Uncategorized

رواية الطبيبة والعنيد الفصل الثاني 2 بقلم نورا عبدالعزيز

 رواية الطبيبة والعنيد الفصل الثاني 2 بقلم نورا عبدالعزيز
رواية الطبيبة والعنيد الفصل الثاني 2 بقلم نورا عبدالعزيز

رواية الطبيبة والعنيد الفصل الثاني 2 بقلم نورا عبدالعزيز

” صدمـات مُتتاليــة “
كانت غرفته هادئة فى صمت تام ودلفت الممرضة تغير لها المحلول فأنتبه لـ “مروان” يحرك رأسه يمينًا ويسارًا وجسده ينتفض بينما حبيبات العرق بدأت تنمو على جبينه وعنقه ووجهه يحمر، اقتربت الممرضة منه لكن قبل أن ترى مؤشراته تسمع أصوات الأجهزة تنذر بوقوع كارثة له، ركضت الممرضة للخارج تبحث عن الطبيب ويراها “معتز” تأتى مع الطبيب وخلفه ممرض آخر ودخلوا الغرفة معًا ثم أغلقوا الباب خلفهم فسألته “أمنية” بقلب اوشك على التوقف:-
– اخوك ماله
اجابه بأجابة لم ترغب بسماعها لكنه لا يملك غيرها:-
– معرفش ربنا يستر
فاق “مروان” بصعوبة بعد مقاومة قوية للموت، ربما أستجاب لدعوة والدته او ربما كانت دعوة الطبيبة التى لا تعلم عنه شيء لكن قلبها رفء به، فتح عيونه بتعب شديد وهو يحرك اأصابع يديه ببطيء فسأله الطبيب بقلق من ان يكون اصاب نظره شيء:-
– أنت شايفنى
اشار “مروان” له بنعم ثم سألها بصوت مبحوح وتعب:-
-أنا ف.. فين
تجاهل الطبيب سؤاله ونظر لقدمه ثم قال بلهجة جادة:-
حمد الله على سلامتك، ممكن تحرك صوابع ايدك ورجلك
أراد ان يتأكد من الأحتمال المتوقع ربما يصبح أكيد او يتحول للنفى فيجب على هذا الأحتمال أن يأخذ أحد الجهتين لكنه صُدم عندما حرك أصابع يديه ولكن قدميه يحركها بصعوبة بالغة لتخرج منه أنين صرخة موجعة، نظر الطبيب بأسف فقد تأكد أحتماله وفقد هذا الشاب حركته على المشي وكأن صدمة خسارة شركته لم تكن كافية عليه فجاءته الصدمة التالية اقوى وأشد…
☆☆☆☆☆
سمعت “أمنية” صوت ابنها يصرخ من الداخل فأقتربت من باب الغرفة بهلع وخوف بعد أن نشب القلق حربًا بداخلها على ولدها، قالت بفزع وهى تحاول الدخول لأبنها:-
– ده صوت ابنى، مروان
منعها “معتز” بصرامة وقال بنبرة جدية:-
– أهدى يا ماما دلوقت الدكتور يخرج يطمننا عليه
أتكأت على ذراع ابنها بضعف ويدها ترتجف خوفًا فبداخلها قلب أم ترى ابنها مريض وتسمع صراخاته القوية تدل على وجعه وألمه وهى عاجزة عن فعل أى شيء له، فتح الباب وخرج الطاقم الطبى وتوقف الطبيب أمامهم بتعابير وجهه خالية من المشاعر، قلق “معتز” على أخاه الاكبر فسأل:-
– خير يا دكتور
نظر الطبيب إلى “أمنية” بقلق مما سيقوله الأن ثم تفوه بنبرة هادئة:-
– للاسف اللى حسبته لاقيته
أتسعت عينى “معتز” بحزن شديد وكأن هذه الصدمة اصابته هو ووقعت على عاتقه، فسألت “أمنية” بقلق:-
– قصدك أيه يا دكتور، ابنى بقى مشلول؟
تبسم الطبيب بلطف ثم تحدث مُسرعًا وكأنه يحارب خوفهم ويقتل اليأس بينما يبعث الأمل بداخلهما:-
-لا يا هانم مش شلل بعد الشر هو هيقعد فترة على ما يرجع يمشي من تانى لكن الموضوع مش مستحيل بالعلاج الطبيعى هيقف تانى بس هيبقى بعكاز، اللى عند ابنك حضرتك صدمة نفسية أكتر من المرض الجسدي
تمتم “معتز” بتساؤل:-
– هيمشي بعكاز!!
