Uncategorized

رواية ملك للقاسي الفصل الأربعون 40 بقلم فاطمة أحمد

 رواية ملك للقاسي الفصل الأربعون 40 بقلم فاطمة أحمد

رواية ملك للقاسي الفصل الأربعون 40 بقلم فاطمة أحمد

رواية ملك للقاسي الفصل الأربعون 40 بقلم فاطمة أحمد

كشف الأسرار.
__________________
اتجه بخطواته السريعة يبحث عنها بعدما ترجل من سيارته ، حتى رآها جالسة على مقعدها المعتاد تقابل البحر و عيناها تراقبان بتركيز أمواجه المتلاطمة ، توقف مكانه متنفسا الصعداء وقد هدأت نبضات قلبه التي تسارعت بعد اتصال عمه به و إخباره أن يارا غادرت مدرستها منذ ساعتين ولم تعد بعد ، تلك الفتاة ذات ال 14 عاما لن تهمد حتى تصيبه بالجنو*ن حتما فتصرفاتها في الآونة الأخيرة و تحسسها المستمر من ابسط الأشياء أتعب أعصابه و زاد من مسؤوليته في حمايتها … مثلما يحمي شقيقته رهف !!
تنهد ادم و تقدم منها بهدوء قبل ان يغمغم بصوت جدي :
– انتي قاعدة بتعملي ايه هنا في الوقت ده الساعة 7 المسا و العيلة قلقانة عليكي مبتعرفيش ان غلط البنت تقعد في الشارع لوحدها في وقت متأخر وكمان هربتي من السواق و جيتي من غير ما تعرفي حد مخفتيش تضيعي او حاجة وحشة تحصلك.
– مخفتش لاني عارفة ان اول مكان هتجي تدور عليا فيه هو المكان ده …. وانا هبقى موجودة فيه.
إجابتها الخافتة و نبرتها الحزينة كانتا كالماء الذي انسكب على نير*ان غضبه و سقمه منها فأطفأه ولم يدري كيف طاوعها و جلس على المقعد بجانبها و سألها مباشرة :
– ايه اللي حصل في حد دايقك في المدرسة ؟
نفت برأسها فصمت مومئا و استطرد :
– النهارده الذكرى الثامنة لو*فاة مامتك ، انتي و رهف كنتو بتجم معاها ع المكان ده و تقعدو تبصو ع البحر كتير لحد ما تنامو على كتافها وبعدين تتصل بيا انا و عمي احمد نجي نشيلكو معاها.
إبتسمت لتلك الذكرى الجميلة و لم تدرك انها تبكي الا عندما سقطت دموعها على يدها التي تحتضن لعبة كانت قد أحضرتها لها أمها منذ سنوات و بالضبط في اليوم الذي عادتا فيه سويا من السوبر ماركت لكن في الطريق فقدت السيطرة على سيارتها و اصطدمت في الحائط …. آخر ما تتذكره يارا هي صرخة والدتها ب إسمها ثم بعدها استيقظت في المستشفى و عندما سألت عنها أخبرها والدها أن الله أحبها فأعادها إليه !!
انتبه ادم الى سؤالها المتحشرج :
– بتعمل ايه لما حد يوحشك بس مبتقدرش تشوفه لأن ربنا رجعه ليه ؟؟
رد عليها وقد انتهى من بعث رسالة لعمه يقول فيها انه وجد يارا و سيعيدها معه بعد دقائق :
– بدعيله كتير ، بدعيله في صلاتي و في كل مرة افتكره فيها … ابتسم كل ماصورته بتجي فخيالي و افتكر كل ذكرياتي الحلوة معاه و اترحم عليه ، بطلعله صدقات جارية و افضل ادعيله بالرحمة و المغفرة بدل العياط لأن الدموع مبترجعش اللي راح بالعكس بتحر*ق قلوبنا اكتر.
– يعني انا غلطانة لأني بعيط على ماما ؟
سألته بغتة فحانت منه نظرة لها ليرى وجهها المحمر من كثرة البكاء ، قاوم لكي لا يمد يده و يمسح دموعها و أردف :
– انتي بتثقي في ربنا ؟ مؤمنة بالقضاء والقدر ؟
اومأت يارا دون تفكير فتنهد و أجابها :
– حيث كده لازم تفهمي ان احنا كلنا هنرجع لربنا العياط مبيرجعش الأمو*ات و مبينفعناش ربنا ادانا نعمة الصبر يا يارا وانتي لازم تصبري و تقوي نفسك صدقيني ابوكي قلبه بيبقى محرو*ق عليكي وفعز احتياجه للسند بيلاقي نفسه قلقان و خايف على بنته انتي كده بتتعبيه اكتر و بتوجعيه فوق وجعه على مراته ردي عليا ينفع تخلي باباكي يقلق و يدور عليكي ف الشوارع هتفرحي لو لا سمح الله اا…
قاطعته بسرعة قبل ان يكمل جملته :
– لا لا.
هز ادم رأسه برضا :
– يبقى متعمليش كده تاني و تخوفينا عليكي ماشي ؟
– حاضر.
همست بها في حرج ثم تنحنحت و سألته :
– ابيه ادم … هو ليه احيانا بحس حضرتك هادي و حنين و كلامك حلو وفجأة بتقلب و بتبقى يعني … قاسي و بتزعقلي كتير.
رفع حاجبه الأيمن بغرابة فهو لم يتوقع سؤالها ذاك وفي نفس الوقت ارتبك لأنه فشل في إيجاد رد مناسب لكنه لن يرضى بأن يضع نفسه في هذا الموقف لذلك غمغم بصوت بارد :
– من واجبي احذرك لما تغلطي حتى لو شديت معاكي او قسيت عليكي شويا بس كله عشان مصلحتك … احم احنا اتأخرنا و عمي زمانه مستنينا يلا نمشي رهف جوا العربية اهي لو سألتك اوعى تقوليلنا احنا اتكلمنا ف ايه.
هزت كتفها ببراءة :
– ليه بقى حضرتك بتتكسف لو اظهرت حنيتك للناس.
رمقها ادم بطرف عينه في تهكم ساخر و علق :
– بطلي اسئلة كتيرة و اسمعي الكلام.
انتصب واقفا يهندم هيأته و قبل ان يتحرك سمع إسمه ينطق منها دون ألقاب لأول مرة :
– ادم …. شكرا لأنك موجود.
…. ادم …. ادم …. ادم….
صوت طنين مزعج أجبرها على الاستيقاظ من عالم الأحلام و العودة للحياة بحلوها و مرها ، فرقت جفون عينيها ببطئ لتوصدهما مجددا بسبب الضوء المزعج الذي اختر*ق ظلمة ما تراه بقس*وة ثم عادت و فتحتهما بعدما شعرت بشيء يحجب النور عنها …. لقد كانت هذه يد أحدهم لكن مالذي يحدث هنا و ما مصدر صوت الأجهزة ، أين هي الآن ؟
تأوهت بخفوت هامسة :
– ادم.
