روايات

رواية ومقبل على الصعيد الفصل التاسع عشر 19 بقلم رانيا الخولي

رواية ومقبل على الصعيد الفصل التاسع عشر 19 بقلم رانيا الخولي

رواية ومقبل على الصعيد البارت التاسع عشر

رواية ومقبل على الصعيد الجزء التاسع عشر

رواية ومقبل على الصعيد الحلقة التاسعة عشر

جلست أسفل تلك الشجرة العتيقة التي تفرعت اغصانها بهيئة تخطف الأبصار
وقفت تحاول النظر خارجها لكن تفرع الاغصان بتلك الهيئة جعلتها لا ترى شيئًا خارجها حتى إنها احجبت عنها الرؤية
لكنها لم تبالي وجلست تستمتع بهالة النور التي تتسرب من بين أوراقها وتسحر المكان بضياء خافت
لكن فجأة أنطفئ الضوء، ورويدًا رويدًا ذبلت الأوراق وتساقطت من أغصانها وعمَّ الظلام المكان.
_ دكتورة ليلى
انتفضت ليلى على صوت سهى التي تحسها على الاستيقاظ عندما غفت على مكتبها
رمشت بعينيها بتتأكد من وجودها داخل مكتبها وقالت بتعب
_ هى الساعة كام دلوقت
أجابت سهى
_ الساعة سبعة، طول الليل وإنتي نايمة بالشكل ده حاولت أصحيكي عشان تنام على سريرك بس كنتي بترفضي
قامت بتدليك عنقها الذي تيبس من تلك النومة وسألت سهى
_ دخلتي عند أمجد؟
توترت ملامحها مما جعل قلب ليلى يرتعد خوفًا وسألتها بريبة
_ اوعى يكون ….

 

قاطعتها سهى بنفي
_ لا متقلقيش بس من امبارح وهو مش طايق حد ورافض إنه ياخد العلاج وعشان كدة جيت لحضرتك.
تنفست ليلى بعمق ثم تحدثت وهى تنهض من مقعدها
_ خلاص هتوضى واصلي الأول وبعدين أروحله.
اومأت سهى برأسها وخرجت
ودلفت ليلى المرحاض..
أنتهت ليلى من صلاتها وأخذت تتضرع لربها بالشفاء العاجل له
ثم قامت بالنهوض وخرجت من مكتبها لتذهب إليه
طرقت الباب ودخلت الغرفة لتجده مستلقيًا على السرير بوجوم، ابتسمت بداخلها من استياءه وتعنده فقط لأنها ابتعدت عنه تلك الليلة فقالت بابتسامة
_ صباح الخير.
حاول أن يظل على ثباته؛ لكن كيف يصمد أمام تلك الابتسامة التي تشق طريقها إلى قلبه قبل ثغرها عندما تهل عليها بطلتها التي تربك كيانه
فوجد نفسه بكل استسلام يجيب باشتياق
_ صباح النور
أقتربت منه كي تتابع حالته بأهتمام ثم نظرت إليه تسأله
_ ممكن أعرف حضرتك مش راضي تاخد العلاج ليه؟
نظر إليها قليلًا ثم سألها
_ يهمك آوي؟
سحبت المقعد لتجلس عليه وقالت باستياء
_ أنت شايف أيه؟

 

نظر أمامه وقد عاد الوجوم إلى ملامحه وتحدث بثبوت
_ أنا مش شايف حاجة غير إني عايز أخرج من الأوضة دي.
طفل عنيد وعليها التروي معه
_ تفرق اية عن غيرها؟
تجيب سؤاله بسؤال آخر وهذا حاله معها
_ هتفضلي تردي عليا السؤال بسؤال؟
ضحكت ليلى بخفوت ثم تحدثت بمرح وهى تسأله
_ فطرت؟
أجاب بتبرم
_ مليش نفس
هزت كتفيها بمرح
_ بس انا جعانة وكلمت سهى تجبلي فطار، أمم تحب تفطر معايا؟
نظر إليها مطولًا ليملأ عينيه من تلك الساحرة التي بابتسامة واحدة منها تجعله يرضخ لعينيها التي تشعل لهيب الشوق بداخله فسألها بولة
_ طلعتيلي منين بس؟
ابتسمت ليلى بخجل وردت بلهجتها
_ من مضيفة الحاچ عمران، ولا نسيت؟
رد أمجد بهيام

 

