلسته ، راقب خروج الشرطي ، وجه نظراته إليها
كيف حالك ؟
أتمنى الخروج .
أخرج هاتفه من جيبه وبحث عما يريد
انظري لهذا ..
وأشار إلى زاوية معينة في الشاشة
دققي هنا .
نظرت مكان ما قال .. دهشت لم تراه وقفت مكانها وقالت بغضب
ما هذا يا حسام؟
يتبع..

الفصل الثالث عشر

– لا تقلقي يا حبيبتي ، طبعا سآتي … وأفضل هدية أيضا ..
ضحك بمرح وأكمل
– لا تكوني طماعة.. حسنا على التاسعة إن شاء الله .. سلام الآن .
أغلق هاتفه وتنهد بأريحية ودار بوجهه إذ هند !
– أفزعتني!
– وهل تراني فزاعة ؟
– بنظرتك تلك نعم .
– مع من كنت تتكلم ؟
لوى شفتيه بعند
– لا أحد !
– لقد سمعت المكالمة .
ضحك بمرح وقال
– هذه لولو .
– من يعني ؟
غير نبرته للجدية ، وقال ويكأنه خجل
– حبيبتي .
صدمت من كلمته ، أحست بوخز في قلبها .. حبيبته!
تماسكت وأمسكت دمعتها الهاربة وقالت
– عن إذنك .. نسيت شيئا .
تركته وهو لا يعلم أيفرح أنها تغير أم يحزن بسبب دمعتها !
ما بك يا عمرو ؟
****
جلست روان بجانب أمها ، لا يمكنها السكوت أكثر من ذلك ؛ أختها تدهورت حالها ، وأمها ثابتة على قرارها .. حاولت تليين أمها وجعل قلبها يرق فمهما كانت هي أم.. تقسى وتضرب ولكنها رحمة الله على أرضه .. وهي تعرف مدخلها جيدا ..
راقبتها سعاد وأنصتت لكلامها أخيرا هناك من شعر بها ، وجدت أمها تعطف عليها ونظرتها تبدلت لها.. يا لسحرك يا روان !
نادتها أمها فاقتربت .. أخذتها بحضنها وربتت.
يا سعاد أنت الغالية .. يا سعاد أنت الخاتمة.
نخاف عليك من الهوى .. وخاصة هذا الفتى .
ولكن إن كان في قربه ضحكتك .. فليس لي إلا سعادتك .
ضحكت سعاد لأختها.. وما صدقت إلا وأخذتها في حضنها .
وبعد أيام قصيرة قصت أمها لأخواتها عن الزيجة ..
وصدر قرار بالرفض .. وهل ليس لدينا حق ؟
وأمها رجعت عن كلمتها وصارت هى تندب أخوتها ..
وكلمة تأخذ أمها وترجعها ..
روان : يا أمي وافقي ..
فتوافق!
أخواتها: إياك أن توافقي ، أتريدين لابنتك الهلاك؟ أتبغين لها الشقاء ؟ أنت أم وهي فتاة لا تعرف مصلحتها عليك بكسر جبهتها حتى تعلم حق اليقين أن هذا الأمر ما فيه رأيين وأن الرفض قد تم و عليها بالتسليم و البعد عن الأنّ .
فقررت وأيقنت أن لا بد من البعد عن الأهل .. عليها اللجوء لآخر .
****
– ما هذا يا حسام ؟ هذا دليل براءتي . أين وجدته ؟
– اقعدي أولا .
أطاعت أمره وما زالت تنظر للشاشة أمامها ترى زميلها الذي كان يجاورها في المكتب يضع الفلاشه في حقيبتها التي نسيت إغلاقها في لحظة دخول الأمن .. ينتهي الفيديو وترجعه مرة أخرى ؛ تريد لعينيها التأكد ولقلبها الاطمئنان فقد حان وقت الخروج .
– أولا هناك أمر أشك فيه أن عمي الذي هو شريك أبي في ثلث الشركة هو وراء سرقة المعلومات
قاطعته ندى
– لماذا ؟
تنهد حسام بخيبة أمل
– لأنه غير شريك بهذا الفرع وحاول كثيرا أن يشارك به ولو بسهم واحد ولكن أبي رفض تماما بسبب سلوك عمي الغير مريح والذي لا يفسره لي أبي أكثر من كونه موضع شبهه .
– وماذا تنوي ؟
أرجع حسام ظهره للوراء وقال بنبرة توحي بخطة
– سأقول لك …
استمعت لكلامه باهتمام ويله من يقع تحت رحمة حسام .
وعدها بالخروج وسارع في الإجراءات لها ، ظل كثيرا يتكلم مع الضابط ومعه المحامي حتى أذن الله لها بالخروج .
أوصلها لسكنها الذي تؤجره وقبل أن تسمح لنفسها بالنزول قالت
– هل يمكنني أن أطلب منك طلبا ؟
– طبعا ، تفضلي.
– أيمكنني استعمال هاتفك ، لم أتصل بوالديّ مذ حدث هذا الأمر ! وهاتفي يحتاج لشحن .
