Uncategorized

رواية عروسي الكاذبة الفصل السابع 7 بقلم ساره علي

     رواية عروسي الكاذبة الفصل السابع 7 بقلم ساره علي

رواية عروسي الكاذبة الفصل السابع 7 بقلم ساره علي

رواية عروسي الكاذبة الفصل السابع 7 بقلم ساره علي

ابتعد عنها مجبرا رغم رغبته الشديدة في الاستمرار ..
كان يقاوم رغبته تلك بقوة شديدة فهو لا يريد ان ينغمس معها بشيء لا يليق به ولا حتى بها ..
اغمض عينيه مستمتعا بمذاق شفتيها الذي ما زال عالقا في فمه بينما هي تتمسك به متشبثة بقميصه الابيض مغمضه عينيها بسكون تام وهدوء لم تحصل عليه سوى بين ذراعيه ..
فتح عينيه اخيرا متأمل وجهها الذي يلامس صدره بينما كان نبضات قلبه تدق بعنف شديد ..
لم تكن اول امرأة تدخل حياته .. لم تكن صاحبة اول قبلة .. ولا اول من تفترش صدره .. لكنها كانت الاولى في قلبه وهذا يكفي .. هذا أعطاها حق الأسبقية في كل شيء .. كل شيء أصبح متاحا لها ..
” ميرنا ..”
همس إسمها بخفوت لترفع عينيها نحوه أخيرا فبدتا مليئتين بشغف كبير .. شغف أسعده للحظات قبل أن يستوعب حقيقة أنها ليست في كامل وعيها ..
انحنى صوبها مقربا شفتيه من خاصتها لتغمض عينيها مستسلمة لقبلته القادمة لكنه ابتعد عنها وحقيقة ان قبلاتها تلك ونظراتها الشغوفة ليست سوى احتياج لا اكثر تضربه بقوة ..
هو ليس طبيبا نفسيا لكن استطاع ان يفهم من شرح صديقه المختصر انها تعاني من مشاكل نفسية معقدة للغاية وهو يعرف جيدا ان المريض النفسي يتشبث بأي فرصة أمامه للحياة .. والأن وهي تبدو في قمة يأسها وقلة حيلتها كان هو فرصة نجاتها الوحيدة والتي سوف تستغلها كما يجب أن تستغل ..
فتحت ميرنا عينيها بعدما انتظرت تلك القبلة طويلا.. رمشت بإنزعاج حينما فتحت عينيها بالكامل فوجدت باسل يبتعد عنها متجها نحو الكنبة حيث حمل سترته وارتداها ويبدو انه ينوي الذهاب ..
” باسل ..”
نادته برقة وهي تنظر اليه بحزن .. لا تريده ان يذهب .. عليها ان تعترف انها تريد اكثر من مساعدته .. هي تريد بقاءه بجانبها .. اعتناءه بها .. اهتمامه المفرط .. رغبته .. شغفه وقبلاته ..
هي تريده وربما تريد اكثر من مجرد قبلة ..
تلك اللحظات القليلة التي قضتها بين أحضانه أنستها كل شيء .. ماضيها وحاضرها ومستقبلها المجهول .. مذاق شفتيه جعلها تصاب بفقدان ذاكرة مؤقت تمنته ان يدوم للابد .. مسح ذاكرتها كليا فلم يتبقَ شيء في عقلها سوى قبلاته وذراعيه اللتين تحيطان بجسدها ..
في تلك اللحظات أصبح باسل مهدئها الذي اعتادت ان تتناوله على الدوام .. بل إن مفعوله أفضل من مئة مهدئ ..
اقتربت منه وحقيقة أنه سيرحل تصفعها بقوة .. لا تريده ان يرحل .. لا تريد للرجل الوحيد الذي اهتم بها بعد هروب نزار منها ان يرحل .. لا تريد للرجل الوحيد الذي منحها الامان أن يذهب .. لن تسمح له أن يتركها بعدما أغرقها في شعور جديد ومختلف .. بعدما أذاقها معنى الراحة والنسيان .. لمست كف يده بيدها وقالت بينما تمنحه نظرات متوسلة :
” رايح فين ..؟!”
تطلع الى يدها الممسكة بيده للحظات قبل ان يقول بهدوء :
” لازم اروح دلوقتي .. مينفعش افضل هنا اكتر من كده ..”
” ليه ..؟!”
سألته بنبرة جزعة أقلقته قليلا لكنه أجابها بجدية :
” عندي شغل مهم اوي .. “
ثم اردفت بلهجة حاول أن يطمئنها من خلالها ويخبرها أنه لن يتركها :
“هجيلك بالليل ..”
