Uncategorized

نوفيلا إنذار بالقتل الفصل الخامس عشر 15 والأخير بقلم نسمة مالك

 نوفيلا إنذار بالقتل الفصل الخامس عشر 15 بقلم نسمة مالك

نوفيلا إنذار بالقتل الفصل الخامس عشر 15 بقلم نسمة مالك

نوفيلا إنذار بالقتل الفصل الخامس عشر 15 والأخير بقلم نسمة مالك

حل الصمت والصدمة على الجميع بعد لكمة “نوح” القوية ل “يوسف”، كان الغضب تمكن من “نوح” حتي وصل لذروته عندما تفهم مخزي حديثه الجارح الذي ألقاه على سمع جميلته “آية” التي هرولت مسرعة تجاهه حين رأته يستعد للهجوم مرة أخرى على “يوسف” الملقي أرضًا ممسك بأنفه التي انفجرت منها الدماء، و يتأوه بصوتٍ عالِ.. 
تمسكت بذراعه بكلتا يديها المرتجفة تبعده عنه متمتمة ببكاء.. 
“خلاص يا نوح.. كفاية أرجوك”.. 
قربها منه إلى هذا الحد هدأ من نوبة غضبه على الفور، خاصةً حين شعر بإرتجاف جسدها الذي يدل على مدي فزعها.. 
كم تمني في هذه اللحظة أن يخطفها داخل صدره بعناق محموم، بل يخطفها و يهرب بها من المكان بأكمله، و بالفعل رفع يده و كاد أن يحاوط خصرها، و قد حسم قراره سيخبئها بين ضلوعه و يركض بها لأبعد مكان تكون فيه له وحده لا لأحد غيره، 
بينما “آية” أكثر من مرحبة بما ينوي فعله و قد انتصر قلبها على كل ذرة تعقل بها، و دون إرادة منها تمسكت بذراعه بكل قوتها، و رفعت عينيها التي تنهمر منها العبرات، حركت شفتيها بكلمة واحدة دون إصدار صوت.. 
“متسبنيش”.. 
أسرعت “تهانى” نحو إبنها و دفعته بعيدًا عن “آية” التي انتبهت لحالتها، و سيطرت على نفسها،.. 
“أيه اللي بتعمله ده يا نوح!! “.. 
نطقت بها “تهاني” بنبرة هادئة لا تخفي غضبها المشحون. 
كانت عينيه مثبته على “آية” التي بهتت ملامحها و هي تقرأ تعابير وجهه الغضوب الذي يستجديها أن تخلع تلك الحلقة الملتفه حول اصبعها و تنهي هذه الخطبة الآن، حينها لن يتردد أبدًا في تنفيذ ما يدور برأسه. 
نظرته لها كان يتابعها” يوسف” باهتمام، و قد استطاع تفسير ما يدور بخاطرهما، 
كان قلب” آية ” يرتجف بين ضلوعها بقوة و قد ظنت أن “يوسف” سوف ينهض، و يتشابك مع
” نوح” بمعركة دامية، و لكن ظنها به لم يكن بمحله أبدًا، جحظت عينيها بصدمة حين رأت ابتسامة مستفزة ظهرت على محياه الخبيثة، 
نهض بتكاسل حتى وقف بينها و بين “نوح” التي تمنعه “تهاني” عنه بصعوبة بالغة، 
أخرج محرمة من جيب معطفه، بدأ يزيل الدماء المتناثرة على أنفه، و فمه مردداً ببرود ثلجي.. 
“يؤسفني أقولك أن كل اللي بتعمله دا مافيش منه فايدة خالص”.. 
نظر ل”نوح” الذي يرمقه بنظرات حارقة، و تابع بابتسامة مصطنعة.. 
“أنا جاي أخد آية و نروح لوالدها علشان نحدد ميعاد فرحنا”.. 
استدار تجاه “آية” التي شلتها الصدمة كليًا، و رمقها بنظرة محذرة تفهمت مقصده منها جيدًا، 
ربااااه!!
هذا الوقح يهددها أن يفضح أمر علاقتها ب “نوح” أمام والدها المريض، بل و الأكثر سيتسبب بفضيحة عائلتها، خاصةً شقيقها، و حتي سمعتها إن فضلت عليه منقذها، و فكرت تتركه و تهين كرامته و كبرياءه أمام من يعتبره خصيمه.. 
كانت نظرته لا تبشر بالخير، بل مليئة بالشر و الحقد مما أجبرها على الإنصياع له بعدما أوشكت على خلع دبلته من يدها، اذدات نشيجها  وهي تنظر ل “نوح” نظرة تعبر له عن مدي أسفها، و من ثم خفضت رأسها بخزي منه فنظرته لها أصابتها بمقتل جعلت عبراتها تنهمر بحسرة على وجنتيها.. 
شعر “يوسف” بالانتصار عندما رأي الحزن و خيبة الأمل احتلت قسمات “نوح”. 
“يله يا أمي”.. 
قالها “نوح”  و استدار موليًا صوب الخارج بعدما رمق تلك الباكية نظرة دبت الرعب بأوصالها، 
كان سيره حثيثًا، أقرب إلى الهرولة، لا يرى أمامه من شدة إنفعالاته المتضاربة.. 
“في أيه.. أيه اللي حصل؟!.. بتعيطي ليه يا آية “.. نطق بها “إسلام” الذي خرج للتو من شقته، و هو يهرول تجاه شقيقته الباكية جذبها داخل حضنه بلهفة، ونظر بتجاه الدرج ليجد “نوح” خلفه والدته و شقيقاته يهبطون بخطي راكضة.. 
“نوح.. استني يا ابني رايح فين بس؟! “.. 
“روح وراه يا إسلام “.. همست بها” آية ” بتوسل من بين شهقاتها الحادة، فربت “إسلام” على ظهرها بحنو مردداً.. 
“حاضر يا حبيبتي.. أهدي انتي بس و بطلي عياط و أدخلي خليكي مع رقية على ما ارجعلك”.. 
أنهى حديثه بقبلة حانية على جبهتها، و ظل واقفًا حتي تأكد أنها دلفت داخل شقته، و من ثم اندفع نحو “يوسف” الواقف منشغل بإيقاف نزيف أنفه، وضع ذراعه حول كتفيه و سار به نحو الدرج بخطوات واسعة وهو يقول.. 
” تعالي معايا يا دكتور نشوف نوح بدل وقفتك اللي ملهاش اي تلاتة لزمة دي”.. 
“وقفتي أنا اللي ملهاش لزمة، و لا انت اللي ملكش لازمة كراجل أخته مخطوبة و واقفة قدام خطيبها تحب هي و صاحب أخوها في بعض؟!”.. 
