روايات

رواية براثن اليزيد الفصل الثاني عشر 12 بقلم ندا حسن

رواية براثن اليزيد الفصل الثاني عشر 12 بقلم ندا حسن

رواية براثن اليزيد البارت الثاني عشر

رواية براثن اليزيد الجزء الثاني عشر

براثن اليزيد
براثن اليزيد

رواية براثن اليزيد الحلقة الثانية عشر

“أن تأخذ قرار الإقتراب من رفيق دربك مبكرًا
خير أن تأخذ قرار الإقتراب من غيره بعد
ضياعه من بين يديك”

“بعد أسبوع”

بعد أن فكر جديًا وجد أنه يريدها جواره إلى الأبد، نظراتها وعينيها البنية، خصلاتها السوداء الحريرية، كل ما بها يشغله ليلًا مع نهارًا، أخذ القرار الصائب بالنسبة إليه وقد عزم أمره عليه لتكُن دائمًا معه وجواره بمعرفة الجميع..

يجلس أمام “يزيد” متوتر ومرتبك منذ دقائق، حيث أنه هاتفه منذ نصف ساعة قائلًا له أن هناك شيء هام للغاية يريد أن يحدث به ولم يتحدث إلى الآن..

ألقى”يزيد” القلم الذي كان ممسكًا به بين أصابعه على المكتب بضيق شديد وزفر بحنق قائلًا:

-أنتَ هتتكلم في يومك اللي مش فايت ده ولا أقوم وأسيبك

زفر “سامر” هو الآخر بتوتر يظهر في كل حركة تصدر عنه، تحدث قائلًا بضيق وهو يعتدل في جلسته لينظر إليه:

-ياعم ما تهدى عليا الموضوع حساس شويه وأنا يعني… متوتر كده ومرتبك

ضحك بشدة ساخرًا من حديثه الغير متوافق مع عمره بالنسبة إليه ليقول متهكمًا وهو يلوي شفتيه:

-ليه إن شاء الله مراهق ولا حاجه؟

زفر “سامر” بضيق وغضب من حديثه الساخر عنه فهو في موقف لا يحسد عليه ولا يعلم من أين يستطيع البدء بالحديث، وقف على قدميه متقدمًا من “يزيد” ليمسكه من تلابيب ملابسه قائلًا بجدية شديدة:

-بقولك ايه أنا مش ناقص تريقه كمان أنا من امبارح بالدرب على الكلمتين دول

نفض “يزيد” يده عن ملابسه ووقف أمامه يتحدث من بين أسنانه بحدة:

-طب ما تتكلم ياخي هو أنا هاكلك في ايه يا سامر

جلس مرة أخرى ثم أخذ نفسٍ عميقٍ ونظر إلى عينيه قائلّا بجدية وهدوء:

-يسرى!

فهم “يزيد” ما يرمي إليه فور نطقه لإسم شقيقته فلم يكن بذلك الغباء يومًا، تصنع الجدية الشديدة واعتدل في جلسته متحدثًا:

-مالها يسرى؟

زفر مرة أخرى ونظر إليه وهو محاولًا التحكم في انفعالاته والتحدث بهدوء:

-أنا عايز أطلب ايديها… مش هلاقي حد أحسن منها أكمل حياتي معاه

ذهب “يزيد” ناحية النافذة يوليه ظهره حتى لا يرى تعابير وجهه وابتسامته، تصنع الانزعاج ببراعة وتحدث قائلًا ببرود:

-أنتَ عارف أنك صاحبي وزي أخويا يا سامر بس…. بس كل شيء نصيب أنا آسف

اندهش من حديثه الغير متوقع، والغير مبرر فهو لم يفعل شيء مشين يومًا ليرفض من قبل أعز أصدقائه، تحدث متسائلًا باستغراب ودهشة بعد أن وقف على قدميه:

-ليه؟.. ليه يا يزيد أنتَ عمرك شوفت مني حاجه وحشه تمنعني أخد أختك؟

استدار إليه مرة أخرى وقد كان يود الضحك بأعلى صوته عندما رأي ملامح وجهه الحزين ونظرته المندهشة، هتف “يزيد” بهدوء وهو يضع يده في جيب بنطاله:

-بصراحة كده في حد اتقدملها وإحنا عطناله كلمة

أقترب منه وهو لا يصدق ذلك الحديث السخيف، فهو رآها أمس بنفس ضحكاتها وخجلها الذي يراه في كل مرة بها، لم تقل شيء، لم يعلم بهذا الأمر الذي حدث بالتصادف مع قراره؟!:

-حد مين؟

أجابه الآخر قائلًا بجدية شديدة وقد قارب “سامر” أن يفقد صوابه بسببه:

-أنتَ!..