أجابه الطبيب بنبرة هادئة:-
– أحتمال، عن اذنك هبعتلكم الدكتور اللى هتابع معه
رحل وتركهما فى حرب أفكارهنا، حرب نشبت للتو وبدأت فاجعة الافكار تراودهما، كيف سيخبراه بهذه الصدمة وهل سيتقبل فكرة عجزه المؤقت، هرعت دموع “أمنية” التى شقت طريقها فوق وجتنتيها تاركة أسر جفنيها وكأنهما صغار على تحمل هذا القدر من الحبيبات الدافئة، قطع صمتهما وصول “نادين” ، رأها “معتز” من بعيد تسير نحوهما مُرتدية تنورة قصيرة تصل لأعلى ركبتيها وقميص نسائي أبيض اللون فقال مُتمتمًا:-
-ألهمنى الصبر يا رب
وصلت أمامه هادئة ببرود قاتل بعد أن غابت عن زيارة حبيبها وخطيبها ثلاثة أيام ثم سألت:-
– مروان عامل ايه النهاردة يا معتز؟
رفعت “أمنية” نظرها لها بغضب سافر وأشمئزاز ثم قالت صارخة بوجهها:-
– ده أول ما أفتكرتى أن فى بنى أدم ليكى بين الحياة والموت
أجابتها بكل برود دون أن تكترث لحياة حبيبها:-
-كنت فى الشغل والله يا ماما
حدقت “أمنية” بها وتأففت غاضبة ثم قالت بعتاب:-
-شغل يا عديمة الدم، وبعدين مية مرة قولتلك متقوليش يا ماما أنا مش أمك …
تنهدت “أمنية” بغضب ووضعت يدها على صدرها بأختناق ثم تابعت بنبرة وجع:-
– مشيها يا معتز لأحسن يجرالى حاجة بسبب برودها واستفزازها دا
مسك “معتز” يدها بلكف وهمس فى اذنيها مُجبور على تقبل هذه الفتاة :-
-مينفعش يا ماما ابنك بيحبها لازم تكون جنبه دلوقت، هى الوحيدة اللى تقدر تساعده على تخطى المحنة دى
تأففت والدته بغضب مجبورة على تقبلها لأجل ابنها فلذة كبدها وقرة عينى، تحاشت النظر لها بضجر ثم دلفت لغرفة ابنها لتراه جالسًا بفراشه بعد أن أستعاد وعيه وفتح عينيه للحياة من جديد فهرعت نحوه مُتناسية كل الألام وقالت:-
– حبيبى
أجابها “مروان” بنبرة هادئة وصوت مبحوح:- ماما …انا ..كو..يس متق..لقيش عليا
مسحت على رأسه وهى تحتضن يده بيدها الأخرى وقالت بفرحة تغمر قلبها :-
-الف حمدلله على سلامتك يا قلب أمك، يا ريت كنت أنا وأنت لا
أجابها “مروان” بنبرة حزينة :-
– بعد الشر عنك يا أمى ..فين معتز؟
أتاه صوت أخاه”معتز” وهو يقف هناك بجوار الباب يقول :-
-انا اهو يا وحش، حمد الله على سلامتك، كدة تخضنا عليك
أمقنه “مروان” بغضب سافر وصرخ به بحدة:-
– أنت بتعمل …ايه هنا؟… روح شوف ..الشركة
فسمع صوت “نادين” بغرور ونبرة باردة تقول :
– ده المنافسين برا ايه فرحين فينا والصحافة مالهاش غيرنا وحادثة مروان الهوارى
كانت تتحدث بغرور دون ان تعرى أى أهتمام لحالته الصحية، نظرت لها “امنية” و “معتز” فهو للتو استعاد وعيه بمعجزة وهى تخبره بذلك ببرود قاتل، وكانت قنبلتها التى تفوهت بها كفيلة بأغضبه فصرخ “مروان” بأخاه:-
– روح..يا معتز، متقعدش جنبى كدة
تحدث “معتز” بمرح وهو ينظر لأخاه:-
– يا عم هو الشغل هيطير، هطمن عليك وأروح حاضر
قبل أن يتحدث “مروان” معترضًا، تحدثت هذه الفتاة بلهجة ثعبانية وكأنها عدو له وليس حبيبة، قائلة:-
– لا مش هيطير بس عثمان العطار عايز يشترى الأسهم اللى فى المناقصة بدلنا، ده عايز يقضى علينا ويستغل الفرصة لأنه عارف أننا مشغولين باللى حصل لمروان
صرخت “أمنية” بها بغضب قاتل:-
-ما تسكتِ بقى بدل والله ….
