Uncategorized

رواية ملك للقاسي الفصل التاسع والعشرون 29 بقلم فاطمة أحمد

               رواية ملك للقاسي الفصل التاسع والعشرون 29 بقلم فاطمة أحمد

رواية ملك للقاسي الفصل التاسع والعشرون 29 بقلم فاطمة أحمد

رواية ملك للقاسي الفصل التاسع والعشرون 29 بقلم فاطمة أحمد

توهان.
________________
تمطعت بجسدها و نهضت تدلف الى الحمام ، ارتدت ملابسها و نشفت شعرها وهي تدندن بحماس و فرحة لا توصف ثم نزلت الى الأسفل وهي متأكدة أنه سيكون في مكتبه ، هبطت على درجات السلم لتختفي ابتسامتها وهي تستمع الى صوت صراخ ادم الغاضب مع أمه حنان يبدو انهما يتشاجران فصوتهما يصدر بكل قوة من المطبخ ، وضعت يدها على قلبها بتوجس و نزلت سريعا كادت تدخل لكنها توقفت وتوقف معها كل شيء عندما سمعت ادم يصيح :
– ايوة انا محبتش يارا ولا هحبها في حياتي انا رجعتها عشان البيبي و لولا كده مكنتش هفكر فيها أصلا !!
للحظة اعتقدت انها تتخيل… او أنها لا تزال نائمة بغرفتها في الأعلى وما يحدث معها الآن ليس سوى كابوس مزعج اقتحم احلامها التي عادت تتورد مع ادم من جديد…. لكن سماع صوت انفاسه العالية جعلتها تميل رأسها لتنظر اليه وهو يقف بمواجهة أمه التي تبدو مستنكرة لما قاله…. اما هو فكان يبدو على وجهه الغضب و الإنزعاج…. اذا هذا حقيقة وليس وهما !!
أبعدت يدها عن الحائط الذي استندت عليه وكأن نا*را حار*قة لسعتها …. بدأت تتراجع في خطواتها محدقة في الفراغ امامها بصدمة ولم تشعر بنفسها إلا وهي تركض الى غرفتها و تصفق الباب ب ارتجاف ، لم تعد ساقاها تقويان على حملها فهوت بركبتيها أرضا وشهقات ألمها تكاد تفت*ك بروحها…. بل فتك*ت و انتهى الأمر !!
أسندت رأسها على الجدار خلفها و ملامحها شاحبة وكأنها جثة هامدة ، هاجمتها صورة أدم في مخيلتها وهو يصرخ ” ايوة انا محبتش يارا ولا هحبها في حياتي انا رجعتها عشان البيبي ولولا كده مكنتش هفكر فيها اصلا “
اخترقت كلماته قلبها كالسهم المسم*وم فغطت عينيها بكفيها وهي تسكب دموعها بسخاء ، كم تمنت لو أصابها العمى ، او كانت صماء فلا تسمع ما قاله عنها بعدما جعلها تعيش حلما جميلا ليلة البارحة ، لكان أهون بكثير مما تلقته منذ قليل ….. كومت يارا جسدها و بدأت ترتعش بشكل غير طبيعي ، رأسها يؤلمها بشدة و عدة اصوات تتداخل فيما بينها حتى صاحت بإنهيار :
– لييييه ! ليه عملت فيا كده لييه ديه تاني مرة يا ادم تاني مرة بتدبحني فيها من غير رحمة مدامك محبتنيش ليه خليتني اتأمل ليه فرحتني و رفعتني لسابع سما و رجعت رميتني لسابع أرض لييييه !!
صرخت بحرقة حتى جرحت حنجرتها و بدأت تضرب رأسها على الجدار حتى سمعت صوته وهو يناديها بفزع.
فقبل قليل كان ادم يصعد في الدرج بعدما غادرت والدته ، وعندما سمع صراخها و بكاءها انتفض بخوف و ركض اليها ليدخل و يراها ، هاله منظرها وهي تصيح و جسدها يهتز و شعرها يغطي وجهها كان تفترش الأرض و لوهلة فكر أنها جنت ف اقترب منها و صرخ برعب عليها :
– يااارااا يارا في ايه مالك ايه اللي حصل طيب اهدي اهدي ارجوكي اهدي.
تشنجت اضلاعها و رفعت رأسها اليه وهي تناظره بح*قد ، و فجأة نهضت و انقضت عليه تضربه على صدره و تدفعه بقوة مزمجرة :
– يا حي*وان يا واطي انا بكرهههك بكرههههك !!
اندفع للخلف يطالعها بذهول ولم تكن ردة فعله سوى تقطبية مستنكرة :
– ايه اللي بتعمليه ده يا يارا انا عملتلك ايه تاني ؟
اعتقد ان هذا شجار مثل سابق الشجارات التي عاشها معها منذ عودتها الى المنزل لذلك استنكر فعلتها وما تقوله ايضا ، اما يارا فبروده هذا أغضبها و كسرها أكثر لتصرخ بأعلى صوتها :
– ليه بتعمل فيا كده لييه انا عملتلك ايه فهمني غلطت معاك ف ايه قولي انا ايه الذنب اللي عملته عشان تعذبني كده…. انا دلوقتي بكرهك و بكره نفسي لاني حبيتك طلقننني !!
جز على اسنانه بعصبية ثم أمسك يديها اللتان لم تتوقفا عن دفعه :
– انا قولتلك طلاق مبطلقش كفاية هبل بقى و اهدي فهميني اللي حصل و بطلي ترفعي ايدك لاني مش الراجل اللي مراته تعمل فيه كده !
حاول السيطرة على حركتها لكن على عكس توقعاته بدأت تضحك بهستيرية و تردد :
– انا سمعتك…. سمعت كل حاجة قولتها…. انت ليه محبتنيش ليه مقدرتش مشاعري طيب مدام مش عايزني ليه رجعتني ليه عاملتني حلو ليييه يا ادم لييه.
