Uncategorized

رواية ملك للقاسي الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم فاطمة أحمد

           رواية ملك للقاسي الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم فاطمة أحمد

رواية ملك للقاسي الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم فاطمة أحمد

رواية ملك للقاسي الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم فاطمة أحمد

#ملك_للقاسي2 (أكثر تملكا ) #فاطمة_أحمد
الفصل الثاني : تخبطات مشاعر
_____________________
اغلقت الخط وظلت تنظر الى الهاتفة متمتمة :
– انا لازم اتصرف واخلص من القصة ديه مستحيل اخلي آسر يعرف باللي عملته من سنين عشان يسيب البنت اللي بيعشقها ديه و يرجعلي !!
فتحت رولا باب المطبخ و اطلت منه على آسر الذي كان جالسا يشرب الخمر ، لقد حاول مرارا الامتناع عنه لكنها كانت تجعله في كل مرة يعود اليه ، من مصلحتها جعله يبقى ثملا معظم الاوقات لكي تستطيع السيطرة على افكاره و أمواله و البقاء متزوجة به حتى لو لم يكن زواجا رسميا….. هي سعت كثيرا للحصول عليه و الآن يجب ان تعود معه الى الولايات المتحدة في اسرع وقت ممكن ، كلما كان آسر بعيدا عن تقي زاد استطاعت هي تقييده اكثر !!
تنهدت رولا و اخرجت زجاجة خمر من الثلاجة و ذهبت اليه ، نظر اليها متسائلا :
– انتي اتأخرتي كده ليه ؟
اجابته مبتسمة وهي تسحب له كأسا :
– انا كنت بكلم واحدة صاحبتي من نيويورك كانت بتسأل هنرجع امتى. 
بهتت ملامحه و نظر للكأس الذي في يده بشرود فوضعت الاخرى يدها على كتفها قائلة :
– احنا هنرجع امتى ؟
زفر آسر بخنق :
– معرفش لسه مش واضح…. انا بفكر انقل شغلي ع البلد هنا و اكمل حياتي جمب اخويا. 
اتسعت عيناها بصدمة و احست بعقدة تلتف حول لسانها لتمنعها عن الكلام من هول ما سمعته ، مررت رولا اصابعها على وجهها بتوتر ثم تلعثمت :
– اا… تقصد انت عايز نكمل حياتنا في مصر ومنرجعش ع اميركا تاني ؟؟
هز رأسه و نظر اليها :
– ايوة انا بفكر في الموضوع ده بقالي زمان…. هكمل حياتي في البلد اللي انا سبتها من سنين…. هكملها معاكي. 
لاحت ابتسامة خبيثة على وجهها لم يلاحظها آسر ، حمحمت و استندت برأسها خلف كتفه الأيسر هامسة بنبرة خافتة :
_ مدام هنعيش مع بعض معنديش مشكلة….. اي مكان انت بتكون فيه هيكون بيتي انا كمان. 
امسك آسر يدها الملتفة حول صدره بداية من كتفه الايسر لكتفه الأيمن ، متمتما بامتنان :
– شكرا يا رولا…. شكرا لانك معايا انتي افضل صديقة و حبيبة في الدنيا كلها. 
– بحبك اوي يا آسر. 
قالتها وهي تقف مواجهة له و تطبع قبلة على شفتيه ، نظر اليها ثوان قبل ان يبادلها قبلاتها :
– وانا بحبك…..
_____________________
قرب الظهيرة. 
في سرايا الشافعي. 
كانت يارا تقرأ كتابا يخص الحمل عندما سمعت طرق الباب ، اخفت الكتاب اسفل وسادتها و هتفت بصوت مرتبك :
– اتفضل !
دخلت الجدة زهرة مبتسمة :
–  حفيدتي الجمر مهتنزليش تتغدي ويانا ؟
هزت رأسها مجيبة :
– انا كنت بلعب بتلفوني و هنزل كمان شويا يا تيتا. 
– طيب يابتي متتأخريش. 
غادرت زهرة فنهضت يارا و خبأت الكتاب في دولابها….. و قبل ان تغلقه لمحت ذلك المنديل الرمادي الخاص ب ادم…
التمعت عيناها بدموع الحزن و الشوق وهي تسحبه نحوها تشمه بعمق ، تذكرت قبل شهور عندما دخلت الى غرفته سرا في وقت متأخر من الليل ، لم يكن مر على زواجهما سوى اسبوع واحد عاشا فيه مثل الغرباء تماما ، وقتها ارتدت ملابسه و نامت على سريره حتى جاء ادم و ايقظها لتسحب معها ذلك المنديل الحريري و تغادر و تظل محتفظة به !! و بقي مخزنا وسط ملابسها حتى انها وضعته بالخطأ في حقيبتها عندما غادرت المنزل ذلك اليوم. 
