Uncategorized

رواية سيليا و الشيطان الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم رولا هاني

           رواية سيليا و الشيطان الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم رولا هاني

رواية سيليا و الشيطان الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم رولا هاني

رواية سيليا و الشيطان الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم رولا هاني

هب واقفًا و تعابير الإهتياج تظهر علي ملامحه بوضوحٍ، فخرج راكضًا تجاه الدرج ليصعده بخطواتٍ سريعة غير مكترث لوالدته التي صاحت بإرتباكٍ:
-“تميم” رايح فين!؟ 
تابع سيره تجاه غرفتها ليفتح بعدها مباشرةً باب الغرفة، فوجدها تخرج من المرحاض و هي تجفف خصلاتها المبتلة، فلم يهتم و صرخ بنزقٍ و هو يقبض علي ذراعها ليجعلها تقف قبالته:
-“إياد” عمل إية في البنت دي؟ 
و بعد إكمال جملته مباشرةً أخرج هاتف “ياقوت” من جيبه ليفتحه علي صورتها تلك، ثم مد ذراعه نحوهها لتراها، فرمقته هي بإحتقارٍ قبل أن تتجاهله لتنفض ذراعها من بين قبضته الحديدية صارخة بتحذيرٍ و هي تضرب صدره بمنتهي العنف، فتراجع هو تلقائيًا عدة خطوات:
-لو لمستني أو مديت إيدك عليا تاني هقتلك، إنتَ فاهم؟ 
تلاحقت أنفاسها من فرط الإنفعال، فتركته و هي تتجه ناحية الشرفة وسط محاولاتها الفاشلة في السيطرة علي عبراتها التي كانت تحاربها بضراوة، بينما هو يمرر كلا كفيه علي وجهه بعنفٍ قبل أن يتوسل إليها قائلًا بضعفٍ لم تشعر به في نبرته من قبل:
-أرجوكي جاوبيني، أنا دماغي هتفرقع من كتر التفكير و الحيرة، قوليلي هو مظلوم ولا لا، قوليلي هو عمل كل دة ولا لا. 
خرجت سريعًا من الشرفة لترد عليه بأسلوب هجومي جعله يقع في زوبعة تفكيره مجددًا:
-علي أساس إنك هتصدق!؟..خلاص أنا هعمل اللي إنتَ عايزه، إبن خالتك كان ***، حاول يعتدي عليا، و إعتدي علي البنت المسكينة اللي كانت هنا، “إياد” كان *** مش زي ما إنتَ كنت فاكره. 
هز رأسه بهستيرية رافضًا تلك الفكرة، فرأت هي وقتها تلك الحيرة التي تحدث عنها، فإزداد وقتها نفورها منه و كادت أن تتركه مجددًا و لكنها توقفت عندما إستمعته يتسائل بأملٍ مازال بداخله، أمل يخبره بإن صديق طفولته برئ، ربما أمل كاذب و لكنه يظل أمل:
-ط…طب و الحاجات اللي إتسرقت منه يومها!؟ 
جزت علي أسنانها بعصبية مفرطة، قبل أن ترد عليه بوجه مكفهرٍ، و هي تقبض علي كفه لتسحبه معها، فإنساق هو خلفها كالبهيمة:
-أنا هثبتلك أكتر يا “تميم” يمكن تصدق المرة دي. 
خرجت به من الغرفة فوجدت أمامها “بيسان” تنظر لها بلومٍ ملحوظٍ، فلم تكترث لها بل ظلت تسحبه حتي هبطت به الدرج، لتتجه بعدها مباشرةً الي غرفة المكتب، بينما هو يتابع سيره معها و ذلك الألم يعذب رأسه بلا رحمة! 
وجدها تأخذ ذلك الحاسوب من علي المكتب لتفتحه بصورة سريعة، و فجأة وجدت “بيسان” تقترب من الغرفة فإتجهت راكضة لتغلق الباب بإحكامٍ قبل أن تفتح سجل كاميرات المراقبة أمام عينيه، فإلتقط هو منها الحاسوب ليتابع ما يحدث بعينين جاحظتين، بينما هي تتابع تعابير وجهه المصدومة التي إزدادت عندما رأي ذلك السارق يدلف للبيت بعد قليل، ففهم هو سريعًا ما حدث! 