هوت جالسة على الارضية متابعة وهي تطالع الفراغ وتتنفس بتعب :
– انت دمرتني…. قضيت عليا… قتلتني و حرقتني من غير ما ترحمني…انا مش هسامحك عمري حتى لو كنت بتموت قدامي مش هغفرلك مش هسامحك يا ادم…
وقف يطالعها بدهشة وهو يعصر دماغه ليتذكر اي شيء فعله جعلها تنهار بهذا الشكل لكنه لم يستطع ، لقد كانت بخير ليلة أمس و حتى اليوم صباحا لم تبدي تصرفا يظهر ضيقها بل بالعكس كانت هادئة و ربما سعيدة ايضا ، مالذي حدث لتصبح يارا هكذا.
انخفض الى مستواها وضم وجهها بين كفيه هامسا :
– علشان خاطري اهدي لو مش عايزة تسامحيني براحتك بس كل اللي عايزه انك تهدي و تفهميني ليه بتعملي كده انا عملت ايه ضايقك للدرجة ديه  بطلي عياط ارجوكي ده مش كويس ليكي و للي في بطنك.
فتحت جفونها تتأمله بوهن وهي تسأل نفسها بما انه لا يحبها و أعادها مجبرا اذا ما اللمعة التي في عينيه الآن انهما تشعان حبا و خوفا وحنانا ترى كيف يستطيع خداعها كل مرة بهذه الطريقة المخزية ادم لا يحبها اذا لماذا يطالعها بتلك الابتسامة و النظرة اللطيفة ، لكن عندما سمعت جملته الأخيرة عادت الى وعيها او ان صح القول عادت الى هستيريتها لتصرخ :
– خلااااص بطل تقول اللي فبطنك اللي فبطنك ديه كل شويا انا قربت اكره ابني بسببكك خليتني اتمنى لو مكنش موجود انت ايه ها قلبك ده حجر مبتحسش كل اللي بتحركك رغباتك مدامك مكنتش عايزني من الاول وافقت تتجوزني ليه لعبت دور الشهم اللي بيحمي بنت عمه ليه وانت مش طايقني هااا فهمني ولا انت مجرد حي*وان شهواني واخدني عشان ااا…..
– إخـــــــر*ســـــي !!
زمجر بها بأعلى صوتها وهو يكمم فمها محاولا قدر :
– متفكريش تكملي جملتك لاني بجد هنسى انك مراتي و حامل ب ابني و هتغابى عليكي اقسم بالله يا يارا اسمعك قولتي عليا كده تاني ليكون عليا وعلى اعدائي فاهمة انا لسه مستحمل دلعك و جنانك ده انما لحد هنا وخلاص انا راجل مش *** عشان اسمح لواحدة ست تقول عليا كده. 
ابعدت يده بقوة و تمتمت بتهكم ساخر :
– ايه الكلام وجعك اوي كده حاسس ان كرامتك اتداس عليها و بقيت بلا قيمة صح يا…. جوزي المصون.
ضرب الجدار بقبضته ثم كعادته عندما يغضب ، وجد طاولة صغيرة أمامه فدفعها بقدمه مهمهما :
– انا لا عاش ولا كان اللي بيدوس عليا فاهمة وبعدين بدل تفاهتك ديه ياريت تحكي في ايه انتي كنتي كويسة من كام ساعة ليه بتجيبي سيرة الطلاق بعد اللي حصل بيننا و بكامل رضاكي ؟؟
صمتت يارا قليلا تسترجع انفاسها التي خطفت منها إثر انفعالها ثم اجابته ببرود :
– بس اللي حصل مكنش برضايا ، انا مكنتش عايزاك بس انت اللي جبرتني.
رفع ادم حاجبيه متهكما :
– انا جبرتك لا والله بس انا مش فاكر انك رفضتيني بالعكس رغبتك فيا كانت اكبر من رغبتي بيكي.
اغمضت عينيها تتذكر استسلامها المخزي له لكنها ارادت كسره مثلما فعل بها لذلك تقدمت منه خطوة و همست بقوة :
– انت مستعملتش معايا القوة بس ابتزيتني عاطفيا كل ما كنت بقول لأ انت كنت بتقرب اكتر و الصراحة انا خفت منك…. خفت تعت*دي عليا و تأذيلي ابني علشان كده اخترت اني مقاومكش.
راقبت يارا ملامحه الساخرة تتحول لأخرى مصدومة و منذهلة ليتمتم ادم بعدم تصديق لما يسمعه منها الآن :
– انا اع*تدي عليكي و إأذي إبني ؟ انا يا يارا ؟
للحظات كادت تندم على ما تفوهت به لكن سرعان ما عادت الى رشدها و بقيت تنظر له ببرود حتى تابع :
– انتي شايفاني مغ*تصب يا يارا انا من امتى جبرتك وخدت منك حقي بالغصب كل مرة كنا بنقرب من بعض كانت برضاكي ولو كنت لاحظت ليلة امبارح انك مش عايزاني فعلا مكنتش هفكر انام معاكي ف نفس الأوضة حتى !!
مسح على وجهه وهو يزفر بخشونة و عقله لا يستوعب ما يحدث الآن اما يارا فمسحت دموعها و أكدت له بقسوة :
– انت مستغرب كده ليه هااا مش انت نفسك القاسي المستبد اللي من اول ما عرفت اننا متجوزين وانت مضيق الدنيا عليا بتتحكم فحياتي و دراستي و لبسي و أكلي وشربي دايما بتجبرني اعمل حاجات انا مش عايزاها وانت نفسك اللي ضر*بتني و خنق*تني وكنت هتقتلني انا و ابنك ايه اللي يمنعك تاخد حقك غصب لو انا رفضت وبعدين انت بجد فاكر انك مغصبتنيش ولا مرة بجد يا ادم ؟ انا اكتر من مرة خليتك تلمسني من غير ارادتي يوم اتخانقنا و بليل جيت وانت عايزني و يوم اللي قولتلي فيه انك رافض الحمل و اتخانقنا و خليتني اعيط وفنفس الليلة كمان قربت مني وانا اضطريت أسلمك نفسي…. كنت خايفة تزعل مني و تسيبني زي ما بابا و ماما سابوني علشان كده فكل مرة انت كنت بتخليني اعيط بس فنفس الوقت انا بخاف ارفضك تقوم تطلقني….. وده نفس اللي حصل امبارح بس الفرق دلوقتي اني مش خايفة على نفسي لأ خالص انا خايفة على ابني…. خايفة عليه منك.