اطلقت آه حارقة تعبر عن النيران التي تشتعل بقلبها كلما تذكر جميع اللحظات التي قضتها معه… حتى ادق التفاصيل ، لكن بالتأكيد هي فقط من تعاني ألم الحب وهو يعيش حياته غير مكترث لها…. ولا لحبها !!!
شهقت يارا تسحب اكبر قدر من الهواء لداخل رئتيها لعلها ترتاح قليلا ثم ارتدت ملابسها و نزلت الى الاسفل. 
القت السلام و جلست بجانب جدتها – وكرسيها مقابل تماما لكرسي عمر – ، تتناول طعامها بهدوء حتى نطق الجد سليم بنبرته الخشنة :
– ادم متصلش بيكي يا بتي مكلمكيش ؟
جفلت يارا لثوان قبل ان ترد عليه بتقطع خافت :
– لا …. متصلش. 
عقد حاجبيه بعدم رضا مهمهما :
– ومش راضي يرد على اتصالاتي… وبعدين يا بتي نهاية الموضوع ايه ؟ بجالك فترة طويلة جاعدة اهنيه و معندة تكلميه لا راسيين على طلاج ولا ترجعيله فهمونا موجفكم مشان نعرف احنا هنعمل ايه يا حفيدتي !!
رددت زهرة خلفه بهلع :
– طلاج ايه يا حج بعيد الشر ديه خناجة بين زوجين لحظة شيطان ولما يهدو هيرجعو زي الفل. 
اغمضت يارا عيناها بألم تمنع دموعها بصعوبة من النزول و التعبير عن مدى كسرها في هذا الموقف ، استأذنت و نهضت تتجه الى غرفتها ركضا ليوقفها صوت ابن عمها :
– ثانية يابت عمي !
توقفت عن اضافة خطوة واحدة و التفتت اليه ، كانت عيناها حمراوتان و صوتها متحشرج لذلك لم تتكلم بل اشارت برأسها متسائلة عن سبب ايقافه لها الآن. 
اقترب منها عمر و عيناه تتأملانها من أعلاها الى اسفلها بارتياح ضايق يارا كثيرا فسألته بحدة :
– خير ؟؟
بلل شفتيه قبل ان يقول :
– اني خابر زين مدى وجعك من اللي حصلك من ولد عمي ادم ….. و خابر انك دايما بتوجفي جدام الشباك على أمل تلاجيه جاي ياخدك يا يارا.
لم يكن وحده الملاحظ …. كان الجميع يدركون مدى ألمها ، وانها رغم رفضها التكلم معه الا انها تشتاق لرؤية وجهه و سماع صوته او حتى صوت انفاسه لا يهم فقط هي تحتاج لمعايشة اي تفصيلة صغيرة من زوجها الذي وصل حبها له حد النخاع !!
اذا لماذا لا يأتي…. لماذا لا يكلمها….. لماذا لم يشتق لها مثلما اشتاقت اليه…. الا يريدها…. اليس لها خاطر صغير عنده ليتذكرها حتى ولو بلحظة صغيرة….. هل مع ألمها منه اضاف ادم زيتا على نارها و اراد الطلاق !!
افاقت من انغماسها في الفراغ المظلم على صوت عمر وهو يكمل :
– هو مبيستاهلش حبك ليه يا بت عمي ، مبييتاهلش تتوجعي عليه وهو عايش حياته مرتاح بعيد عنك  ، كان لازم يجي يعتذر منك بس هو جلب الطرابيزة عليكي ومن جسوة جلبه مطمنش حتى على مرته اذا كانت عايشة او ميتة و…..
قاطعته يارا بصراخ وهي تضع يديها على اذنيها :
– خلاص اسكت !!
تابع عمر وقد بدأ ينال ما يريده من حدبثه معها :
– لازم تتطلجي يا بت عمي خلاص انتي خدتي حصتك من الورث ومبجتيش محتاجة لحد يصرف عليكي نص الاملاك مكتوبة ب إسمك ده غير حصتك من الشركة انتي بجيتي ست جوية تجدري تعيشي من غير ادم اللي محبكيش ولا عرف جيمتك…. و انتي خابرة زين مين اللي بيحبك يا بت عمي. 
نظرت له الاخيرة و قد فهمت مقصده من جملته ، فلمعت عيناها بحزم ورسمت الجدية على وجهها وهي تردد :
– انا من دون الاملاك حتى بقدر اعتمد على نفسي ومحتاجش ل اي حد غير ربنا…. و بخصوص الطلاق ل علاقتي ب ادم احنا اللي بنقررها بس يا ابيه عمر اتمنى انت متدخلش…. عن اذنك. 