أخرج هاتفه وأعطاه لها بدون حديث ، رأى سرعتها في طلب الرقم والتكلم مع أمها والتحدث مع أبيها وكأن أمورها تمشي طبيعية وليس كأنها خارجها لتوها من الحبس .. لم يستطع أن يكتم كلماته ويجعلها خاصة بنفسه ألا إنه تكلم باعتراض
– ألم يعرفوا بما حدث ؟
هزت رأسها بنفي وشكرته على هاتفه ومساندته لها وهو لم يعجبه جوابها فسأل المزيد وهي أعطته الجواب
– أتظن أنني هنا مغتربة وبعيدة عن أهلي وأشتاق إليهم وهذا الكلام .. بل أنا كنت مغتربة وأنا معهم .. الاغتراب ليس اغتراب جسد عن جسد بل اغتراب روح عن روح ، إحساس عن إحساس فكثير من الناس يكونون أبعد ما يكون عن بعضهم بالجسد وأقرب ما يكون ممن هو جالس بجانبهم والعكس صحيح .. أليس هناك بعض الزوجات اللات تنام وتأكل وتمارس حياتها و هي بجانب زوجها ورغم ذلك لا يعرفون شيئا عن بعض سوى الأشياء الحسية فقط ، أما روحهم ماذا تحب ؟ لا يعرفون . قلوبهم تشتاق لماذا ؟ لا يفقهون . الاغتراب بيني وبين أمي وأبي أبعد ما يكون بعيدين عني وعن مشاكلي وعن شخصيتي يعرفون اسمي فحسب وربما أيضا لا يعرفون كم هو عمري! لم أخبرهم بمصيبتي التي حلت علي لأنهم لم يجعلوا أنفسهم مأوى ألجأ إليه فهم آخر ما أفكر فيهم . أتعلم ! أمي لم أكلمها منذ ثلاث ليال أي منذ حدثت المعضلة ورغم ذلك كلمتها الآن لم تسألني حتى لم غبت كل هذه المدة ؟ تعودت غيابي وتعودت على عدم السؤال .. وهذا التعود كان يؤلمني ولكن لما حدث معي صار نقطة رابحة لصالحي؛ فها هم لن يسألوني ويعاتبونني بأن هذا اختيارك وأن هذا ما أردته لنفسك وكل ما يشبه ذلك .. أراحوني وأراحوا أنفسهم!
أطلت عليك الحديث .
نظر إليها وإلى دموعها النازلة .. كم هي هشة أمامه ال
آن ! ليست تلك الصامتة بل لديها مشاعر وكثير من الحزن تمنى أن يريح كتفيها من حمله ويحمله عنها .. سمعها تستأذن بالنزول راقبها وهي تدخل المبنى كم هو يشفق عليها ! كم هو يريدها أن تبتسم ويرى كيف تكون بسمتها ؟ بدل أن يرى تلك الدموع.
****
حاوطها بيده واشتم رائحتها كم هي تتعبه وتجهد تفكيره ونفسه . مد يده لبطنها المنتفخة قربت الولادة فقط عليه الانتظار شهرين . همس في أذنها
– أتمنى أن تفهميني.. لا يمكنني قبول أحد في وسطنا ، أفعل أي شيء لأجلك إلا هذا الأمر .
قبل جبهتها وشعر بأنينها عرف بأنها مستيقظة وتسمعه
– لم هذه الدموع ؟
علت شهقتها وهذا استفزه أكثر قام من مرقده وجلس بجانبها
– نورا ، رجعن لنقطة الصفر ثانية ها أنت تكتمين وها أنا حيران فيك .. أحاول أن أمد يدي إليك وأنت حتى لا تحاولين تلقيها .. ماذا أفعل ؟ ولماذا تفعلين هذا بي ؟
وضع يده على رأسه ، سمع كلماتها المختنقة
– أنت .. أنت لا تشعر بي .. أنت فقط يهمك مصلحتك .. أنت ترفض … ترفض أمي . ترفض أهلي .. أنت .. أنت فقط تريد … تريد حبسي.. تحبني !.. أنت لا تحب إلا نفسك … تقول .. تقول لي كلمات لا تشعر بها وتقول لنفسك هكذا رضيتها … أنت .. أنت …
وعلت شهقاتها وهو لا يفهم ماذا تعني ؟ أي كلمات لا يشعر بها ؟ أي أنانية لديه ؟ ماذا تقولين نورا ؟ لقد تغيرت لأجلك.. لقد حاولت تحسين كل أمري معك . قلت لا أهتم وها أنا أهتم .. تقولين لا أقول لك لطيف الكلام ضغطت على نفسي وقلته مع أن الأمر صعب ولكني فعلت.. نعم فعلت لأجلك .
شعر بأن الغرفة تخنقه ، وصوت بكاءها يقتله ؛ غادر الغرفة وأغلق بابها بقوة جعلها تزيد في نحيبها.. متى ستتغير تلك الآهات ضحكات ؟ متى ستتبدد الظلمات؟ متى سيطلع النور؟
ظلت مستيقظة ناحبه ، وظل هو يستمع لنحيبها الذي يمزقه . أيذهب لها أم ستظن ذهابه لسبب ؛ فهي تظنه شخصا أنانيّا .. يا يا نورا لم تفهميني بعد !
سمع صرختها التي بددت دجون الليل ذهب مسرعا لها وجدها يسقط تحت قدمها بحرا ؛ أسرع إليها وحملها سريعا بعد وضع شيء يسترها وذهب للمشفى . يا رب ، ليس لدينا غيرك ، استرها معنا !
