روايات

رواية وقبل أن تبصر عيناك الفصل الثاني والعشرون 22 بقلم مريم محمد غريب

 رواية وقبل أن تبصر عيناك الفصل الثاني والعشرون 22 بقلم مريم محمد غريب

رواية وقبل أن تبصر عيناك البارت الثاني والعشرون

رواية وقبل أن تبصر عيناك الجزء الثاني والعشرون

رواية وقبل أن تبصر عيناك الحلقة الثانية والعشرون

_ رجل ! _
بعد إتمام عقد القران و قيام المأذون عن المسرح الذي شهد إعلان الزواج رسميًا… ها هو “رزق” يفي بوعده لأخته غير الشقيقة
على أنغام الكاريوكي للغنوة التركية الأشهر ( Erik Dali ) مضى يغني على مرآى و مسمع الحضور و هو يراقص أخته فوق المسرح، فتبادله الأخيرة بلا خبرةٍ تُذكر، لكنها كانت مستمتعة و مبتهجة بشدة في آن لأنه لم يشعرها بقلة خبرتها أبدًا
إذ أنه تقريبًا كان يحملها و هو يطوق خصرها بذراعه هكذا و يمسك برسغها الآخر بيده الأخرى، يدور بها باحترافٍ و مرونة إستمالت لهما النظرات المعجبة رغم غرابة المشهد بالنسبة للضيوف و الاستنكار المبطن الذي طمر بصدورهم …
و لكن من بعيدٍ، حول طاولة جلس إليها أفراد عائلة “السويفي”.. أنداد عائلة “الجزار” المعروفين بالوسط الإجرامي مثلهم تمامًا… كان رجلًا شيخًا على قدرٍ من المهاب.. يجلس في رأس الطاولة و أولاده الذكور الأربعة يطوقونه
أكبرهم و ذراع أبيه الأيمن يُدعى “عاصم السويفي”.. عيناه لم تجفلا لحظة واحدة منذ رأى تلك الحورية الصغيرة التي راحت ترقص برشاقةٍ طفولية بين أحضان أخيها
ربما هذا ليس منطقيًا، آدميًا، و لكنه حقًا كان منجذبٌ إليها على نحوٍ مرضي !
لم يحصل له مثل هذا من قبل.. كان شيئًا عجيب.. إن هي إلا فتاة لم تبلغ كمالها بعد… يحسبها البعض طفلة.. لكنها في الوقت ذاته…. حورية !!!
لا يمكن أن يجد وصف مناسب أكثر من ذلك..كما لا يمكن أن يبقى محدقًا بها هكذا كالأبله …
اللعنة ! .. صدحت بداخله
هذه الفتاة له، إنها له.. له هو …
لم ينتظر “عاصم” ثانية أخرى و مال صوب أبيه هامسًا في أذنه بصوته الخشن :
-هي دي يابا !
نظر له الأب… “رضوان السويفي” باستغرابٍ بادئ الأمر، ثم نظر حيث أشار له إبنه بعينيه، إتسعت حدقتاه لوهلةٍ، ليعاود النظر إليه مرةً أخرى متمتمًا :
-دي سلمى بت سالم الجزار. عاوز منها إيه ياض ؟!!
عاصم بجدية تامة :
-عايزها.. عايزها هي
رفع “رضوان” حاجبيه و هو يردد مشدوهًا :
-إنت إتهفيت في عقلك ؟ دي عيّلة صغيرة !!!
ناطحه “عاصم” بلهجةٍ متلّصبة صارمة :
-عيّلة إيه مهي فايرة قدامك. إنت مش كنت عمال تزن عليا أتجوز ؟ أنا بقولك دلوقتي عايز أتجوز. و عايز البت دي. عايزها يابا إتصرف !
عبس “رضوان” حائرًا و هو يمعن التفكير بالأمر مرارًا و تكرارًا دون يستثيغ منه رشدًا يُذكر، نظر مجددًا إلى الفتاة، إنها و لا ريب حسنة الطلعة و شكلها يوحي بأنه في غضون عامين أو ثلاثة ستغدو أنثى فاتنة يتمناها أفضل الرجال و الصفوة بعالمهم قاطبةً
و لكن الآن.. لا يستطيع أن يراها سوى فتاة صغيرة… حتى العقد عليها لن يكون رسميًا !
