Uncategorized

رواية عروسي الكاذبة الفصل التاسع 9 بقلم ساره علي

      رواية عروسي الكاذبة الفصل التاسع 9 بقلم ساره علي

رواية عروسي الكاذبة الفصل التاسع 9 بقلم ساره علي

رواية عروسي الكاذبة الفصل التاسع 9 بقلم ساره علي

جلست ماريا على السرير واخذت تهز قدميها بقوة ..
كانت تشعر بالغضب الشديد فكل شيء يسير ضدها ..
لمَ عليه أن يكون منيعا الى هذا الحد تجاهها ..؟!
كيف يستطيع مقاومتها وهي التي تستطيع اغراء اهم الرجال ..؟!”
اغمضت عينيها وهي تشعر بالضيق من جميع ما يحدث حولها .. كل شيء يسير ضدها بشكل يجعلها على وشك ان تفقد اعصابها ..
هي تعترف أنها ليست مثالية .. وأنها ارتكبت العديد من الاخطاء لكنها أحبته .. أحبته بحق وهو الرجل الوحيد الذي ملك قلبها ..
عادت بذاكرتها الى الخلف وتحديدا الى عدة اعوام مضت .. منذ ستة عشر عاما .. حينما كانت في التاسعة عشر من عمرها .. كانت صغيرة للغاية حينما اخطأت مع زميل لها في الجامعة .. ظنت وقتها أنها تحبه فإستسلمت له .. وبعد علاقة استمرت لأشهر معدودة تخلى عنها لتكتشف فيما بعد أنها تحمل طفله في احشائها .. تذكرت ما حدث بعدها وكيف ذهبت الى باسم جارها وصديقها المقرب والذي يكبرها بعامين ..
صارحته بكل شيء وطلبت منه المساعدة ليفاجئها بعرضه الذي قدمه لها حيث أخبرها أنه سوف يتزوجها في مقابل شيء واحد .. شيء وافقت عليه رغم عدم اقتناعها به وما زالت تدفع ثمنه حتى الان ..
كان زواجا فاشلا مع رجل لم يحب يوما سوى واحدة اخرى .. حبيبته جومانة .. تلك المرأة التي سيطرت على عقله حتى وهو بين أحضانها في المرات المعدودة التي لمسها بها وأنتجت عنها إبنها عمر .. عمر هو الشيء الوحيد الذي تمنته وحدث .. هو نقطة ضعفها الوحيدة .. ربما هي ليست قريبة منه او مهتمة به لكنها تحبه كثيرا وتخاف عليه اكثر ..
فتحت عينيها وهي تشعر بالألم يسيطر عليها .. زواجها الفاشل وظهور باسل الذي رأته لأول مرة بعد سنين طويله قضاها في بلد اخر أثار داخلها مشاعر حادة سيطرت على قلبها وجعلتها تتصرف بجنون بدءا من اعترافها المجنون بحبه وانتهاءا بمحاولاتها لإغرائه و محاربة كلا من خطيبتيه السابقتين وكل فتاة يرتبط بها ..
وما ان تزوجها باسل بضغط من والده لأجل أحفاده حتى اكتشفت ان جميع ما فعلته ذهب هباءا .. فباسل ليس لها فهاهو اصبح ملكها وزوجا لها لكن مشاعره لم تتغير على الاطلاق ..
سحبت هاتفها واخذت تبحث عن احد الارقام حينما قررت الاتصال به ..
لم يرد عليها فزفرت أنفاسها بقوة وأرسلت له رسالة مختصرة :
” عايزة اشوفك .. واحشني اوي .. شوف انت فاضي امتى وهجيلك فالشاليه ..”
ثم اغلقت الهاتف وهي تتنفس بقوة ..
نهضت من مكانها وخرجت من جناحها لتجد الخادمة تحمل حقيبة سفر كبيره وتصعد نحو الاعلى ..
تطلعت بفضول اليها قبل ان تهبط الى الطابق السفلي حيث صالة الجلوس ..
