روايات

رواية الأحمق الشارد الفصل الثالث 3 بقلم سارة أسامة نيل

رواية الأحمق الشارد الفصل الثالث 3 بقلم سارة أسامة نيل

رواية الأحمق الشارد البارت الثالث

رواية الأحمق الشارد الجزء الثالث

رواية الأحمق الشارد الحلقة الثالثة

[الأحمق الشارد]
-الفصل الثالث- “٣”
بعد بحثٍ دام طويلًا ولم يجدها بالمكان المُعتاد، نظرات الخوف تملأ حدقتيه وظل يدور بدائرة مُغلقة يكاد أنّ يجن وصاح يُنادي:-
– حوّاء أين أنتِ … حور … حوّاء أين انتما، هل تسمعاني؟
دون فائدة تُرجى..
لمح بطرف عينه طريقٌ فرعي يُؤدي لجمع من الحدائق ودن تردد ركض نحوه وهو يبحث عنها كالمجنون..
اختلج قلبه راحة عارمة فور رؤيتها تجلس أرضًا تُعطي له ظهرها استكان قلبه وتسارعت أنفاسه فرحًا واقترب وهو يناديها:-
– حوّاء .. حوّاء لماذا أنتِ جالسة هكذا، لماذا لم تعودي إلى المنزل؟
سار حتى وقف أمامها وجلس على عقبيه فصُدم وهالهُ ما رأى، رفعت رأسها لأعلى ليجد أعينها كالجمر ووجهها غارق بالدمع وتكاد أنّ تفقد وعيها..
سقط قلبه وألجمته حالتها فلم يعد يشعر على أي أرضٍ يقف، جمع نفسه وكلماته بشِق الأنفس وقال:-
– حوّاء ماذا هُناك، ما حالتكِ هذه لما تبكي، ما الذي حدث لتنهاري هكذا، وأين هي حور؟ ألم تكن معكِ!
زادت في البُكاء شاهقة بصوتٍ مُرتفع وقالت بتلعثم:-
– حور اختفت .. ذهبت، أنا لا أجد حور، كانت أمام أعيُني وفجأة اختفت لا أعلم أين .. سأجن حتمًا.
كلمات عاثت بثباته فسادًا ونزلت كالرعد على قلبه، اكفهر وجهه وامتقع بالغمّ، لكنه تحكم في صدمته لأجلها وردد برفق يُهدأها:-
– إهدأي حوّاء وأخبريني كُل شيء وأنا أعدك وعد الرجال أنّي سأجد حور بأي ثمن، لكن عليكِ فقط إخباري بأدق التفاصيل يجب أنّ تهدأي لأجلها إنّ كنتِ تريدين أنّ نعثر عليها..
تذكري كل شيء على مهل..
كفكفت دمعها واستطاع أنّ يُثير ويُلهب اهتمامها، البُكاء لن يُجدي نفعًا فقد حدث ما حدث وانتهى الأمر يتوجب إيجاد الحلّ، بدأت تسرد له ما حدث دون إنقاص شيء وهو يستمع إليها بتركيزٍ شديد..
انتهت ليقول “أرسلان”:-
– أعطيني الهاتف حوّاء.
مدت يدها بالهاتف الذي مازال بيدها فأخذه منها وفتح المقطع التي سجلته “حوّاء” وظل يُشاهد حتى وصل للحظة إختفاء “حور” فجحظت أعينه وصُدم مما رأي، وقف مُتسمرًا ويُعيد ويُكرر دون فائدة، اختفت “حور” وهي لم تتحرك من أرضها، اختفت فجأة بلمح البرق..
ما تفسير هذا لا يعلم ولم يرى بحياته شيء مثل هذا..!
ما الذي سيقوله لها!؟
لكن يجب عليه التصرف في الحال.
انحنى نحوها بهدوء وهي تنظر له بترقب ليقول بهدوء:-
– سأجدها حوّاء أقسم لكِ سأجدها حبيبتي لكن عليكِ بتنفيذ ما سأقوله لكِ يا روحي كي لا تُتعبي نفسك.
طالعته بلهفة تُريد تصديق أيّ شيء، أماءت رأسها بلهفة وتسائلت بتلهف:-
– حقًا ستجدها، حور ابنتي أرسلان ليس لي سواها ..
عدني .. عدني أرسلان ستجد حور، إنّها كانت تُحبك كثيرًا وتراكَ بطلها فلا تخذلها وتخذلني.
أعدك يا قلبي أعدك سأجد حور ابنتي الغالية، أنتِ تعلمين كم أُحب حور..