وضع يده خلف رأسه يدلك عنقه بعد أن جلس على المقعد خلفه بهدوء شديد، تريث بعض الوقت ليفهم ما فعله يزيد به ثم تحدث بهدوء شديد وبرود قائلًا:

-بتلعب عليا يعني؟… آه ماشي

وقف على قدميه سريعًا متقدمًا منه بعنف وهو محدد هدفه ناحيته فقد قارب على فقد عقله وقلبه أيضًا بسبب مزحه سخيفة منه، أمسك بتلابيب قميصه وهو يتحدث بعنف وعصبية:

-بتستعبط يا يزيد أنا كنت هموت

بسخرية وبرود أجابه دون أن يلمسه بيديه:

-لو مرجعتش مكانك وعدلت القميص تاني هتموت فعلًا لما أرفض بجد

حمحم “سامر” بخجل مرتبك خائفًا من تهديده، ترك قميصه ثم عدله ماسحًا عليه بهدوء، عاد إلى مقعده ثم تحدث قائلًا بجدية هذه المرة:

-فعلًا بقى ايه رأيك يعني موافق

-أكيد موافق هو أنا هجيب لـ يسرى حد زيك منين بس أنتَ لازم تتقدم رسمي لعمي وفاروق دي الأصول وكمان ناخد رأي يسرى لأنه الأهم

غزت الابتسامة شفتي “سامر” وغمرت السعادة قلبه الذي كان يدق بعنف شديد من الفرحة الذي احتلته، تحدث بتوتر قائلًا:

-خلاص خدلي معاد معاهم، أنا.. أنا مش عارف أقولك ايه

وقف سريعًا وذهب ناحية “يزيد” محتضنًا إياه بسعادة وفرحة شديدة، شدد “يزيد” على احتضانه مبتسمًا بسعادة هو الآخر وتحدث قائلًا بود:

-مبروك مقدمًا يا أبو نسب

____________________

أصبحت أقرب من القرب نفسه إليه، أعترف أنه يحبها؟ الآن يعترف أنه يعشقها، يذوب عشقًا بها، اقترابه منها يجعله لا يود شيء آخر من الحياة، ابتسامتها بوجهه تجعله بين الغيوم يحلق في السماء..

أكتشف كثيرًا من الأشياء عنها، علم كل ما تحبه وتكره، كل ما تفعله ولا تفعله، يريد أن يدخل في ثناياها ليعلم كل ما يخصها وإن كان صغيرًا ليس له قيمة..

أبعدها عن أهله كامل البعد ما عدا “يسرى” أوقف الجميع عند حدهم في نقاش بينهم قائلًا أنهم إن لم يعاملونها باحترام فـ سيذهب وليحدث ما يحدث فهو لا يود رؤيتها حزينة بسببه بأي شكل من الأشكال، فـ رؤية الحزن بعينيها يجعله عاجز، ضعيف لا يستطع الحراك أو التحدث أو فعل أي شيء، يريدها سعيدة ولا شيء سوى السعادة تدق باباها وتدخل الفرحة والبهجة على قلبها ليقرع كالطبول ويستمع إليه ثم يبتسم باتساع لتحقيق ما ود لها..

بينما هي تحيرت بين الحب والانجذاب فقط! رأت الحب بعينيه وكأنه يعترف بهما، رأت العشق بأفعاله وكأنه يعترف فيهما بحبه وعشقه إليها، لا تستطيع أن تكذب حدسها فهو واضح كوضوح الشمس، يظهر للأعمى حتى أن شقيقته قد قالت لها هكذا، يحبها حقًا تأكدت من أقواله وأفعاله، نظراته، كل ما فعله إليها في الفترة الماضية، وقوفه جوارها في كل شيء، مراضاتها بعد أي نقاش يشتد به الغضب عليها، أبعاد أهله عنها لتنعم ببعض الراحة في تلك الفترة الباقية كما قال للذهاب..