قالها “يوسف” و هو يصطك على أسنانه بغيظ و غضب عارم رغم ابتسامته الساخرة التي تزين ملامحه القاسية.. 
غزت الدماء وجهه” إسلام ” و بارزت عروقه بخطورة و بلحظة كان قبض على عنق” يوسف ” و دفعه بمنتهي العنف نحو الحائط من خلفه حتي اصتدم ظهره به بقوة، و بدأ يلكمه لكمات متتالية و هو يصرخ فيه بصوت جوهري.. 
“أنت بتقول أيه على أختي يا ابن ***.. دا انا هطلع عين اللي خلفوك انهارده يا ابن****”.. 
لكمه “يوسف” بعنف هو الأخر حتي تمكن من إبعاده عنه، و تحدث بتهديد قائلاً.. 
“اسمعني كويس يا إسلام.. أنا عندي إستعداد اسجنك و أوديك ورا الشمس و أضيع سمعتك و سمعة مراتك وابنك وأختك كمان.. انت عارف كويس أوي أنت عملت أيه.. زي ما عارف كمان وشايف الحب و الغرام الظاهر بوضوح بين أختك و اللي بتقول عليه صاحبك”.. 
حديثه هذا شل حركة “إسلام” توقف أمامه كالصنم بعدما كان كالثور الهائج من شدة غضبه،
” بس كل دا أنا ممكن اتغاضي عنه لأن جوازي من آية بقي أهم حاجة عندي دلوقتي، و مافيش قوة في الدنيا هتقدر تفرق بيني و بينها، و أنا جيت انهارده لأن والدك كلمني بنفسه و قالي هات آية و تعالي علشان هنتفق على ميعاد الفرح”.. 
كانت “آية” تستمع لحديثهما من خلف باب الشقة بقلب ممزقًا، توقفت عن البكاء فلم يعد يفيد بشئ، يكفي نزيف قلبها و روحها التي تصرخ بأسم منقذها.. 
” ربنا هيدبرها يا حبيبتي “.. همست بها” رقية ” بصوتها العذب الحنون، و هي تجذبها نحوها و تضمها بحب، و تربت على ظهرها لعلها تهدأ من انتفاضة جسدها المرتجف..
……………………..لا حول ولا قوة الا بالله ????……
توقف “نوح” بسيارته أمام المستشفى.. 
“أنت جيبنا هنا ليه بس يا ابني؟!”.. 
نطقت بها “تهاني” بقلب ملتاع على حالة عزيزها، كانت العبرات تملئ أعين “نوح” لكنها تأبي الهبوط،أنفاسه متهدجه، نظر لها نظرة قطعت نياط قلبها و هي تري عيناه تتسعان بغضب حولها الشعيرات الدموية، يجاهد للسيطره على عبراته حتي لا تخونه و تهبط على خديه.. 
” عندي مشوار مهم لازم اعمله و بعدين هروحكم”.. 
نطق بها “نوح” بنبرة جامدة و هو يستعد لمغادرة السيارة على عجل غالقًا الباب خلفه و مال بجزعه قليلاً مكملاً .. 
“مش هتأخر عليكم.. ادعيلي يا أمي”.. 
“ربنا يريح قلبك و يحققلك كل اللي بتتمناه يا نوح يا حبيبي”.. أردفت بها” تهاني ” من صميم قلبها و ظلت تدعو له و عينيها تتابع خطواته حتي اختفي عن عينيها داخل المستشفى.. 
يسير بخطي واثقه متجه نحو غرفة العناية المتواجد بها والد جميلته” آية ” التي لن ولم يتخلى عنها إلا بحاله واحده فقط.. موته..
بعد مرور بعض الوقت، وقت كافِ تحسنت خلاله حالة “عبد الحميد” و زوجته الصحية، عادوا لمنزلهم جميعًا بعدما مروا باختبار قاسي كاد أن يودي بحياتهم و يدمر عائلتهم لولا ستر و فضل الله عليهم.
و أخيراً جاء وقت الفرح ليمحي أثر الحزن من جدورها، حان موعد العوض الجميل بعد الصبر الطويل، و جبر يليق بعزة الله تعالى، يداوي به جروحات القلوب الغائرة.
.. داخل منزل “عبد الحميد”..
يدوي صوت زغاريط “مني”  و زوجة ابنها “رقية” مرارًا و تكرارًا بلا توقف، فاليوم زفاف غاليتهم “آية”، حالة من البهجة، و الفرحة الغامرة تحتل القلوب قبل المكان خاصةً عبد الحميد،
إلا قلب تلك العروس الذي يتمزق من شدة ألمه، ملتزمة الصمت التام طيلة الوقت، أجبرت نفسها على الابتسامة بل على هذه الزيجة بأكملها لخاطر والديها، فمنذ مدة طويلة لم تري الفرحة ظاهرة هكذا على وجوه والديها، فضلتهم هما عن ما يتمناه قلبها.
تقف أمام المرآة تطلع لهيئتها المثالية كما يُقال، بفستانها الأبيض الرقيق و حجابها الذي زادها جمالاً و أشراقًا، كان كل شئ بها بغاية الرقة و النعومة، حتي زينتها تكاد تري بالعين، و لكنها برزت جمال ملامحها جعلتها فاتنة على حق، 
هي الآن أجمل عروس بكل ما تحمل الكلمة من معني،و هذا يعني أنها لابد أن تكون بمنتهي السعادة، لكن عينيها الحزينة، و ملامحها الشاحبة برغم جمالها إلا أن الحزن أطفأ رونقها. 
استسلمت للأمر الواقع عليها، رضيت بحكم القدر و شكرت الله عز وجل على أن عائلتها أصبحت بخير حال بعدما أوشكت على فقدانهم للأبد، هما بالنسبة لها أهم شيء في الوجود، لذا دفنت قلبها بالحياة بيدها و أبتعدت عن منقذها رغم شدة عشقها له، و ستصبح اليوم زوجة لغيره. 
ابتلعت غصة مريرة و هي تستعيد ذكري حديث والدها مع “يوسف” أثناء تواجده في العناية المركزة.. 
.. فلاش باااااااااااك.. 
تقف بجوار السرير الراقد عليه والدها بملامح جامدة خالية من التعبير، تستمع لما يقوله بصمت دون رد فعل.. 
“يوسف يا ابني أنا عارف إني اتفقت معاك على ميعاد الفرح بعد ما آية تخلص كليتها.. بس انت شايف أهو الواحد ممكن يموت في أي لحظة و علشان كده عايز اطمن عليها في بيت جوزها”.. 