مسكها “معتز” من يديها لتصمت بعد أن رأى الغضب فى عين أخاه، الأن يستعدوا لأخباره بمرضه وهى تخرب كل شيء بحديثها فلم تكن يد عون له بل تضغط عليه وتدهس نفسيته كلما تفوه فمها، دخل عليهما “سيف” طبيب شاب فى الثلاثينات من عمره لديه لحية خفيفة وأصلع الرأس طويل إلى حد ما وعريض المنكبين ومعه “هاجر”
تبسم “سيف” بسمة يرسمها كل طبيب فى مقابلة مريضه فربما تخفف من اعباءه وخوفه، وربما تداوى روحه المريضة، تحدث بلهجة عفوية :-
-حمدلله على السلامة، لا ده إحنا بقينا عال اوووى اهو… انا دكتور سيف هتابع حالة استاذ …(ينظر للتقارير الموجودة فى يده لمعرفة اسمه ) مروان
أومأ”معتز” له بإيجاب، تقدم “سيف” نحوه وكانت “نادين” تعيق طريقه وهى ملتصقة بـ “مروان” فتحدث “سيف” بلطف:-
-أستسمحك، ممكن تجى كدة بس عشان اشوفه
عقدت “نادين” ذراعيها أمام صدرها ببرود وقالت بأستفزاز :-
– ما تفضل تشوفه هو أنا مانعة حضرتك ولا ماسكة فيك
حدق “سيف” بها فتاة ترتدي ملابس ضيق وقميصها شفاف يظهر البدى الحمالة اسفله، شعرها الكستنانى طويل ومموج تسدله على الحانب الأيسر وعينيها ضيقتين بلون البنى الغامق كالقهوة الاسبريسو وبشرتها مليء بمساحيق التجميل، عقد “سيف” حاجبيه بأستغراب من برودها ولهجتها أثارت استفزازه حتى أنه كاد أن يضربها بسبب برودها فتابع حديثه وهو يكز على اسنانه :-
-طب معلش هتعبك ابعدى شويه
كادت أن تعترض مُجددًا ليتحدث “مروان” بتعب قبلها
:-
– اسمعى ..الكلام يا نادين
تأففت “نادين” بضيق وابتعدت عنه قائلة: –
-يووووه اهو يكش يعجبك كدة
لم يتحمل “سيف” غلاظتها وقبل ان يفقد سيطرته بسبب بروده صرخ غاضبًا :-
– لا معلش اتفضلوا برا بقى، أنا مش هعرف أكشف كدة وأصلاً الزيارة ممنوع
☆☆☆☆☆☆☆☆
فى المصعد الخاص بالمبنى كانتا “شيماء” و “نور” بداخله بعد عودتهما من العمل
تحدثت “شيماء” بلهجة هادئة تؤاسي صديقتها :-
– يابنتى كبرى دماغك ده مدير مجنون، أنا من الأول قولت مجنون دا فتح مصحة للمخابيل يا ما
نكزتها “نور” فى ذراعها بغضب من أهانة مهنتها وتمردها عليها ثم قالت :-
-يلا خليها عليا غورى أشوفك بكرة