والآن هيّا ستعودي حيث المنزل بينما أذهب إلى مركز الشرطة وسأبحث بأقصى جهد مع مُحققين آخرون.
– لكني أُريد البقاء هنا وانتظار حور حتى تأتي لا أريد تركها وحيدة.
– ماذا قُولت حوّاء ستستمعي لما أقول لنختصر الوقت حتى نجد حور .. هيّا بنا.
– حسنًا حسنًا أريد فقط حور .. حور فقط.
*******************
اجتمع فريق من المُحققين ورجال الشرطة انكبوا على الأمر علّهم يجدون سبب الإختفاء الذي حيرهم وجعلهم في قمة الصدمة وضعضع راحة بالهم..
التفوا حول المكان يلفهم الحيرة والدهشة الشديدة.
وعندما وقعت أنظارهم على لافتة التحذير لم يجرأ أحد على الإقتراب منها ودعس أرضها..
لكن من وضع تلك اللافتة؟! فبعد التحري والإستقصاء لم يجدوا أيّ جهة من الجهات قد أمرت بهذا أو أنها تعلم الأمر..
غابت الشمس وحلّ الظلام على الأرجاء وبقى واقفًا بمفرده لا يعلم كيف يعود وماذا يُخبرها..
مرّ أربعة وعشرون ساعة ولم يعلم أحد شيء عن “حور”.
عزم على العودة ومواجهتها أفضل من هلاكها وسط أمواج القلق.
– أرسلان ماذا فعلت؟! .. هل وجدت حور، أين هي؟
وجهها باهت وأعينها ذابلة وبالكاد تقف على أقدامها بمساعدة “ورد” التي تدعمها بذراعها، تنهد بشجن وأشار لها بيده يريد تهدأتها وقال بحزن:-
– لم يتم العثور عليها لكن صدقيني الجميع يبحث والطريقة التي اختفت بها قد أثارت حفيظتهم فلا يختزلون جهدًا في البحث، ومع سطوع الشمس سنذهب إلى هذا المكان ونبحث حوله مرةً أخرى.
انهارت جاثية أرضًا وانخرطت في بكاء عنيف وقد طمس الهَلع قلبها وقُيد لسانها فلم تستطع بث كلمةٌ واحدة..
الخيبة احتلت دواخلها ولا زورق نجاة من مُحيط هذه الحسرة، مُصيبة تصفّر منها الأنامل سقطت على رأسها بقسوة مطرقة ذات بأسٌ شديد لا يُجدي التَأسِّ معها.
احتضنتها “ورد” وأخذت تربت على ظهرها تقول:-
– سنجدها حوّاء، اصبري حبيبتي لن يترككِ الله وسيبعث إليكِ بزورق نجاة من هذا، عليكِ اليقين فقط ومُناجاة خالقكِ
سيعوضكِ عن جميع الألآم وستكون النهاية سعادة تُعبِّئ فؤادكِ.
همست والنار تكوي جنبات روحها وتضرعت بصوتٍ طويل وهي بقمة إحتياجها:-
– يـــــــــا الله.
****************
بين الخضرة الزاهية والأزهار المُتباينة والشمس ساطعة بصفاء بينما سواد الليل يحلُ على العالم، كانت تسير بتشوش وتيهة بعد فقدان طريقها في وسط الغابة تحاول العودة لكن لا تعلم كيف!.
تسير في دوائر وتسير ذهابًا وإيابًا بتكرار غيرُ مُنقطع كمن تجاوز حاجز الزمان والمكان وانتقل لعالم أخر..
لا تستطيع التوقف وتسير عبر المستنقعات والخنادق وتعبر الأسوار بقدرة عجيبة وكأنها على وشك الطيران.
جُرحت ذراعيها ونزفت ولا تستطيع التوقف عن السير أيضًا ما حولها غريب، ظُلل من الأشجار الكثيفة السماء جميلة تختلف عن تلك التي كانت تراها والجو رائع بديع يُغاير هذا الغائم السائد في بلادهم..
وِحدة وهدوء وصمت غارق به المكان، صاحت “حور” تنادي:-
– أمي أين أنتِ، لقد ضللتُ الطريق ولا أستطيع العودة..
أمي أين ذهبتي، كيف لي أنّ أعود.!