هزت رأسها نفيا كطفلة صغيرة على وشك ان تفقد والدها للابد وقالت بلهجة متقطعة شبه باكية :
” لا ..متسيبنيش يا باسل .. انا محتجالك دلوقتي أكثر من أي وقت .. ارجوك بلاش ..”
ثم أكملت وهي تنظر داخل عينيه ترجوه بقوة :
” انت مش قلت انك هتساعدني .. مش قلت انك هتفضل جمبي .. عايز تسيبني من اول يوم ..؟! عايز تتتخلى عني بسهولة كده ..؟!”
تنهد بقوة وهو يشعر بالإختناق من هذا الوضع المزري الذي يزداد سوءا ..
نظراتها وهي ترجوه وملامحها المتوسلة منحته خوفا مضاعفا عليها ..
” ميرنا انا مش هتأخر ..”
قالها برقة لكنها قاطعته غير سامحه له بمحاولة الحديث حتى :
” لا ارجوك بلاش .. خليك هنا .. انت اصلا قولتلي هنفطر سوا .. غيرت رأيك ليه ..؟! بعدت فجأة عني ليه .. ؟!”
نظر اليها بقلة حيلة وهو يعرف لماذا يشعر بالعجز من اخبارها سبب ابتعاده المفاجئ ..
نظرت اليه بلهفة وترقب ليهتف بهدوء :
” انتي تعبانه دلوقتي وانا بردوا مش كويس ووجودنا هنا غلط علينا احنه الاتنين ..”
هتفت بسرعة :
” ولو سبتني هتعب اكتر .. “
” انتِ ليه مش عايزة تفهمي ..؟!”
قالها بحدة غير مقصودة لتتلعثم وهي تهتف :
” أفهم ايه ..؟!”
ثم صاحت بحدة أكبر وقد بدأت تفقد ذرة تعقلها :
” فهمني ..”
رماها بنظرات يائسة منها ومن وضعها الحالي ثم قال اخيرا وقد قرر ان يوضح لها اسبابه :
” اللي حصل من شوية .. “
سألته بصوت مرتجف :
” ايه اللي حصل ..؟!”
ضغط على اعصابه بقوة وهو يكمل :
” اللي حصل بينا من شوية .. مكانش لازم يحصل ..”
ابتلعت ريقها وقد فهمت ما يقصده لتهمس بوجع واضح :
” ليه .. ؟! ليه مش لازم يحصل ..؟! “
حل الصمت المطبق بينهما بينما هو نظر الى سقف المكان بعينين حائرتين ليسمعها تقول بصوت متردد :
” انت مش حابب اللي حصل يعني ..؟! مش حابب قربي منك ..”
نظر اليها بدهشة فوجد وجهها شاحبا فأخذ يدعو ربه ألا تكون قد فسرت حديثه بشكل خاطئ ليجدها تكمل :
” طالما مش حاببني ولا حابب قربي قربت مني لي .. عملت كده ليه ..؟! ولا لما جربت ندمت .. ندمت وقلت ياريتني مقربتش منها ..”
كانت تتحدث بوجع شديد وقد عادت كلمات نزار تتردد داخل اذنها .. نزار الذي أشعرها في الفترة الاخيرة بمدى نفوره منها ومن وضعها هذا ..
” لا طبعا .. ندمت ايه بس ..؟! “
قالها بقوة صادقة لتنظر اليه بألم وهي تردف :
” أنا مأجبرتكش انك تقرب مني .. واسفة لو فرضت نفسي عليك .. تقدر تروح دلوقتي ومترجعش تاني ..”
زفر انفاسه بنفاذ صبر وقال :
” قلتلك مش ده السبب .. “
صاحت بها بقوة شديد ونفاذ صبر :
” امال ايه السبب ..؟! ايه السبب غير انك ندمت انك قربت من وحدة مريضة ومقرفة ومملة زيي .. ؟! اعترف انك اتصرفت من غير وعي والنتيجه انك ندمت لما حسيت انك تخطيت حدودك مع وحدة مش لازم تقرب منها بأي شكل من الأشكال ..”
صاح بها :
” انتي اتجننتي ..؟! انتي واعية الي بتقوليه ..؟!
انتي بتجيبي وتودي فكلام ملوش وجود ..”
هطلت دموعها بغزارة لتقول بإسى:
” كلامي ليه وجود طبعا .. وانت عارف ده ومش مضطر تنكره مراعاة لمشاعري ..”
في تلك اللحظة وجد أنه لا مفر أمامه سوى اخبارها السبب الحقيقي اجبارا عنها :
” انا بعدت لاني كان لازم ابعد .. لاني مش حابب اتمادى اكتر .. مش حابب اعمل حاجة تقلل مني ومنك .. انا بعدت عشلن احافظ عليكِ .. عشان احميكِ من نفسي ورغبتي فيكِ فاللحظة دي ..”