خرجت “شيماء” من المصعد وظلت “نور” بالداخل، وترجلت منه فى الطابق التالى ثم دلفت إلى شقتها وكان والدها يفعل روتينه اليومى المعتاد بالجلوس أمام شاشة التلفاز يشاهد المباريات ويحللها فجلست “نور” جواره ووضعت راسها على كتفه بحب:-
– أزيك يا ابو الكباتن
تبسم على طفلتها الجميلة وعلم أنها مُنهك من العمل وربما يومها كان صعبًا فهى لم تتكأ عليه هكذا سوى عندما تواجه المصاعب، تحدث بمرح :-
-اهلا ياختى؛ اتاخرتى ليه؟
تنهدت بتعب ثم قالت:-
– روحت العيادة ملاقتش مرضى كتير اتنين خلصتهم وجيت والحال واقف أوى يا ابو على
تحدث بجدية بعد أن اغلق التلفاز:-
– أنا مش فاهم أنتِ عندك عيادة قافلة طول اليوم وبتفتحى نص ساعة وعايزة مرضي يجولك،لا وكمان عاوزة تبيعها وتجيبى غيرها
رفعت رأسها عن كتفه ونظرت بعينيه ثم هتفت بلجهة جادة:-
-افهمك يا بابا أنا هبيعها وأشترك مع شيماء و سيف ونعمل عيادة كبيرة كل واحد بتخصصه ونظبط نفسنا فيها وأستقيل من المستشفى دى بقى، أنا بتخانق مع المدير أكتر ما بعالج المرض
أومأ لها بنعم ثم قال بعفوية:-
-ربنا معاكِ يا أختى بس دلوقت تقومى تغيرى هدومك لأحسن أنا عامل طاجن جمبرى هموت وأكله من الصبح
تبسمت له ثم وضعت قبلة على وجنته وركضت للداخل
☆☆☆☆☆☆☆☆☆
___ مستشفى الأمل التخصصي ___
داخل كافيتريا المستشفى كان بعض الأطباء والممرضين يحتلون الطاولات بنسبة اعلى من الزوار، وعلى أحد الطاولات كان “معتز” جالسًا بصحبة “نادين” ، أمقن صمتها فى هدوء ثم سأل بفضول:-
– خير يا نادين قولتِ أنك عاوزانى، أتكلمى
جمعت شجعتها وقالت بجحود ونبرة حادة:-
– أنا مرضيتش أقول الكلمتين دول لمروان لأحسن تقولوا أنى السبب فى زعله أو مرضه
عقد حاجبيه بأستغراب ولم يفهم شيء مما تلمح له وقال:-
– كلمتين أيه و أنتِ السبب فى أيه؟ أنا مش فاهم حاجة منك
أردفت “نادين” بقسوة:-
– بصراحة أنا مقدرش أتجوز واحد عاجز وهيمشى بعكاز ده لو مشى، الدكاترة بتقول لسه فترة
أتسعت عيني “معتز” على مصراعيها بصدمة ألجمته فربما هو لم يحبها وهكذا والدته لم تقبل بها لكن أخاه مغرمًا بها وحتما هى أمله فى الغد وخصيصًا فى هذه الفترة الصعبة، سألها بلهجة جادة:-
-ها وأنتِ جاية….