دخلت الى غرفتها مثقلة الكاهل و متعبة الروح ، لو انهم وضعوا حجرا ثقيلا على قلبها لما كانت تتألم لهذه الدرجة حتى ، لو ضربوها بسياط من نار لم تكن لتنكوي روحها هكذا ، يا الهي انها تشعر بالاختناق لدرجة حتى لو جلست في اوسع مكان فلن ينجح هذا بتحرير نفسها ولو قليلا ، هو فقط دواؤها ، مثلما كان داءها !!!
______________________
في الشركة. 
دخل ادم بخطوات متزنة و قابل رتاج في طريقه فأمرها مغمغما :
– عرفي مازن اني في اوضة المكتب و عايزه فورا. 
اجابت سريعا :
– حاضر يا فندم. 
هرعت الى مكتب مازن ودخلت مباشرة دون ان تطرق ، كان هو منغمسا في اوراقه و سرعان ما انتفض بسخط :
– وبعدين بقى معاكي انا قولتلك مليون مرة اخبطي ع الباب قبل ما تدخلي بس وانتي ولا كأنك هنا !!
مطت شفتها ببرود :
– لمؤاخذة نسيت حضرتك ، المهم الاستاذ ادم طالبك في مكتبه و بيقولك متتأخرش والا هجيبك من شعرك و امسح بيك …..
قاطعها مازن برفعة حاجب مستنكرا :
– وده كلامك ولا كلامه ؟
ردت عليه بابتسامة :
– كلامه يا فندم عن اذنك. 
التفتت لتغادر وهي تهمهم :
– اخبطي ع الباب نينيني. 
– بتقولي حاجة يا رتاج ؟
– لا حضرتك انا بكلم نفسي فحاجة تافهة كده متشغلش بالك. 
اتجه مازن الى مكتب صديقه و دخل ليجده يقلب في بعض الملفات بعصبية ، حمحم و هتف بمرح :
– ايوة يا صاحبي عايز مني ايه ؟
همهم دون النظر اليه :
– محتاج كل النسخ من الملفات اللي في البلد ابعت ايميل و اطلب منهم يبعتولك كل حاجة تخص شغل اخر 6 شهور ، المشاريع كلها الارباح و الفوائد و الخسائر انا عايز الحسابات كلها تبقى عندي بكره اقصى حد اطلبهم من مجلس الادارة اللي هناك بسرعة. 
تعجب مازن من طلبه و سأله يستفسر :
– من عينيا بس ممكن اسألك عايزهم ليه يا ادم ؟ ما هما لسه باعتين النسخ ورقي من اسبوعين بس. 
فتح ادم احدى الادراج يبحث عن شيء ما ليجيبه :
– في تناقض في الحسابات و مشاريع ملهاش وجود و مصاريف معرفش انا راحت على فين حتى البنوك اللي بنتعامل معاها مش معروفة ب الاحرى ملهاش اسم ولا وجود اصلا. 
اتسعت عيناه بدهشة من كلامه :
– انت بتقول ايه يا ادم قصدك ايه ؟؟
اخيرا وجه نظراته عليه قائلا بنفاذ صبر :
– قصدي ان في كام حاجة بقت مش مفهومة في الشغل خاصة بعد وفاة عمي احمد انا متأكد ان في غلط بس مش عارف هو ايه بالضبط ولا هو فين….. بص انا مش عايز اتكلم في التفاصيل قبل ما نتأكد اعمل اللي طلبته منك الاول. 
رد عليه بهدوء :
– طيب ماشي….. بس في حاجة تانية مدايقاك ايه هي ؟
زفر ادم بخنق :
– مفيش حاجة روح شوف شغلك. 
ابتسم مازن و اعتدل في جلسته مؤكدا :
– مفيش ازاي انا عارف ان عصبيتك ديه بسبب حاجة تانية غير الشغل احكيلي. 
اغمض عيناه يسترجع احداث صباح اليوم ليهتف بتشنج :
– عمي علي اتصل بيا النهارده الصبح ، وقالي مدام سايب مراتي بقالي فترة طويلة الاحسن ابعت ورقة الطلاق عشان ننفصل و…. و يارا تشوف حياتها بعيد عني. 
نطق جملته الاخيرة وهو يجز على اسنانه بعصبية شديدة ، مجرد تخيله ان يارا هي من تريد الانفصال جعله يرغب في تكسير كل ما تطوله يداه ، وحتى احراق كل من فكر بأن ينفصلا عن بعضهما البعض ، مهما تشاجرا ومهما ابتعدا لكن ستظل يارا ملكه…. زوجته هو فقط لا غيره… لن تكون لرجل غيره حتى بعد موته !!!