_ أنسى إزاي وانا من وقتها وانا ليلي نهاري.
حمحمت بإحراج وغيرت مجرى الحديث قائله
_ على فكرة جاسر أخويا فرحه بعد بكرة
انصدم حقًا من ذلك الخبر الذي سيجعله يعاني ما عناه أمس، فزم شفتيه بضيق
_ وطبعًا هتغيبي هناك فترة
أرادت التلاعب معه لكنها لم تستطع لتجيب بثبات
_ لأ مش فترة ولا حاجة هما يومين بالظبط ويوم السبت إن شاء الله هكون هنا
لم يتقبل الأمر لكن لن يجبرها على البقاء
طرق الباب ودلفت سهى وهى تحمل الإفطار فتأخذه منها ليلى وتضعه على الطاولة تحت نظراته العاشقة
قربت الطاولة من الفراش وهى تقول بمرح
_ يالا بقا لإني فعلًا جعانة جدًا
بدأوا بتناول طعامهم وهو ينظر إليها ويتخيل أنها زوجته ويتناولون طعامهم داخل غرفتهم
أو في حديقة منزله وأطفالهم يمرحون من حولهم
لكنه شئ صعب المنال.
تذكر بعدها عنه فتحدث باحتجاج
_ مش عارف اليومين دول هيمروا عليا إزاي!
١٧ ساعة غبتيهم عني وكنت هتجنن فما بالك يومين؟!
_ هيعدوا زي ما عدت التلات شهور اللي بعدنا فيهم
قال باعتراض
_ بس دلوقت غير، أنا دلوقت محتاجلك حتى في النفس اللى بتنفسه.

 

رغم خجلها الشديد منه إلا إنها قالت بولة
_ هتصدقني لو قلتلك انه نفس إحساسي، بس في إحساس تاني بيخليني أعارض رغبتي دي، هو إني لأول مرة بعمل حاجة من ورا أهلي خاصةً أمي.
حاولت كتير آوى أسيطر على مشاعري ونجحت في ده أو ضحكت على نفسي وأوهمتها إني نسيت، بس وقت مـ شوفتك تاني في المستشفى مشاعري رجعت أقوى من الأول
رفعت عينيها إليه فتجد نظراته مبهة لا تعرف ما يدور بخلده، فتابعت بحزن
_ حاولت كتير أتغلب عليها بس هى اللي اتغلبت عليا في الاخر واستسلمت ليها.
نظر إليها مطولًا ونظراته لها تحمل عتابًا حادًا لمشاعرها التي ندمت على تعلقها به وسأله بتوجس
_ ندمانه؟
تفاجئت بكلمته لكنها أجابت بصدق
_ ولا لحظة واحدة.
ساد الصمت قليلًا حتى قاطعه أمجد قائلاً بجدية
_ ليلى أنا مفيش حاجة بأيدي دلوقت اقدر اقدمهالك غير إني فعلًا بحبك ولو ربنا طول في عمري هعيشه كله عشانك ومش هضيع ثانية واحدة واحنا بعاد عن بعض، هو ده كل اللي في إيدي حالًا
أنا كمان زيك حاولت أحارب مشاعري كتير بس للأسف رجعت منها خسران واستسلمت فـ النهاية
اومأت بتفاهم وقد شعرت بأن هناك حرب تدور بداخله وعليها مراعاة ذلك.
سألها
_ هتسافري أمتى؟
_ بكرة الصبح إن شاء الله.
عاد يسألها

 

_ هتسافري إزاي؟
أجابت باقتضاب
_ بالطيارة
رغم الحزن الذي أستوطن قلبه إلا إنه تحدث بابتسامة
_ هتوحشيني
افتر ثغرها عن ابتسامة ولم تستطع الرد عليه
نهضت لترى الادوية التي عليه اخذها ولم يجادل معها بل كانت نظراته تحمل الكثير والكثير من العشق والامتنان
❈-❈-❈
في غرفة أخرى كانت سمر مستلقية على الفراش تنظر إلى سقف الغرفة بضياع
فـ بين ليلة وضحاها خسرت كل شئ من حولها، حتى والدها الذي كانت تستند عليه أو بالأصح كان الوحيد الذي يهتم لشأنها.
وخاصةً عندما لجأ ٱولادها إلى عائلتهم
فلم يعد هناك سوى ذلك الذي أصبح بيده كل شئ يواصل انتقامه كيفما يشاء.
أخطأت عندما فكرت بالتلاعب معه وظنت أن حبه لها سيجعله أعمى دائمًا، وتناست تمامًا أن منصور لا يرحم من يتعدى على أملاكه، كما فعلها من قبل مع أهله.
نهضت بصمت وخرجت من الغرفة تسأل عن والدها ليخبرها الجميع بأنه تم تسليم جثمانه إلى زوجها
إذًا فقد رحل حتى دون أن تودعه

