روايات

رواية وجوه الحب الفصل السادس 6 بقلم نور بشير

رواية وجوه الحب الفصل السادس 6 بقلم نور بشير

رواية وجوه الحب البارت السادس

رواية وجوه الحب الجزء السادس

وجوه الحب

رواية وجوه الحب الحلقة السادسة

( ٦ ) – وميض عشقك –
كانت تجلس بداخل غرفتها التي يغلب عليها الطابع البناتي من اللون الوردي. مرتديه لبيچامه من اللون الأبيض؛ رافعه الهاتف على أذنيها تتحدث بكل جدية مع أحدهم وإبتسامتها تظهر بوضوح على محياها فعلى ما يبدو أنها تلقت خبرًا سعيدًا للغاية جعل إبتسامتها تكشف عن أسنانها ناصعة البياض وما أن غلقت الهاتف حتى قفزت في مكانها بفرحه مردده بحماس طفولي.
– ياااااااااس ياااااس..! فأتها صوت الطرق على باب غرفتها فتابعت على نفس نبرتها.
– أدخل..
فأنفتح الباب وأطل منه ” مُـراد ” الباسم بحب وهو يردد بحنان أبوي لم يستشعره يومًا من قبل مع أحد سواها.
– حبيبت قلب أونكل بتعمل إيه..؟!
” مـريـم ” بحب وهي تقترب منه محتضنه له بإشتياق.
– ميمو وحشتني أوي..
ثم أضافت بعتاب لا يخلو من دلالها.
– ينفع كده أقعد يومين من غير ما أشوفك ولا أعرف عنك حاجة..؟!
” مُـراد ” وهو يشدَّد من احتضانه لها بعاطفة حب قوية.
– وأنتي كمان وحشتيني أوي يا حبيبتي..
أنتي عارفة تعب جدو الأيام اللي فاتت كان صعب علينا قد إيه وكان لازم ابقاااا جمبه..
” مـريـم ” وهي تخرج من بين احضانه هامسه له بحنان.
– متتصورش يا أونكل البيت من غيركم كان صعب وكئيب إزاي..
الحمدللّٰه أنكم رجعتوا ووجد قام لينا بالسلامة..
” مُـراد ” وهو يقبل جبينها بحنان.
– الحمدللّٰه يا حبيبتي..
فتابع بتساؤل ونبرة محببه إلى صغيرته.
– طمنيني عملتي إيه في اليومين اللي فاتوا وأنا مش موجود..؟! فغمغم وهو يعبث بخصلاتها بعدما جلس أعلى فراشها ساحبًا لها إلى جواره بلطف.
– قوليلي إيه بقاااا سر السعادة اللي باينه على في عينكي وعلى وشك دي..؟!
” مـريـم ” بسعادة وكأنها تُحلق بالسماء عاليًا.
– فعلًا يا أونكل أنا مبسوطة وفرحانة أوي..
حضرتك قبل ما تدخل بدقايق كان معايا مكالمة شغل مهمة جدًا..
ثم أضافت بحماس.
– متتصورش يا أونكل لو شغلي المرة دي عجب الـ Client إيه اللي ممكن يحصل..؟!
ساعتها إسمي هيكون في حتة تانية وهتعرف ووقتها هقدر أفتح المكتب اللي نفسي فيه من زمان..
” مُـراد ” بحب.
– حبيبتي قولتلك قبل كده المكتب جاهز مستني بس أنتي تقولي يلاااااا..
أنا مش عارف أنتي ليه رافضة تشتغلي منه وشغلك كله من عالنت..
” مـريـم ” بصدق.
– صدقني يا أونكل أنا مقدره جدًا كل اللي حضرتك بتعمله عشاني؛ بس أنا لسه متخرجه وبشتغل على نفسي؛ إيه فايدة أن يبقا عندي مكتب وموظفين بدفع ليهم مرتب قد كده وأنا لسه محدش يعرفني ولا يعرف شغلي؛ هجيب مصاريفهم منين..؟!
ثم أضافت وهي تضغط على يديه بتقدير.
– أنا دلوقتي بشتغل على نفسي أكتر والحمداللّٰه في ناس كتير بيعجبها شغلي وبيجيلي Clients كتير الفترة دي..
خصوصاً أن الـ Client المرة دي عميل مهم ومميز جدًا ولو شغلي عجبه وأتفقتا يبقا ساعتها هفتح المكتب وهبدء أشتغل من خلاله..