ولجت الى الداخل وسألت وهي تتطلع الى الفتاة التي تتحدث مع نورا وتعطيها ظهرها :
” ايه ده ..؟! احنه عندنا ضيوف ..؟!”
التفتت لها الفتاة والتي كانت روبي ابنة خال باسل وخطيبته السابقة لتلمع عينا ماريا بكره قبل ان تخفي ذلك بمهارة وهي تدعي الترحيب بها لأجل نورا التي تراقبها بوضوح ..
…………………………………………………………….
بعد مرور عدة ساعات ..
فتحت ميرنا عينيها واخذت تنظر حولها بضعف ..
كانت تشعر بألام في مختلف انحاء جسدها ..
اخذت ترمش بعينيها وهي تحاول استيعاب ما حدث ..
قبل ان تتذكر ما حدث معها وكيف ضربها نزار وعنفها كثيرا ..
حاولت ان تعتدل في جلستها وقد استطاعت ان تفعل ذلك بعد عدة محاولات ..
تذكرت باسل الذي اتصلت به قبل ان يغمى عليها ففهمت انه جاء وحملها بل وكما يبدو انه عالجها ايضا ..
أنزلت قدميها من فوق السرير ثم تحاملت على نفسها وهي تضغط على قدمها المصابة وتسير عليها ..
اخذت تسير بخطوات بطيئة للغاية وهي تخرج من غرفة نومها الى صالة الجلوس ..
وجدت باسل يجلس على الكنبة مرجعا رأسه الى الخلف مغمضا عينيه ..
اخذت تسير نحوه بنفس البطأ ولكن يبدو أنه شعر بها حيث التفت بوجهه نحوها يتأملها وهي تسير ناحيته بهذا المنظر .. كان من المفترض ان يشعر بالألم بسبب وضعها هذا لكن في تلك اللحظة لم يشعر سوى بالنفور وهو يتذكر كل شيء ..
حاول ان يخفي نفوره وهو ينهض من مكانه ويقف في وجهها ويسألها بجدية :
” عاملة ايه دلوقتي ..؟!”
أجابته بخفوت :
” فيه ألم بس عادي شويه شويه هيخف ..”
تجاهل حديثها وهو يهتف بها :
” كويس .. انا لازم اروح دلوقتي ..”
قبضت على ذراعه وقالت :
” هتروح دلوقتي ..؟!”
نظر الى عينيها اللتين تتوسلانه البقاء لكنه تجاهل توسلاتها ورد بإقتضاب :
” ايوه هروح ..”
قالت بسرعة :
“. ممكن تخليك معايا .. بلاش تسيبني .. الوقت أتأخر .. “
” كلمي نزار .. خليه يجي ويفضل جمبك ..”
ابتلعت ريقها وهي تسأله بصوت متحشرج :
” انت بتقول ايه ..؟! ايه علاقة نزار بإنك تفضل معايا ..؟!”
رد عليها بتهكم :
” هو أولى مني فكده ..”
سألته بإضطراب :
” تقصد ايه ..؟!”
أجابها بهدوء :
” مش انتِ بتحبيه ومش عايزاه يسيبك .. ؟! خليه يفضل جمبك ..”
قالت بسرعة :
” لا طبعا .. انت فاهم غلط .. نزار اخويا ..”
قاطعها بصرخة شلت كيانها للحظات :
” كفاية ..”
تأمل ملامحها المصدومة وجسدها الذي يرتجف بقوة ليكمل بصوت حاد قوي :
” كفاية بقى .. انتِ ايه ..؟! مش هتبطلي كذب بقى .. ؟! بتكذبي من اول يوم .. ومستمرة بكذبك بكل بجاحة ..”
” انت عارف ..؟!”
سألته شاهقة ليجيبها بتهكم :
” من اول يوم .. عرفت كل حاجة من اول يوم شفتك بيه .. بالليل عرفت كل حاجة ..”
هطلت دموعها من مقلتيها بغزارة وهي تهز رأسها يمينا وشمالا بقوة ..
رمقها بنظرات محتقرة قبل ان يتجه نحو الباب فهو حقا لم يعد بإمكانه البقاء لكنها ركضت خلفه وأدارته نحوها هاتفة به بوجع :
” ليه مقلتليش ..؟! ليه عملت نفسك مش عارف حاجة ..؟! “
صاح بها :
” لأني كنت مستنيك تقولي .. مستنيكِ تحكيلي على اتفاقك مع البيه .. كنت شايفك وانت وهو بتكدبوا .. سكت وقلت استنى .. قلت اكيد هتجي تعترف .. قلت يمكن خايفة .. بس ده محصلش … مفيش حاجة حصلت غير انك استمريتي فالكذب .. ابوكِ بيموت ومحتاج يعمل عمليه ..؟! حقيقي مش مستوعب ازاي قادرين تكونوا بكل القرف ده ..؟!”
” انا موافقتش على فكره .. وعشان كده اطلقت منه ..”
قالتها وهي تمسح دموعها ليهتف بسخرية :
” قصدك عشان كده هو طلقك .. مش انتِ اللي اطلقتي منه ..”
اتسعت عينيها وهي تسأله بجزع :
” عرفت منين ..؟!”
ابتسمت بإستهزاء :
” انا عارف كل حاجة يا ميرنا .. عارف ادق التفاصيل .. عارف هروبك من اهلك معاه .. وعارف ازاي عيشتي حياة مقرفة .. سبتي شغلك وطموحك اللي كنتي قرفاني بيهم .. بقيتي زي لعبة الماريونيت فإيده .. ويا ريته كان يستاهل .. باعك بالرخيص .. انتِ عارفة يعني ايه راجل يطلق مراته ويجوزها لصاحبه عشان ياخذ فلوس مقابل ده ..؟! عارفه ده بيسموه ايه ..؟!”
اكمل وهو يرمقها بنظرة احتقار شاملة :
” اكيد عارفة .. ورغم ده كله لسه بتحبيه وعاوزاه ..”
” انا رفضت .. رغم حبي ليه رفضت .. رفضت وقلتله انت مش راجل ..”
قاطعها ببرود قاتل :
” عارفة كنت هصدق كلامك ده لولا إني متأكد إنوا لو ضغط عليكِ اكتر واستخدم طرق تانيه زي الحب والغرام وكنت وافقني وكملتي باللعبة .. كنتي هتعملي ده عشان خاطره للاسف ..”
صاحت بإستنكار :
” لا مكنتش هوافق .. انا خلاص اصلا مبقتش عايزاه .. هو خرج من حياتي ..”
قاطعها بغضب حارق :
” كذابة .. ايوه كدابه عشان لسه بتحبيه ومشاعرك هي هي ..”
” والله لا .. انا بطلت احبه .”
قالتها وهي ترجوه ان يصدقها ليجذبها من ذراعها بقوة نحوه وهو يقرا هادرا بها :
” امال تسمي صوتك اللي بينادي بإسمه وانتِ مغمى عليكِ ده ايه .؟! ردي عليا ..”
” صوت ايه ..؟!”
سألته بدهشة وهي لا تستوعب ما حدث ليرد :
” صوتك وانتِ بتقوليلي يخليه معاكِ وميسيبكيش ..”
قالت بسرعة :
” اكيد مكنتش فوعيي .. انا مش فاكرة اي حاجة اصلا ..”
منحها نظرة جامدة وهو يقول ببرود :
” الحاجة اللي حصلت وانتِ مش فوعيك هو قربك مني وده انا متأكد منه ..”
ثم هم بالتحرك بعيدا عنها لتقبض على ياقة قميصه وتهتف به :
” متسيبنيش يا باسل ارجوك .. انا مش هقدر افضل لوحدي من غيرك ..”
رد عليها وهو يحرر قميصه من قبضتها :
” ولا انا هقدر اكون مجرد بديل لنزار حبيبك ..”
ثم تركها ورحل لتسقط منهارة باكية على ارضية الشقة ..
…………………………………………………………….
في صباح اليوم التالي ..
استيقظ من نومه على صوت رنين جرس الباب فنهض من مكانه وارتدى تيشرت فوق بنطاله وخرج متجها الباب ليفتحها ..
