Uncategorized

رواية أتحداك أنا الفصل الثامن عشر 18 بقلم أميرة مدحت

      رواية أتحداك أنا الفصل الثامن عشر 18 بقلم أميرة مدحت

رواية أتحداك أنا الفصل الثامن عشر 18 بقلم أميرة مدحت

رواية أتحداك أنا الفصل الثامن عشر 18 بقلم أميرة مدحت

أشياء عظيمة صارت تنتهي بشكلٍ تافه، فعلًا البقاء لله. 
استيقظت «لينا» من نومها بعد أن وجدت صعوبة في ذلك؛ بسبب الرسالة التي وصلت لها من شخصٍ مجهول الهوية!.. نهضت بتعب من سريرها الدافئ واضعة كلتا قدميها العاريتين على الأرض الباردة، نظرت بجانب فراشها لتجد الساعة تشير إلى 5:15 صباحًا.
تمتمت بخفوت وهي تتحرك نحو خزانة الملابس:
-لازم ألبس تقيل النهاردة، الجو برد أوي.
بعد مرور فترة، غادرت من منزلها، ثم بدأت تسير في الشارع والرياح الباردة تضرب وجنتيها، ظلت تفرك كلتا يديها وهي تنفخ عليهم بالهواء الحار الذي يخرج من فمها لمحاولة فاشلة في تدفئتهم.
*****
-في مصر-
أوقف «مراد» سيارته جانبًا على الطريق لملئها بالوقود، ويضع هاتفه على أذنه متحدثًا بجدية:
-خلاص نتقابل النهاردة، حدد الميعاد أنت بس وربنا يسهلها.
أومئ برأسه وهو يغمغم:
-طب سلا.. سلام.
تمتم منهي الأتصال وهو يضع الأموال في الخانة الخاصة بالنقود، ليقاطع عمله صوت أنثوي، ألتفت بوجهه مضيقًا عينيه بتعجب ليرى «سلوى» تصف سيارتها على الجانب وتترجل منها وهي تقول في شئ من الخوف:
-أنا آسفة أوي يا مراد، آسفة والله مكنتش أعرف إنك دخلت المستشفى ولا كنت أعرف عنك حاجة، أول ما سافرت إنجلترا لماما عشان تعبها أتقطعت عني أخبار مصر كلها.
أشار بيده وهو يقول ببسمة بسيطة:
-أهدي يا بنتي، أنا كويس دلوقتي الحمدلله، المهم أخبار مامتك إيه دلوقتي؟ أحسن؟
أجابته بدون تردد وهي تنظر له بتلهف:
-كويسة الحمدلله، المهم أنت طمني عليك؟
إبتسم لها إبتسامة ممتنة وهو يجيبها بلهجة هادئة:
-كويس ماتقلقيش، يالا بينا على الشركة، من ساعة ما مشيتي ومش لاقي اللي يفهمني في الشغل كويس.
زفرت «سلوى» بإرتياح وهي تقول بشقاوة:
-لأ ما أنا من هنا ورايح مش هسيبك، رجلي على رجلك، هفضل أعدة على قلبك.
أتسعت إبتسامته وهو يقول:
-هنشوف، يالا روحي اركبي، عشان نتحرك.
حركت رأسها بالإيجاب، وهي تعود إلى سيارتها، تلاشت إبتسامته وهو يتخيل أن كان حديثه ذلك مع «لينا»، عفويًا زادت نبضات قلبه لتعود إبتسامته من جديد، مع أمل جديد أن يجدها.
*****
حاول كثيرًا أن يصل إلى صديقة طفولته، والتي رأت الجانب المظلم له، ولم تفر هاربة كالبقية، بل بقت بجواره، حاول أن يصل إليها كثيرًا، حتى وجد عندما استيقظ من النوم رسالة على هاتفه من رقم غير مسجل لديه ليس فيه غير كلمتين فقط!.
«آري، راسلني».
أتسعت إبتسامته وهو يهب واقفًا من على فراشه، امسك هاتفه وبدون تفكير ضغط على زر الأتصال منتظرًا الرد منها على أحر من الجمر حتى يطمئن عليها، وما أن إستمع «آريان» إلى صوتها وهو يقول ببهجة:
-أيوة يا لينا، إيه أخبارك؟!.. أخيرًا أفتكرتي تطمنيني عليكي.
زفرت «لينا» بتعب وهي ترد عليه ببسمة صغيرة:
-وحشتني والله يا آري، أنا الفترة اللي فاتت دي عملت حاجات كتير فوق ما إنت تتخيل، امبارح بس بدأت أستقر.
تنهد «آريان» وهو يقول بضيق:
-ولو بردو، كان لازم تطمنيني عليكي، مش سيباني كدا عمال افكر إذا كانوا قدروا يوصلوا ليكي ولا لأ، وأنا هنا متكتف، لأني في بلد وأنتي في بلد.
أتسعت ابتسامتها وهي تنظر حولها قائلة بإنبهار:
-بس جيت البلد اللي كنت بتمناها، ودي نقطة إيجابية.
تلاشت إبتسامتها فجأة وهي تقول بصوتٍ جاد:
-بالمناسبة، أوعى فرحتك بإننا خلصنا من اللي إحنا فيه ينسيك إنك تبدأ حياة نضيفة، أول باب تروحه هو باب ربنا، وبعدها أبدأ إنك تعافر في الحياة دي وإنت أدها، المهم إنك تبدأ من عند ربنا عشان يباركلك في الجاي.
سكتت للحظةٍ وهي تقول ببسمة ألم:
-أنا بحاول، وانت كمان حاول.
في تلك اللحظة، تذكر «آريان» حديث والدته عندما كان صغير، ابتسم تلقائيًا وهو يشعر بتلك الهزة الداخلية في روحه، حيث قالت له:
-حسن البصري قال عن الصداقة «استكثروا من الأصدقاء المؤمنين فإن لهم شفاعة يوم القيامة».
تنهد بعمق وهو يقول بثقة:
-لينا أنتي كنتي بتصلي وبتصومي، وكنتي أحسن واحدة لغاية ما أبوكي ده ورماكي في المستنقع الـ(…) ده، فـ ثقي إنك قادرة، وأنا كمان هبدأ من النهاردة.
-وعد؟
-أوعدك.
-طيب قبل ما تنزل صلي، وأدعيلي أتقبل في الشغلانة دي.
عقد ما بين حاجبيه وهو يسألها بتعجب:
-شغل؟ شغل إيه؟!!..
كانت أوشكت على الوصول إلى الشركة، ورغم ذلك اخفت توترها من مقابلة العمل، وهي تقول:
-قدام البيت عندي واحد اسمه حاتم فاتح شركة كبيرة بتتعامل مع دول كتير، لأن الشركة مكنش بيدرها لوحده، لأ جده، وبعدها والده لغاية ما جه هو، وأنا بقدم على إني أكون سكرتيرة.
-هيوافقوا، هما يلاقوا زيك؟!.
-آريان، أنا في ألمانيا، الشغل هناك مش بيتقبل بالسهولة دي، المهم بس متنساش اللي قولتلك عليه، وأنا هقفل معاك عشان ألحق المقابلة.
تحرك «آريان» نحو المرآة وهو يقول بلهجة قوية:
-ماشي، بس لينا كلام تاني مع بعض، مفهوم؟
-طيب يا سيدي، يالا سلام.
أنهى معها المكالمة وهو ينظر إلى نفسه في المرآة، سحب نفسًا حادًا قبل أن يقول بذهول:
-البت دي عملت إيه مع مراد؟ ينهار أسود لو خليته فاكر أنها ميتة، ده أنا هطين عيشتها، ماشي يا لينا.
تحرك نحو المرحاض وهو يقول بعدم اهتمام:
-بلاش اضايق نفسي، أما أخد أحلى شاور، وأنزل بعدها يمكن أقابل مريم.. صدفة!
في الجانب الآخر. 
كانت «لينا» تهم أن تدخل بوابة الشركة لتجد هاتفها يعلن عن وصول رسالة جديدة، أمسكت الهاتف من لترى الرسالة بإهتمام لتجد المكتوب هو:
«صباحي أنتي حوريتي، اللون الأسود يليق بكِ، أعتني بنفسك اليوم» 
زادت نبضات قلبها، وهي تنظر حولها بصدمة، أبعدت خصلات شعرها عن وجهها، وهي تهمس:
-هو في إيه؟!.. 