” مُـراد ” وهو يفرك بيديه يديها بحنان.
– اللي يريحك يا حبيبتي أنا معاكي فيه..
ثم أضاف بتساؤل وفضول.
– قوليلي بقاااا يا ستي مين العميل المهم أوي ده اللي أنتي موقفه شغلك من المكتب عليه..
” مـريـم ” بحماس.
– شخص أنا معرفهوش بس مدير أعماله قالي أن إسمه مستر سـلـيـم واللي مخليني متحمسه أوي أنهم سلسلة مطاعم كبيرة من أصل إيطالي ليهم فروع في دول كتيره ومشهورين بالمكرونة لدرجة أنهم بيعملوا أكتر من ١٧٠ نوع مكرونة وبكرا عندي Meeting مهم جدًا عشان نتفق على تفاصيل الشغل..
فتابعت بحماس أكبر.
– أكيد حضرتك سمعت عن سلسلة المطاعم دي ويمكن كمان أكلت فيهم في سفرية من سفريات حضرتك بما أنك من عُشاق المكرونة..
” مُـراد ” مضيقًا عيناه بتفكير.
– قولتيلي إسم سلسلة المطاعم دي إيه..؟!
” مـريـم ” بنفس نبرتها السابقة وهي تلفظ الإسم بكل عفوية.
– صـولا..
سلسلة مطاعم صـولا..
كان لوقع الإسم على أذنيه وقع الرعد تمامًا في سواد الليل الحالك على مسامعه. فشعر بوخزه قوية بجانبه الأيسر عمد إلى تجاهلها لكنها كانت مؤلمة وموحشه وكأن أحدهم طعنه طعنًا بسن الرُمح، وأن الطقس أصبح شَبَم من حوله، حتى أنه يشعر بسقيع يحتضنه، فضغط على شفتيه السفلىٰ بقوة؛ وللحظة شعر وكأن الزمن توقف عند لحظة نطقها بإسمها متناسيًا كل شئ متذكرًا فقط لصورتها أمام أعينه.
للحظة أحس وكأن روحه تهتز بداخله لكنه حاول جاهدًا إخفاء رعشه يديه بضغطه على الفراش أسفله؛ يتساءل في خاطره آلاف من التساؤلات التي لا يجد لها إجابة.
كيف عاشت وقضت حياتها طوال السبع وعشرون عامًا المنصرمين..؟!
آهي فارقت الحياة أم لازالت حيَّيه تُرزق..؟!
أيعقل أن تكون قد تزوجت وأنجبت بعدما خسرت جنينها..؟!
آيهتف لها أحد بذلك الإسم من بعده أم أنه قد ضاع ورحل برحيلها عنه..؟!
هل تأثرت بعوامل الزمان أم لاتزال تحتفظ بمعالمها كما كانت..؟!
هل عُشقت من بعده أم أكملت حياتها كالسابق وهي لاتزال في عصمته تلهو مع ذاك وذلك..؟!
أيعقل أن تكون قد تزوجت من ذلك الرجل التي حملت في أحشائها جنينًا منه..؟!
عند هذا الحد لم يستطع تحمل التفكير بها أكثر من ذلك فنفض رأسه سريعًا من أفكاره وتساؤلاته وفاق على صوت صغيرته الهاتفه به بقلق واضح على تقاسيمها.
– أونكل مُـراد حضرتك سامعني..؟!
” مُـراد ” وهو ينظر إلى اللاشئ بقوة.
– قولتيلي مين صاحبة السلسة دي..؟!
” مـريـم ” بتوضيح.
– صاحبها واحد مش واحدة يا أونكل وإسمه سـلـيـم..
” مُـراد ” وهو يردد الإسم بغرابة.
– سـلـيـم..!
ثم تابع متجاهلًا لإسمه وهو يضع قبله حانية أعلى رأسها بحنان أبوي.
– المهم..
ربنا يوفقك يا حبيبتي ويفرحني بيكي يارب..
” مـريـم ” وهي تحتضنه بحب فهي تستشعر بداخل أحضانه الأمان الذي دومًا ما يغدقها به.
– ويخليك ليا يا ميمو يا قمر أنت..
” مُـراد ” بمزاح وهو يهم بالرحيل.
– يا بكاشة..
أجدع واحدة تأكلي بعقلي حلاوة وتضحكي عليا بكلمتين..
ثم أضاف بحب.
