Uncategorized

رواية شعيب الفصل السابع والعشرون 27 بقلم شيماء عصمت

            رواية شعيب الفصل السابع والعشرون 27 بقلم شيماء عصمت

رواية شعيب الفصل السابع والعشرون 27 بقلم شيماء عصمت

رواية شعيب الفصل السابع والعشرون 27 بقلم شيماء عصمت

إنَّ لَبَعدَ الظُلمِ عَدلٌ
عَدلٌ إلهيّ يَمحي آلامَك وكأنّها لمْ تَكُ… وكأنّكَ لم تَحيَاها ، ثم يكافِئكَ المَولى على صبرِك بـ “عوضٍ” يَجبرُ خاطركَ ويرمّم ندباتَ قَلبِك ، فَتحيا أحلاماً رأيتها مستحيلة… ولَكن أيَصعبُ شيء على الرّحمنِ الرّحيم؟!!
×××
وأمام عينيها الجاحظتين مرّت حياتها كفيلم سينمائي كما يقولون .. رأت أفعالها المشينة رأت جميع مساوئها رأت ذنوبها سواء تحريض عماد على زوجته “لتيـن” والصور المزيفة التي أمرت بصنعها ، مروراً بتحريض مجرم ما لقتل “زهرة” حتى وصلت لمحاولتها لقتل شقيقها .. شهقت تستنشق نفس متألم وكأن الهواء يجرح رئتيها وأخذ جسدها يرتعش من البرودة التي تشعر بها1
أغمضت “نـورا” عينيها برعب وهي تشعر وكأنها على وشك فقدان روحها على وشك الموت!! إرتجف جسدها بعنف إرتجافة نابعة من وجدانها .. إرتجافة خوف وخشية من الرحمن فـماذا فعلت لتلقاه به! سوى الأذى والقتل والخراب!! سقطت دموعها تكوي وجنتيها شديدة البرودة حاولت أن تقوم أن تهرب لعلها تستطيع النجاة ولكنها لم تستطع خانها جسدها ورفض أوامر عقلها .. وتذكرت “مالك” طفلها و ولدها الوحيد وإعترفت أنها لم تستحقه أبداً..!2
همست بلسان ثقيل: يارب2
قالتها بتذلل .. قالتها تلحظ ما تشعر به من خوف ورعب وكأنها كانت مغيبة بغيمة سوداء أضاعت بوصَلَتَها لتجد ذاتها في بئر عميق من الذنوب .. ذنوب جعلت الهلاك نصيبها .. ذنوب لم تعلم كم هي ثقيلة سوى وهي على شفيرة الموت!!
إزداد إرتجاف جسدها بصورة غير طبيعية وأصبحت أنفاسها ثقيلة وبطيئة حتى سكنت تماما واختفت أنفاسها وغادرت روحها جسدها الفاني تعلن نهاية “نـورا”5
نهاية قد تكون قاسية ولكنها عادلة لمن سوّلت له نفسه أذيّة الغير بدون وجه حق ، لمن استباح “حرمات النساء” وهي “فعلت” ، لمن قتل وحرّض على القتل “وهي فعلت” ، لمن لم يهذّب نفسه ويحاول جاهداً للسيطرة على شخصه المظلم وهي لم تسيطر على غيرتها وحقدها ، وسلّمت نفسها لشيطانها فكان مصيرها هو الهلاك!!…1
×××××××××
في شقة شعـيب
هرولت حنان إلى الخارج وهي تبكي بإنهيار .. فـاقتربت “لتيـن” من “شعـيب” تحتضنه بقوّة فهمس بغصّة: أنا آسف ليكِ نيابة عن الكل ، أنا آسف يا روح الفؤاد
ربتت على ظهره بحنان جارف قبل أن تهمس بعتاب رقيق: مكنش ليه داعي تقولها الكلام دة وخصوصاً وأنا موجودة أينعم مكنتش قاعدة معاكم بس كنت سمعاكم كنت خلّي اللي فات يموت بكل مرّه وقسوته وخلينا نبدأ من جديد .. نبدأ صفحة جديدة مع كل اللي حوالينا بلاش نشيل في قلبنا من الناس اللي بنحبهم ، لأننا هنتعب أكتر مما هما هيتعبوا هنتعب لتعبهم وهنتعب إن إحنا سبب تعبهم ، فعشان خاطري إنسى كل اللي فات وانزل صالح والدتك خليك حنين عليها زي ما أنت حنين على الكل2