فتح الباب ليجد فؤاد امامه يقول بسرعة :
” ساعة علشان تفتح الباب .. ايه كان مغمى عليك ..؟!”
اغلق باسل الباب واتبع صديقه الذي جلس على الكنبه وقال :
” اتصلت بجومانة عشان أسئلها انت بايت عندهم بالفيلا ولا لا عشان حضرتك قافل تليفونك .. فقالت انك لسه مرجعتش الفيلا اصلا .. فقلت اكيد يا عند ميرنا يا فشقتك بس كويس اني جيت هنا الاول ..”
انتهى فؤاد من حديثه ليجده يشعل سيجارته ويدخنها بصمت فيسأله بقلق :
” انت كويس ..؟! فيه حاجة حصلت ..؟! ميرنا كويسه ..؟!”
” كله تمام ..”
رد باسل بإختصار ليسأله فؤاد بتعجب :
” امال مفضلتش جمب ميرنا ليه .. ؟! اكيد هي تعبانه ومحتجاك ..؟!”
نفث دخان سيجارته عاليا وهو يرد :
” مش مهم .. هي مش هتموت يعني لو سبتها ..”
” هو انت لحقت تتخانق معاها ولا ايه ..؟!”
سألته فؤاد ساخرا ليرد باسل بعد صمت استمر للحظات :
” انا هقطع علاقتي بيهه ..”
” ايه ..؟!”
صاح فؤاد بصدمة قبل ان يقول بسرعة :
” لا غلط طبعا .. مينفعش تسيبها فالوقت ده .. هي ملهاش غيرك .. بلاش دلوقتي بالذات يا باسل .. هي مش هتستحمل .. وضعها النفسي مش هيتقبل ده .. “
رمقه بنظرات قلقة لكنه قال بقوة وتماسك :
” هي طول عمرها كده .. موقفتش عليا يعني ..”
” مهي عشان كده لازم تبعد عن كل ده وتتعالج .. سيبك من علاقتكم .. دي حالة انسانيه وانت الوحيد اللي هتقدر تساعدها .. “
صمت باسل مفكرا بحديثه ليكمل فؤاد :
” انت الامل الوحيد ليها والأمل ده لو راح وضعها هيبقى اسوء من الاول .. وممكن تعمل بنفسها حاجة ..”
احتل الخوف معالم وجهه ليقول فؤاد وقد علم أنه أصاب هدفه :
” خليك جمبعا يا باسل .. متبقاش انت والزمن عليها ..”
ثم ابتسم بدعم ليغمض باسل عينيه بقوة وهو يشعر بأنه سوف ينفجر من كمية الضغوطات ..
……………………………………………………………..
نهضت ميرنا من بكائها بعد وصلة بكاء امتدت طوال الليل ..
لم تتوقف عن البكاء ..
ساعة تبكي وساعة تصمت بعدما يتعبها البكاء ويجهلها لتعاود البكاء من جديد حينما تستطيع ذلك ..
اخذت تسير الى غرفة نومها وسحبت ملابس الدجخروج وارتدتها سريعا ثم خرجت من الغرفة دون حتى ان تسرح شعرها او تنظر الى وجهها بالمرأة ..
إستأجرت تكسي وطلبت منه ان يذهب الى عنوان العمارة التي توجد بها شقة نزار ..
لقد حسمت امرها وسوف تتحدث معه بل وتضع حدا لكل هذا ..
وصلت الى العنوان لتهبط من التاكسي وتصعد الى الطابق الثاني حيث شقته التي سبق وعرفت عنوانها من خلاله بعدما أرسل لها موقعه الجديد في محاولة منه لنيلها ..
ضغطت على جرس الباب لتتفاجئ به يفتح لها الباب وهو مكتفيا بإرتداء بنطاله بينما صدره العاري مبلل بقطرات المياه وكذلك شعره فيبدو انه كان يأخذ حماما ..
دفعته ودلفت الى الداخل متجاهلة نظرة التوتر التي ظهرت في عينيه ..
التفت نحوها ليراها تقف امامه عاقدة ذراعيها امام صدرها ترمقه بنظرات كارهة ليسألها بضيق :
” خير ..؟! جاية من الصبح ليه وعايزة ايه ..؟!”
ردت بهدوء قوي :
” كلمتين هقولهم وامشي .. الطلاق هيتوثق رسميا .. مش عايزة اشوفك فوشي تاني .. لا تجيلي ولا تتصل بيا ولا تفكر انك تقرب مني حتى .. من اللحظة انا وانت بقينا اغراب وعمرنا مهنتجمع لا فالخير ولا فالشر .. وصدقني تهديداتك عمرها ما تخليني أغير رأيي . لأني عمري ما هحطها فدماغي .. واهلي اللي بتهددني بيهم ، قتلهم ليا هيكون ارحم من اني انفذ اللي فدماغك .. ابعد عني ارجوك ومتخلينيش اتصدم فيك واكرهك اكتر من كده ..”
ارتجفت حدقتيه جراء الكلمات القاسية التي سمعته لكنه سأل بصوت متحشرج :
” خلصتي ..؟! “
أومأت برأسها وهي تهم بالخروج لتسمع صوت احداهن تنادي اليه ..
تجمدت في مكانها وهي تستوعب حقيقةً ان هناك امرأة في سريره ..
أفاقت من صدمتها لترمقه بنظرات محتقرة قبل ان تمنحه إبتسامة متهكمة وهي تقول :
” واضح اني مش لوحدي اللي بدور على راجل جديد .. انت بردوا بتدور على ست ..”
لحظات وتوقف الزمن بها وهي تستمع الى صوت خطوات الفتاة تتقدم نحوها ونبرتها التي تعرفها جيدا ظهرت بوضوح في ارجاء المكان ..
نظرت داخل عيني باسل بعدم تصديق وهي ترجوه بنظراتها ألا يكون هذا صحيحا ..
ضغطت على اعصابها والتفت نحو الخلف لتجد ليزا صديقتها المقربة تقف على مسافة قريبة منها ترتدي قميص نوم فاضح جعلها تشعر بالإشمئزاز من هذا الموقف الكثير ..
” ميرنا ..”
قالتها ليزا بجمود لتنظر اليها ميرنا بعدم استيعاب قبل ان تهتف بنبرة مرتجفة :
” انتِ .. انتِ يا ليزا ..”
ثم اكملت وهي تنظر الى ضيق ليزا من حديثها هذا :
“ده انتِ اقرب حد ليا هنا .. ازاي تخونيني معاه .. ؟!”
ردت ليزا ببرود :
” انا مخنتكيش .. انتوا انفصلتوا وهو طلقك ..”
رمقتها ميرنا بنظرات محتقرة قبل ان تلتفت الى نزار وتقول :
” هي دي بقى حبيبتك من بعدي ..؟! يا زين ما اخترت .. قال وانت كنت بتتهمني اني سلمت نفسي لباسل وانت اتجوزت وحده ..”
صمتت قليلا وهي تلتفت نحو ليزا ترمقها بنظرات ساخرة ثم تعود وتنظر الى نزار وتكمل :
” ولا اقولك بلاش .. الناس اسرار ..”
” بلاش كلام المثاليات يا ميرنا هانم .. بتتكلمي عالمثاليات وانتي امبارح كنت نايمه فحضن باسل بيه ..”
استدارت ميرنا نحوها صارخة بها :
” انتِ تخرسي خالص .. مش عايزة اسمع صوتك ..”
” لا هتسمعي .. وتعرفي اننا كلنا شبه بعض .. تفرقي ايه انتي عني وانتي سبتي عيلتك عشان واحد .. بعتي اهلك واخوانك عشانه .؟! ها جاوبي ..”
” بس انا مخنتش حد .. مختتش صحبتي ..”
” بس خنتي نفسك ..”
تجمدت الكلمات على شفتي ميرنا بعدما سمعت هذه الكلمة والتي شعرت انها سقطت في منتصف قلبها بينما اكملت ليزا بقسوة :
” خسرتي اهلك اللي كانوا سندك وظهرك .. خسرتي ابوكِ اللي مات وهو مش راضي عنك ..”
” مات ..؟!”
قالتها ميرنا بنبرة ضعيفة فهي لم تعلم عن وفاة والدها لتجد ليزا وهي تكمل بتشفي :
” ايوه مات بعد هروبك بسنتين .. ابوكِ مات بحسرته ..”
قاطعها وهي تصرخ بهيستريا غير مستوعبه ان والدها مات :
” كفاية .. كفاية بقى حرام عليكِ .. حرام عليكوا كلكوا .. حرام بجد ..”
ثم خرجت مسرعة من شقتهما وهي لا ترى امامها من شدة البكاء ..
……………………………………………………………..
كان باسل يتناول قهوته في مكتبه بصمت حينما اقتحمت ميرنا الباب تتبعها السكرتيره التي تحاول ايقافها دون فائدة ..
طلب من السكرتيره ان تخرج ثم اقترب من ميرنا التي تقف امامه تنظر الى اليه بتحفز وملامحها تظهر امامه بشكل مخيف من شدة البكاء والحمار الذي يكسو بشرتها ..
كان الصمت مسيطرا على كليهما حينما قطعته ميرنا بأنفاس متقطعة :
” انت بلغت السكريتره انك رافض تشوفني ..؟! هي رفضت تدخلني ليك وقالت انك أمرتها بده .. ولا هي فهمت غلط ..”
وعندما لم تجد جواب منه سوى الجمود الذي سيطر على ملامحه شهقت باكيه وهي تقول :
” طب ليه بتعمل فيا كده ..؟! ليه مش عايز تشوفني ..؟! عملت ايه لكل ده ..؟! حتى لو غلطت فأنا مستحقش ده منك ..”
شهقت بعدها باكيه بعنف بينما هو ينظر اليها بصمت تقدمت نحوه تمسك بقميصه بقوة تهتف بترجي :
” متعملش فيا كده يا باسل .. انا معدش ليا حد ..”
ثم اكمل بمرارة :
” كل الناس سابوني .. كلهم طعنوني فظهري .. حتى ليزا .. ليزا صديقتي من سبع سنين واقرب حد ليا.. طلعت بتخوني مع نزار ..”
تطلع اليها بدهشة لتكمل ببكاء يمزق نياط القلب :
” نزار بيخوني مع صحبتي .. صحبتي الوحيده .. انا مش مصدقة .. هما ازاي يعملوا كده .. ؟!”
نظرت اليه واكملت بتوسل :
” متبعدش عني يا باسل .. ارجوك ..”
” عاوزاني افضل معاكي ليه ..؟! عشان أواسيك وأخفف عنك عمايل حبيبك وخيانته ليكِ ..”
حاولت ان تنكر ما قاله فرد بسرعة :
” ارجوكِ كفاية تنكري .. عالعموم انا صحيح مش هقدر اكون معاكي لاسباب خاصة .. بس هوديكي لدكتور نفسي يساعدك ويبتدي معاك علاج ..”
قاطعته بألم :
” يعني هتتخلى عني ..؟!”
صمت قليلا ثم قال :
” هدعمك وهساعدك ماديا وهجيبلك حد يساعدك .. لكن غير كده مش هقدر ..”
” حرام عليك بجد .. “
قالتها بوهن ليردف بقوة :
” انتِ اللي حرام عليكِ .. حتى وانتِ جاية منهارة .. طلعتي منهارة بسببه .. “
تطلعت الي بتوسل ثم قالت :
” يعني مش هتزورني تاني ..؟!”
رد بهدوء :
” هضبطلك موعد مع الدكتور وشغلك مستمر هنا .. اكتر من كده مش هعرف اقدم حاجة ..”
ابتلعت ريقها وهي تسأل :
” ليه بتسيبني ..؟! ليه كلكم بتتخلوا عني ..؟!”
ضغط على اعصابه للحظات ليسمعها تكمل بما جعله ينفجر :
” ليه كلكم بتأذوني . بتستغلوني .. حتى انت يا باسل .. استغلتني .. قربت مني وحققت غايتك اللي فشلت بيهه زمان .. اديتني كل حاجة وفجأة سبتني وبكده حققت انتقامك .. “
” انتِ بتقولي ايه ..؟! انتِ اتجننتي ..؟!”