– انا هنا.
كان هذا صوت تعرفه يارا جيدا فرفعت رأسها تناظر اليد التي اختفت عن مرمى الضوء و جاء بدلها جسد صلب يحجبها عنه …. حتى هذه البنية تعرفها جيدا … انه زوجها !!
أمسك الأخير يديها و طبع عليهما قبلة عميقة يتبعها صوته الرخيم وهو يردد :
– انتي كويسة متخفيش.
تأوهت ثانية و قالت :
– ايه اللي حصلي و انا فين.
تنهد ادم و رد عليها بهدوء :
– تعبتي شويا و اغمى عليكي عشان كده نقلناكي ع المشفى.
أنهى جملته الأخيرة مستعيدا مشهد آخر 3 ساعات عندما دخل للمنزل عازما على ان يسألها بشكل مباشر ان كانت تستهلك أدوية معينة و تخفي الأمر عنه لكن سرعان ما تحرك قلبه بين ضلوعه و اسودت الدنيا في عينيه عند رؤيتها قابعة في زوايا الصالون تتكوم على الأرض و تهتز بهستيرية مرضية مرددة كلمات مختنقة بدموعها ، وقتها أسرع اليها و حاول انتشالها من نوبتها و تهدئتها لكنه فشل ولم يلبث دقيقتين حتى شعر بإستكانتها ف اعتقد انها تحسنت و سرعان ما خاب ظنه و ذعر عند رؤيته لخيوط الد*ماء المنجرفة من أنفها و جسدها هامد بين ذراعيه …..
اما يارا فركزت على نقطة في الفراغ و بدأت الذكريات تجتاحها حتى انتفضت و صاحت بهلع :
– بنتي …. بنتي جرالها ايه !!
تشنج ادم وهو يجيبها بحذر :
– بنتنا بخير الحمد لله اهدي بس.
هزت رأسها بدموع وقد تراءت لها ذكرى النز*يف الذي تعرضت له وكلام الطبيبة التي أخبرتها بأن طفلتها لن تنجو ان تكررت نفس الحادثة :
– لا لا ااا انت انت ب ب بتقولي الكلام ده ع عشان تهديني اا انت بتكدب عليا …
منحها إبتسامة يبث فيها جل الحنان المتواجد في العالم و تمتم :
– انا كدبت عليكي من قبل ؟ حطي ايدك على بطنك و هتتأكدي ان بنتنا لسه موجودة.
فعلت ما قاله لتزفر براحة تحمد الله وهي تشعر بذلك الانتفاخ الذي يؤجج الحياة داخلها في كل مرة تتحسسه ، أوصدت عينيها و تساءلت رغم معرفتها الجواب :
– ايه اللي حصلي ؟
– ضغطك ارتفع جامد و نز*فتي بس حالتك مستقرة حاليا.
هتف بصوت مثقل ف التفتت له يارا و طالعته بإنكسار :
– حالتي مش مستقرة يا ادم ، ااا انا بتخيل و بتوهم و بتجيلي نوبات بسمع اصوات غريبة و بشوف حاجات ملهاش وجود انا….
قاطعها ادم بشدة وهو يمرر يده على رأسها :
– هنبقى نتكلم في الموضوع ده بعدين ارتاحي انتي دلوقتي وانا هوصي رهف و ماما يجم يقعدو معاكي على ما اكلم الدكتورة بتاعتك ماشي.
قبل وجنتها و خرج من الغرفة اتجه الى طبيبتها التي تتابع زوجته يطمئن عن وضعها ثم ذهب الى زوج أخته زياد و اتفق معه على اجراء تحاليل ليارا دون إخبار أحد من العائلة.
اومأ الآخر بجدية :
– متقلقش يا ادم تقدر تعتمد عليا انا هوصي المسؤول عن التحاليل يعمله بسرية و النتيجة هتظهر بكره باذن الله.
همهم برضا ثم سأله بغتة :
– صحيح انا من شويا لاحظت توتر بينك انت و رهف و عشان نظرتي مبتخيبش ف انا متأكد ان في مشكلة حصلت بينكو خير ايه اللي حصل ؟
تذكر زياد معرفته بأن رهف أخلفت الوعد الذي قطعته له و أفشت سر شقيقه بعدما ضغطت عليه و سحبت منه الكلام بطريقة ذكية و ذهبت مباشرة تنقله الى صديقتها ، تنهد بح*نق منها و لع*ن نفسه مرات عديدة لأنه وثق بها لكنه رغم ذلك قال :
– مجرد مشكلة صغيرة هنحلها بيننا بهدوء متقلقش.
لم يحبذ ادم على اي حال التطفل على خصوصية أخته و زوجها بل حتى انه كان سينزعج و ينزل هذا الطبيب من نظره لو طاوعه و أخبره بأسرار بيته لكن إجابته هذه طمأنته نوعا ما و ادرك ان المشكلة سببها رهف بالتأكيد ، تنحنح و ربت على كتف زياد متشدقا :
– بص انا عارف ان اختي احيانا بتعمل تصرفات بتضايق بس كله بيبقى من غير قصد منها لأن قلبها ابيض لكن عندها مشكلة وهي لسانها المسحوب منها.
ابتسم بخفة فتابع الآخر :
– ومع ذلك اي مشكلة بتحصل بينكو حتى لو رهف سببها انا بتمنى تحلوها بهدوء من غير ما تأ*ذو بعض كل حاجة بتتحل بالراحة اتمنى متقساش عليها لأي سبب كان.
– طبعا يا بشمهندس.
قالها بآلية و بعد مغادرة ادم رفع زياد طرف شفته متمتما :
– بتطلع اسرارنا لبرا وانا لازم عليا اتعامل بهدوء بسببها انا هقدر ارفع عينيا فوش اخويا تاني ولو عرف مش هيسامحني.
______________________
– وبس كده يا ستي سمعني وانا بكلم تقي ع التلفون و بوصيها متعرفش حد باللي سمعته مني قمت انا اللي فضحت نفسي لأن زياد كان واقف ورايا و سمع كل حاجة.
تنهدت بحزن و أكملت :
– هو الصراحة انا غلطت مش هنكر بس والله عملت كده عشان تقي و آسر يرجعو لبعض يعني غرضي كان شريف و …. يارا انتي سامعاني …. يارا !!
وكزتها بخفة فشهقت يارا بفزع مرددة :
– ايه في ايه ؟
تعجبت من انفعالها و قالت :
– مفيش حاجة يا حبيبتي لقيتك سرحانة قولت افوقك مالك انتي كويسة اطلبلك الدكتورة ؟
اومأت عدة مرات مهمهمة :
– انا كويسة بس نعسانة شويا ، هي الساعة كام دلوقتي عايزة اخرج ؟
– الساعة اربعة العصر يا حبيبتي ابيه ادم بيجهز ورق الخروج ولما يخلص هنمشي.