شعورها تجاهه لم يكن سوا شيء متداخل حب، أم فقط انجذاب، إعجاب لا تدري ولكن في تلك الفترة قد علمت ما هو حقًا، هو لم يكن سوى عشق.. عشقٍ خالص ملئ بالوفاء والإخلاص، اعتادت على تواجده معها، حديثه الممل والغير ممل، ابتسامته، نظرته، حتى ملابسه، كل شيء يخصه أصبحت عاشقة له، ولكن إلى الآن لا تعلم ما السبيل لجعل تلك الحياة السعيدة دائمة دون خوف من القادم، دون منازع وأشخاص تخرب ما بُني! تتساءل ماذا إذا عشقته وعشقها سيتزوجها حقًا! سينجب منها أطفالًا؟…

دلف إلى غرفة الصالون وأغلق الباب خلفه بهدوء وجدها تجلس على الفراش والهاتف في يدها منشغلة به ولم تراه أو تشعر بتواجده، وقف قليل من الوقت وهو ينظر إليها دون أن يدلف للداخل، رأها تبتسم تارة وتعبس بوجهها تارة أخرى فدلف للداخل لتنظر إليه بهدوء وابتسامة تزين شفتيها

سألها ناظرًا إليها باستغراب وابتسامة في نفس الوقت وهو يقترب منها ليجلس مقابلًا لها على الفراش:

-بتضحكي على ايه في الموبايل؟

ابتسمت باتساع ثم أجابته وهي تجذب قدميها من أمامه لتجلس القرفصاء:

-كنت بقرأ رواية

حرك عينيه بطريقة لطيفة ثم سألها مرة أخرى مبتسمًا بسعادة لرؤيتها سعيدة هكذا معه:

-اسمها ايه طيب

-طبقات فرقتنا ولكن

اعتدل في جلسته أمامها ومازال مبتسمًا، تحدث قائلًا بهدوء وهو يستند بيديه على الفراش أمامها:

-عايز أقولك على حاجه

دق قلبها لا تدري لما فحديثه طبيعي ولكن نظرته اربكتها، اقترابه منها شتت تركيزها، عادت للخلف سريعًا لتجيبه سائلة إياه بتوتر:

-ايه

تحدث بجدية وهو يخبرها بطلب “سامر” للزواج من شقيقته:

-سامر طلب أيد يسرى مني وأنا وافقت بس قولتله أنه لازم يتقدم لعمي وفاروق ونشوف رأيها، أنتِ ايه رأيك

هبت واقفة على قدميها والسعادة تندفع من عينيها بكثرة ظاهرة بوضوح، تحدثت بتعلثم وسعادة وهي تسأله بجدية:

-أنتَ بتتكلم جد؟ يعني سامر عايز يتجوز يسرى؟

استغرب ردة فعلها ودهشتها الغير مبررة بالنسبة إليه ولكنه أجابها باستغراب:

-آه

اندفعت قائلة بسعادة والحديث يسترسل منها وراء بعضه بعفوية وهي تتحرك جواره محاولة أن تبث الدعم إليه وتدعم قرار الموافقة:

-رأي؟ طبعًا نوافق سامر كويس جدًا، لازم تخليهم يوافقوا ماينفعش يرفضوا، ده يسرى هتفر…

صمتت عن الحديث عندما وجدت نفسها تتحدث في منطقة محظورة ولكنه قد فهم ما الذي كانت ستقوله، ليعلم على الفور رد شقيقته فهي صديقتها وبردة الفعل هذه علم كل شيء، وقف على قدميه أمامها متسائلًا باستغراب عابثًا معها:

-ردة فعلك غريبة شويتين

جلست بهدوء بعدما شعرت أن ما فعلته خاطئ وتحدثت ببراءة وتوتر حاولت إخفائه عنه:

-ولا غريبة ولا حاجه أنا بس فرحانه ليسرى

صمتت لبرهة ثم تحدثت مرة أخرى متسائلة بجدية لتلهي عقله عن ما قالته وفعلته:

-أحضرلك هدوم؟ هتاخد شاور؟..