صمتت بعدما أفرغت ما بقلبها وإن كانت قالته لتزعجه فقط لكنها حقا عاشت تلك الاحداث لحظة بلحظة ، اما ادم فتراجع الى الوراء بصدمة وعدم تركيز حتى كاد يتعثر لولا انه ثبت خطواته….. لعق شفتيه اللتان جفتا فجأة و طالعها بتوهان غير مدرك لكل حرف قالته ، لو أنها طعنته بسكين بمنتصف صدره لم يكن سيتألم بهذا الشكل ، لو كانت شتمته او تفوهت بحماقاتها كعادتها لم يكن لينصدم بهذا القدر أبدا ، كان يجبرها على علاقتهما الجسدية … حقا ؟؟ هل يارا فهمت حبه و رغبته الدائمة بقربها انها كانت إجبارا ؟ ناهيك عن أيامها السابقة حتى لو كانت ليلة أمس تراجعت في آخر لحظة و رفضته لم يكن ليتجرأ و يخطو خطوة اضافية نحوها…. هو لم يحاول إجبارا يوما على فعل ما يريده فقط كان…. هذا أسلوبه !!
افاق من حواره الداخلي على حديثها :
– طلقني يا ادم.
– هطلقك متقلقيش.
همس بها ادم بثبات فتشهق يارا و ترفع رأسها له…. لقد اعتادت على صراخه و معارضته لكلمة الطلاق كلما نطقت بها وحتى هذه المرة تبرمج عقلها على سماع “لا” تصدر من ادم لكنه الآن…. وافقها ولم يقل لا تلك !!!
بلعت ريقها ولم تعلق عليها بينما تابع ادم وقد اعتدل في وقفته و رمقها بصلابة :
– مدام عايزاني اطلقك تكرمي انا مش هجبرك على حاجات تانية اكتر من اللي جبرتك عليه.
اغرورقت عيناها بالدموع و ارادت قول “لا” ، لكنها تذكرت كلامه مع والدته…. اذا حتى طفله الآن لم يستطع كبح رغبته في الانفصال عنها انه حتى اتخذها حجة و وافق على الطلاق… طلاقهما !!
أولته ظهرها وهي تعتصر دموعها المنهمرة ببزخ على وجهها ولم تفق الا على صوت صفق الباب بعنف ، انتفضت بخضة لتعود وصلة بكائها مجددا وهي تردد :
– انت اتخليت عني تاني…. اتخليت تاني و مقولتش لأ.
_____________________
في شرم الشيخ.
بعد حضور الطاقم الذي تعاقدت معه شركة الشافعي تم الإطلاع على الفيلا و نالت إعجاب العملاء و على رأسهم رجل الأعمال الإيطالي ذو الأصول العربية ” فادي ” و سيدة الأعمال اللبنانية ” نانسي ” ، تمت الصفقة على ما يرام بل نجحت نجاحا غير متوقع بالمقارنة مع الطاقم المبتدئ الذي أصر مازن على تشغليهم معه في هذه الصفقة بالذات لإثبات قدراتهم وفعلا لم يخطئ عندما وثق بهم.
اقترب فادي منه و صافحه متحدثا بالإنجليزية :
– the design of the villa is really wonderful and I enthusiastically Waited for Its Shape after the completion of the work on it.
ابتسم مازن بتقدير فتابع الآخر :
– I did not expect this Project to be successful in this way , I was pleased to work With you and look forward to contracting a lot With forward to contracting a lot with your company on the future. ( صدقا لم اتوقع ان يكون المشروع ناجحا بهذا الشكل ، سررت بالعمل معكم و اتطلع الى التعاقد كثيرا مع شركتكم مستقبلا ).
مازن :
– this is an honor for us , Mr Fadi.
ابتسمت ” نانسي” و تمتمت بنبرتها الرقيقة :
– من غير مبالغة مستر مازن هيدا مو اول عقد بوقعو معكن و انتو كل مرة بتثبتولي اني ما بغلط لما اتعاقد مع شركتكم عنچد You are a great crew.
ضيقت رتاج عينيها متأملة تلك الشقراء الجميلة وهي تبتسم الى مازن ابتسامة ساحرة توقع أي رجل في حبها فورا ، مطت شفتها بغيظ و حدثت نفسها :
– هي الست ديه قريبة ربانزل ولا حاجة ايه الجمال ده ماشاء الله بس ليه بتكلم مازن بالطريقة الحلوة ديه هو انا خلصت من رهف عشان تجي الأميرة ديه دلوقتي. 
تنحنحت و تدخلت بإندفاع أبله :
– شكرا مدام نانسي بس مش طاقم المستر مازن الوحيدة اللي ليه فضل في الشغل الحلو ده السيد ادم الشافعي هو المصمم الرئيسي لازم تشكريه هو كمان.
التف لها مازن بتعجب متمتما :
– انتي بتقولي ايه ؟
ضحكت نانسي بإرتباك مجيبة :
–  Of course انا عم اتشكر كل الشركة….صحيح رح تعملو سياحة في شرم ولا ترجعو مباشرة ل إسكندرية لما تخلصو ؟
نظرت له رتاج بسرعة تترقب رده بيضحك عليها الأخير ويقول :
– كنت مخطط نرجع لما نخلص بس شكل الطاقم بتاعي عايز يتفسح شويا الاول.