طرق الباب بخفة تلاه دخول ابراهيم رفقة حنان و في أيديهما اكياس العصائر و بعض المأكولات اقتربا منها و قبل عمها جبينها بحنان :
– أميرتي الجميلة عاملة ايه دلوقتي.
ابتسمت يارا بوهن :
– أحسن.
– طيب يلا علشان تاكلي وياريت متعترضيش احنا لسه متغديناش و عايزين ناكل معاكي.
تدخلت رهف معترضة :
– بتمنى يا بابا متجملنيش في الدايرة معاكو لأني هاكل حتى لو أميرتك رفضت انا واقعة من جوعي و….
قاطعتها حنان بنظرة محذرة من عينيها و أردفت :
– لسانك ده محتاج يتقطع اصبري عليا لما افضالك بس.
زمت رهف شفتيها و دخلت في حضن ابنة عمها مرددة :
– عارفة اني مبهونش عليكي.
ضحكت يارا مدركة تماما لمحاولتهم إخراجها من قوقعة خوفها على طفلتها و حمدت الله سرا لأنه عوض غياب أهلها بهذه العائلة الجميلة ووعدت نفسها بأن تتخطى كل الصعوبات لأجل ابنتها و زوجها و عائلتها وقبل كل شيء لأجل نفسها !!
________________________
– طبعا انتي عارفة عني كل حاجة مفيش داعي لكتر الكلام !
نطق بها ذلك الرجل ذو الإبتسامة اللزجة وهو يرتشف من فنجان القهوة الموضوع أمامه فطالعته تقي مقتضبة :
– اكيد يا استاذ سليم انا بعرف حضرتك تمام المعرفة.
اومأ بإستحسان لنبرة الخض*وع التي تظهر في كلامها ثم وضع ساقه على الساق الأخرى قائلا بغرور :
– نجي لشروطي بقى … اولا انتي هتعيشي مع أمي فنفس الشقة تخدميها صبح و مسا طبخ و تنظيف و ترويق ده كله واجب عليكي … ثانيا انا الآمر الناهي في البيت يعني ممنوع تتصرفي من غير مترجعيلي مهما كان الموضوع صغير .. متفقين لحد كده ؟
قبضت على يديها تدعو بأن تتحمل استعلاء هذا الرجل البغيض و أجابت :
– متفقين كمل.
– وبخصوص شغلك.
قاطعته تقي مبتسمة بإصطناع :
– عايزني ابطل انزل الشغل ؟
طالعها من الأسفل للأعلى و رد عليها :
– هو مع اني مستغرب ازاي أهلك سايبينك تشتغلي بعد الفضيحة اللي عملتيها بس المهم انا معنديش مشكلة مع شغلك بشرط تديني راتبك كل اول شهر عشان نتعاون على الظروف المعيشية و عربيتك يا تبيعيها و تقبضيني حقها يا تبقى بتاعتي و مكتوبة ب إسمي لاني الصراحة مبقبلش مراتي تسوق عربيات ، ايه رايك ؟
هزت رأسها بإيجاب فعقد حاجبيه مستهجنا ليس من الغريب ان توافق على جميع شروطه دون نقاش فكيف تفعل وهي تعلم جيدا أن لا أحد غيره سيتقدم لها و يقبلها زوجة له بعدما هربت مع حبيبها و تزوجته و عادت مطل*قة منك*سرة …. امرأة بوضعها لن تقوى على رفضه حتى ولو كان رجلا مشكلجيا مطلق اكثر من مرة و يحتفظ بزوجته الثالثة ذليلة في منزله لا تقوى على رفع وجهها به !!
اما تقي فكانت هي الأخرى تقاوم بشدة لئلا تنهض و تقلب صينية القهوة على وجهه السمج فلا يكفي انه يتعالى عليها و يستح*قرها بسبب جر*يمتها السابقة بل يط*مع ايضا في راتبها و سيارتها ، لو سمعه شقيقها مروان سيفرغ رصا*صات سلا*حه في رأس البغيض لكنها لن تخبره بتصرفاته بالعكس ستمدحه و تقول انها موافقة … ستجعل المدعو آسر يأتي راكعا لباب منزلها و يشرح لها سبب خيا*نته و يعتذر مرارا و تكرارا منها ويطلب العودة ، وهي لن تصفح ولن تعود !
افاقت من شرودها على دخول شقيقها ووالدتها و أمه و عندما لاحظ مروان جلسته نهره بحدة :
– نزل رجليك يا استاذ لو سمحت !!
تنحنح سليم و أخفض قدميه ثم نهض لتقول أمه بتعجرف بأنهما سيأخذان منهما الخبر بعد حوالي يومين ، و فور مغادرتهما استدارت عزة الى ابنتها مبتسمة براحة :
– الحمد لله اليوم ده خلص مع اننا مكناش مجبرين نقابلهم بس المهم هنبعتلهم الرفض بكره الصبح خليه يروح يشوف ست تانية تقبل تعيش مع ضرتها و امه فنفس البيت.
أيدتها رتاج بضيق :
– فعلا انا مكنتش طايقة ابص في وش البني ادمه امه و ابنها طالع ليها مش عارفة شايفين نفسهم على ايه.
تنهد مروان وقال وهو ينظر لهاتفه :
– احنا عملنا اللي علينا و استقبلناهم بما يرضي الله ربنا يرزقه ببنت الحلال بعيد عننا.
– بس انا موافقة على الجوازة ديه.
صدر صوتها وهي تقف في زاوية الغرفة لتتحول لها الأعين و تصيح أمها في سخط :
– نعم ياختي موافقة على ايه ؟ 
– انا صليت استخارة و حاسة نفسي مرتاحة ووافقت من جهتي و لو هما موافقين كمان اللهم بارك.
التف لها مروان بحدة متسائلا :
– انتي بتحاولي تعملي ايه يا تقي من كل عقلك موافقة على الناس اللي جايين يبصولك من فوق واحدة بتاعت مشاكل و ابنها مش اقل منها وكمان متجوز انتي فاكرة نفسك بتلعبي و عايزة ترتكبي نفس الغلط ولا ايه مش فاهم مسمعتيش الست أمه كانت بتتكلم ازاي ؟
التمعت عيناها بالدم*وع و همست :
– بس هي معاها حق انا …. انا واحدة هربت مع اللي بتحبه و اتجوزته ورجعت مطلقة و مفيش راجل غير سليم هيقبل يتجوزني.
تقدم منها و صر*خ غا*ضبا :
– لا عاش ولا كان اللي يتكلم على اختي انتي غلطتي مرة و عرفتي غلطك ملوش لزوم تتعا*قبي طول عمرك عليها و حتى لو الراجل ده كان آخر حد يتقدملك معنديش مشكلة انتي هتفضلي في بيت اهلك معززة مكرمة. 
اعترضت تقي كلامه بعناد :
– بس انا عايزة اتجوز و استقر يا ابيه و حضرتك بنفسك قولتلي اكمل حياتي و مبقاش قديسة عايشة على ذكريات راجل خا*نها.