***
فتحت بابها للقارع وجدتها امرأة لا تعرفها ، سألتها
– نعم ! ماذا تريدين ؟
– أهذه مقابلتك لضرتك ؟
ضرتي ! استغربت كلمتها ، واستغربت زيارتها
– سنقف على الباب كثيرا ؟
– بالطبع لا. تفضلي .
– وإن كنت لن أتفضل ، فمن سيتفضل ؟
سكتت سما يبدوا أنها آتية لفتح مصراع مشكلة ؛ عليها التعقل ووزن كلماتها.
– أتشربين شيئا ؟
– أي شيء سيكون من يديك يا … يا عروسة جميل!
بلعت سما ريقها بصعوبة ، دخلت المطبخ وأعدت عصيرا على عجلة وأرسلت رسالة لعبد الرحمن تنبئه بقدوم زوجته لبيتها . أحضرت العصير وذهبت به مكان ما أجلستها وجدتها غير موجودة، هنا تنبهت لمكان وجودها ، غرفة نومها !
– ماذا تفعلين هنا ؟
قالت الزوجة بتعالي
– أرى غرفة زوجي ، أليس من حقي !
وجلست على الفراش وأكملت
– ذوقك قبيح ! كنت أتخيل أن عبد الرحمن سيختار أفضل من هذا ولكن يبدوا أنه تدنى أسلوبه .
أتمت كلمتها وهي تناظر سما من أعلى لأسفل باحتقار، بلعت سما إهانتها و حاولت الضغط على نفسها فمها كان هي في بيتها..
– هل يمكنك الخروج ؟
– طبعا يمكنني ، لا أتشرف أن أبقى هنا .
خرجت الزوجة وظلت تنظر لكل إنش في الشقة و ترمي نظرة احتقار لسما بين حين وآخر ، كانت تريد تنغيص عيشتها عليها فيكفي عيشها المنغص وحرقة قلبها.. ارتشفت عصيرها بأكمله
– لك مستقبل يا … يا عروسة!
– شكرا لك !
قالت سما كلمتها وهي تضغط على أسنانها ، ظلت ناظرة لتلك الضيفة متى ستخرج ؟ سمعتها
– ألا قولي لي .. هل يعاملك عبد الرحمن بحسن ؟
استغربت كلمتها ولم تجاوب عليها وهي أكملت
– يعني .. فكما تعرفين عبد الرحمن يحب النساء فإن لم تكفيه سيلجأ لغيرك ، كما فعل مع الأفضل منك .
– أنا أعرف هذا ؛ فهو قد صارحني.
– طبعا صارحك، هذا هو عبد الرحمن ..إذن اسمعي مني يا قطة .. أنت ما زلت صغيرة حتى لو كبرت في العمر وستتمنين من زوجك كلمات الحب والغزل فلا تنتظريها. عبد الرحمن لا يعرف هذا الطريق ، حتى ولو قالها سيكون جبرا للخاطر ولو عاملك بحسن ليس لأنك سيدة الحسن والجمال بل لأنك ما زلت جديدة . أنا أعرفك فقط حتى لا تكدري صفو زوجك وصفو ذهنك .. فقط تدللي كما يحب وستكسبينه غير هذا تخربين بيتك بيدك .
– ولماذا تنصحينني هذه النصيحة الغالية ؟
– فقط لأني أحب عبد الرحمن وأريده سعيدا سواء معي أو مع غيري .. فقط حدثت مشكلة لباب السماء بسبب طلبي منه دلال الكلمات .. فأنا لا أريده أن يشكوا من هذا الأمر . فهمتي أم أعيد درسي ؟
أتمت كلمتها وخرجت من عندها.. لا بد أن تعرف أنها سبب تنغيص معيشتها، فإن كانت هي فقدت الحب من عبد الرحمن فلن تأخذه هي ، عليها دائما التفكير بأنها مجرد آلة مثلها !
***
نظرت لنفسها للمرآة ونظرت للساعة خلفها وجدتها الثامنة والربع لم تتأخر . أحست بقدوم عمرو للمنزل سارعت بأخذ حقيبتها ونزلت إليه ، ن
ظر عمرو إليها وتبسمت شفتاه بإعجاب وقال وكأنه لا يعرف
– إلى أين أنت ذاهبة الآن ، هند ؟
– معك ؟
رفع حاجبه وقال بسخرية
– لماذا ؟
قلدت فعلته وقالت
– لكي أرى حبيبتك .
وتقدمت أمامه .. ألم تعرف بعد أنها حبيبته ؟ ألم تلحظ بعد أنها من سكنت روحه؟ كان يتمناها وهي غائبة .. ولما أتت عذبته بقربها.. أنى لك بالمعرفة ؟
– في ماذا سرحت ؟
قال بمكر
– في حبيبتي ..
– أنت..
وقطعت كلمتها تسمع رنين الهاتف ، سمعته
– نعم أنا في الطريق .. لا تقلقي … حسنا أقول لك أني آت .. هههه اصبري .. معي ابنة خالي .. أعلم أنك جميلة …. سآتي قبل أن يراك أحد وأقول رأيي بصراحة …. كفي عن الحديث …انتبهي لنفسك ، سلام.
وأغلق هاتفه وعلى وجهه ابتسامة وجه نظرته لهند وتحولت نظرته من البراءة للتلاعب
– غير صابرة!
