Uncategorized

رواية شعيب الفصل الخامس والعشرون 25 بقلم شيماء عصمت

          رواية شعيب الفصل الخامس والعشرون 25 بقلم شيماء عصمت

رواية شعيب الفصل الخامس والعشرون 25 بقلم شيماء عصمت

رواية شعيب الفصل الخامس والعشرون 25 بقلم شيماء عصمت

إن سُلّط عليك ضميرك فأنت هالك لا محالة ولكن لو اتبعته واستجبت لندائه فإعلم أنك في طريقك إلى الخلاص وبنهاية الدرب ستكون الرابح بلا منازع
كان بين شطري رحى مشتت وحائر أيختار الخلاص من عذابه ويبوح بما يقلق مضجعه أم يستمر في سكوته ويعاني في صمت؟!!
_يا الله1
قالها “عمـاد” هو يناجي ربه ربّ سبع سموات ، هل يفضح شقيقته ويضع كلمة النهاية لها؟ فقد كان على وشك إخبار شعـيب بكل شيء ، كاد أن يخبرة أن “نـورا” من دبرت لمقتل “زهرة” ولكن في اللحظة الأخيرة تراجع وشعر بالخوف ، لم يكُ خوفاً على نفسه بل عليها فبمجرد أن يبوح بهذا السر ستحترق عائلته ويتحول كل شيء إلى دمار ..
همس لنفسه بعذاب: هتعمل إيه يا عمـاد؟ وكأن خسارتك لرجليك كانت البداية وجيه وراها ضميرك ، ضميرك اللي خرّسته كتير وجيه الوقت اللي ربنا يسلطه عليك فلا بقيت عارف تنام ولا تاكل ولا حابب تشوف حد وما عندكش القوة تعترف ، أصل هتعترف على مين؟ على أختك اللي من لحمك ودمك؟ طب لو أعترفت ما هي هتتسجن وتتعدم! بس “مالك” لما يكبر هيعيش إزاي؟ ومع مين؟ هيتوصم بعار أمه وهيتشاف دايماً على إنه ابن الست اللي قتلت!! الكل غصب عنه هيكرهه وهيفضل وحيد تايه مشتت ، أعمل إيه يارب؟ يارب أرشدني للطريق الصحيح زي ما هديتني ألهمني الصواب3
صمت لثواني قبل أن يدعو بإبتهال: اللهم أخَتر لي ولا تخيرني فإني لا أحسن الأختيار ، اللهم إني أستخيرك في أموري كلها فـيارب إختر لي ما تراه خير لي…1
××××××××××
لم يغمض لها جفن وكذلك هو ، كان يراقب كل إنفعالتها ويشعر بكل إنتفاضة تصدر من جسدها ، والغصة المسننة تكبر وتخنقه الغضب في صدره يزداد قوة وشراسة حتى كاد أن يقتله
انتبه لصوت لتيـن المرتجف: أنا عايزة أروح للدكتورة غادة .. أنا أنا محتجاها
_ بما أن الوقت أتأخر وأكيد العيادة أتقفلت ممكن تتكلمي معايا أنا ، أنا سامعك ومعاكي
هزت رأسها بعصبيّة: لا أنت بالذات لا ، ما تنفعش أبداً
رغم إستغرابه من رفضها ولكنّه أجاب بهدوء مرح: شكراً على ثقتك الغالية2
لم تبتسم بل زادت حركت قدميها إنفعالاً إقترب منها وجلس خلفها ثم إحتضنها بتملّك قائلاً: مش حأحكم عليكِ هسمعك وكأنك بتحكي مع نفسك جربيني مش يمكن أنفع؟
_هتكرهني2
قالتها بإرتجاف فشددّ من إحتضانه لها قائلاً بنفي قاطع وعاطفة جياشة: مستحيل أقدر أكرهك مستحيل ، أنتِ أتولدتي عشان تتحبي وبس ، أتولدتي من ضلعي عشان تكوني حضن وسكن ليا وأكون ليكِ سند وإحتواء وأمان ودرع يحميكِ من أي حد يحاول يأذيكِ .. أنا بحبك يا لتيـن بحبك بعدد سنين عمري
_مش حقيقي أنت مش بتحبني2
_ليه رافضة تصدقي حبي ليكِ؟
_عشان .. عشان حاجات كتير
_بلاش ألغاز وأتكلمي بصراحة يمكن في أخر كلامنا نلاقي الراحة ، الراحة اللي أنتِ محتجاها
إبتعدت عنه بإنفعال وأخذت تدور داخل الغرفة لعدة دقائق قبل أن ترمقه بعيون ضيقّة قائلة بإتهام وقد أوشكت على الأنهيار: أنت كداب لو أنت فعلا بتحبني ليه أتجوزت زهرة؟ ليه مرفضتش أمر جدي ووقفت ضده ليه بعتلي والدتك تطلب مني أبعد عنك وأبطل حركات البنات الـ××××7