 

خرجت من المشفى لا تعي بشئ مما يحدث، لأول مرة تشعر بالوحدة وكأنها لا تملك من الدنيا سوى ذاتها
لاول مرة تشعر بحنين جارف إلى أولادها وخاصةً مصطفى الذي تشعر بصدق حبه لها عكس تلك التي لا يهمها شئٍ سوى البحث عن أهلها وعندما أتتها الفرصة أسرعت إليهم وتشبثت بهم دون الإلتفات خلفها، كما والدها لكن بطريقة آخرى
أو بالأصح بدون غدر
انتهى كل شيء ولم يعد هناك ما يبقيها داخل منزله
عادت إلى المنزل لتجد الجميع على قدم وساق لأجل استقبال العزاء
ابتسمت بسخرية ودلفت إلى الداخل لا تستمع لأحد ممن يقومون بتعازيها وكأن عقلها توقف عن كل شئ
أنتهى منصور من مراسم الدفن ثم عاد إلى منزله ليخبره الأمن بعودتها
صعد إلى الغرفة ليجدها تحضر حقائبها فدنى منها قائلًا
_ بتعملي أيه؟
واصلت سمر لم أشياءها دون النظر إليه وقالت بهدوء
_ زي مـ انت شايف بلم هدومي.
عقد حاجبيه متسائلًا
_ ليه؟
أغلقت الحقيبة ونظرت إليه لتجيب بهدوء
_ خلاص معدش ليا مكان هنا
_ والناس اللي جاية عشان تعزي؟
نظرت إليه وتحدثت بسخرية

 

_ هو ده كل اللي همك! على العموم العز هيكون في بيت بابا مش في بيت الراجل اللي موته بحسرته، بس هقول ايه؛ اللي باع اهله مش هيبيع حماه
تقدم منها ممسكًا ذراعها بحدة وقال من بين أسنانه
_ أنا هراعي حالتك ومش هحاسبك على كلامك ده بس كلمة زيادة واقسملك حسابي هيكون عسير
ابتسمت بتهكم وهى تقول
_ خلاص مبقاش عندى حاجة أخاف عليها، بابا ومات من غير حتى مـ اودعه وولادي اللي تعبت لحد ما شوفتهم مشيوا ومسألوش فيا، خلاص مبقاش ليا وجود في البيت ده.
حملت الحقائب وهمت بالذهاب لتتوقف مكانها عندما سمعته يقول
_ لو خرجتي من البيت ده مش هترجعية تاني.
ألتفت إليه وقالت بتحدي
_ ومين قالك إني هرجع تانى انا لما بمشي عمري مـ بتلفت ورايا
التزمت الصمت قليلًا
_ زيك بالظبط.
وخرجت من الغرفة ومن المنزل بأكمله دون عودة.
❈-❈-❈

 

في منزل عاصم
تلاعب الشك بداخلهم عندما علموا بأمر زواجه من ابنة منصور وأيقن عاصم بأن حفيدة ينوي الأنتقام من عمه بإبنته، ولهذا قرر أن يتحدث إليه في هذا الشأن، لن يتركه ليكون نسخة اخرى من منصور
فتحدث وليد بشك
_ جلبي بيجولي إن في إنَّ في الچوازة دي، أكيد جاسر ناوي على حاچة.
زم عاصم فمه بحيرة وتحدث بشك
_ نفس تفكيري ياولدي، جاسر ابن أختك مش من النوع اللي بيعمل حاچة جبل مـ يفكر فيها مرة واتنين، وچوازه من بنت منصور اللي يطيج العمى ولا يطيجة يؤكد فعلًا أنه ناوي على حاچة
وخصوصًا أنه متسرع آوي في الچواز منيها.
_ على العموم اني شيعتله وهو زمانه چاي ونشوف ايه الحكاية بالظبط
لم ينهي حديثه حتى سمع طرق على الباب ودخول جاسر
تقدم ليلقى عليهم السلام وجلس بجوار جده
_ خير ياچدي؟ خالي جال إنك عايزني ضروري.
نظر عاصم إلى وليد
_ سيبني معاه شوية
أومأ وليد بتفاهم وخرج من المنزل
ثم توجه بنظره إلى جاسر وسأله باستياء
_ أيه حكايتك ياولد جمال، وأيه اللي في دماغك بالظبط؟
أبعد جاسر بصره عن مرمى عين عاصم الذي يعلم ما يدور بخلده من نظرة واحدة داخل عينين فيسأله بدهشة مصطنعة