– يبدوا أنك تحبها كثيرا .
– أكثر مما تتخيلين.
– ولكن .. طريقتك أبوية ألا ترى ذلك ؟
– وما العيب في هذا ؟! التي أحبها سأكون لها أبا وأخا وزوجا وحبيبا وكل شيء لها .
أكمل كلمته وهو ناظر لها ، يتمنى أن تفهمه .. وهي ظلت ناظرة أمامها تكره تلك اللولو فقط لحب عمرو لها!
وصلا للحفلة انبهرت بالمكان حولها ، انتبهت لعمرو الذي يتركها متعللا بأن تلك اللولو تنتظره !
جالت بنظرها في المكان أهي ثرية لدرجة إقامة حفلة في مكان كهذا ..
– امسكي الخشب .
تلفتت لعمرو وقالت بتهكم
– أسأحسدهم ، أم سأحسدهم ؟
– الأولى أحلى ..
أشار لها بيده لتنتبه لمكان وقال بنبرة ذات مغزى
– هذه لولو .. أو بالأصح هذه ليلى !
****
انتظرها في سيارته كما أخبرها ، لاحظ قدومها وبحثها عنه ، قام بسرعة لمقبلتها وابتسم من قلبه لها قبل شفتيه
– دائما متأخرة !
لم ترد وهو استعجلها حتى وقفا عن المصعد ، قال وهو يضغط على الزر
– آخر مرة أكلمك ولا تردين، ها أنا حذرتك!
اقتربا من الدور المطلوب حاوط كفها بكفه توترت ودق قلبها بعنف و حاولت أخذ يدها ولكنه منعها ونظر إليها ، لا تحاولي !
خرجت من المصعد والجميع ينظر لكفهما المتشابك وهو وقف في الوسط وقال بعلو صوته
– نحن وخاصة أنا أملك اعتذارا رسميا للمهندسة ندى . اعتذر لك على ما حدث من خطأ
ووجه نظرته للذي دس الفلاشه في حقيبتها
– نحن نعلم من هو المخطئ في هذا الأمر .. نتمنى أن تقبلي ترقيتك كتعويض على ما حدث لك.
ضغط على كفها المتوتر يمدها قوة على قوتها الضعيفة حاليا وهمس لها
– لا تقلقي ، أنا معك .
يتبع..

الفصل الرابع عشر والأخير

هذه لولو .. أو بالأصح ليلى .
أخذت هند تتأملها بثوبها الملائكي تنزل من على السلم كم كانت جميلة بل كم كانت رائعة ! لفت نظرها الرجل الذي يستقبلها كان كبيرا في السن بعض الشيء لم ترى منه سوى ظهره ، مسك يد ليلى وقبلها بحنو وتلفت إلى جمع الناس .. دارت هند ببصرها لعمرو الواقف بجانبها وذاك الرجل وكتمت شهقتها و لكنها ضحكت على نفسها عندما عرفت من هي ليلى ؟ يا لخبثك يا عمرو .. أكنت تتلاعب بي !
لاحظ عمرو نظراتها لم يكن يريد قطع تأملاتها لابد أن تتدارك الأمر .. فليلى ما هي إلا أخته من أبيه .. هي الوحيدة التي تقربت منه وهي الوحيدة التي بددت وحدته التي كان يشعر بها . هو ممتن لليلى كثيرا و زاد امتنانه لما اكتشف شعور هند نحوه . استأذن تلك الأخيرة وذهب لأخته يسلم عليها ويهمس في أذنها بأن خطته مشت على ما كان يرد ، شكرها و رحب بها وباستقرارها في البلد وأخذها حيث هند ..
أقدم لك يا هند ليلى .
وأكد على كلمته
أختي .
فهمت كلمته ورحبت بليلى كثيرا وأحبت فيها براءتها وجمالها الرائي للجميع .. استئذن عمرو منهما وذهب لوالده الذي ما إن رءاه حتى وضع يده على كتفه بعطف وقال بصوت لا يكاد يسمع
أنا آسف .
نظر عمرو لأبيه ، يعلم لم يتأسف ولكن للأسف لا يتقبله .. لا يتقبل تركه وحيدا منبوذا عند بيت خاله عند موت أمه ولا يتقبل زواجه من امرأة أخرى غير أمه ولا يتقبل منه سؤاله عنه بعد أن صار رجلا .. لا يتقبل منه سوى شيء واحد .. قدوم ليلى في حياته و بقاءها فيها .. تبسم لأبيه الذي لم ينطق له تلك الكلمة أبدا ،وهز رأسه لا بقبول ولا برفض ، وحول مجرى حديثه معه للعمل .. فإن لم يستفيد من أبيه بالأبوة سيستفيد منه في شيء آخر ..
ليلى : لم تنظرين له هكذا ؟
دارت بنظرها لليلى وتخلت عن عمرو ولو دقائق وأجابتها
قلقة عليه ..
بل لن تتخلى عنه ولو لتلك الدقائق ..
هو مع أبيه لا تقلقي ..
رجعت بصرها إليه ، هذا ما يقلقها أنه مع أبيه .. تعلم مدى الشرخ الذي في قلبه من أبيه ، و لا تريده أن يزيد يوما .. تتمنى بأن يلتئم وكأنه لم يكن .