أحاط وجهها بين كفيه ثم لثم جبينها بحب قبل أن يقول بجدية: يسلملي قلبك الطيب ، بس لازم تعرفي إني مش قصدي أقسى عليها أنا عارف إن أمي بتحبني أنا وتقى بتحبنا قوي كمان ، بس تصرفاتها بتأذينا يا لتيـن!! أنا عارف إن كل شيء نصيب بس كان ممكن تحاول تقربنا من بعض زمان تقف جانبنا وتأخد موقف من عادات متخلفة ، وهي بدل ما تتعظ من اللي جرالي لأنها شافت قد إيه إنكسرت في بعدك عني، جاية دلوقتي تكرر نفسي الشيء بس لأسباب مختلفة ومع أشخاص مختلفين ، أنا مش هقدر أقف أتفرج على أختي وهي قلبها بينكسر أنا واثق في مـازن وعارف إنه مختلف وإنه بيحبها بجد وهي كمان في جواها مشاعر خاصة ليه فأنا مضطر أقف وأقول لا .. لا للأذى اللي أختي هتعيشه ، لا لهواجس وخوف زايد عن حدّه لا لفراق ممكن يكسر قلبين
دفنت وجهها داخل عنقه قائلة بعشق: يابخت بناتنا بيك ويابختي أنا بيك ، محظوظة وأمي دعيالي في ليلة القدر عشان في الآخر بقيت ليا وبقيت ليك وهبقى أم لولادك هبقى أم ياشعيب7
قالتها بصوت مخنتق من شدة مشاعرها فشدد من إحتضانه لها قائلاً بعبث: يابنت الحلال صدقيني هتتمرمطي، العيال هتبهدلك ، واحدة طريّة زيك هتقدر على 12عيّل!!..3
إبتعدت عنه في دلال وقد صدحت ضحكاتها بقوة قائلة: 12!! مين الـ12 دول؟ مفيش غير عائشة وملك ومالك (وتحسست معدتها بحنان) والطفل اللي جوة هنا يعني أربعة!
إقترب منها وهو يرمقها بنظرات عابثة: هو أنا مقولتلكيش؟ مش أنا ناوي أكملهم دستة!! أصل بصراحة لقيتك هتموتي على لقب “ماما” فقولت أكسب فيكِي ثواب وأحققلك أحلامك وأشبع تعطشّك للأمومة ، غلطت في حاجة أنا؟!!4
إبتعدت قدر الإمكان عن مجال يديه قائلة بدلال: لا الصراحة عداك العيب .. طيّب أنت قوي يا شعـيب
أجابها بمسكنة: طيب قوي قوي والله ومسكين وابن حلال ومحتاج اللي يعطف عليا
هتفت لتيـن بتأثر زائف: يا حرام صعبت عليا يا مسكين
إقترب منها على غفلة يحيطها بين ذراعيه قائلاً: أنا مسكين فعلاً فاعطفي وحني عليّا
×××××××××
دلفت “حنـان” إلى غرفتها تبكي بحرقة وكلمات شعـيب تتردد بداخلها فتزيد آلامها أضعافاً
هتف سـالم بإشفاق: بتعيطي ليه يا أم العيال؟
إزدادت دموعها إنهماراً فاحتضنها برفق وهو يربّت على ظهرها بخفّة قبل أن يقول بهدوء: الواد شعـيب زعلك ولا إيه؟ أطلع أقرصلك ودانه؟
رمقته بإستنكار فتابع بجديّة: أوعي تفكريه كبر عليا طب والله أطلع أعملها
ضحكت بخفوت قبل أن تقول ببؤس: شعـيب شايل مني أوي يا سالم دة قالي إني دبحته!! أنا والله كنت خايفة عليه وعلى العيلة كلها وعملت اللي شوفته وقتها صح