بتر حديثه وهى تضع علبة قطيفة يعرفها حجيدًا على الطاولة وقالت “نادين”:-
-اتفضل دى شبكتكم وأنا مش هقدر أكمل كفاية عليا الشغل فى الشركة
لم يتمالك” معتز” أعصابه فقال بحدة وغضب :-
– أنتِ حتى الشركة دى متخشهاش برجلك أنتِ مقرفة اوووى، ومعندكيش أصل عشان تسيبه فى محنته من غير حتى ما تحاولى
رحل ويظل يفكر كيف سيخبر “مروان” بهذه الصدمة القاضية،بهذا الخبر ربما لم يتمكن أخاه النجاة من غرقه، يعلم “معتز” بقدر عشق أخاه لها ليفوق من شروده على اصطدمه بـ “شيماء” فتاة فى منتصف العشرينات ترتدي بنطلون أزرق فضفاض وتيشرت بكم ابيض اللون فوقه البلطو الابيض الخاص بها، محجبة بحجاب ازرق بها بعض الخطوط البيضاء، لديها زوج من العيون البندقية وبشرة بيضاء إلى حد ما خالية من مساحيق التجميل بأستثناء احمرار الشفاف والكحل يزين عينيها يزيدهما جمالًا، فتاة طويلة إلى حد ما رغم قصرها مقارنة به بأرتداها حذاء رياضي دون كعب ونحيفة الجسد ،فقال مُعتذرًا:-
– أنا آسف
تذمرت بغضب وهى تمسك كتفها:-
-آسف أيه بس أنت خلعت كتفى
ضحك رغم همه وقال:-
-ههه بجد مخدتش بالى
تطلعت به شاب يملك من العمر 26عام لديه زوج من العيون الخضراء الخلابة كالطبيعة وشعر اسود كثيف يرفعه للأعلى بدون لحية، طويل القامة وليس بسمين او نحيف لكن جسده ممشوق كلوحة فنية، مُرتدية بنطلون اسود وقميص رمادى، تحدثت بأستسلام للأمر ويأس:-
-حصل خير هى جت عليك
نظرت للطفل الواقف خلف العمود يختبيء منها، اخرج لسانه لها بعناد وقال:-
-بردو مش هاخد الحقنه
ركضت خلفه صارخة به وهى يركض ببهو المستشفى وسط المرضي، تبسم” معتز”وذهب إلى وجتهه حيث غرفة أخاه
☆☆☆☆☆☆☆☆
أستيقظت “نور” ووجدت نفسها نائمة على الأرض وأمامها والدها فقالت بينما تعتدل فى موضعها:-
-صباح الخير يا كابتن
ضرب راسها بلطف وهو يقول بضجر :-
– صباح الزفت على دماغك يا أخرة صبرى، أيه يا بت اتعالجى… هو كل يوم أقوم من نومى مفزوع على وقوعك ده
مسحت وجهها بكفيها فقد أعتادت على هذا الوضع وقالت:-
-خليها عليك بقى، عامل ايه
– كويس
تبسمت بعفوية وهى تقول بمكر:-
– لا أنت فهمت غلط أنا قصدى عامل فطار ايه؟
ضرب رأسها ثم ذهب من أمامها لتقف وتركض خلفه تقول بدلالية:-
-خد بس دا أنا بحبك يا أبو على….
☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆
____ مستشفى الأمل التخصصي ____
تلقى صدمة أخرى وقعت على عقله كالحجر فصرخ بهما جميعًا قائلًا:-
– يعنى ايه ها، حد يفهمنى اللى بتقوله
اجابه “سيف” بنبرة هادئة:-
– اهدا يا أستاذ مروان
نظر “مروان” له ثم لأهله وكانت “هاجر” الممرضة قصيرة القامة ومحجبة واقفة خلف “سيف” بزي عملها ، صرخ به بصدمة:-
– ابعدوا عنى .. يعنى أنا بقيت عاجز، خلاص أتشلت وهعيش عبء على الكل، أنتوا اكيد بتهزروا
صمت قليلًا ليفكر بمحبوبته التى تركت يده ورحلت قبل أن تحاول معه، تركته بمحنته قبل أن تنال شرف المحاولة، أختارت الطريقة الأسهل والأقصر لها لكن بالنسبة لها ربما يكون طريق الهلاك والموت، أخذته إلى اول طريق الحجيم وتركت يده هناك وحيدًا، تمتم “مروان” بضعف وحسرة:-