– أنا هروح أنام عشان هلكان ومقتول نوم..
” مـريـم ” بدعابة وهي تغمز له بعيناها اليسرىٰ بمرح.
– ايوه يا عم روح نام..
تلاقي ست شوشو وحشاك ما أنت بقالك يومين غايب عن البيت..؟!
” مُـراد ” بإبتسامة مداعبه لها.
– وماله متوحشنيش ليه هي مش مراتي..؟!
” مـريـم ” بمرح وخفه ظل.
– ايوه يا عم ربنا يوعدنا..
” مُـراد ” بحب.
– يارب يا لمضة هانم؛ وبعدين نامي يلاااا عشان تروحي الـ Meeting بكرا فايقه..
تصبحي على خير..
” مـريـم ” وهي تبادله المحبة.
– وحضرتك من أهله..
وبعد مرور لحظات؛ كان يقف أمام غرفته هو وزوجته ” شـهـيـرة ” فتسللت يداه إلى أكرة الباب ببطءٍ شديدًا؛ فأغمض عيناه بألم ساحبًا نفسًا عميقًا يشعر به وكأنه يخرج من أعماق روحه ومن ثم حسم قراره وقام بفتح الباب. وبمجرد ما أن أنفتح الباب حتى وجد زوجته تجلس أمام التسريحة الخاصة بها تظبط من هندامها وتضع بعض اللمسات التجميلية أعلى ملامح وجهها في محاولة منها لتبدي أصغر من عمرها؛ وهي ترتدي لقميصان من الحرير منسدلًا بإنسيابيه على طول جسدها تاركه الروب الخاص به أعلى فراشها؛ ولكن ما لفت نظره حقًا وأشعره بالدهشة هي أجواء الغرفة من حوله المزينه بالشموع ورائحتها النفاذه التي تسللت إلى أنفه لا يُنكر بأنها أشعرته ببعضًا من السكينة والراحة إلا أن الوضع آثار دهشته؛ إلى جانب طاولة الطعام المزينة بالورود المجففه والشموع؛ فهتف بصدمة واضحة على معالمه.
– هو في إيه بيحصل هنا..؟!
ثم أضاف وهو يتفحص الغرفة بعناية شديدة.
– هو أنا دخلت أوضة غلط ولا إيه..؟!
” شـهـيـرة ” وهي تقترب منه بتروي وخطوات مدروسه ساحبه له من يداه إلى منتصف الغرفة مردده بحب.
– لأ مش غلط..؟! دي أوضتنا نفسها..
ثم أضافت بنبرة يملؤها الرومانسية.
– حمداللّٰه على السلامة يا مُـراد..
وكل سنة وأحنا مع بعض..
” مُـراد ” بعفوية.
– بس أنا النهارده مش عيد ميلادي..؟!
” شـهـيـرة ” بحب.
– عارفة بس النهارده عيد جوازنا..
النهارده بقالنا ٢٦ سنة متجوزين يعني عدينا مع بعض الربع قرن يا حبيبي..! قالتها وهي تتطوق بيديها رقبته في ود ومحبة.
” مُـراد ” مرددًا بصدمة وذهول وهو يزيح بيديه يديها عن عنقه.
– حبيبي..!
” شـهـيـرة ” بحب.
– ايوه حبيبي..!
وبعدين أنت لفت نظرك أني بقولك حبيبي وملفتش نظرك أن النهارده عيد جوازنا الـ ٢٦..
هنا فقط قد فهم المغزىٰ من حديث ” مـريـم ” وهي تغمز له بعيناها وتداعبه بحديثها بفكاهة؛ فهتف بنبرة حاول جعلها هادئة.
– بقالنا ٢٦ سنة متجوزين يا شـهـيـرة أشمعنا السنة دي اللي بتحتفلي بيها بعيد جوازنا..؟!
” شـهـيـرة ” بحب وهي تعود لتتطوق عنقه بيديها من جديد.
– عشان السنة دي هتكون مميزة يا مُـراد..
السنة دي أنا قررت أقولك أنا قد إيه بحبك وقد إيه نفسي نغيير من علاقتنا ونعيش مبسوطين بجد زيّ أي زوج وزوجة عاديين..
” مُـراد ” بحزم وهو يزيح بيديه يديها من جديد.
– ومن أمته وأحنا زوج وزوجة عاديين يا شـهـيـرة..؟!
” شـهـيـرة ” بحزن.
– عمرنا ما كنا زوج وزوجة عاديين يا مُـراد..