_أنتِ بنفسك قولتي “اللي أنتِ شوفتيه صح” بس هو مش شايفه كدة هو شايف إنك كنتِ سبب من الأسباب اللي حرمته من الإنسانة اللي هو حبها ، من حقه يزعل؟ آه من حقه! ، بس برضو ملهوش حق يزعلك مهما حصل إديله وقته ومش بعيد نلاقيه دلوقتي داخل علينا زي القدر المستعجل عشان يصالحك ابني وأنا عارفه قلبه قلب خساية3
_احمممم احممممم
نظرا لمصدر الصوت ليجدا شعـيب واقفاً يستند على إيطار الباب ويرمقهما بحاجب مرفوع قبل أن يقول: أبو قلب خساية وصل ياحج كلم جدي بقى محتاجك ضروري2
_أنت بتطردني يالا؟
أجابه شعـيب ببراءة: وهو أنا أقدر برضو!! أنا بس خايف تتأخر على جدي أصله كان شكله متعصب أوي وبلّغني أنه عايزك فوراً
رمقه سـالم بتفكير قبل أن يستقيم واقفاً يهندم ملابسه بغرور قبل أن يندفع للخارج باتجاه شقة “الجد مهران”
إقترب شعـيب من والدته وهو يكتم ضحكاته قبل أن تقول حنـان بهدوء: كل ما تكون عايز تتكلم معايا من غير وجود أبوك تقول له نفس الحجة وسبحان الله كل مرّة بيصدقها!!
إنفجر شعـيب ضاحكًا قائلًا من بين ضحكاته: أنا برضو بستغرب إنه بيصدقها! بس جدي الله يكرمه بيلقطها وهي طايرة فبيشغله بأي موضوع
إبتسمت على ضحكاته ووخزت الدموع عيناها فاقترب شعـيب منها يلثم يديها بإحترام قائلاً: دموعك غالية أوي وأنا ماستاهلش إنها تنزل بسببي حقك عليا إنفعلت عليكِ سامحيني
_مين اللي يسامح مين ياحبيبي؟ سامحني أنا يا بني سامح أمك ياشعيب أنت وأختك كل ما أملك بخاف عليكم أكتر من عيوني أنا كنت فاكرة نفسي بأحميكم طلعت بأذيكم!!! سامحني قبل ما أموت و1
ضمّها إلى صدره بقوّة قائلاً: طولة العمر ليكِ يا ست الكل إحنا من غيرك ولا نسوى حقك عليا أنا سامحيني لو قولت كلمة تزعلك حقك على راسي يا أمي حقك عليا يا غالية1
ربتت على صدره بمحبّة خالصة فابتعد عنها بهدوء وقبض على يديها برفق قائلاً: عندي خبر مهم أنتِ رابع واحدة في العالم كله تعرفه بس دة سر مفيش أي حد هيعرفه دلوقتي
رمقته بفضول وهزت رأسها موافقة تحثه على الحديث فقال بسعادة: لتيـن حامل .. هتبقي جدة للمرّة التالته الأحفاد هيكبروكي يا حنونة
شهقت حنـان بذهول وقد اتسعت عيناها بعدم تصديق فقال شعـيب بتأكيد: رحنا للدكتورة وأكدت لينا إن لتيـن حامل في الشهر التالت و
لم تتركه يكمل حديثه بل اندفعت تطلق عدّة زغاريد عالية تعبر بهم عن سعادتها2
هتف شعـيب بذهول: ششششش عندنا حالة وفاة يا أمي أنتِ نسيتي؟ بس الله يخليكي
كممت فمها بحرج قبل أن تقول: والله من فرحتي نسيت!! يا ما أنت كريم يارب ألف مبروك ياقلب أمك ومتقلقش سرك في بير أنا مش هقول لحد لغاية ما لتيـن تولد بالسلامة
أجابها بسخرية: سر؟ وبير!!! بعد الزعروطة اللي الحي كله سمعها؟ ما أفتكرش!!!!!!