تنفس مروان بقوة و أجابها :
– انا اتكلمت بصفة عامة و قولت لو اتقدملك واحد مناسب لازم تكملي حياتك معاه بس … مش ده اللي …
قاطعته وهي تمسح دموعها التي انسابت على ذكرياتها مع آسر قلبها :
– انا شايفة سليم مناسب.
صاحت عزة معترضة بينما رفع أخوها اصبعه في وجهها حازما أمره :
– الموضوع ده مش مقبول انا ان كان عندي نسبة موافقة صغيرة عليه في البداية فبعد ما جه رفضته و مفيش مجال للنقاش.
تحرك ليغادر لكن كلامها اوقفه :
– ابيه مروان انت وعدتني من كام ساعة تدعمني فكل قراراتي مهما كانت !!
اوصد عيناه يلعن لسانه الذي تفوه بهذه الكلمات قبل ان يرى حقيقة من طلب شقيقته ، هو يعلم جيدا ان تقي تسعى خلف شيء ما و الا كانت رفضت المدعو سليم و سيكون ملعونا ان لم يكتشف ما تخطط له … ابتسم فجأة و رسم الهدوء على وجهه ثم استدار الى اخته محاولا تجاهل اعتراضات أمه :
– ماشي يا حبيبتي مدام انتي موافقة معنديش اعتراض….. لو سليم و امه ردو علينا بالإيجاب هنعمل الخطوبة ف اسرع وقت.
بهتت ملامح تقي لوهلة و اندهشت من تحوله السريع قبل ان يتجه الى عزة قائلا :
– تعالي انتي يا ماما محتاج حضرتك فكام كلمة.
ذهبت معه على مضض بعدما غمزها بينما نطقت رتاج غا*ضبة :
– بصي انا مش هسكت ع الجنان ده كتير انا استحملت و قولت اكيد اختي هترفض من نفسها بعد ما تشوف عقلية اللي اتقدملها انما الاقيكي وافقتي ليه انا مبخافش ربنا ولا ايه ؟ مش انتي قولتي انك لسه على ذمة آسر ؟
– اه.
أجابتها ببرود فعلقت رتاج بحنق :
– يا بجاحتك بتقوليها كده عادي ناوية تعملي دور تقي و ازواجها الخمسة ولا ايه مش فاهمة.
شهقت تقي ووضعت كفها على فم شقيقتها هامسة :
– اسكتي احسن ابيه و ماما يسمعوكي ! تعالي انا هفهمك كل حاجة.
______________________
بعد ساعات.
مرر يده على شعرها برقة ثم قبلها و رفع الغطاء يحكمه عليها و خرج ، قابل أخته في طريقه فقال بلهجة صارمة :
– يارا لسه نايمة بلاش تدخلي و تعملي دوشه.
هتفت رهف مسرعة :
– مش هعمل صوت هقعد جمبها من سكات والله.
غمغم ادم بإقتضاب ليستدرك بغتة :
– انتي قاعدة هنا و ممشيتيش مع جوزك ليه ؟
ارتبكت من نظراته ولم تحبذ ازعا*جه بمشاكلها أكثر و إخباره ان زياد يتجاهلها منذ البارحة بعدما علم بفعلتها الحمقاء لذلك آثرت البقاء بعيدة عنه قليلا لعله يحن لها و يسامحها فقالت :
– اا انا طلبت منه يسمحلي اقعد يومين كده اخد فيهم بالي من يارا و اساعد ماما يعني ف….
قاطعها وهو يزفر بإرهاق :
– ماشي يا رهف لو احتجتي لأي حاجة مهما كانت صغيرة عرفيني وانا هحلها تمام.
إبتسمت بسعادة و حضنته ذلك الحضن الأخوي الذي نادرا ما تحصل عليه من شقيقها :
– حاضر يا ابيه ربنا يخليك لينا ان شاء الله يارا تتحسن و تقف على رجليها تاني متزعلش نفسك.
أجبر إبتسامة صغيرة على الظهور على شفتيه و تمتم :
– ادخليلها ياحبيبتي و متسيبهاش لوحدها.
– من عينيا.
نزل ادم الى الأسفل و دخل الى غرفة مكتبه بخطوات مثقلة و عيناه تفتحان بصعوبة ، منظرها وهي ترتجف بين يديه و تنز*ف اختر*ق قلبه فأد*ماه بقس*وة يقسم ان أسوء كوا*بيسه لم تكن بهذه الفضا*عة حتى رؤيته لج*ثة عمه احمد منذ شهور شتتته نعم لكن تدمره ، لم توقف قلبه مثلما توقف عن النبض صباح هذا اليوم !!!
أراح جسده على الأريكة و أرجع ظهره للخلف متنهدا بتعب ، من جهة يريد معرفة حقيقة ما يحدث مع زوجته ومن جهة أخرى يخاف من إخبارها بما يعرفه و انها طوال هذه الفترة تتناول المهلو*سات دون علمها ، يخاف لو تسوء حالتها عندما يضطر ايضا للقول لها بأن عمها الذي تحبه هو من دبر مك*يدة بينهما جعلتهما يبتعدان عن بعض شهرين …. لن تتحمل يارا هذه الصدمة و ربما ستفقد آخر ما تبقى لها من أعصاب و تنهار … هي لن تتحمل لكنه في نفس الوقت مجبر على سؤالها و معرفة جميع ما تستهلكه من أدوية و لن يهمه حتى لو ظنت أنه يتهمها بالإنحر*اف فهذا أفضل مليون مرة من رؤيتها وهي تتدؤمر كل يوم !!
– استغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم.
تمتم بها ادم مرارا و تكرارا حتى سمع صوت طرق الباب لتدخل أمه بإبتسامتها المعتادة :
– حبيبي انت قاعد لوحدك هنا بتعمل ايه ما تطلع تنام جمب مراتك.
همهم بصوت ثابت :
– مش نعسان.
– طيب استنى اعملك حاجة تاكلها.
– مش عايز.
رد عليها بإيجاز فتجهمت حنان و اقتربت تجلس بجانبه ، وضعت يدها على كتفه ثم مررتها على شعره متمتمة بتريث :
– كل حاجة هتتصلح انت ثق في ربنا بس ، قولي يا ابني اللي بيحصل مع يارا مش مجرد ارهاق من الحمل صح ؟
لم يستطع الكذب على أمه وفي نفس الوقت رفض الإقرار بالحقيقة حاليا لذلك أشاح وجهه عنها مردفا :
– ماما لو سمحتي انا عندي صداع ومش قادر اتكلم.
إبتسمت بتفهم و عدلت جلستها لتسحبه لها :
– تعالى هنا نام على رجليا زي زمان.
نظر لها ادم و تعجب من كلامها :
– ليه بس انا كويس صدقيني.
تأففت و أجبرته على الاستلقاء على ظهره و وضع رأسه على ساقيها ، تغلغلت بأصابعها داخل شعره و قالت :
– مش عيب تظهر ضعفك قدام امك انا عارفة انك موجوع و تعبان اكتر من يارا حتى ، احكيلي و اشكيلي محدش هيفهمك اكتر مني يا حبيبي. 