هتف بحاجبين معقودين بشدة: إيه اللي أنتِ بتقوليه ده؟ أنا مش فاهم حاجة
_بطل كذب لو سمحت ، بس بطل أكيد أنت عارف طنط حنـان قالتلي إيه من كام سنة من لما قررت تتقدم لزهرة ، لسة كلامها بيرن في وداني لسة فاكرة نبرة صوتها فاكرة إتهاماتها فاكرة كل كلمة قالتها ليّا بقى دلوقتي بتقول إنك بتحبني؟ ليه مصر تحسسني بالذنب والدونية؟ أنا عارفة إنك بتتعامل معايا كويس عشان أنت كشخص كويس جداً ياشعيب بتتقي ربنا في أي حد بس أرجوك بلاش تمثل الحب عليا بلاش
صرختها بإنهيار فاقترب منها قائلاً بأمر: دلوقتي حالًا يا لتيـن عايز أعرف أمي قالتلك إيه بالظبط؟ كل كلمة قالتهالك سمعيهالي
×××فلاش باك×××
بعد رؤيتها لفلذة كبدها بهذا الإنهيار إحترقت أحشائها من أجله وتلوى قلبها بين ضلوعها شفقةً عليه وتعاطفاً معه ولكن ماذا تفعل؟ عشقه للتين لن يأتِ سوى بالهلاك لعائلتهم وبالتأكيد بعد رفض الجد لتلك الزيجة إذاً الموضوع منهي ولا سبيل آخر سوى وضع كلمة النهاية لقصة حب لن تكتمل أبداً
لذا وبكل تعقّل ذهبت لرؤية لتيـن تلك المراهقة المدللة حصرتها داخل غرفتها وظلت ترمقها بنظرات واجمة أرعبت الأخيرة قبل أن تقول بصرامة: أنتِ عايزة إيه من شعـيب؟1
تلقائياً أحمرّت وجنتيها من مجرد ذكر اسمه أمامها ولكن أجابتها بإرتباك وعدم فهم: مش عايزة حاجة! أنا مطلبتش منه أي حاجة؟!
_بت يا لتيـن مرقعة مش عايزة اللي بتعمليه دة حرام وعيب ربنا هيحاسبك على اللي أنتِ بتحاولي تعمليه
_أنا مش فاهمة حاجة يا مرات عمي؟
همستها بإرتجاف فتنفست حنـان بعمق قبل أن تسحبها من رسغها وتجعلها تجلس مقابلاً لها قائلة: شعـيب إشتكى منك يا لتيـن عشان مراقبتك ليه طول الوقت وقربك منّه ودة ما ينفعش ياحبيبتي دة هيبقى جوز أختك يعني في مقام أخوكِ الكبير ما ينفعش خالص يكون غير كدة
هتفت لتين بتهور: بس أنا بحبه
إتسعت عيناها بذهول من أعتراف “لتين” الصادم لها فقد إعتقدت حنـان أنه مجرد إعجاب فتاة مراهقة لا أكثر ولكن “حب” كيف لطفلة صغيرة كـلتين أن تتفوّه بهذه الكلمة
قالت حنان بصرامة بثّت الرعب داخل قلبها الصغير: الحب دة يكون لجوزك لما تكبري إن شاء الله إنما شعـيب كبير و واعي وبيحب زهرة اللي هتكون مراته بعد كام شهر وهو أنتِ عايزة تخربي البيت كله بكلامك دة؟ عايزة زهرة تكرهك؟ طب هتقدري تستحملي ذنب مشاعرك؟ هتقدري تبوظي فرحة أختك وفرحة ابني؟ هتستحملي نظرات اللوم والعتاب من الكل؟ أنتِ عارفة لو حد شمّ خبر بالكلام اللي بتقوليه دة هيقولوا عنك إيه؟ هيوصفوكي بإيه؟2
نشجت لتيـن ببكاء حار خائف فقالت حنـان بتعاطف: بكرة تكبري وتتجوزي عماد ابن عمك هو بيحبك عشان هتكوني مراته ومشاعرك المفروض تكون ليه وبس وإلا هتكوني خاينة والخيانة ذنب ربنا هيحاسبك عليه
كانت تقصد إرهابها وبثّ الخوف بين طيات قلبها حتى تخرج من عالمها الوردي وتسقط على أرض الواقع
وتحميها وتحمي الجميع ولكن لم تكُ تعلم حجم المعاناة التي عاشتها تلك الصغيرة المدللة فأضحت إنسانة محملّة بذنب الخيانة وعذاب الضمير على ذنب لم ترتكبه قط ..