تدخل فادي الذي كان يكلم احد موظفيه :
-I hope you don’t leave immediately. The resort here is huge and its services are extensive, and you will enjoy it very much ( أتمنى ان لا تغادروا على الفور المنتجع هنا ضخم و خدماته واسعة ستستمتعون فيه كثيرا ).
لم تخفى عن رتاج نظرة فادي الحانقة الى المدعوة نانسي وهي على عكسه كانت نظرتها باردة و استفزازية نحوه ، رفعت حاجبها و تمتمت :
– هو بيصلها كده ليه معقول غيران عليها لان بقالها ساعة بتمدح في مازن.
غادر الإثنان وبقيت هي تتابع خطواتهما حتى التفتت الى مديرها :
– الاتنين دول كانو مرتبطين ببعض صح ؟
همهم مازن دون مبالاة وهو يعبث بهاتفه :
– اشمعنا.
– نظراتهم لبعض غريبة مش نظرات اتنين شركاء في الشغل لا حاجات تانية. 
تنهد و نظر اليها بهدوء :
– ايوة اصل المدام نانسي و الاستاذ فادي كانو متجوزين بس انفصلو من فترة وبما انهم شركاء في الشركة بيشتغلو حاليا مع بعض و متسأليش اكتر يا رتاج لان حيانهم مبتخصناش احنا جايين علشان نشتغل و هنقضي يومين هنا و نرجع على طول….. يلا روحي اقعدي مع البنات هناك و سيبيني اشوف شغلي يلا.
تأففت بخنق هاتفة :
– حاضر يافندم.
كادت تذهب لكنه اوقفها متسائلا :
– صحيح انتي قولتي حسيتي من نظراتهم ان في حاجة بينهم ازاي بقى فهمتي ؟
ابتسمت بخجل و ردت :
– انا حسيت لاني عشت نفس اللي بيعيشوه… الحب من بعيد و الغيرة وتمثيل الامبالاة انا عشت كل ده لحظة بلحظة و لسه بعيشهم فمش صعب عليا اعرف مشاعر الشخص من نظراته.
انزعج مازن من حديثها وكم تمنى معرفة من ذلك الذي لم تتوقف عن حبه ليذهب ويقتله فورا ، ضغط على شفتيه بضيق و غمغم منهيا الحوار :
– طيب يا رتاج تقدري تمشي.
بعد ساعة كان يجلس على رمال الشاطئ ينظر الى البحر بشرود حزين ، ترى لماذا هو يقع في حب من تعشق غيره دوما هكذا ؟ هل حظه سيء لهذه الدرجة أم انه ليس بالخيار الجيد لأي فتاة ؟ مرر يده على وجهه ثم ما لبث ان استدار الى تلك التي ظهرت من العدم وجلست الى جانبه ، حملق بها لثوان ثم قال :
– في حاجة يا مدام نانسي ؟
ضحكت و هزت رأسها نافية :
– كنت مارئة من هون ولمحتك وانت قاعد و باين عليك مزعوج خير شو اللي مدايقك.
عاد ينظر للأمواج المتلاطمة متنهدا بحسرة :
– كنت بفكر ليه حظي وحش للدرجة ديه و ليه دايما بخاف قبل ما آخد أي خطوة….. يعني انا من زمان حبيت بنت وخفت اصرح بحبي قام ظهر شخص فحياتها و خدها ع الطول ولما حبيت تاني عرفت ان البنت قلبها معلق بشاب غيري.
– مين هيدي البنت مساعدتك اللي إسمها رتاچ ما ؟
مازن بدهشة :
– انتي عرفتي ازاي ؟؟
ابتسمت بخفة وقالت :
– لما زرت شركتكم من شهرين لاحظتكم في الإجتماع وكيف كنت عم تطلع فيا و من شوي كمان كانت هي قاعدة مع رفقاتها وانت بتطلع فيا و بتبسم و هاي النظرات بالذات انا بفهمها منيح.
سكت قليلا ثم ضحك :
– انتو البنات بتدققو في الحاجات ديه ازاي بس ، ديه رتاج من شويا كانت بتقولي فادي و نانسي بيبصو لبعض بغرابة اكيد في علاقة بتجمعهم يعني فعلا انا مبهر بيكو.
التمعت عيناها بحزن فهمست :
– انا بكره نفسي لأني لسه بحبه و نظراتي بتفضحني مع انه فادي اكيد بيكون نسيني من وقت طويل.
اعتدل في جلسته و اردف بجدية :
– بس انا شايف عكس كلامك تماما… الإستاذ فادي لسه بيحبك نظرانه كلها كانت عشق و اهتمام و حسرة وانا بما اني عشت نفس اللي هو عايشه محدش هيفهمه اكتر مني…. مدام لسه بتحبو بعض ارجعو و افتحو صفحة جديدة.
اتسعت ابتسامتها بأمل ووضعت يدها على كتفه بعفوية :
– و انت كمان لا تضلك خايف هيك اتشجع و اعترف لرتاچ بحبك ومين بيعرف يمكن هي كمان عندها مشاعر ناحيتك.
اخرجت خاتم زواجها من حقيبتها و تابعت وهي تجرب إدخاله في اصبع يده ممازحة اياه :
– لما نلتقي مرة تانية بدي شوفك وانت لابس دبلة خطوبتك ها.
من بعيد كانت رتاج قادمة لكي تطمئن عليه و انصدمت عندما رأته يجلس بجانب الشقراء الجميلة و يبدو انه انسجم معها سريعا فهاهي تتلمس ذراعه و تضع بيده خاتما ايضا ، جزت على اسنانها بغيظ ولم تشعر الا بدموعها تنساب على وجنتيها من شدة قهرها ، مسحت عبراتها و غادرت وهي تتوعد ب الانتقام على كسر قلبها هكذا…..