صرخت وهي تنظر اليه بعينين حمراوين تجمد الدمع داخليهما :
” كداب .. انت كداب .. انا مش هسمع منك اي مبرر ..”
نمت بالذهاب ليجذبها نحوه وهو يهتف بها بإصرار :
” انا مش كداب .. فاهمة ..؟! “
نظر الى ملامح المتشنجة وعينيها اللتان ترفضان البكاء رغم حاجتهما لذلك ليقول :
” صدقيني انا بعدت عشان خفت اقرب اكتر .. خفت انوا مش هكتفي بقرب بسيط زي ده ..”
” تقدر تقولي ايه اللي يخليني اصدق كلامك ..؟! ايه اللي يثبتلي ده ..؟!”
لمعت عيناه وهو ينظر اليها بطريقة أقلقتها قبل ان يجذبها نحوه بقبلة قوية اقتحمت شفتيها كحرب فرضت سطوتها عليها بينما شعرت بمشاعر هوجاء تكتسح كل إنش من جسدها ..
كانت قبلة مختلفة هذه المرة .. عنيفة .. متمردة .. قبلة كادت ان تبتلع شفتيها وتوقف قلبها عن النبض ..
شعرت بإنفاسها تتقطع وهو يبتعد عنها فأخذ صدرها يعلو ويهبط بشدة .. اما دموعها فهطلت بشدة وكأنها كانت تنتظر قدوم هذه اللحظة كي تأخذ حريتها اخيرا ..
وجدته يقترب منها بعدما إستعاد أنفاسه ليجذبها من ذراعها ويهتف :
” عاوزة اثبات اكتر من كده اني عايزك وبجنون كمان ..؟!”
رمقته بنظرات ضعيفة وتلك المشاعر الفوضوية تسيطر على كيانها لتتحول نظراتها الى القوة بعد لحظات وهي تهتف بتصميم :
” وانا كمان عايزاك ..”
انصدم من حديثها وجرئتها ليجدها تقف مباشره امامه وترفع شفتيها نحو فمه تنوي تقبيله لولا أنه أبعدها قليلا وهو يهتف :
” مينفعش كده .. انتِ مش واعية للي بتعمليه .. مشاكلك والوضع اللي بتمري بيه مخليكِ مش مستوعبه اللي بتعمليه .. مش عايزك تعملي حاجة تندمي عليها بعدين ..”
هزت رأسها نفيا والدموع الحارقة تساقطت من عينيها مرة اخرى .. اقترب منها محيطا كتفيها بكفيه هاتفا بجدية :
” خليكي متأكد اني بعمل كل اللي بعمله عشان مصلحتك .. خليكي واثقة من ده .. ارجوكِ ..”
نظرت اليه بحزن ثم قالت :
” طب ارجوك خليك معايا .. متسيبنيش من اول يوم ..”
تطلع اليه بصمت قبل ان يرد بجدية :
” حاضر هفضل معاكِ النهاردة ..”
جذبته نحوها بقبلة عميقه شعر بالإضطراب الشديد بسببها قبل ان يستوعب فعلتها فيبعدها عنه برفق شديد ..
…………………………………………………………..
هبطت جومانة درجات السلم بخطوات سريعة لتجد الفيلا خالية فيبدو ان جميع أفرادها خرجوا صباحا بينما بقيت هي نائمة حتى الساعة السادسة صباحا تلعن حظها بعد مكالمة أمس وما حدث فيها ..
زفرت انفاسها بقوة وهي تشعر برغبة شديدة بالبكاء ..
لقد اخطأت البارحة خطئا جسيما وتجاوزت على رجل يكبرها بعدد سنوات ليس قليلا على الاطلاق ..
ما كان عليها ان تتجاوز بحديثها عليه بهذه الطريقة الفجة .. لقد قللت من احترامه واحترام رانيا بل واحترامها هي ايضا حينما انحدرت الى هذا الاسلوب المبتذل ..
اخذت تتذكر حديثها الطويل مع جدتها التي كانت على وشك النوم حينما ذهبت اليها وطلبت منها أن تتحدث معها لتخبرها الجدة أنها اخطأت وعليها ان تصحح خظأها فهو يكبرها بعدة أعوام كما أنه لم يهنها او يقلل من احترامها وإن تصرف بغرور في حفلتها ..
اخذت نفسا عميقا وخرجت من الباب الداخلي للقصر متجهة خارجه حينما لمحت جدتها تقف في منتصف الحديقة تتحدث مع المزارع المسؤول عن العناية بحديقتها ..
