Uncategorized

رواية ملك للقاسي الفصل السابع والأربعون 47 بقلم فاطمة أحمد

  رواية ملك للقاسي الفصل السابع والأربعون 47 بقلم فاطمة أحمد

رواية ملك للقاسي الفصل السابع والأربعون 47 بقلم فاطمة أحمد

رواية ملك للقاسي الفصل السابع والأربعون 47 بقلم فاطمة أحمد

صر*خات متحشرجة عجزت عن الوصول لمسامعه ف ارتدت غا*رقة في الفراغ ، مستقبل غامض بلا أ*مان ، ظلال تتراقص من تحت فرجة البوابة العتيدة ، لا تدري إن كان صاحبها صديقا حميما ام عد*وا غريما …
غطت أذنيها فإزداد الطنينن ، كما لو أن سربا من الدبابير اجتاح رأسها من الداخل كما اجتاحتها تلك الخيالات الضبابية ، ليست وحدها ! بل ربما … هي وحدها مع مخاوفها .. و ثالثهما ش*ر !
تصلها الصر*خات آمرة بالإستيقاظ و المشي نحو فتحة النور التي تبزغ من بعيد حتى كادت رؤيته تنعدم ، فتحرك رأسها بهزة رافضة عاجزة ، والديها يقفان فوق رأسها الممدود للأسفل يمدان يديهما لها يدعوانها للذهاب معهما ، ومن الجهة المقابلة تقف طفلة صغيرة ذو شعر قصير أملس و وجه ملائكي تبتسم لها و تردد … ” تعالي أمي … لا تتركيني بدونك ” ، من هذه هل هي إبنتها التي لم تولد بعد ؟
– يارا !
وصلتها الصر*خة بإسمها مجددا فأغمضت عينيها سامحة للآلئ مقلتيها بالإنتحار تتبعها همسة خافتة ” ادم ” … خلفها باب موراي لغرفة بداخلها جثة هامدة لجسد حبيب راحل ، تنعاه الزهور فتذبل ، ويودعه الكون فتمسك عصافيره عن التغريد ، وتحن هي لأنفاسه كما تحن الشاة المساقة للذبح الى صغيرها ، جسد هامد و بارد برودة صقيعية ، ألبستها الد*ماء رداء الحداد ، يكوي جسدها بسُ*مِّه و يطبق على تلابيب روحها بوجده ….
و فوق الج*ثة يقف أحدهم يتلمسه و عيناه ملتمعتان بالد*مع ، أحد رغم عدم رؤيتها لوجهه إلا انها في قرارة نفسها تعلم أنه من يقربها و تكن له مشاعر خالصة بالمحبة و الثقة ، نظرت تلك العينان إليها ف ابتسمت و وقفت على قدميها لتركض له و تحضنه هامسة بكلمات الشكر على وجوده بجانبها ، رفع ذراعاه هو الآخر و ظنت انه سيبادلها العناق لكن سرعان ما صدرت منها شهقة ملتاعة وهي تشعر بذلك الن*صل يغرز في ظهرها و ضحكة الذي تحضنه ترتفع بخبث ….
تراجعت للخلف و وجهها المصدوم يحدق بمن اعتبرته يوما سندها ، لم تلمح شكله لكن داخلها كان يعلم من هو ، فهزت رأسها و عبراتها الغزيرة تنزل متمتمة :
– ليه ؟
أحست بالن*صل يغرز بها أكثر و يصل لأعماقها ففقدت قوتها المتبقية و خرت تسقط على الأرضية فتلقفتها يدان قويتان تحميانها من الوقو*ع …. رفعت وجهها المختنق له وجدته ادم يطالعها بنظراته القوية الحانية يهمس لها :
– انا هنا …. متخفيش …
– يااارااا !!!
صرخ ادم وهو يفتح عيناه و ينتفض جالسا متنفسا بحدة نظر لجانبه ولم يجدها فتذكر أنها تنام في الغرفة المجاورة بمفردها وقد سمع كلامها و تركها بمفردها ، أزاح الغطاء من عليه و ركض لها فتح الباب ليراها مستلقية على الفراش و جسدها يهتز بخفة يتبعه صوت أنفاسها المتقطعة وهمهمات غير مفهومة ، أدرك ادم ان زوجته ترى كابو*سا الآن مثلما رأى في حلمه وهي تناديه ف تقدم منها هاتفا :
– يارا … يارا …
لم ترد عليه و استمر اهتزازها فوضع يديه على وجهها و حركها قليلا صائحا بنبرة مرتفعة نسبيا :
– يارا اصحي ! انا هنا متخفيش.
عند سماع جملته المترددة في حلمها رأت النور الذي كان بعيدا يتسع و يغزو الفراغ الغارقة به في اقل من ثانية لتنقشع الظلمة من عينيها و تشهق وهي تعود للواقع ، صاحت يارا بهلع تدخل في حضن ادم منفجرة في البكا*ء ف شدد عليها بذراعيه هامسا :
– اهدي يا حبيبتي اهدي انا هنا معاكي.
ثقلت أنفاسها و بدأت تسعل بإختناق تخللته دمو*عها فأدرك انها تمر بنو*بة ربو لذلك حاول ابعادها عن احضانه واستطاع فعلها بصعوبة و ركض الى غرفتهما يجلب البخاخ ، ساعدها في استناشقه و عيناه الاهفتان تتسابقان على وجهها مرددا بذعر :
– اهدي و حاولي تتنفسي متقلقيش انتي شوفتي كابوس بس.
فعلت ما قاله و تحسنت حالتها بعد دقيقة فرفعت عيناها له و صاحت ببكاء :
– انت ليه سبتني رغم انك عارف اني مبقدرش انام لوحدي ليه يا ادم ايه اللي عملته انا خلاك تبقى قاسي عليا كده !!
اغلق جفنيه بندم و ضمها لصدره مجددا ممررا يده على خصلات شعرها :
– انا هنا مش هسيبك تاني متخفيش طول مانا معاكي.