______________________
في مشفى المدينة.
دخل بخطوات هادئة وهو يضع نظاراته الشمسية و يرفع رأسه بشموخ ، مشى بثبات و سأل موظفة الاستقبال عن رقم غرفة المريض ثم اتجه اليه ، وقف امام الباب للحظات و اردف :
– محمد مجدي خلينا نشوف ايه هي حكايتك ومين اللي وزك عليا.
تنحنح و دخل ببطئ ليجلس على الكرسي مقابل السرير ، ظل يطالعه ببرود حتى فتح محمد عيناه رفع رأسه بتعب فشهق بصدمة وهو يرى جسد ادم يطل عليه من الأعلى ، ارتعد جسده و شعر بالخطر يحوم حوله لينطق الأخير بنبرة باردة :
– مفيش داعي تخاف كده اطمن انا مش عزرائيل لسه وقتك مجاش….. بس سبحان الله انت هربت من رجالتي عشان تنقذ حياتك بس فطريقك اتعرضت لحادث دخلك فغيبوبة شهرين…. يعني انت هربت من قدرك لقدرك.
تنفس بقوة ورد بصوت متعب :
– قالولي ان حضرتك اللي دفعت مصاريف علاجي و لولاك انا كنت مت…. ليه عملت كده مع انك اكتر شخص كان ممكن يفرح بموتي.
اعتدل في جلسته و اراح ظهره على الكرسي مغمغما بصلابة :
– اولا انت عايش بفضل ربنا مش بفضلي انا…. ثانيا مستحيل افرح بموت حد لأننا كلنا هنموت في الاخر…. و ثالثا انا كنت هعمل كل اللي بقدر عليه عشان تصحى لان حسابك لسه مفتوح ومش هخليه يتقفل بسهولة.
جفل محمد فتلعثم قائلا بخوف :
– يعني انت…. انت هترجع تخطفني تاني ونخلي رجالتك تضربني لحد لما اموت ؟؟
رفع ادم طرف شفته بإستهزاء و علق :
– الصراحة انا كان نفسي اق*تلك ، بسببك انت اتخلقت عندي نزعة اجرام*ية وكنت ناوي اشرب من دمك لما تفوق بس حصلت معايا حاجة حلوة خلتني اتراجع و موسخش ايدي ب *** زيك…. و عمتا انت نلت عقابك من عند ربنا ومفيش عدالة بعد عدالته.
دمعت عيناه بعجز وندم لما فعله و اوصله الى هذه الحالة لكن ادم لم يدع له الفرصة فلقد اقترب منه وهمس بصوت مخيف :
– وانت دلوقتي زي الشاطر هتعرفني على اللي بعتوك ليا احسنلك تتعاون معايا والا هتخلى عن تحضري و اقلب لواحد همجي مبيعرفش الرحمة.
هز محمد رأسه و تمتم بتشنج :
– ادم باشا انا لو كنت بعرف اساميهم كنت هعترف عليهم اليوم اياه لما انت خطفتني…. هما كانو اتنين لابسين لبس رسمي و بيتكلمو اسكندراني وواضح ان في بينهم قرابة لانهم بيشبهو بعض جدا ده بس اللي انا فاكره.
وعلى حين غرة فاجأه ادم وهو يقبض على فكه ويهمس بقسوة :
– اعصر دماغك ديه و افتكر اكتر شغل مخك زي لما شغلته وانت وبتسحب بنت لعربيتك و بتبعت صورها لجوزها انا لازم اعرف هما مين ….. اساسا اللي انت اتعاونت معاهم هما اللي اتسببو في الحادث بتاعك و خططو يلزقوها فيا بس انا كنت واخد احتياطاتي اكيد انت عرفت قد ايه هما خطر بس انا اخطر منهم بكتير.
بلع ريقه بخوف و انقبضت ملامح وجهه و هو يدعو الله ان يخرج هذا الضخم في أسرع وقت و يتخلص منه ، نظر الى السقف بتركيز حتى هتف بإندفاع :
– ايوة انا افتكرت حاجة بس مش عارف اذا هتفيدك ولا لأ ، انا لما كنت واقف بتكلم معاهم لهجتهم كانت اسكندرانية اه بس لاحظت انها تقيلة يعني بيتكلمو بصعوبة شويا كأنها مش لهجتهم الأصلية.
استرعى حديثه انتباه ادم الكامل فتأهب سائلا اياه بحدة :
– تقصد ايه انهم غيرو لهجتهم وهما بيتكلمو معاك عشان متقدرش تعرف هويتهم الأصلية ؟
هز كتفه بحيرة :
– انا ممم مش متأكد مجرد احساس.
سحب نفسا عميقا و زفره على مهل قبل ان يخرج هاتفه و يدوس على صورة ما ، وضعه امام عيني محمد و همس :
– انت بتعرف مين الاتنين دول ؟
نظر الاخر الى الصورة يركز فيها ليومئ بعد دقيقة بإيجاب مندهش :
– دول نفسهم اللي انا اتفقت معاهم يا باشا.
ورغم شبه تأكد ادم من الفاعل الا انه و لأول مرة اراد ان يكون مخطئا لكن تعرف هذا الشاب على عمه و إبنه يؤكد انهما وراء الخطة القذرة التي فرقت بينه وبين زوجته….. مرر اصابعه على دقنه مكملا وهو يجز على اسنانه :
– انت متأكد ؟
هز محمد رأسه بجزع و حرج في نفس الوقت :
– ايوة متأكد ولو ذاكرتي مخانتنيش في علامة جرح على وش الشاب كان حد ضاربه ب ازازة او حاجة زي ديه.
تذكر ادم العلامة التي على دقن عمر وكيف ينساها وهو من تسبب فيها ، فقبل زواجه ب يارا بيومين رآه يقف عند باب غرفته ف استدعاه الى المكتب وهناك لكمه وكان يرتدي خاتم خطبته في يده فتركت له جرحا غائرا.