تساءل مازن بحذر بعدما لاحظ عضلات وجهه و يديه تتشنج :
– ايوة يعني ….. مراتك هي اللي بعتته يقولك الكلام ده ؟
نفى الاخر فورا :
– لا طبعا يارا مستحيل تخلي حد يتدخل في خصوصياتنا…. انا اللي مدايقني ان ازاي عمي كلمني و ليه هو ماله اصلا اتطلق ولا متطلقش ايه القرف ده هما عايزين يستغلو يارا طمعانين بفلوسها و الغبية مش واخدة بالها. 
ابتسم رفيقه خفية ليحمحم مردفا :
– اها عشان كده انت متنرفز….. طيب ايه اللي ضايقك اكتر انهم بيتدخلو فيك ولا فكرة ان مراتك عايزة الطلاق ؟
نهره بحدة ليكمل مازن غير مبال :
– يابني انا اكتر واحد عارف انك مشتاق لمراتك صح انت لسه مقولتليش ايه اللي حصل عشان تتخانقو كده بس حرام تفضلو بعاد عن بعض كده و تعندو خاصة انت. 
رفع حاجبيه بسخرية :
– على سيرة العند انت لسه مش ناوي تمشي خطوة لقدام ولا ايه ؟
استغرب كلامه و ترجمه على شكل سؤال :
– امشي خطوة فين ؟
اجابه بابتسامة بعدما استطاع تغيير الموضوع :
– فعلاقتك الصامتة انت و السكرتيرة بتاعتك رتاج…. هتفضل لحد امتى تبصلها بنظرات غبية مش ناوي تعترفلها بمشاعرك ولا مستني راجل تاني يجي يخطفها منك ؟
انتفض مازن مندفعا :
– يخطفها لا طبعا مستحيل يحصل انا مش هقبل حد ياخدها مني !
ساد الصمت قليلا وقد ادرك انه اعترف بشكل غير مباشر بمشاعره نحو رتاج ، تنهد ببطئ ونظر له ، مازن يعلم جيدا ان ادم كان يدرك ماهية مشاعره نحو شقيقته مسبقا حتى بالفترة التي كانت ستتزوج فيها كان صديقه مدركا تماما ان قلبه يتحطم لذلك هو يسعى لان لا يتعرض لنفس الموقف مجددا. 
اكمل ادم بصوت رغم صلابته لكن يوجد داخله الحنان و حبه لمصلحة رفيقه :
– بص يا مازن في حاجات احنا بنعيشها بس بننكرها و في حاجات احما مبننكرهاش بس بتخاف نعترف بيها…. الحياة مش مضطرة تستناك امتى تستقوى و تقضي مصالحك او امتى بتتخلى عن خوفك و ترددك و تحقق اللي انت عايزه …. بس بتديك فرصة تانية و اخيرة وانت بتختار تستغلها او تكرر الغلط اللي عملته زمان ، فاهمني ؟
اخفض رأسه بخزي وهو مدرك تماما لما ضيعه من فرص في حياته بسبب تردده و خوفه الدائمان ، الان هو يخشى حتى بالاعتراف بحبه لرتاج يخاف ان تكسر هي قلبه و ترفضه من جهة ، و يخاف ان يؤجل اعترافه حتى يدخل الرجل الذي تحبه حياتها و يأخذها منه ايضا ، و في كلتا الحالتين هو الخاسر !!
– انا بخاف من النتيجة…. ومن الخسارة. 
قالها مازن بخفوت و الحزن يطفو ليترسم على وجهه ، ف ابتسم ادم و تمتم :
– انك تمشي خطوة و تقع…. احسن من انك متمشيش خالص و تندم …. الخسارة بتقهر بس بتفضل احسن من ندمك و نطق جملة ياريت عملت وياريت قلت يا مازن فاهمني ؟
هز رأسه بنعم ووقف لينحني عليه ويقبله :
– ايوة انا فهمت يا ادم متشكر جدا يا صاحبي يا ذو النصائح الذهبية. 
اغتاظ ادم و دفعه بعيدا عنه :
– طيب متلزقش فيا كده ابعد شويا انت خنقتني. 
قهقه مازن بصوت مرتفع و غمزه :
– انا بحبك يا ادم بتعرف ده كويس صح بس انا عايز اأقدملك نصيحة ممكن…. ياريت نصايحك الحلوة ديه تطبقها على نفسك لانك اولى بيها مني. 
ثانيتان فقط وكان مازن يغادر المكتب سريعا بعدما القى عليه ادم مجسما بلاستيكيا بسخط وهو يشتمه بصوت منخفض ….. ضحك الاخير و انتظر قليلا ليدخل المكتب مجددا :
– على فكرة يا ادم الاجتماع بعد نص ساعة ياريت تحهز نفسك وانا هروح اعمل اللي قولتلي عليه تمام. 