أسندت يارا رأسها على عنقه في إرهاق وقد زال خو*فها وهي في حضنه ، لعل الكابو*س الذي رأته كان أبشع ما عاشته منذ بداية مرضها ، حتى اسوء من خيالاتها التي رأت نفسها فيها امرأة مشوهة فهذه أول مرة تعيش إحساس المطعونة في ظهرها ، لقد كانت تبكي من شدة أحزانها و مخاو*فها و فجأة احتضنت ذلك الشخص الغريب طمعا في مساندته ليكون أول الغا*درين و الطا*عنين لها ، من هو ذلك عانقته وهل حقا هي تثق في شخص خا*ىن مخا*دع لا يكن لها ما يظهره لها من محبة ؟؟
أفاقت من شرودها على هدهدته ف التمعت عيناها بالد*مع و همست :
– انا خفت اوي من غيرك … مقدرتش انام خالص ولما غفيت شوفت كابوس بيخوف ازاي هان عليك تسيبني.
تنهد ببطئ و طبع قبلة أعلى رأسها مجيبا :
– انتي اللي طلبتي وانا مشيت عشان معملش حاجة اندم عليها بعدين.
تعلم يارا جيدا ان زوجها عندما ينسحب من جدال ما فهو بذلك يتجنب الخسا*ئر التي ستحدث لو استمر في انفعاله و حقا ليلة البارحة كانت حادة لدرجة اعتقدت أن آثارها ستبقى مصاحبة لهما طوال الأيام القادمة !! مرغت وجهها على عنقه و قالت :
– متسيبنيش حتى لو طلبت منك.
– عمري ما هسيبك.
همس بها في رقة مقبلا وجنتها المبللة بدمو*عها و تابع :
– انتي كويسة ؟
حركت رأسها نافية وقد تحشرج صوتها :
– لا …. انا تعبانة ووو وخايفة اوي.
رمقها ادم بحنان و يده تمسح عبراتها :
– مفيش داعي للخوف وانا معاكي.
– انت دايما معايا !
أنهت جملته المعتادة و عانقته ثانية وبعد دقائق كانت تستلقي على جانبها الأيسر و ادم خلفها يتأكد من تغطيتها جيدا ، رغم غضبه من كلامها ليلة أمس و طر*دها له من الغرفة و رغبته بإستماتة في معا*قبتها و الإيضاح بأن رجلا مثله لا يقبل معاملة كهذه من زوجته ، إلا ان حالتها و هوانها جعلاه يتعاطف معها و يضرب بكرامته و صلابته المعهودة عرض الحائط ، فليذهب كل شيء للجح*يم المهم ان تبقى حبيبته بخير !!
______________________
صباح اليوم التالي.
في الشركة.
كان جالسا على كرسي مكتبه يتابع أعماله حتى طرق الباب و دخل مازن متجهم الوجه ، نظر له الأخير متسائلا بإستغراب :
– في ايه مالك لاوي وشك كده ليه ؟
جلس مقابلا له و رد :
– الحمد لله افتكرت اخيرا ان عندك صاحب لازم تسأل عليه !
إبتسم ادم بإستخفاف :
– ولا انت فاكر نفسك مراتي يالا عشان اسأل عليك كل دقيقة ناقص تقولي لو كنت مهتم كنت عرفت بنفسك.
زاد وجوم مازن و تقلص وجهه هاتفا :
– انا بتكلم جد يا ادم انت بعدت الفترة ديه و مبقتش تحكيلي على اي حاجة تخصك بشوفك مدايق و بسألك بترد عليا تقولي مفيش ده حتى انت محضرتش كتب كتابي يا اخي في ايه اللي شاغلك عني كل ده ؟!
زفر بخنقة و قال :
– انا بس مضغوط من الشغل وكمان المشاكل مع عمي و ابنه بيستقصدو يأ*ذوني في كل فرصة تجيلهم وانا لازم افضل فايق والا هيقدرو يضروني بجد.
رغم ان ادم قد أخبره من قبل عن فتح القضية مجددا لمعرفة ان كان حادثه و حادث عمه طبيعيا او مدبرا الا انه لم يستطع ان يحكي له تفصيل ما عرفه فالقضية سرية ولا يجب على أحد معرفتها أيا كان الى حين جمع الدلائل الكافية والوصول للرأس المدبر و القبض على المجرمين ، تنحنح ادم و تابع :
– وبعدين انت عارف ان مراتي بتتعب اوي الايام ديه ولازم افضل واخد بالي عليها عشان كده مقدرتش احضر كتب كتابك والا كنت اول واحد هيجي ويقف معاك طبعا.
هز رأسه في تفهم رغم وجومه البسيط و سأله :
– لو في حاجة اقدر اعملها قولي وانا مش هتأخر !
– حاليا مفيش بس اول ما احتاج هطلبك انت الأول.
ثالها ادم بجدية ليبتسم مازن برضى ثم قال :
– صحيح الاجتماع مع العملاء الأتراك هيكون بعد اسبوعين وبعدها لو اتفقنا هنسافر نوقع العقد و نشوف مصنع المواد الغذائية اللي هنبقى شركاء فيه ، مع اني مستغرب ازاي ادم الشافعي وافق يدخل شريك في البيزنس.
رفع حاجبه بمراوغة :
– فكرت ان الصفقة ديه هتوسع شغلنا اكتر في العالم الخارجي اضافة لأني بفكر اعمل حاجات كده شاغلة بالي بقالها مدة.
انتبه لغموضه ف اعتدل في جلسته سائلا اياه :
– حاجات ايه اللي تعملها ؟
ابتسم ادم ببرود :
– هتعرف لما يجي الوقت المناسب انا لسه بخطط يعني مبدأتش انفذ ….. قولي جهزت تقرير الفرع اللي ف الصعيد عايز اعرف كل تفصيل يخص الشغل هناك !
همهم بإيجاب :
– بعتهولك من نص ساعة ع الايميل بتاعك اطمن الشغل ماشي ع الشعرة و الحسابات و المزانية اللي بتنصرف منطقية مقارنة بالمشاريع و الاستثمارات اللي دخلناها و الموظفين الجدد متمكنين و موثوق فيهم و طبعا مفيش اي اختلاسات بتحصل و عمك و ابنه فقدو قدرتهم ف التحكم و مبيقدروش يعملو حاجة من غير اذنك لأن حضرتك رئيس مجلس الإدارة و مالك معظم الأسهم …. انت ال Boss يالا.