سارت نحوها بملامح مبتهجة فهي قد سعدت كثيرا لرؤيتها بعدما ظنتها خارج المنزل كالبقية ..
” صباح الخير يا تيتة ..”
قالتها جومانة بسعادة وهي تحتضن جدتها التي استدارت نحوها وضمتها بحب ثم حيت المزارع واتجهت مع جدتها الى الداخل حيث سألتها الجدة :
” رايحة فين يا جومانة ..؟! مش قلتي انك محتاجة اسبوع عالاقل تقضي فالسرير عشان ترتاحي من تعب امبارح .. “
” رايحة لإياد منصور ..”
قالتها بجدية لترفع نورا حاجبها وتسألها :
” هتعتذريله ..؟!”
أومأت جومانة برأسها لتسألها نورا مرة اخرى :
” طب وانتي تعرفي هو فين دلوقتي ..؟!”
ردت جومانة بجدية :
” ايوه .. هو فبيت رانيا .. بيتها قريب من هنا ..”
رفعت نورا حاجبها وهي تسألها :
” وهتروحيله لوحدك ..؟!”
هزت جومانة رأسها لتقول نورا بهدوء :
” مينفعش تروحي هناك لوحدك يا جومانة .. انتي لسه صغيره اصلا ومش منطقي اسيبك تروحي لوحدك كده ..”
كادت جومانة ان تقول شيئا لكن الجدة منعتها من الحديث وهي تقول :
” اروح اغير هدومي وانزل عشان نروحله سوا ..”
ثم اتجهت بسرعة الى غرفتها في الطابق العلوي دون أن تنتظر سماع جواب حفيدتها ..
…………………………………………………………..
دلفت جومانة الى منزل رانيا مع جدتها بعدما استقبلتهما الخادمة مرحبة بهما وطلبت منهما ان تجلسان في صالة الاستقبال بينما تذهب وتخبر رانيا ووالدتها بحضور ضيوفهم القادمين ..
كانت رانيا لديها علم مسبق بقدوم جومانة فجاءت بعد لحظات وهي ترحب بها بسعادة رغم التوتر الذي كان واضحا بعينيها والذي أدركته جومانة فورا فهي صديقتها وتعرفها كثيرا ..
همست بجانب اذن رانيا بعدما رحبت الاخيرة بجدتها وكذلك فعلت والدة رانيا التي دخلت تتبع ابنتها بعد لحظات :
” هو رافض يقابلني ..؟!”
نظرت رانيا اليها وقالت :
” لا طبعا .. مش فالبيت اصلا زمانه جاي ..”
ابتلعت ريقها وقد فهمت ان رانيا لم تخبره عن مجيئها بينما سمعت رانيا تقول :
” هو عصبي شوية .. فبلاش تدايقي منه لو اتعصب عليكِ ..”
هزت رأسها متفهمة بينما سمعت جدتها تقول :
” احنه اسفين اننا جينا فجأة يا ناهد هانم بس حابين نشوف اياد بيه عشان جومانة تعتذر منه عن موقف امبارح ..”
ابتسمت ناهد وهي تقول :
” هيوصل كمان شوية .. اياد مواعيده مضبوطة وانا عزمته عالغدا من غير ما اقوله انوا جومانة جاية عشانه ..”
شحبت ملامح جومانة بشكل لاحظته جدتها التي ابتسمت لها بينما دلفت ريم وهي تحييهما برسمية وتجلس مقابلة لهما واضعا قدما فوق الاخرى ..
لحظات قليلة ودلف اياد الى الداخل ملقيا التحية متفاجئا من جلوس افراد العائلة في صالة استقبال الضيوف لكنه فهم ان هناك ضيوف لديهم وعمته تريد منه ان يأتي ويرحب بهم ..
رفعت جومانة نظراتها المترددة نحوه وكذلك جدتها والباقين منتظرين منه ان يقول شيئا بعد رؤيتها لتلك الفتاة التي أهانته بحديثها ليلة البارحة لكنه لم ينتبه اليها من الاساس حيث ألقى نظرة خاطفة دون ان يدقق النظر في ملامحها و ما لا يعرفه الموجودين ان اياد لا يعرف شكل جومانة من الاساس فهو لم يلتقِ بها فالحفل ولم ينتبه اليها بإعتبار انه كان يغني وهو ينظر الى الضيوف دون التركيز على واحدة معينة حتى لو كانت صاحبة الحفل ..
تنحنحت ناهد وهي تقول بجدية :
” اياد حبيبي .. جومانة جت عشان تعتذر عن كلام امبارح ..”