اعاد ادم ظهره للخلف و دار حول نفسه مرتين بالكرسي ذو العجلات ثم تطلع على الملفات الموجودة امامه…. لمح ملفا احمر فأخذه بين يديه و ابتسم لاشعوريا وهو يعود بذاكرته الى الوراء…..
** في نفس الوقت كانت يارا تمسك قلما اخذته من مكتب زوجها ذلك اليوم فأغمضت عيناها متذكرة…
Flash back
( قبل ثلاثة اشهر ونصف…
كانت يارا في المنزل ترتب الاغراض حتى سقط من احدى الرفوف ملف احمر اللون ، اخذته و قرأت محتواه وسرعان ما شهقت بصدمة :
– مش ده نفس الملف اللي طلب مني ادم ابعتهوله مع الموظف اللي جه من شويا !! شكلي غلطت و بعتله ملف غير اللي عايزه ولا ايه…. يا الله هو قالي اجتماع النهارده مهم جدا و الملف ده ضروري ليه. 
نظرت الى ساعة يدها صارخة :
— و الاجتماع كمان بعد ساعة الا ربع لو بعت الموظف تاني ورجع ع الشركة هيكون اليوم خلص اصلا ، انا لازم اعمل ايه اوووف. 
هرعت لتتصل ب ادم لكنها توقفت مفكرة :
– لالا انا مش مستعدة اسمع زعيقه في التلفون دلوقتي احسن حاجة انا اللي اخدله الملف بنفسي و ارجع بسرعة ولما الاقيه هناك هشرحله اللي حصل. 
ارتدت ملابسها و غادرت مسرعة في سيارة تاكسي…. وصلت في وقت قياسي الى الشركة و دخلت كانت يارا تعرف جميع المكاتب و قاعات الاجتماعات بفضل زياراتها السابقة الى والدها لذلك لم تجد صعوبة في الوصول الى وجهتها ، دخلت الى قاعة الاجتماع الخاصة ووضعت الملف المطلوب قبل ان تتنفس بارتياح :
– الحمد لله وصلت في الوقت المناسب يلا انا هحطه و امشي بسرعة قبل ما يشوفني. 
تحركت يارا مسرعة و ما إن فتحت الباب حتى اغلقته بقوة مجددا :
– ايه ده ادم جاي و معاه اكتر من 4 اشخاص يا ربي ايه المصيبة ديه معقول يدخلو و يلاقوني هنا !! 
دحرجت نظراتها في المكان و فكرت في الاختباء ولم تجد الى تلك الطاولة المستديرة بالتأكيد لن يجلسوا عليها بل سيتخذون الطاولة الكبيرة مجلسا لهم في هذا الاجتماع.
لم تفكر اكثر خاصة ان اصواتهم اصبحت قريبة ركضت اتجاه الطاولة و دخلت أسفلها ، جلست في المنتصف و كومت جسدها هامسة برعب :
– لو شافوني متخبية هنا هتبقى فضيحة و ادم هيعلق مشنقتي يارب مياخدوش بالهم مني.
بعد عدة ثواني فتح الباب و دخل ادم و خلفه العملاء ، اخذ الملف من على الطاولة قال مغمغما بصلابة :
– اتفضلو يا جماعة نقعد هناك احسن. 
جفلت يارا و تجمدت الدماء في جسدها عندما جلس العملاء على الطاولة التي تختبئ هي تحتها ، وضعت يدها على فمها وضغطت عليه كأنها تمنعه من اخراج حرف بالخطأ و لولا انها ستموت لكانت سدت انفها لكي لا يصدر صوت انفاسها فيكتشفون وجودها…. هنا في قاعة الاجتماعات و اسفل الطاولة التي يجلسون عليها !!!
بدأ ادم يتحدث بكل جدية حول الصفقة التي يتناقشون عنها الآن و شاركه في الكلام جميع العملاء الذين يطمحون للاتفاق مع الشركة ، مرت ساعة كاملة و يارا اسفل الطاولة كان جسدها بدأ يؤلمها بسبب وضعية جلوسها وحتى انها شعرت بضيق قليل في التنفس ، اغمضت عينيها بغيظ و حدثت نفسها :
– الاجتماع ده هيخلص امتى انا تعبت والله طيب يطلعو من الاوضة عشان يرتاحو شويا معقول الرغي ده كله ، و ادم دايما بيقولي انتي بتتكلمي كتير اهو بقاله اكتر من ساعة بيتكلم حتى متوقفش ثانيتين يشرب ماية اووف اوووف. 
تكلم عميل منهم :
– تمام سيد ادم مدام اتفقنا نقدر نمضي على الصفقة دلوقتي. 
هز رأسه بإيجاب :
– اتفضل انت الاول ، وبعد التوقيع عايز اكلمكم ف كام نقطة في المشروع. 