فإن وافقت هي، هل يوافق أبيها على ذلك ؟!!!!
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°
في نفس عالمٍ موازي.. و بينما كان “سالم” يجلس وسط عائلته و يشاهد في بغتة و رضا رقصة “رزق” و “سلمى”… لم يتخلل تلك الرؤية إلا صورتها
و واحدة من أبرز ذكرياته معها، قبل أكثر من عشرون عامًا، عندما كانت هنا، قريبةً منه، من قلبه، لا تفارقه طرفة عينٍ.. عندما كان أسعد رجل بالوجود …
Flash Back …
كانت تعبث بقطعة من الشيفون.. بفستانها الأرجواني الأنيق و المغلق، إذعانًا لشرط زوجها أن يكون تصميمه محتشم لكي يسمح لها بارتدائه بهذه الأمسية المميزة
لطالما كرهت المكوث وحيدة، و قد نزل هو و تركها بالسيارة لغاية لم يفصح عنها، حتى طفلها لم يكن برفقتهما، إذ تركته بصحبة والدها الليلة لتنعم بلحظاتٍ خاصة و حميمية مع زوجها الحبيب
و لكن أين هو ؟ لقد أطال الغياب.. أين عساه أن يكون كل هذا الوقت ؟؟؟
-أنا جيــت !
أدارت “كاميليا” رأسها الأشقر جهة الصوت، لتجد زوجها و قد عاد أخيرًا و إستقل خلف المقود خافيًا شيء وراء ظهره.. رمقته بنظرة معاتبة و قالت بصوتها الرقيق :
-إيه يا سالم ده كله ؟ كنت فين و سايبني لوحدي كده يا باشا !!!
أطلق “سالم” نهدة مقتضبة و هو يرد عليها بلطفٍ :
-أكيد عمري ما أحب أبعد عنك بمزاجي. و عاوز أقولك إنك كنتي تحت عنيا من لحظة ما سيبتك. كنت ببص عليكي من هناك !
و أشار لها برأسه لنقطة عبر النافذة بجوارها، لتنظر حيث أشار، كان عقارًا ذي واجهة زجاجية من طابقٌ واحد، لم يكن هناك ما يميّزه، من جهتها هي على الأقل …
-و إيه المكان ده بقى ؟ .. تساءلت و هي تنظر له من جديد
لكنه رفع يده فجأة ليرتب لها تلك الخصلة الكستنائية المتمردة فوق جبهتها، ثم قال مراوغًا :
-حزري كده !
تأففت قائلة بضيقٍ :
-يوه عليك يا سالم بقى خلص. إحنا هانلعب و لا إيه !!
إبتسم مغرمًا بتفاصيلها هذه المرة و رد عليها منصاعًا :
-طيب يا ستي. هارحم فضولك. عشان إنهاردة عيد جوازنا بس و مش عاوزك تضايقي و لا تكشري لحظة.. عاوزك تضحكي و بس !
و أظهر لها ما كان يخفيه عنه في هذه اللحظة ..
شهقت “كاميليا” مكممة فاها بكفيها في الحال، حملقت فيه بذهولٍ ما لبث أن إستحال إلى سعادة شديدة لحظة تعرفها على تلك البطاقات التي لوّح بها أمام ناظريها …
-سنيما السياراااااات !!! .. صرخت “كاميليا” بحماسةٍ مفرطة الآن
و فورًا إنتزعت من يده البطاقات و هي تستطرد بابتهاجٍ كبير :
-كنت همووووت و أجرب الشيء الجديد ده بجد. و إنت كنت معترض.. إزاي كددددده !!!
و إلتفتت نحوه، فأجابها بحزمٍ :
-أوافق إزاي منغير اسأل عن شيء جديد زي ما قولتي ؟ عشان خاطرك بس فهمت الليلة ماشية إزاي. و قلت أعملك مفاجأة مختلفة المرة دي بما إنك شارطة عليا ماجبش دهب و لا مجوهرات ..
و أكمل بحبٍ : حبيت أعمل حاجة تبسطك.. أنا بعرف لما بتكوني مبسوطة يا كاميليا. ماحبش أبدًا أشوف السعادة عليكي بمجهود.. بحب أشوفك مبسوطة من قلبك !