أتحبينه إلى تلك الدرجة ؟
وكادت هند تتنطق إلا أن ليلى ببسمة رائعة منها ومتفهمة
لا تحكي لي . ظاهر من عينيك ، اعترفي له قبل فوات الأوان . فأنا وإن لم أكن أخته فلن أتركه ..
وتركتها متعللة بضيوفها ،وهند لم تترك عينها عمرو أبدا .. وخافت مجرد تفكير أن عمرو من الممكن أن يكون لغيرها .
قاربت الحفلة على الانتهاء نظرت لعمرو الواقف بجانبها وقالت بهمس
هل يمكننا الذهاب ؟
انتظريني لحظة ..
وذهب للاستئذان وأخذها وخرج .. لا تستطيع أن تتوقف عن التفكير ووجوده بجانبها يربكها و الأكثر من هذا هي متأكدة من شعورها ولكن مهما كانت هي خجلة فهي بنت في النهاية وعليه هو الابتداء .
لم يعجبه سكوتها الذي لم يتعود عليه منها وقال
كانت حفلة رائعة ، هل استمتعت ؟
هزت رأسها بالموافقة وقالت بمكر
لم أكن أعرف أنها أختك ! لم لم تخبرني ؟
أوقف السيارة على جانب الطريق وقال
وما الفرق ؟
لماذا توقفت ؟
جاوبيني أولا ..
هناك فرق بين أختك وبين حبيبتك ..
أعاد تشغيل سيارته مرة أخرى وقال بمراوغة
ليس هناك فرق .. حبيبتي من الممكن أن تكون أختي وأختي من الممكن أن تكون بمنزلة حبيبيتي ..
بالمنزلة وليس بكونها حبيبتك .
أتلعبين بالكلمات .
أنت من تلعب بها .. قل لي لم لم تصارحني ؟
ربما لأني أردت اعترافا ..
اعتراف ؟
قالتها بشك .. وهنا أوقف سيارته للمرة الثانية وقال
نعم اعتراف بحبك !
كرهت نفسها وكرهت أمها وكرهت أخواتها الثلاث وكرهت ضعف أختها روان وكرهت أزواجهن الأربعة وكرهت حتى تسلط أخيها الدائم الرفض وكرهت كل من في الحياة ..
حاولت إقناع أمها بسؤال أخوالها ؛ ربما يكون لديهم رأي بالقبول يبدد ذاك الصد والرفض منهم .. وأمها فعلت كي لا يكون عليها غبار وأنها فعلت كل ما طلب منها ولم تقصر في شيء .. وكان أول خال لها رافضا تماما .. أتواصوا بذا الرفض !
وجاء ابنه ليكمل تلك الدائرة بقوله
الناس تخرج من فقر إلى غنى ، وأنت تخرجين من فقر إلى أفقر !
لا تعلم عن أي فقر يتحدثون ! فأي فقر لديه وهو أغناها بحبه ،أي فقر لديه وهو سيضعها داخل عينه ، يكفي احتوائه لها ويكفي حبه لها .. لا تريد من الدنيا سواه ولا تنشد من الدنيا سوى راحته ..
وأكملت الدائرة وضم اثنان رأيهما إلى الأول وواحد منهما خرج من القاعدة .. أخيرا و جدت بصيص نور
ما أحلاك يا خال ..وأنت هكذا طويل البال
ترى رفض أمي ورغم ذلك لا تنحاز ..
أنصتت إلى الكلام.. وأطرقت الآذان ..
وسمعت رفض الأم و كان القبول من الخال
وقال لها : تحطمين القلب لأجل المال ؟
وتحزنين العين و ما خفت من القيل والقال ؟
اعقلي يا أختي وتريثي فكل شيء له أوان ..
اكسبي رضا ابنتك .. وضمها إلى حضنك ..
وكوني لها سندا وانظري واطلبي صمدا
ستجدين السكينة وراحة البال ..
الفقر ليس عيبا ، العيب عيب دين .
وعيب خلق وألا يكون رجل رزين ..
فتحي عينيك يا أختي .. فأمامك دربين
درب فيه راحتك ودرب فيه شقاء ..
فانظري واعقلي واسألي ماذا سأختار ؟
أغلقت أم سعاد مع أخيها ونادت على تلك التي تنصت للكلام
وقالت لها
اتصلي بذاك الذي تحبين وقولي له فليأتي لنري ماذا ستقررين !
ظل يذهب جيئة وإيابا من فرط توتره ، دعا ربه بأن يحمي كلاهما زوجته وابنه .. سمع صرخة مولود تمنى دهرا سماعها ، سجد على أرض وأنزل دموعا ليس كسابقتها بل دموع فرح وشكر .
قدم والدي نورا وأبوا مازن والأخوات وكل في فرح وسرور ، أخذ كل منهم الصغير وقبلوه واحتضنوه وكبروا له .
مبارك عليكما
أخذ ابنه في صدره ، ولمس بيده على خده ، وقربه من أنفه ، وشم رائحته و عبقه .. هنيئا له على صغيره .
نظروا لنورا النائمة أمامهم بسؤال
متى ستستيقظ ؟
وكأنها سمعت السؤال وأجابت
مازن !
سارع قلبه لها وأجابها وسألت
ابني !
مد يده لها ، وقربه منها قائلا بمرح
لم يستطع البقاء أكثر من هذا وتعذيب أباه ،فقرر بفض النزاع ..
