Uncategorized

رواية عروسي الكاذبة الفصل الثاني 2 بقلم ساره علي

 رواية عروسي الكاذبة الفصل الثاني 2 بقلم ساره علي
رواية عروسي الكاذبة الفصل الثاني 2 بقلم ساره علي

رواية عروسي الكاذبة الفصل الثاني 2 بقلم ساره علي

وقفت بجانب نزار لتلتقي عينيها بعيني باسل الذي بدا لها انه لم يعرفها في بادئ الامر ..
كان باسل ينظر الى تلك الفتاة والتي من المفترض انها جاءت لتلعب دور زوجته امام عائلته بعينين ثاقبتين وشعور أنه رأها من قبل يقتحمه بقوة ..
قال نزار قاطعا تفكيره :
” مساء الخير .. اعرفكم يا جماعة .. ميرنا عماد .. صديقتي واختي زي مانتوا عارفين ..”
لو كانت الكلمات تقتل لقتلها فورا .. لكنها ذبحتها بكل الاحوال .. يقول إنها اخته .. هي التي كانت نائمة بين احضانه منذ اسابيع قليلة أصبحت الان اخته ..
ودت لو تصرخ به بكل قوتها .. تضربه على صدره بجنون .. تقتله بسكين حادة تطعن قلبه .. قلبه الذي باعها بسهولة وكأنها ليست من سكنته لسنين طويله ..
اعتلت الدهشة ملامح باسل التي سيطر عليها الجمود طويلا .. لقد تأكد الان انه يعرفها .. إنها ميرنا .. ميرنا اللي عرفها مسبقا منذ سنين مضت .. يعترف انه نساها تماما في زخم السنين فباتت لا تخطر على باله حتى لكن الان وبمجرد ذكر اسمها عرفها فورا وكم اذهله مظهرها المختلف تماما عن سابق عهده ..
تأملها بصدمة من بشرتها الشاحبة والتي افتقدت بياضها الناصع الجذاب .. الهالات السوداء المخيفة تحت عينيها والتي فشل المكياج في اخفائها .. عيناها البنيتان اللامعتان بشكل يجذب كل من يراها أصبحتا مظلمتين تماما والأسوء من ذلك انها فقدت بريقها المعتاد .. ذلك البريق الذي يجعلها تبدو وكأنهما تبتسمان في أسوء الوقت اختفى وحل محله شيء غريب من الألم العميق  والحيرة الواضحة للعيان ..
كل شيء بها تغير .. شعرها الذي لطالما فضلته قصيرا للغاية والذي بالرغم من قصره اضاف لها جاذبية مختلفة بات طويلا للغاية ومشعث قليلا وقد فقد لونه الاسود اللامع فبات اسودا لا لمعه او روحا فيه ..
ملابسها بدورها اختلفت ايضا فهي ترتدي ملابس باليه قديمه لا تشبه تلك الملابس الانيقة التي كانت ترتديها فهي كانت معروفة بأناقتها وحبها الشديد للملابس المختلفة المميزة ..
كل شيء تغير لدرجة انه لم يعرفها وكأنها تحولت من شابة صغيره الى عجوز كبيرة حزينة ..
افاق من افكاره على نزار وهو يجلس امامهم ويبدو ان وصلة الترحيب من عصام و فؤاد انتهت بينما كان هو شاردا بها وبهذا التغير الفظيع والذي لم يستسغه على الاطلاق ..
جلست ميرنا على الكرسي وهي تشعر برغبة عارمة بالنهوض والهرب بعيدا لكنها لن تستطيع فعل ذلك بكل الاحوال ..
كانت تنظر في كل مكان ويإتجاه اي شخص عداه .. اخر ما ارادته ان ترى شخصا من ماضيها القديم وهي بهذه الحالة والأسوأ ان يكون هذا الشخص هو زوجها الجديد ..
يالسخرية القدر .. ألم يكن ذلك الزوج سوى باسل صفوان .. ؟! كيف سوف ينظر اليها الان ..؟! بل ماذا سوف يقول عنها ..؟! هي ليست غبيه لتعرف انه تذكرها .. لقد لاحظته وهو ينظر اليها بنظرات مندهشة ألمتها كثيرا .. طوال سنوات حياتها السابقة تخاف ان يراها احدهم هنا بهذه الحالة وها قد تحقق ما خافت منه طويلا ..
افاقت من شرودها على صوت باسل الذي سألها بهدوء :
” ازيك يا ميرنا ..؟!”
نظرت اليه بعينين رأى الخوف فيهما بشكل فاجئه قبل ان ترد بخفوت تحت انظار فؤاد المحتارة وعصام الممتعضة ونزار اللامبالية :
” بخير يا باسل ..”
صمتت لحظة قبل ان تكمل وقد وجدت من الاصول ان تسأله عن احواله بدورها فمهما كان هي تعرفه مسبقا :
” انت عامل ايه يا باسل ..؟!”
ضغطت على حروف اسمه بقوة وكأنما تريد تذكير نفسها بهوية الشخص الماثل امامها ..
قال فؤاد بسرعة :
” انتوا تعرفوا بعض ..؟!”
نظر نزار الى زوجته بنظرات تحمل تساؤلا شديدا ليسمع باسل وهو يجيب :
” اه نعرف بعض من زمان ..”
التفتت ميرنا نحوه بوجه مضطرب لتتقابل عينيها الباهتتين بعينيه الزرقاوين اللتان تنظران اليها بهدوء غريب ..
” بجد يا ميرنا ..؟!”
سألها نزار بطريقة بدت اشبه للحنق فهزت رأسها دون جواب لينظر نزار هذه المرة الى باسل ويسأله :
” تعرفها منين بقى ..؟!”
رمقها باسل بنظرات مطولة قبل ان يقول :
” اعرف ميرنا من سنين طويلة .. من اكتر من ثمان سنين .. كنا بندرس فنفس الجامعة .. “
نظر فؤاد اليها بفضول وهو يشعر بها تحمل تخبطا كبيرا اما عصام فكان يشعر بالحزن على حالها ووضعها الذي ازداد سوءا عن اخر مرة رأها فيها ..