وظلت على هذه الحال الغريبة تهذي بتيهة وزهول ونال منها التعب ومازالت تسير على غير هدى لا تقدر على التوقف.
****************
مرّ الليل عليها ومازالت جالسة على نفس الحال بقلبٍ ملسوع ملدوغ فقد شرَّد القلق نومها وقضَّ مضجعها..
فكيف يزور النوم جفنيها وفلذة كبدها ليست بأحضانها..
أشرق الصباح وأرسلان مازال مُستيقظ كحال ورد وحوّاء يضع رأسه بين يديه يُفكر ويجمع خطوط من العدم.
وفور أنّ تبين النور وثب قائمًا لمواصلة عمليات البحث..
تطلع بها يتأمل هيئتها المرزية المنهكة وكيف أوجعه قلبه واضطربت دقاته لأجلها، ردد بإصرار وهو يشعر بالضعف لأجلها:-
– أعدك حوّاء سأُعيد حور لكِ ولن أعود إلا وهي معي.
استقامت ودمعها لم يجف تقول بلهفة وصوت ضعيف:-
– خُذني معك أبحث عنها لن أستطيع الجلوس هكذا بتاتًا.
نفى “أرسلان” وقال:-
– يكفيكِ تعبًا حوّاء فأنتِ لم يُغمض لكِ جفن ولم تتذوقي الطعام هكذا كثيرًا عليكِ، يجب أنّ ترتاحي.
– أرتاح! كيف لكَ أنّ تقول هذا ولا أعلم أين ابنتي وماهية إختفائها، سأتي معك لا محالة فلا تحاول منعي عبثًا.
تنهد بقلة حيلة وأشار لها قائلًا:-
– هيّا ..
قالت ورد بتعب:-
– لن تستطيعي المقاومة حوّاء ستتعبين هكذا حبيبتي.
– لا جدوى من إقناعي بالبقاء ورد، سأذهب.
وفوّر خروجهم من باب المنزل تفاجأوا بظرفٍ كبير أصفر اللون موضوع أسفل المزهرية بالمنتصف تمامًا..
أصابهم الفضول وانحنى “أرسلان” يلتقطه ويُخرج ما به ليشفي فضولهم.
بعدما تسائلوا جميعًا بصوتٍ مُتحد:-
– ما هذا.؟!
أخرج ما في الظرف ليجد ورقة كبيرة من نفس اللون فتحها وهو يعقد حاجبيه بتعجب فوجد رسالة غريبة الشكل نُقِش أعلاها بخط غير رتيب مُبعثر يدل على أنّ من كتبها حديث عهدٍ بالكتابة، وكان فحوها الآتي والذي قرأه على مسمع من الجميع ..
“إنّ كنتم تُريدون معرفة أين اختفت الطفلة الصغيرة وما مكانها فتعالوا إلى هذا العنوان ستجدون منزل مُنعزل وحيد بعد الغابة التي وقع بها الإختفاء لكن لا تمرون من خلالها ستأتون من خلفها.”
أصاب الجميع الدهشة وفغروا أفواههم لكن على الرغم من هذا غزى الأمل قلب حوّاء التي تلهفت تقول بعدم صبر:-
– هيّا بنا إلى هذا المكان هيّا.
اعترضت ورد تقول:-
– وما أدرانا أنّ هذا صحيح، من الممكن أنّ يكون فخًا لخداعنا.
– لن نخسر شيء ورد يجب علينا الذهاب، ربما يُفيدنا بشيء ونُمسك طرف خيط، لن أجلس هكذا أبكي وأندب حظي ولا أعلم أين ذهبت ابنتي، سأذهب أنا وحدي إنّ لم تأتوا.
قال أرسلان بخشونة سريعًا:-
– لن يحدث هذا حوّاء، كيف تقولين تلك الكلمات هيّا وسأُحدّث قوة تأتي خلفنا وبينما في طريقنا سأتحرى عن المكان.
– هيّا …
وخرجوا مسرعين علّهم يعلمون السرّ ويجدون “حور”.
لكن ما شغل عقل “أرسلان” شيئًا أخر…
الخط الذي بالرسالة نفس ذات الخط الذي بالافتة والذي يُحذر من دخول تلك المنطقة.
كيف هذا….؟!

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية الأحمق الشارد)

اترك رد

error: Content is protected !!