إنتهت لتيـن من سرد ما حدث تحت نظرات شعـيب الجاحظة الذاهلة
همس بصوت هارب: أنا مش فاهم حاجة
_إيه اللي أنت مش فاهمه؟ وكأنك مكنتش عارف كل الكلام دة من الأول
قالتها بعصبية نابعة من إضطراب مشاعرها وحيرتها من ذهوله الواضح فلم ترغب نهائيا في ذكر ما حدث بالماضي فذلك الحوار مع زوجة عمها ما زال يجلدها ويشعرها بأنها خائنة بل تكاد أن تكون ذات خطيئة تعدت على ممتلكات شقيقتها ، حاولت سرقة شعيب منها!!
أحاط شعـيب وجهه بين كفيه يرمقها بذهول لم يستطع التخلص منه هل ما سمعه صحيح؟ هل كانت تحبه؟ رباااااه ضربات قلبه تخطت الحد المعقول ولهاثه أصبح مسموع وكأنه كان في سباق لوقت طويل يجري في صحراء قاحلة فجاءت هي بإعترافها كبحيرة ماء عذبة غرق فيها وشرب حتى ارتوى2
هتف شعـيب بصوت أجشّ إثر مشاعره الجياشة: لتيـن أنتِ بتحبيني
_شعيب لو سمحت
_ششششش أنتِ بتحبيني؟ بتحبيني أنا
أجابته بحدة تداري خجلها: شعـيب أنا بكلمك في إيه وأنت بتقول إيه ركز لو سمحت
_أنا مركز جداً خالص أوي بالصلاة على النبي عايزك أنتِ تركزي معايا ، أنتِ فعلاً كنتي بتحبيني؟5
أجابته بتهور: أنا أصلاً لسه بحبك
قضمت شفتاها بخجل على إعترافها المتهور5
ران صمت مهيب وكأنّ الكون خجل من مقاطعة تلك اللحظة الفارقة في حياتهما معاً قبل أن يقطعه شعـيب قائلًا:
متى ستعرف كم أهواك يا املاً
أبيع من أجله الدنيا وما فيها
لو تطلّب البحر فى عينيك أسكبه
أو تطلّب الشمس فى كفيك أرميها
أنا أحبك فوق الغيم أكتبها
وللعصافير والأشجار أحكيها
أنا أحبّك فوق الماء أنقشها
وللعقاقير والأقداح أسقيها
أنا أحبك حاول أن تساعدني
فإن من بدأ المأساة ينهيها
وإن من فتح الأبواب يغلقها
وإن من أشعل النيران يطفيها3
ختم كلماته وانقضّ عليها يشبعها عناقاً ودلالاً وبين الثانية والأخرى يعترف لها بمشاعره يبوح لها عما بداخله عن مكانتها لديه لعلها تصدقه لعلها تبادله الإعترفات ولكنها كانت خجلة مرتبكة ضعيفة مقابل طوفان مشاعره
غرقت لتيـن بين طيات عاطفته ، كلماته كانت كالدواء سريع المفعول على جراحها ، ورغم حالة التيه التي شملتها إلا أنها استوعبت معلومة غابت عنها لسنوات أو ربما قصدت عدم الإنتباه لها!