” اه صحيح .. نسيت انك خريج هندسة معماري زيها ..”
قالها نزار وهو يبتسم بتصنع قبل ان يسأل باسل :
” بس غريبة انك تعرفها من ايام الجامعة رغم فرق السن اللي بينكم ..”
رمقه باسل بنظرات باردة قبل ان يرد بجدية :
” عرفتها فسنة ثالثه وقتها كانت هي فأول سنة جامعة .. صحبتها كانت اخت صحبي المقرب  … “
كتم نزار ضيقه بصعوبة وهو ينظر الى ميرنا التي استدارت تنظر اليه بملامح متجهمة لتجده يبتسم لها بطريقة لم تعجبها وكأنها تحمل تهكما غريبا ..
” تشربوا ايه ..؟!”
قالها فؤاد بقليل من المرح  محاولا قطع الصمت الغريب والذي حمل هدوء باسل وجمود نزار .. امتعاض عصام و حزن ميرنا ..
تقدم النادل منهم ليأخذ طلباتهما حيث بدأ فؤاد الذي قال :
” واحد قهوة سادة ..”
تبعه باسل الذي طلب :
” انا كمان زيه ..”
عصام قال بجمود :
” نسكافيه بلاك ..”
ابتسم نزار وهو يقول :
” قهوة سكر زياده ..”
والتفت نحوها يسألها :
” تشربي ايه يا ميرنا ..؟!”
كانت تود ان تصرخ  وتخبرهم جميعا انه كاذب ويعرف جيدا ماذا تفضل ان تشرب لكنها اثرت الصمت وهي تقول :
” قهوه سادة يا نزار ..”
تطلع نزار اليها بدهشة فهي لا تحب القهوة بتاتا وان تناولتها لأجله فتفضلها حلوة للغاية مثله تماما ..
” قهوة وسادة كمان ..؟! مانتي طول عمرك بتحبي القهوة تبقى حلوة جدا ده لو طلبتي قهوة اصلا …”
كان هذا كلام عصام الذي جعل نزار يلتفت نحوه يرمقه بنظرات حادة قابلها هو بنظرات لا مبالية بينما تنحنحت هي وقالت بإضطراب ظهر واضحا في صوتها الخافت :
” بقيت بحبها سادة ..”
ثم اكملت بخفوت وهي تحرك اناملها فوق غطاء الطاولة المزخرف :
” حاساها واقعية اكتر ..” 
ولم تنتبه ان باسل سمعها وكذلك عصام بينما لم ينتبه نزار لحديثها حيث كان يتحدث مع فؤاد ..
رفعت عينيها من فوق الطاولة لتنظر الى عيني باسل اللتان تنظران اليها بقوة فاجئها وبثت الرعب في نفسها وشعور انه كشفها اقتحمها بقوة ..
…………………………………………………………….
دلفت الى داخل شقتهما بملامح واجمة يتبعها هو بعدما اغلق باب شقتهما جيدا ..
التفتت نحوه فوجدته يخلع سترته الجلدية ويرميها ارضا ثم يبدأ بفك ازرار قميصه قبل ان يخلعه بالكامل ويرميه ارضا هو الاخر ..
سحب علبة سجائره من جيب سترته ثم جلس على الكنبة واضعا قدميه فوق الطاولة امامه شاعلا سيجارته داخل فمه ..
كانت تقف في مكانها تتابعه وهو ينفث دخان
سيجارته وينظر امامه بهدوء ..
تمنت ان يقول اي شيء لكن صمته الغريب ازعجها فقررت الذهاب الى غرفتها والبقاء فيها فهي لا تود رؤيته ..
تحركت نحو غرفتها لكنها وجدته يقول بجمود :
” استني ..”
وقفت في مكانها للحظات قبل ان تلتفت نحوه وتنظر اليه بعينين متسائلتين فيهتف وهو يطفئ سيجارته ويسحب غيرها من العلبة :
” كويس انوا اليوم عدى على خير .. صحيح محصلش اي كلام فالموضوع اياه بس انا  متأكد انوا هيحصل .. “
” وانت متأكد كده ليه انوا هيحصل ..؟!”
سألته بنبرة باردة ليجيب بثقة وهو ينفث دخان سيجارته عاليا :
” عشان معندوش حل تاني .. ده الحل الوحيد اللي قدامه .. هو مضطر يتجوز لفترة مؤقتة وطبعا مفيش افضل من اخت صاحبه وزميلته الجامعية القديمه تبقى مراته المؤقتة ..”
لمعت عينيها بحزن دفين قبل ان تسأله بعدما اخفت حزنها بسرعة :
“هو ليه مضطر يتجوز ..؟!”
اجابها بجدية :
” ابوه عاوزه يستقر ويجيب اولاد .. وهو مش عايز .. فقرر يتجوز جواز شكلي عشان يسكتهم لفترة لحد ما يتصرف ويخرج من تحت سيطرتهم ..”
هزت رأسها متفهمة وهي مستغربة من اقدام باسل على شيء كهذا وهو الذي عرف بشخصيته القوية المستقلة بشدة ..
” بس فرصة حلوه انكوا طلعتوا معرفة قديمة ..”
قالها بنبرة غريبة ونظرات لم تعجبها رمقها بها لتقول بجدية :
” فرصة ليك مش ليا ..” 
ابتسم بتهكم :
” فرصة ليكي وحياتك .. اهو عالاقل لقيتي حد من ايام زمان وواضح انوا مش حد عادي ..”
ضغطت على شفتيها بقوة كي لا تطلق شتيمه قوية ثم قالت بجدية :
” اني اقابل حد من اللي اعرفهم زمان ده اسوء شيء ممكن يحصلي .. ثانيا تقصد ايه انوا مش حد عادي ..؟!”
رمقته بنظرات نارية أرعبتها قبل ان ينهض من مكانه و يدنو بوجهه ناحية وجهها ويسألها بهدوء مخيف :
” ايه كان بينك وبين باسل يا ميرنا ..؟!”
تجمدت النظرات داخل عينيها للحظات قبل ان تقول بصدمة :
” انت اتجننت ..؟! هيكون بيني وبينه ايه يعني ..؟!”