تبسمت بألم وأخذت ابنها منه .. كم كان جميل !
قربته منها فكم صبرت وطال الصبر .
وتعذبت وأيقنت باليسر .
ضمت ابنها لها بحب فكان أقرب للبدر
بل هو أجمل من القمر ..
نظرت لمازن بحب ..
وهو ضمها باطمئنان ..
فيكفي ابنهما لهما أمان .
اللهم هذه قسمتي فيما أملك فلا تحاسبني فيما لا أملك وتملك .
راقبته بعد تسليمه ، في قلبها يجيش الكثير من الكلام وخاصة بعد زيارة زوجته الأولى لها . فهمت رسالة تلك الأخيرة ونجحت في تنغيص عيشها . فكرت كثيرا بفتح عبد الرحمن في الحديث وكل مرة يقف الكلام عند باب شفتيها .. قبلها من خدها قائلا
ما الذي يأخذ عقلك ؟
ناولته كوب الشاي وقالت بابتسامة
أنت ، ومن سيأخذه غيرك ؟
تناول من يدها الكوب وجلس بقربها وقال
ألم يحن الوقت لتصارحيني ؟
بماذا ؟
سمية لم تأتي هنا لله في لله .. ها أنا أسمع ؟
حاولت تغيير مجرى الحديث
قل لي ما السبب الثاني في الزواج ؟
تقبل تغييرها الحديث ، هو يفهم سمية ويعلم ولاحظ تأثير كلماتها على سما ..
انتظري لأنتهي من كوب الشاي هذا وسأقص عليك قصة ..
لم تغير الحديث ؟
ارتشف رشفة وقال
مثل ما فعلت .
لم ترضى عن جوابه وسألها
ألا يجذب انتباهك أني سأروي لك قصة ؟
ليس الآن !
ألا تحبين القصص والروايات ؟
لعبت في يدها وأناملها وقالت
طبعا أحبها ، ولكن ليس الآن .
انتهى من كوبه وقربها له وقال
استمعي لي : كان هناك شاب في الخامسة والعشرين من عمره كل ما يعرفه العمل والعمل ، يعول بيته وأمه وأخواته الصغار .. كانت طفولته ليست بأسوأ شيء وليست بالجيد أيضا .. في يوم كان يذهب لعمله ومجهد جدا وأخذ طريق يمكن أن يقربه من عمله بأسرع وقت ، لم يكن عادة يستعمل هذا الطريق ولكن القدر جعله يسلكه ليلقاها .. كانت آتية عليه بردائها البسيط وطرحتها التي كانت تفك منها بفعل الرياح ، وبضحكتها وهي تهاتف من بالهاتف .. وحركة يدها التي لا تعرف كيف تمسك كتبها ، كانت من أرض الخيال ، خلا العالم إلا منها ووقفت الساعة عن الدق واستغنى عنها بدقات قلب الفتى .. مرت بجواره كنسيم عليل في نهار مشمس وحار و كمطر بلل قلبه الجاف وسمع صوتها كسنفونية لها صوت عذب ، وكانت ضحكتها كطرب لقلب لم يسمع الجمال ! وهل كان للجمال صوتا فسيكون صوتها وإذا كان له هيئة فستكون هيئتها .. ظلت هيئتها في قلبه ليل نهار يحلم بها ويعيش على أمل لقياها .. مرت السنة والاثنين وهو لا يعرف لها شيئا لا اسم لا عنوان لا شيء سوى صوتها وهيئتها المحفورة في قلبه ..
وعندما أصبح في الثامنة والعشرين كانت قد تحسنت حاله و قدر بأن يقف على رجله حاول بفتح مشروع صغير يكون ربحا له ورزقا لأهله من بعده ؛ ففتح محلا صغيرا ووضع فيه كل ما في جيبه ، وكان طموحه أكبر من هذا ولكنه رضي بما في يده الوقت الحالي فحسب .. وعند التاسعة والعشرين اختارت أمه له زوجة كانت من أهلها قريبة منهم و من بيت محترم وكل هذه القيم ، ولكنه كان في ذهنه ملاكه المتربع في قلبه ، وبعد مماطلة منه في أمر الزيجة أصرت أمه ووضعت رضاها في كفة و رفضه في كفة وهو اختار رضاها بغصب . ضغط على قلبه و قبل الزيجة حتى بدون رؤية العروس .. لم يجالسها ولم يقعد معها و لا يعرف حتى هيئتها .. وتم الزواج .
كانت زوجته مخلصة بارة ببيتها ، تهتم به ، وتسعى لراحته ، لم يشأ حزنها يوما وبادلها كل احترام وتقدير .. رزقه الله بولد منها وكان قرة عينه ، كانت طلباتها نصب عينه ورضاها محبة وفوق رأسه حتى حدث ما لم يكن في الحسبان .. رجعت الملاك مرة أخرى وكان هو في الاثنين والثلاثين من عمره رجعت دقات القلب ورجعت معها أحاسيسه وأحلامه كان يراها كل جمعة تمر من نفس المكان ، وذات مرة مشى وراءها وقلبه يسبقه بخطوات ،وعينه لا ترى سوى ذاك الملاك ، حتى وجدها تقف أمام مكتبة تشري منها ما تشاء ، وكل جمعة نفس المنوال هي تسير وهو وراءها كمراهق صغير ويراها تشتري كتبا و روايات .. وتمادى في مشيه وراءها وسأل كل الناس عن أحوالها بأنها فتاة صارت في السابعة والعشرين ولم تتزوج إلى الآن ؟
أي عين لا ترى هذا الجمال ؟
وأي بصر لا يقع وهو مرتاح البال ؟
ظل يدعوا ربه بأن تنال كل طيب .. وأن يرزقها الله كل جميل . رغم رفض قلبه للدعوة ألا أنه لا يستطيع أذية تلك المرأة التي أعطته حياتها وعمرها ملك يده ، ولا يستطيع أذية تلك الملاك بأن تكون زوجة ثانية في مجتمع يراها شيء سيء !