– طب ما ليها حق تسبنى يا معتز،انا عاجز مين هترضى تجوز واحد عاجر ولا تعاشر واحد قاعد على كرسي، ليها حق تسبنى…. سيبونى لوحدى.. أطلعوا برا
صرخ بهما جميعًا فأشار “سيف إلى” هاجر” لتحقن المهدى بالمحلول الطبى وخرجوا جميعًا، وقف “سيف” مع “أمنية” و “معتز”، وكانت” أمنية” فى حالة شبه انهيار من البكاء على ابنها وقال:-
-أنا عارف أن حالته النفسية صعبة جدا الله يكون فى عونه بس بالطريقة دى العلاج مش هيعمل نتيجة، نفسيته مهم جدًا
-حضرتك تقصد أيه؟
قالها “معتز” بعدم فهم ليتابع “سيف” :-
– أنا بنصح نعرضوه على دكتور نفسى
اخرج بطاقة عمل من جيبه وأعطاها لهم وهو يقول:-
– لو حبيته دا الكارت بتاع دكتور أعرفه
أخذ “معتز” وهو يقرا البطاقة :-
– نور حسن الراوى
☆☆☆☆☆☆☆☆☆
____ “مصحة الأمل للأمراض النفسية والعصبية” ____
خرجت “نور” من كافتيريا حاملة بيدها كوب ورقى من القهوة وتتحدث بالهاتف مع “حسن” بسعادة
– ايوه بقا هاتلى شغل عندكم كدة، لأحسن القاعدة فى المصحة دى هتحولنى على مصحة الأمراض العقلية مش النفسية
– أدعى انهم يوافقوا ويكلموكِ
تبسمت وهى تنظر للأعلى بترجى وقالت:-
-يا رب أنت عالم بحالى مع المدير المجنون دا
– هههههه صحيح مش لاقيت شارى محترم من اللى قلبك يحبه للعيادة
توقفت قدميها عن الحركة وصرخت بفرحة عارمة:-
– قول وربنا
– وربنا
وصلت لمكتبها فرأت مريض بأنتظارها لتقول:-
– طب خلاص أنت المفتاح معاك، خلص وقولى عملت ايه،، ودلوقت يؤسفنى اقولك أنى قفلت فى وشك
اغلقت معه الخط وبدأت عملها كالمعتادة….
☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆
___ مستشفى الأمل التخصصي ___
كان “مروان” جالسًا بفراشه وينظر للجهة الأخرى مُتجاهلًا النظر لهما، كانت والدته و”معتز” جالسين على الاريكة ينظروا له مُتعجبين صمته، يخشى كلاهما صمته وخوفه فكيف سيخبراه بعرضه على طبيب نفسي، ناداته والدته بهدوء:-
– مروان
لم يجيب عليها وكأنه فى عالم غير العالم ولا يراهما أو يسمع حديثهما، همس “معتز” فى اذنها بقلق:-
– هنعمل ايه دا هيأكلنا لو عرف
نكزته “أمنية” فى خصره وقالت بتحذير:-
– هههششسش اسكت
☆☆☆☆☆☆☆☆
وصلت “نور” للمستشفى بسعادة، كم تعشق المجيء إلى هذه المستشفى أكثر من المصحة رغم أن كلاهما ملك لنفس المدير لكن هنا اصدقاءها يهونوا الأمر عليها قليلًا، سمعت صوت “هاجر” :-
– واحشنا والله يادكتورة
– اهلا يا نشرة الأخبار
سارت “هاجر” بجوارها حاملة بعض الاوراق وبدأت تنشر لها الأخبار كعادتها:-
-فاكرة الحادثة اللى حصلت من عشرة ايام، اللى حكتلك عليها
أومأت “نور” لها بنعم فتابعت “هاجر” بعفوية:-
– هو الواد ده، يعنى اللى هتعالجيه، اتجنن
توقفت “نور” عن السير وأستدارت لها غاضبة لتقول:-
– أولاً ده مش جنان، ثانيًا أتفضلى ابعتلى مامته أنا فى المكتب عند سيف، وبطلى رغى شوية ها
أردفت “هاجر” بإحراج:-
– حاضر