ارتفعت ضحكاتهم و ارتخت أعصاب ادم المشدودة نوعا ما مستدركا :
– صحيح ابويا اتصل من شويا و قالي انه جاي يخلص اجراءات التنازل عن الاسهم ليا و ل اختي خلي بالك و متجيبلوش سيرة عن التقارير اللي عملتها فاهمني.
هز رأسه بإيجاب :
– تمام عايز حاجة تانية ؟
– لأ.
بعد فترة قصيرة فتح الباب ليدخل ابراهيم مبتسما كاد ادم ينهض و يستقبله لكنه انصدم عندما نظر لخلفه ووجد يارا تدخل معه ايضا ، شدد على فكه و انقبضت يده بغيظ قبل ان يراها تقترب منه و تضحك بتحد :
– حبيبي وحشتني ايه فاجأتك.
انتصب واقفا و حملق فيها بتوعد مغمغما :
– جدا كمان … بتعملي ايه هنا.
تولى ابراهيم الرد وهو يضم ابنة أخيه من كتفها :
– كانت قاعدة مع مامتك ولما عرفت اني جايلك أصرت تجي معايا تشوفك لأنها زهقت من البيت و الصراحة انا مقدرتش ارفض طلب الأميرة ديه و خرجنا اتفسحنا و بعدين جينا.
طالع ادم يد والده الموضوعة على كتف زوجته مهمهما ببرود ظاهري :
– محدش بيقدر يرفضلها طلب يا بابا ، احم المحامي بتاعنا قاعد في قاعة الاجتماعات مستني حضرتك روح مع مازن وانا جاي وراكو.
أدرك ابراهيم ماهية نظرات ابنه و شر*ارات الغضب التي تقطر من عينيه المحتد*تان فتجهم وجهه وهو نادم على مطاوعته ليارا والسماح لها بالمجيء دون معرفة زوجها ، هو يعلم طبيعة ادم ويعلم كم يكره ان يفعل احد شيئا دون اذنه لذلك الآن متأكد من حدوث مشكلة بينهما …. او أساسا قد حدثت و ما يجري الآن عبارة عن شر*ارة أشعل فتيلها من قبل !!
تنحنح و نظر الى مازن بجدية :
– يلا تعالا عشان منضيعش وقت اكتر … متتأخرش يا ابني.
بمجرد خروجها تأوهت يارا بأ*لم وهي تشعر بذراعها تتشنج من شدة قبض ادم عليها ، نظر لها هامسا بعصبية :
– انتي بتعملي هنا ازاي تخرجي من البيت من غير ما تاخدي إذني ؟
كبتت شهقة متألمة كادت تنفلت منها و ردت :
– انا زهقت من قعدة البيت و قربت اختنق بعتلك رسالة اقولك فبها اني جاية بس حضرتك متنازلتش و قريتها ده اولا ، ثانيا بعتقد اني جاية مع أبوك مش مع حد غريب ع الشركة اللي انا بملك أسهم فيها.
رفع حاجبه مبتسما بسخرية فسحبت ذراعها منه مكملة :
– ياريت متمسكنيش جامد كده تاني وقف التصرفات الهمجية ديه انت بتتعامل مع مراتك مش مع واحدة جاية من الشارع.
أغمض عيناه يحاول كبح غضبه و عدم الإنفعال عليها كي لا يحدث جلبة أمام الغرباء لكنه لم يستطع فوضع يده خلف عنقها يجذبها منها ، طالع عيناها مباشرة و غمغم من بين أسنانه :
– انا عارف انتي بتحاولي تعملي ايه بس اوعى تستفزيني بالتصرفات ديه اوعى تاني مرة تعملي خطوة من غير اذني اوعى تروحي لأي مكان من غير اذني حتى كلامك مبتقولهوش قبل ما اسمحلك مفيش حاجة بتحصل من غير اذني حطيها حلقة في ودانك و آخر مرة الاقيكي داخلة عليا فجأة ، لو عايزة تشوفي الشركة اللي عندك نص أسهمها حقك بس اسأليني الاول ومتلعبيش بصبري …. بتندمي يا يارا.
ابتسمت ببرود رغم ارتباكها من تحذيره الذي يحمل تهديدا واضحا وللحظة فكرت ماذا سيفعل لو قالت لا لن افعل ما تريده … ادرك ادم ما تفكر له فقال :
– بلاش اللي بتفكري فيه ده لو مش عايزاني ارجع زي زمان اسمعي الكلام …. ديه نصيحة عشان نعرف نكمل حياتنا مع بعض.
لم يقصد ادم المعنى الحرفي لجملته الأخيرة لكن يارا ضحكت بإستهزاء وقد دمعت عيناها :
– بتنصحني عشان نعرف نكمل حياتنا مع بعض ؟ يعني لو مسمعتش كلامك هتطلقني ولا ترميني شهرين في بيت جدي زي زمان ؟
أطلق الأخير شتي*مة لاذعة جعلت ملامحها تنكمش بنفور ثم هتف بخشونة :
– انا مستحيل اسيبك تاني خاصة في بيت جدك متحاوليش تغيري مفهوم كلامي على مزاجك.
تهكمت يارا و ابتعدت عنه خطوة قائلة :
– مغيرش مفهوم كلامك ؟ ادم انت مستوعب تصرفاتك وكلامك معايا ولا غرورك مبيخليكش تشوف اغلاطك ؟ انت حرمتني من جامعتي و منعتني اخرج من البيت و بتقولي كلام قاسي و جارح لدرجة بشك انك نفس الشخص اللي بتحضني و تحط راسي على كتفك لما اصحى من كوابيسي و اعيط ! فهمني انت ليه بقيت كده او ليه رجعت زي الاول بارد و همجي وبتعشق السيطرة انت وعدتني تتغير و متتسببش فدمعة من عينيا ليه بتخلف بوعدك و بتزعلني يا ادم ليه فهمني ؟!
نزلت عبر*اتها الحا*رقة و بللت وجنتيها سامحة لأخواتها باللحاق بها ف استمرت دمو*عها بالهطول حتى انتفض ادم و هبَّ يمسحها بيديه متمتما :
– خلاص متعيطيش انا مبحبش اشوف دمو*عك بتوجع لما اشوفك بتتأ*لمي اهدي علشان خاطري !