تأوه بأ*لم و دفن رأسه في حضنها كأنه كان ينتظر فرصة لتفريغ ما بداخله لها فهمس :
– انا تعبان … خايف على يارا اوي … خايف على بنتي … و خايف مقدرش احميهم و احميكو … مراتي بتضيع مني وانا عاجز عن اني اقدر اساعدها … متعصب من نفسي لأني مكنتش معاها ف اصعب فترة مرت بيها انا بعدت عنها شهرين كاملين لو مبعدتش مكنش حد هيقدر يؤ*ذيها.
عقدت حاجبيها بعدم فهم لكلامه لكن رغم ذلك تركته يكمل :
– انا … انا بحبها يا ماما بحبها اوي و مبقدرش اشوفها بتضيع كده ياريت كل تعبها ووجعها ينتقل ليا بس هي تفضل سعيدة و مرتاحة متمني يارا بتاعت زمان ترجع يارا قبل ما ادخل حياتها كانت مبسوطة بتضحك و تهزر و تلعب بس من اول ما اتجوزتني مشافتش غير الحزن و الق*هر و العياط ياريت متجوزتهاش ياريت سمعت كلام عمي احمد و طلقتها بعد فترة و بعدتها عني لو …. لو ….
– شششش.
قاطعته حنان بلهفة بعدما غاب صوته المختنق و انصدمت بقوة حينما أحست بملابسها تتبلل ، ادم يب*كي و دمو*عه تغرق وجهه و ثوبها لم يحدث هذا من قبل لم يتأ*لم طفلها لدرجة البك*اء لقد بنى دوما جدارا بينه وبين مشاعره آخر مرة رأت دمو*عه فيها عندما مر*ضت هي قبل سنتين و دخلت المستشفى و اعتقد هو أنه سيخسرها مثلما خسرت يارا والدتها ورغم ذلك أخفى حقيقة انه ” بكى ” و بقي صالبا يواسي والده و رهف وحتى ابنة عمه ، ترى مالذي يعيشه الآن جعله يب*كي ليتها فقط تعلم ذلك لعلها تخفف عنه … و لأنها مثل أي أم تمنح حياتها لصغارها ، نزلت دمو*عها معه و قالت :
– متقولش كده يا ادم انت ملكش ذنب في حاجة طول عمرك سندنا وواقف في ظهرنا و لولا وجودك بعد ربنا كانت يارا اتد*مرت وبعدين مين اللي فهمك أن اللي بيحصل معاها بسببك هو في حد بيختار الو*جع و الأذ*ى لحبيبه انا اكتر واحدة عارفة قد ايه بتحب يارا رغم معترفتليش قبل كده بس تصرفاتك و نظراتك و قلقك عليها كله بيثبت انك مبتفرطش بيها و مستعد تعمل اي حاجة عشان تخف و تبقى أحسن  يبقى متقولش على نفسك كده و كون قوي عشانها و عشان بنتكو الجاية في الطريق. 
همساتها الحانية كانت كالمخ*در الذي هدأ أعصابه و جعلها تستكين ، منذ قليل فقد سيطرته على نفسه و نزلت دمو*عه امام أمه حسنا هذا شيء محرج قليلا بالنسبة له فهو لا يحبذ أن يراه أحد وهو يب*كي حتى لو كان من اقرب الناس لقلبه لكنه ارتاح حقا بعدما بث همومه الى منبع الطيبة و الحنان التي تحضنه و ت*بكي لبكا*ئه ، هو محظوظ لأنه يمتلك أما رائعة مثل حنان !!
تنحنح ماسحا دمو*عه و نهض جالسا و تكلم بصوت متحشرج :
– شكرا يا ماما … انا هقف جمب يارا في فترة تعبها ومش هسمح لنفسي أضعف كل حاجة هتتصلح بإذن الله.
نزت رأسها راضية و أمسكت يده تربت عليها :
– ان شاء الله يا حبيبي ، صحيح ايه رايك تنقل انت و يارا للفيلا بتاعتنا منه ناخد بالنا عليه و منه تروح لشغلك وانت مطمن انا خايفة عليها تتعب تاني و محدش ياخد باله.
نفى ادم سريعا فهو حاليا يبحث عن الأدوية التي تأخذها زوجته و يتعاون مع المباحث و لديه عدة ملفات يخفيها سرا في مكتبه لن يستطيع التحرك بحرية اذا عاد للعيش مع والديه ، نظر لها و أجابها بصلابة :
– انا مرتاح هنا يا إمي اتعودت على العيشة في الفيلا ديه وكمان يارا مش في وضع سيء لدرجة ننقل انا مش عايز احسسها ان حالتها خطيرة هكتفي بأن حضرتك تاخديها تقعد معاكي في الساعات اللي بكون فيها برا البيت بس.
لمح الإستنكار يغزو وجهها و تبعته كلماتها :
– انت مصدق اللي بتقوله ده ؟ على اساس اني عيلة صغيرة و هقولك اه ماشي أمرك … ما تحكيلي في ايه يا ادم بدل اللف و الدوران ده كله انا متعودة عليك تتكلم على طول و مبتخبيش حاجة بتعملها ايه اللي حصلك دلوقتي ؟
بلل ادم شفتيه و مرر يده على شعره في سخط :
– مش مخبي حاجة انا هرتاح اكتر لما اقعد في بيتي وكمان هجيب واحدة تنظف البيت ولو لزم الأمر اجيب ممرضة تعتني بيارا غير كده كله تمام … ممكن تعمليلي قهوة بعد اذنك انا عندي شغل كتير لسه هخلصه و محتاج افوق .
أدركت حنان انه لن يبوح بما يخفيه لو مهما حاولت فتنهدت مستسلمة و وقفت تخبره :
– 10 دقايق و القهوة تكون جاهزة صحيح ابوك اتصل بالعيلة في البلد و جدك قال انه هيجي مع إمي زهرة و للاسف عمك و عمر عندهم شغل مش هيقدرو يجم يشوفو يارا بس اتصلو يطمنو عليها.
تلاحت إبتسامة متهكمة على وجهه و علق :
– كتر خيرهم الواحد مننا بيتقوى بعيلته.
بعد خروجها رمى القلم الذي يده و غمغم بكر*ه و غ*ل :
– طبعا مش هيجم جدي غايب و ابويا بطل يحقق معاهم على الشغل و انا فاكريني مشغول بمراتي ومش فايقلهم اكيد الفرصة ديه مش هتتكرر و هيستغلوها قد ما يقدرو بس على مين ده انا ادم الشافعي و ربي ما هرحمكو انتو الاتنين.
_________________________
في الصعيد.