وبالفعل انتشر خبر حمل لتيـن بين أفراد العائلة ورغم الحزن الذي سكن قلب توفيق ومازن بسبب وفاة “وفـاء” ولكنهم استقبلوا الخبر برحابة وباركوا لشعيب بمحبة
×××
وكما وصل خبر حمل لتيـن للجميع وصل لـعمـاد هو الآخر .. للحظات تجمّد كل شيء حوله للحظات انعزل عن العالم قبل أن تتساقط دمعة وحيدة من عينيه وهمس بتحشرج: الحمدلله ربنا عوّضها باللي أحسن مني وراضاها باللي تتمناه .. مش يمكن لما تعيش سعيدة تنسى مرارة أيامي وتقدر تسامحني؟ (صمت قليلًا قبل أن يقول بغصّة) يارب توبت إليك يا أرحم الراحمين فأقبل توبتي وأهديني وأغفر لي2
××××××
هتفت الجدة بإستنكار: أنتِ بتعيطي ليه دلوقتي يا فوزيّة؟
_لتيـن حامل (همستها من بين شهقاتها المرتفعة)
_آه الحمدلله ربنا عوّض صبرها خير ، أنا بقى مش فاهمة أنتِ بتعيطي ليه؟ دة بدل ما تقومي تصلّي ركعتين شكر لله قلبتيها عياط ونكد!
تحكمت في بكائها قائلة: أنا بس فرحانة .. فرحانة إن لتيـن أخيراً أخدت اللي تستحقه بنتي إتعذبت قووي وأنا كنت سبب عذابها لما ضحيت بيها عشان بقيّة العيلة تخلّيت عنها وسيبتها تعيش مع واحد كنت فاكراه هيصونها بس طلع كلـ ـب صعران نهش فيها
_لا حول ولا قوّة إلا بالله .. اللي فات مات يابنتي وبدل ما أنتِ قاعدة تندبي حظّك قرّبي من بنتك حنّي عليها ساعديها في حياتها (وأكملت بجدية) بس مش معنى كدة إنك تتدخلي في حياتها الخاصة مع جوزها أوعي خليكِ قريبة حسسيها إنك موجودة وإنها تقدر تتسند عليكِ ، فاهماني يا فوزيـة1
هزّت فوزيـة رأسها موافقة فقالت الجدة: حسّـان كلمك على التليفون؟
أجابتها بتجهم: إتصل بس ماردتش عليه أنا مش عايزة أسمع صوته ولا أشوف خلقته
_فوزيـة شغل العيال دة مش لايق عليكِ زي ما جوزك غلط أنتِ كمان غلطتي وزي ما هو قصّر في حقّ بناتك فأنتي كمان قصرتي بسكوتك لو كنتِ وقفتي له من البداية وناقشتيه كان ممكن كل حاجة تتحل كانت الحياة هتكون ابسط وماكنش هيحصل فجوة بين لتيـن وأبوها أو على الأقل ماكنتش هتكون بالحجم دة
_يا أمي دة قال لـلتيـن تطلب الطلاق من جوزها كان عايز يخرب بيتها دة غير قسوته عليها مشيلها ذنب إختياراتها ، بدل ما يقف جانبها بيقولها لا أنتِ السبب مش أنتِ اللي اخترتي عمـاد يبقى تستحملي تصرفاته وأنا تعبت ، تعبت وخايفة أخسر البنت اللي حيلتي العيشة مع حسـان بقت مستحيلة دة ماصدّق طلبت الطلاق فطلقني في ساعتها
ضحكت الجدة قائلة بخبث: قولي كدة بقى أنتِ زعلانة عشان طلقك أول ماطلبتي؟
هتفت فوزيـة بحرج: أيوة زعلت طبعاً الطلاق مش سهل وهو باع العمر اللي مابينا بالساهل ولا كأنه كان مستني إني أطلب الطلاق فقال بركة يا جامع!!!