 

_ تقصد أيه ياچدي مش فاهم
لم يخطئ في شكه بل أيقن الآن
_ قصدي انت خابره زين مفيش داعي تلاوع معاي، مهما تحاول تخبي على الكل بس بتاچي جدامي ومتجدرش
يعلم علم اليقين إنه لن يتركه حتى يعلم السبب الحقيقي لزواجه منها وهذا لن يحدث
لن يبوح بما يعذبه ويأرق مضجعه فقال بثبات
_ لو بتشك فيا زي أبوي وچدي يبجى الأفضل أن أنسحب بهدوء
انت خابر زين اني اكبر من اكدة بكتير.
_ أومال تفسر بإيه زواچك منيها بالسرعة دي.
تنهد جاسر بتعب ورد بثبات
_ للمرة التالتة بجولها بتزوچها عن اقتناع ولشخصها مليش دعوة بأبوها وهي موافجة واريدة انها تعيش معانا أهنه، اني مخدتش حد بذنب التاني وإن كان ابوها غلط زمان فهى ملهاش ذنب في كل ده، وياريت ياچدي تجفل عـ الموضوع ده لإني تعبت منيه.
شعر بالصدق في حديثه وقرر عدم التطرق في الحديث به مرة أخرى
_ هصدقك لأني خابر زين انك متجدرش تكدب عليا مع إني واثق إن في حاچة مخبيها بس هسيبك براحتك لحد ما تاچي انت وتجول
أومأ برأسه دون قول شيء فغير عاصم مجرى الحديث وسأله
_ هتعمل ايه مع عمك لما ياچي

 

أجاب جاسر بهدوء أعصاب
_ الموضوع ده فـ إيدي أبويا وچدي أني مليش دخل بيه.
_ كيف يعني! مش هتطلبها منيه؟
رد بنفس الهدوء الذي يخفي داخله نيران مشتعلة
_ لأ، أبويا هو اللي هيطلبها مش اني.
هز عاصم رأسه بيأس ثم تحدث بجدية
_ شوف ياجاسر اني مش هكلمك بصفتي چدك لا؛ اني هحدتك بصفتي عقلك اللي انت لاغيه وبتتصرف بطيش.
لو كنت فاكر إن بعد مـ تتزوچها منصور هيخرج من حياتها فـ تبجى غلطان، منصور هـيبجى معاك في كل لحظة، لأنه أبوها ووجت مـ ياچي البلد ويسلم على أبوه وأمه كل حاچة هتتنسي وأولهم أبوك هينسى كل حاچة وهيفتح دراعاته ليه.
وشوي شوي الماية هتعود لمجاريها وتلاجي منصور جدامك على طول، وياترى بجى على بعضك ليه ده هتجدر تتعايش معاه
زم جاسر فمه بضيق لأنه يعلم بصحة حديثه
فور أن يعود إليهم سيتلاشى إستياءهم منه
وسيبقى فقط عتاب القلوب.
_ زي مـ جلتلك أنا مليش صالح بيه، وإن كان على بنته عمري ما هجدر أمنعها عن أهلها مهما حصل، وياريت محدش يتحدت معاي في الموضوع ده تانى؟
أومأ عاصم برأسه
_ اللي تشوفه ياولدي وربنا يعملك اللي فيه الصالح.
❈-❈-❈

 

في غرفة سارة
جلس مصطفى بجوارها وقد آلمه اختفائها بهذا الشكل، هل حقًا كما أخبرته بأن حالتها تلك بسبب صدمتها بأبيهم أم أن هناك سببًا آخر
فحدثها بجدية
_ بردوا مش عايزة تقولي الحقيقة؟
نظرت إليه بحيرة وسألته
_ حقيقة أيه مش فاهمة؟
أكد لها بثبات
_ لأ فاهمة وعارفة كويس انا أقصد أي، ومتحاوليش تقنعيني بغير كدة لأنه واضح أوى عليكى، ده مش شكل عروسة فرحها بعد بكرة، إنتي حتى مدخلتيش اوضتك وشفتيها وكل مـ يسألوكي عن رأيك في حاجة تقولي كويسة وخلاص، في إيه ياسارة انا مـبنمش من خوفي عليكي
بللت شفتيها التي جفت من شدة التوتر و أجابت بابتسامة باهتة
_ صدقني يامصطفى أنا كويسة متقلقش عليا، انا بس متوترة من الحياة الجديدة اللى داخله عليها( تبدلت ملامحها للحزن وهى تردف) غير كمان إني متخيلتش إني أتجوز وبابا وماما بعاد عني، صحيح هما طول عمرهم بعاد بس مش في لحظة زي دي