عمري ما جربت إحساس أني أكون زوجة عادية زيّ أي زوجة بتحب جوزها وبيحبها..
ثم أضافت وهي تسحب يداه اليسرىٰ بوجع رافعه لها أمام وجهه بألم.
حتى دبلة جوزنا مستكتر عليا تحطها في صباعك..
” مُـراد ” وهو يسحب يداه من بين يديها بحذر.
– قولتلك ١٠٠ مرة قبل كده مش بحب ألبس حاجة في إيدي الموضوع مالهوش علاقة بيكي وبعيد عنك تمامًا..
” شـهـيـرة ” بوجع.
المشكلة أن كل حاجة بعيدة عني حتى أنت يا مُـراد..
أنت نسيت أن في حياتك واحدة ست شايله أسمك وعمرها بيتفنا وهي عايشة تحت رجليك نفسها بس تنول رضاك وتشوف في عيونك نظرة حب واحدة..
أنت ناسيني يا مُـراد..
فاكر الدُنيا كلها وناسيني وناسي أني مراتك وليا حقوق عليك..
” مُـراد ” بغضب ونبرة مكتومه محاولًا إلا يستمع إليهم أحد.
– أنتي اللي نسيتي..!
أنتي اللي نسيتي أنك مرااااات أخويااااا..!
” شـهـيـرة ” بوجع.
– كنت..!
كنت مراته يا مُـراد ومُـعـتـصـم مات بقاله ٢٧ سنة ودلوقتي أنا مراتك أنت..
مراتك من ٢٦ سنة..
ثم أضافت بوجع أكبر بعدما طفح بها الكيل.
– ٢٦ سنة يا مُـراد عايشة معاك تحت سقف واحد وكل اللي بيربطنا ببعض هي ورقة فيها إسمي وإسمك وأتنين شهود..
٢٦ سنة وأنا عايشة معاك تحت سقف واحد وفي فرشه واحدة بس عمرنا ما كنا في يوم واحد..
عمري ما شوفت في عيونك نظرة حب واحدة..
بشوف في عيونك الإحترام والتقدير وأني أم مـريـم اللي عوضتك عن حاجات كتير بس عمري ما شوفت شـهـيـرة في عيونك..
فتابعت بعدما سقطت عبراتها بقهرة.
– أنت نسيت أني واحدة ست فنت نص عمرها وهي عايشة تحت رجليك وأن عندي إحساس زييّ زيّ أي ست في الدُنيا..
فسقطت عبراتها بغزارة وهي تشعر وكأنها كالذبيح الذي علقت روحه بين الحياة والموت واستطردت بعد ذلك بوجع أكبر وقهرة حقيقية.
– ٢٦ سنة يا مُـراد وأنا بتعذب وشايله ذنب مش ذنبي وبتعاقب على حاجة أنا معملتهاش..
” مُـراد ” بتماسك.
– أنا من أول يوم وأنا قايلك أن اللي بينا هي مـريـم وأن الحب والمشاعر مش هما أساس علاقتنا..
من أول يوم وأنا معرفك أن مسؤليتك أنتي ومـريـم في رقبتي وعهد مش هيحله إلا الموت..
أنا كنت واضح وصريح معاكي يا شـهـيـرة من البداية وأنتي كنتي موافقة على كلامي ده من الأول..
” شـهـيـرة ” بصراخ ونبرة يقطع لها نياط القلب وهي تلكم قلبها بقهرة.
– أنا بني آدم..
أنا بني آدم لحم ودم يا مُـراد عايشة مع واحد بقالي ٢٦ سنة ما شوفتش منه غير كل خير..
رعاني ورعىٰ بنتي وسترني وشيلني أسمه وعمل معايا كل حاجة حلوة في الدُنيا وشوفت فيه كل حاجة كويسة الست تتمناها في الراجل اللي معاها..
عايزني بعد كل ده قلبي ميعلنش عصيانه ويحبك..
فأضافت بوجع أكبر.
– ايووووه يا مُـراد أنا حبيتك وحبيتك أوي..
سميه حب عشرة، حب تعود، عرفان جميل سميه زيّ ما تسميه بس أنا حبيتك يا مُـراد وده مش بإيديا صدقني..

يتبع..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية وجوه الحب)

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *