Uncategorized

رواية عشتار وجلجامش الفصل التاسع 9 بقلم حسن المصوف

   رواية عشتار وجلجامش الفصل التاسع 9 بقلم حسن المصوف

رواية عشتار وجلجامش الفصل التاسع 9 بقلم حسن المصوف

رواية عشتار وجلجامش الفصل التاسع 9 بقلم حسن المصوف

بعد أن قام الشنفرة بتذكير عشتار بابن عمها طالوت وكيف كسرت قلبه حين تزوجت جلجامش أصيبت عشتار بالحزن وهي سجينة مع الشنفرة في فقاعة داخل إناء ضخم وكان المارد يضيف فقاعة أخرى بين الحين والآخر حتى قرب الإناء على الإمتلاء
مع أن الشنفرة كان في وضع لايحسد عليه إلا أنه كان سعيداً نوعاً ما،، فعشتار في حجره 
قال الشنفرة:
أنا آسف ياعشتار يبدو أنني أصبتك بالحزن حين ذكرت طالوت لكن بحسب ماسمعت منك أن هذا الرجل ذكي جداً وتذكره هو الذي أنقذنا من الجزيرة ووددت لو أنه قد قال شيئاً عن المردة يساعدنا فيما نحن فيه
لمعت عين عشتار وقالت:
هو لم يقل شيئاً عن المردة لكنه قال شيئاً عن الفقاعات
ها.. ماذا قال!!
أتذكر مرةً كنا في نتمشى على الشاطئ أنا وإخوتي وطالوت 
كنت سرحة في زبد البحر وأفكر كيف يتكون 
وبالطبع كان طالوت من لديه الإجابة كالعادة
“زبد البحر هو عبارة عن فقاعات متجمعة
ولكي نفهم كيف يتكون زبد البحر لابد أن نعرف كيف تتكون الفقاعات
تتكون الفقاعات عن طريق خلط سائل كالماء مع الغاز تحت ضغط أو رج. وفور إزالة ذلك الضغط أو تخلخله، يندفع الغازإلى الخارج، ليشكِّل الفقاعات التي تتجمع لتكون الرغوة. وتختلف خواص تلك الفقاعات تبعاً لنوع الغاز المستخدم، ووجود مواد مضافة إلى الماء، ففي المشروبات الغازية مثلاً يضاف غاز ثاني أكسيد الكربون الذي يشكِّل فقاعات متماسكة
الفقاعات الناتجة عن وجود الصابون في الماء على سبيل المثال تتكون من غشاء مائي يحيط به غشاء من جزيئات الصابون مما يكسبها صفة التماسك
قال الشنفرة بتعجب:
لم أفهم ماقلته للتو ولاأظن أنه سيفيدنا فيما نحن فيه!!
قالت عشتار وهي مشحوذة الذهن:
أي فقاعة هي عبارة عن طور غاز بداخل طور سائل يعني الطبقة الخارجية للفقاعة هي عبارة عن سائل ما،، وداخل هذا السائل غاز، أنا لا أعرف السائل الذي استخدمه المارد في صنع هذه الفقاعة لكن الغاز الذي داخل الفقاعة هو لاشك الهواء لذلك استطيع أن اتنفس
حسناً وماذا بعد…
أنت لاتستطيع التحرك لأن المكان ضيق هنا لكن ماذا لو قمنا بتوسيع الفقاعة وتكبيرها!!
قال الشنفرة بدهشة:
توسيع الفقاعة!! وكيف سنفعل ذلك؟
أنت لاتستطيع التحرك لكنك تستطيع تحريك يديك بسرعة صح؟ عليك أن تقوم بفرك يديك ببعضمها البعض بسرعة كبيرة جداً 
أستطيع عمل ذلك لكن ماذا سنستفيد من ذلك!!
حين تقوم بفرك يديك بسرعة كبيرة ستتولد حرارة جراء احتكاك يديك ببعضهما البعض وحين تزداد هذه الحرارة ستشتعل يديك
ضرخ الشنفرة مدهوشاً:
تريد مني أن أحرق يدي!!
أما أن تحرق يدك أو تكون وجبة في بطن المارد لاخيار لديك ياشنفرة 
آه .. اكملي أريد فهم خطتك
حين تشتعل يديك سيتشكل غاز ثاني أكسيد الكربون جراء الدخان المصاحب للحريق ولأننا محصورون في مكان مغلق سيقوم الغاز بتمديد الفقاعة وحين تتمدد الفقاعة للمقدار الذي تستطيع الطيران فيه عليك أن تحملني وتنطلق طائراً بسرعة
يالها من فكرة مجنونة ياعشتار أتعلمين أنك لن تستطيعين التنفس إن انتشر الدخان في الفقاعة
أعلم ذلك لن استطيع التنفس لأن غاز ثاني أكسيد الكربون سيقتل الأكسجين لكنني سأعتمد على سرعتك ياشنفرة فسرعتك موازية لسرعة الضوء
لم يكن الشنفرة مقتنعاً بخطة عشتار لكنه شرع بتنفيذها فوراً حين قام المارد برفع الإناء،، يبدو أن موعد وجبته قد حان
أخذ الشنفرة يفرك يديه ببعضهما البعض بسرعة رهيبة وفعلاً بدأت يداه تشتعلان وبدأ الدخان يملأ الفقاعة 
سيطر غاز ثاني أكسيد الكربون على الأكسجين داخل الفقاعة 
دخلت عشتار في نوبة من الكحة وبدت عيناها حمراوتان فيما استمر الشنفرة في فرك يديه بسرعة
رفع المارد الإناء ورمى بكل مافيه داخل فمه…
غابت عشتار عن الوعي…
مازال الشنفرة يعمل بجد…
كانت الخطة أن تتمدد الفقاعة حتى يستطيع الشنفرة أن يطير لكن كانت المفاجأة ما إن تم قتل الأكسجين داخل الفقاعة حتى انفجرت الفقاعة لكن كان الاثنان في فم المارد 
بسرعة قبض الشنفرة على عشتار وانطلق طائراً بكل ما أوتي من قوة
اخترق الشنفرة حلق المارد وطار بعيداً جداً 
بعد طيران الشنفرة مبتعداً عن المارد بوقت قليل حدثت فوهة في حلق المارد سببتها أشعة غاما التي كانت تحيط بالشنفرة حين يطير أخذت الدماء تسيل من حلق المارد بشكل رهيب
أفاقت عشتار وهي بين يدي الشنفرة وهو يمشي مزهواً بنجاحه والمارد كان ينهار كشجرةٍ عملاقة خلفه
صرخت عشتار:
مالذي حدث؟؟
لا أعلم لقد انفجرت الفقاعة فجأة يبدو أن السر كان في الهواء ما إن اشتعلت النار حتى انفجر
قالت عشتار وهي تهذي:
تقصد السر في ثاني أكسيد الكربون حين تغير المحيط من الأكسجين لثاني أكسيد الكربون انفجرت الفقاعة
غابت عشتار عن الوعي فيما ابتسم الشنفرة وهو يحمل عشتار وقال:
يبدو أنك تشبهين طالوت ياعشتار ههه
في هذه الأثناء كان طالوت واقفاً أمام صنم التنين ذو ثلاثة رؤوس وهو يفكر 
” التنين هو عبارة عن تمثال له ثلاثة رؤوس قال يارخ ان الرأس الأحمر ينفث اللهب والرأس الرمادي ينفث الدخان والرأس الأبيض ينفث الثلج لكنه صنم جامد إذن لابد من فعل شيء ما حتى يستيقظ هذا التمثال ويتحرك لكن لو تحرك سيهاجمني لاشك لابد من فكرةٍ ما”
ترك طالوت التنين ومشى متوغلاً في المغارة وكأنه يتأكد من شيء ما
وصل طالوت للبئر أخيراً 
كما قال يارخ
بئر من حديد بداخله بئر من صديد بداخله بئر من الزئبق
حاول طالوت أن يطل برأسه داخل البئر لكن الحرارة كانت شديدة جداً
يبدو أن الحديد في البئر مائع من الحرارة فكيف يكون بئراً من حديد إن كان الحديد جامداً 
وكيف يستطيع طالوت تجاوز الحديد المائع الحار ليصل للبئر الآخر
لكن طالوت وقف مبتسماً أيضاً أمام البئر وكأنه وجد البئر كما كان يتمنى
حقن طالوت نفسه بإبرة أدونيسين إذ كان يخطط لفعل مجنون
امسك طالوت بسلسلةٍ كانت تتدلى من البئر وقام بسحبها إلى أن أخرج دلواً مليئاً بالحديد الذائب المتوهج 
قام طالوت بفك السلسلة عن الدلو
ربط السلسلة بخنجره وأخذ الدلو وركض به نحو التنين
تجاوز التنين وذهب لبداية المغارة الباردة وقام بقلع قضيبين ثلجيين كانا يتدليان من سقف المغارة وربطهما في خاصرته ثم أسرع عائداً للتنين
وصل للتين وهم بأن يلقي الدلو عليه
كان عليه أن يلقيه على أحد الرؤوس الثلاثة 
كان عليه أن يختار بعناية
الدلو يوجد به عبارة عن حديد منصهر ومتوهج وحار
إن رماه على رأس التنين الأحمر لن يحدث شيئاً فلن يضر النار زيادتها وإن رماه على رأس الدخان لن يحدث شيئاً فالدخان هو مايعقب النار
رمى الدلو أخيراً على الرأس الأبيض رأس الثلج
وبسرعة تحرك الرأس الأبيض ونفث الثلج نحو الدلو وقام بتجميده مدافعاً عن هجوم طالوت 
تعلق الدلو في ناب التنين و انطلق التنين خلف طالوت بسرعة فما كان من طالوت سوى أن هرب بسرعة رهيبة نحو البئر
والتنين خلفه بسرعة ينفث الثلج في كل مكان بغضب
قفز طالوت في البئر والتنين خلفه ينفث الثلج 
كاد طالوت أن يذوب من حرارة الحديد لو لم يقفز التنين خلفه 
مما جعل الحديد يتجمد ويتجمد 
كان طالوت مازال يسقط 
انقلب في الهواء ورمى بخنجره نحو رأس التنين وارتكز الخنجر في شعره
أخذ التنين يصطدم بجدران البئر بقوة ويهتز وطالوت يتأرجح متعلقاً 
اصطدم طالوت بجدار البئر هو الآخر وبسرعة قام بركل الجدار قافزاً للأعلى إلى أن استقر فوق رأس التين 
وقطع حية من شعر التنين 
أحاطت الحيات بطالوت من كل جانب لكنه أخذ يلوح بالحية والخنجر نحوهن فابتعدن عنه ثم وبسرعة أمسك بالقضيبين الثلجيين وقد أصبح حجمهما أصغر من ذي قبل وبقوة ركزهما في عين الرأس الأبيض فخمد فوراً وتحول لصنم مرةً أخرى 
كان التين قد وصل لقعر بئر الحديد 
واستقر جامداً فيه 
نزل طالوت من رأس التنين وضرب بخنجره على ناب التنين فاقتلع الدلو منه 
وأخذ يبحث عن بئر الصديد 
فوجد الأرضية تبدو على شكل قيح جرح متخثر 
غرز خنجره في الأرضية وأخذ يفتتها ففاحت أبخرة الصديد النتنة وأخذت تتصاعد من البئر 
انتفض التنين ذو رأس الدخان وأخذ ينفث الدخان نحو طالوت والبئر ليبعد رائحة الأبخرة عنه وهم بالهجوم على طالوت لكن طالوت قفز في بئر الصديد وتبعه التنين مرة أخرى وهو ينفث الدخان بكثافة 
تعلق طالوت بحافة البئر لكن التنين لم يره فالدخان وأبخرة الصديد كانت تملأ المكان 
غرز طالوت خنجره في رأس التنين وبسرعة اقتلع حية منه و بسرعة خرج طالوت من البئر وصعد خارجاً بسرعة كي لايختنق
فيما انشغل التنين بنفث الدخان نحو الصديد بقوة كبيرة وهو لا يرى شيئاً 
خرج طالوت من البئر وجثا على ركبتيه وهو يكح بشدة وهو ينتظر هدوء التنين كما كان متوقعاً
الدخان امتزج بالصديد وتكتل حول التنين 
اختنق التنين وقام جسمه بامتصاص الصديد حتى ذاب لكن لحسن حظ طالوت قام جسم التنين بامتصاص الصديد كله
قال طالوت وهو يتنفس الصعداء:
بقي رأسٌ واحد وبئر واحد فالرأس الأحمر مازال حجراً ولن يؤثر فيه الصديد لاشك ولن يستطيع التغلغل فيه أو امتصاصه
نزل طالوت للبئر مرةً أخرى إلى أن وصل لأرضية البئر الثاني وكان ماتوقعه صحيحاً 
استل خنجره مرةً أخرى وغرزه في أرضية البئر الثاني التي كانت كقيح متخثر كذلك 
فخرجت منه برودة شديدة إذ كان الزئبق متجمداً 
انتفض الرأس الأحمر كما كان متوقعاً وأخذ ينفث اللهب نحو طالوت والبئر فالبرودة تضر برأس اللهب 
قفز طالوت نحو البئر وتبعه التنين مرةً أخرى
تعلق طالوت بحافة البئر
وحين دخل التنين البئر قام باقتلاع شعرة من رأسه وخرج من البئر بسرعة فيما انشغل التنين في نفث اللهب بقوة كبيرة
بدأ الزئبق يتحول للغليان وتصاعد غازه السام
أخذ طالوت الثلاث شعرات وأخذ يصعد بسرعة رهيبة إذ كان يعلم مالايعلمه التنين من سوء حظه 
خرج طالوت من البئر وتسمم التنين من غاز الزئبق السام ومات 
ربط طالوت السلسلة بالدلو مرة أخرى وانزله بهدوء في البئر وملأه ثم أخرجه مرةً أخرى 
ملأ طالوت الدلو بالزئبق وخرج من المغارة متجهاً ليارخ بعد أن نجح في جلب جميع الأدوات اللازمة لصنع سلاحه
كان طالوت يمشي مزهواً بنجاحه وانتصاره على التنين والبئر في آنٍ واحد وهو يفكر أن مافعله حتى يارخ يعجز عن فعله لاشك فخطته كانت ذكية جداً وبتوقيت متقن
حين وصل طالوت لكوخ يارخ كان يارخ عاكفاً على إكمال الدرع الذي كان يصنعه من هيكل الحوت
التفت يارخ لطالوت بتعجب مما زاد من زهوة طالوت 
وضع طالوت الأدوات فوق الطاولة فابتسم يارخ وقال:
يبدو أنني استهنت بك ياطالوت قل لي كيف نجحت في جلب الأدوات!
قص طالوت ماجرى له وكيف نجح في جلب ريشة النسر الفضي وقتله للتنين فصرخ يارخ غاضباً بطالوت:
يالك من غبي لقد قمت بتهريب النسر الذي اسجنه لسنوات وقتلت التنين الطيب
أصيب طالوت بذهول شديد وصرخ مدافعاً:
لقد ارسلتني لجلب الأدوات ولم توضح لي كيف أجلبها وقد جلبتها بطريقتي الخاصة
كان يارخ واضعاً كفه على جبهته بغضب وهو مغمض عينيه وهو يقول:
تكمن المشكلة أنك كنت تظنني اختبرك مما أثر على حكمك للأمور أنا لم أكن اختبرك ياطالوت كنت أحاول مساعدتك لقد قتلت التنين الطيب ولو أنك سألته إعطائك الشعرات لأعطاك إياها وقمت بتهريب النسر الفضي وهو بؤرة من بؤر الشر الأسود ولو أنك قمت بزيادة الحرارة في القفص لانتفض النسر وتناثر الريش منه كما أنك قمت بتفجير بئر الزئبق السام ولو أنك قمت بأخذ الحيات الثلاث وجعلها تلتف حول السلسلة المربوطة بالدلو لجلبت لك الزئبق دون عناء أنتم بني البشر تنشرون الدمار أينما ذهبتم 
مع أنك جلبت الأدوات فعلاً لكنك لم تجلبها بالشكل الذي كان يجب أن تجلب به حممممم قتلت التنين!! كيف فعلتها إنسي يقتل تنين!! هذا يعجز عنه أقوى الجن وتقتله أنت لم أظن أن الأمور ستؤول على ما آلت عليه حممممم 
أمسك يارخ بالحيات الثلاث ونظر في طالوت:
يجب أن تعرف أن قوة التنين أضحت في هذه الحيات الثلاث والنسر الذي أعطاك الريشة هو طوع أمرك الآن أما دلو الزئبق فهو آخر زئبق في أرض الجن لقد انقرض الزئبق في أرضنا والفضل يعود لك
كان طالوت يحك رأسه بخيبة أمل بعد كل مامر به اتضح أنه أساء التقدير فكل ماكان يفكر فيه هو أن يبهر يارخ بذكاءه ومع أن أثبت أنه ذكي فعلاً لكن الذكاء المفرط قد يكون لعنةً أحياناً 
تكلم طالوت أخيراً:
لاينفع الذكاء إن كان الحظ عاثراً يايارخ أنا آسف كل الأسف على ماجرى ولا أعرف كيف أعلل مافعلته لكن عليك أن تعذرني أرجوك أنت لاتعلم مدى صعوبة تواجد إنسان في أرض الجن لاشك أن تقديره للأمور قد يكون خاطئاً فوجوده أصلاً خطأ لكن قدر الله وماشاء فعل ياصديقي 
نظر يارخ لطالوت لبرهة ثم حمحم ونهض مرةً أخرى واتجه للطاولة 
يبدو أنه سيصنع السلاح بعد كل ماجرى
مد يارخ يده للخلف وكأنه يتلقى أو يستدعي شيئاً ما
بعد قليل من الوقت سمع طالوت اهتزازاً عنيفاً وشيءٌ ضخم يطير في السماء وهو يشق الريح إلى أن استقر في يد يارخ
كانت تلك مطرقة يارخ قام باستدعائها من قلعة جلجامش
وضع يارخ الريشة فوق الطاولة وقام بسكب الزئبق عليها 
ثم أمسك بالمطرقة وضرب الريشة ضربةً اهتز لها المكان بعنف لدرجة أن الشعيرات التي في الريشة تفككت جميعها عن عظمة الريشة
رفع يارخ عظمة الريشة وكأنه يمسك سيفاً وامسك بالحية الحمراء وأدخل عظمة الريشة في فمها كاملةً 
ثم امسك بالحية الرمادية وأدخل الحية الحمراء في فمها كاملةً
ثم أمسك بالحية البيضاء وأدخل الحية الرمادية في فمها كاملةً
ووضعها فوق الطاولة
فغدت الحيات الثلاثة كل واحدة في بطن الأخرى وعظمة الريشة بداخلهم 
 أمسك بالمطرقة مرةً أخرى وضرب الحية ضربةً أعنف من الضربة الأولى فانجذبت الشعيرات للحية البيضاء مرةً أخرى وغدت وكأنها ريشة كما كانت في البداية إلا أن يارخ البس عظمة الريشة الثلاث حيات
وقام بصب ماتبقى من الزئبق فوق الريشة فغدا لونها فضياً لامعاً
أمسك يارخ بيد طالوت ووضعها على طرف الريشة فالتفت أذناب الحيات الثلاث على كف طالوت
أمسك طالوت بالريشة ورفعها كالسيف 
قال يارخ: 
هذا سلاحك ياطالوت استخدمه بحكمة لاداعي للخوف بعد الآن فأنت تملك سلاحاً عظيماً ينفث اللهب والدخان والثلج ويطلق شعيرات الريشة كالأسهم فهذه الريشة تحتوي على أكثر من ألف ألف سهم تنطلق وتعود مرةً أخرى للريشة 
كما يمكنك أن تطير بهذه الريشة وأيضاً هذه الريشة تطول لتصل لأعدائك حتى لو كانوا بعيدين عنك كل هذا طوع أمرك ياطالوت أرجو أن تستخدمه بحكمة
كانت يد طالوت تنتفض لم يعلم من كلام يارخ أم من القشعريرة التي سببها التفاف الحيات حول معصمه
وضع طالوت الريشة خلف ظهر فانفكت الحيات عن يده 
قال يارخ:
ماذا ستفعل الآن ياطالوت!
قال طالوت:
أنت تعلم ماذا سأفعل.. شكراً لك يايارخ أنت جني طيب وصديق لن أنسى مافعلته من أجلي 
بعد أن قام يارخ بشرح كيفية استخدام السلاح لطالوت استعار طالوت عربةً من يارخ وربطها بالأسد ذو رأس النسر وصعد على العربة وانطلق باتجاه البركان يريد اقتفاء أثر جلجامش
وصل طالوت للبركان وكان كل شيء هادئاً وصامتاً بشكل مريب 
كان طالوت يمشي بين الحمم البركانية والبحيرات الكبريتية
وفجأةً خرج جلجامش من البحيرة طائراً في السماء بسرعة رهيبة بعد أن التئمت جراحه واستعاد عافيته وقوته من جديد وطار عالياً في الجو 
مع وصول طالوت للبركان كان طيران جلجامش عنيفاً ومرعباً وملفتاً للأنظار فلقد كان جلجامش غاضباً جداً ومتحدياً لأي شيء وكل شيء 
قام طالوت باللحاق بجلجامش لكن جلجامش كان يطير بسرعة كبيرة فما كان من طالوت سوى أن وضع يده خلف كتفه فالتفت الثلاث حيات حول معصمه واستل سيفه الريشة وضرب به الأرض فطار في السماء عالياً جداً وكأنه نسر خلف جلجامش
كان يعتري طالوت مزيج من الذهول والفرح والغضب والخوف
كان يطير في السماء خلف جلجامش عدوه المنشود 
والأسد ذو رأس النسر يقتفي أثرهم من بعيد فللنسر عين عميقة ونظر حاد يستطيع اقتفاء الأثر به
كان طيران طالوت عنيفاً وقوياً جداً لدرجة أن طالوت بدأ يحس بالبرودة 
فكر طالوت في مهاجمة جلجامش لكنه عدل عن هذه الفكرة فلقد وجده ولن يستطيع جلجامش الهرب منه ومادام جلجامش ذاهب في أثر عشتار عليه أن يتبعه عله يجد عشتار ويقضي على جلجامش فيكون قد حقق هدفين في آنٍ واحد
ضغط طالوت بأصابعه على ذيل الحية الرمادية فانتشر الدخان حوله وأصبح كالغيمة الطائرة حتى لايلفت انتباه جلجامش الذي لم يكن ينظر خلفه أصلاً
ثم ضغط على ذيل الحية الحمراء برفق فانتشر الدفء في جسده وأخذ يطير خلف جلجامش بهدوء
كانت عشتار قد بدأت تستعيد وعيها في الوقت الذي كانت الأرض تهتز فمازال المارد يعفر بدمه
نظرت عشتار للشنفرة وهي تشير للمارد وقالت:
أنت من فعل هذا؟
ضحك الشنفرة قائلاً:
أنت مازلتي تستهينين بقوتي ياعشتار
ابتسمت عشتار وقالت بخبث:
بعد كل مامررت به في أرض الجن ياشنفرة لم يعد يبهرني شيء على ما أظن، أنت قويٌ جداً لكنني لم أرى أحداً في قوة جلجامش، جلجامش هو أقوى جني رأيته ولو كان هنا لقسم هذا المارد لنصفين
امتعض الشنفرة من كلام عشتار لكنه التزم الصمت
في هذا الوقت كان جلجامش مازال يطير بسرعة وطالوت خلفه إلى أن رأى المارد الذي يعفر في الأرض من بعيد 
كان جلجامش يقتفي أثر الشنفرة وهو يعلم أن الشنفرة يطير بسرعة كبيرة جداً يستحيل اللحاق به لكن في نفس الوقت سرعته تجعل اقتفاء أثره سهلاً فهو يطير في خط مستقيم ولايستطيع المراوغة فسرعته لاتمكنه من الالتفاف لذا كل ماكن على جلجامش هو اللحاق به ولو كان الشنفرة في الجزيرة لما استطاع جلجامش الوصول إليه لكن خروجه من الجزيرة ومشيه في نفس الطريق الذي ذهب منه كان السبب في جعل جلجامش يستدل عليه فلم يكن الشنفرة يملك خياراً كي يغير طريقه فقد كان يتخذ طريقاً ليس مأهولاً كي لايصادف مالاتحمد عقباه لكنه الآن قد صادف جلجامش
نظر جلجامش للأسفل فأبصر الشنفرة يمشي وعشتار في حجره
نزل جلجامش على الأرض من بعيد بينه وبين الشنفرة مايقارب ألف قدم
ونزل طالوت خلف جلجامش مايقارب ألف قدم أخرى
ساد الهدوء الذي يسبق العاصفة
توقف الشنفرة فجأة وهو ينظر أمامه والشرر يتطاير من عينيه 
قالت عشتار بقلق:
ماذا هناك!!
أجاب الشنفرة وهو ينزل عشتار أرضاً:
إنه زوجك القوي هه سترين الآن من الأقوى أنا أم هو…
بعد انتصار الشنفرة على المارد الضخم أصيب بخيبة أمل عندما قالت له عشتار أن قوته لاتساوي شيئاً أمام قوة جلجامش ولو أن جلجامش كان هنا لقسم المارد لنصفين مما أثار غضب الشنفرة
في الوقت نفسه كان جلجامش يقتفي أثر الشنفرة وطالوت خلفه وحين أبصر جلجامش الشنفرة نزل على الأرض بمسافة تبعد عن الشنفرة مايقارب ألف قدم وطالوت نزل هو الآخر بمسافة ألف قدم أيضاً
توقف الشنفرة فجأة وهو قاطب جبينه فسألته عشتار مابك!!
فأخبرها أن جلجامش أمامهم
رف قلب عشتار حين أخبرها الشنفرة لكنها حين سمعته يقول أنها سترى الآن من هو الأقوى أحست أن معركةً بين جبلين توشك على البدء
ساد الصمت قليلاً وكل واحد ينظر للآخر بغضب
في هذه الأثناء كان الأسد ذو رأس النسر قد وصل لطالوت
انطلق طالوت للعربة وأخرج منظاره من حقيبته وأخذ ينظر ليرى مالذي استوقف جلجامش هذا الوقوف المفاجئ
أصيب طالوت برعشة كادت توقف قلبه حين شاهد عشتار للمرة الأولى منذ أكثر من خمس سنوات
بدت أجمل من ذي قبل
أحس طالوت بالخطر الذي كان يوشك على الحدوث فقد عرف أن الجني الذي بجانب عشتار هو الشنفرة الذي يطير بسرعة الضوء
كان يعلم أكثر من جلجامش أنه من الصعب التغلب على أحد يطير بهذه السرعة
كان الشفرة يتمهل في هجومه بغرور واستهتار وكأنه لايريد التغلب على جلجامش دون أن يعطيه فرصة ليشن هجومه أولاً حتى يثبت لعشتار أنه الأقوى فيما كانت عشتار تستعطف الشنفرة وتحاول ثنيه عن مقاتلة جلجامش
قالت عشتار:
– أرجوك يا شنفرة لاتقاتل جلجامش لا أريد أن أخسركما أنت قويٌ جداً وهو كذلك أرجوك
قال الشنفرة:
– لقد بدأت المعركة بالفعل ياعشتار كما أن جلجامش لم يأتي وحده هنالك واحدٌ خلفه سيكون هجومي سريعاً وسأفتك بالاثنان في وقت واحد
كان الشنفرة يتكلم وهو ينظر لطالوت وطالوت يراقبه بالمنظار ويرى عين الشنفرة موجهةً نحوه فعلم أن هجوم الشنفرة سيكون مزدوجاً
صرخ جلجامش صرخةً عظيمة وأمسك برمح الظلام وغرزه في الأرض فساد الظلام في كل مكان
رمى بسيف اللهب وسيف الرعد عالياً وأمسك بسيف عين الذئب وأحدث زوبعةً عظيمةً جداً يكسوها الظلام والرعد واللهب وهو في الأسفل في قلب الزوبعة
علم طالوت أن عليه التصرف بسرعة أمسك بسيف الريشة لكنه فكر قليلاً فأعاد سيفه مرةً أخرى وانطلق للعربة وأخرج الترس الألماسي من حقيبته وحقن نفسه بإبرتين أدونيسين وجثى على الأرض موجهاً الترس للأمام وهو خلفه ممسك به كالدرع
صرخ الشنفرة أخيراً معلناً أن مهلة الاستعداد انتهت وانطلق بسرعته الرهيبة
اخترق زوبعة جلجامش بقوة كبيرة وكأنها لم تؤثر فيه
كان اختراقه للزوبعة قوياً جداً مما جعل الزوبعة تنعكس على جلجامش بقوةٍ كبيرةٍ جداً
لم يكن أمام جلحامش أي مجال للدفاع عن نفسه أو تفادي هذا الهجوم الرهيب فلم يرى جلجامش اي شيء
فقط أحس بضربةٍ عظيمة وقوية جداً
كانت تلك الضربة هي زوبعته التي التفت عليه وسمرته في الأرض وبقرت جرح بطنه مرةً أخرى
في نفس اللحظة كان الشنفرة مكملاً طريقه نحو طالوت
لم يرى طالوت أي شيء هو الآخر فقط كان معنمداً على نجاح خطته
كل هذا كان في يحدث في عشر جزء من الثانية
بعد أن تجاوز الشنفرة زوبعة جلجامش أحس بسرعته تتباطئ بتدريج سريع
أحس بضوء أشعة جاما الذي يحيط به يتبدد
وأحس بحرارة شديدة
وفجأة اشتعل الشنفرة بالكامل
نجحت خطة طالوت وفشلت خطة جلجامش
تغلب العقل على القوة
كانت خطة طالوت تعتمد فهمه للذي يحدث حين يطير جسم كبير بسرعة الضوء
تكون هالة ضوئية من أشعة غاما حوله لذلك استخدم الترس الماسي كمرآة أدت لانعكاس الهالة الضوئية مما أزاحها بنفس السرعة وأدى ذلك لاقطدام الشنفرة بالهواء واحتكاكه بشكل قوي جداً منا أدى لاشتعاله واحتراقه
ارتطم الشنفرة بالأرض بشكل قوي وأخذ يتدحرج بسرعة نحو طالوت إلى أن سقط تحت قدم طالوت وقد خمدت ناره جراء تدحرجه في الأرض
أما طالوت فقد كان هو الآخر ممداً على الأرض فقد تحطم الترس الألماسي وتفتت لقطع صغيرة ارتطمت في صدر طالوت وأدى تفتت الترس الألماسي للقذف بطالوت للخلف ممداً على الأرض هو الآخر وقد طار سيفه الريشة عالياً وهوى متأرجحاً فوق طالوت وقام بتغطيته
مع أن طالوت نجح في التصدي لهجوم الشنفرة لكن هذا النجاح كان له ثمنه
كانت الأمر بالنسبة لعشتار طرفة عين واحدة
لترى الدمار في كل مكان
ركضت عشتار نحو جلجامش
ممداً على الأرض وقد تناثرت أسلحته حوله وجسمه تنتشر فيه ألسنة اللهب وهالة من الرعد والدماء تفور من بطنه بشدة
خلفه بألف قدم تقريباً الشنفرة يتصاعد الدخان منه
ركضت نحو جلجامش بسرعة وأخذت تدور حوله وهي تبكي وتصرخ بشدة ولاتعرف مالذي تفعله
قفزت عشتار فوق جلجامش تريد حضنه وإخماد النار بجسدها
حتى لو كان ذلك انتحاراً
حتى لو كان ذلك جنوناً
يجب أن تنقذ حبيبها جلجامش
فتح جلجامش عينه فجأةً بشهقة عظيمة فرأى عشتار قافزة فوقه فرفع يده بقوة أبعدت عشتار للخلف بعيداً
طارت عشتار في الجو وهي تعلم يقيناً أن الموت أهون على جلجامش من أن يصيبها خدش واحد
وضع جلجامش يده على بطنه لكي يسد الجرح وأمسك بسيف عين الذئب وقام بالتلويح به فأحدث زوبعةً جعلت عشتار معلقةً في الهواء كي لاتسقط وقفز هو الآخر في الزوبعة نحو عشتار
تبددت الهالة الرعدية وألسنة اللهب بفعل التيار الهوائي القوي الذي في الزوبعة وصل جلجامش لعشتار وأمسك بها وسقط على الأرض بشهقة جعلته ينفث الدم من فمه
نهضت عشتار من حجره فوراً وقامت بوضع كفيها على جرحه وهي ترتجف وتبكي
صرخت عشتار:
– جلجامش الجرح عميق جداً
أحس جلجامش أن الأرض تدور
كان مازال ممسكاً بجرحه ويده الأخرى على خد عشتار وهو يحاول تكفيف دموعها قبل أن يدخل في موجة الهذيان
سكن كل شيء
قال جلجامش وهو يخور في دمه وهو مبتسم وكأنه فعلاً يهذي:
– لاتقلقي ياعشتار المهم أنك بخير
دعي الأيام تمضي ولاتقلقي
ماكان للبحر يوماً أن يستقي
مهما انتهت أي الحكايات بفرحةٍ
وقعُ النهاية غالباً لامنطقي
ثم بدأ يغلق عينيه وهو يبتسم وقد بدأت يده ترتخي عن جرحه
صرخت عشتار في جلجامش:
– لاتنم ياجلجامش لست بالجني الذي يستسلم أنت لست جنياً عادياً أنت أمير الجن إن أغلقت عينيكياجلجامش سينتهي كل شيء
فتح جلجامش عينيه مرةً أخرى وأخذ ينظر في عين عشتار وكأنه يستمد القوة من هاتين العينين
كان ينظر وهو يستوعب مايجري حوله
كل شيء كان غير واضحاً حوله سوى عين عشتار وكأنه يشاهد صورةً مركزةً على عينها وماعدا عينه مشوش
مازالت عشتار تضغط على الجرح
بدأت تضح ملامح الدنيا في عين جلجامش وهو يلهث
وعشتار تضغط بقوة وغضب على جرحه
كانت تغضب لكي يغضب جلجامش
لأنها تعلم أنه حين يغضب جلجامش لن يموت حتى لو بقي منه رأسه فقط
عض جلجامش على شفتيه وهو يتأوه بشدة وبدأ ينهض كشجرة تعود للنهوض بعد السقوط
حاولت عشتار أن تمنعه لكنه وضع كفه على كفتها الرقيق ونهض بشموخ
ضعط جلجامش على جرحه بقوة عظيمة واستل سيف اللهب وقام بكيه مرةً أخرى
توقف النزيف أخيراً وجثى جلجامش على ركبتيه وهو مازال ممسكاً بكتف عشتار وهو يقول مبتسماً:
– كيف أموت وأدعك وحيدةً هنا.. هه.. علي أنا ارتاح فقط لاتخافي فقط جدي لنا مكاناً آمناً أحتاج للنوم ياعشتار
أغلق جلجامش عينيه بشموخ بعد أن استند على صخرة كبيرة ونام
قامت عشتار بشق أسفل ثوبها ولفت به جرح جلجامش بصعوبة ثم نهضت تركض باتجاه الشنفرة
كان الشنفرة متسمراً في الأرض وآثار الحروق تملأ جسده
وضعت عشتار رأسها على الشنفرة وأحست براحة حين اكتشفت أنه مازال يتنفس
فجأةً
انقض عليها الأسد ذو رأس النسر يريد أكل شعرها
صرخت عشتار خوفاً من هذا الوحش الضخم المرعب
لكنه حين أبصر عينها عشقها هو الآخر وغدا وكأنه جرو وديع
استغربت عشتار من هذا الأسد المرعب الذي كان مربوطاً بعربة
كيف جاء إلى هنا!!
وتذكرت أن الشنفرة قد قال أن واحداً آخر كان خلف جلجامش
أخذت تتفحص المكان بحذر لكنها لم تجد أحداً
كان طالوت مغماً عليه هو الآخر وسيف الريشة فوقه
بعيداً عن عشتار والشنفرة
نهضت عشتار تتفحص العربة
وجدت بها حقيبة سوداء كبيرة وكيساً كبيراً مملوءً بالشعر
أصيبت عشتار بالحيرة لكن لم يكن لديها وقت لتحتار
حاولت عشتار سحب الشنفرة ووضعه في العربة بعد أن قامت بتضميد حروقه لكنها لم تستطع فقد كان ثقيلاً جداً
اتجهت للأسد وقامت بفكه عن العربة وأخذت تومئ له بسحب الشنفرة
قبض الأسد على الشنفرة بمنقاره فصعدت عشتار على العربة وأخذت تشير للأسد
فهم الأسد مقصد عشتار فقذف بالشنفرة فوق العربة
قامت عشتار بربط الأسد في العربة مرةً أخرى واقتياد العربة نحو جلجامش بسرعة
رحلت ولم تنتبه لطالوت كعادتها
أنقذت جلجامش والشنفرة ولم تنقذ طالوت وعلاوةً على ذلك قامت بأخذ عربة طالوت ورحلت بها
وأضحى طالوت وحيداً كما كان وحيداً
وصلت عشتار لجلجامش وقامت بوضعه في العربة بنفس الطريقة ثم رحلت عن المكان وطالوت مازال ينزف تحت سيف الريشة وهو فاقد الوعي
أفاق طالوت بعد وقت قصير ليجد سيف الريشة فوقه
أزاح السيف جانباً وأخذ يتفحص صدره فوجده مليئاً بشظايا الألماس والدم ينزف من كل مكان وآلام صدره تكاد تأخذ أنفاسه
حاول النهوض ليجلب شيئاً من حقيبته لكنه فوجئ أن العربة ليست هنا وكذلك جلجامش وعشتار والمدعو بالشنفرة
أحس طالوت بالقلق على عشتار وأخذ يتساءل
“ترى من انتصر في المعركة!! وماذا كان مصير عشتار!!
إن كان جلجامش قد انتصر وهذا شيء بعيد الاحتمال فإنه سيعود لقلعته ويعلق الشنفرة في هذا المكان بعد قتله
أما إذا كان الشنفرة هو من انتصر في هذه المعركة فأين جلجامش!! هنالك خطب ما”
أمسك طالوت بسيف الريشة وقام بقلع شعرة من شعيرات الريشة وكانت كالحربة الصغيرة وأخذ يقتلع الشظايا واحدةً تلو الأخرى وكلما اقتلع شظية أحس أنه يقتلع روحه معها
كان طالوت ينظر لشظايا الألماس المتناثرة تحت قدميه وهو يحس أن هذه الحياة رخيصة جداً
أحجار ألماس يقتلعها ويرميها تحت قدميه
كل ذلك من أجل عشتار
نهض طالوت أخيراً بعدما نفض ماتبقى من شظايا الألماس وأخذ يتفحص المكان
ذهب للمكان الذي سقط فيه الشنفرة ووجد آثار دمائه وقام بتتبع آثار الدماء فوجد أنها تتجه لمكان بدت أثار عجلات العربة مغروزةً فيه
“يبدو أن أحداً ما وضع الشنفرة في العربة!!”
اتجه للمكان الذي كان جلجامش واقفاً فيه وشاهد نفس الشيء
تم وضع كل من جلجامش والشنفرة في عربتي ولم يكن يوجد في المكان سوى نحن الأربعة
أنا
الشنفرة
جلجامش
وعشتار…
هل كانت عشتار من وضع جلجامش والشنفرة في عربتي ورحلت بهما!!
أم مالذي حدث!!
نهض طالوت وقرر أن يتتبع أثر العجلات لكي يحصل على إجابة لكل تساؤلاته
وضع سيفه خلف ظهره ومشى خلف آثار العجلات إلى أن وصل لوادٍ صخري اختفت فيه آثار العجلات
وقف طالوت في بطن الوادي والحيرة تسيطر على عقله
مهما كان المرء ذكياً في الحب كلنا أغبياء!
أمسك طالوت بسيف الريشة وضرب به على الأرض فالنطلق طائراً عالياً في السماء وأخذ يبحث عن العربة وعشتار لكن لم يجد أي أثر!
نزل طالوت للوادي مرةً أخرى وجلس بجانب صخرة كبيرة يفكر
إن كانت عشتار هي من أخذ العربة فهذا يعني أنها هنا بمحظ إرادتها لأنها قامت بمساعدة جلجامش والمدعو بالشنفرة
أما إن لم تكن هي من أخذ العربة فأين ذهبت عشتار!
قد يكون أحد ما قام بسرقة العربة ومساعدة جلجامش والشنفرة واختطف عشتار أيضاً لابد أن ذلك ماقد حصل فكيف ستستطيع عشتار حمل كل من جلجامش والشنفرة في العربة ناهيك على أن الأسد ذو رأس النسر سيهجم عليه ليأكل شعرها
مالم يكن طالوت يعرفه هو السحر الذي في عين عشتار
بعد أن قامت عشتار بوضع جلجامش والشنفرة في العربة مشت بهما بعيداً عن مكان المعركة فلاشك أن المكان خطير جداً وماجرى بين جلجامش والشنفرة لاشك سيلفت الانتباه وقد يأتي أحد ما إلى هنا ولاتدري هل يكون صديقاً أم عدو
فكرت عشتار إلى أين تذهب فهي لاتعرف طريق العودة للقلعة وكيف تتوغل في أرض الجن وهي وحيدة ومعها اثنان جريحان يسعى كل من في أرض الجن لقتلهما
فكرت عشتار وفكرت إلى أين تذهب
تذكرت ماقاله الشنفرة عن الطريق الذي سلكاه من الجزيرة إلى هنا والمغارة الموجودة في الغابة السوداء فقررت الذهاب للغابة علها تجد هذه المغارة وليكن مايكن فبقاءها هنا أو ذهابها هناك لن يحدث فرقاً فمن تصادفه هنا قد تصادفه هناك على أية حال لكن بقاؤها هنا أخطر لاشك
مشت عشتار بالعربة وانتبهت أن العربة تحدث آثاراً على الأرض فاتجهت نحو وادٍ صخري كي تخفي آثارها مشت إلى أن وصلت لنهر وأنزلت الأسد والعربة في النهر وأخذت تمشي مع التيار
قوة الأسد ساعدتها في المشي في النهر فقد كان الأسد يمشي بسهولة وكلما خرجت لها جنية من جنيات النهر قام الأسد بقتلها التهام شعرها الأمر الذي بدا غريباً بالنسبة لعشتار لكنها حين قامت بتفقد الحاجيات الموجودة في العربة فهمت الغرض من وجود الكيس المملوء بالشعر
فتحت عشتار الحقيبة مرةً أخرى وأخذت تتفحص الأشياء الموجودة بداخلها
أحجار مغناطيس
خنجر
منظار
حبل
شبكة صيد
إبر
وأشياء أخرى
الشنطة ومابداخلها تدل على أن صاحبها إنسي وليس جني يبدو أنه هو الذي كان خلف جلجامش لكن من هو وأين ذهب ياترى وماقصته!!
واصلت عشتار المسير إلى أن وصلت لمكان على يمين النهر غابة سوداء وعلى يسارها صحراء وردية ويبدو لون السراب فيها أحمر وواضح
اتجهت عشتار نحو الغابة السوداء لكن فجأةً شاهدت على ضفة النهر جني أسود ضخم وشعره يشتعل بألسنة اللهب كان جالساً القرفصاء في انتظارها على اليابسة
كان الجني مخيفاً جداً وفي يده فأس كبير
توقفت عشتار وأخذت تراقب هذا الجني المخيف بصمت وهو الآخر كان جالساً على اليابسة ينتظرها بإبتسامة خبيثة
يبدو أن خذا الجني لايستطيع النزول في الماء!!
لكن إلى متى سيظل يراقب عشتار
التفتت عشتار للضفة الأخرى ففوجئت بجنية رأسها رأس نعجة حمراء وجسدها كجسد العقرب ولونها بني غامق وتسمى الحرور
يبدو أن الاثنان لايستطيعان النزول للماء
لكن لم تكن عشتار تستطيع البقاء في مكانها فقد أصبح الشلال قريباً إذ كانت في نهاية النهر وغدا التيار قوياً جداً بالكاد كان الأسد يستطيع التوازن والوقوف في مكانه ولايستطيع العودة والمشي عكس التيار لاشك
صرخت الحرور بعشتار:
– تعالي إلي لا أريدك بسوء أنا فقط أريد الشنفرة سلميه إلي وسأدعك ترحلين في سلام
نظرت عشتار للحرور بخوف فيما اكتفى الجني الأسود بالصمت والابتسام
صرخت الحرور مرةً أخرى:
– قريباً سيتوجب عليك الاختيار إما الشنفرة أو جلجامش أنا حسابي مع الشنفرة وذلك الجني الأسود يريد قتل جلجامش عليك الاختيار ياعشتار إما الشنفرة أو جلجامش إن أتيت إلي أعدك أنني سأقتل الشنفرة فقط لكن إن ذهبتي للجني الأسود سيقتلكم جميعاً
كانت عشتار متسمرةً مكانها وكأنها لاتريد سماع ماتقوله الحرور
فجأةً بدأ الجني الأسود بإلقاء الأخشاب نحو عشتار
اختبأت عشتار داخل العربة بين جلجامش والشنفرة
كان الاثنان فاقدان للوعي ولايبدو أن أحد منهما يستطيع تدارك الوضع الحرج
أخذت عشتار تفكر في حل ما وفجأة بدأت العربة تهتز وتتجه نحو الشلال
كانت الأخشاب التي يلقيها الجني تستقر تصطدم خلف العربة وتساهم في دفعها نحو الشلال وكأنها يجبرها على اتخاذ قرارها بسرعة ولايعطيها مجالاً للتفكير
في هذه الأثناء كان طالوت مازال في الوادي يفكر في الطريق الذي سيسلكه للبحث عن عشتار
وفجأةً سما صوتاً قوياً خلفه قادماً من بعيد مصحوباً بإهتزاز أرضي
التفت طالرت ليرى أمامه شجرةً عملاقة عظيمة تتحرك بإتجاهه
انتفض طالوت بسيفه وطار عالياً يحلق حول الشجرة
بدا طالوت صغيراً جداً أمام هذه الشجرة العملاقة
بدت الشجرة ومأنها مخلوق له حس وكانت تحمحم وهي تمشي بغضب
كانت تمشي وتدمر كل ماتمر به
وصلت الشجرة بالقرب من طالوت ورمت نحوت بغصن تريد الإمساك به
تفادى طالوت ذلك الجذع الكبير بخفة وسهولة ثم أمسك بسيفه الريشة وضرب به الجذع وقطعه
سقط الجذع وأخذ يهوي إلى الأرض لكنه أرتد مرةً أخرى والتصق بالشجرة
كان بين الجذع والشجرة مطاط يجذبه إليها
اتجه طالوت لبطن الشجرة ورفع سيفه فتمدد وأصبح طويلاً جداً وضرب بطن الشجرة ضربةً قوية فانقسمت لنصفين
لكنها مرةً أخرى عادت كما كانت بفعل المطاط
تعالت ضحكات الشجرة وفجأةً وجهت هجوماً لطالوت
كانت الأغصان تتجه لطالوت من كل جهة
أخذ طالوت يطلق الشعيرات التي في عظم الريشة على الأغصان في كل جهة وكانت تتكسر وتتقطع لكنها كانت تلتصق ببعضها البعض بفعل المطاط إلى أن أحاطت بطالوت وغدا طالوت كحشرة حبيسة في شباك عنكبوت
رفعت الشجرة طالوت أمامه وتعالت ضحكاتها مرةً أخرى
كانت تلك هي السعلاة
السعلاة التي حبستها عشتار في شجرة المطاط هيڤيا كي تتخلص منها وتنقذ جاور
استطاعت السعلاة السيطرة على هيڤيا والاستحواذ عليها وجعلها تتحرك بأمرها وهي الآن تتجه نحو عشتار
تكلمت الشجرة لطالوت:
– من أنت وماذا تفعل هنا؟
كان طالوت ملتصقاً في أغصان الشجرة بفعل المطاط وهو يراقب سيف الريشة يهوي نحو الأرض
حاول طالوت أن يجذب سيف الريشة لكنه كان مقيداً وملتصقاً في الشجرة بفعل المطاط
حمحمت الشجرة مرة أخوى وصرخت في وجه طالوت بقوة كبيرة ثم رمت به في جوفها
في هذه الأثناء كان جاور قد قدم بوفد لقلعة جلجامش مرةً أخرى ليرى مالذي قد حدث معه بعد أن قام بتأمين قلعته
دخل جاور القلعة وتقابل مع فوصم وأخذ الاثنان يتباحثان
أبدى جاور استنكاره لفعل جلجامش فليس بالوقت المناسب أن يقوم بترك قلعته في مثل هذه الظروف والذهاب للبحث عن عشتار
لكن فوصم استدرك قائلاً:
– قلعتنا محصنة ياجاور لاتقلق
– كيف لا أقلق وقد رأيت قوة تحصينها بأم عيني عند هجوم الشنفرة علينا على أية حال جلجامش يخاطر بحياته وحياة كل أهل قبيلته بتهوره يجب عليه أن يكون هنا في ظروف كهذه
– يبدو أنك لاتعرف جلجامش ياجاور
يتبع…
لقراءة الفصل العاشر : اضغط هنا

اترك رد

error: Content is protected !!