انفجر في وجهها بغضب لتهتف بغضب اكبر :
” اعترف انوا كل ده كان لعبه .. لعبة توقع بيها البنت اللي سابتك زمان .. اللي كسرت غرورك .. “
” بلاش تعيشي نفسك بأوهام يا ميرنا .. اللي حصل زمان مكانش صعب اوي عشان يأثر بيا .. كنتي وحدة زيك زي غيرك .. يعني مفرقتيش معايا اصلا ..”
” كداب .. انت كنت بتحبني .. ولسه بتحبني والدليل انك قربت مني اكتر من مره ..”
قاطعها بقوة :
” انتِ اللي قربتي مش انا .. وانا دفعتك بعيد عني ولا نسيتي .. ولا الادوية لحست دماغك خالص ..”
اهتزت حدقتيها بألم أثرا لكلماته الجارحة لكنها قالت :
” وانت تجاوبت ليه ..؟! كنت هتموت عليا ليه ..؟! ولا ده بردوا هتنكروا ..؟!”
نظر اليها غير مصدقا أن الواقفة امامه نفسها ميرنا التي عرفها منذ عدة سنوات وعاد وعرفها منذ ايام قليلة ..
في كلتا المرتين لم تكن هكذا .. لكن اليوم بدت غير طبيعية وكأنها انسانه اخرى .. انسانه تفعل المستحيل كي تجرحه بكلامها ..
” متقدرش تنكر .. ولا هتنكر بردوا انك كنت هتموت عليا زمان بس انا اللي رفضتك .. ولا هتنكر بردوا انك عاوز تبعد عني عشان نزار وغيرتك منه بعدما سبتك وارتبطت بيه .. “
ضحك متهكما ثم قال :
” انا لو قربت منك فده لانك وحدة رمت نفسها عليا .. انتِ مشفتيش نفسك كنتِ عامله ازاي .. اي رجل مكاني مكنش هيسيبك اصلا من غير ما ياخد كل حاجة هو عاوزها .. بس انا معملتهاش .. بعدتك عني بالغصب رغم انك كنتِ عاوزاني .. عاوزاني اوي يا ميرنا .. لو انا تجاوبت معاكِ للحظة فده شيء طبيعي عشان انا راجل .. راجل وطبيعي اتهز للحظة ورغبتي تسيطر عليا .. وده كان هيحصل مع اي ست غيرك .. اما نزار وانتقامي منك والكلام الاهبل ده فخليكِ واثقة اني عمري ما حطيت نزار فدماغي … نزار ده أخرى افعصه او اخلي كلب عندي .. مش عشان هو فقير لا .. بس عشان اخلاقه متخليهوش ينفع يبقى غير كده .. انا منكرش اني اعجبت بيكِ زماني بس كل حاجة انتهت لما لقيت اننا مختلفين .. وانك مش هتنفعيني .. ومنكرش بردوا انوا احساس الاعجاب ده رجعلي لما شفتك مره تانيه بعد سنين طويله .. “
نظرت اليه بلهفة وقالت :
” يعني بتعترف انك معجب بيا وبتحبني ..؟!”
ضغط على اعصابه متجاهلا كل هذا هاتفا بقسوة لا يعرف من أين أتته :
” كنت معجب .. حب محبتكيش ولا عمري هحبك .. عارفة ليه يا ميرنا ..؟! لاني باسل صفوان .. يوم ما هاحب مش هحب واحدة مهزوزة زيك .. واحدة عايشة عالمهدئات .. المهدئات اللي ممكن تخليها تسلم نفسها لأي راجل زي ما حصل معايا ..”
صمت وهو ينظر الى عينيها اللتين تجمدت الدموع فيهما ..
شعرت بمدى قسوة كلامه لكن كلامها لم يكن يقل قسوة عن كلامه ..