اومأوا موافقين بينما اتسعت عيني يارا بصدمة :
– هما لسه هيتكلمو يا ربي انا اختنقت و هموت هنا لو قعدت استناه ، لازم اعمل حاجة بسرعة. 
نظرت الى اقدامهم و احذيتهم تبحث عن زوجها من بينهم حتى اصابته ، ابتسمت و مدت يدها ضاربة مقدمة حذائه ف انتفض ادم بخفة ثم نظر للذي يجلس بجانبه :
– معلش مخدتش بالي. 
اجابه الاخر بتعجب :
– على ايه ؟
– هو انا دلوقتي مضربتش رجلك بالغلط ؟
ضحك الرجل ورد عليه :
– لا يمكن انت ضربت رجلك في رجل الترابيزة. 
وضعت يارا يدها على فمها تكتم ضحكاتها التي ستتسبب لها في فضيحة الآن ، ثم جذبت طرف بنطال ادم وهي تسعى جاهدة لاخفاء صوتها ، حمحم الاخير بتشنج و حافظ على ثباته ، قبل ان يرمي القلم الذي كان بيده على الارض و يصطنع الانحناء لكي يأخذه و بمجرد نظره الى ما يوجد في الاسفل و رؤيته لزوجته تختبئ كالفئران شهق بصدمة لم يتعرض لها من قبل !!
اتسعت عيناه بعدم تصديق و كاد فمه يقبل الارض للحظة اعتقد ادم انه يتخيل وجودها هنا لكن عندما غمزته و لوحت بيديها ادرك انها حقيقة….. ادم الشافعي يرى الان زوجته متخفية اسفل طاولة الاجتماع بل و تغمزه ايضا !!
بلع ريقه و انتفض معدلا نفسه عندما سأله احدهم :
– حضرتك وشك مخطوف كده ليه في حاجة تحت  ؟
قالها وهو ينحني مثله ليوقفه ادم باندفاع :
– لا مفيش اي حاجة ااا يلا نكمل كنت بتقول ايه ؟
قطب حاجبيه باستغراب :
– انت اللي كنت بتتكلم…. ع الميزانية !
بلل شفته السفلى ثم ادخل اصابعه في خصلات شعره مرتبكا ، كان يبدو في حالة غير طبيعية ليستفسر زميله بقلق عليه :
– ادم انت متأكد انك كويس ؟
رفع يده جاهدا للحفاظ على ثباته :
– ايوة انا كويس انا بخير يلا نكمل. 
مرت دقائق قليلة وكان ادم غائبا تماما عن كل ما يتحدثون به حتى نطق بنبرة جادة :
– انا تعبت ياريت نرتاح شويا و نبقى نكمل بعدين. 
وافقه العميل :
– واحنا كمان تعبنا جدا هنطلع شويا و نرجع اساسا انت باين عليك مش كويس لازم تشوف دكتور.
مرر يده على فكه هامسا :
– شكل حتى الدكاترة هيستغربو من حالتي ديه….. احم طيب حضراتكم عارفين مكان الكافيه صح. 
خرجوا جميعا و تأكد ادم من ابتعادهم قبل ان يستدير فيجد يارا تخرج وهي تتأوه بصوت عالي :
– اي خبطت دماغي. 
و في بضع خطوات كان ادم قد وصل اليها و غمغم ساخطا وهو يساعدها لتقف :
– ده انا اللي هكسرلك دماغك دلوقتي…. انتي كنتي فين ؟ جيتي امتى ؟ وقاعدة تكت من امتى و ليه و ازاي و ايه ده اصلا !!!
صاح بتساؤلات متتالية ثم انحنى لينظر :
– هو في حد متخبي معاكي ؟
ضحكت يارا بشدة :
– لا ههههه انا كنت قاعدة تحت لوحدي. 
امسكها من ذراعها غاضبا :
– انتي بتضحكي انا مش مصدق اصلا انك كنتي متخبية هنا و ازاي مخدتش بالي منك…. انتي جاية ليه اصلا ؟؟!!!
حكت له يارا كل ما حدث معها و تابعت مفسرة :
– لما شوفتك جاي لقيت الموقف محرج يعني لو جماعتك شافوني فقلت هتخبا و نص ساعة و بتخلصو بس انت مبطلتش كلام رغي رغي رغي و انا اتفاجأت انت متعبتش ازاي لا وبتقول عليا بتكلم كتير اهو انت لو مشوفتنيش كنت هتجيب نص الليل وانت في اجتماعك ده. 
هز رأسه غير مستوعب لما يحدث فتابعت يارا ضاحكة :
– انا مكنتش عايزاك تعرف اني خرجت من غير ما اسألك ولا اني بعتلك الملف الغلط كنت ناوية احطه و ارجع هههههه مكنتش اعرف انه هيحصل كده معايا. 