التفتت نحو الفتاة الصغيرة الجالسة امامه مصدوما من حقيقة كونها هي نفسها الفتاة التي أهانته بشدة بكلامها السخيف ..
تأمل ملامحها الطفولية بصدمة وهو لا يصدق أنها نفسها من كانت تتحدث معه البارحة بكل عجرفة ..
تلك الملامح التي تملئها البراءة والطفولية لا يمكن ان تمتلك صاحبتها لسانا طويلا كهذا ..
تأمل شعرها المرفوع على شكل كعكة ضخمة وملامح وجهها الطفولية الخالية من أية معالم أنثوية ..
حتى جسدها بدوره كان طفوليا بحت بشكل أثار تعجبه ..
هو لا يتذكر كم اصبح عمرها في تلك الليلة لكنها صديقة رانيا ذات العشرون عاما .. كيف لفتاة كتلك التي تقف أمامه أن تكون صديقة لإبنة عمته بينما شكلها وجسدها يوحي أنها لا تتجاوز الثانية عشر من عمرها ..
” جومانة مين ..؟!”
سألهما بعدم تصديق لترفع جومانة حاجبها بدهشة بينما تهتف رانيا بتعجب :
” جومانة صاحبتي يا اياد .. صاحبة حفلة العيدميلاد ..”
” هي دي ..؟!”
صلحها مصدوما لتحتدا عيني جومانة بينما قالت ريم بتهكم :
” هو انت مش عارف البنت اللي غنيت فحفلتها يا اياد ..؟!”
رد اياد بضيق مبررا موقفه :
” لا معرفتهاش .. فالحفلة كانت حاطة مكياج كتير .. دلوقتي لما شالت المكياج بقت مختلفة ..”
شهقت جومانة بقوة قبل ان تقول بحدة :
” لا طبعا انا مكنتش حاطة غير كحل وملمع شفاه زي اللي حطله دلوقتي .. هو معرفنيش عشان مكلفش خاطره يبص عليا حتى وانا صاحبة الحفلة .. لا عايدني ولا سلم ولا حتى بص بصة وحدة ..”
ثم اكملت وهي تحدث ناهد بحنق :
” حضرتك شفتي مطرب بيعمل حفلة ومش بيحيي اصحابها .. ؟! اكبر المطربين في العالم لما بيحضروا حفلة بيروحوا يحييون اصحاب الحفل وحتى الحضور ويتصوروا معاهم ..”
كادت نورا جدتها تضغط على ذراعها كي تصمت لكنها لم تفعل ..
” هو انتي جاية تعتذري ولا جاية تكملي كلام امبارح ..؟!””
جاءها سؤاله جامدا بشكل أخافها قليلا ..
همت بالرد لتجد جدتها تقول :
” لا يا اياد بيه .. جومانة جاية عشان تعتذر طبعا عن كلام امبارح .. انا عرفت كل حاجة وطلبت منها تعتذر منك وهي وافقت على طول ..”
” الافضل انها مكانتش تقول كلام سخيف زي اللي قالته اصلا .. بدل ماهي بتهين فخلق الله كده وبعدين تقرر تعتذر ..”
كان هذا حديث ريم المحتقر لتنتفض جومانة من مكانها وهي تهتف بها بقوة :
” كلامي سخيف .. تمام يا انسة ريم .. بس ياريت زي ما بتدي نصايح ليا بسبب كلامي السخيف تدي نصايح لنفسك إنك متدخليش فاللي ملكيش فيه والاهم تدي نصايح لصاحب المشكله يخفف من غروره شوية بدل ما يلاقي نفسه من غير جمهور ..”
” جومانة اقعدي بقى ..”
قالتها نورا بترجي وهي تحاول جذبها من ذراعها لينهض اياد من مكانه هاتفا بحدة :
” واضح انوا الانسة جومانة مش راضية تعتذر .. طب جاية ليه .. ؟! عشان تكمل كلام امبارح ..؟!”
نظرت نورا الى جومانة بتأنيب لتشمخ جومانة برأسها وتقول :
” لا كنت جاية اعتذر مع اني مغلطتش وكلامي كان رد فعل على افعالك .. بس حتى الاعتذار مفيش طالما فهمتوا اعتذاري بشكلٍ خلاكم تتكلموا معايا بإسلوب زي ده ..”
ثم تحركت نحو الباب ليوقفها صوت جدتها وهي تنادي عليها بصرامة :
” جومانة استني ..”
التفتت جومانة نحو جدتها تنظر اليها بضيق لتقول نورا بحزم :
” اولا انتي لازم تعتذري عشان حضرتك قللتي احترام شخص أيا كان عمله بس هو عالاقل مقللة من احترامك ..