ضحكت الجدة من جديد وهمست: ربنا يهدي سركم ياولادي
××××××
بعد مرور عدة أيام:_
إستيقظت اليوم بقلب مقبوض فبرغم سعادتها الأيام الماضية إلا أن اليوم مختلف فقد رأت منام عكّر صفو مشاعرها وبعثر سعادتها
_الهانم اللي سرحانة .. إيه هنفطر بيض مفحم؟
أفاقت على صوت شعـيب المازح ولكنها لم تكُ في مزاج جيد لتشاركه المزاح فقالت بحاجبين معقودين:
قصدك إيه؟ أن أكلي محروق؟ طبخي وحش ياشعيب وخلاص مبقاش يعجبك
اممممممم
همهم بإدراك وهمس بصوت لم يصلها: شكل هرمونات الحمل إشتغلت ألبس يامعلم
هتفت لتيـن بغيظ من غمغمته: أنتً بتقول إيه؟
إتسعت إبتسامته قائلاً: بقول عندك حق ياحبيبتي أكلك فعلاً لا يعلى عليه تسلم إيدك
هدرت بتحفّز: دة أنت بتتريق بقى؟!!!
أجابها بهدوء: أنتِ عايزة تتخانقي؟ لو عايزة أنا ماعنديش مشكلة أتفضلي إبدأي
همست بعدم فهم: أبدأ إيه؟!!
_الخناقة ياروحي
قالها ببراءة كادت أن تسبب لها ذبحة صدريّة فصرخت بإنفعال: شعـيب إحترمني لو سمحت وبطل تعاملني زي عائشة ومالك وملك2
هدر بحدّة وصوت عالي: لتيـــــن
شهقت بإجفال من صوته العالي وارتعشت شفتيها وكأنها على وشك البكاء فهتف شعـيب بهدوء جاد: أنا كمان بعرف أعلّي صوتي على فكرة بس مش من الطبيعي إن في أي خلاف بيننا صوتنا يعلى وأنا مش هاسمحلك أبداً تعلي صوتك عليّا وأعتقد إني لما بكلّمك حتى وإحنا مختلفين بيكون صوتي واطي صح ولا إيه2
لم تجبه وأكتفت بإطلاق صراح دموعها لتتساقط على وجنتيها ببؤس
نفخ بضيق قائلاً: لا إله إلا الله الممنوعات ابتدت تظهر أهيه
رمقته بعتاب ولم تعلّق ليهتف بهدوء وهو يقترب منها: مالك يا لتيـن؟ أنتِ زعلانة؟ في حاجة قلقاكي ولا دي هرمونات وهتروح لحالها فهميني يا حبيبتي
_أنا حلمت حلم
عقد حاجبيه بـإستغراب: ها كملي
أكملت بقلب مقبوض: حلمت أن نـ نـورا جايّة تاخد مالك مننا هي ماسكة فيه من إيد وبتشدّه ناحيتها وأنا مسكاه من إيده التانية وبشدّه ليا لحد ما لقيته بيبكي من وجع دراعاته … فـ فسبته!!! (همستها بحزن وقد تملّكها شعور بالذنب لتركها للصغير)3
إحتضن وجهها بين كفيه قائلاً: دة مجرد حلم مش واقع وإن كان على القذرة نـورا فهي سابت ابنها بمزاجها ومفكّرتش للحظة واحدة تيجي تشوفه أو تطمّن عليه هي جبانة وقت المواجهة هربت وأنا متأكد إنها مش هترجع هنا تاني بعد اللي سرقته من بيت أهلها والفلوس اللي سحبتها من البنك ماعتقدش إنها غبيّة لدرجة إنها ترجع لقضاها لأن صدّقيني لو وقعت في إيدي مش هرحمها
همست برجاء: يعني مالك هيفضل معانا مش كدة؟ مش هتتخلى عنه ياشعيب صح؟ دة يتيم وماحدّش هيقدر يراعيه مازن وعنده شغله وحياته ومش هيعرف يهتم بيه كويس وخالي توفيق كبر وصحته على قده .. أنا هاهتم بيه صدقني مش هقصر معاك في حاجة وهعامله زي ملك وعائشة هما هيبقوا كلهم ولادي زي ابني أو بنتي اللي أنا هخلفهـ ـا ليهم نفس المعاملة والله ماهفرّق بينهم فأرجوك أ1
عانقها بإفتتان ، منبهر بها وبحنانها المتدفق .. هي أم بالفطرة أم قبل أن تنجب أم لبناته من زوجته الأولى وأم لابن نـورا!! تلك التي تسببت لها بألم ستبقى ندبته موجودة إلى الأبد .. ولكنها لتين منبع الحنان والأمومة ، التسامح والرضى .. لتيـن حبيبته ومالكة قلبه .. لتيـن روح الفؤاد..!