كانت أجواء التو*تر و الحركات المتزايدة شيئا مبالغا بالنسبة له ، يتطلع الى جدته و جده الذي يوصي الغفير و الخدم بعدم إهمال العمل ببرود يحسد عليه ، وكأن من دخلت المشفى ليست نفس الفتاة التي صرح عديد المرات بحبه لها و رغبته في الزواج منها ، وليست إبنة عمه من دمه و قلقه عليها أمر بديهي جدا ، زفر عمر بملل و حدث نفسه :
– خايفين عليها ولا كأنها بنت السلطان معجولة لأنها تعبت شوي يجطعو المسافة ديه كليتها مشان يشوفوها فعلا العجل زينة.
أفاق من شروده على والده الذي اقترب منه و نبهه محذرا :
– جوم ساعد الغفير يطلعو الحاجات في العربية و اعمل نفسك مهتم ببنت عمك بدل ما انت جاعد كيف الحريم اكده.
– واه وإني مالي يابوي مش جدي بيجول عليا مليش فايدة رايدني اساعده ليه وبعدين المبالغة ديه ملهاش عازة كله نزيف بسيط ه….
توقف هنيهة يستدرك شيئا ثم نظر لوالده يتساءل بصوت منخفض :
– سبب التعب ده هو نفس السبب اللي خلاها تتعب من فترة يا بوي مش اكده ؟ البت يارا لسه بتاخد الحبو*ب اياها.
كاد علي ينفي الأمر لكنه عندما رأى تلك الإبتسامة الشامتة على وجه إبنه اطمأن لعدم وجود اي حزن و ندم من ناحيته فقال :
– ايوة يا ولدي شكله نفس السبب بس غريبة مش زعلان عليها اياك صرعتلي راسي اني رايد يارا مرتي رايدها حلالي على الجليلة ازعل عليها شويا مشان لما ادم يزهج منها و يطلجها تكون انت العريس المثالي ليها.
كتم عمر ضحكته الساخرة و علق :
– ليه إني حرمة مشان ازعل عليها له يا بوي مبجتلش الجتيل و امشي في جنازته كيفك وبعدين لما ادم يطلجها الحج سليم حيكون اجصى امنياته يخلص منيها و حيجوزهالي من غير ما اطلب وجتها اسيطر على فلوسها و ارميهاله. 
غامت عينا الآخر و شرد في آخر مواجهة بينه وبين ادم ، لا ينكر انه من خطط لكل شيء و قدم ليارا بعض الأدوية على انها فيتامينات لكي تف*قد عقلها و ت*خسر طفلها وبهذا يكون قد د*مر حياة ذلك الذي يظن نفسه ذكيا فهو يعلم كم أن ادم يحب يارا ولا يملك ادنى احتمال في تخليه عنها يوما الرجل الذي قضى شهرين يزور زوجته ليلا و يغادر فجرا و يتصل بجدته دوما يطمئن على احوالها من سابع المستحيلات ان يرميها هكذا ، هدف إبنه هو الزواج من يارا و أخذ أموالها أما هدفه هو فلا يقل عن تدمير حياة ادم العملية و الشخصية لن يرتاح حتى يراه يب*كي قهرا على زوجته و طفله و عمله الذي سيقضي عليه ، يعترف لنفسه انه لم يرد ان تصل المواضيع لهذه الدرجة لكن إبن أخيه من تحداه و شكل خطرا على مخططاته استولى على البيضة الذهبية التي كانت ستجعلهم أثرياء بأموالها و سيطر على فرعي الشركة و أخذ الأسهم حتى أنه كشف جرائمه المالية و هدده بها لذلك القضاء عليه هو الحل الوحيد ، و مع هذا كله لا يستطيع البعد عن التفكير ماذا سيفعل ادم عندما يكشف أن عمه خلف كل الحوادث التي حصلت و السبب في جعل زوجته مجن*ونة بالتأكيد سيفقد السيطرة على أعصابه و تثور دما*ؤه و يأتي ليقت*له وقتها علي سيكون له بالمرصاد سوف يخ*طفه و يشبعه ذ*لا و يجبره على نقل الأسهم لإسمه ثم يق*تله او يرحمه و يدعه يعيش مع فشله ….. سيكون هذا أكبر انت*قام منه !!!
_______________________
نظر الى ساعة يده وجدها التاسعة فزفر و همهم بخفوت :
– اليوم ده مش راضي يخلص…. انا نسيت اصلي العشا.
نهض يتوضأ في الحمام المرفق بغرفة مكتبه و أدى فرضه ثم خرج ليصعد و يطمئن على زوجته ، رأى أمه تخرج من غرفته و تحمل صينية أطباقها فارغة نسبيا ف اقترب منها و سأل :
– يارا اتعشت ؟
اومأت له بإيجاب :
– قدرت اقنعها بصعوبة قعدت تسأل عليك و قالت مش هتاكل من غيرك بس قولتلها ان عندك شغل ومش فاضي ، ثواني بس اجهزلك ….
قاطعها بإعياء واضح عليه :
– لا انا مش عايز حاجة غير إني انام.
إعترضت حنان بعتاب خفيف :
– ينفع تنام من غير ما تاكل مفيش حاجة دخلت بوقك غير القهوة اللي شربتها 3 مرات هتضر صحتك يا ابني حرام عليك نفسك.
لم يكن ادم يحمل أدنى رغبة في الأكل الآن رغم ان اللقيمات التي تناولها منذ بداية اليوم اقل من ما يتناوله المرء في وجبة واحدة عادة لذلك قبل جبين والدته و أردف :
– نفسي مسدودة يا ماما والله ومش قادر.
– طيب لو جوعت انزل المطبخ هتلاقيني عاملة أكل كتير و مترص و انا بكره هجي اغسل المواعين و….
قاطعها ادم مسرعا :
– مفيش داعي انا هتصرف فيهم حضرتك روحي نامي و ارتاحي بس ، الله يخليكي ليا يا ست الكل.
قبل جبينها بود و تابع :
– انتي أحسن أم في الدنيا كلها.
إبتسمت و ردت عليه :
– وانت احسن إبن و نور عينيا يلا انا ماشية زمانها رهف مستنياني هي و ابوك و هجي اطمن على يارا بكره ماشي.
– حاضر.
غادرت حنان و دخل ادم الى الغرفة ليجدها جالسة في منتصف السرير تضم ركبتيها و تسند رأسها عليهما متأملة في الفراغ بشرود ، دنى منها بخطوات هادئة و وضع يده على كتفها ف انتفضت و عادت الى الخلف بذ*عر.
تأ*لم قلبه لرد فعلها و هتف :
– ده انا اهدي.
رفعت يارا وجهه و نظرت له لتنزل دمو*عها على وجهها مجددا و تلقي نفسها في احضانه تعانقه و تشدد عليه ، مرر ادم يده على شعرها بلطف مداعبا اياها :
– طفلتي الجميلة احلى من غير دمو*ع.
زاد نحيبها و علت شهقاتها وهي تدفن رأسها في عنقه :
– انا خايفة …. خايفة اوي يا ادم …. انا رجعت اتخيل تاني بس بشكل أسو*ء بكتير انا شوفت … شوفت … 
– ششش.