إلتمعت عيناها الزرقاوتان ببريق عشقه الكامن بأعماقها و قالت برقةٍ آسرة :
-سالم. منغير أي مجهود.. وجودك جمبي كفاية أوي. إنت أحلى حاجة حصلت في حياتي كلها
إبتسم و هو يمد يده ليلامس بأصابعه حافة فكها و شفاهها قائلًا بينما يتراقص ألق الخبث بعينيه الماكرتان :
-أحسن حاجة الخصوصية إللي في البرنامج بتاع السنيما الجديدة دي. و أنا عامل حسابي و جايب العربية الفيميه. متهيألي نص الفيلم مش هانشوف !
ضحكت بغنجٍ تحت أصابعه و قالت مؤيدة بشدة :
-إذا كنا في السنيما العادية بنختار آخر صف زي المراهقين و بنطلع مش فاكرين أي حاجة من الافلام.. إنت مجنوووون بجد يا حبيبي
-بيكي ! .. قالها و هو يميل نحوها، و غمغم بحرارةٍ فوق شفتاها تمامًا :
-مجنون بيكي إنتي و بس يا كاميليا !
و إلحتمت شفاههما في قبلةٍ حارة و عميقة …
Back …
لم يفيق “سالم” من الذكرى الغالية سريعًا هذه المرة، كان يكفيه رؤية إبنه، قطعة منها، دماؤها، إبتسامتها على وجهه، عيناها في عينيه، ملامحها فيه
كان يكفي دومًا أن يراه، فكأنما رآها تمامًا..إنه الآن يحبه أضعاف ذاك الحب بكثير.. يحبه أكثر كيانه و الحياة برمتها …
-مش كفاية كده يا معلم سالم ؟! .. كان هذا صوت “هانم”
عجبًا !
و كأن معاناته العاطفية و أكبر مآساة بحياته ترتبط بها دائمًا، أفسدت أنقى جانبٍ به، و لكنه بدوره أفسد حياتها كلها.. أهذا إنتقامًا ؟!!
تطلع “سالم” إليها، كانت تقف في خضوعٍ خلف ظهره مباشرةً، ألقى نظرة بساعة يده ليفاجأ حين تبيّن أن الوقت صار منتصف الليل …
-الوقت بيسرقنا و لا إيه رأيك ؟
وافقها “سالم” بايماءة :
-لأ عندك حق يا أم مصطفى.. كفاية أوي كده !
و أشار لإبنه الأصغر “حمزة” و إبن أخيه “علي” هاتفًا :
-حمزة.. علي. قوموا يلا نزلوا اخواتكوا من هناك. ساعة الدخلة وجبت !
_______________
أوتار قلبها الخافق بصخبٍ مصم بداخلها.. يمزق الدق المألوف الرتيب لطبول الزفاف التي لم تكف أبدًا حتى بعد أن وصل كل عريسٍ بعروسه إلى عش الزوجية الذهبي …
كانت راحتيها تصببان عرقًا، رغم معرفتها بأن الليلة كما وعدها ستمر كأيّ ليلة مرت عليها، لن يجبرها، و لن تكون زوجته حقًا.. إذن لماذا كل هذا القلق و الاضطراب
ارتعدت “ليلة” حين سمعت صوت إغلاق باب الشقة، إستدارت فورًا لتجد “رزق” ماثلًا أمامه بكامل هئيته الساحرة، بذلته نصف المحلولة، ربطة عنقه المعوّوجة، شعره القصير الأشعث في كل إتجاه.. إنه تجسيدًا للغواية بحق …
-نورتي بيتك يا عروسة ! .. تمتم “رزق” بلهجة عميقة متكاسلة
رمقته “ليلة” بنظرة حادة و قالت :
-منور بيك إنت.. أنا مش عروسة حد. إحنا هانبتديها كده و لا إيه ؟
علت زاوية فمه بابتسامة شقية و قال :
-لأ طبعًا. هي عمرها ما بتبدأ كده في العادة.. لو تحبي أشرحلك !