××××××
كفى بُعاداً لقد سئم الإشتياق .. حان وقت المواجهة حان وقت المطالبة بها .. حان وقت رجوع “تقى” إليه لتنير عتمة أيّامه لتروي لوعة قلبه من شدّة إشتياقه لها
طرق باب عمّه سـالم بقوة ليُفاجئ بزوجة عمّه تفتح الباب وترمقه بعبوس فهتف بإندفاع: أومال تقى فين
أجابته بتجهم: أفندم؟!!!
_أقصد صباح الخير فين عمي محتاجه في موضوع حياة أو موت
_طب إستنى هنا
ثم أغلقت الباب بقوّة في وجهه
همس مـازن بصدمة: هي قفلت الباب في وشي؟!!! أكيد دة ماحصلش!!
وبالداخل هتفت حنـان بصرامة لسالم المتابع للموقف بتسلية: سـالم مهما الباب يخبّط ماتفتحش
رفع حاجبه بإعتراض فأكملت برجاء: لو سمحت يا سـالم ماتفتحش الباب
هز رأسه موافقاً برضا فاندفعت لغرفة ابنتها التي كانت تستعد للخروج قائلة بأمر: مـازن برة عارفة لو رجلك خطّت برة باب أوضتك إعتبري الجوازة ملغيّة يا تقى وجدعة عانديني ، أنا أصلاً بتلكك!!2
ختمت كلماتها وخرجت من الغرفة لتستقبل مـازن ، أما تقى فهمست بإرتجاف: هي تقصد إيه؟ معقول وافقت على جوازي أنا ومازن؟ ولا أنا فهمت غلط؟
ثم هتفت بتضرّع: اللهم إن كان خيراً فقدّره لي ويسرّه لي ثم بارك لي فيه ، وإن كان شراً فاصرفه عني واصرفني عنه ، وقدّر لي وله الخير حيث كان ، ثم راضيني به
~وبالخـــارج وتحديداً في غرفة الصالون~
جلس مـازن بالمقعد المقابل لمقعد زوجة عمّه التي ترمقه بنظرات غامضة لم يستطع تفسيرها
وعلى مسافة ليست بـبعيدة كان سالم جالساً يتابع بتسلية مـازن المرتبك وحنان المتجهمة، رمقه مـازن بإستعطاف يطلب منه العون ولكنه تجاهله وهو يحاول بصعوبة كتم ضحكاته حتى لا يثير غضب زوجته المتحفّزة!!