ثانيا لانوا الشخص ده اكبر منك بعشر سنين ..”
قاطعتها جومانة ؛
” 19 سنة ..”
رفع اياد حاجبه قبل ان تشتعل عيناه وهو يسمعها تكمل :
” هو مش باين ولا ايه يا تيته .. ده عدا الثلاثين من زمان .. بصيله وهتلاحظي ده متبصيش عالصور عشان دول فوتوشوب ..”
نظرت اليه وجدته يرمقها بنظرت تدل على مقدار غضبه منها لتبتسم ببراءة وهي تقول :
” سوري .. بس دي الحقيقة ..”
ثم اكملت وهي تنظر الى جدتها بوداعه :
” معاكِ حق يا تيتة .. انا لازم اعتذر منه .. كفايه انوا قريب من سن بابي الله يرحمه .. “
جحظت عينا اياد بصدمة بينما كتمت رانيا ضحكتها بصعوبة لتسير جومانة نحوه تحت انظار ريم الغاضبة وتقف امامه تهتف بجدية :
” انا اسفة عاللي قلته امبارح .. انا كنت متعصبة جدا .. سوري بجد ..”
ثم عادت تنظر الى جدتها التي اخذت تتطلع اليها بفخر لتقطع ناهد تواصل عينيهما وهي تقول :
” نورا هانم .. اسمحيلي ادعيكِ على الغدا معانا النهاردة .. ومش عقيل بأي رفض ..”
وبعد اصرار من ناهد وافقت نورا على طلبها وبقيت مع حفيدتها عندهم ..
……………………………………………………………….
كانت ميرنا نائمة بعمق حيث تضع رأسها فوق فخذي باسل الجالس بدوره على الأريكة وهو يمرر أنامله بين خصلات شعرها ..
كان يفكر عميقا في الطريقة التي سوف يجد حلا بها لمشكلة ميرنا ..
عليه أن يأخذها الى طبيب نفسي قريبا .. طبيب يساعدها في الشفاء ..
لا يجب أن ينتظر اكثر ..
كان يعرف جيدا انه بات المسؤول الوحيد عنها .. فهو طالما أحبها عليه أن يساعدها ويحارب اي شيء يؤذيها ويهزمه ايضا ..
احيانا يسأل نفسه مالذي جعله يحبها وهي بهذا الشكل المزري ليسخر نفسه وهو يذكرها انه احبها منذ وقت طويل .. قبل تسعة اعوام .. لكنه اكتشف هذا متأخرا ..
اغمض عينيه وهو يتذكر كل شيء وتحديدا اول لقاء بينهما ليشرد بخياله متذكرا تفاصيل اللقاء ..
( قبل احد عشرا عاما ..
تحديا في بداية العام الدراسي لطلاب المرحلة الاولى قسم الهندسة المعمارية ..
كان باسل يقف بجانب أحمد و عزام صديقيه حيث يتحدثون عن احد الموقف التي تعرض لها احمد في اثناء حديثه مع الدكتور الخاص بأحدى المواد من أجل محاضرته الاخيره التي لم يفهموا منها شيئا ..
كان عزام يمزح مع احمد الواجم بعدما طرده الاستاذ أثر مشادة كلاميه حدثت بينهما بينما باسل يبتسم بخفوت كي لا يثير غضب احمد الذي يغضب بسرعة ..
قال عزام محاولا تغيير الحديث حيث فتح موضوعا اخرا يحبه احمد كثيرا :
” دفعة سنة اولى شكلها غير السنة دي .. فيها كم وحدة تحل من على حبل المشنقة ..”
رد احمد بتهكم :
” كل مرة بتقول كده وبيطلعوا أنيل من اللي قبليهم ..”
” طب بص هناك كده ..”
قالها عزام وهو يشير بعينيه الى احداهن لينظر احمد تجاهها فيهتف بملل :
” بذمتك هي دي حلوة ..؟! “
رفع باسل عينيه لا اراديا نحو الفتاة اللتي يتحدثان عنها ليجد أمامه فتاة بيضاء طويلة نوعا ما .. جسدها نحيل وشعرها قصير للغاية بالكاد يغطي الجزء العلوي من رقبتها ذو لون اسود لامع .. ملامحها بدت ناعمة جذابة .. ليست جميلة لكنها جذابة .. رمقها باسل بنظرات اعجاب استمرت للحظة قصيرة قطعها صوت عزام وهو يقول :
” جميلة على فكرة .. او يعني شكلها لطيف وفيها حاجة مختلفة .. ما تجي نجرب معاها ..”