شعـيب يحبها ، شعـيب سـالم مهران عاشق لها كما ستظل عاشقة له شعـيب ، ذلك الحلم المستبعد حدوثه ، أصبح زوجها وحبيبها
إبتعد عنها وهو يلهث بإنفعال قائلًا: يا مجنونة إزاي مش عارفة إني بحبك إني بموت من نظرة من عيونك إني متيم بيك آه لو كنت شاعر كنت كتبت في حبك قصائد و أشعار ولعنيكي أغاني وموال آه ياحبة القلب آه يا وجعي ولوعتي ونصي التاني قولي إنك بتحبيني قوليها خليني أصدق إني صاحي مش بحلم قوليها ياحبيبتي2
هتفت بإرادة مسلوبة: أنا بحبك يا شعـيب بحبك وحبك ذنب عذنبي طول حياتي ورغم عني مقدرتش أتوب عنه
طبع عدة قُبلات على وجهها ورقبتها قبل أن يقول بإفتتان: ذنب ، ذنب إيه يا مجنونة؟ مشاعرك مش بإيدك أنا مش عارف ليه حاسه إنه ذنب؟ إزاي يكون ذنب وهي مشاعر ربنا زرعها جواكي هبة من عند الرحمن مشاعر مقصدتيش تحسيها كان هيبقى ذنب لو تخطيتي حدود ربنا ، كان هيبقى ذنب لو عملتي أي شيء مشين يلوث طهارة المشاعر دي! لكن حبك كان نقي مشاعر حسيتي بيها جواكي فإحتفظتي بيها لنفسك وقفلتي عليها قلبك يبقى فين الذنب دة
_زهرة كانت بتحبك أنت كنت من نصيبها هي
قالتها بحشرجة وقد سقطت دمعتان على وجنتيها فمسحها الأخير بإبهامه قبل أن يقول بصرامة: كنت من نصيبها لحد ما ربنا إسترد أمانته والله العظيم إتقيت ربنا فيها ليه بقى أنتِ شايلة ذنبها؟ قوليلي أنتِ حاولتي بأي شكل من الأشكال تبعديني عنها؟ حاولتي تشديني ليكِ؟
هتفت مسرعة تنفي تلك الجريمة: لا والله أبداً أنا بعدت عنك على شانها ، بعدت عن أي مكان أنت تكون فيه خوفت أعمل حاجة تزعلها “زهرة” مش أختي وبس لا دي كانت صاحبتي الوحيدة وأمي التانية ، دة أنا حتى وافقت أتجوز عمـاد عشان أحميها من مشاعري
همس بعذاب: وياريتك ما وافقتي! رميتي نفسك في النار ياريتنا ما أتربينا في عادات قديمة كتبت علينا الفراق .. شعـيب لزهرة و لتيـن لعماد بأي منطق وأي عقل الكلام دة فأي شرع الكلام دة؟ كل دة علشان جدي و1
قاطعته بهدوء: أنا مش ندمانة أنا أنقذت عيلتنا كلها تخيّل. ياشعيب لو كنت عرفت بمشاعرك ناحيتي وأنت كمان عرفت بمشاعري ، كان إيه اللي هيحصل؟ أبسط حاجة كنا هنواجه الكل ونرفض عماد وزهرة أو كنا هربنا وسبنا الجمل بما حمل ما إحنا كنا مراهقين متسرعين لما بفكر في كل حاجة وأشوف كل الزوايا بحمد ربنا الحمدلله يمكن اللي شوفته مع عماد كان إبتلاء من رب العالمين وفي آخر الإبتلاء دة لقيتك أنت! عوضي وسندي عوض مش مستعدة أخسره ولا هقبل تكون لي غير عوض لو جرحتني مش هستحمل ، الوجع بيكون على قد المحبة وأنا بحبك جداً جداً جداً
_يالله
قالها وهو يحتضنها بقوة يريد زرعها بين ضلوعه بجوار قلبه
_النهاردة يوم لازم ينكتب في التاريخ ، النهاردة يوم انتصر فيه قلبنا النهاردة يومنا يا مالكة القلب والوجدان
_شعـيب
هتف بحرارة: واحدة كمان من شعـيب بتاعتك دي وشعيب مش هيكون مسؤول عن اللي هيحصل
شاكسته بدلال: شعـيب2
ضيق عينيه ورُسمت إبتسامة خبيثة على وجهه جعلتها ترتبك قبل أن تشهق بذهول وشعيب يحملها بين ذراعيه قبل أن يلقيها على الفراش ويقفز بجوارها يحيطها بتملك ويغرقا معاً في حديث طال إنتظاره
×××××××××
في صباح اليوم التالي