اعتصر قبضة يده بقوة ليتفاجئ بنزار يدلف الى الداخل وهو يهتف ساخرا :
” كنت عارف اني هلاقيها هنا ..”
نظرت اليه ميرنا بملامح جامدة وكلمات باسل تتردد داخل اذنها لتجده يقول بسخرية :
” نسيت اقولك حاجة مهمة يا ميرنا .. بعد اللي حصل امبارح وبعد ما عرفت اللي بينك وبين الاستاذ واكتشفت قد ايه كنت غبي وحمار لما وثقت فيكِ بعد ما هربتي معايا .. طبعا بعد ما اهلك عرفوا باللي بينا وانك كنتِ شاكه انك حامل وقتها ..”
جحظت عينيها بصدمة وهي تتطلع اليه بعدم تصديق لتشاهد ابتسامة ملتوية مرتسمة على شفتيه قبل ان تعاود النظر الى باسل الذي يرمقها بإشمئزاز بينما اكمل نزار :
” ورغم اني خدتك معايا واتجوزتك ووثقت فيكِ وده كان غلطي الحقيقة بعتيني وعملتيلي فيها خضرة الشريفة اللي رافضة الجوازة بالشكل ده وفالأخر نمتي معاه فالحرام قلت لازم اخذ حقي منك .. او منكوا ..”
نقل بصره بين الاثنين بتهكم ثم قال وهو يرمي بمجموعة من الصور أماميهما :
” ده فيديو ليكوا وانتوا مع بعض .. انتوا فاهمين طبعا ..
كان باسل ملتزما الصمت والبرود وهو ينظر اليه بلا مبالاة ازعجته بينما ميرنا تنظر اليه بتوسل فأكمل بحقد :
” انا بلغت اخوكِ الكبير بعنوانك امبارح بالليل وطبعا بعتله الفيديو ده ..”
ثم نظر الى ساعته واكمل :
” لو مستعجل اوي على انوا يشوفك هتلاقيه قريب من بيتك دلوقتي .. وحتى لو مكانش مستعجل اكيد هيستعجل بعد ما يشوف الفيديو ..”
تطلعت اليه ميرنا بعدم تصديق قبل ان تصرخ وهي تندفع نحوه وتضربه على صدره عدة مرات :
” ليه ..؟! بتعمل كده ليه ..؟! حرام عليك .. انت عارف انوا كل ده كذب .. بتعاقبني على ايه ..؟! على انك بعتني ..؟! رد عليا ..”
كان مكتفيا بالنظر اليها وعلى شفتيه ابتسامة منشفيه لتستند على ركبتيها وهي تشعر ان نهايتها أتت ..
لقد انتهت تماما ودفعت ثمن خطأ واحد ارتكبته .. خطأ ارتكبته بدافع الحب .. خطأ هروبها من عائلتها مع شخص بلا نخوة ولا ضمير ..
سوف يأتي أخوها .. لن يتردد لحظة واحدة في قتلها ..
وحتى لو لم يقتلها فسوف يعذبها ويسجنها كالحيوانات حتى اخر العمر .. سوف تتحقق تلك الكوابيس التي تزورها طوال هذه السبع سنوات .. سوف تتحقق مخاوفها ..
نظرت نحو الشرفة المطلة على الشارع بنظرات تائهة قبل ان تنطلق مسرعة نحوها وتفتحها ..
توقفت في مكانها وهي تسمع صراخ باسل عليها الذي لم يستوعب كيف فعلت هذا في لمح البصر وأصبحت على بعد إنش واحد من السقوط ارضا بينما شحبت ملامح نزار كليا ..
صرخ باسل بقوة يدعوها للعودة بينما كان جسدها يرتجف بقوة من هول الموقف لكن في تلك اللحظة وبعدما تخلى عنها الجميع بات هذا افضل الحلول وأريحهم بالنسبة لها ..
شعر باسل بقلبه سوف يتوقف عن النبض وهو يترقب لحظة سقوطها المحتومة ..
يتبع…
لقراءة الفصل العاشر : اضغط هنا
اقراءة باقي فصول الرواية : اضغط هنا

اترك رد

error: Content is protected !!