كلماته الحانية جعلت أعصابها تتلف أكثر ف ا*نفجرت في البكا*ء ببن يديه دون توقف لعل بذلك تخرج طاقتها السلبية و مخا*وفها من عودة ادم الى سابق عهده و طمس حياتها تحت قدميه ، عانقها الأخير و حاوطها بذراعيه متأوها بوجع ليته يخبرها انه يمنعها من الخروج بسبب خوفه عليها و تعرضها في الجامعة لنفس الموقف الذي حدث معها سابقا و جعلهما بنفصلان ، ليته يخبرها ان اعدا*ءه يتربصون به و يتوقون لإ*يذائه في عمله و عن طريق عائلته ، ليته يقول لها انه اكثر من يود رؤيتها ناجحة في دراستها و قمع شخصيتها ليس من طموحاته لكن رغم هذا هو مضطر لتأجيل كل ما يخصها لمصلحتها فقط ….
تنهد ادم بحسرة و ظل صامتا حتى بدأت تهدأ و خفتت شهقاتها ، كفكفت دموعها و ابتعدت عنه تقول بتعب :
– انا عايزة امشي.
حرك رأسه بهدوء :
– اخلص اللي ف ايدي الاول وبعدين اروحك البيت ،تجي معايا اوضة الاجتماعات ؟
– لأ.
اجابته نافية بجفاء وقد اشاحت وجهها عنه فتأفف و طلب منها البقاء في غرفته ريثما ينهي أعماله مع والده ، جلست يارا على الأريكة الموضوعة جانب المكتب و عيناها الحزينتان شاردتان في الاشيء ، من جهة هي غاضبة من ادم غضبا فاق الحدود ومن جهة أخرى بالها مشغول و قلق عليه ، لقد أصبح في الآونة الأخيرة مهموما و شاردا يتكلم مع احدهم على الهاتف بسرية و يغضب و يثور على ابسط الأشياء ثم ينظر لها بغموض وكأنه يود إخبارها ، حسنا هل يعقل ان يكون بالفعل يخفي عنها شيئا ما و يمنعها من مغادرة المنزل لهذا السبب ؟ هل اولئك من يقول عنهم انهم يريدون أذيته و غيروا أدويتها و أرسلوا ذلك الشاب للتفرقة بينها وبين زوجها ينوون الإطاحة به او ربما …..
انتفضت بخضة تنفث الأفكار السوداوية من رأسها هامسة :
– انا بفكر في ايه بس استغفر الله العظيم ناس ايه اللي عايزة تأذيه هو قال انهم مش هيعرفو يقربو مننا تاني وبعدين ادم طول عمره بيعشق يقعدني في البيت مش علشان خايف عليا من حاجة يعني ، اووف بدل ما افكر في مشكلتي لقيت نفسي بفكر فيه ولا كأنه خانقني و خلاني اعيط اكتر من مرة.
رن هاتفها فجأة بإسم صديقتها فردت بسرعة :
– السلام عليكم يا فرح ازيك.
– وعليكم السلام يا حبيبتي انا كويسة وانتي عاملة ايه ؟
قالتها الأخرى بعبث لتجيب يارا وقد عبست مجددا :
– انا بخير الحمد لله.
– باين عليكي مضايقة في ايه لسه جوزك مصمم تلغي السنة ديه و مش سايبك تجي الكلية ؟
تأففت في سخط وملل :
– ايوة حاولت معاه اكتر من مرة بس رافض بشكل غريب خلاني استغرب … اكيد ادم مخبي عني حاجة او ممكن يعني كلامه صح و الأفضل اني ارتاح السنة ديه و السنة الجاية ااا ….
قاطعتها فرح بسخرية :
– و انتي فاكرة انك لما تتنازلي المرة ديه كل حاجة هتبقى طبيعية و تقدري ترجعي السنة الجاية ووو … يارا حبيبتي افهمي انك لو سحبتي ورقك من الجامعة لازم تنسيها نهائيا جوزك المرة ديه اتحجج بالحمل و المرة الجاية هيقولك اهتمي بالبنت لحد ما تكبر و فجأة تلاقي نفسك بين اربع حيطان لا دراسة درستيها ولا شغل اشتغلتيه هتقعدي في البيت تطبخي و تنظفي و تربي وهو رجل الأعمال هيلاقي راحته برا و…
قاطعتها يارا بحدة :
– فرح انا مبسمحلكيش تتكلمي على جوزي بالشكل ده ادم مش من النوع اللي يبص لبرا اصلا هو بيحبني و مبيعملش كده.
قلبت عيناها بتملل وودت لو تغلق الخط في وجهها ولا تسمع صوتها أكثر لكنها تمالكت نفسها و هتفت بنبرة متريثة :
– لو كان بيحبك بجد كان هيحب يشوفك ناجحة فحياتك مش يوعدك ف اول الجواز يخليكي تكملي دراستك وبعدين يقولك لأ متدرسيش و متخرجيش من البيت … يعني سيبك من الخيانة و الوفاء والكلام ده بس مفيش راجل بيحترم الست الأقل منه بالعكس بيحتقرها بعد ما يضمن انها موجودة فحياته و بيروح يدور ع الأفضل لو عايزة رأيي يا يارا متسمعيش كلامه و تعالي سجلي في الكلية لسه الوقت مخلصش ولو فضل رابطك بقيوده اطلبي المساعدة من جدك او أهله مش قولتي انهم بيحبوكي كأنك بنتهم بجد.
همهمت بشرود وودعتها لتغلق الخط و عقلها يرسم لها صورا خلقت من – تحريضات – زميلتها ، لوهلة كانت ستصدق فكرة ان ادم سينظر لغيرها في يوم من الأيام لكن عند تذكرها حنانه معها ، وقوفه بجانبها في أسو*ء أيام حياتها ، العناية بها و حجزها داخل احضانه عندما ترى كوا*بيس ، أصابعه الخشنة التي يمسح بها دموعها و نظرته المحبة العطوفة و صوته الرخيم عندما يقرأ عليها الآيات القرآنية كل هذا يثبت كم انه يعشقها حسنا يجب على يارا الاعتراف الآن مهما كثرت سلبيات ادم إلا انه صادق و مخلص في حبه ولعل هذا ما يجعلها صابرة عليه لحد الآن !!