عبست ببلاهةٍ، ليوضح لها و هو يسير ناحيتها بتوأدة :
-لو صالونات و مايعرفوش بعض. أول ما يتقفل عليهم باب دوغري بيطبقوا المسرحية الهفأ بتاعة أهالي زمان. إللي هو نظام فرهديه قبل ما تنوّليه.. و يفضلوا يلفوا الشقة تراك طول الليل لحد ما واحد فيهم يغلب …
إبتلعت أنفاسها فجأة حين قلص المسافة بينهما بخطوة واحدة و هو يكمل ممسكًا بيدها بين قبضته الضخمة القوية :
-أما لو إتنين بيحبوا بعض. لو في بينهم مشاعر من البداية و تعوّد.. الموضوع بيبقى مختلف تمامًا !
تشعر “ليلة” و عيناها معلقتان بعينيه اضطرابٍ طفيف يسري على هيئة ذبذبات بطول عمودها الفقري، بينما يضيف “رزق” بصوتٍ هامس أمام شفاهها المنفرجة مشعرًا إياها بطعم أنفاسه الدافئة :
-بيبقى في لهفة.. شوق.. كل واحد نفسه يدخل جوا حضن التاني. يندمج فيه. يحس بكل ذرة منه.. يملا صدره بريحته. و يحفظ تفاصيله.. و يـ آ ا …
-خلااااااص ! .. هتفت “ليلة” و هي تنتزع نفسها إنتزاعًا من أمامه
تراجعت أربعة خطوات للخلف و هي تقول بغلظةٍ :
-إنتي هاتديني دروس في العلاقة الزوجية ؟ أنا فاهمة كل إللي إنت بتقوله. مش عيلة صغيرة يعني قدامك
تبدل تعبير وجهه.. صار أكثر جدية و غموضًا… ثم قال بعد برهةٍ :
-لأ واضح إنك فاهمة كل حاجة فعلًا.. و واضح جدًا إنك مش عيلة صغيرة !
عبست “ليلة” لتخفي ارتباكها و قالت بجمودٍ :
-طيب كويس إنك مدرك كل ده.. و دلوقتي بقى كل واحد عارف حدوده. ياريت نحترم الحدود دي.. عن إذنك !
و استدارت بنية المضي صوب غرفة النوم …
-رايحة فين يا ماما ؟ .. قالها “رزق” مستوقفًا إياها بنفس اللحظة
أدارت رأسها تجاهه مجيبة باستهجانٍ واضح :
-سؤال مش في مكانه أبدًا. بجد.. هكون رايحة فين ؟ رايحة الأوضة. أي أوضة مش هاتفرق المهم ماتكنش نفس أوضتك طبعًا !
-تؤ ! .. هكذا عبر “رزق” عن اعتراضه و هو يخلع سترته ببطءٍ متقدمًا منها
فأخذت تتراجع تلقائيًا بينما يقول و هو يباشر خلع قميصه تاليًا بعد أن رمى بالسترة في طريقه :
-مش بالبساطة دي يا ليلة.. ليلة الدخلة ليها هيبة و إحترام بردو !
-قصدك إيه ؟!! .. غمغمت بعدائية كبيرة و هي تحمل فستانها بيديها من الجانبين مواصلة التراجع بحرصٍ
ليتوقف “رزق” عن الاقتراب منها في هذه اللحظة قائلًا بهدوءٍ واثق :
-ماتخافيش يا ليلة. أنا عمري ما هاجبرك على حاجة.. عمري ما هلمسك طول ما إنتي مش عاوزة. إطمني خالص من النقطة دي.. مافيش أي متعة في اغتصاب واحدة. حتى لو كانت زوجة. لو مش بارادتك يبقى إسمه اغتصاب. و أنا مش كده !
عادت تتنفس باريحية من جديد عندما شكلت كلماته حدود الأمان الملموس بينهما، لتسأله بلهجة أقل حدة الآن :
-طيب.. المطلوب مني إيه دلوقتي ؟
-تعالي معايا و أنا أقولك !