شعر ادم بالإختناق ففتح اول زرين من قميصه و اتجه الى النافذة ، سحقا حتى عائلته لم يسلم من شرها لقد واجه العديد من المشاكل في حياته وتعرض لمؤامرات كثيرة لكن لم تهدمه اي واحدة منهما لكن الآن عمه هو من يريد تدمير حياته الشخصية و المهنية…. وكل هذا لأنه يطمع في الأموال !!
بلل شفته العليا و تأمل من الزجاج حديقة المستشفى ليجد نفسه تلقائيا يدفع الكرسي بقدمه ثم ينقض على محمد محكما يده على عنقه و يصرخ :
– ازاي تعملو كده ؟ مفكرتش قبل ما تعمل وساختك ديه انك هتجني على روحك ؟ الفلوس عمتك لدرجة خلتك *** و ***** ؟!!
جحظ عيناه برعب و همهم بصوت متقطع :
– اانا…. انا ك ك كنت…. كنت عايز انتقم منك لانك اتسببت في فصلي من الكلية و كمان… لما شوفت يار….
– إخرس !!
صاح بها ادم وتابع بتحذير :
– اوعى تجيب سيرة مراتي على لسانك القذر وبعدين انت بتنتقم من ايه بالضبط ها بتوقف بنت مبتعرفهاش و تعاكسها وبعدين تندهلها قدام جوزها و تغمزلها وكأنك مصاحبها انت كنت عايزني اصفق و اقولك برافو ؟ كان لازم تحمد ربنا لاني اكتفيت بفصلك و بعتك لجامعة تانية لان المفروض كنت فرغت سلاحي في عينيك اللي بتبص على بنات الناس بس ياريت عملتها.
تركه بعنف كأنه شيء قذر و التفت ليغادر لكن اوقفته شهقة محمد الباكية :
– سامحني…. سامحني لاني عملت في بنت بريئة كده و شكرا لانك دفعت مصاريف علاجي انا بقيت بتكسف من نفسي كل ما افتكر اللي عملته بس زي ما حضرتك قلت من شويا انا نلت عقابي بعد اللي حصلي مش هقدر اكمل حياتي زي ما كنت.
عقد ادم حاجباه بعدم فهم ليكمل الآخر بحرقة :
– صحيح انا صحيت من الغيبوبة بس اتشليت شلل نصفي يعني مبقتش اقدر اقف على رجليا وبستاهل اللي حصل فيا …. مفيش عدالة من بعد عدالة ربنا.
لم يتخلى عن لمعة القسوة التي في عينيه و قابل كلامه بجمود لكن ايضا لم يستطع ان يشمت به…. زفر بخشونة و قال :
– انا هفضل متابع علاجك و هدفع تمن الأدوية بتاعتك مش علشانك لأ بس عشان الست أمك اللي شوفتها بتعيط برا وبعد ما تطلع من المشفى انا مش هتواصل مع اي حاجة تخصك و ياريت انت كمان تبعد اكتر ما بتقدر من هنا لأني لو شوفت وشك ده تاني موعدكش اني اسيطر على نفسي و مقتلكش … فاهم !!
رمقته نظرة أخيرة و غادر المستشفى ، بقي محمد يطالع الفراغ بحزن حتى فتح الباب ، ادار رأسه وعندما رآها ابتسم بإتساع :
– انتي ؟ اهلا و سهلا.
______________________
كانت تفترش الأرض و تسند ظهرها على طرف السرير ، تتامل الغرفة حينا و تعود ببصرها الى خاتم زواجها احيانا أخرى ، متذكرة ما عاشته منذ معرفتها بزواجها منه…. عيشهما تحت سقف واحد و النوم في غرفتين منفصلتين ، وفاة والدها ، مآزرته و مواساته لها ، شجارهما ذلك اليوم و انتهاؤه بليلة جمعتها كأي زوجتين طبيعيين ، ثم تقلبات مزاجه و معاملتها مرة بحنان ومرة بجفاء ، حملها منه رغم رفضه ثم شكه بها ومحاولة خنقها و الذي انتهى بمغادرتها للفيلا و أخيرا رجوعها اجبارا عنها و ليلتهما الحميمية التي اختفت كأنها سراب عندما سمعته يتحدث عنها بقسوة مع والدته وطلبها للطلاق و موافقته على طلبها…. كل هذا عايشته يارا بعد زواجها ، لقد كانت من قبل سعيدة تعيش في كنف أبيها قلبها خال من وجع الحب و تبعاته ، لم تكن حتى تتجرأ في ان تطيل النظر الى ادم بل انها لم تسمح لنفسها بالتفكير به اكثر من بضع ثواني لم تتجاوز علاقتهما السلام وطبعا عندما كان يصطحبها هي و رهف الى الثانوية ومن بعدها الجامعة كانت كلمتها الوحيدة هي شكرا و المغادرة سريعا دون انتظار رده.
انما الآن فهو زوجها و والد طفلها و معذبها الذي لم يتوانى لحظة عن إحزانها و جرحها وكأن هذا اكثر ما يتفنن به و المشكلة انها كل مرة تسامحه ومن دون ان يعتذر حتى…. لقد اصبح الخطأ خطأها الآن أليس كذلك ؟ ان كان ادم القاسي المستبد فهي ليست ب الأميرة الطيبة بل الطفلة البلهاء كما يسميها…. و لعله محق في تسميته هذه !!