همس يقاطعها ثم أبعدها عنه برفق و قال :
– بلاش تفتكري يا يارا مش عايزك تفتكري ولا تحكيلي اي حاجة شوفتيها احنا قريبا هنبدأ علاج مناسب و نخف بوعدك.
تعمد نطق ضمير ” نحن ” ليجعلها تشعر أنها ليست بمفردها بل هو معها و سيعيش ما تعيشه حتى في فترة العلاج …. إبتسمت بوهن ثم أردفت :
– بس احنا لسه مشوفناش دكتور نفسي يدرس حالتي و ….. ادم الوضع اللي انا فيه عايز دكتور نفسي صح يعني ممم مفيش داعي اا ادخل مصحة وو ….
تساءلت وقد انبثق الخو*ف و الر*عب من عينيها و ما جعلها تفزع أكثر هو نظرة ادم الغير مفسرة ، شهقت و هتفت بجنون :
– ااا انا مش عايزة ادخل مصح مش عايزة لأ.
اندفع ادم لها قائلا :
– محدش هيدخلك المصح متخفيش اهدي بس و ثقي فربنا و فيا …. انتي عندك ثقة فجوزك ؟
صمتت ثوان ثم اومأت بنعم ف ابتسم :
– يبقى عيب فحقي لو خوفتي وانا معاكي ….. بوعدك يا يارا اني هكون السند ليكي ومش هسيبك طول مانا بتنفس.
قبل يديها برقة فنظرت له يارا و تشدقت ب :
– تعرف انا لسه من سنة كنت شايفاك القا*سي المتلبد اللي معندوش قلب و طول الوقت بيزعقلي مش مصدقة ان البني ادم اللي كنت بخاف اسمع صوته بقى جوزي و مبحسش مع حد غيره بالأمان الا معاه هو ، عايزة اعترفلك بحاجة لما غبت عن الوعي حلمت بيك و صورتك مفارقتنيش لحظة الخلم كان على شكل ذكريات قبل سنين لما هربت مرة من المدرسة و قعدت في مكان ماما المفضل وانت لقيتني و قولتلي كلام طمني و حسسني انها لسه جمبي.
عقد ادم حاجبيه يتذكر تلك الحا*دثة منذ سنوات ثم علق مستغربا :
– بجد ؟ انا كمان لما اتضربت بالنا*ر حلمت بيكي … بيوم عيد ميلادي لما جبتيلي منديل مامتك الرمادي و مكتوب بالزهري اول حرف من إسمي…. على فكرة المنديل طول السنين كان معايا و ضاع مني من كام شهر بس عرفت مين الحرامي اللي خده.
داعب أنفها بمشاكسة لتخفض نظراتها الخجلة :
– الصراحة لما شوفته في الدولاب بتاعك حبيت اخده لأن ريحتك لسه موجودة فيه و طول مانا في البلد كنت بنام وانا ماسكاه و انت لما جيت ترجعني خدته.
علق عليها بإستنكار :
– ايوة لأنه من حقي انتي جبتيلي الهدية و مش هرجعها ولو عايزة ريحته ف صاحب الريحة قاعد قدامك اهو خدي راحتك معاه.
توردت وجنتاها بحمرة اشتاق لها بشدة وود لو يزيل شوقه لها و يعيش معها ليلة من لياليهما الجميلة لكن لا الوقت مناسب ولا حالتها تسمح ، تنحنح يسيطر على رغ*بته فطالعت عيناه و همست :
– وانت كمان خبيت الشال بتاعي عندك لو فاكر ، اوعى تفكر اني مش عارفة ها.
ضحك ادم بخفة و أجابها :
– ايوة انتي شوفتيه ف اليوم اللي دخلتي اوضتي و لبستي هدومي و شوفتيه تاني من كام اسبوع لما رجعتك …. يوم اللي حطيتي بيض في الفوطة بتاعتي و طحنتي البصل و حطيتيه جوا ازازة البرڤيوم و رشيتيني بيه…. بس الليلة اياها كانت بتجنن منمناش لحد الفجر ها فاكرة ؟
– ادم بس بقى متكسفنيش !!
زجرته بخجل محبب لقلبه و أدارت وجهها فضحك الآخر بسعادة لأنه استطاع إخراجها من قوقعة الخوف التي تنغمس فيها أكثر يوما بعد يوم ….. حمحم و نهض يغير ملابسه و لشدة إجها*ده أحس بصد*اع خفيف فقالت يارا :
– في حاجة ؟
رد عليها دون مبالاة :
– راسي بتو*جعني شويا عادي.
نهضت بتوجس و خوف من أن يعاني من نفس الصداع الذي يلزمها بكثرة هذه الأيام :
– عندك صداع طيب خد دوا لحسن الوجع يزيد انا متعودة اخد منه و هو مفيد اوي.
هرعت الى خزانتها تخرج علبة ما ف انتبه لها ادم و ضاقت عيناه يسألها :
– تبع ايه الدوا ده جبتيه منين ؟
ردت عليه ببساطة :
– كتبتهولي الدكتورة سلمى في الوصفة الطبية لما كنت بكشف في البلد مفيد لوجع الراس و التشنجات العضلية و كل حاجة.
خطف ادم العلبة من يدها يتفحصها ثم التف لها بحدة :
– وانتي بتاخدي الدوا ده عادي كده ؟
نهضت بتوجس و خوف من أن يعاني من نفس الصداع الذي يلزمها بكثرة هذه الأيام :
– عندك صداع طيب خد دوا لحسن الوجع يزيد انا متعودة اخد منه و هو مفيد اوي.
هرعت الى خزانتها تخرج علبة ما ف انتبه لها ادم و ضاقت عيناه يسألها :
– تبع ايه الدوا ده جبتيه منين ؟
ردت عليه ببساطة :
– كتبتهولي الدكتورة سلمى في الوصفة الطبية لما كنت بكشف في البلد مفيد لوجع الراس و التشنجات العضلية و كل حاجة.
خطف ادم العلبة من يدها يتفحصها ثم التف لها بحدة :
– وانتي بتاخدي الدوا ده عادي كده ؟
تعجبت من تحوله السريع و قالت :
– سلمى دكتورة و كتبتهولي بنفسها وهو نفس الدوا اللي ادتهولي الدكتورة اللي انا بتابع عندها حاليا بس مبستعملوش لأن القديم لسه مخلصش انا معملتش حاجة عشان تتعصب عليا.
تأفف ادم بضيق لأنه صرخ عليها و أحزنها لكن ظهور هذا الدواء فجأة أثار توجسه و يبدو انه يبالغ فما المشكلة فيه مادامت الطبيبة من وصفته لها ….. كاد يأخذ قرصا من العلبة لكن كلامها أوقفه :
– الصراحة لولا عمي مكنتش هعرف ادخل الدوا للبيت كان بيجيبهولي بالسر وهو الوحيد اللي عرف إني حامل وبعدها تيتا زهرة عرفت.