” شكلها مش سهل على فكرة .. “
قالها باسل بهدوء قبل ان يكمل بجدية وشعور بالضيق ازعجه من حديث صديقيه عنها بهذا الشكل :
” بلاش احسن ..”
” يا عم هنلعب شوية مش اكتر ..”
قالها عزام وهو يتجه نحوها غير مبالي بنداء احمد الذي اراده ألا يفعل ذلك فهو بنظرة واحدة الى تلك الفتاة ادرك أنها ليست هينة على الاطلاق فهو اكثر من يستطيع قراءة الفتيات بسهولة ..
كان باسل يراقب عزام بحنق وهو يقترب من تلك الفتاة التي تقف على بعد مسافة قريبة منهما تحمل هاتفها تحاول الاتصال بأحدهم كما بدا لها ..
وقف عزام امامها وقال متسائلا :
” تحبي اساعدك فحاجة ..؟!”
تطلعت اليه الفتاة من الاسفل الى الاعلى حيث منحته نظرة تقييمه سريعه قبل ان تنظر الى وجهه ببرود تام لاحظاه كلا من باسل واحمد اللذان وقفا قربيهما بحيث أصبحا قادرين على سماع حديثهما ..
” هو انتي مسمعتيش انا بقول ايه ..؟!”
قالها عزام بتهكم وقد أغاضه تجاهلها لما قاله بل وقيامها بالعبث بهاتفها مجددا بعدما منحته نظرك اخيرة محتقرة ..
لم ترد عليه بل قررت الانسحاب حيث همت بالتحرك من امامه مبتعده عنه لكنها فوجئت به يقبض على ذراعها جاذبا اياها نحوه لتصفعه على وجهه بقوة جعلت الذهول يرتسم على انظار جميع من في المكان وأولهم صديقيه ..
رمقته بنظرات متهكمة قبل ان تبتعد عنه بثقة ورأس مرفوع عاليا متجاهلة نظرات اعجاب جميع الموجودين ..
بعد يومين ..
باسل يجلس بجانب احمد الذي اخذ يضحك بقوة بينما الاخير يرمقه بنظرات باهتة قبل ان يقول :
” مش كفاية ضحك .. صاحبك شكله زعل .. “
اوقف احمد ضحكاته بصعوبة وقال :
” هو اللي مسمعش كلامي .. يستحمل بقى ..”
ثم اكمل بغرور :
” انا قلتله بلاش .. انا ليا نظرتي بردوا ..”
قال باسل بجدية :
” انا اول واحد قلت انها مش سهله وطلعت كده فعلا ..”
اندفع احمد ضاحكا من جديد ثم هتف من بين ضحكاته :
” ياربي .. كان حتة قلم ..”
لم يستطع باسل ان يصمت اكثر قبل ان ينفجر ضاحكا بدوره ..
لحظات وتوقف عن الضحك وهو يجدها تدلف الى الكافيتريا بجانب احدى الطالبات ..
اخذ يرمقها بنظرات جامدة لا توحي بشيء مما يدور داخله من اعجاب شديد ..
نهض من مكانه وقد قرر ان يشتري شيئا يتناوله هو وصديقه حيث طلب من الشاب ان يصنع له كوبين من القهوة ..
لحظات وشعر بها تقف بجانبه وتطلب ساندويش دجاج وعلبتي بيبسي وقنينتي ماء ..
في تلك اللحظة دلف عزام الى الداخل بملامح واجمة حيث اتجه نحو نفس المكان اللذان يقفان به ليطلب كوبا من الشاي ..
لمحها تقف بجانب صديقه الذي اقترب منه وحياه لينظر باسل اليه بدهشة فهو لم يحدثه منذ حادثة اول البارحة ..
وجده باسل ينظر الى الفتاة التي تنتظر طلبها دون ان تنظر جانبها او تهتم لوقوف عزام بالقرب منها ..
كانت نظرات عزام غير مريحة وقد تأكد باسل من احساسه حينما اعطلها الشاب الساندويش الذي كان جاهزا وباقي الاشياء في احدى الصواني حيث تعثرت الفتاة بقدم عزام الذي مد قدمه قصدا نحوها وفي نيته ان يجعلها إضحوكة المكان وهي تحمل الصينية التي كادت ان تسقط من يديها ليسارع باسل في الإمساك بالصينية بيد بينما اليد الاخرى احاطت الفتاة من الخلف بعفوية كي يمنعها من السقوط ..
ابتعدت عنه الفتاة اخيرا وهي تبتلع ريقها بإحراج لتلتقي عينيها البنيتين بعينيه الجذابين فتهتف بهدوء :
” شكرا ..”
ثم اخذت الصينية واكملت :
” شكرا بجد عاللي عملته ..”