” انا مش غبي وعارف انوا فيه حاجة كانت زمان بينكم ومن حقي اعرف ..”
صاحت به بإنفعال :
” حاجة ايه وزفت ايه ..؟! كان زميلي فالجامعة .. تخصصنا واحد .. ايه الغريب فكده ..”
صاح هو بانفعال اكبر :
” كان سابقك بدفعتين .. ايه اللي يخليه يبقى زميلك ..؟!”
اجابته بقوة :
” هو قالك بنفسه .. كان صديق اخو صحبتي .. البيست بتاعتي .. “
” يا سلام .. “
قالها بسخرية لتسأله بضيق :
” انت عايز توصل لايه ..؟!”
اجابها بجدية :
” عايز اعرف الحقيقة ..؟! طبيعة العلاقة بينكم كانت ايه ..؟!”
لمعت عينيها بقوة وقد ارادت في تلك اللحظة ان تثير غيظه وجنونه وربما غيرته فقالت :
” كنا بنحب بعض .. كان اول حب فحياتي … فضلنا مرتبطين لسنتين وانفصلنا بعدها ..”
لا تعرف لماذا قالت هذه الكلمات .. ربما ارادت ان تثير غيرته قليلا .. او ربما بسبب الامل الغريب الذي تولد لديها بأنه سوف يتراجع عن قراره بتزويجها له بعدما يدرك انه حبيبها السابق ..
وجدت الغضب يظهر بوضوح على ملامحه فبدأ الامل يزداد اضعافا لديها ليسألها :
” سبتوا بعض ايه ..؟!”
اجابته ببرود :
” ده شيء خاص ..”
وقبل ان تنهي جوابها وجدته يقبض على ذراعها ويعاود سؤالها بينما يده تضغط على ذراعها بقسوة :
” سبتوا بعض ليه ..؟! هو اللي سابك ولا انتي اللي سبتيه ..؟!”
” ابعد بقى ..”
قالتها وهي تحرر نفسها من قبضته بقوة قبل ان تهتف بصوت معذب وهي تمسح ذراعها بكفها النحيل :
” انا اللي سبته .. “
ضحك ساخرا قبل ان يقول :
” والمفروض اني اصدق بقى .. هو فيه وحدة عاقلة تسيب باسل صفوان .. خاصة لما تكون من عيلة متوسطة زيك ..”
قال كلماته الاخيرة بنبرة هازئة جعلتها تشعر بالاهانة الشديدة لترد بقوة :
” كنت هبلة .. مكنتش عارفة اني هندم بعدين لما رحت مع واحد زيك ..”
” تقصدي ايه ..؟!”
قالها وهو يجذبها من ذراعها مرة اخرى ويهتف بنبرة عصبية حادة اثارت الرعب داخلها :
” انتي واضح انك اتهبلتي .. انتي كنتي تحلمي بواحد زيي .. ولا نسيتي كل اللي عملتيه عشان تكوني معايا ..”
ردت بصوت متحشرج :
” كنت هبلة واديني بدفع التمن ..”
” حاسبي على كلامك يا ميرنا ..”
قالها بعينين مشتعلتين كجمرتين لتهتف بتهكم :
” وانت مدايق ليه من ساعة ما عرفت اننا نعرف بعض انا وباسل .. ؟! ايه خايف اسيبك واكمل معاه بعدما يتجاوزني ..؟!”
لمحت السخرية بعينيها وهو يقرب وجهه من وجهها ويهمس بثقة :
” اهي دي اخر حاجة اخاف منها .. عارفة ليه ..؟!”
صمتت وهي ترميه بنظرات زائغة ليكمل :
” لاني عارف انك بتعشقيني وانك عمرك مهتقدري تكوني لراجل غيري .. انتي اتخلقتي عشاني .. عشاني انا وبس .. هتعيشي وتموتي وانتي بتحبيني .. “
لمعت الدموع الحبيسة بعينيها قبل ان تصرخ بوجع :
” ايوه بحبك .. بحبك يا نزار.. بحبك لدرجة سبت كل حاجة عشانك .. خسرت اقرب الناس ليا عشانك .. خسرت حياتي وشغلي وطموحي عشانك .. وياريتك قدرت ..”
وضع جبينه على جبينها وقال بصوت دافئ حار :
” افهميني يا ميرنا .. انا بحبك .. بعشقك .. مقدرش اعيش من غيرك .. بس من حقي بردوا اعيش حياة كويسة .. انا مش بضحي فيك والله .. انا لولا اني متأكد انوا جوازكم هيكون لفترة وترجعي ليا بعدها مكنتش هوافق .. انا مستحيل اخسرك يا ميرنا .. انتِ حب عمري واغلى حاجة عندي ..”
ابتلعت ريقها وهي تبتعد عنه قليلا لتتقابل عينيها الدامعتين مع عينيه اللتين تنظران اليها بعشق خالص افتقدته بشدة ..
تلك النظرات جعلتها تتأكد انه ما زال يمتلك الكثير من المشاعر نحوها ..
دنا نزار نحوها والتقط شفتيها بقبلة شغوفة تجاوبت 
هي معها كما اعتادت ..
لحظات قليلة وبدأت تتذكر لقاء اليوم ونتائجه وزواجها من غيره الذي سيكون قريبا ..
فجأة تحول العشق الى نفور شديد منه ومن قبلاته التي تسير على وجهها وعنقها بل ووصلت الى جيدها بشغف بينما يديه تبدئان بفك ازرار قميصها ..
فكرة ان زواجهما سوف ينتهي قريبا لأجل زواجها من اخر جعلها تشعر بمدى رخص ما يجري بينهما ..
دفعته بقوة ليتصنم في مكانه بينما تسير هي بسرعة نحو غرفتها ليضغط على اعصابه بقوة وهو يتبعها ..
” فيه ايه ..؟!”
قالها وهو يجذبها نحوه لتهمس بجنون وهي تبعدها عنها :
” مش قادرة ..؟! مش قادرة اتخيل انك عاوزني معاك فحضنك وانت هتطلقني كمان كام يوم ..”