– نعم ؟
قالها بصدمة و اقترب منها اكثر :
– عرف قبل العيلة و دخل الدوا ازاي يعني ؟
يارا مبتسمة :
– سلمى ديه صاحبتي كانت بتبعت واحدة شغالة في الصيدلية تجيبلي اللي بحتاجه وكل مرة بلاقي صعوبة ف اني ادخله من غير محد ياخد باله و في يوم لقيت عمي داخل و شايل كيس معاه و استجوبني و قولتله اني حامل و خدت منه وعد ميعرفش حد ومن يومها بقى هو المسؤول عن انه يجيبلي العلاج و…..
صمتت يارا عندما سمعته يطلق ضحكة خفيفة فقضبت حاجبيها بتعجب :
– انت بتضحك ليه ؟
رفع ادم رأسه لفوق وهو يحاول كتم ضحكه :
– مفيش انا بس استغربت تصرفه يعني الكل كان عارف بحملك إلا انا فبضحك عشان السبب ده.
هزت رأسها و قالت :
– انا هدخل الحمام اعمل شاور ريحة المستشفيات خنقتني.
تابعها بصمت وهي تدلف ثم اطلق لفظا بذيئا و تمتم :
– غبية بلا عقل.
رفع العلبة يتفحصها بعين ثاقبة ثم فتح رف خزانتها ووجد علب كثيرة مثلها …. زفر بقوة و أخذهم ووضع مكانهم الأدوية الجديدة و أخفى الأخرى في جيبه و نزل الى الأسفل ، اتصل بالطبيب عادل من مركز التحاليل و أخبره أنه يود اجراء تحليل على عينة سيرسلها له و فعلا كان له ذلك ف المركز بعث أحد العمال على وعد بخروج النتائج بعد يومين.
________________________
يومان مرا عليه وهو ينتظر متى يصل الوقت الموعود على أحر من الجمر و أخيرا حل صباح ذلك اليوم و هاهو الآن يتوقف بسيارته امام المركز ، ترجل ادم منها و دخل بخطوات جعلها ثابتة رغم رغبته في الركض الآن و معرفة النتائج ، سيعلم اليوم ان كانت يارا حقا مريضة ام لا !!
دخل الى غرفة الطبيب و جلس أمامه و دخل في الموضوع مباشرة :
– النتيجة طلعت ؟
هز رأسه مجيبا :
– ايوة طلعو و كمان التحليل اللي انت عملته لمراتك من يومين نتيجته قدامي دلوقتي.
اعتدل في جلسته و رفع حاجباه بشدة :
– ايوة …. التحاليل بتقول ايه ؟
تنهد الطبيب عادل و عدل نظاراته على وجهه مغمغما بتركيز :
– التحليل الاول بيقول دم مراتك فيه مواد مخد*رة يعني التحاليل القديمة كانت صحيحة …. و التحليل التاني بيقول ان الأدوية اللي بتاخدهم زوجة حضرتك هي حبوب هلو*سة.
صوت ضربة قوية صدرت منه وهو يرفع يده و ينزلها على سطح المكتب في عن*ف صارخا :
– ال**** قدر يلعب صح ازاي انا مخدتش بالي ازااااي !!
تأهب الدكتور يترقب أفعاله و حاول تهدئته :
– اسمعني يا ادم حبوب الهلوسة محطوطة مكان حبوب غير و ديه جر*يمة في الحالة ديه احنا لازم نبلغ لأن ديه محاولة مباشرة لإتلاف عقل الشخص و قت*ل الجنين و انا دلوقتي مضطر اسألك انت هتبلغ ولا…..
قاطعه بعصبية و هو لا يرى شيئا بسببه غضبه :
– طبعا هبلغ انا عارف كويس مين اللي عمل كده في مراتي و هيندمو بس اولا عايز اعرف يارا هتتعالج ازاي و امتى لازم افهم التفاصيل لأن حالتها كل يوم بتسوء عن اليوم اللي قبله !
***** بعد ساعة.
كان في طريقه الى المنزل و شريط كلامه مع الطبيب يمر أمامه لم يجد فرصة للإ*نفجار و إلقاء كل ما تمسكه يده حيث ورده اتصال آخر من الضابط مروان و طلب مقابلته.
اغلق ادم الخط و حدث نفسه :
– النهارده يوم كشف الحقايق خلينا نشوف ايه الجر*يمة الجديدة اللي عملها عمي العزيز و ابنه.
بعد مدة كان يدخل لمكتب الضابط صافحه بجدية و جلس أمامه :
– انت قولتلي من يومين في موضوع عايز تكلمني فيه بخصوص علي و عمر الشافعي بعتقد انك اكتشفت بلاوي كتيرة عنهم صح ؟
رمقه بهدوء قائلا :
– فعلا يا بشمهندس ادم احنا اكتشفنا بلاوي و بما انك اتعاونت معانا كتير من حقك تعرف.
طرق الباب فجأة و دخل ادهم ألقى التحية العسكرية و بادله مروان اياها ب احترام بينما ينقل ادم نظراته بينهما حتى تحدث :
– ادهم ممكن افهم ايه اللي بيحصل هنا و ايه اللي جابك اعتقد انك قولت من قبل ان الجهات العليا رفضو تدخلك في القضية.
طالعه الآخر بنظرات صامتة ثابتة فلقد طلبه الضابط مروان خصيصا لكي يسيطر على ادم بعدما يكشف جرا*ئم عمه و يشك في ذلك لان ما سوف يعرفه بعد دقائق قادر على جعله يحرق علي و عمر وهما حيان !
تنحنح مروان و تكلم :
– بغض النظر عن اختلاس عمر و علي الشافعي لأموال الشركة و استبدال مواد البناء بمواد منتهية الصلاحية اكتشفنا انهم بيتعاملو مع جماعات مشبو*هة يعني هما بيتاجرو بالأسل*حة و الممنو*عات.
لم يبدو على ادم الصدمة و الدهشة على عكس كان متوقعا لهذا الأمر و كأن نجا*سة الدنيا أصبحت قليلة على وصفهما …. تابع مروان بحذر وقد انتبه لتلميحات ادهم وهو يقف أمام ابن عمه مباشرة :
– عايزك تهدى عشان نعرف تشتغل مع بعض زي زمان اي تصرف عدو*اني و متسرع ممكن يكلفنا كتير يا بشمهندس.
– كمل.
همس بها ادم وهو على وشك الإ*نفجار ليهتف الآخر بصلابة :
– احنا لقينا الراجل اللي كان بيسوق الشاحنة اللي خبطت في عربيتك من كام شهر و اعترفلنا انها كانت محاولة قت*ل و علي هو اللي كلفه يعمل كده و كلفه كمان بجريمة قت*ل تانية ….. وفا*ة عمك أحمد الشافعي كان حاد*ث مدبر و علي هو المسؤول عن مو*ته !!!
يتبع…
لقراءة الفصل الحادي والأربعون : اضغط هنا
لقراءة جميع فصول الرواية : اضغط هنا

اترك رد

error: Content is protected !!