لم يستطع كبت ابتسامته فرفع ادم رأسه الى الاعلى متحدثا  :
– ايه الموقف اللي انا اتحطيت فيه ده شكلي كان عامل زي بطة بلدي وانا ومتنح كده اول ماشوفتك مصدقتش افتكرت نفسي بتخيل يا الله كنتي متخبية زي الفارة هههههههه بنت المجنونة. 
شاركته الضحك فضم وجهها بكفيه قائلا :
– انتي مش تعقلي و تبطلي جنان قوليلي انا هعمل فيكي ايه دلوقتي ؟
اشارت يارا لنفسها متشدقة :
– هو انا اتخبيت كده عشان نفسي ده علشانك انت و اجتماعك. 
– و لسه بتتكلمي و فرحانة بنفسك انتي خدتي وش لاني ضحكت صح استني لما ارجع البيت المسا هه….
قطع كلامه دخول مازن مرددا :
– ادم في…..
توقف عند رؤيته ليارا تقف مع رفيقه وقد كانت رتاج اتت معه و تفاجأت بوجودها ،  رفع  مازن حاجبيه بدهشة :
– ايه ده مدام يارا انتي جيتي امتى ؟؟
تنحنحت و ردت عليه بتلعثم :
– انا…. من 5 دقايق كده قلت اعدي على ادم اشوفه. 
مطت رتاج شفتها بامتعاض :
– ازاي مشوفتكيش وانا مراقبة المكان كله من لما جيت من ساعة و مفيش حاجة بتخفى عليا ولا اي حد يدخل و يخرج من غير ما اعرف هو رايح على فين ؟
تحدث ادم بصرامة :
– انسة رتاج انتي هنا عشان تشتغلي ولا عشان تراقبي اللي فايت و طالع ؟؟
ارتبكت ولم تجد نفسها الا وهي تشير على الواقف معها :
– حضرتك هو اللي طلب مني اعمل كده. 
شهق مازن مستنكرا :
– انا اللي قولتلك تراقبي ؟ انا طلبت منك تشوفي مين اللي جاييلي انا بس مش كل الشركة. 
هزت كتفها ببساطة :
– عادي مستر مازن ده اختصاصي من الطفولة و حبيت اوسعه هنا. 
ابتسم مازن شاردا :
– كان في واحدة بعرفها من زمان عندها نفس اختصاصك. 
انتبهت له رتاج بترقب :
– ومين ديه ؟
و قبل ان يجيبها صاح ادم بغلظة :
– انتو جايين هنا تتخانقو ولا ايه ؟ مازن انا مش فاضي دلوقتي هنبقى نتكلم بعدين ودلوقتي اطلعو انتو الاتنين برا ! 
غادر كليهما و ظلت يارا تضحك :
– انت قدرت تغير الموضوع لصالحك لا انا بهنيك فعلا…. حبيبي مدير شاطر. 
قرص وجنتها مردفا باستفزاز :
– وياريت تتعلمي مني و تاخدي شوية ذكاء اهو ببلاش. 
ضيقت عينيها بحنق متشدقة :
– وانت ابقى خد شوية زوق و احترام مني. 
ادم بتهديد :
– لمؤاخذة انتي بتكلميني انا ؟؟
تراجعت للخلف بسرعة :
– لالا مش ليك ههههه كلامي ده لواحد مش متربي هههه ، احم المهم انا همشي دلوقتي هتجي معايا ؟
– لا لسه مخلصتش شغلي بسببك اتأجل. 
هزت رأسها برضا :
– طيب….. ممكن اخد منك القلم ده يا ادم عجبني.
ابتسم وهو يشير اليه :
– انا رميته ع الارض و عملت نفسي بشيله عشان اعرف ايه اللي موجود تحت. 
ضحكت يارا معلقة :
– موجود احلى واحدة في الكون. 
بادلها انفعالاتها بابتسامة صغيرة و قبل ان تخرج اوقفها :
– استني في رجالة واقفين برا انا هجي معاكي عشان يعرفو انك مراتي و ميبصوش كده ولا كده. 
تأففت بضجر :
– يا ادم انا لابسة الدبلة ف ايدي اهي مين اللي هيتعرضلي مثلا. 
رمقها بحدة عندما تخيل ان احدهم سيرمي عليها نظرة غير بريئة فجز اسنانه بغضب :
– لو فكر اي حد يعمل كده انا بموته من غير ما اتردد !! يلا امشي معايا. 
تنهدت باستسلام متمتمة :
– يلا…. ثم امسكت ذراعه و غادرا سويا…… )
Back
استفاق ادم من ذكرياته و نهض ليعقد اجتماعه وهو يفكر انه لن يمانع وجود يارا مجددا تحت طاولته تلك….