“ربنا يطولنا في عمرك و يحفظك لينا يا بابا”.. 
غمغمت بها “آية” بلهفة و هي تربت على كتف والدها بحنان، ابتسم لها” عبد الحميد ” ابتسامة حانية و تابع حديثه ببعض الحرج مكملاً.. 
” وبما إننا هنقدم ميعاد الفرح فاعذرني يا ابني أنا مش هقدر اجيب باقي الجهاز اللي متفق معاك عليه.. و ههدخل بنتي بلي اقدر عليه في الوقت الحالي، و ربنا يكرمني و هجبلها بأمرالله كل اللي نقصها، و دا وعد مني ليكي يا آية”.. 
مالت “آية” على يد والدها قبلتها بعمق متمتمة.. 
” أنا مش عايزه اي حاجة غير أنك تقوم بألف سلامة يا بابا.. دي عندي بالدنيا والله يا حبيبي”.. 
ربت” عبد الحميد ” على وجنتيها بكف يده المعلقة بها الإبرة الطبية، و نظر ل” يوسف ” وجد ملامحه اعتلها الغضب، فرمقه بنظرة متفحصة و هو يقول.. 
“ها يا ابني.. أيه قولك على كلامي دا؟ “.. 
رسم” يوسف ” ابتسامة زائفة على ملامحه الخبيثة مغمغمًا.. 
” أنا موافق على كلامك طبعًا يا عمي.. بس اسمحلي انا عندي فكرة اتمني انها تعجب حضرتك”.. 
“عبد الحميد” بهدوء، حكمة.. “قول يا ابني انا سامعك!!”.. 
“انا بقول يعني بما أني عندي شقة جاهزة من كل حاجة و مش ناقصها إلا العروسة.. فممكن نتجوز فيها أنا و آية، وساعتها آية مش هتحتاج حتي جهازها اللي في بيت حضرتك، و تقدروا تبيعوه و نعمل بحقة الفرح”.. 
ساد الصمت المكان للحظات، و من ثم تابع
“يوسف” بجملة جعلت” آية ” ترمقه بنظرة محتقرة حين قال.. 
” كده حضرتك مش هتتكلف في جوازة آية غير تمن القاعة و الفستان و الكوافير و السيشن وبس.. و بما أني هتكلف بفرش الشقة كلها فمش هيبقي في قايمة طبعًا”.. 
أنهى حديثه و انتظر ليسمع موافقة “عبد الحميد” الا ان الصمت كان و مازال سيد المكان.. 
فبتسم هو بتساع ابتسامة مستفزة مرددًا بفرحة.. 
” السكوت دا زي ما بيقولوا علامة الرضا، و إحنا هنبقي أهل يا عمي مافيش داعي للاحراج اللي شايفه على وشك دا”..
نظر ل” آية” نظرة ماكرة، و تابع بتنهيدة.. 
“يبقي على بركة الله.. مبروك يا يويو”.. 
.. نهاية الفلاش باااااك.. 
فاقت من شرودها على صوت والدتها تتحدث بصوت متحشرج بالبكاء قائلة.. 
” هات أبوك و ادخل يا إسلام.. تعالوا شوفوا عروستنا و حلوتها الله أكبر عليها من كل عين شافتها ولا صلت على الحبيب”.. 
أغمضت” آية “عينيها ببطء و تركت قلبها لخيالها لبرهةٍ يهيئ لها أنها الليلة ستكون عروس له هو.. هو فقط لا أحد غيره.. منقذها و أمانها “نوح” حينها انقطعت أنفاسها، عادت الدماء تغزو وجنتيها و أضاءت ملامحها.. 
“الله أكبر.. بسم الله ماشاء الله”.. 
نطق بها “عبد الحميد” الذي دلف للتو داخل غرفة أبنته، بعدما أصر أنها تخرج بفستانها من منزله،صوته أعادها لواقعها، فنهارت كل أحلامه اليقظة التي غرقت بها، و فتحت عينيها المذعورة على أخرها و نظرت له بأعين ذائغة تحاول إخفاء حزنها عنه. 
سار” عبد الحميد ” نحوها حتى توقف أمامها مباشرةً، بينما تعالت زغاريط “مني، رقية” حين دلف “إسلام” هو الأخر خلف والده.. 
“مبروك.. مبروك يا بنتي”.. نطق بها “عبد الحميد”  بعدما أحتضن وجهها بين كفيه، و طبع قبلة مطولة على جبهتها، 
“الله يبارك فيك يا بابا”.. همست بها” آية ” بصوت اختنق بالبكاء.. 
بينما كان “إسلام” ينظر لها بابتسامة و أعين تترقرق بها العبرات، بتدلته “آية” الابتسامة، و سارت نحوه بخطوات مهرولة ارتمت داخل حضنه تبحث داخله عن الأمان الذي تفقده.. 
“يله يا إسلام هات أختك و تعالي ورايا.. أنا قولت لعريسها يجيلنا على القاعة”.. 
نطق بها “عبد الحميد” و هو يسير لخارج الغرفة بخطوات واسعة، و قد شعر انه على وشك الانفحار في نوبة بكاء حادة.. 
……………………………… لا إله إلا الله ????….. 
بمنزل نوح.. 
كان القلق يغلف قلب ” تهاني ” التي تقف أمام غرفة ابنها تجاهد حتي تتوقف عن البكاء، مسحت عبراتها المنهمرة على وجنتيها، و طرقت على الباب طرقات هادئة مرددة.. 
“نوح.. حبيبي ممكن ادخل؟”.. 
“اتفصلي يا أمي”.. قالها “نوح” و هو يفتح لها الباب و يظهر أمامها بحلته السوداء كليًا هيئته خطفت قلبها، و حتي أنفاسها فشهقت بصوت خافت و ظلت تردد بعض الآيات القرآنية بسرها، و هي تري عزيز قلبها يقف أمامها كالبدر بليلة تمامه.. 
“أنت كويس يا حبيبي؟! “.. 
” اطمني يا أم نوح.. أنا زي الفل.. يله بس أنتي اجهزي و شوفي أخواتي جهزوا ولا لسه علشان نتحرك.. أنا خلصت و هستناكم تحت في العربية”.. 
“بلاش نروح يا ابني.. علشان خاطري بلاش يا نوح”.. 
تفوهت بها “تهانى” من بين شهقاتها، و قطعت المسافة بينه و بينها و ضمته لصدرها بقوة مكملة.. 