استدار ناحية الدولاب وهو يجيبها قائلًا:

-أنا هاخد

أخذ ملابسه من الدولاب ثم تقدم ناحية المرحاض واختفى بداخله وفور دخوله إليه وإغلاق الباب من خلفه كانت هي خرجت من الغرفة ذاهبة سريعًا إلى غرفة “يسرى” لتلقي عليها ذلك الخبر السعيد..

ولجت إلى غرفة “يسرى” مبتسمة بعد أن فتحت إليها الباب، أغلقته هي وتقدمت لداخل الغرفة ساحبة “يسرى” من يدها، تحدثت بخفوت وابتسامة واسعة:

-عندي ليكي خبر بمليون جنيه

اندهشت “يسرى” من طريقتها الغير معهودة، نظرت إليها باستغراب متسائلة داخل عقلها ما الذي أصابها، تحدثت قائلة بجدية:

-في ايه؟ وخبر ايه ده

وضعت “مروة” يدها أمام صدرها وتحدثت بغرور وهي تنظر إليها بتعالي مازحة معها:

-الحلاوة تكون على قد فرحتك بالخبر ولونه مايتقدرش

زفرت “يسرى” بحنق وضيق بعد أن عصرت عقلها حتى تعرف ما الذي تتحدث عنه ولم تستطيع:

-ما تقولي يا مروة بقى

أجابتها الأخرى بتريث وهدوء تام:

-سامر…. طلب…. ايدك من يزيد

صرخت الأخرى عاليًا بفرحة شديدة، احتضنت “مروة” بشدة، صعدت على الفراش تقفز عليه وهي تصرخ بها هل حقًا:

-بجد.. بجد والنبي؟

اومأت إليها “مروة” وهي تبتسم بسعادة لرؤيتها سعيدة هكذا ثم تحدثت قائلة سريعًا:

-جه ليزيد النهاردة وطلب ايدك ويزيد وافق هيجي يطلبك رسمي.. مبروك، أنا ماشية يزيد زمانه خرج من الحمام بس أنا مقدرتش استنى للصبح

استدارت لترحل وذهبت عند باب الغرفة وهمت بالخروج ولكن أوقفها صوت “يسرى” التي قالت بحب وعيون دامعة:

-مروة أنا متشكرة أوي لكل حاجه عملتيها معايا من يوم ما جيتي، أنا بحبك أوي

ابتسمت إليها “مروة” بحبٍ ثم خرجت وتركتها تستمتع بلحظاتها السعيدة التي ستجلب إليها الفرحة طوال حياتها مع من تحب ومن يهواه قلبها..

خرجت مروة وذهبت إلى غرفتها وودت وبشدة عندما رأت فرحة “يسرى” أن تمر تلك اللحظات عليها لتتذكرها أينما تحيا ولكن إذا تذكرت اللحظات التي مرت عليها لن تتذكر سوى بكاء ورفض تام قد تحول الآن إلى حب…

سألها يزيد بعد أن دلفت للغرفة قائلًا بجدية:

-قولتيلها مش كده؟ مش هقولك على حاجه تاني

ابتسمت ابتسامة مهزوزة ثم تحدثت وهي تتقدم منه بهدوء:

-كنت عايزه افرحها

ابتسم هو الآخر إليها بحب وود، صعدت على الفراش لتنعم ببعض الراحة موليه ظهرها إلى مكان نومه، أغلق هو أضواء الغرفة وتقدم من الفراش مستلقيًا في مكانه ثم جذبها إليه يحتضن خصرها ويقربها منه للغاية مستنشقًا رائحة الياسمين الممزوجة برائحة أنوثتها الخاصة..

ارتعش جسدها من قربه المهلك إليها فتحدثت قائلة اسمه بتوتر وارتباك وهي تحاول الإبتعاد عنه:

-يزيد!..

لم يجيبها بل أصدر صوتًا يدل على عدم اعتراضها ثم زاد من تمسكه بها مقربها منه إلى أن ألصق ظهرها بصدره العريض وأغلق عينيه لينام وهو يستنشق رائحتها…

وضعت يدها على يده التي يتمسك بها بهدوء، وحاولت ألا ترتجف، تعودت على الوضع سريعًا ونامت بين يديه بأريحية وقد شعرت بالأمان من كل جانب..