تخلى عن مراقبتها وأولى رعايته لأهله وابنه ، و صب كل جهده في عمله حتى حول محله الصغير لمصنع صغير .. ظل العمل منفس حياته أنبوب التهوية فيها .. كان من حين لآخر يخونه قلبه ويسأل عنها وكل مرة لا زواج !
وكأنها درة غالية لا تؤخذ إلا لمن يستحقها ، وقلبه يقول أنها من نصيبه وأن الله يخبئها له وعقله يناقضه تماما !
حتى صارت في الواحد والثلاثين ولم تتزوج بعد !
وهنا عقله صدق وقلبه أطرب .. واستغنى عن كل شيء .. وقرر الزواج منها وحسب !
سألته سما بدموع
أكنت أنا ؟
قربها منه أكثر وضمها
أنت درتي المصونة .. أنت جوهرتي الغالية .. أنت حب حياتي !
كل هذا من قلبك ؟
أكنت نائمة وأنا أحكي ؟
هزت رأسها بلا .. سمعت وأصغت واستمعت وشعرت بكل هذا ..
أهذا السبب الثاني ؟
أومأ برأسه وهي قالت
لذا قلت أنك لا تعرف ماذا تقول في وضع كهذا !
وأومأ ثانية ..
ولذا سألتني عن حبي للكتب والروايات ..
أومأ برأسه ثالثة
ولذا امرأتك كانت تطلب دلال الكلمات ..
أخفض رأسه بحرج وقال
لم أستطع إعطاؤها مالا يستطيع قلبي .. ثقلت علي كلماتي لها .. وصعب على لساني نطقها .
ولكن يجب عليك العدل حتى ولو بالكذب هي امرأتك ؟
نظر لها بتعجب وتقدير
هي ضرتك .
لا يهم من تكون ، المهم أنت ؛ إن لم تعدل عقابك كبير ..
ولن تعدلوا ..
حاول أقصي ما بجهدك.. هي امرأتك في النهاية !
تبسم لها وضمها أكثر لقلبه وقال
صدقيني ، صدقيني لم أعرف الحب إلا على يديك .. واعذريني، اعذريني إن تأخرت عليك ..
تأملت الطريق أمامها كانت سعيدة حين كانت تراه لأول مرة ، كانت ترى مستقبلها وروحها وهي تحلق في مراتب الترقية ولكن إحساسها الآن غير سابقه رغم حصولها على ترقية ..
وصلت بيتها تمنت داخلها أن يحتوي على احتواء مثل ما أحست بيد حسام .. يده فقط كانت كفيلة بإحساسها وتكملة ما تفقده كيف إذا ضمها ؟ عجبت من تفكيرها أهي تحتاج ضمته أم تحتاج لحسام نفسه ؟
دخلت بيتها وسلمت على أهلها بفتور وتمتمت بأنها ستقضي إجازة وتعود مرة أخرى .. وأهلها كالعادة لم يسألوا عن المزيد .
مضى يوم واثنان وهي تلعن حسام على تلك الإجازة فلم تزدها إلا مللا .. ضحكت عندما سمعت رنين هاتفها ووجدته حسام ، أسمع لعنها له ؟
أتقرا الأفكار ؟
أكنت تفكرين في ؟
استحت منه وقالت تداري حيائها
ماذا فعلت مع عمك ؟ ومتى سأرجع ؟
اشتقت ألي ؟
كدت ترد بنعم ولكنها أمسكت إجابتها والتي أوضحت لها مشاعر كانت تخفيها عن نفسها
بل للعمل !
قلت العمل ، حسنا .. أما عن عمي سأقص لك أولا أنت عرفت الاتفاق الذي حدث بيني وبين الضابط ..
نعم عرفت ، بأنك ستسلم له رأس العصابة ..
أحسنت .. وبعدها أعطاني جهازا للتنصت ، عندما ظهرت بك أمام الجميع ذاك الرجل توتر وقلق وخاصة بأن نظراتي كانت موجهة إليه وبالتالي فعل ما لم يكن في الحسبان …
أنزل حسام قبعته السوداء وسار في طريقه كأنه شخص سكران واصطدم في ذاك الموظف وظل ممسكا به
الموظف : يا هذا ، بل يا أبله ، ابتعد عني ..
و قذفه بعيدا عنه و لم يلحظ ابتسامة حسام الذي نجح في دس جهاز التنصت .
استمع حسام وبجانبه الضابط الشجار الحادث بين الموظف وعمه في كون العم هو السبب لفشل خطتهما وكونه السبب في كشف حقيقة الفتاة وكونه السبب في عدم حصول الموظف على المال الذي يأمل .. ووابل من السب من كلاهما وفي النهاية القبض عليهما !