و أولاها ظهره ماضيًا نحو غرفة النوم الرئيسية و المعدة خصيصًا لهما …
لم يلتفت إليها مرة، لكنه كان يشعر بخطواته تتبعه، حتى صارا بمنتصف الغرفة، حينها إستدار ناحيتها و صارا وجهًا لوجه.. في ظل أضواء المصابيح الخافتة الموزعة بسقيفة الغرفة… و الشموع المضاءة بالآواني الحافظة
أمام نظراتها غير الواثقة، خلع “رزق” قميصه الأبيض و ألقاه فوق كتفه الأيمن، و بدون أن يحيد بناظريه عن عينيها مشى تجاه الطاولة المحاذية للفراش ليجد بضعة من قطع المحارم البيضاء
إستلّ من جيبه مدَّية حادة النصل، و قبل أن تعي “ليلة” نيته جاء عند منتصف ذراعه و سحبها ناشبًا نصلها بين ثنايا جلده محدثًا جرحًا عميقًا نسبيًا …
حملقت فيه بذعرٍ حين رأت الدماء تطفر غزيرة من جرحه، و صرخت :
-إيه ده يا مجنون ؟ إنت بتعمل إيه ؟؟؟؟
فح “رزق” متأوهًا بخفوتٍ و هو يلقي بمديته فوق الطاولة، ثم يتناول إحدى المحارم البيضاء تلك و يمسح بها الجرح الغائر على كتفه …
و قد كان يعصر الشق مسيلًا من دماؤه باستفاضة ليحصل على أكبر قدر، ليضع فوقه آخر محرمة و يضغط، ثم يلتفت نحوها قائلًا بابتسامة خبيثة :
-بشرفك.. أومال إنتي مفكرة الجرمأ إللي تحت ده كله و أبويا إللي مستني تحت الشباك مستني ليه ؟ كلهم مستنين ده !
و لوّح لها بالمحرمة الملطخة بالدماء !!!
حلّت عليها حالة من الخرس التام، بينما تجاهلها كليًا و فتح درج الطاولة متناولًا ضمادٌ لاصق، فتحه بأسنانه و وضعه فورًا فوق جرحه، نظف بقايا الدماء على ذراعه بالمحرمة التي بيده، ثم تركها للحظة كي ما يتمكن من ارتداء قميصه
و بدون أن يغلق أزراره، حمل المحرمة و إتجه نحو النافذة، فتحها على مصراعيها و أطل على الجمع الغفير بالأسفل.. ميّز والده من بينهم… كان يقف بانتظاره كما توقع
إبتسم بسخريةٍ و إلتفت نحو “ليلة” أولًا ليقول :
-مع إني مش مؤمن بالعادات دي. و لا بالشيء ده كمان.. بس للضرورة أحكام زي ما بيقولوا !
و أشاح بوجهه عنها ملقيًا بالمحرمة في الهواء، لترسلها النسمات الهفهافة للأسفل مستقرة بقبضة أبيه …
°°°°°°°°°°°°°°°°°
-راجل ! .. قالها “سالم” بفخرٍ و هو يحدق بالمحرمة و يقلبها بين كفيه
كانت الزغاريد تملًا الحي الآن، بعد أن طافت المحرمة أمام أنظار الجميع، توجه “سالم” رأسًا إلى أمه الجالسة في المقعد المتحرك عند بوابة المنزل
ناولها إياها قائلًا بزهوٍ :
-رزق ياما !
و في طقسٍ شعبي عقيم ألقت العجوز الهرمة بالمحرمة فوق وجهها و هي تكلق الزغاريد بصوتها المتحشرج الضعيف، ليضحك منها “سالم” من قلبه و يلتفت ناحية شقيقيه مغمغمًا :
-شايفين أمكوا ونبي.. كنت متأكد إنها هاترمي المنديل على وشها و تزغرط
رد “عبد الله” مغتبطًا :
-ده لازم. ماتبقاش أمي.. دي بتستنى الليلة دي مخصوص عشان اللحظة دي !
أضاف “إمام” داعمًا :
-هي دي الفرحة الحقيقية.. عقبال مصطفى و بطة !
و رفع رأسه تجاه نافذة إبنته.. حيث غرفة نومها بشقتها الجديدة مع زوجها …
-يا مسهل ! .. قالها “سالم” متكئًا إلى إطار باب المنزل
-أدينا مستنيين !
يتبع…..
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على (رواية وقبل أن تبصر عيناك)

اترك رد

error: Content is protected !!