إتسعت حدقتاها بصدمة عندما رأت عبراته تتهاوي علي وجنتيه قبل أن يلقي الحاسوب علي الأرض بعنفٍ، فوضعت هو كلا كفيها تلقائيًا علي أذنيها لتمنع نفسها من إستماع صوت تحطم الحاسوب المزعج، رفعت عينيها تجاهه لتري رد فعله الذي أصبح غير متوقع، لتجده يبكي بهستيرية و هو يتجه ناحية المكتب ليحطم كل ما يراه صارخًا بإهتياجٍ، فإبتعدت هي عنه بإرتباكٍ لتستقر في إحدي زوايا الغرفة و هي مازالت تتابعه برعبٍ، فقد كانت حالته تزداد خطورة بسبب عصبيته التي تفاقمت ليتابع تحطيم كل ما يراه وسط صراخه و نحيبه و هو يصرخ ببكاء مريرٍ واقفًا أمام صورة إبن خالته الموضوعة علي الحائط:
-إزاي عملت كدة؟…رُد عليا إنتَ إزاي تعمل كدة!؟ 
إستدار لها لتري هي وقتها عينيه التي مالت للحمرة من فرط البكاء، و فجأة إزداد ذعرها عندما وجدته يقترب منها بهيئته التي لا تبشر بالخير تلك، حاولت التراجع للخلف و لكنها لم تستطع بسبب وجود الحائط خلفها، فظهر تلقائيًا علي وجهها علامات الفزع، فإنكمشت علي نفسها بخوفٍ و لأول مرة تشعر بذلك الهلع الغير موصوف الذي جعل الإرتعاد يسيطر عليها بلا رحمة، و بعدما وصل هو إليها أحاط وجهها بكلا كفيه ليقربه من وجهه صائحًا بتوسلٍ من وسط دموعه التي إنهمرت بلا توقف:
-أرجوكي قولي إن اللي شوفته مش حقيقي، حتي إكدبي عليا أنا هصدق أن.. 
توقف عندما وجدها تنظر له بإستهجان، فهو و بالرغم من كل تلك الدلائل مازال يحاول التشبث بأي دليل ضعيف، و فجأة إرتمي بين أحضانها ليصرخ بصدقٍ و هو يتشبث بملابسها:
-أنا أسف، سامحيني. 
جحظت عيناها بتوترٍ قبل أن تطوق خصره بكلا كفيها المرتجفين، إزدردت ريقها بصعوبة و هي تشعر بدموعه تبلل ملابسها، كادت أن تبعده عنها و لكنها توقفت عندما شعرت بثقل جسده علي جسدها، فعقدت حاجبيها بتعجبٍ قبل أن تهمس بقلقٍ و هي تربت علي ظهره برفقٍ:
-“تميم”..”تميم” إن.. 
إبتعدت عنه بعدما إستطاعت و توقفت عن متابعة حديثها بإرتعابٍ عندما وجدته يقع علي الأرضية الباردة و هو فاقد الوعي، إتسعت حدقتاها و تسمرت بمكانها من فرط التردد في إتخاذ قرار ما، و بعد عدة لحظات إقتربت منه لتجثو علي ركبتيها و أخذت تهزه ببعض من العنف قائلة:
-“تميم” فوق، “تميم”. 
لاحظت عدم إستجابته لأي شئ، فهبت هي واقفة لتفتح الباب سريعًا، فوجدت أمامها مباشرةً “بيسان” التي كانت تطرق علي الباب بقوة و لكن لم ينتبه لها أحد، لم تهتم بل صرخت علي عجالة و علامات الإنفعال تظهر علي وجهها بصورة ملحوظة:
-بسرعة هاتي دكتور. 
تسائلت “بيسان” بوجلٍ:
-دكتور لية؟
ردت عليها صارخة بنبرة مهتاجة:
-بسرعة “تميم” وقع جوا و مش بيفوق. 
تحركت “بيسان” راكضة، بينما هي تنظر للداخل تجاهه لتهمس برفضٍ:
-لا يا “تميم” مش هسمحلك لا. 
____________________________________________
بعد مرور نصف ساعة. 
خرج الطبيب من الغرفة هاتفًا بجدية:
-صدمة نفسية، ياريت تبعدوه عن أي حاجة تضايقه خلال الفترة دي بذات و لو حصل أي حاجة تانية تقدروا تكلموني في أي وقت. 
تحرك الطبيب ليغادر المكان، فكادت هي أن تدلف للغرفة و لكن “بيسان” منعتها صائحة بحدة:
-مش هتدخليله، أنا معرفش إنتِ ممكن تعملي فيه إية تاني. 
رفعت “سيليا” حاجبها الأيسر بإستنكارٍ صائحة:
-إنتِ هتمنعيني أدخل لجوزي ولا إية!؟
إقتربت منها “بيسان” صائحة بغضبٍ:
-إنتِ أذيتي إبني، قولتلك نستني و إنتِ مسمعتيش الكلام، أديه بيضيع من بين إيديا أهو. 
جزت علي أسنانها بإهتياجٍ قبل أن تصرخ بإحتدامٍ و هي تضرب الحائط بعنفٍ بقبضتها اليمني:
-ماليش ذنب في إنك خايفة علي إبنك، أنا ذنبي إية في كل دة؟…دمرتوا حياتي و مع ذلك شايفيني غلطانة، تعرفي أنا فعلًا غلطانة، غلطانة عشان مأخدتش حقي من بدري، و أنا فعلًا هاخد حقي يا “بيسان” سامعة هاخد حقي يعني هاخده.
هبطت الدرج بعدها مباشرةً لتخرج من البيت بأكمله، بينما “بيسان” تتجاهل كل شئ لتدلف لإبنها حتي تطمئن عليه! 
____________________________________________
صباح يوم جديد. 
-“رحيق” خليكي هنا لغاية ما أشوف “باهي” بيه فين. 
قالتها “تالين” بنبرة عادية قبل أن تترك صديقتها، بينما “رحيق” تسير بخطواتها البطيئة و هي تتفحص ذلك المكان بكلا عينيها، و فجأة شهقت بخوفٍ عندما إصطدم شخص ما بها، فترنحت في خطواتها و كادت أن تقع، و لكنها إستطاعت الثبات لتهتف بإنفعالٍ:
-بني ادم أعمي بصحيح. 
وجدته فجأة يستدير لها ليصيح بإستنكارٍ، و هو ينظر في كلا عينيها بتوعدٍ:
-إنتِ قولتي إية!؟ 
شهقت بصدمة قبل أن تهمس بذهولٍ:
-إنتَ بتتكلم عربي!؟ 
و بتلك اللحظة أتت “تالين” لتهتف ببشاشة:
-“باهي” بيه إنتَ إتعرفت علي “رحيق”!
رفع حاجبيه بدهشة قبل أن يهتف بعدم تصديق:
-هي دي “رحيق”!؟ 
بينما هي تتسائل أيضًا و قد أصاب وجنتيها حمرة الحرج:
-هو دة “باهي” بيه!؟ 
أومأت “تالين” لكلاهما بعدم فهم و هي تشعر بوجود شئ ما غير طبيعي، بينما هو يهتف بجدية قبل أن يستدير ليتابع سيره تجاه غرفة مكتبه:
-تعالي ورايا. 
إزدردت “رحيق” ريقها بصعوبة بالغة قبل أن تسير خلفه بالفعل غير مكترثة ل “تالين” التي إنهالت عليها بالكثير من الأسئلة! 
وجدته يدلف لغرفة مكتبه فولجت معه للداخل و هي تلقي نظرات سريعة علي المكان، و فجأة إنتبهت له خاصة عندما هتف هو بثقة و غرورٍ جعلاها غاضبة بعض الشئ ليراودها شعور الحنق ذلك:
-إنتِ أكيد عارفة إن أي حد يتمني يشتغل هنا عندي، و أكيد “تالين” فهمتك دة. 
تنفست بعمقٍ قبل أن تهمس بمجاملة:
-أكيد حضرتك. 
تفحصها بعينيه لعدة لحظات قبل أن يهتف بهدوء:
-الشغل هنا صعب، و محتاج تركيز، و زي ما إنتِ عارفة هتكوني السكرتيرة بتاعتي و أنا مش عايز أي غلطة في الشغل تمام، لإني وقتها هحاسبك زي أي حد و هنسي خالص “تالين”.
كررت جملتها الأخيرة و هي ترمقه بنظرات هادئة و ربما مستفزة:
-أكيد يا فندم. 
عقد حاجبيه ببعض من الضيق قبل أن يهتف بنبرة خشنة:
-إخرجي برا هتلاقي “مارلا” و هي هتفهمك كل حاجة خاصة بالشغل. 
أومأت له بإحترامٍ قبل أن تتحرك تجاه الباب لتخرج و لكنه أوقفها قائلًا بجدية:
-أول ما تخرجي إبعتيلي “تالين”. 
أومأت له مجددًا قبل أن تخرج من الغرفة، بينما هو يهمس بتأففٍ:
-شكلها هتتعبني فعلًا زي ما قالت. 