كل هذا يخرج منك يا حسام ؟
وهل تشكي بقدراتي ..
ضحكت بعلو صوتها .. ونظرت للهاتف الذي بيدها متمتة
مجنون !
و نسيت أن تسأله متى ستعود ؟
زينت نفسها بأحسن ما تكون الزينة ..
ووضعت لمسات كل لمسة بحب .
وأقرت باعتراف أنها غرقت بعشق ..
و طارت على بساط بأحسن ما يكون الورد ..
وسبحت في خيال في الرجل الذي اختارها ..
إبراهيم !
ومن يكون سواه ..
ضحكت شفتاها ألذكر اسمه صارت تتمناه !
وضعت دبلته في يمينها
وبادلته بواحدة ..
وكل هذا ما تتمناه ..
نظر لها بعينه .. وقبلها كان قلبه .
واختارها من بين الجميع ..
لكي تكون سكنه وراحته وأمنه .
دارت بوجهها بعيدا عنه ، هي تحبه نعم ولكن لن تعترف بحبها له ..طالما هو لم يبدأ . لاحظت أنها بجانب بيتها نزلت من سيارته وقبل أن تصل للباب وجدته يمسكها ويجرها ورائه
قفي هنا ! أنا أتحدث معك .
وأنا ليس لدي ما أقوله .
هند ، لا تستفزيني .
من يستفز من ؟ أنت قلت أن تلك اللولو هي حبيبتك .. وجعلتني أعيش في وهم من تصرفك .. والآن أنا من أستفزك ..
باعدت بخطواتها وهي تتحدث وهو قال
كان عندي شك في أنك تغارين ، أعترف لك أنا أحبك ليس من اليوم ولا أمس أحبك من زمن .. وأنت حتى ما تلاحظين .. ويوم ما شعرت بشيء ولو بسيط أمسكت به .. وها هو قد أجاد نفعا .
نظرت له وقربت خطوة
وستكون لي أبا وأما ..
قرب هو أيضا خطوة
وحبيبا وسندا
واقتربت هي أخرى
وأخا .
واقترب هو الأخيرة
وكل شيء في الحياة وافقي أنت فحسب .
نظرت للأرض بخجل وقالت
أنا أحبك .
ما صدق أن سمع كلمتها .. أخذها في حضنه وظل يلف بها .. وكأن الكون خلا من سواهما .. تمسكت به بقوة ، أحبت ضمته لها وأفاقت على صوت أبوها من خلفها ، نظرت للأرض بخوف واستحياء ، أمسك عمرو يدها وقال
خالي ، قد وافقت أخيرا …
رفعت بصرها كلاهما باستفهام ، وقال أبوها
الفرح سيكون بعد ستة أشهر من الآن .
صرخ عمرو فيه وقال
لماذا ؟ لقد وافقت أخيرا ..
نظر خاله إليه وقال
من استعجل شيء قبل أوانه عوقب بحرمانه .
ونظر لكليهما . نظرت هند للأرض باستحياء وعمرو يكاد يفتك بخاله الآن .
مضت أيامها رتيبة وكل يوم تتصل بحسام متى سترجع ؟ وهو لا يدلها على جواب .. حتى قررت اليوم بالرحيل ..
أعدت حقيبتها و سمعت أمها تنادي عليها ، لبت النداء وقالت أمها
_ خذي هذا العصير وقدميه للضيف .
استغربت ندى أمها ولكنها أطاعت وإذ الضيف حسام .. توترت يدها وكاد أن يقع العصير منها ووقع حقا حين قال أبوها
قدمي العصير لعريسك يا ندى .
فلتحمل ابنك ، ولتسمع سيمفونيته بنفسك !
ضحك مازن عليها وأخذ ابنه منها وبعد وقت ليس بقليل ، نام ..
وضعه بجانبها وخرج للشرفة يستنشق بعض الهواء .. نظر للسماء أمامه وشكر ربه كثيرا ؛ فبعد أن كان سيفقد امرأته جمعه ربه بل ورزقه بابنه ..
أحس بقدوم نورا ورائه
ظننت أنك لن تستيقظي .
ردت بتثاؤب
وأنا ظننت هذا أيضا ..
ضمت نفسها إليه وقالت
لم لم تنم ؟
كنت أريد شكر الله .
تفهمت ما قاله وقالت
عندما أحسست بعدم حبك يا مازن كنت محبطة وتائهة وحزينة ، وكنت حقا أشعر بعدم الأمان .. وعندها فقط شعرت بالاغتراب .. شعرت بأني بعيدة عن أهلي وعن موطني .. ولكني حين رجعت وحاولت أحسست بأن هذا موطني .. حضنك موطني ، وبيتك موطني ؛ فنحن حين لا نشعر بالحب نشعر بالاغتراب .
تمت بحمد الله..
نتمنى لكم قراءة ممتعة..

 

تعليق واحد

  1. لو سمحت التمييز بين الكاتبتين من الخارج لأن هناك كاتبتين لهم نفس الاسم الكاتبه ياسمين جمال والكاتبة ياسمين جمال ابو السعود والرجاء كتب اسم الكاتبه ياسمين جمال ابو السعود كاملا فى الخارج حتى لا تخطلت روايات المبدعه ياسمين جمال مع الاخرى

اترك رد

error: Content is protected !!