تأوهت يارا بصوت عالي فجأة عندما اصابها صداع في رأسها كالمعتاد ضغطت عليه بقوة ثم نهضت و بحثت عن الدواء لتجده أخيرا و تستهلكه بسرعة ، نظرت الى الرفوف وبدون شعور منها فتحت خزانة ادم و اخرجت الشال و ذاك المنديل الرمادي …. سؤال واحد يراودها الآن اذا كان ادم حقا لا يحبها اذا لماذا يحتفظ بما يخصها لماذا كان يعاملها بحنان كبير حتى عندما دبرت له تلك المقالب السخيفة غضب نعم لكنه لم يفكر بتعنيفها ولو بالكلام ، و ليلة البارحة كان يحتضنها و يشدد عليها طوال الليلة متأكدا من أنها بجانبه اذا كيف يفعل لها كل هذا وفي نفس الوقت لا يحبها و أعادها مجبرا من أجل طفله فقط ؟
تأففت بسخط و تمتمت :
– انا زهقت منك ومن ظلمك ليا استحملت برودك و جفاءك معايا بس لحد هنا وخلاص انا تعبت.
انهت كلامها وبدأت تخرج ملابسها و تضعها في حقائبها وهي عازمة على الرحيل حتى لو استدعى الأمر هروبها خارج البلاد ، فجأة رن هاتفها وكانت جدتها زهرة ففتحت الخط مباشرة :
– تيتا !
وصلها صوت المرأة الحنونة :
– يا جلب تيتا اتوحشتك جوي يا حفيدتي الله لا يحرمني من صوتك يارب.
ضغطت على يدها وهمست بدموع :
– وحضرتك وحشتيني اوي كمان يا تيتا… عايزة اشوفك وانام في حضنك زي زمان و افرغ اللي في قلبي. 
تجهمت زهرة و سألتها بتوجس :
– واه يابتي بتتكلمي اكده ليه ادم مزعلك ؟
ابتسمت يارا ساخرة :
– ادم مزعلني من زمان يا تيتا مش دلوقتي بس.
كانت الجدة جالسة في المطبخ وهي تهاتفها وعندما قالت يارا هذا الكلام و تبين من صوتها انها تبكي ، نهضت و اغلقت الباب مجيبة بنبرة منخفضة و خوف :
– يارا في ايه ادم رجع ضربك ؟ جوليلي ومتخفيش اني هوجفه عند حده ومهسمحلوش يشوفك تاني واصل. 
هزت رأسها بنفي كأنها تراها و ردت :
– لا مضربنيش بس…. بس الاوضاع ساءت بيننا وانا مبقتش قادرة اعيش معاه اكتر من كده حاسة اني بختنق وانا قاعدة هنا يا تيتا.
زهرة بحيرة :
– يا بتي اني مفهماش تجصدي ايه من كلامك ايه اللي حصل ده ادم لسه النهارده الصبح مكلمني و كان باين من صوته انكو اتصالحتو و مرتاحين.
انتبهت يارا لحديثها وسألتها مستغربة :
– ادم كلمك الصبح ؟ عمتا حتى انا كنت فاكرة اننا اتصالحنا وهو رجع لعقله بس كل مرة بفوق على حقيقة اني مش مهمة بالنسباله ولولا حملي كان هيطلقني فورا اصلا انا هستنى منه ايه ادم مجاش يشوفني ولا سأل عليا شهرين كاملين طبيعي يرجعني لأني حامل ب ابنه ااا…..
صمتت فجأة عندما قاطعتها جدتها وهي تردد بجدية :
– انتي مش خابرة حاجة يا بتي بلاش تتكلمي من غير ما تتأكدي كلنا خابرين زين ان ادم مفيش حاجة تجدر تجبره ميعملش اللي عايزه و حبه ليكي واضح للأعمى متظلميهوش يا بتي.
رفعت يارا حاجبيها منفعلة :
– انا مبظلموش يا تيتا الله يخليكي لو حضرتك عاوزة تهوني عليا قوليلي اي حاجة غير انه بيحبني لان بجد اعصابي مش مستحملة.
تنهدت زهرة و اردفت :
– طيب اني رايدة اخبرك سر وعدت ادم مجولوش لحد بس انتي جبرتيني.
هدأت يارا تستوعب كلامها الغامض فاستفهمت منها :
– سر ايه يا تيتا ؟
– الموضوع مش زي مانتي فاكراه يا حفيدتي ، ادم منسيكيش لا بالعكس من اول ما اتخانجتو و نزلتي البلد كل يوم كان بيتصل بيا مشان يسأل و يطمن عليكي أكلك شربك لبسك ميعاد نومك أخبارك كلها كانت مع ادم أول بأول وكمان….
يارا بعدم استوعاب وتصديق لما تقوله الآن همست تحثها على المتابعة :
– وكمان ايه ؟
ابتسمت زهرة بحنو :
– ادم جه يزورك اكتر من مرة ، كان بيجطع المسافة الطويلة بعربيته و يوصل ع الفجر يدخل اوضتك و يجعد معاكي 10 دجايج و يخرج…. فاكرة اياك لما صحيتي فيوم و جولتيلي شميت ريحة ادم واني جولتلك بتتوهمي ؟ ساعتها مكنش وهم لأن جوزك جالك و قضى الليل بطوله معاكي و مشي جبل ما انتي تفوجي تصلي الفجر و كان كل مرة بيأكد عليا معرفكيش بحاجة حتى جدك سليم مكنش خابر الكل جال على ادم ظالم ومش مبالي بس هو اكتر واحد اهتم بيكي طول الوجت ده من غير ما تحسي…. يا حفيدتي جوزك رايدك انتي جبل ابنك هو بس مبيعرفش كيف يعبر عن مشاعره بيلاجي صعوبة ف التعبير بس ده مبيخفيش حقيقة انه بيحبك.
ظلت تتكلم و تتكلم لكن يارا اصبحت في عالم آخر الآن و ذاكرتها تعيد شريط حديث جدتها ومعه معاملة ادم لها ، هل حقا كان يزورها و يسأل عنها لقد اعتقدت انه نساها كليا خاصة انه تجاهل اتصالات جدها و رفض التحدث معها لكن الآن تبين عكس ما كانت تفكر به….. تذكرت يارا كلامه ليلة أمس ” انا مسبتكيش الشهرين دول بمزاجي” ، هل كان يقصد بذلك انه ابتعد عنها مجبرا و ظل يبحث ويتساءل عن اخبارها ؟ لماذا كل هذا و على ما يدل مالذي يجب عليها فعله الآن ؟؟!!