” أنا مش هقدر استحمل اشوف نظرة حزن واحده في عيونك و أنت شايف حبيبتك بفستان الفرح و بتتجوز واحد غيرك.. مش هقدر يا ابني والله ما هقدر يا حبيبي”..
ربت” نوح” على ظهرها، و تحدث بنبرة راجية قائلاً.. 
“أمي لو أنا غالي عندك تروحي تجهزي و تيجي معايا الفرح.. و اطمني ابنك ميتخفش عليه”.. 
………………….. لا حول ولا قوة الا بالله ????…… 
.. داخل قاعة تتميز بفخامتها الشديدة.. 
دلف” آية ” ممسك والدها بيدها، و سار بها تجاه الجزء الخاص بالنساء، فالقاعة مقسمة إلى نصفين.. نصف خاص بالرجال، و الأخر للنساء فقط.. 
” خليكي مع أصحابك يا حبيبتي على ما نكتب الكتاب و عريسك هيجي لحد عندك بنفسه”..
أردف بها “عبد الحميد” بأذن “آية ” التي حركت رأسها له بالايجاب.. 
بينما وقف “إسلام” يتابع شقيقته بفرحة غامرة تزين قسمات وجهه رغم شعور الذنب الذي يعتصر قلبه تجاهها، إلا أنه خضع لإرادة والده مثلها تمامًا، 
لمحه” يوسف ” من بعيد فسار نحوه حتي توقف أمامه و نظر له نظرة مليئه بالكرهه مغمغمًا .. 
“خد بعضك و أمشي حالاً.. وجودك في فرحي مش مرغوب فيه”..
جملته كانت كالسهم المسموم الذي أصابه بمقتل، تطلع له مدهوشًا، و انبلجت شبة ابتسامة على محياه و هو يقول مستفسراً..
“أنت أكيد بتهزر!!.. بتطردني من فرح أختي يا يوسف؟!”..
وضع “يوسف” يديه بجيب سرواله بهنجعيه محركًا رأسه له بالإيجاب بمنتهي البرود..
“يا تمشي لوحدك.. يا تاخد أختك معاك بفستان فرحها و تمشي”..
أستغل الموقف أسوء إستعلال، يعلم انه لن يفسد حفل زفاف شقيقته، لن يستطيع فعلها، و بالتالي سيغادر المكان رغمًا عن أنفه..
شعر بقبضة تعتصر قلبه كادت أن تزهق روحه، كسر فرحته بشقيقته الوحيدة، انعقد لسانه كمن فقد النطق، أكتفي بالنظر إليه نظرة تخبره انه لن ينجي بفعلته هذه،و سار من أمامه بخطي مسرعة دون النطق بحرف واحد متوجهًا نحو شقيقته الواقفة بين أصدقائها حتى توقف أمامها مباشرةً ..
تأملها بأعين ألتمعت بها العبرات، و رفع يديه احتضن وجهها بين كفيه مغمغمًا..
“مبروك يا حبيبة يا أخوكي”..
قالها وهو يميل بوجهه عليها طابعًا قبلة مطولة فوق جبينها،
شعرت بالريبة، و زحف القلق لقلبها من ملامح شقيقها التي كساها الحزن فجأة ، خاصةً حين وجدته يبحث عن زوجته حتي وقعت عينيه عليها، اندفع نحوها حمل عنها صغيرهما، و قبض على رسغها سحبها خلفه و قد خانته عبراته و بدأت تهبط على وجنتيه عندما نطقت شقيقته بأسمه مردده..
“إسلام استني هنا.. أنت رايح فين يا حبيبي”..
دون لحظة تردد كانت حملت فستانها بكلتا يديها و ركضت خلف شقيقها حتي كادت ان تصل اليه، لكنها جمدت مكانها حين رأت معشوقها يخطو لداخل القاعة خلفه عائلته بأكملها، 
تطلعت لمظهره، و وسامته التي لا جدال و لا غبار عليها أبدًا،
“رايح على فين يا أبو حمزة؟!”..
هكذا اوقفه “نوح” و هو يمد يده ويربت على كتفه، و عينيه على “يوسف” الذي يقترب منهم بوجهه مشتعل بالغضب فور رؤية خصيمه، لكنه توقف مكانن حين استمع لصوت “عبد الحميد” يقول بفرحة.. 
“يله يا عريس المأذون جاهز ومستنيك”.. 
هندم ثيابه بكبرياء، و رمق” نوح ” بنظرة شامته.. منتصرة و هو يقول.. 
“يله يا عمي”.. 
“يله فين!!!”.. قالها” عبد الحميد” بتعجب، و نظر ل “يوسف” و تابع بابتسامة مصطنعة .. 
“أنا مش بقولك أنت يا دكتور يوسف..أنا بقول لعريس بنتي”.. 
سار تجاه” نوح” بخطوات بطيئة أمام أعين “آية” المنذهلة حتي توقف بجواره، و ربت على كتفه مكملاً بفخر.. 
” نوح.. عريس آية “..  
..تكملة الفلاش باااااااااااك..
بعد مغادرة “يوسف” برفقة “آية” غرفة للعناية المتواجد بها “عبد الحميد” الذي ظل على حالته المنذهلة أثر حديث خطيب ابنته المستفز، جعله يلتزم الصمت من هول صدمته به، 
أكتشف انه شخص استغلالي إلى أبعد الحدود، استغل ظروفهم الصعبة أسوء استغلال، 
و صور له خياله المريض أنه سيوافق على زواجه من ابنته بعد ما قاله،
و يلقي عزيزة قلبه بيده لشبه رجل يريد نهب حقوقها!!!. 
” أتأكد حضرتك من كلامي يا عمي؟”.. 
كان هذا صوت “نوح” الذي خرج للتو من خلف ستار بجوار سرير “عبد الحميد”،
استمع لما دار بينهم بقلب يعتصر ألماً لأجل جميلته الحزينة، و كم ود لو يهجم عليه ويفتك به لكنه تماسك و هدأت ذروة غضبه قليلاً حين التزم والدها الصمت، و لم يبدي موافقته على ما قاله.. 
أطلق “عبد الحميد” زفرة نزقة من صدره مغمغمًا.. 
“والله يا ابني انا مصدوم بلي قولتهولي عن يوسف دا،..بقي معقول أنا اتخدعت فيه لدرجة دي!!.. يهدد بنتي بأخوها علشان يتجوزها غصب عنها!!،و كمان عايز ياكل حقوقها.. ليييه فاكرها ملهاش أب!! “.. 
صمت للحظة ،و تابع بنبرة لا تحمل الجدال.. 
“الواد دا لازم يتعلم الأدب على غلطه في حق بنتي قبل ما ارميله شبكته في وشه”.. 
رفرف قلب “نوح” من فرط سعادته، و أخيراً التقط أنفاسه المحبوسة بصدره، أخذ نفس عميق زفره على مهلٍ، و هو يقول.. 
“اسمحلي أعلمه أنا الأدب، و بما أني شايف إصرار حضرتك على فسخ الخطوبة فأنا يشرفني أطلب منك ايد الدكتورة آية”.. 
تهللت أسارير “مني” التي دلفت للتو داخل الغرفة، نظرت ل “نوح” بابتسامة حزينة ، كم كانت تتمني أن يصبح هذا الرجل الشهم زوج لأبنتها الحبيبة، و تدعوا من صميم قلبها أن يحقق الله لها امنيتها هذه، 
ولكن تلاشت ابتسامتها حين تذكرت ذلك المدعو” يوسف” خطيب ابنتها،صكت على أسنانه بغيظ، و نفخت بضيق متمتمة.. 
“على عنينا والله يا نوح يا ابني.. بس أنت عارف أن آية مخطوبة”.. 
“لا يا مني”.. قالها “عبد الحميد” بصرامة، و نظر لها بأسف مكملاً .. “بنتي آية مبقتش مخطوبة من انهارده”.. 
رفعت “مني” حاجبيها بدهشة، و تحدثت بقلق، و عدم فهم قائلة.. 
“أنت بتقول أيه يا عبدو؟!!..دا يوسف و آية لسه كانوا هنا من شوية، و يوسف قالي أنهم اتفقوا معاك على ميعاد الفرح؟! “.. 
” عبد الحميد” مدمدمًا..
“اممم.. و مقالكيش انه عايز يتجوز بنتك بلوي الدراع، و انه مهددها بأخوها لو فكرت تسيبه، و كمان عايز يتجوز في شقته اللي قاعد فيها مقابل انه مش هيكتب لها قايمة.. يعني ملهاش اي حقوق عنده!!”.. 
شهقت” مني ” بقوة، و ضربت بكف يدها على صدرها مرددة.. 
” نعععم.. يهددها بأخوها ليه يا حبيبي.. دا إسلام ابني سيد الرجالة، لكن يوسف دا طلع عديم الرجولة اللي عايز يتجوز البت ببلاش و ياكل حقها!!!!!!. ارميله شبكته في وشه يا عبدو “.. 
صمتت لبرهةٍ، و نظرت ل” نوح” و ابتسمت فجأة ابتسامة تظهر جميع أسنانها.. 
“أنا بنتي سنجل، و مش مرتبطة من انهارده يا نوح يا ابني “.. 
اعتلت قسمات” نوح” الفرحة الغامرة و تحدث بلهفة قائلاً.. 
” وانا شاريها يا خالة أم إسلام، و اتمني توافقو على جوازي منها، و مستعد امضلكم على بياض، و ابصم بالعشرة كمان”.. 
ظهرت الحيرة على “عبد الحميد ” و تنقل بنظره بين زوجته و نوح مردفًا بتعقل.. 
” كلامنا دا لازم يبقي قدام آية.. علشان هي صاحبة القرار، و ممكن ترفضك يا نوح، و ترفض اي نوع من أنواع الارتباط بعد اللي عمله فيها يوسف الزفت دا”.. 
ابتسم” نوح” بثقة مرددًا.. 
“آية بتحبنى زي ما أنا بحبها و هتوافق على جوارنا بعد موافقة حضرتك و والدتها طبعًا”.. 
” عبد الحميد “.. ” وأنا موافق يا نوح.. بس على شرط”.
” موافق على كل شروط حضرتك”.. قالها” نوح “بحماس.. 
“عايز قلم جامد ننزل بيه على وش يوسف نجيب بيه حق آية من اللي زعلها، كسر خاطرها و نفسها، و كمان هي نعلمها متستسلمش بسهولة كده لحد بيستغل ضعفها.. لازم نخليها تواجهه خوفها بعد كده”.. أردف بها “عبد الحميد” بصوت غاضب رغم إجهاده.. 
” نوح”.. بأصرار.. ” أنا ناوي على كده فعلاً يا عمي.. مش هسيب حقها مهما حصل،و علشان كده هطلب من  حضرتك طلب غريب شويه “.. 
نظر له” عبد الحميد “باهتمام،
“مش عايز آية تعرف عن موافقة حضرتك على جوازي أنا و هي إلا يوم الفرح اللي أنا هعمله لست البنات و هيبقي أحلى فرح..منها مفاجأة ليها أنا متأكد أنها هتخليها تطير من الفرحة، و منها صفعة قوية على خد الندل اللي اسمه يوسف “.. 
نهاية الفلاش باااااااك.. 
توقف الزمن عند تلك اللحظة بعدما أعلن المأذون “نوح” زوجـًا ل “آية”، كان الجميع في حالة صدمة و أولهم “يوسف” الذي تيبست قدماه و لم يبرح مكانه، 
ظل واقف كالتمثال يتابع كل ما يحدث حوله بملامح هادئة، لكنه هدوء ما قبل العاصفة ،فعقله لم يستوعب للتو ما يراه، 
بينما “آية” كانت تقفز صارخة من شدة الفرحة التي غمرتها، و عالجت جروحات قلبها الغائرة على الفور، ها قد تحقق حلم حياتها، و تزوجت من منقذها، الرجل الوحيد الذي تشعر معه بالأمان.. 
لم يقل “نوح” سعادة عنها، فقلبه المُتيم بها كاد أن يغادر صدره من قوة و عنف دقاته، عينيه المعلقة بها بلهفة عاشق، يتطلع لها بابتسامته الأكثر من جذابة، يتمني أن يخطفها الآن و يخفيها بين ضلوعه.. 
تلاشت ابتسامته و حل مكانها الغضب حين لمح “يوسف” يسير تجاهها بخطوات بطيئه، و ملامحه لا تبشر بالخير أبدًا رغم ابتسامته المصطنعة التي انبلجت على محياه الخبيثه.. 
كل خطوة أخذها نحوها، كان يسرع “نوح” إليها بخطوتان.. بل هرول راكضًا حتي توقف أمامه، فأصبح بينهما، و هي كعادتها معه مختبئه بظهره.. 
“على فين يا دوك؟!”.. 
قالها “نوح” بصرامة، و هو يربت على كتفه ببعض العنف.. 
اتسعت إبتسامة “يوسف” اكثر، و مال برأسه قليلاً حتي ما يتمكن من رؤية “آية” و تحدث بسخرية لا تخفي غضبه المشحون.. 
“أكيد أتجوزك يا آية علشان يستر عليكي.. مش كده يا عروسة!!”.. 
