روايات

رواية وقبل أن تبصر عيناك الفصل الرابع والعشرون 24 بقلم مريم محمد غريب

  رواية وقبل أن تبصر عيناك الفصل الرابع والعشرون 24 بقلم مريم محمد غريب

رواية وقبل أن تبصر عيناك البارت الرابع والعشرون

رواية وقبل أن تبصر عيناك الجزء الرابع والعشرون

رواية وقبل أن تبصر عيناك الحلقة الرابعة والعشرون

_ خذلان ! _
جلس “سالم” بين أخيه الأوسط و أمه محركًا مسبحته بين أنامله و هو يقول بثباتٍ :
-إنت خاطرك على راسي ياخويا. ماتتصوّرش لحظة إني ممكن أجي على كرامتك أو كرامة بنتك.. بس طالما إنت مش قادر تمشي مع أخوك للآخر و تحط ثقتك فيا و إنت مطمن زي ما قولتلك.. يبقى خلاص يا إمام
إللي إنت عاوزه أنا هاعمله.. لو تحب مصطفى يطلق فاطمة حالًا هايحصل !
عكست آشعة شمس الظهيرة المتوهجة عبر نافذة الصالة ملامح أكثر إحتدامًا على وجه “إمام”.. بينما يرد على أخيه الأكبر بعصبيةٍ مفرطة لأول مرة بحياته :
-و إنت جاي بعد ما حصل ده كله تقولي الكلام ده ؟
بعد ما فتحت لابنك الباب و دخلّته على بنتي عافية جاي دلوقتي تقولي طلاق يا سالم ؟؟؟؟
و بنتي خلاص كده حالها يقف طبعًا و تبقى جوازة و إتحسبت عليها !!!!
تأفف “سالم” بضيقٍ واضح و صار لم يعد له من الطاقة ما يكفي لتهدئة شقيقه، بعد أن قضى ليلةٍ عصيبة، لم ينم بها أحد حتى هو لم يغمض له جفن
حتى مخزون صبره قد نفذ …
-أخوك بده يريحك يا إمام ! .. قالت السيدة “دلال” هذه الجملة بصوتها الخشن
و أردفت متكئة بيديها للأمام على عصاها الصقيل :
-إللي حصل كان كبير أوي. و لو هاتاخد رأيي يابني هقولك الحق مصطفى غلطان و مش غلطان.. غلطان إنه إتهم بتك بالباطل و مراعاش حرمة أهله و لا سمعتنا كلنا. و في نفس الوقت مش غلطان عشان عمايل فاطمة إن ماكانتش دلع مرئ زي ما بيقولوا ف هي سوء تربية. إنت و أمها تتلاموا عليها. أي بت بتتجوز أمها بتقعد توعيها و تفهمها الليلة بتمشي إزاي و البت بتستوعب و تنفذ كلمة أهلها و تطاوع جوزها عشان نفسها قبل الكل.. إنما فاطمة يا إمام ماعجبتنيش. و مصطفى راجل إنه ماعداش الليلة منغير ما يدخل عليها زي ما كنتوا عايزين.. لو هالوم عليه ف هايبقى عشان الطريقة و الكلام إللي قاله بس
لكن غير كده أقولها في عنيك و في ضهرك.. مصطفى راجل !
عند كل كلمة خرجت من فاه العجوز كان “إمام” يتلقّى ما يشبه اللكمة …
ظل ينظر لأمه شاخصًا ببصره دون أن يرفرف له رمش.. ثم لم يلبث أن أشاح بوجهه دون أن ينبس بكلمة لشدة شعور القهر الذي ملأه
في المقابل أحس “سالم” بذلك جيدًا، ليعود و يقول من جديد محاولًا التهوين على أخيه :
-إمام. إسمعني ياخويا.. أنا حاسس بيك كويس أوي. صدقني ..
قطب “إمام” حاجبيه بشدة ممعن تفكيره بعبارة أخيه
أيمكن أن يكون كذلك حقًا ؟ هل يشعر بما هو فيه الآن ؟ هل لديه أدنى فكرة عن عمق شعوره بالعار !
لم يكن ذاك العار المتوقع الذي مبعثه أحاديث أهالي الحي منذ ليلة أمس عن إبنته و الذي سمعه بأذنيه، بل كان عاره من نفسه هو.. بعد كل ما حاق بفتاته.. فلذة كبده… على مرآى و مسمعٍ منه
ما برح يسأل نفسه بعد وقوع تلك الفاجعة.. كيف أنه وافق على هذا الهزل ؟ كيف رضخ لأوامر أخيه و إرتضى بالإهانة و القهر لإبنته ؟
علمًا بأنه لم يشك للحظة بطهرها.. لم يصدق ما أدلى به “مصطفى” من إتهامات بشأن عفتها… مع ذلك تصرف بمنتهى الاستهانة و الضعف
أظهر عجزًا رغم أنه قد إتخذ القرار، لكن سرعان ما تراجع عنه و سمح بتنفيذ حكم الإعدام بابنته، يقر و يعترف بأنه كان أول جلاد إغتالها في تلك الليلة، خان ثقتها فيه، هدم بناء الحماية فوق رأسها، قضى على إيمانها به
إنه يدرك تمامًا بأنه مهما فعل لن يعوض عليها ما حدث، و لن يفلح بإستعادة مجرد نظرة الاحترام منها مجددًا.. لقد خسر إبنته بالفعل
فهل يشعر “سالم” حقًا به ؟؟؟؟
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°
قبل خمسة عشر ساعة …
وقف أهالي الحي جميعهم أمام منزل عائلة “الجزار”.. أغلبهم يقف أسفل نافذة شقة “مصطفى الجزار”
كانت علائم الفزع و الذهول تسود وجوههم على حد سواء و هم يسمعون صراخ مصمّ أيقنوا بسهولة بأنه صراخ “فاطمة”.. في البداية ظنوا أن الأمور طبيعية بل و تضاحكوا و تهامسوا فيما بينهم بأن العريس لا بد و أنه يعمد إلى بعض المناوشات الحميمية مع زوجته
يتعمد إستخراج هذه الأصوات منها كدليلٍ و إثباتٍ معلن و مسموعٍ عن رجولته، مثل بعض الرجال الذين يفتخرون بذلك… لكن الآن !
بعد أن إزداد الصراخ حدة، و في نفس الوقت المنزل و قد خيّم عليه جوًا مريب من الصمت و السكون، لم يعد أحد بالوسط.. العائلة قد إختفت… حينها تصاعد القلق بين الجميع
فلم يبارح أحد مكانه، فضولًا و ترقبًا، بقوا حتى النهاية
إلى أن هدر زمور سيارة الإسعاف و إقتحمت الحي بتنسيقٍ مسبق من رجال الأمن الموزعون عند الحدود الخارجية، أخيرًا ظهر فرد من العائلة، و قد كان أصغرهم.. “حمزة الجزار”… نزل راكضًا ليرشد طاقم الأطباء الكامل الذي بعث والده في طلبه بشكلٍ فوري و عاجل …
-حمزة. ولا يا حمــــــزة !!! .. هدر ذلك النداء من صدر الجدة “دلال”
حيث كانت تجلس فوق مقعدها المتحرك أمام باب شقتها من الداخل، فاستوقفت حفيدها الذي شرع بالصعود خلف طاقم الأطباء …
-أيوة يا ستي ؟
دلال بقلقٍ عاصف :
-في إيه فوق يالا ؟ مين إللي بيصوت كده ؟؟؟
-ماعرفش يا ستي.. و الله ماعرفش أي حاجة
-الإسعاف دي طالعة عند مين ؟ أبوك جراله حاجة يا واد ؟؟؟؟
طمأنها على الفور :
-مش أبويا يا ستي أبويا كويس. دي فاطمة !
ضربت “دلال” على صدرها صائحة بشحوبٍ :
-يلهوي فاطمة !
مالها جرالها إيــه ؟؟!!!!
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°
-لأ كده مش هاينفع !!!
ندت هذه العبارة المختلطة بالصراخ الباكي عن السيدة “نجوى” و هي تجلس عند رأس إبنتها
-بنتي لازم تروح المستشفى !
كانت “فاطمة” ترقد بمنتصف الفراش جامدة، متصلّبة، عينيها مفتوحتان و لكنها لا تتحرك و تكاد لا تتنفس، كما لو أن إغماء متيّبس قد أصابها
كانت تنزف بشدة أيضًا لدرجة أن الملاءة التي لفتها أمها حول جسمها لتستر عريها تلطخت نصفها بالدماء..و الكارثة أن النزيف لا يكف أبدًا …
-حرام عليكوا بنتي بتضيع مني !!! .. أضافت “نجوى” بصراخٍ أشد محاولة تحريك شيء في الأصنام الذين يقفون حولها
و لكن جاء رد “سالم” قطعيًا :
-فاطمة مش هاتخرج من بيتها يا نجوى.. أحسن دكاترة بعت أجيبهم لحد هنا. خلاص وصلوا. مش عاوز أسمع كلمة زيادة بقى !
مجبرًا كان “مصطفى” يجلس وحيدًا بالصالة، يستمع بقلق و خوف شديدين إلى تعليقات عائلته حول حالة زوجته.. كان هلعه من أن يصيبها مكروهٍ يعتصر فؤاده… رغم أنه يعلم بأن أيّ شيء قليل بالنسبة لها بعد الذي فعله بها
لكن… لا يمكنه تحمل الفكرة.. فكرة خسارتها
لتعش و تغدو على ما يرام فقط، و هو لا يريد منها أيّ شيء آخر، حتى يرى كيف يمكنه أن يعوض عليها ما أنزله بها !!!
عندما حضر طاقم الأطباء و دخلوا إليها آمرين الجميع بالخروج عدا والدتها و امرأة عمها.. السيدة “عبير” التي أصرت على البقاء لمساندتها
لم يستطع “مصطفى” منع نفسه من الاقتراب قليلًا من باب الغرفة علّه يلتقط أيّ عبارة تطمئنه، لكن “علي” كان له بالمرصاد.. إذ وقف بوجهه محدقًا فيه بنظراتٍ ضارية صرف… منذرًا إياه بأنه إن فكر فقط بالاقتراب خطوة أخرى من شقيقته فأنه هالك هذه المرة لا محالة !
في المقابل لم يتوّسم “مصطفى” في نفسه الجرأة ذاتها التي كان يتحلّى لها قبل ساعة من الآن، بل كان الخزي يغمره من رأسه لأخمص قدميه، فما كان منه في الأخير إلا أن إنزى بعيدًا في إنتظار خروج الأخبار مثله مثل بقية أفراد عائلته …
-هاتبقى كويسة إن شاء الله ! .. قالها الطبيب الشاب مطمئنًا الوالدة المذعورة
بينما كان مساعده يعلّق لها محلولًا، و زميلته الأخرى تجري فحص نسائي أخير على الفتاة التي لا تزال مجمّدة كما هي …
ردت “نجوى” مناطحة إياه بانفعالٍ :
-هاتبقى كويسة إزاي يا ضاكتور ؟ إنت مش شايف البت ؟ دي لا بتصد و لا بترد.. و النزيف ده …
قاطعها الطبيب بهدوءٍ متمرس :
-يا حجة النزيف ده سببه ضغط نفسي. و إللي هي فيه ده كمان راجع لنفس السبب. آه النزيف شديد عشان كده الدورة الدموية بطيئة و مافيش دم كفاية واصل لمخها. عشان كده هي في حالة إغماء نصفي.. المحلول ده …
و أشار لها بسبابته للكيس الشفاف المعلّق فوق رأس إبنتها و أردف :
-وظيفته إنه يوقف النزيف فبالتالي شوية و هاتفوق و تبقى تمام. بس نصيحتي تطلبوا إستشارة نفسية في أقرب وقت.. أنا مش ملم بالظروف لكن إللي حصل ده مش مؤشر خير !
و إنتهى الطبيب من عمله موصيًا ببعض الملاحظات، ثم خرج إلى بقية العائلة و كرر نفس الكلمات على مسامعهم، ثم رحل بعد أن تلقّى شكرًا و مبلغًا وفيرًا من “سالم الجزار” …
و بالفعل تحققت تكهناته، بعد بضعة دقائق قليلة بدأ الوعي يعود تدريجيًا إلى حواس “فاطمة”.. و دبت الروح فيها من جديد
فكان أول ردة فعل لها هي البكاء المرير و الرفض التام للجميع، حتى والدتها التي عرضت عليها حضنها، دفعتها بقواها الواهنة و هي تصرخ بضعفٍ :
-إوعــــــي.. إبعدي عني.. إبعدوا عني كلكوا.. مش عاوزاكوا.. مش عاوزة حد… إبعدوا عني.. أنا بكرهكوا.. بكرهكوا كلكوا.. بكرهكوا كلكوا …
و تحت إصرارها و تجنبًا لإثارة أعصابها رضخت “نجوى” لإرادتها و ابتعدت عنها …
وحدها “عبير” التي سمحت لها “فاطمة” بالاقتراب منها و الارتماء بأحضانها، ثم أخيها “علي”.. رغم أنها أبدت ترددًا بالبداية… لكنها لم تقاوم ذراعاه حين إمتدا نحوها ليحيط بها ضامًا إياها إلى صدره برفقٍ
إنتحبت “فاطمة” بحرقةٍ بين طيات قميصه و غمغمت بصوت يكاد يسمع :
-طلعني من هنا يا علي.. عشان خاطري ماتسبنيش هنا.. ماتسبنيش معاه !
أومأ “علي” برأسه وذقنه مسنودًا فوق شعرها، و همس لها بحنوٍ :
-ماتخافيش يا بطة.. أنا مش هاسيبك تاني خلاص.. محدش يقدر يجي جمبك تاني و أنا موجود. على جتتي لو حد فكر يجي جمبك تاني !
و تركها لبرهةٍ رغم أنها لم تكن توده أن يتركها، أرادت أن تتشبث به، لكن لم يعد لديها أيّ قوة.. بينما قام “علي” لينزع كيس المحلول الفارغ من يدها
ما دفع “سالم” لسؤاله بهدوئه المعهود :
-بتعمل إيه يا علي ؟
نظر له “علي” مجيبًا بحزمٍ يغلفه أدب :
-فاطمة مش هتقعد مع مصطفى تحت سقف واحد بعد إللي جرى يا عمي.. أنا هاخد أختي من هنا
-هاتوديها على فين بقى بالشكل ده ؟!
-هاتوها عندي ! .. برز هذا الاقتراح المتلهف من فم “عبير”
و أكملت مستجدية موافقة “سالم” :
-أنا و عبد الله قاعدين لوحدنا.. و أنا مافيش عليا أي مسؤوليات. يعني هابقى فاضية لفاطمة و هاخلي بالي منها كويس.. لحد ما نفسيتها تتظبط و تتقبل الكل من تاني !
قالت جملتها الأخيرة مصوّبة نظرة عتاب شديد نحو “نجوى” التي أبقت رأسها منكسًا تبكي في صمت …
-أنا موافق ! .. جاءت الموافقة بصوت “إمام” هذه المرة
إستقطب جميع النظرات و هو يضيف بصرامةٍ :
-هاتنزل عند عبدالله و عبير لحد ما نفسيتها تهدا.. يلا يا علي. شيل أختك و طلعهالي من هنا !!
لم ينتظر “علي” لحظة أخرى و إنحنى مدخلًا ذراع أسفل ركبيتيّ أخته، و الآخر حول كتفيها، ثم حملها بخفة و سهولةٍ كما هي ملفوفة بالملاءة المدماة
و أمام نظرات الجميع.. أمام نظرات “مصطفى” المتحسرة و العاجزة… خرج “علي” بأخته “فاطمة” من باب الشقة في إثره جميع العائلة
عدا “هانم” و “سالم” …
الإثنان بقيا يقفان أمامه وجهيهما يتخذان نفس التعبير الغاضب المسوّد !!!
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°
الآن …
-لأ ! .. نطق “إمام” منتفضًا بمكانه بغتةٍ بعد أن داهمته ذكريات الليلة الماضية كلها في ومضاتٍ قصيرة حفزت غضبه كله مرةً  احدة
أجفل “سالم” محملقًا به بغرابةٍ، ليستطرد “إمام” من أعماقه الممزقة و المرارة المنفعلة تكتسح لهجته و نظراته :
-عمرك ما هتقدر تحس بيا يا سالم. عمرك ما هاتعرف الإحساس ده.. أنا خذلت بنتي. كان بإيدي أثبت برائتها بطريقة تحفظ كرامتها و نفسيتها. لكن بدل كده كنت جبان. كنت جبان قدامك لأني ماتعودتش أردلك كلمة.. قولتلي حط ثقتك فيا. و كنت فاكرك هاتخاف على بنتي. بس إنت عملت إيه ؟ نصرت إبنك عليها. إنت كمان خيبت أملي فيك. كنت متوقع لما تسمع إبنك بيقول كلام زي ده على بنت أخوك.. إنك تأدبه. تقتـــله إللي بيخوض في شرفنا كلنا. إنت أكتر واحد عارف فاطمة. إنت مربيها. معقولة تصدق عليها الكلام ده ؟ فاطمة العيلة الصغيرة إللي مابتسيبش ضلي و لا ضل أمها. خاطية يا سالم ؟؟؟
لو كانت سلمى بنتك دي. كنت وافقت يحصلها كده ؟ كنت إستحملت تقعد ورا باب أوضة و تسمعها بتصرخ بالطريقة دي من واحد حتى لو كان جوزها ؟؟؟؟
ردددد عليا يا سالم قولي ممكن تقبل على سلمى كده ؟؟؟؟؟
بقى “سالم” صامتًا بعد سماع حديث أخيه هذا، بقى جامدًا بلا حراك و كل ما ملأ ذهنه هي الصورة التي وصف بها أخيه وضع “سلمى” لو أنها كانت بمكان “فاطمة” …
لا إراديًا إستحالت تعابير وجهه المنفرجة إلى خطوط متقلصة و مشدودة مع إستمرار التصوّر، ألهبت الدماء بشرته و أخيرًا دفعه الغضب الكامن بدواخله _ و الذي طفا الآن على سطح مشاعره _ للقيام فجأة و الصياح بغلظةٍ :
-حمــــــــــــزة !!!!
تطلع إليه “إمام” بوجومٍ، بينما أمه بريبةٍ… ليقول هو بحزمٍ جازم :
-ماكنتش محتاج تجيبها في سلمى يا إمام.. قولتلك فاطمة بنتي.. و دلوقتي هاتشوف حق بنتي هاخده إزاي. حتى لو من إبني !
_______________
قضت الليل كله متكوّمة بين أحضان زوجة عمها، متشبثة بتلابيب جلبابها كطفلةٍ تستجدي ملجأٍ و أمان من العالم بأسره.. و للعجب… وجدت في حضن هذه السيدة ما لم تجده قط بحضن أمها
لم تستطع “فاطمة” خلال هذا الوقت كله سوى أن تتمنهى لو إن “عبير” هي التي كانت أمها …
و لكنها لم للأسف لم تعد تؤمن بالأمنيات، لم تعد تؤمن حتى بالأحلام، بل هذا الكابوس فقط سيرافقها حتى قبرها
إنتفضت “فاطمة” بقوة مرعوبة حين سمعت جرس الباب، لتهدئها “عبير” فورًا رابتة على كتفها :
-إسم الله عليكي يا حبيبتي.. ماتخافيش يا بطة. ماتخافيش يا حبيبتي. ده الباب بيخبط.. أنا هاروح أشوف مين و جيالك بسرعة. ماتخافيش خالص يا قلبي !
و لكن “فاطمة” أبت أن تتركها، و عادوتها نفس الحالة البائسة العقيمة فطفقت تبكي مجددًا و لا إراديًا …
لتبقى “عبير” مكانها حائرة و عاجزة عن التصرف.. فإذا بها تتفاجأ بدخول “حمزة” برفقة زوجها… دفعتها غريزتها لإحاطة “فاطمة” بذراعيه و هي تسأله بقلقٍ :
-في إيه حمزة ؟ عايز حاجة يا حبيبي ؟!!
كان عبوسًا متجهم يسود وجه الأخير و هو يرد عليها باقتضابٍ وجيز :
-أبويا باعتلك يا مرات عمي. بيقولك طلعي فاطمة على الشباك.. عاوزها تشوف حاجة !
يتبع…..
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على (رواية وقبل أن تبصر عيناك)

اترك رد

error: Content is protected !!