____________________________________________
-“سيليا” أنا أسف يا “سيليا”…”سيليا” قو..قولي إن دة كدب..”سيليا”.
ظل يهذي بتلك الكلمات قبل أن يعتدل في جلسته سريعًا بعدما إستيقظ، بينما والدته تركض ناحيته بعدما إستيقظت هي الأخري، لتصيح وقتها بقلقٍ:
-“تميم” حبيبي إنتَ كويس؟
تلاحقت أنفاسه بصورة سريعة قبل أن يتسائل بنبرة مبحوحة:
-“سيليا”..ف..فين؟ 
تفحصت ملامحه المتلهفة بتوترٍ قبل أن تهمس بتلعثمٍ:
-“سيليا” ا..هي…
و بتلك اللحظة وجدتها تدلف هاتفة بإبتسامتها الخفيفة:
-أنا هنا يا “تميم”. 
إقتربت منه بخطواتها البطيئة قبل أن تهمس بمنتهي الهدوء:
-معلش كنت عايزة جوزي في موضوع مهم مش لازم حد يعرفه غيري أنا و هو. 
رمقتها “بيسان” بإمتعاضٍ قبل أن تتحرك بخطواتها المتئدة لتخرج من الغرفة، بينما هي تتابعها بعدم إكتراث لعبوسها الواضح، أما “تميم” فهو ظل يتابعها بنظراته المتلهفة بشدة غير منتبه لأي شئ أخر!
جلست بجانبه علي الفراش لتتسائل بإهتمامٍ زائفٍ:
-عامل إية دلوقت؟ 
إزدرد ريقه قبل أن يجيبها بصوتٍ أجش و هو يمرر كلا كفيه علي وجهه ببعض من العنف:
-مش عارف أنا مش فاكر أي حاجة غير إني أغم عليا و..و أنا في حضنك! 
أومأت له عدة مرات بصمتٍ لتهمس بعدها بإبتسامة واسعة لا تبشر بالخير:
-تعالي نسافر. 
عقد حاجبيه بذهولٍ قبل أن يهمس بإستهجان:
-نسافر!؟ 
أومأت له عدة مرات هاتفة بجدية:
-منه نغير جو، و منه ننسي كل حاجة و لو لأيام. 
إرتسم علي ثغره إبتسامة جانبية ساخرة قبل أن يرد عليها بتهكمٍ:
-إحنا مبننساش و لو لمدة ثواني يا “سيليا”، هننسي لأيام! 
رمقته بدهاء قبل أن ترد عليه بنبرة شبه عادية:
-هنحاول. 
نهض من علي الفراش ليهتف بجدية قبل أن يتجه للمرحاض:
-تمام..جهزي نفسك عشان هنسافر إنهاردة. 
تابعته حتي تواري عن أنظارها لتهمس بعدها بخبثٍ و علي ثغرها يرتسم تلك الإبتسامة الماكرة:
-و من هنا نبتدي. 
____________________________________________
كانت تداعب خصلاته الكثيفة بحنان، و احدأث أمس تراودها كشريط سينمائي، فقد كان يوم عصيب و لم يمر بسهولة عليهما.
(عودة للوقت السابق)
دلفا للبيت بوجومٍ، فهمست هي بإرهاقٍ واضحٍ علي ملامحها:
-“زاهر” أنا تعبانة جدًا و محتاجة أرتاح، إنتَ محتاج حاجة مني؟ 
أومأ لها عدة مرات قبل أن يهمس بصدقٍ و علامات الخزي تظهر علي وجهه بصورة ملحوظة، فجحظت عيناها بصدمة مما إستمعته:
-عايز أقولك أنا أسف، أسف عشان كنت عاجز علي إني أحميكي، بل كنت محتاجك تحميني لما حسيت إن حد كان هيأذيني. 
ثم تابع بنبرة مختنقة و هي يطرق رأسه بحرجٍ:
-أسف عشان مكنتلكيش ضهر تتسندي عليه، ضهر يحميكي و يخليكي تحسي بالأمان، سامحيني يا “ياقوت”.
جحظت عيناها بصدمة مجددًا قبل أن تصحح كلماته الحمقاء تلك قائلة:
-إنتَ سندي و ضهري فعلًا يا “زاهر”، إنتَ اللي بكون في أي مشكلة و ألاقيك معايا علطول بالرغم من كل شئ. 
ثم تابعت بصدقٍ و هي تضع كفها أسفل ذقنه لترفع رأسه:
-“زاهر” أنا بحبك يا “زاهر”. 
يتبع…..
لقراءة الفصل الرابع والعشرون : اضغط هنا
لقراءة باقي فصول الرواية : اضغط هنا

اترك رد

error: Content is protected !!