هتفت حنـان بصرامة: من غير لف ولا دوران جاي ليه يا مـازن؟
أجابها بتحدّي: جاي أشوف خطيبتي
(إبتسم سـالم فخوراً بثقته قبل أن تنمحي إبتسامته ومازن يكمل): أصلها وحشتني
همس سـالم بحنق: الواد دة غبي؟ أيوة فعلاً غبي ماهو لو كانت حنـان بس اللي معترضة على الجوازة دي فبعد بجاحته ابن توفيق أنا كمان هكون معاها3
ثم صاح بصوت عالي: ألفاظك يا حيوان إيه وحشتيني دي؟
تنحنح مازن بحرج قائلاً: لا مؤاخذة ياعمي أنا1
هتف سـالم وهو ينصرف من الصالون: عمى الدبب جيل بجح بصحيح
بعد خروج سـالم هتفت حنـان بتجهّم: قولتلي جاي ليه؟
وبعد مناقشات استمرت لأكثر من نصف ساعة هتفت حنـان بحنق: خلاص أنت هتشحت؟ إتفق مع عمك على معاد الفرح واللي فيه الخير يقدّمه ربنا (وأكملت بتحذير شرس) بس قسماً بالله العظيم لو أذيت شعرة من بنتي لآكلك باسناني وأنا مش بهدد
إقترب منها مـازن يلثم يديها بإمتنان وسعادة قائلاً: تقى جوة عيوني يامرات عمي ربنا يبارك لنا في عمرك ويخليكِ لينا حضرتك في مقام أمي الله يرحمها
حاولت حنـان إخفاء شفقتها بعد سماعها لرّنة الحزن والألم في صوته: ويهديك يا ابن توفيق .. بقولك إيه أنت فطرت؟ أجبلك تاكل؟3
××××××
إن أخطأت فلا بأس ، فالأنسان بطبيعته خطّاء ولكن إن لم تدرك أخطائك وتعمّدت بكل سفه تكرارها فأنت تستحق العقاب ، تستحق ما سيحدث لك…!!
وما يناله حسـّان الآن يستحقّه وبجدارة .. لقد لفظته زوجته خارج حياتها وبأنانيته خسر ابنته الثانيه والوحيدة .. كان من الأولى بعد وفاة ابنته الكبرى أن يكون أكثر حرصاً على الصغرى أن يراعيها ويهتم بها أن يكون سنداً لها قبل أن تكون سنداً له فلقد عاش مرارة الفقد وكسرة القلب على فلذة كبده ولكنّه لم يتّعظ بل تجبّر على “لتيـن” حتى خسرها ويالها من خسارة كبيرة يعاني مرارتها الآن
ولكنّه لن يقف مكتوف الأيدي بل سيسعى حتى يستعيد مكانته عند ابنته وزوجته
×××××××
وفي تلك المنطقة الشبة خالية
كان أحد حارسي القصور يعبر من أمام قصر “نـورا” وتفاجئ بباب القصر مفتوح ودفعه فضوله للدخول وإستكشاف سبب ترك الباب الرئيسي مفتوح بهذا الشكل المثير للريبة فهو يعمل بتلك المنطقة منذ سنوات لحراسة قصر من قصور رجل أعمال شهير ولكنه لم يرَ أحداً من قاطنين هذا القصر
تقدم بخطوات حذرة حتى وصل للباب الداخلي للقصر وضع عبائته يغطي بها أنفه قائلاً بإشمئزاز: إيه الريحة النتنة دي؟ هو في حيوان ميت جوّة ولا إيه؟!
أزاح الباب بخفّة ففُتح بسهولة فصاح بصوت عالي: يا ساتر حد هنا؟
وما قابله هو الصمت ولكنه انتبه لوجود شيء ما فدلف للداخل يستكشف ما هو ويا لهول ما رأى لقد كانت جثّة بني آدم في حالة وجد صعوبة في شرحها فأخذ يصرخ بفزع: لا إله إلا الله جثة .. جثة لا إله إلا الله
ثم هرع خارج القصر بخطوات مسرعة وكاد أن يسقط أرضاً عدة مرات
بمجرد أن وصل للشارع الرئيسي أخرج هاتفه قديم الطراز يطلب رقم ما قائلاً: ألووو بوليس النجدة؟ إلحقوني يا بيه!!!
يتبع…..
لقراءة الفصل الثامن والعشرون والأخير : اضغط هنا

اترك رد