______________________

في الخمسة أيام المنصرمة تم الإتفاق بين “سامر” وعائلة “يسرى” حيث أنه ذهب إليهم بصحبة والدته فلم يكن لديه غيرها هي وشقيقته بعد أن توفى والده، تحدث مع عمها وأخاها الأكبر وصديقه “يزيد” الذي مهد إليه الطريق ووقف جواره في كل شيء يسانده لتتم الزيجة بخير عليه هو وشقيقته ولم يعترض فاروق لأن “سامر” شقيق زوجته وعلى معرفة به وبأخلاقه وظن أنه إذا رفض سيعمل على إغضاب زوجته وسيولد ذلك مشكلة بينهم..

فرحت والدة “يسرى” كثيرًا فهي كانت تريد منذ زمن أن تتزوج حتى لا تأخذ لقب العانس الذي اخترعوه في عاداتٍ متخلفة وهي صاحبة الستة وعشرون عامًا في مقتبل شبابها..

لم تكن “إيمان” تعلم بنوايا أخاها إلا عندما تحدثت مع والدتها، لم تسعد بهذه الزيجة فهي لم تكن تريد “يسرى” لأخيها كانت تريد أخرى تكن من اختيارها غير “يسرى” التي تقف بطريقها دائمًا مع “مروة” ابنة عائلة “طوبار” ولكن لن تستطيع أن تفعل شيء على الأقل سترحل من المنزل وتبتعد عنهم..

أما بالنسبة لمروة فقد سعدت كثيرًا من أجل صديقتها، شعرت بأن تلك السعادة لها هي، لم ترى “يسرى” تشعر بتلك الفرحة من قبل لذا ساعدتها في كل شيء، قدمت إليها الدعم النفسي والمعنوي دون الجميع وشعرت كما لو أنها شقيقتها، كما قالت لها “يسرى” أنها تحلق في السماء بوجود الجميع معها وتحقيق حلم حياتها بجوارها..

________________________

-خلاص بقى يا يسرى كل حاجه مظبوطة والله

اردفت “مروة” بهذه الكلمات بعد أن عجزت في إقناع “يسرى” بأن كل شيء على ما يرام وأنها جميلة للغاية في هذه اللحظات

تحدثت “يسرى” بتوتر شديد وهي تدلك يدها ببعضها البعض من هول الموقف الغريب عليها وقد كانت تريد أن تكون جميلة في عين “سامر” في يوم خطبتهم:

-حاسه إن الميك آب مش حلو؟ الفستان لونه مش لايق عليا؟

تقدمت منها زوجة شقيقها مبتسمة بهدوء مقدرة ذلك الموقف، تحدثت بهدوء وود وهي تربت على كتفها:

-يسرى حبيبتي الفستان تحفة عليكي بجد والميك آب رائع ممكن تهدي بقى كل ده علشان أنتِ متوترة يا حبيبتي

وكأنها كانت تود أحدًا يدفعها لتأكد من ذلك، عاودت السؤال مرة أخرى بشكٍ وهي تنظر إلى مظهرها في المرآة:

-بجد؟ يعني حلوة

ابتسمت “مروة” باتساع وأجابتها قائلة بحماس وفرحة:

-قمر، ممكن بقى امشي علشان ألبس أنا كمان واطلع ليزيد لبسه؟

اومأت إليها “يسرى” قبل أن تحتضنها بحبٍ ونظرة ائتمان بعينيها، فهي الوحيدة التي وقفت جوارها وساعدتها في كل شيء كانت تريده، تحملت شكوكها وتوترها، ولم تتركها في لحظة أرادت تواجدها بها..

خرجت “مروة” من غرفة شقيقة زوجها متجهة إلى غرفتها لتخرج ملابس “يزيد” الذي سيرتديها في حفل خطبة شقيقته ولترتدي ملابسها هي الآخر فقد كان “سامر” ووالدته والمقربون من العائلة على وصول إلى المنزل في أي لحظة..