صاح بنفاذ صبر :
” انتي ليه مش قادرة تستوعبي ..؟! افهمي بقى .. ده جواز مصلحة .. جواز مؤقت وعالورق بس .. زي الاتفاقية يعني ..”
صاحت به بصوت عالي مبحوح وهي على وشك الانهيار الحتمي امامه :
” ده جواز يا نزار .. مهما حاولت هيفضل جواز .. انا هبقى ملك غيرك .. بشيل اسم واحد غيرك ..مراته قدام الكل .. شريكة حياته ..”
” بلاش تكبري الموضوع .. وقلتلك الف مرة بلاش تخافي من باسل .. ده واحد يعرف اجمل ستات فالمنطقة وبفلوسه يقدر يشتري اي ست عينه تجي عليها اكيد يعني مش هيبصلك انتي ..”
كلماته تلك طعنتها بقسوة لتجد نفسها تثأر لكرامتها وهي تقول :
” متنساش بردوا هو مين وقد ايه وسيم و غني ..مش يمكن خايفة من نفسي لاضعف قدامه واسلمه نفسي .. كده كده هو جوزي واحق بيا من اي حد ..”
اعتصر قبضة يده بقوة وهو يمنع نفسه بصعوبة من ضربها .. هو يعلم انها تثأر لكرامتها بعد كلماته تلك التي لم يصدقها بحق .. هي السبب فهي اثارت غضبه بكلامها المستفز وهو رجل في نهاية المطاف لأعصابه حدود تنتهي بأي وقت ..
اخذ نفسا عميقا وهو يهمس مقتربا منها :
” انا عارف انك بتقولي الكلام ده من ورا قلبك ..”
وضع كفه على موضع قلبها واكمل :
” وعارف انوا ده ملكي انا وبس لأخر العمر ..”
اهتزت حدقتيها بوجع بينما همس هو بجانب اذنها وحرارة انفاسه لفحت جانب وجهها بقوة :
” بحبك ..”
ثم عاد ينظر بعينيه الشغوفتين الى عينيها ليبدأ بتقبيل عينيها ثم انفها وفمها طابعا عليه قبلاته الشغوفة ..
بدأت تستجيب له رغم شعورها بعدم الراحة من ذلك ..
بعد لحظات كانت ممددة بين ذراعيه بينما ينثر هو قبلاته المتفرقة على جميع انحاء جسدها بعدما خلع ملابسها تدريجيا عنها ..
كانت مغمضة العينين مستسلمة تماما له وفي داخلها شعور غريب من عدم التقبل لكل ما يحدث ..
هي التي كانت تذوب بين ذراعيه من لمسة باتت تضغط على اعصابها كي لا تدفعه بعيدا عنها ..
ولأول مرة تشعر بأنها لا تريده بينما كانت تتوق اليه مسبقا ..
فتحت عينيها بعدما شعرت بشيء ما يوضع داخل فمها لتجده يبتسم بهدوء وهو يقول :
” نسيتي الحباية ..”
لتعتدل في جلستها وتأخذ منه كوب الماء وتتناوله دفعة واحدة ليأخذ الكوب منها ويعاود جذبها نحوها فتستلم له كليا بعدما اغلقت عينيها مرة اخرى وغرقت بأفكارها المختلفة والتي حاولت من خلالها نسيان ما يحدث بهذه اللحظة ..
…………………..:………………………………………………
كان باسل يجلس على سريره يعمل على حاسوبه حينما رن هاتفه ليجد فؤاد صديقه يتصل به ..
فتح الهاتف وقال بتهكم :
“اتأخرت يعني  .. ازاي صبرت ومتصلتش الا دلوقتي ..؟!”
رد فؤاد بغيظ :
” فيه واحد قالي هروح انام وانا عارف انك مبتحبش حد يصحيك من نومك .. وانا مش قدك ولا قد عصبيتك الغبية ..”
” خير يا فؤاد ..؟! بتتصل ليه ..؟!”
سأله باسل وهو ينظر بإهتمام الى احد الملفات المعروضة على الشاشة ليرد فؤاد بتهكم :
” واحشني .. بقالي كتير مشفتكش .. هكون بكلمك ليه يعني ..؟! اكيد عشان عاوز اشوف واتكلم معاك ..”
رد باسل بجدية :
” تمام اتكلم ..”
قال فؤاد بدوره :
” لا طبعا لازم فيس تو فيس ..”
شعر باسل بالملل من الحديث الذي طال فقال باختصار :
” انا فالبيت وصاحي الصبح .. تعال لو عايز ..”
ثم اغلق الهاتف في وجهه وعاد يعمل على حاسوبه ..
سمع طرقات على باب غرفته بعد لحظات ليسمح للطارق بالدخول فتفتح الباب وتدلف منه جومانة ليبتسم لها وهو يضع حاسوبه جانبا ويهتف بترحيب :
” تعالي يا جومانة ..”
توجهت جومانة نحوه بخطوات سريعه وهي ترتدي بيجامتها القصيرة ثم جلست بجانبه وهتفت بتردد :
” كنت عاوزك فموضوع يا انكل ..”
” قولي يا حبيبتي ..”
ظهر التردد جليا على ملامحها ليقول باسل بسرعة :
” اتكلمي يا جومانة ..؟! بلاش تترددي .. قوليلي عاوزة ايه ..؟!”
رفعت جومانة عينيها الجميلتين نحوه وقالت بهدوء بعدما اكتسبت الثقة من حديث عمها :
” عشان البارتي .. انت عارف انوا فاضل اربع ايام عليها .. انا كان نفسي اجيب المطرب المفضل بتاعي بس مامي رفضت وقالت انوا دي تفاهات ..”
ابتسم بهدوء وقال :-
” أياد منصور .. “
أومأت برأسها بخجل ليقول بجدية :
” مع اني مش فاهم سبب تعلقك الغريب بيه بس اوك مفيش مانع ..”
قفزت بسعادة وهي تهتف بعدم تصديق :
” بجد يا انكل .. قول انك مش بتهزر ..”
” وانا من امتى بهزر يا جوجو .. ؟! هجيبهولك يا حبيبتي ..”