_______________________
في شقة آسر.
استندت تقي على رخامة المطبخ وهي تطالع صورها مع زوجها و التي أصر على التقاطها يوم أمس بعدما خرجا يتنزهان سويا ، ابتسمت بخفة و قامت بتكبير صورة آسر وهو يحتضنها و إبتسامته تكاد تشق وجهه من شدة إتساعها تماما مثلما كان يفعل في أول زواجهما …. قبل عودة المرأة المسماة ب رولا لحياتهما و إفسادها بناء على رغبتها المريضة في استعادة حبيبها السابق …. الحبيب الذي رفضت أن تتزوجه عندما طلب يدها و تخلت عنه و حين وجد تقي و أحبها أرادت الحصول عليه مجددا !!
أغمضت عينيها تحاول طرد ذكريات الماضي المؤلمة ثم ابتسمت عندما وجدت آسر يدخل للمطبخ مبتسما :
– صباح الخير حبيبتي.
رفعت حاجبها تصحح له :
– قصدك ظهر الخير !
ضحك و حك طرف ذقنه قائلا وهو يحضنها و يطبع قبلة سريعة على جبينها :
– معلش بقى انتي عارفة اني نمت امبارح متأخر كنت بجهز للمشروع اللي هعرضه على البشهمندس ادم الشافعي و وبعد ما صليت الفجر محسيتش على نفسي غير وانا مرمي ع السرير … اوعى تكسفيني و تقولي لي كنت بتشخر ها.
ضحكت تقي و أجابته :
– لا انت عارف نفسك مفيش داعي اقولك ، المهم مقابلتك امتى ؟
– امم بعد ساعتين بالضبط.
اومأت و رصت أطباق الغذاء على الطاولة مرددة :
– طيب تعالى تاكل لقمة عشان تعرف تركز و متقلقش بإذن الله الانترڤيو هيعدي على خير.
تنهد آسر مهمهما :
– مش هكدب عليكي قد مانا متحمس لأن عندي فرصة اشتغل مع الشافعي على قد ما انا خايف متقبلش و مقدرش اأسس شغل مستقل بعيد عن الشركة اللي كنت شغال معاها.
مدت تقي يدها تضم يده و ابتسمت بصدق :
– المشروع اللي هتقدمه ممتاز و كامل من كل الجوانب و مفيش حد بيقدر يرفض يشتغل مع مهندس في مهارتك متخفش ربنا معاك يا حبيبي.
توقف الطعام في حلقه و نظر له مندهشا من كلمتها التي نطقتها بتلقائية بينما أدركت الأخرى زلة لسانها و كادت تسحب يدها لكنه اوقفها برجاء :
– علشان خاطري متبعديش انا عارف ان علاقتنا لسه في بداياتها بس مع ذلك افضلي قريبة مني و سانداني دايما كده.
رفعت رأسها تطالعه بحب أخفته ببراعة خلف قناع الجمود ثم تنهدت و سألته :
– ايه اللي حصل ل رولا بعد ما رجعت ع نيويورك ؟ انا امبارح سمعتك بتتكلم مع واحد بالإنجلش و جبت سيرتها هي دخلت لمص*حة صح ؟
جمد لثوان قبل ان يهز رأسه و يرد بترقب :
– ايوة زميلتها في السكن لقتها بتكلم نفسها و بتضر*ب راسها ع الحيطة و تضحك و بتجر*ح ايديها و رجليها قامت اتصلت بالمشفى و من بعدها حولوها لمص*حة نفسية تتعالج ، يعني انا عارف من الاول ان رولا غير متز*نة عقليا و نفسيا و ده كان واضح جدا من تصرفاتها و اكتر من مرة طلبت اوديها لدكتور تتعالج بس كانت بتتنرفز و ترفض ، لكن متوقعتش حالتها تسو*ء للدرجة ديه.
توقع منها أن تثور و تغضب أو يحصل العكس و تتركه لتنزوي في عرفتها بمفردها لكنها فاجأته عندما لمعت عيناها بشفقة هامسة :
– ربنا يشفيها و يخفف عليها ، يعني مهما كانت سيئة و أذتني مش هقدر اش*مت فيها في الآخر هي مريضة و ضعيفة.
تنهد آسر و قبل يديها بحب :
– حبيبتي الجميلة اللي قلبها أبيض زي التلج …. انا بحبك اوي.
حينها نزلت دمعة من عينيها تلملونتين هامسة :
– وانا بحبك اكتر.
ثوان صامتة مرت عليهما قبل ان يتلعثم بصدمة :
– انتي …. انتي قولتي ايه ؟
بكت تقي أكثر و أجابته شاهقة :
– حبيتك لدرجة مقدرتش اكرهك حتى مع الوجع اللي شوفته بسببك … حاولت كتير انساك بس مقدرتش كنت مبسوطة بالألم و محبتش اتعالج من حبك … انت دائي يا آسر وانت دوائي !
وفي اللحظة التالية كانت الأخيرة تضحك بصوت عالي وهي تجد نفسها بين ذراعيه يحملها و يدور بها صائحا :
– انتي قولتي انك بتحبيني انتي رجعتيلي مرااتي رجعتلي يا ناااس !!
شاركها ضحكاتها و تعلقت هي برقبته مستسلمة لعاصفة جنونه سامحة لنفسها بعيش ما حرمت منه اثناء غيابه …. يكفيها ألما يكفيها بكاء و عذابا إنها تستحق ان تحيا مع حبيبها في راحة و سعادة بعد شلالات الدموع التي ذرفتها لمدة سنتين كاملتين !!
_______________________
بعد مرور اسبوع.
في الصعيد داخل سرايا الشافعي.
ألقى الهاتف على الحائط بكل قوته وهو يصرخ في عصبية :
– بعد كل اللي عملتهوله چاي يجولي مبجتش رايد شي منك بعد ما خاطرت و سرجت السندات و وجفت جصاد ابوي و الباشا مشان اكون يدك اليمين كيف اتخليت عني بالسهولة ديه !
اتسعت عيناه برعب ووضع يده على عنقه متمتما :
– هيجتلوني … إني خنتهم وهما مهيترددوش واصل جبل ما يخلصو عليا !