قطع حديثه حين قبض” نوح” على عنقه بقبضة يده بكل قوته حتي كاد أن يزهق روحه، تعالت الهمهمات، و الشهقات من حولهما عندما تراجع “نوح” برأسه للخلف، و من ثم ضربه بجبهته ضربه أفقدت “يوسف” توازنه تمامًا و قبل أن يسقط أرضًا كان ألتقطه” إسلام ” الذي لكمه بكل قوته لكمه أطاحت به أرضًا شبه فاقد الوعي و هو يصرخ غاضبًا.. 
“دا أنا هطلع عين أهلك انهارده يا ابن ال***”.. 
” خلاص يا نوح علشان خاطري “.. همست بها “آية” بصوتها المرتجف الذي يدل على مدي خوفها،و نظرت لشقيقها و تابعت بنبرة راجية.. 
“كفاية يا إسلام ليموت في أيديكم”.. 
نطقت بها و هي تسرع بأبعاده عنه، و من ثم عادت لزوجها أمسكت يده ،وتوقف أمامه تمنعه من الهجوم ثانيةً على ذلك الملقي أرضًا ينزف الدماء من أنفه بغزاره أثر قوة الضربة الذي تعرض لها.. 
شعر “نوح” بأصابع زوجته المرتعشة داخل كف يده، فضغط عليها ضغطة رقيقه كانت بمثابة ضغطة على قلبها، و رمقها بنظرة مطمئنة هامسًا داخل أذنها.. 
“أهدي حبيبتي.. متخفيش”.. 
قالها و هو يميل على “يوسف” دون أن يترك يدها، و جذبه من ياقة قميصه عليه حتي أصبح وجههما متقابلان، و نظر لعينيه بأعين يتطاير منها الشرر مغمغمًا بتهديد واضح و صريح.. 
“احسنلك تمشي من هنا حالاً و تمحينا من ذاكرتك خااالص بدل ما و رب الكون أخلص عليك بأيدي لو فكرت مجرد تفكير تنطق اسم مراتي على لسانك تاني”.. 
“و أنت فاكرني هسيبك؟!”.. 
قالها “يوسف” بتقطع بسبب الدوار العنيف الذي يجتاح راسه جعل عيناه زائغه، و لم يقوي حتي على النهوض أو دفع قبضة” نوح” عنه.. 
” لما تسأل عني و تعرف كويس مين هو نوح الحداد هتتحايل عليا أسيبك في حالك،و أرحمك من اللي ممكن أعمله فيك”.. 
أردف بها” نوح” بثقه، و هو يتركه فجأة فسقط مرة أخرى على الأرض يتأوه بصوت مسموع،
مسح “نوح” على وجهه بعصبية و هو يطرد زفرة نزقة من صدره، ثم قال بصوتٍ أجش.. 
“دا آخر إنذار ليك.. إنذار بالقتل “..
أنهى جملته، و وجه نظره تجاه مجموعة من أصدقاءه، فهرولوا تجاه “يوسف” بخطوات راقصة و هما يصفقون على أنغام الموسيقى التي ارتفع صوتها، قاموا بحمله على أكتافهم و ساروا به لخارج القاعة.. 
“عينيكم متغفلش عنه لحظة.. مفهوم”.. 
همس بها” نوح” بأذن إحدي أصدقاءه.. 
“اطمن يا عريس.. متشلش هم.. أحنا في ضهرك يا كبير الحدادين”.. 
ظل” نوح” يتابعهم حتي تأكد من مغادرتهم للقاعة بأكملها، و أخيراً تنفس الصعداء، بل جميع الحضور و خاصةً والدته و شقيقاته، و وعائلة زوجته جميعهم التقطوا أنفاسهم المسلوبة من شدة قلقهم.. 
استدار هو لزوجته و قد رسم على ملامحه ابتسامته التي تزيد من وسامته،
ذاب أحدهما بالاخر حين التقطت عينيهما، 
“مبروك يا أحلى عروسة في الدنيا كلها”.. 
قالها بصوته الرجولي العميق الذي يدغدغ حواسها، ليزيد هو توترها و خجلها حين رفع كفه ووضعه على مؤخرة رأسها.. يقربها منه بتمهلٍ، ليفاجئها بقبلة رقيقة مطوّلة فوق جبينها.. 
ثم أبعد وجهه قليلًا لينظر بوجهها المحاط بحجابها الجميل و الذي أضفى عليها براءة و وقارًا في آن واحد.. 
“مبروك يا عيون و قلب نوح”.. 
  هامسًا بحميمية دفعتها للإنهيار داخليًا و أطلقت أنفاسها المحبوسة برئتيها،
فتحت عينيها ببطء، و نظرت له نظرة تفيض بالعشق الخالص، فتحت فمها و همت بالحديث بكلمة واحدة فقط تفهمها هو، فأسرع بوضع أصابعه على فمها يمنعها من قولها و هو يقول بنبرة محذرة.. 
” مش هنا يا آية.. أنا هموت و أسمعها منك بس مش هنا..استني لما نروح علشان أعرف أرد عليكي”.. 
تأمل ملامحها بهيام، تحسس شفتيها تحت أصابعه بافتنان و قد غامت عينيه برغبته الحارقة بها، فابتلع لعابه بصعوبة مكملاً.. 
“ردي عليكي هنا هيخدش حياء الكل، و أولهم أنتي يا روحي”.. 
غزت الدماء وجنتيها بقوة من شدة خجلها، علقت أنفاسها بصدرها ثانيةً، و هي تستشعر الذبذبات الحارة المنبعثة من جسده الآخذ بالاقتراب منها، حتى توقف أمامها مباشرةً.. أحست بذراعه يلتف حول خصرها، و بدأ يتمايل بها على أنغام أغنية كأنها كتبت لهما خصيصًا.. 
….. سبنى أسرح فيك شويه، و أنسى أيام ضاعو منى نفسى عمرى يعدى بيا و أنت بعنيك دول حاضنى، 
استند بجبهته على جبهتها، و بدأ يتنفس أنفاسها و يهمهم باستمتاع، بينما هي تعلقت بكلتا يديها بعنقه بعدما شعرت بأن قدميها تتهاوي من فرط مشاعرها التي بعثرها هو بقربه المهلك لقلبها.. 
….. و أنا جنبك شايفه منك حاجة من ريحة أبويا حب الدنيا دى جواك ومعاك شايفه حنيه أخويا،، 
هنا ربت بكف يده على ظهرها، و هو يضم رأسها لصدره، و كفه الأخر يملس به على وجنتيها يزيل دموعها التي انهمرت على وجهها.. 