تنحنت وهي تقول :
” بس هو بياخد مبلغ كبير شوية ..”
ابتسم بتفهم وقال :
” كبير اوي مش شوية ..”
ضحكت بحرج ليكمل بحب ابوي صادق :
” بس كله فداكِ .. ولو تحبي اجيبلك ثلاثة معاه هجيبلك ..”
ضحكت وهي تجيبه بعفوية :
” لا هو وبس .. مش عايزة غيره ..”
رفع حاجبه بدهشة بينما تنحنحت هي بحرج وقد ادركت كلماته التي خرجت بسرعة ودون ادراك ليبتسم وهو يقول :
” ماشي يا جومانة .. هنتفق معاه ازاي بقى عشان انا معرفهوش ولا اعرف حتى هو مقيم فين حاليا ..”
قالت بسرعة :
” هو مقيم الفتره دي هنا .. و على فكرة هو يبقى ابن خال صحبتي وهي اللي هتضبط كل حاجة ..”
هز رأسه متفهما ثم قال بجدية :
” ماشي ضبطي كل حاجة .. بكره هجهزلك مبلغ كويس ولو احتجتي زيادة قوليلي واجهزلك زيادة عليه ..”
” طب ومامي ..؟!”
سألته بقلق ليجيبها وهو يتنهد بضيق :
” سيبي الموضوع ده عليا .. انا هتصرف ..”
رأى الخوف بعينيها فقال :
” متقلقيش يا جومانة .. ركزي انتي فالبارتي بتاعتك وانا هضبط كل حاجة ..”
ابتسمت براحة فهي تثق بكلامه كثيرا ثم اقتربت منه وطبعت قبلة على وجنته وقالت بصدق :
” انا بحبك اوي يا عمو ..”
ابتسم وهو يربت على وجنتها ويقول :
” وانا بحبك اكتر يا حبيبتي ..”
فتح الباب ودلف فؤاد الذي همس بسخرية :
“‘شكلي قطعت عليكم لحظة حرجة .. اسف ..”
ابتسمت جومانة وهي تقترب منه وتسأله :
” ازيك يا انكل .. واحشني ..”
” هبقى كويس لو بطلتي انكل دي .. ده انا كلي اثنين وثلاثين سنه .. بتكبريني ليه ..؟!”
ضحكت بعذوبة وقالت :
” متعودة على كده ..”
ثم استدارت ناحية باسل وهتفت بعينين مضيئتين من فرط السعادة لموافقته على طلبها :
” اروح انام انا بقى .. وميرسي مره تانيه ..”
” تصبحي على خير يا جومانة ..”
” وانت من اهله يا انكل ..”
خرجت جومانة من الباب بينما نهض باسل من مكانه وهو يقول لفؤاد :
” بتيجي بسرعة انت ..”
رد فؤاد بجدية :
” مش قادر استنى ..”
” تستنى ايه ..؟!”
قالها باسل وهو يتجه نحو احدى الغرف الملحقة بجناحه والتي تحتوي على ثلاجة ضخمة للغاية بها مختلف انواع المشروبات والحلويات ..
اخرج منها علبتي عصير واعطى احدهما لفؤاد وفتح هو الاخر وبدأ بتناوله ..
قال فؤاد بعدما ارشف قليلا من العصير :
” مين ميرنا دي وتعرفها منين ..؟؟”
اجابه باسل بهدوء فهو كان متوقع سؤاله :
” جاوبت قبل كده لو فاكر .. وهجاوبك تاني .. زميلتي من ايام الجامعة ..”
” بس ..؟!”
سألته فؤاد بنظرة غير مقتنعة ليجيبه باسل بجدية :
” بس ..”
” بحاول اصدقك مش عارف ..”
رفع باسل حاجبه وقال متعجبا :
” ليه ..؟!”
ليجيب فؤاد بصراحة :
” نظراتك ليها مكانتش عادية .. مكانتش نظرة  واحد لزميلته ..”
ابتسم ساخرا :
” امال نظرات واحد لحبيبته مثلا ..؟!”
رمقه فؤاد بنظرات مؤكده لمًا يقوله ليقول باسل بصدق :
” انت فهمت نظراتي ليها غلط .. انا تأملتها فعلا بس ده بسبب التغيير الغريب اللي خلاني معرفهاش .. دي بقت واحدة تانيه لدرجة اني شكيت اني اعرفها وتأكدت بعد ما نزار قال اسمها ..”
رفع فؤاد حاجبه قائلا بتعجب :
” للدرجة دي ..؟!”
اومأ باسل برأسه وهو يهتف بجدية :
” ميرنا كانت وحدة تانيه .. وحدة مختلفة تماما .. كانت نقيض دلوقتي شكلا وموضوعا .. كانت شعلة نشاط متحركة .. مرحة وواثقة من نفسه بشكل رهيب .. كانت بتضحك وتهزر .. الكل كان بيحبها وبيحب يتعامل معاها حتى من مراحل تانيه .. “
تعجب فؤاد مما يسمعه بينما باسل يسترسل في حديثه قائلا :
” شكلها اصلا تغير .. دي بقت وحدة تانيه …هي مكانتش جميلة اه بس كان شكلها فيه حيوية وجاذبية تجبر اي شخص انوا يعجب بيها .. عينيها كانت بتضحك على طول .. اي حد بيشوفها بيفرح لا اراديا وكأنها عندها طاقة غريبة بتوزعها على الكل ..”
” انت متأكد انها كانت زميله وبس ..؟!”
سألته فؤاد بذهول لينظر اليه باسل بصمت قبل ان يقول ” كانت هنكون غير كده بس محصلش ..”
اندهش فؤاد من حديثه فسأله بسرعة :
” كان فيه بينكم حاجة ..؟!”
رد باسل بهدوء :
” مش بالضبط .. بس اظن لو كملنا كان هيبقى فيه ..؟!”
” انا مش فاهم .. انت طول عمرك بتقول مفيش ست قدرك تجذبك وتخليك مهتم بيها ..انت عمرك ما قلتلي انك حبيت قبل كده ..”