بمجرد إنهاء جملته وجد عمر والده يقتحم الغرفة وبمجرد رؤيته رفع يده يلكمه بعن*ف :
– بتخو*ني يا *** بتخون ابوك مشان السلطة و الفلوس و تعرض حياتنا للخطر مستغني عن حياتك اياك !!
شحب وجهه و جف ريقه وهو يتلعثم :
– مجصدتش الخيانة إني زهجت من الذ*ل و الإها*نة و حبيت مركزي يكبر مشان اكده ….
قاطعه علي بتشنج صارخا :
– مشان اكده اللي حضرتك خدتله السندات اتفج مع زعيمنا و اعترفله انك خن*ته انت فتحت علينا أبواب جه*نم و دلوجت اجعد و استنى المو*ت يچيلك.
سمع الإثنان جلبة تحدث في الأسفل و أصوات قوية متداخلة فيما بينها فتأهبا و غادرا الغرفة مطمئنين أنفسهم ان لا أحد من المنظمة التي يعملون لديها لهم الجرأة على دخول منزل سليم الشافعي هكذا !
نزلا لتحتل الصدمة وجهيهما عند رؤية رجال الشر*طة يملأون البهو و سليم يقف أمامهم بصلابة مرددا :
– سيادة الضا*بط احنا متأكدين ان في سبب جوي مشان تجم لينا بس مش سليم الشافعي و عياله اللي يتعاملو معاملة المجرمين لو في مشكلة جولهالي و إني بنفسي هجيبلكم ولدي و حفيدي.
نظر له مروان بجدية :
– كلامك على راسي يا حج بس لو سمحت متعطلش شغلنا و قول علي و عمر الشافعي فين ؟ لو مردتش علينا مضطرين نفت*ش البيت كله.
– ايه اللي بيحصل اهنيه رايدنا ليه يا حضرة الضابط.
كان هذا صوت علي المبطن بالر*عب و اعتقد انهم جاؤوا ليعتقلوه لأن ادم فضح جرا*ئمهم المالية لكن الصدمة الحقيقية التي قسمت ظهر البعير كانت عندما اقترب منهما مروان مغمغما في ثبات :
– انتو معت*قلين بت*همة الاختلا*س و تز*وير الحسابات و العمل مع منظمة إجرا*مية و التخطيط لقت*ل محمد مجدي و ادم الشافعي و …. قت*ل احمد الشافعي !!
النهاية.
__________________
الصدمة الحقيقية التي قسمت ظهر البعير كانت عندما اقترب منهما مروان مغمغما في ثبات :
– انتو معت*قلين بتهمة الا*ختلاس و تز*وير الحسابات و العمل مع منظمة إجر*امية و التخطيط لقت*ل محمد مجدي و ادم الشافعي و …. قت*ل احمد الشافعي !!
******* في الإسكندرية.
ترجل من سيارته متجها لمنزله حتى رن هاتفه وكان من مدير الجامعة الذي أكد له انه تم تسجيل يارا و قبول أوراقها رغم تأخرها عن تقديمها ، إبتسم ادم برضا و اغلق الخط محدثا نفسه :
– بما ان الأميرة المدللة معندة و منشفة دماغها ومش راضية تكلمني خلينا ننفذ طلبها كده كده مش هخلي الحرس يفارقها.
ادار المفتاح في القفل و دفع الباب بهدوء ليستغرب من رؤية الفيلا هادئة ، انعقد حاجباه و كاد يناديها لكن رن هاتفه اوقفه ففتح الخط :
– ايوة يا ادهم.
– انت فين ؟
قالها بجدية فرد عليه ادم :
– لسه داخل البيت ليه في حاجة ؟
سمع تنهيدته المتحشرجة و أتبعه قوله :
– عرفنا ان عمر بعت كام قا*طع طريق يتعرضولك و يقت*لوك بس الحمد لله مادامك بتكلمني يبقى هما ملحقوش يعملولك حاجة اوعى تخرج من البيت يا ادم بص كل حاجة هتنتهي الليلة ديه المشاكل و الأسرار كلها هتتكشف متعرضش حياتك للخط*ر سامعني ؟
تشنج وجهه نفور و كره مجيبا :
– بعت كلا*به عشان يقت*لني يعني … انا مستغربتش ليه يا ترى.
زفر ادهم بحدة :
– بطل برودة اعصابك ديه و اتأكد من ان اهلك كلهم موجودين محدش يطلع قبل ما الليلة ديه تخلص اسمع الكلام شكل عمر قرر يضر*ب ضر*بته الأخيرة قبل ما جماعته تخلص عليه …
لم يستمع لبقية كلامه و اتصل بوالديه ورهف يتأكد انهم داخل المنزل و عند إطمئنانه صعد درجات السلم مرددا بصوت عال :
– ياااراا.
دخل الغرفة و وزع بصره على ارجائها يبحث عنها ولم يجدها تجهم وجهه و ناداها مجددا ربما تكون في الحمام و النتيجة واحدة …. يارا ليست هنا !
بدأت أنفاسه تتعالى بإنفعال و حاول الهدوء مقنعا نفسه انها مع والدته ولم تنفذ كلامها له صباحا عندما قالت متحدية ” لو فضلت حا*بسني كده هتجي و تلاقيني مشيت ومش هتعرف تلاقيني ” ، طلب رقم حنان و بمجرد ان ردت هب يسألها :
– يارا معاكي يا ماما ؟
وصلته إجابتها المتعجبة :
– لا هي قالت انها خارجة مع صحابها من كام ساعة كده.
تجمدت يده على الهاتف و أحس بغشا*وة تغطي عينيه و تمنعه عن الرؤية عند معرفة ان زوجته خارج المنزل في هذه الساعة المتأخرة و في نفس الوقت الذي بعث فيه ذلك الحقير رجالا ليقت*لوه !! رفع رأسه للأعلى و تنفس بعمق قبل ان يطلب رقمها رن عدة مرات لكنها لم تجب فأطلق شتيمة و بعث لها رسالة ” وربي لو مردتيش لأخلي ل*يلتك سو*دا على دماغك يا يارا “
انتظر نصف دقيقة و أعاد الإتصال ليسمع صوتها بعد ثوان :
– نعم.