دلفت غرفتها وتوجهت إلى غرفة النوم الرئيسية، أخرجت من الدولاب ملابس “يزيد” لتضعهم على الفراش ولكن جذب انتباهها صندوق هدايا متوسط الحجم ليس كبير موضوع على الفراش، لم تكن تتوقع أن يحضر إليها مفاجأة في مثل ذلك الوقت فقالت لنفسها أنها ربما تخصه هو..

تركتها في موضعها ووضعت إليه ملابسه على الفراش ثم تقدمت من الدولاب مرة أخرى لتخرج الفستان الذي سترتديه ولكن لم تستطع أن تمنع نفسها من رؤية ما في الصندوق، تقدمت منه ثم فتحته بتوتر محاولة معرفة ما في داخله، رأته قماش لونه أحمر قاتم مع بطاقة صغيرة كُتب عليها بضع كلمات..

أمسكت الورقة وقرأت ما كتب عليها بخط اليد وقد تغيرت تعابير وجهها إلى الاندهاش والاستغراب الشديد فهي علمت أنه لا يطيق اللون الأحمر كيف له أن يحضر إليها شيء لونه أحمر لترتديه؟

فقد كتب على الورقة
“أول ما شوفته لقيته متفصل عليكي، حابب أشوفك بيه النهاردة، يزيد”

تركت الورقة جانبًا ثم أمسكت بقطعة القماش ليظهر إليها ثوب رائع ولكن مفتوح للغاية! هل أشتراه بكامل عقله؟ لقد كان الثوب يحمل فتحة صدر على شكل مربع كبير للغاية غير رسمة صدره المنحوتة بدقة، أكمامه واسعه، وهناك فتحة في مقدمته من الأسفل ستظهر ساقها، يصل إلى بعد الركبة بقليل!..

فكرت قليلًا فهو دائمًا يعلق على ملابسها المفتوحة قليلًا فقط، أما هذا مفتوح للغاية وهي لا ترتدي مثل هذه الأشياء المكشوفة والتي تظهر أكثر مما تخفي، لن ترتديه مؤكد فلا تريد أن تصبح بهذا الشكل الغير مرغوب به ولكن هو قد أتى به لها، هل يريد أن يتخطى كرهه للون الأحمر وهي مرتدية إياه؟ تحيرت كثيرًا فإذا كان يريد ذلك ستفعل وإذا لا فلن تفعلها وتظهر جسدها بهذه الطريقة، فكرت قليلًا وحسمت أمرها في النهاية أنها سترتديه لأجله هو فقط وقد تغلب عليها قلبها في أن تجعله سعيد ولو بشيء كهذا..

دلفت المرحاض لتبدل ملابسها وترتديه، نظرت إلى نفسها بعد أن ارتدته وقد كان حقًا رائع على بشرتها البيضاء وخصلاتها الذهبية ولكن يظهر معظم ساقها اليسرى غير فتحة الصدر هذه، وكان ملتزق بجسدها بشدة وكأنه منحوت عليه.. فكرت في أن تبدله وترتدي ثوبها الذي أحضرته مع “يسرى” ولكن هي لا تود أن تخجله فقد أحضره إليها وطلب منها برقة وحب واحترام.. سريعًا خرجت من المرحاض قبل أن تغير رأيها وترتدي غيره..

وقفت أمام المرآة تمشط خصلاتها ذهبية اللون ثم وضعت أحمر شفاه لونه أحمر قاتم كما لون الثوب فقط لتظهر جمالها الطبيعي الخلاب..

استنشقت رائحة عطرة المميزة في الغرفة فاستدارت لتراه يقف عند ايطار الباب، نظرت إليه مبتسمة بحبٍ بينما هو كانت البلاهة تسيطر عليه، أتى بها من الأسفل إلى الأعلى، رأي جمال ساقها وبياضها المغري، انحنائات جسدها الذي فُصلت كما لو كانت لا ترتدي شيء، خصرها المنحوت، مقدمة صدرها وعنقها المرمري الذي يظهر بأكمله، لقد تاه في تفاصيلها، اللون الأحمر عليها بمعنى أخر، هو حقًا شيء أخر وكل شيء معها يكن غير أي شيء..