وكأن رأسها على وشك الإنفجار وكأن بداخله مصانع للحدادة صداع كاد أن يفقدها بصرها من شدتّه
صرخت نـورا بألم وهي تقبض على رأسها بقوّة في محاولة بائسة لتقليل الألم ولكن دون جدوى ، تحتاج لذلك المسحوق الأبيض وبقوة فـأثناء لملمة أشيائها لم تنتبه له وتركته هناك في شقة والدها4
تقدمت بخطوات مبعثرة بإتجاه هاتفها قبل أن تحمله وتطلب رقم معين تحفظه عن ظهر قلب ثواني وأجابها الطرف الآخر فقالت مسرعة: عايزة طلب كل مرة بس المرة دي بكمية أكبر عايزة تلات أضعاف
صمتت تستمع للطرف الآخر قبل أن تصرخ بغضب أعمى: أيوة معايا فلوسهم هات الحاجة أنت بس العنوان
قالت له العنوان بالتفصيل قبل أن تغلق الهاتف بإرتجاف وأخذت تحك جسدها كالمصابة بالجرب وعقلها يخطط ويدبر في شر لو أطلقته لأحرق الأخضر واليابس
××××××××××
عيناها منتفختان من كثرة البكاء وعقلها يسأل دون إنقطاع متى أخطأت ومتى سهت عن أولادها؟ فيما أخطأت؟ هل أذنبت ذنب كبير فإبتلاها الله في أولادها؟ لماذا؟ فقط لماذا أولادها دوناً عن أولاد الجميع؟ كانت تعرف علّة عمـاد تعلم أنه يغار من شعـيب ولكنّه لم يكُ مؤذياً كانت على يقين أنه لن يؤذي أحد لتتفاجئ بعد ذلك بأفعاله المشينة مع لتيـن دعت ربها بأن يهديه ويرشده الطريق الصحيح ، رغم إصابة قدميه ووجعها عليه ولكنها صبرت وإحتسبت ولكن تأتي الضربة الثانية من “نـورا”….!!!
كيف ستتحمل؟ كيف سترفع رأسها أمام الجميع؟ كيف ستتخلص من العار الذي وصمت به و بزوجها؟
_يارب أنت العالم كل شيء .. يارب أنا مقصرتش أنا فنيت حياتي عليهم عملت كل حاجة عشان أربيهم صح كلهم اتربوا نفس التربية ليه نـورا وعماد يبقوا كده؟ يارب ألطف بينا يارب أنا مش هأقدر أستحمل لو حد فيهم حصل له حاجة مش هقدر يارب ، يارب إهديهم وأغفر لهم ، يارب عديّها بكرمك يا رب2
شهقت ببكاء عنيف تشعر بالقهر بالألم بالخسارة هي أم على وشك خسارة أبنائها هي أم لم تبخل عليهم بشيء! هم أم كتب عليها أن تحيا خذلان الأبناء وتسقى من مرارة أفعالهم
وضعت يديها على موضع قلبها تشعر بألم لاسع لم تكُ تتحمله حاولت الصراخ ولكن سحبتها تلك الغيمة السوداء فسقطت فاقدة الوعي في أرضية المطبخ
وبالخـــارج
إنتبه مـازن لصوت منبعث من المطبخ صوت لشيء يسقط وبقوّة فأسرع بإتجاهه يطمئن على والدته التي أصرّت على إعداد وجبة الأفطار
إندفع داخل المطبخ بقلق قبل أن يتمسمر مكانه وهو يرى والدته تفترش الأرض و وجهها كصفحة بيضاء خالية من ألوان الحياة ، صرخ بفزع قائلًا: أمي!!3
ثم جلس جوارها يتفحص نبضها ولكن لم يكُ موجوداً !! ضغط على صدرها عدّة مرات في محاولة لإعادة النبض ولكن لا شيء ولكنه لم ييأس بل إقترب منها يحاول إنعاشها بالتنفس الصناعي عدة مرات ولكن نفس النتيجة والدته فقدت النبض فقدته إلى الأبد والدته فارقت الحياة والدته…
_ماتت؟!!3
قالها بعدم وعي كما بكت عيناه دون وعي منه
همس مـازن بإرتجاف: ماما .. أمي يا فوفا ردي عليا .. أنا خايف .. ماما .. ماماااا .. يا أمـــــي3
إنهار يصرخ ويصرخ حتى آلمته أحباله الصوتية ولكنه لم يصمت فكان الألم بقلبه أشد قسوة وأكثر وجعا
أتى توفيق على صراخ مازن فأصابه الذهول هو يرى ولده المنهار وزوجته الساكنة سكون الموتى!!