جز على أسنانه و صر*خ بحدة :
– انتي عايزة تجننيني بتخرجي من البيت مع اني رفضت و لسه مرجعتيش لحد دلوقتي يا متر*بية يا مح*ترمة ده انا هند*مك على الساعة اللي فكرتي تخطي خطوة برا البيت و الله لأ*كسرلك رج….
قاطعته يارا وقد ار*تجفت من نبرة صوته :
– في ايه لكل ده انا بعتلك ميسيج و ….
صرخ ادم وقد احمرت عيناه بشدة ف نزل بخطوات مسرعة يستعد للخروج :
– شوفت *** الميسيج ده وانا مردتش يعني رفضت انتي مبتسمعيش أ*م الكلام لييييه ! انتي فين قوليلي هجيلك بنفسي.
بلعت ريقها و تلعثمت مجيبة :
– ممم مفيش داعي انا جاية اصلا هاخد تاكسي.
إحمر وجهه فهدر بعن*ف أهوج :
– بقولك انتي فين انطقي متجننيش !!
زاغت حدقتاها بخوف و أملته العنوان ليغلق الخط وهو يصيح بغضب تلك الفتاة لن تتوانى عن جعله يظهر نزعته الإجر*امية لن تهدأ قبل ان تتسبب في مقت*له او إرتكاب جر*يمة قت*ل …. و في كلتا الحالتين هو مستعد للتعرض للأ*ذى في سبيل ان تكون زوجته بخير !! 
ركب سيارته و إنطلق بها في سرعة جنونية يدعو الله ان لا يحدث لها سوء و تظل بأمان هي و طفلتهما ، رن هاتفه بإسم ادهم و فتح الخط ليسمع صوت الآخر يغمغم في سخط :
– بتقفل الخط في وشي ليه مش قولتلك ….
– انا برا البيت رايح اجيب يارا لسه عارف انها طلعت مع صحابها وهروحلها.
قاطعه بغضب فصمت ابن عمه يستوعب كلامه قبل ان ينتفض و يصرخ بجنون :
– نعم انت بتقول ايه طلعت ليه انا قولتلك عمر عايز يقت*لك محدش عايز حاجة من مراتك وبعدين المفروض الحرس يكون ….
زفر ادم بصراخ هو الآخر :
— اديت الحرس إجازة لأني مكنتش عارف انها هتخرج ده اولا و ثانيا انا مش هطمن و اقعد في البيت استنى امتى مراتي تدخل مش بعيد عمر يسلط عليها ناس يؤذ*وها و….
صمت يعجز عن إكمال جملته و خيالاته تصور له أسو*ء للسيناريوهات التي تخص حبيبته ، فتح أول زرين من قميصه غير مبال بكلام ادهم المتعصب :
– انت مبتفهمش الكلام ليه الخطر دلوقتي عليك مش على مراتك اكيد عمر مش هيأذيها عشان …
– عشان بيحبها صح.
هتف بها ادم وقد توحشت ملامح وجهه و أكمل :
– ال**** بيحب مراتي وط*معان فيها ومع ذلك بعتلها شاب يدخلها عربيته و اتفق مع ابوه يغيرولها العلاج و خلوها مدمنة بلاش نضحك على بعض احنا الاتنين بنعرف ان الند*ل الوا*طي مبيهموش حد و مستعد يعمل أي حاجة حتى انه يتعرض لعيلتي عشان يؤ*ذيني و لأنك عارف الحقيقة ده انت قولتلي اتأكد من وجودهم في البيت و محدش منكو يطلع لبرا بس …..
ابتسم ساخرا يحدث نفسه :
– انا مراتي اللي مكنتش تتجرأ ترفع عينيها في وشي بقت تعصي اوامري و متسمعش كلامي و بغبا*ءها ده هتتسبب فمو*تنا كلنا.
أغلق الخط لكي لا يسمع تحذيرات إبن عمه الذي يخبره ببساطة ان حياته في خطر و يجب عليه الاختباء و عدم البحث عن زوجته التي خرجت دون علمه و سيتكلف هو وعناصر الشر*طة بحمايتها …. زاد السرعة أكثر لتظهر فجأة شاحنة كبيرة قطعت طريقه و كادت تصدمه ف انحدر الى أقصى اليمين و لولا د*عسه على الفرامل في آخر لحظة لكان اصطدم في إحدى الأشجار الواقفة بشموخ على طرف الطريق الموجود داخل ذلك الشارع المعزول.
ظهرت سيارتان تحاصرانه ف احت*د فكه و ضرب المقود بقو*ة يبحث عن سلا*حه و لسوء الحظ كان قد نسيه في غرفة مكتبه ولم يحضره ، إبتسم بسخرية مدركا انه من الممكن أن يخسر اليوم حياته لكن رغم ذلك فهو يفضل المو*ت كالرجال على ان يبدي إستسلامه لهم ….
فتح باب السيارة و خرج بهدوء يوزع نظره الحا*د على كل ما يوجد أمامه ، ليعقد حاجبيه عندما تراءى له 4 رجال ذو بنية ضخمة يطالعونه بش*ر و أحدهم يمسك في يده هرا*وة وباليد الأخرى شفر*ة حاد*ة ظهر لمعانها و انعكس على عينيه فتلونتا بالعد*ائية هادرا بخشونة :
– لو إحساسي مكدبنيش ف انتو كلا*ب عمر و بعتكم عشان تنالو شرف قت*لي.
ضحكة مجردة من الإنسانية صدرت من قائدهم الذي ردد :
– الباشا كان معاه حق لما حكالنا على غرورك حتى فأصعب المواقف بس بنصحك توفره للحظة اللي تركعلنا فيها و تتذ*لل عشان تفضل عايش.
قهقه ادم برعونة و لهو :
– احلف طيب ! اكيد الباشا تاعكو قالكم ان ادم الشافعي مستحيل يتذ*لل لحد خاصة لو كان الواحد ده معندوش ريحة الر*جولة … زيكو يعني.
جز الرجل الملثم على اسنانه و صر*خ بغضب :
– اضر*بوه متخلوش فيه حته سليمة !
و على حين غرة وجد نفسه في كمين غادر ، وحيدا في مواجهة 10 رجال أشداء بعدما خرج ستة آخرون من ظلمة الزقاق ! 