قاطعه باسل موضحا بصدق :
” محبيتهاش .. افهم يا فؤاد .. اللي كان بينا مجرد اعجاب .. انجذاب … شوية اهتمام .. بس ده راح وانتهى .. وانا نسيتها تماما وبقالي اكتر من سبع سنين مفكرتش بيها ولا مره حتى .. بس اللي قصدته انوا ممكن لو استمرينا مع بعض كان الاعجاب هيبقى حاجة تانيه ..”
تطلع اليه فؤاد للحظات قبل ان يسأله بفضول :
” طب سبتوا بعض ليه ..؟؟”
نهض باسل من مكانه وهو يقول :
” مكناش مع بعض عشان يتقال اننا سبنا بعض .. كان حاجة زي الجروب الواحد كده .. والعلاقة فضلت زمالة وانتهت على كده بس منكرش انها فوقت من الاوقات اثرت بيا ..”
كان باسل يعلم انه لن يخبر فؤاد بالجزء الاخير من القصة التي انتهت قبل ان تبدأ ..
هو لم يكذب على صديقه .. هو يعرف ان مشاعره ناحية ميرنا مسبقا لم تتجاوز الاعجاب .. فهو انجذب لشخصيتها المرحة الجذابة وثقتها الهائلة بنفسها وذكائها الشديد .. فوجد نفسه معجبا بكل هذه الصفات التي جعلتها تختلف عن بنات جيلها ..
عاد بذاكرته الى لقاء اليوم وهو يتذكر ذلك الخوف والتردد الغريبين المنبعثين من عينيها ..
هل عدة سنوات قادرة على تغيير الشخص بهذا الشكل المفزع ..؟!
هل يمكن ان تتحول واحدة كميرنا بكل تلك العفوية والسعادة التي تقطر من عينيها الى انسانة اخرى لا تحمل من نسختها القديمة سوى الاسم فقط والذي لولاه لما عرفها ..
وبالرغم من رغبته بمعرفة اسباب التغيير الملحوظ والذي لم يجد تفسيرا منطقيا له بعد وجد ان سبب ارتباكها وخوفها هو الموقف الذي وضعت فيه بالتأكيد ..
فليس سهلا على واحدة كميرنا بكل تميزها و اعتدادها بنفسها ان توضع في موقف كهذا بل وتجد نفسها مجرد صفقة لاجل بضعة اموال ..
وبالرغم من ضيقه من الموقف الذي وضعت فيه الا انه لن ينكر تلك الراحة الغريبة التي استولت على قلبه ما ان عرف انها العروس المنتظرة بل والاغرب من ذلك الا انه وجد نفسه مقتنعا بهذه الزيجة بعدما كان رافضا لهذه الفكرة حتى اخر لحظة مرت قبل قدومها ..
” انا دايقتك مش كده .. ؟! شكلك مكنتش حابب تتكلم عنها ..؟!”
التفت باسل نحو صديقه الذي نسي امره وقال بصدق :
” مش عنها يا فؤاد .. مبحبش اتكلم عن الفترة دي تحديدا يمكن لانها كانت احسن فتره فحياتي …”
ابتسم فؤاد وهو يربت على كتفه ثم يسأله :
” هتعمل ايه ..؟! هتتجوزها ..؟؟”
لمعت عينا باسل وهو يقول :
” قبل كده فيه حاجة مهمة لازم أتأكد منها وبعدها هشوف اتجوزها او لا ..”
…………………………………………………………
كانت ممددة على سريرها وهو يحتضنها بجسده الصلب .. الدموع اللاذعة تغطي وجنتيها دون هوادة ..
تشعر بألم شديد في قلبها .. ألم يجعلها تشعر بالرغبة في الصراخ طويلا ..
نهضت من مكانها فجأة وخرجت من الغرفة صافقة الباب خلفها متجهة الى اخر نقطه وابعدها عن الغرفة لتقع على الارض وتبكي بنحيب مرتفع ..
كانت تلك عادتها على مدار سنين طويلة .. يبدأ الامر بدموع لاذعة وذكريات تتدفق داخل عقلها تتحول الى نشيخ خافت ثم شهقات تخرج بصعوبة قبل ان تنفجر بنحيب مرتفع لا نهاية له .. نحيب يجعل حبالها الصوتيه على وشك التمزق .. يتبعه صداع شديد بالرأس يفتك بعقلها ينتهي بتناولها العديد من الحبوب التي تجعلها تنام لساعات طويلة .. الغريب ان نزار في بادئ الامر كان بجانبها .. يقف معها خلال تلك النوبات ويحاول تهدئتها .. لكن شعورا ملحا بالحزن عليه وعلى ضميره الذي بدأ يؤنبه بسبب حالتها تلك جعلتها تضغط على نفسها كي لا تنهار امامه .. فكانت تنهار لوحدها .. تنتظر لحظة خروجه وتبدأ في نحيبها .. وكم كانت تتعب وهي تخبئ دموعها داخلها كي لا يشعر بها ..
توقفت عن نحييها اخيرا والذكريات تقتحم مخيلتها بقوة ..
” انا تعبت يا ميرنا .. انا مش عارف اعملك ايه .. انتي بتزودي الحمل عليا .. انا حاسس اني عاجز وانا بشوفك كده ..”
” انا بحبك يا ميرنا .. بحبك اكتر من كل الناس اللي كانوا حواليكي .. بلاش تخسريني بسببهم عشان محدش هيحبك او يخاف عليكي زيي ..”
” كفاية يا ميرنا .. لازم تفوقي لنفسك بقى .. مش كل فترة والتانيه نفس النوبات الغريبة دي .. انتي بتدمري نفسك ..”
اغمضت عينيها والدموع الرقيقة تلتصق برموشها الكثيفة وهي تتذكر ابتعادها عنه بعد ذلك واصرارها على عدم اظهار نوباتها تلك امامه ..
ومن بعدها بدأت تلجأ لتلك الحبوب حينما بدأت تفقد السيطرة على نفسها علها تنجح في تهدئتها والسيطرة على اعصابها المضطربة على الاقل من اجله هو ..