استمع إليها وهي تسأله بابتسامة تعتلي شفتيها وحمرة الخجل قد تشكلت بوجهها:

-أنتَ هنا من امتى؟

تقدم للداخل دون أن يحيد نظره عنها، وقف أمامها وتحدث ببلاهة مبتسمًا:

-من وقت ما كنتي بتحطي روج

استدارت حول نفسها لتريه الثوب وكأنه لم يراه ولم يفصله عليها تفصيلًا، تحدثت سائلة إياه بجدية:

-ايه رأيك

اقترب منها أكثر لتبتعد هي للخلف وهي تعلم نواياه، تحدث بغمز ونبرة لعوب خبيثة:

-جامد، محتاج حاجه كده

تغاضت عن كلماته ثم تقدمت من الفراش سريعًا تجذب ملابسه من عليه، وضعتهم بين يديه وهتفت بجدية قائلة:

-طب يلا إلبس هدومك بسرعة علشان ننزل

استغرب حديثها قليلًا فقال لنفسه أنه ربما لم يستمع جيدًا إلى حديثها الذي هتفت به للتو، أردف هو سائلًا إياها باستغراب:

-ننزل فين؟ أنتِ هتنزلي بالشكل ده؟

رأته مختلف عن قبل لحظةٍ واحدة، اختلفت تعابيره من الهيام إلى الاستغراب الشديد، ونبرته أيضًا قد تغيرت من الهدوء إلى القلق، أجابته بهدوء:

-أيوه

ألقى ثيابه بغضب على الفراش جوارهم ثم تحدث بعصبية وحدة بعدما أمسك معصمها بجدية شديدة:

-أنتِ اتجننتي ولا ايه ما تظبطي كده تنزلي بالمسخره ده فين؟

تأوهت من مسكته إلى يدها بهذا الشكل، ودُهشت من تحوله الغريب عليها من اللين إلى القوة المفرطة، أجابته بتوتر وقد خافت منه ومن تقلباته بعض الشيء:

-مش أنتَ اللي قولتلي أنك عايزاني ألبسه النهاردة

ترك يدها وهو ينظر إليها بدهشه فهو لم يراه إلا الآن وهي مرتدية إياه فكيف سيقول ذلك، أردف بحدة وجدية:

-قولتلك ايه أنتِ فعلًا اتجننتي أنا أول مرة أشوفه أصلًا

احتلت الصدمة كيانها ونظرت إليه باندهاش ثم تحدثت قائلة باستغراب ودهشة:

-يزيد ممكن تهدى أنتَ اللي جايب الفستان وكان معاه بطاقة مكتوب فيها أنك عايزاني ألبسه النهاردة، هو أنتَ لحقت نسيت

صاح بصوتٍ عالٍ للغاية وهو يجيبها بعصبية مفرطة، وحركات هوجاء ناحيتها:

-نسيت ايه بقولك مجبتش أي زفت وهو أنا لما اجيب هجبلك المسخرة دي علشان تتلوي بيها قدام الرجالة

-طيب العلبة والورقة أهم شوف حتى الـ………

قطعت كلماتها عندما نظرت على الفراش ولم ترى شيء غير ملابسه!، لقد تركت الصندوق والبطاقة هنا، هي متذكرة جيدًا لذلك، نظرت إليه بتوتر شديد ثم تقدمت لداخل غرفة الصالون تبحث عنهم ربما تكن غير متذكرة ولكنها لم تجد شيء حتى بالمرحاض لم تجد شيء..

استدارت لتراه يقف أمامها، وضع يده في جيب بنطاله ووقف ينظر إليها بقسوة شديدة، فلم يكن يتخيل أنها من الممكن أن تفعل ذلك وترتدي ملابس مثل هذه لتظهر بها أمام الرجال:

-كنتي هتنزلي بالفستان ده تحت لو أنا مطلعتش وشوفته صح؟

نظرت إلى الأرضية فهي حقًا كانت ستفعل ذلك، أنبت نفسها بشدة على ذلك الغباء منها الذي يجعلها ترتدي شيء كهذا ولكن إذا لم يكن هو الذي أحضره من فعل ذلك، تحدثت برجاء وهي تقترب منه بهدوء:

-والله العظيم استغربت أنك جايب حاجه زي كده ومكنتش هلبسه بس خفت تزعل مني علشان كده لبسته والله كان في صندوق وورقه مكتوب فيها أنك عايزني ألبسه بس معرفش راحوا فين صدقني ده اللي حصل أنا أصلًا جايبه فستان وأنتَ شايفه يا يزيد

-عفريت دخل حطه وكتب عليه إن أنا اللي جايبه يعني!