اشتعلت عيناه بتجلد و تأهبت حواسه استعدادا عندما تقدم أولهم يريد التهجم عليه فثبت ادم ذراعه و رفع قدمه ير*كله في بطنه ثم أمسكه من مقدمة رأسه و ضر*به على ز*جاج نافذة السيارة ليسقط الأخير يتلوى أ*لما …. حتى وان خ*سر يقسم على انه سي*خسر رجلا !!
التفتت ادم الى البقية هاتفا :
– ده بس اللي عندكو حتى ضر*بة زي الناس مبتعرفوش تضر*بوها ؟
تقدم المها*جم الثاني ليرفع قبضته و يلكمه وقبل ان يسدد له اللك*مة الثانية انصدم عندما فتح قائدهم هاتفه على مقطع فيديو مباشر ظهرت فيه يارا وهي تقف تنتظره في المكان الذي إتفقا عليه ، تسمر جسده و أحس بالد*ماء تهرب منه وهو يفهم التهد*يد الصامت الذي لم يعد كذلك عندما قال الآخر بخبث :
– اتنين من رجالي واقفين حاليا قدام مراتك ولو متصلتش بيهم بعد 10 دقايق هيقت*لوها …. ولو اتصلت و قولتلهم احنا أنجزنا المهمة هيسيبوها و يمشو ايه رايك حياتك او حيا*ة مراتك القرار ليك.
– يا ابن ال….
صاح ادم وهو يقترب منه ينوي ضر*به لكنه وجد نفسه مقيدا بسواعد من حديد ثم رأى هرا*وة ترتفع لتلامس عنان السماء لتهوي فوق رأسه بعن*ف أرداه على الأرض ….. لم يصر*خ لم يشت*م او حتى يحاول النهوض ف الأمر جدي اذا لم يقت*لوه سيقتلون زوجته و أم طفلته …. معادلة حلها واضح و مجهولها حياته !!
أظلمت عيناه و شعر بخيوط الد*ماء اللزجة تسيل من أعلى رأسه و تهبط على قميصه و الأخرى تستقبلها الأرض برحابة صدر ولم يكفي هذا فقط بل انحنى عليه مها*جم آخر و سدد له ط*عنة قوية بمنتصف صدره جعلته يصر*خ بوهن و ضعف ، لقد حانت نها*يته !
ثبته إثنان من خلفه فبقي راكعا على ركبتيه و الدنيا تعصف و تدور به حتى قابله قائدهم مغمغما في ابتسامة قذرة :
– الباشا حكالنا على مدى حبك لمراتك و وصانا لو مقدرناش عليك نروح نقتلها بس انت أنقذتها …. الصراحة لو مكنتش طلعت من البيت عشان تروح ترجعها كنا قت*لناها هي !
لم يرد عليه و اكتفى بإغماض عينيه و تخيل صورتها لعلها تكون المؤنسة له أثناء صعود روحه و تحررها من جسده ، اقترب الملثم و همس عند أذنه :
– و ديه عربون من عندنا.
طعنه بالشفرة الحادة في بطنه و دفعه و غادر هو ورفاقه …. ليبقى ادم يترجع مرارة المو*ت بهذه الطريقة ، ثم رآها … انبثق له خيالها بالنور من بين الظ*لمات ، تناظره نائحة منتحبة وتركض له دون ان تصل ، عندها فقط تذوق معاني الردى الحنظلية ، و خمدت شجاعته فهمس بلوعة :
– يارا … 
مرت الدقائق ، و قطع الصمت الم*خيف صوت الهاتف الذي رن للمرة الألف لحد الآن ، حرك ادم يده و بذل في ذلك جهدا جبارا فسمع صوتها الأقرب الى قلبه يردد بعبوس :
– انا استنيتك كتير بس مجتش خفت اقف لوحدي قمت خدت تاكسي و توصل بعد كام دقيقة اهو عشان متتنرفزش عليا بعدين وتقول اني …..
– يارا …
همسة خافتة متقطعة صدرت منه وهو يشهق ساحبا الأنفاس قدر المستطاع ، أجفلت الأخرى و سألته بترقب :
– انت بتتكلم كده ليه في ايه مالك ؟
في خضم صراعه ليعيش دقائق أخرى ابتسم بألم و حمد لله لأنها بخير ثم تمتم :
– انا … انا اتعرضت لهجو*م و…
انتفضت يارا بحدة و صر*خت :
– انت بتقول ايه هجو*م ااا انت بتكدب و بتقول كده عشان تخوفني عليك ادم انا مممم مبحبش الهزار ده رد عليا انت فين انا جايالك.
تأوه بعنف و أجابها وقد بدأ يفقد الو*عي :
– اول مرة لما عملت الحا*دث … تاني مرة اتضر*بت بالنا*ر … و الثالثة ثابتة … اا انا … مش هطلع عا*يش …
خيل لها انها تتوهم او تتعرض لنو*بة هستير*ية أخرى فهزت رأسها بجنو*ن مهمهمة :
– لا لا انت مش هتسيبني انت وعدتني تفضل جمبي دايما ااا ادم ارجع ارجوك وانا بوعدك مش هقول لأ على اي حاجة هسمع كلامك والله العظيم هسمع بس انت ….
– مفيش وقت.
قاطعها ادم بشجن و تابع :
– عايزك تعرفي اني …. عملت كل ده عشان …. مصلحتك و …عشان احميكي انتي …. انتي و بنتنا …. يارا انا …. انا ….
– اااادم …. ادم متسكتش ارجوك ادم رد عليا اااادم !!
لكنه لم يجب ، همد جسده القابع على الأرض ليتخذ من السماء لحافا ، فوق براعم الشجر التي تطايرت بفعل الرياح و سكنت بجانبه تنعي حد*ادا عليه و أحراش الغار الحمراء والتي ازدادت احمرارا بسيل الد*ماء ، على طريق باردة مغزولة بحشرجاته وهو يلف*ظ أنفاسه الأخيرة التي تناهت مع نسمات المغرب الباردة فزادته شجنا و مر*ارة لونت همسته الأخيرة :
– يارا …
و أغمض عيناه …
يتبع..
لقراءة الفصل الثامن والأربعون : اضغط هنا

اترك رد