نهضت من مكانها بوهن واتجهت نحو الغرفة مرة اخرى ..
حملت مخدتها ولحافها فهي لا تستطع النوم بجانبه الان تحديدا .. لا تستطيع تقبل جسده الذي يحتضن جسدها ولا انفاسه التي تلفح وجهها ..
وضعت المخدة على الكنبة ثم تمددت وهي تشد اللحاف جيدا على جسدها ..
اغمضت عينيها في محاولة للنوم وبعد اكثر من نصف ساعة لم تستطع النوم نهضت بنفاذ صبر واخرجت احدى العلب من خزانة ملابسها ثم تناولت حبتين منها وعادت الى الكنبة وهي تدعو الله ان تأخذ تلك الحبتين مفعولها وتنام بسرعة ..
…………………………………………………………….
في صباح اليوم التالي ..
سمع صوت طرقات على باب مكتبه فسمح للطارق بالدخول ..
ولجت الى الداخل بطلتها المبهرة التي تخطف انفاس اي رجل عداه هو ..
رفع نظراته الباردة نحوها واشار الى الكرسي الماثل امامه كي تجلس عليه لتهتف وهي تجلس امامه وتضع قدما فوق الاخرى :
” لوسي قالت انك عاوزاني ..؟!”
اومأ برأسه وهو يغلق الملف وينظر اليها ويقول بهدوء :
” جهزتوا كل حاجة عشان حفلة عيدميلاد جمانة ..”
أومأت برأسها وهي تقول :
” ايوه كل حاجة تمام .. رتبنا كل حاجة واتفقت مع المطعم المسؤول عن البوفيه وكمان البنت اللي هتشرف على تزيين مكان الحفل .. الفستان جاهز .. “
اومأ برأسه وقال :
” كويس اوي .. وطبعا فقرات الحفل جاهزة .. بس نسيت اقولك تضيفي فقرة مهمة للحفلة .. انا هجيب اياد منصور يحيي الحفل ..”
تجمدت الابتسامة على شفتيها وقالت  :
” اياد منصور ..؟! هو احنه مش هنخلص من الموضوع ده ..؟!”
” بعيدا عن اني مش فاهم سبب كرهك ليه ومش عاوز افهم .. اياد منصور هيحيي الحفل وده قراري ومش عاوز اي اعتراض …”
” وده من امتى ان شاءالله ..؟! جومانة اشتكتلك مش كده ..؟! ماشي انا هعرفها ازاي تعصي كلامي ..؟!”
صاح بها بنبرة  حازمة اجفلتها بالرغم من عدم علوها :
” ماريا ..!! سيبي جومانة مبسوطة بحفلتها .. البت عيدميلادها كمان اربع ايام .. متنكديش عليها انتي فاهمة ..؟!”
” بس ده غلط .. مينفعش المطرب ده يجي ..”
قالتها بغيظ من اهتمامه المبالغ به بابنتها بل و تنفيذه لكل شيء تطلبه ليرد بقوة :
” انا عارف الصح من الغلط كويس اوي .. مش انتي اللي هتعمليني ..”
قالت بهدوء ولطف مصطنع :
” عارفة ده يا حبي بس دي لسه مراهقة ومش عاوزاها تاخد كل حاجة عاوزاها .. مش عاوزاها تتعود على كده .. انا بخاف عليها اوي ..”
رد عليها بتهكم :
” لا متخافيش ..  محدش هيخاف على جومانة قدي .. “
ثم اكمل بحزم :
” وحسك عينك اسمع انك دايقتيها بسبب الموضوع ده .. ساعتها هيكون ليا تصرف تاني معاكي ..”
رمقته بنظرات حانقة قبل ان تهتف بتساؤل :
” هو انت ناوي تجيبلها هدية ايه السنة دي ..؟!”
رد بغموض :
” مفاجئة يا ماريا .. مفاجئة رهيبة .. وفيه مفاجئة تانيه ليكي .. “
” مفاجئة ايه ..؟!”
سألته بدهشة وعدم راحة ليرد بمكر :
” هتعرفي فيومها ان شاءالله .. متقلقيش .. هتعجبك اوي ..”
…………………………………………………………..
مر يومين لم يحدث فيهما شيء جديد سوى عصبية نزار الغريبة بسبب عدم تواصل باسل معه ..
كانت ميرنا تعد طعام العشاء حينما سمعت صوته يتحدث بالهاتف مع احدهم ..
لم تستطع ان تمنع فضولها من التركيز في حديثه لتسمعه يردد اسم باسل فشعرت بالحنق يسيطر عليها ..
وضعت الملعقة على الطاولة ثم اغلقت الطباخ وخرجت من المطبخ تتجه نحوها ليجده يبتسم وعلى وجهه تسيطر علامات الراحة قبل ان يلتفت نحوها وهو يقول بسعادة :
” ماشي يا باسل .. مع السلامه ..”
اغلق الهاتف وهو يقول بفرحة :
” باسل عاوز يشوفك ويتكلم معاكي عشان تتفقوا على كل حاجة .. شكله عاوز يتمم الموضوع بسرعة ..”
رمقته بنظرات جامدة قبل ان تقول :
” بسرعة انا ازاي وانا متجوزه ..؟!”
اجابها بملل :
” منا هطلقك .. انتي فقدتي الذاكره ولا ايه ..؟!”
بالرغم من الطعنة النافذة التي سطرت قلبها الى نصفين والتي باتت تتكرر كلما ذكر امر تطليقه لها بهذه البساطة قالت بهدوء :
” عارفة ده وحفظته .. بس انت بتقول انوا مستعجل .. ولسه فيه عدة بعد الطلاق .. يعني الجواز كده كده هيتأخر ..”
” نعم ..؟! انتي عاوزة الجواز يتم بعد العدة .. ؟! باسل مش هيستنى كل ده ..”
” يولع باسل عالجوازة دي كلها .. انت اتجننت ..؟! عاوزني اتجوز وانا فالعدة ..؟!”
اغمض عينيه بنفاذ صبر وهو يفكر انه قد نسي هذا الامر تماما ليفتحهما بعد لحظات ويهتف :
” مينفعش .. باسل ميعرفش آنك متجوزة .. مينفعش اقوله استنى لحد ما عدتها تخلص ..”