….. و أنت هنا معايا بدعى من جوايا تجمعنى الأيام بيك ربنا يقبل دعايا.. عايشه حالة حب معاك واخدانى وصعب أنها تكرر تاني، و بعيشها لو أنت بعيد أو قدامي، 
دوي صوت الزغاريط عاليًا حين حملها “نوح” داخل حضنه و دار بها مرات و مرات.. 
مضي الوقت بسعادة بالغة على الجميع،لم يتوقفون عن الرقص للحظة واحدة، و ختمها بزفة أسطول من السيارات المزينة بأجمل الورود حتى وصلوا لعزبة الحداد.. 
تطلعت “آية” حولها بانبهار من الأضواء التي تصل إلى منزل زوجها، و الإستقبال الحافل من قبل أشهر الفرق و نجوم الغناء الشعبي.. 
“عملك بقي هنا فرح تاني هيسهر للصبح”.. 
قالها “نوح” و هو يساعدها لتغادر السيارة، اجتذبها برفق محاوطًا إياها بذراعيه بحماية، 
تفاجأت بشقيقه الذي اقترب منهما ساحبًا خلفه الخيل الخاص ب “نوح”.. 
“قولي إنك هترقص بالخيل يا نوح؟!”.. 
تفوهت بها “آية” بصوت يملؤه الفرحة.. حرك رأسه لها بالايجاب، و هو يرفع يدها على فمه و يلثم باطنها بعمق، 
و من ثم خلع جاكت بدلته و أعطاه لها مرددًا بغمزه من عينيه الساحرة.. 
“اتفرجي على جوزك و استعدي علشان هخطفك على الحصان و هطير بيكي”.. 
خفق قلبها بشدة، و رفرف بين ضلوعها و هي تري زوجها حلم عمرها يصعد بخفه، و رشاقة على ظهر فرسه الخاص، و بدأ يرقص به الخيل على أنغام المزمار و صفقات الحضور القوية.. 
كان المشهد مهيب يدخل على القلب السرور، و فرحة تدمع لهما العين، وقفت” مني” بجانب زوجها ممسكة بيده و تبكي بنحيب رغم ابتسامتها التي تزين ملامحها الباكية.. بكاءها الآن تعبر به عن مدي فرحتها بوحيدتها.. عزيزة قلبها.. 
“كفاية عياط يا مني.. عايزك تفرحي وبس انهارده يا أم إسلام”..قالها “عبد الحميد” بأذنها و هو يربت على كف يدها الموضوع بين كفيه.. 
أردفت “مني” من بين شهقاتها قائله.. “دي دموع الفرحة يا عبد الحميد.. فرحانة والله يا أخويا أن ربنا حقق أملى و رزق بنتي ب نوح.. راجل جدع هيصونها و يحافظ عليها”.. 
أما” تهاني ” كانت في حالة من الذهول و الفرحة، و المشاعر المختلطة من هول المفاجأة.. خاصةً بعدما أكتشفت إتفاق زوجها و أبنائها “نوح و نور” مع بعضهم، للحظة شعرت بالغضب و الغيظ منهم إلا أن فرحتها طغت عليهم حين اقترب منها ابنها” نور” و تحدث بأذنها حتي تتمكن من سماعه بسبب أصوات الموسيقى العالية.. 
“أنا و أصحابي فرشنا أوضة نوح الجديدة و فاضل شنط العروسة.. نوح بيقولك خدي والدتة آية و مرات أخوها و أخواتي البنات واطلعوا افرشوا حاجتها أنتو”.. 
“هاتلي أختك ندي على فوق، و خلي نهاد مع آية، و أنا هجيب مامتها و مرات أخوها و نحصلك”.. 
قالتها “تهانى” وهي تبحث بعينيها عن” مني، رقية”.. 
……………………………… سبحان الله ????…… 
” أنتي وخدانا على فين يا أم نوح؟! “.. 
قالتها” مني” و هي تخطو لداخل إحدي الغرف، و فور رؤية ما بداخلها شهقت بصوت خفيض هي و” رقية “مرددين بنفس واحد.. 
” اللهم بارك.. بسم الله ماشاء الله “.. 
ابتسمت لهما “تهانى” وهي تقول.. ” دي أوضة عروستنا يا ست أم إسلام.. هيقعدو معانا هنا لحد ما شقتهم تجهز.. و اطمني نوح ابني عنده شقته جاهزة معانا هنا في العمارة بس ناقصها الوش الأخير من البياض، و الفرش هيبقي على زوق مراته.. تختاره براحتها و زي ما تحب”.. 
كان الغرفة قطعة من الجنة بألوانها الزاهية و أثاثها الراقي، تطلعت” مني ” حولها، و هي تردد بعض الآيات القرآنية و تدعو من صميم قلبها لابنتها و زوجها، و نظرت ل” تهانى ” و تحدثت بتنهيدة قائلة.. 
” انا ميهمنيش نوح عنده شقة ولا لاء يا أم نوح.. كفايا أن جوز بنتي عنده أصل و أخلاق، و هيصون بنتي و يحطها في عنيه.. دي كفايه عندي”.. 
” من الناحية دي عايزاكي تطمني على آية.. نوح هيحطها جوه قلبه قبل عينه، و أنا كمان بقي عندي تلت بنات يا أم إسلام.. آية بقت بنتى التالته”.. 
دوي صوت زغروطة” رقية” و هرولت نحو الحقائب الموضوعه داخل غرفة الملابس و فتحت أحدهما و هي تقول..” طيب يله يا ماما نفرش هدوم العروسة بسرعة قبل ما تطلع”.. 
” لا أنتي متعمليش حاجة معانا يا رقية”.. 
قالتها” مني ” ببعض الحدة و هي تهرول تجاه زوجة ابنها و دفعتها برفق بعيداً عن الحقيبه أمام أعين “تهانى” المتعجبة.. 
“ليه بس يا ماما.. أنا كنت هساعدكم!!”.. 
نطقت بها” رقية ” بابتسامة تخفي بها إحراجها، و قد ترقرقت عينيها بالعبرات.. 
أسرعت” مني ” بجذبها لحضنها، و تحدثت بلهفة قائلة.. “انتي زعلتي مني يا بت يا عبيطة انتي ولا أية؟!.. أنا مش عايزاكي تتعبي نفسك يا حبيبتي اليومين دول علشان شكلك كده هتخاوي الواد حمزة”.. 
“بجد يا ماما؟!”.. غمغمت بها “رقية” بفرحة غامرة، ضحكت “مني” بقوة و هي تقول.. 