اما يارا ففتحت عينيها ضاحكة بدموع :
– كانت احلى ايام ….. يا ترى انت كمان فاكر الذكريات ديه ولا نسيتهم زي ما نسيتني. 
” وفي لحظة وددت ان اكون انت لأعرف….. هل تشتاق لي ؟!”
______________________
في المساء. 
كان ادم قد انهى اعماله في الشركة فغادر راكبا سيارته ، رن هاتفه في طريقه الى المنزل ليجيب فورا :
– الو نعم…….. بجد ؟
سمع اجابة الطرف الاخر فهمهم :
– طيب مدام كده انا هجي ف اسرع وقت ممكن و اشوف…….. تمام ماشي شكرا. 
اغلق الخط معه و بدون شعور دخل الى قائمة المتصلين اخر مرة ووجد اسمها يشع في الاسفل دليلا على مرور فترة طويلة جدا منذ اخر مرة طلب هاتفه رقمها او العكس ، تنهد ادم هاتفا بعدما رماه على المقعد بجانبه :
– ايوة وبعدين مكنتش انت اول واحد ينفصل عن مراته ولا اخر واحد…. انفصل…. معقول ؟؟؟
درس تلك الكلمة في عقله ثم زفر بخنق و داس على البنزين اكثر ، بعد فترة وصل الى المنزل و قبل دخوله فكر بأن يمر على منزل اهله خاصة ان شقيقته الصغرى رهف جاءت في زيارة ولم تسنح له الفرصة لرؤيتها ابدا. 
مشى بخطوات هادئة حتى وصل ادار المفتاح و دفع الباب ليدخل ، رآها جالسة على الاريكة و معطية اياه ظهرها و يبدو انها تتكلم مع احدهم في الهاتف ويبدو انه زوجها فهي ترتدي ملابس الخروج ما يعني ان زياد سيأتي ليأخذها الى منزلهما ، تنحنح ادم و اقترب منها وقبل ان يتكلم سمعها تردد بصوتها العالي كعادتها :
– طيب روحي ع الفحص ولا لأ الدكتورة قالتلك ايه ؟……. يا حبيبتي يا يارا مينفعش تفضلي تأجلي في المواعيد كده صحتك مهمة جدا و خاصة دلوقتي………. لالا طبعا انا عند وعدي ومش هقول ل ادم اي حاجة حتى لو كنت تحت تهديد السلاح…… هههه الوفاء بالوعد عندي يدوبك ههههه ، طيب طيب مش هقول بس انتي خدي بالك و متهمليش نفسك انا هقفل دلوقتي يا يارا تصبحي على خير. 
اغلقت الخط و التفتت لتصرخ بفزع :
– عااا ابيه ادم !
كان يقف امامها بطوله الفارع و ملامحه لا تبشر بالخير ، عضلات وجهه متشنجة و عيناه كاللهيب تركزان عليها كأنه يريد تعرية افكار شقيقته و معرفة ما يدور في رأسها ، ولم تطل فترة صمته حتى غمغم بصوت قاتم :
– ايه اللي مش هتقوليلي عليه يا رهف ايه اللي مخبيينو عليا ؟؟
ارتعدت شفتاها ثم بلعت ريقها وهي تتلعثم :
– هو…. يعني …. ممم مفيش يعني ااا…
اخذ ادم نفسا عميقا و مر على عقله جملتها وهي تنصحها بزبارة الطبيبة ، مجرد التفكير بأن يارا متعبة جعل قلبه يرتعد بين اضلعه لذلك سألها مجددا بكنع بنبرة اشد :
– بقولك انتي و يارا مخبيين عليا ايه جاوبيني لاني لو رجعت سألت تاني مش هيحصل كويس !
و للمرة الثانية يتعقد لسان رهف التي بدأت تتأرجح عيناها في المكان بحثا عن والديها لإنقاذها من بركان اخيها ، و هذا كان بمثابة الفتيلة التي اشتعلت فجعلت ادم ينفجر و يصرخ بأعلى صوته :
– رهفف انا بقولك يااارااا ماااالها في ايييييه جاوبيييييني !!
انتفضت و صاحت بخوف :
– يارا حامل يا ابيه…. يارا حامل……!
_____________________
ستووووب انتهى البارت
رايكم وتوقعاتكم ؟؟
ادم و يارا علاقتهم هتمشي ازاي ؟
اسر و تقي ؟
رتاج و مازن ؟
ادم هيعمل ايه بعد ما عرف بحمل يارا
يتبع…
لقراءة الفصل الرابع والعشرون : اضغط هنا
لقراءة جميع فصول الرواية : اضغط هنا

اترك رد

error: Content is protected !!