 

ربت مصطفى على يدها وقال بحنو
_ معلش ياحبيبتي أكيد ماما هتيجي معاه أنا صحيح بكلمها بلاقي فونها مقفول بس أنا واثق أنها هتيجي
أراد تلطيف الجو قليلًا وسألها
_ متيجي افرجك على اوضتك، بصراحة الاوضة تحفة
ردت برفض
_ طنط وسيلة وتيتة منبهين عليا مدخلش الاوضة نهائي إلا يوم الدخلة، عوايد الصعيد بقى نعمل ايه
ضحك كلاهما فيقول مصطفى بحسد
_ تعرفي إني بحسدك انك هتفضلي معاهم، إنما انا مجبر إني أرجع، على الأقل عشان الدراسة
سألته بريبة
_ أفهم من كدة إنك مش هتيجي تزورني؟
نفى مصطفى ظنها
_ لأ طبعًا من قال كدة! ده مش بعيد أقضي الأجازة هنا بحجة إني مش قادر أفارق توأمي، وبعدين متقلقيش هبقى أكلمك كل يوم.
_ إن شاء الله.
تذكر مصطفى امر دراستها وسألها بجدية
_ اه بالحق هتعملي أيه في دراستك؟
_ عمو كلم دكتور خالد وهو قاله أنه هيساعدنا في النقل وربنا يسهل
نهض مصطفى وهو يقول بحب
_ طيب اسيبك بقى وروح أنام لأن الليلة اللي فاتت دي عنيه مغمضتش، تصبحي على خير ياحبيبتي.
_ وانت من أهله

 

خرج مصطفى وقررت هى الجلوس في حديقة المنزل كي تريح أعصابها قليلًا.
❈-❈-❈
التزمت ليلى بالوعد التي قطعته له بأن تذهب دون أن تودعه، فاكثر ما يبغضه هو لحظات الوداع حتى ولو كان لأيام معدودة
جلست في مقعدها في الطائرة شاردة الذهن، والقلق ينهش قلبها خوفًا عليه بلا رحمة
ماذا إذا عادت ولم تجده؟ ماذا إذا تعرض لنوبة أخرى وهى ليست بجوارة، هى تعلم جيدًا بأنه لن يكون وحيدًا
لكن وجودها معه يختلف
ولولا ذلك الزفاف ما تركته مهما حدث
شهر مر عليهم وهم معًا لا يبتعدون عن بعضهم البعض سوى ساعات قليلة إما وقت الراحة أو وقت دخولها غرفة العمليات ثم تعود إليه سريعًا
أوقات مريرة مرت عليهم لكن كان عشقهم يهون عليهم الكثير
اقلعت الطائرة وقد اغمضت عينيها وهي تشعر بقلبها يفارقها أخذًا وجهته إليه

 

لتُقبل على الصعيد تاركه قلبها معه
عكس الذي يقبع في أحد المقاعد بنفس الطائرة مُقبل على الصعيد بغرور وعنفوان وهو يرأس شركة بذلك الحجم
لم يفشل كما ظنوا به، ولم يهزم بل استطاع القضاء على أعدائه بكل سهولة وبلمح البصر كان يتربع على عرشها
ولولا أن أحد أعداءه أم أولاده لكان قضى عليها هى الأخرى دون أن يرف له طرف
لكنه مقيد بأولاده
أحكم قبضته عليها فلن تستطيع الغدر به بعد الآن.
وطئت الطائرة أرض الصعيد لينزل كلاهما متجاورين ولا يعرف أحدهما الآخر
هى وجدت معتز ينتظرها بالسيارة فاستلقت معه بعقل شارد
أما هو فقد فضل السير قليلًا في شوارعها التي أشتاق لها ولنسماتها التي عطرته هى بنسائم حب
وتركها هو برياح غدر
لم يعود ليبقى، فرغم حبه الشديد لبلدته إلا إنه لا يحبذ البقاء فيها
ليس مكانه ولا عالمه

يتبع..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية ومقبل على الصعيد)

اترك رد

error: Content is protected !!