*****
عند «سلوى» التي تركت معطفها وهاتفها في مكتب «مراد» لنذهب إلى آلة القهوة لتعد كوبان لهما، فعلى ما يبدو أن اليوم سيكون مزدحمًا بسبب الأعمال، ظلت تدندن بأغنية تجول في رأسها وهي مغمضة العينين ليقاطعها صوت الآلة معلنة عن إنتهاء صنع القهوة، فأخذتهم سريعًا وهي تسير بإستعجال نحو المكتب. 
دلفت داخل المكتب وهي تغلق الباب بقدمها، تحركت نحو مكتبه ثم وضعت الكوب الخاص به أمامه، وكوبها أمامها، كادت أن تهم بأخذ الملفات ولكن أنتبهت إلى تلك الصورة الغريبة، تساءلت بإستغراب:
-إيه الصورة دي؟!.. 
أنتبه إليها «مراد»، لينظر إلى ذلك البرواز، ابتسم دون شعور وهو يقول:
-لينا. 
-لينا؟!. 
أمسك الصورة من بين يديه وهو يومئ برأسه، قبل أن يجيبها:
-حبيبتي. 
رفعت «سلوى» عينيها نحوه بصدمة تناظره بذهولٍ، تابع «مراد» دون أن ينظر إليها مستمرًا في النظر على الصورة:
-دخلت حياتي عشان تقلبها، تقلب كل القوانين والقواعد اللي أنا حطيتها، تقلب المبادئ اللي أتربيت عليها، تقلب كل اللي بنيته في ليالي من هيبة ورهبة، تقلب.. قـ.. قلبي وتكسره زي ما أنا كسرتها وظلمتها. 
انهمرت دموع «سلوى» وهي تستمع إلى كلماته، فكان بغباءها تعتقد أنها من الممكن أن تكسب حبه لها، لتجده يتابع قائلًا:
-أنا حبيتها جدًا، بس هي غبية وملحقتش تسمعها مني في الوقت الصح، ملحقتش، وأنا ملحقتش أعوضها واخدها في حضني، والله لو هي هنا، هخطفها وهاخدها لمكان محدش يعرفه، بس اعرف أخد فرصتي منها، لأنها عنيدة.. عنيدة لدرجة أنها ممكن تكسر قلبها عشان خاطر العند ده!! 
رفع وجهه ينظر إليها ليجدها تكفكف دموعها بظهر يدها، عقد ما بين حاجبيه بقلق وهو يثب واقفًا متسائلًا:
-إيه ده ليه العياط بس؟!!..
نظرت لتعبيرات وجهه القلقة وهي تقول بإختناق:
-أتأثرت، الله يرحمها، كانت هتبقى محظوظة لو كانت لسه عايشة، على الأقل تشوف حبك،بس ملحقتش.
أشاح «مراد» وجهه بعيدًا عنها وهو يشعر بألم عنيف يضرب قلبه، نظرت له «سلوى» بقلب يصرخ بحرقة ورغم ذلك قالت ببسمة وجع:
-أنا هاخد الملف وأراجع عليه، عن إذنك.
وبالفعل سحبته وهي تحاول أن تتحرك بخطى سريعة نحو الباب، حتى تهرب من المكان بأكمله، جلست أمام مكتبها لتخبئ وجهها بين راحتي يديها تبكي بضعف وإنهازم على ذاك القلب الذي عشق شخص يعشق فتاة ميتة!!..
-في الجانب الآخر-
أصدر هاتف «مراد» رنينه، فوضع الصورة في مكانها وهو يسحب الهاتف، وضعه على أذنه وهو يقول بجدية:
-ألو، أيوة.. لأ خلاص وصلت ليا على الإيميل، على العموم فرح أختي قرب، لازم تنزل مصر وقتها على الأقل نتقابل وبعدها نوقع على العقود ولا إيه يا حاتم باشا؟ 
إبتسم «حاتم» بهدوء وهو يقول بصوتٍ جدًّ:
-آه طبعًا، أنا كدا كدا ناوي انزل مصر، لأن في مقابلات شغل تانية، بس لازم أنسق مع السكرتيرة بتاعتي الأول ونتفق سوا، وهنتقابل أكيد قريب.
يتبع…..
لقراءة الفصل التاسع عشر : اضغط هنا
لقراءة باقي فصول الرواية : اضغط هنا

اترك رد