ردت ببساطة :
” خلاص قوله اني كنت مراتك وطلقتني ولازم يستنى عليا ..”
” انتِ اتجننتي ..؟! بقولك مش عارف انك متجوزة اصلا ..”
” خلاص يبقى اخترعله حجة تخليه يستنى .. غير كده مينفعش نتجوز ..”
هز رأسه بتفكير قبل ان يهتف :
” اكيد فيه حل .. انا ممكن اسأل حد او ..”
قاطعته بصدمة :
” لا انت اتجننت عالاخر .. بص بقى وافهم لحد هنا وكفاية .. انا مستحيل اعمل كده ولا انت هتقدر تجبرني اتجوزه وانا فالعدة .. انت فاهم ..؟! انسى انوا حاجة زي دي تحصل .. مفيش جواز هيتم الا بعد عدتي متخلص ..”
” تمام يبقى نطلق دلوقتي .. عالاقل نكسب كام يوم ..”
جحظت عيناها بصدمة جعلتها غير قادرة على التحرك من مكانها ..
ابتلعت ريقها وقالت بقوة لا تعرف من اين أتتها لكن كل ما تعرفه انها اكتفت من جو الاهانة الذي سيطر عليها :
” معاك حق .. طلقني .. بس قبلها فيه حاجة مهمة لازم اعملها ..”
نظر اليها بحيرة لتتركه وتتجه نحو الغرفة ..
اخرجت حقيبة كبيرة وبدأت تضع فيها ملابسه لتجده يتجه نحوها ويسألها :
” انتي بتعملي ايه ..؟!”
اجابته دون ان تنظر اليه :
” بلم هدومك .. طالما هنتطلق يبقى وجودك هنا غلط ..”
صاح بعدم تصديق :
” نعم ياختي .. انتي عاوزاني اسيب الشقة ..؟!”
رفعت وجهها نحوه وقالت :
” المنطق بيقول كده .. مينفعش نعيش فمكان واحد واحنه مفيش بينا رابط ..”
” رابط ايه يا ميرنا ..؟! انا نزار يا ميرنا .. انتي جرالك ايه ..؟!”
صاحت بنفاذ صبر :
” انت اللي جرالك ايه ..؟! انت خلاص اتجننت عالاخر .. فوق كل ده عاوزني اعيش معاك عادي بعد مهطلقني .. وايه كمان ..؟! ننام سوا عادي ..؟! ومش بعيد بعد ما اتجوز صاحبك تخليني ازورك بين فتره والتانيه .. اهو اجهزلك الاكل واغسلك هدومك ..”
حل الصمت المطبق بينهما :
” انت اخترت تطلق واتجوز صاحبك .. والطلاق يعني نهاية كل حاجة بينا .. بعد الطلاق احنه الاتنين اغراب .. وبعد جوازي من باسل انت هتكون مجرد صاحب جوزي ..”
” انتِ بتلوي ذراعي ..؟!”
صاح بها بعصبية لترد وهي تعاود وضع بقية ملابسه في الحقيبة :
” اعتبرها زي ما تحب ..”
جذبها من ذراعها وهو يصيح بها :
” سيبي القرف ده وبصيلي وانا بكلمك ..”
نظرت اليه بقوة لتهتف وهي تحرر ذراعها من قبضته :
” بعد الطلاق مش هسمحلك تلمسني كده ولا تقرب مني بأي شكل من الاشكال ..”
لمعت عيناه بنيران غاضبة شعرت بأنها ستؤدي الى هلاكها قبل ان تجده يجذبها نحوه ويقبلها بقوة ..
حاولت دفعه لكنه كان اقوى منها ..
ابتعد عنها اخيرا ليهمس بخبث :
” شوفتي اني اقدر المسك واعمل اكتر من مجرد اللمس كمان وقت ما احب ..”
لم تشعر بنفسها الا وهي تصفعه بقوة وتهتف بكره :
” حقير ..”
اندلعت شرارات الغضب والحقد داخل عينيه ليجذبها من شعرها وهو يصرخ :
” انا حقير يا زبالة …”
رفعت وجهها ناحية وجهه تنظر اليه بقوة وتقول :
” ايوه حقير ومش راجل كمان .. انت مش راجل يا نزار وانا ندمانة على كل لحظة كنت مراتك فيها ..”
لم تكن تعلم ان كلماته تلك اثارت رجولته بقوة ولم تعي شيئا سوى انها تسقط على السرير وهو يسقط فوقها مكبلا جسدها بجسده الثقيل ..
استوعب اخيرا ما ينوي عليه حينما قال :
” هوريكي ازاي انا راجل يا ميرنا ..”
ضربته على صدره وهي تصرخ به :
” ابعد عني .. مش عاوزة ده يحصل .. “
ضحك بتهكم وهو يقول :
” اهدي يا حبيبتي .. اهدي وسيبيلي نفسك زي ما تعودتي وانا اوعدك اني هديكي المتعة والسعادة اللي بتحلمي بيهه ..”
” مش هسمحلك تلمسني يا نزار .. مش هسمحلك تلمسني تاني .. انا حرمت نفسي عليك خلاص .. “
كانت كلماتها تلك تزيد من غضبه فأخذ يقبلها بلا رحمة وهي تقاومه قبل ان تضربه بقوة وتدفعه قليلا عنها لتنظر الى وجهه بوجه محتقن من شدة الاحمرار وعينين متوسلتين بينما لسانها يهتف بتوسل :
” بلاش كده يا نزار .. متاخدنيش غصب .. مش هسامحك .. عمري مهسامحك لو عملتها ..”
لم تؤثر توسلاتها ورجائها المحزن به ولا كلامها وتأكيدها لعدم غفرانها فعلته تلك فأخذ يقبلها مرة اخرى وهو يمزق ملابسها بقسوة ويحتل جسدها بشكل مؤلم..
يتبع…
لقراءة الفصل الثالث : اضغط هنا
اقراءة باقي فصول الرواية : اضغط هنا

اترك رد