دخلت “نور” مكتب “سيف” لتراه جالسًا ينظر لأشعة فقال فور رؤيتها:-
– نورتى يا قمراية، يخربيتك أنتِ قصيتى شعرك
تبسمت له وهى تغلغل أصابعها فى شعرها القصير فقد بترت طوله حتى وصل إلى عنقها يكاد يداعب كتفها وقالت بعفوية:-
– الأكتئاب اللى جايلى من المدير المتخلف دا يعمل أكتر من كدة، بس ايه رأيك
– حلو يا مجنونة، بصى يا ستى عشان عندى شغل، مروان ده بقى الحادثة قصرت على رجله وفقد حركة المشي لكن فى امل بالعلاج الطبيعى كدة و لفترة هيستعمل عكاز وتقريبًا مش هيمشى طبيعى تانى ودى فى حد ذاته صدمة بالنسبه له بس هو مش متقبل أى علاج وعصبيته بتزيد يوم عن يوم بخلاف خسارة شركته وطبعًا بعد اللى حصل حبيبته سابته، اعتقد كم الصدمات اللى نزلت عليه فى ايام معدودة دمرت نفسيته
سألته وهى تجلس على سرير المرضي بمكتبه:-
– مبياخدش علاج ولا جسمه رافض
سيف: لا بياخد وكمان كمية مهدئات كتير
أومأت له بنعم ودق الباب يقطع حديثهما وولجت “أمنية” ،وقف “سيف” وأشار على “نور”:-
– أعرفك دكتورة نور
دهشت”أمنية” بتعجب وهى تمقن “نور” بنظرها :-
– دكتورة!! أنا فكرتك دكتور
سألته “نور” بفضول:-
– هتفرق يعنى
هزت “أمنية” رأسها بالنفي وقالت بلهجة حزينة:-
– لا يا بنتى، أنا يهمنى علاج ابنى
أستاذن “سيف” للذهاب وتركهما فجلس على المكتب وتبسمت “نور” بسمة خافتة ربما تطمئن قلب هذه الأم بأنها ستعالج ابنها بالتأكيد
قصت لها “أمنية” ما حدث مع ابنها بالتفاصيل دون ترك واحدة تسهو عنها، أستمعت “نور” لحديثها وهى تتذكر كيف رات هذه المرأة منهارة من قبل على ابنها فتبسمت وقالت:-
– متقلقيش يا أمى، أنا هرجعلك ابنك زى ما كان وأحسن
– أنا ابنى مش هيقبل وجود دكتور نفسي له
تبسمت “نور” بعفوية وقالت بمرح:-
– ومين بيقبل يقف قدام المرأة ويقابل صورته اللى تواجهه، الدكتور النفسي زى المرأة أنتِ بتضطر تحيكيله كل تفصيلة فى حياتك عشان يعالجك، تحكيله وجعك وحزنك وخوفك لأن مهمته أنه يخليكى تتغلب على خوفك وتتجاوز الحزن، مين فينا يقبل أن حد يعري اوجاعه… بس عموما متقلقيش أنا صبرى طويل ويمكن أكون بنت بس شاطرة فى شغلى ودا مش غرور دا بشهادة المرضي بتوعى
تبسمت “أمنية” بعد أن سكن قلبها القليل من الطمأنينة
☆☆☆☆☆☆☆☆☆
مر “سيف” و”شيماء” فى احد الرواق وقالت بحزن :-
-ياحرام وجابله دكتور
تبسم بغرور ثم قال:-
– دى نور، الصراحة الواد دا غايظنى هو والبت اللى كانت معاه فأنا لما جاتلى الفرصة مترددش لحظة وجبتله اللى هتجيب اجله
قهقهت “شيماء” ضاحكة عليه وقالت:-
-هى فعلا هتجيب أجله، ملاقتش غير نور
– يلا هو طيب ويستاهل
☆☆☆☆☆☆☆
جلس “معتز” بأرتباك مع أمه فى الغرفة يراقبوا عن كثب، القلق يجتاحه بعد ان اخبرته والدته بوصل الطبيبة النفسية لـ “مروان” وربما تكن فى طريقها إليه الأن، هو إذا علم بما يفعلوا دون علمه سيجن جنونه وربما يقتلهما، فتح الباب ودخل سيف وخلفه “نور” …..
يتبع…
لقراءة الفصل الثالث : اضغط هنا
لقراءة باقي فصول الرواية : اضغط هنا

اترك رد

error: Content is protected !!