تساءَل توفيق بتيه: في إيه؟!!!
أجابه مـازن ببكاء: خليها ترد هي دايما بترد عليك أول ما تسمع صوتك ، أنا مش عارف هي ليه ساكتة ، أنا مش فاهم إيه اللي حصل هي .. هي كانت بتعمل الفطار أنا قولتلها تستريح بس هي رفضت قالت أبوك لازم يفطر عشان ياخد الدواء ، بس هي دلوقتي ساكتة ومش بترد عليا وهي عارفة ، عارفة أني مبحبش كدة فخليها ترد خليها ترد يا حاج5
إستند توفيق بضعف على إطار الباب وقد خارت قواه وأخذ يتمتم برتابة: إن لله وإنَّ إليه راجعون ، إن لله وإن إليه راجعون
رمقه مـازن بعينين جاحظتين قبل أن يحتضن والدته بقوة ويشهق ببكاء عنيف كطفل رضيع تاه من والدته وقلب رجل كبير يستوعب معنى الموت ويدرك ألم الفراق3
×××××
أنتشر خبر وفاة “وفـاء” بسرعة رهيبة داخل بيت آل مهران حتى وصل الخبر لعماد الذي أنهار بشكل أوجع الجميع فساد حزن كئيب على البيت وساكنيه
وبنفس السرعة أخرجوا لها تصريح الدفن وتم الأتفاق على دفنها بعد صلاة المغرب وقد كان فبعد أقامة الصلاة وتأديه صلاة الجنازة تم تشيع جثمان المغفور لها وسط أنهيار ولديها “مـازن وعماد” وغياب وحيدتها “نـورا” التي لم تعلم من الأساس بوفاء والدتها!!…2
××××××××××
بعد مرور أسبوعيين
أربعة عشر يوم حدث بهم الكثير فقد تحطمت بعض القلوب وقلوب أخرى وجدت السكينة والأمان
بعد وفاة “وفـاء” تحطم مـازن وعماد بشكل مآسوي ولكنهم مازالوا يعافرون صابرين راضيين بما كتبه الرحمن
و “نورا” ما زالت لاهيه غير واعية معظم الوقت بسبب تلك المواد المخدرة التي تتناولها بشكل جنوني وفقد أصبحت حبيسة القصر تخطط لخطواتها التالية لا تتواصل مع أحد سوى فتى توصيل “المدمرات” التي تتعطاها .. وللآن لم تدري بوفاة والدتها ولم تقلق على فلذة كبدها أي أم هذه بل أي أنسانه هي؟!!!
××××××××××
لقد أحتلت مطبخ جدتها صباح اليوم تأكل بلهفه من تلك الـ
_يابنتي كفاية أكل في “المورتة”
{المورتة هي عبارة عن البقايا التي تفضل في قاع الأناء بعد تسيح كمية كبيرة من السمن أو الزبدة الفلاحي وتتمع المورتة بطعم مالح ولذيذ}7
أجابتها لتين وهي تغمس قطعه من الخبز الطازج في طبق “المورتة”: طعمها يجنن يا تيته حلوة قوووي صدقيني صحيت من النوم وأنا شامه ريحيتها من على بعد فعرفت إن أكيد الريحة القمر دي من عندك
_ما النهاردة وصلت الحاجة من عند الحاجة “كاملة” أنتِ عارفة كل شهر بخليها تبعت لنا المش والمورتة والجبنة القديمة والعسل الأسود والسمن البلدي
_تسلم أيديهم حاجتهم تحفففة
هتفت صباح بصرامة وهي تنتشل “المورتة” من أمامها: طب كفاية كده بقا هيجيلك أملاح
رمقتها لتيـن ببؤس طفولي كاد أن يؤثر بالجدة ولكنه هتفت بحزم: الوش ده ياكل مع ننوس عين أمه “شعـيب” أنما أنا لا يالا يابت على بيت جوزك
صمتت صباح فجأة قبل أن تتسع عينيها بأدراك صائحة: بت يا لتيـن لتكوني حامل وبتتوحمي؟!!!
يتبع…..
لقراءة الفصل السادس والعشرون : اضغط هنا

اترك رد

error: Content is protected !!