تحدث بتهكم يسخر من كلماتها التي لا تدلف عقل طفل صغير، نظرت إليه بحزن شديد ثم تحدثت قائلة بحزم وجدية:

-ده اللي حصل وأنا مش مضطرة أكدب أنتَ عارف لبسي كويس

أجابها قائلًا مرة أخرى بتهكم وسخرية من كلماتها:

-المشكلة إني عارف لبسك

سألته بحزن صريح يظهر بعينيها بسبب تهكمه عليها بتلك الكلمات التي تقول بأنها ترتدي غير الملابس المحتشمة:

-أنتَ مش مصدقني؟ وبعدين ماله لبسي لما بتعترض على حاجه مش بردك فيها وأنتَ عارف إني بلبس كويس وحاجات محترمة

صاح بصوتٍ غاضب وهو يدفعها للخلف لتستقر بجسدها ملتصقة في الحائط وقد عمته غيرته عليها متذكرًا تلك المواقف الذي ظهر جسدها بها:

-هي فين المحترمة دي ايه مش فاكرة البلوزة اللي كانت مفتوحة زي الشباك والفستان اللي كان مبين رجليكي كلها ولا تحبي افكرك بالفستان التاني اللي لما وطيتي في الجنينة ظهر صدرك كله وفاروق داخل من البوابة، سكتي ليه فين المحترمة دي أنتِ عامله الليلة دي كلها علشان تلبسي اللي أنتِ عايزاه مهو أنا مجبتش حاجه ومفيش حد هنا هيتهبل في عقله ويعمل حركة بالمنظر المقرف ده

شهقت بفزع عندما دفعها للحائط وتحدث بغضب وصوت عالي، كلماته جرحت كبريائها، تعلم أنه عندما يكون غاضب يقول ما لا يعلم معناه ولكنه قاسي للغاية في الحكم عليها فهي فعلت كل ذلك ظنًا منها أنه لأجله، انفجرت باكية أمامه بشدة وبكاء حاد، وضعت وجهها بين يديها منحنية على نفسها وهو يقف أمامها مندهش من ردة فعلها..

نظر إليها باستغراب وقد شعر بالضعف يجتاحه مرة أخرى فتحدث بتردد قائلًا:

-أنتِ بتعيطي ليه دلوقتي عايز أفهم

لم يلقى منها ردًا غير أنها ازدادت في البكاء فتحدث مرة أخرى بهدوء ولين حتى تتوقف هي:

-طيب خلاص… خلاص أنا آسف

أخذها بهدوء وأجلسها على الفراش بعد أن مسح وجهها من الدموع العالقة به، جلس على عقبيه أمامها ثم تحدث قائلًا بجدية:

-قومي غيري الزفت ده وهنتكلم في الموضوع بعدين

أجابته بحدة وهي تمسح على وجهها وهناك شهقات متفرقة تخرج من بين شفتيها:

-مش نازله

أخذ نفسٍ عميقٍ ثم أخرجه محاولًا السيطرة على غضبه الغير طبيعي وتحدث قائلًا بجدية شديدة:

-قومي يا مروة غيري الزفت ده واقصري الشر وبعدين هنتكلم ونشوف ده حصل إزاي.. يلا

نظرت إليه بحزن وخوف، فلم تكن كلماته هينه عليها، فعلت ما فعلته لأجله فقط وتخلت عن مبادئها لكي ترضيه وهو في النهاية يحدثها بكل هذه القسوة، ويقول بأن ملابسها غير محتشمة غير أنها تظهر جسدها عمدًا مع أنه يلفت نظرها إلى ذلك!.. كم أنه فظ الحديث في وقت غضبه كما هو ولم يتغير ذلك ولن يتغير، لا يدري ما الذي يقوله وما تأثيره على الشخص الذي يقف أمامه فقط يتحدث وليحدث ما يحدث..

يتبع…

اترك رد

error: Content is protected !!