“دي بتسألني أنا يا أم نوح.. بقي مش شايفة تعبك انهارده و احنا بنعمل عشا العروسة مكنتيش طايقة ريحة الأكل و هو بيتعمل “.. 
” رقية”.. ” أيوه عندك حق، و كمان دي متأخرة عندي بقالها أكتر من أسبوع و أنا نسيتها خالص و انشغلت بفرح يويو”.. 
“لا لو كده يبقي ألف مبروك يا رقية.. وخليكي انتي متتعبيش نفسك و أنا و نهاد و أم العروسة هنخلص فرش اوام”.. 
” مني”.. ” روحي أنتي قولي لجوزك و فرحيه يا بنتي.. خلي الفرحة تكمل و تعرف طريق بيتنا شوية”.. 
هرولت” رقية ” لخارج الغرفة بعدما قبلت” مني ” بحب متمتمة.. 
” ربنا يتم فرحتنا على خير يا ماما يارب “.. 
………………………………………. 
” إسلام”.. 
كان يحمل صغيره على يد، و ممسك بيد شقيقته بيده الأخرى و يرقص معاها، و قد عرفت الفرحة طريق إلى قلبه الآن و هو يري شقيقته الوحيده أجمل عروس بفستانها الأبيض.. 
فرحته بها، و لها لا توصف.. لم يستطيع أن يعبر لها عن مدي سعادته اليوم، اكتفي ببريق العبرات التي تلتمع بعينيه التي تطلع لها بنظرات حانية تخبرها بغلاوتها داخل قلبه.. 
“ربنا يحميكي.. زي البدر في ليلة تمامه يا حبيبة اخوكي” ..
قالها “إسلام” و هو يضمها و يقبل رأسها بحب شديد.. 
“كنت هتمشي و تسيبني يوم فرحي يا إسلام”.. 
همست بها “آية” بصوت اختنق بالبكاء و هي تزيد من ضمه لها.. 
أطبق “إسلام” جفنيه بعنف و اصطك على أسنانه بقوة كاد أن يهشمها و هو يجيبها.. 
” حقك عليا يا آية.. حقك عليا يا غالية.. أنا معاكي و في ضهرك دايمًا، و عمري ما هخذلك تاني أبدًا “.. 
ابتسمت له” آية ” و هبطت دمعه من عينيها على وجنتيها مسحها زوجها الذي اقترب منهما للتو، و أمسك يد زوجته و سار بها نحو منزلهما.. 
” وأنا واثقه فيك يا أخويا”.. 
قالتها و هي تسير برفقة زوجها.. 
“مش هوصيك على أختي يا نوح”.. 
أردف بها” إسلام ” بصوت متحشرج بالبكاء و هو يحتضن” نوح” الذي ربت على ظهره مغمغمًا.. 
“أختك جوه قلبي و عيني يا أبو حمزة”.. 
لاحظ “اسلام” أن شقيقته تبحث بعينيها الدامعة عن والديها، هيئتها كانت تدل على أنها تستعد لنوبة حادة من البكاء، مما جعله يهمس بأذن” نوح”  بنبرة محذرة.. 
“خد مراتك و اطلع بيها علشان لو شافت ماما و لا بابا هتفتح في العياط وتمسك فيهم يا معلم”.. 
جملته جعلت “نوح”  يحمل زوجته على الفور، و هرول بها بخطي شبه راكضه لداخل المنزل.. 
وقف “إسلام” ينظر لأثارهم بابتسامة شاردة.. 
“يا ترى سرحان في مين واخد عقلك؟!”.. 
قالتها” رقية ” الواقفة خلفه عاقدة ذراعيها أمام صدرها.. 
استدار” إسلام “، و نظر لها نظرة عاشقه متمتماً بنعومة.. “سرحان فيكي انتي يا رقية يا رزقي الحلو في الدنيا.. يلي لولا وقفتك جنبي كان زماني مش في الدنيا “.. 
قبض على يدها فجأة وأصابعه تتخلل أصابعها و تشتبك بهم بقوة، و نظر لعينيها مكملاً.. 
“ربنا يقدرني وأسعدك و اعوضك عن كل حاجة زعلتك مني في يوم من الأيام يا حبيبتي “.. 
ابتسمت له بستحياء، و بكت و ضحكت بآن واحد مرددة..”أنا شكلي كده حامل يا أبو حمزة “.. 
نظر لها بأعين ملئتها الفرحة، و دون أرادته كان جذبها من خصرها لصدره، يضمها هي وصغيره بمنتهي الحب مرددًا.. 
” الحمد لله.. مبروك يا حبيبتي.. ألف مبروك “.. 
تمسحت بوجهها بحنايا صدره كالقطة الوديعه مدمدمة.. 
“مبروك علينا يا روح قلب رقية”..
……………………….. لا حول ولا قوة الا بالله????…… 
“نوح”.. 
بعدما خطي لداخل غرفته الخاصة به هو و زوجته، 
قام بوضع” آية ” على فراشهما الوثير المزين بأروع و أفخم الورود.. 
“نورتي بيتك يا حياة نوح”.. 
تطلعت فيه مدهوشة، و أسرعت برفع يدها و تمسكت بياقة قميصه، و من ثم احتضنت وجنتيه بين كفيها متمتمة بعدم تصديق.. 
” نوح.. أنت هنا فعلاً.. أنا مبحلمش!!”.. 
“اطمني.. أنا هنا.. و هفضل هنا معاكي وجوه حضنك”.. قالها وهو يمسك يديها و يسير بها على وجهه نزولا لشقتيه يقبلهما كل واحده مرات متتاليه، حتي وصل لموضع قلبه وارح كيفها عليه.. 
“دلوقتي تقدري تقوليها.. هتجنن و أسمعها منك”.. همس بها بخفوت أمام شفتيها،و عينيه تتأمل ملامحها بهيام، كانت المسافة بينهما لا تذكر لكنهما لا يتلامسان،
رفعت عينيها ببطء حتى التقت بعينيه حينها انتفض قلبها انتفاضة زلزلت كيانها كله دفعة واحدة، تعمقت النظر داخل عينيه المُتيمة بها و همست بأنفاس مرتعشة.. متهدجة تلفح بشرته تجعله بعالم أخر..
“بحبك..بحبك أوي؟!”..
أسكتها هو حين أطبق على شفتيها بشفتيه بمنتهي اللهفة يغمرها بوابل من القبلات الدافئة مرددًا من بينهم بعشق..
“بحبك”..
كلمة نطق بها لأول مرة لها وحدها، و لن يتوقف عن قولها ثانيةً.. 
تمت بحمد الله.. 

اترك رد