رد عليها بهدوء وهو يتأمل عينيه البنيتين بإعجاب :
” العفو يا …”
ردت ميرنا وقالت :
” ميرنا .. “
ابتسم باسل في داخله بإنتصار حينما استطاع ان يعرف اسمه ليكمل :
” العفو يا ميرنا ..”
ابتسمت ميرنا برسمية واتجهت نحو صديقتها بينما التفت باسل الى عزام الغاضب ورمقه بنظرات حادة قبل ان يأخذ القهوة من الشاب ويعود عند احمد ..)
افاق باسل من ذكرياته حينما شعر بها تتململ قليلا قبل ان تفتح عينيها البنيتين وتنظران اليه من الاسفل بتركيز شديد ..
ابتلع ريقه متأملا ملامح وجهها الهادئة والتي فقدت إضطرابها المعتاد ..
ظلت تتأمله بعينيها الهادئتين المفتوحتين على وسعيهما وملامح وجهها الغير مقروءة لتعتدل بعد لحظات بجلستها وتسأله :
” فيه حاجة ..؟! انت كويس ..؟!”
اوما برأسه وهو يرد :
” كويس ..”
لمعت عينيها وهي تطبع قبلة على وجنته وتهتف بإمتنان :
” شكرا لإنك فضلت جمبي ..”
تأمل ملامحها المرتاحة بحيرة فهي فجأة اصبحت نشيطة وقد لاحظ ان نشاطها يظهر بعدما تنام لعدة ساعات بعمق .. هناك شيء ما يساوره بشأنها ويتمنى ألا يكون صحيحا ..
أفاق من شروده على كف يدها الذي يحتضن كفه لينظر الى ملامحها المتلهفة لعاطفته بصمود غريب وقد قرر ان يستعجل في امر الطبيب ..
نظراتها المتلهفة والمتشوقة كطفلة تتلصص بعينيها على لعبة تريد شرائها جعله يشعر بالرغبة في تقبليها .. وما بين نفوره من حقيقة أن تجاوبها معه ورغبتها به مجرد احتياج بسبب وضعها المتأزم و حبه الشديد والذي اكتشفه متأخرا كثيرا وجد نفسه عاجزا عن صد رغباتها فأخذ يقبلها بتروي ولمدة لا يعرف كم بلغت ..
كانت ميرنا تتجاوب مع قبلاته بلهفة شديدة .. ظلا يتبادلان القبلات لمدة ليست بقصيرة حتى شعر باسل بكفيها تتحسس صدره ثم أناملها تحاول فك ازرار قميصه ليبعدها عنه اخيرا قاطعا لحظة الشوق تلك متمردا على رغبته الشديدة بها ..
وضع جبينه على جبينها هامسا بضعف ظهر واضحا في نبرته :
” مينفعش يا ميرنا .. مينفعش .. افهمي ده من فضلك ..”
ابتعدت عنه تنظر الى عينيه بشحوب لتهتف بخفوت وخجل من اندفاعها الذي باتت تجهل اسبابه وتستغربه بشدة فهي لم تكن مندفعة هكذا من قبل مع نزار ابدا :
” اسفة ..”
احاط وجنتيها بكفيه ثم قال :
” متعتذريش ..”
ثم اكمل بهدوء :
” قومي اغسلي وشك وغيري هدومك … هاخدك نتغدى بره ..”
ابتسمت ميرنا وأومأت برأسها ثم اتجهت مسرعة نحو الغرفة ..
غيرت ملابسها سريعا ثم اتجهت ناحية طاولة التجميل لتضع القليل من المكياج حينما لمحت الفلاشة على الطاولة لتتذكر امره الذي نسته تماما ..
حملت الفلاشة تنظر اليها بخوف شديد ..
ابتلعت ريقها وهي تقلبها بيدها تحاول أن تتخيل ما يوجد بها حينما سمعت طرقات على باب الغرفة وصوت باسل يستعجلها بالخروج لتهتف بسرعة :
” انا خلصت اهو ..”
ثم عادت تنظر الى الفلاشة وهي حائرة ما بين كسرها او معرفة ما تحويه ..
سمعت صوت جرس الباب يرن لتجحظ عينيها خوفا من قدوم نزار ورؤية باسل في شقتها فلم تشعر بنفسها الا وهي تكسر الفلاشة الى نصفين ثم تهرول مسرعة لتجد ما خافت منه قد حدث ..
نزار يقف امام باسل الواجم ينظر اليه بحدة مخيفة ..
يتبع…
لقراءة الفصل الثامن : اضغط هنا
اقراءة باقي فصول الرواية : اضغط هنا

اترك رد

error: Content is protected !!