استأذت من جدتها لتغلق الخط و تشرد بعيدا و تغرق في بحر حيرتها حتى افاقت منتفضة على صوت الباب يفتح و يغلق بعنف.
شهقت و نظرت الى ادم الذي ظهر من العدم و بقي يطالع ملابسها الملقية ب إهمال على السرير و حقائبها المفتوحة ، عقد حاجباه و غمغم بصوت قاتم :
– الاوضة عاملة كده ليه و ايه الهدوم ديه انتي ناوية تحرقيهم ؟
تحلت ب الشجاعة و ردت عليه :
– لو على الحرق انا عايزة احرق كل حياتي اللي عشتها معاك ، اما اللي بعمله ف انا بلم هدومي في الشنط انت قولتلي انك هتطلقني يبقى مفيش داعي اقعد في بيتك اكتر من كده.
سكتت تتوقع انفجاره بها لكن على العكس تماما رمقها بطرف عينه هاتفا :
– رجعي كل حاجة لمكانها لما اقرر انا انتي اللي بتنفذي مش العكس ، معاكي نص ساعة ارجع الاقي الاوضة مترتبة و عايزك تشيلي افكارك الغبية ديه من دماغك لاني تعبان ومش حمل اتخانق معاكي.
اندهشت يارا من استبداده و أوامره التي لا تنتهي فقررت اللعب ب اعصابه قدر الامكان لعلها تأخذ منه ما يجيبها على اسئلتها لذلك صاحت بضيق :
– انت قولتيلي الصبح انك موافق تطلقني ايه هترجع فكلامك ولا ايه بقى ادم الشافعي بقدره يقول كلام هو مش قده لالا انا متعودتش منك على كده. 
قبض على يده بعنف يجبر نفسه على إحكامها وعدم الذهاب الى تلك الطفلة الغبية الآن و صفعها…. لكن سرعان ما اختفت محاولاته عندما أكملت بثقة :
– انا هخلص اللي ف ايدي و اتصل بعمر يجي ياخدني انا الصراحة كنت ناوية اقعد ف الفيلا بتاعت بابا بس مش عايزة اكون قريبة منك و….. ااااه.
صرخت بألم عندما وجدت نفسها بين ذراعي ادم الذي جذبها نحوه بعنف و زمجر :
– تتصلي بمين ليلتك مش فايتة انتي معاكي رقم عمر ؟؟
اتسعت عيناها بفزع ولم تجبه فأعاد سؤاله وهو يهزها بجنون :
– جااااوبييني انتي معاكي رقم عمر ؟؟!!
– لا…لا …. رقم عمر مش معايا. 
قاطعها ادم وقد توهجت عيناه بوهج مخيف :
– متقوولييش عمر ! متنطقيش اسمه على لسانك الراجل الوحيد اللي مسموحلك تنطقي اسمه هو انا فاهمة ! الراجل الوحيد اللي بتقدري تتصلي بيه و تكلميه هو انا مفييش حد غيري !! ، وضع اصبعه على رأسها يطرق عليه بعنف مرددا :
– للمرة الالف بقولك طلاق مبطلقش انتي مراتي و هتفضلي مراتي سواء رضيتي او مرضتيش انتي بتاعتي ملكي كل اللي فيكي ده ليا انا وبس و هتفضلي طول عمرك على ذمتي ومش هتطلعي من بيتي غير على قب*رك سامعاني يا يارا ردي عليا انتي فاهمة الكلام اللي بقولهولك ؟؟!!
تشنج جسدها بين يديه وكم ارادت البكاء من هول هيئته المخيفة لكنها اظهرت عكس ما يعتريها :
– لا انا مش سامعة ولا فاهمة مش كنت بتقول عليا غبية طيب يا سيدي انا معنديش عقل ومبقدرش افهم من غير ماتشرحلي ليه ؟؟  انت ليه بتعمل كل ده ليه حابسني عندك معقول بس لأني حامل هو ابنك اهم من رغبتك بحريتك ؟
اطبق جفناه يجاهد لكي يحكم لسانه لكن يارا لم تتوقف وهي تصرخ :
– انا دلوقتي بقولك للمرة المليون اني عارفة انت مرجعني ليه بس متقلقش انا مش هحرمك من ابنك طلقني وبوعدك ان….
قاطعها ادم بعصبية :
– بس إخرسي ، إخرسي انتي مش عارفة حاجة !!
تحررت من قبضته و ضربته على صدره بقوة :
– مش هخرس انا هقول كل اللي بحبه فاهم انا مش ملكك انا حرة نفسي وانا الوحيدة اللي بقرر حياتي هتبقى مع مين وبعدين من اول ما اتجوزنا وانت بتقولي ان معندكش مشاعر ليا ازاي هتكمل حياتك معايا وانت مش بتحبني هااا ازاي طيب ليه بتعمل معايا كده ليه انت متملك ومستبد ليه بحسك بتغير عليا ليه مرات بتهتم بيا كأني ملكة و مرات بتتجاهلني ليه عمرك ما خدت كلامي جد ليه لحد دلوقتي انت متمسك بيا ليييه ؟!
صرخ ادم بقوة كادت تصم أذنيها و بأنفاس متسارعة :
– انتي مبتفهميش لييه انا بــــحبــــك افهمي بقى يا غبية انا بــــحبــــك بــــــــــحــــبـــــك !!!
يتبع…
لقراءة الفصل الثلاثون : اضغط هنا
لقراءة جميع فصول الرواية : اضغط هنا

اترك رد

error: Content is protected !!