روايات

رواية وقبل أن تبصر عيناك الفصل الحادي والثلاثون 31 بقلم مريم محمد غريب

 رواية وقبل أن تبصر عيناك الفصل الحادي والثلاثون 31 بقلم مريم محمد غريب

رواية وقبل أن تبصر عيناك البارت الحادي والثلاثون

رواية وقبل أن تبصر عيناك الجزء الحادي والثلاثون

رواية وقبل أن تبصر عيناك الحلقة الحادية والثلاثون

_ الجزار ! _ “1”
يجلس بالبهو الكبير إلى جواره تراصت حقائبه، فوق الكرسي التراثي العتيق يضع ساقًا فوق الأخرى، عيناه لا تحيدان عن ساعة الحائط الضخمة أمامه، و لا ينفك يقضم أظافر يده بعصبيةٍ مفرطة
كان من المفترض أنه ينتظر مكالمة من إبنه ليخبره من خلالها بموعد و تفاصيل الرحلة التي أوكله بحجزها إليه من حيث يمكث هو بالولايات المتحدة الأمريكية، لكن مضى نصف اليوم حتى الآن و لم يتلقّى أيّ خبرٌ منه، مما ضاعف توتره و قلقه بشدة …
إلى أن حانت تلك اللحظة فجأة و دق هاتفه أمامه فوق الطاولة… قفز في مكانه و إلتقط الهاتف مجيبًا بسرعة :
-إيه ده كله يا حسن ؟؟؟؟
كل ده بتحجزلي تذكرة يابني مش قولتلك عاوز أكون قدامك بكرة الصبح بالكتير.. كده و لا بعد بكرة وحياتك !!!!
إنسلّ صوت “حسن” بصعوبة وسط هجوم والده :
-يا بابا بليز إديني فرصة أرد على حضرتك.. أنا ماحجزتش أصلًا أيّ تذاكر !
حسن و قد هربت الدماء من وجهه :
-بتقول إيه ؟!!
-زي ما سمعت حضرتك.. إنت إزاي كان غايب عليك حوار قضية الضرايب المرفوعة عليك هنا في الاستيتس ؟!
توقف “عزام” للحظة و كأنه إصطدم بالحقيقة كمن فقد ذاكرته و عادت إليه بقساوةٍ هكذا …
-أنا.. إزاي نسيت القضية صحيح !
سمع تنهيدة إبنه و هو يرد عليه بفتورٍ :
-بابا أنا لسا عارف القصة حالًا. بغض النظر إنك مش حاكيلي أي حاجة بس إنت مش هاينفع تخطي خطوة على أرض الإستيتس. هايتقبض عليك فورًا …
ثم صمت لهنيهة، و قال :
-قولي إنت كنت عايز تيجي أوي كده ليه ؟
في إيه بالظبط ؟ حصل حاجة أو إنت في مشكلة ؟؟
أنا ممكن أنزلك لو محتاجلي بدل ما كنت هاتطلع إنت مخصوص !
رفض “عزام” في الحال هازًا رأسه بقوة و هو يفرك عينيه بسبابته و إبهامه :
-لالالا. تنزل إيه.. خليك مطرحك يا حسن
-طيب صارحني.. أنا حاسس إنك في مشكلة و مش عايز تقولي !!
-لأ يا حبيبي ماتقلقش.. أنا زي الفل. إنت بس إللى كنت واحشني.. غريبة دي ؟!
-لأ. مش غريبة.. بس إنت متأكد إن مافيش حاجة ؟؟؟
سحب “عزام” نفسًا عميقًا كي ما يستطع إقناع إبنه بلهجة أكثر طبيعية :
-مافيش حاجة يا حسن. أنا بقالي سنة ماشوفتكش.. مش عاوزني أشتقلك يعني ؟
-لأ طبعًا مش قصدي.. إنت كمان واحشني يا بوب.. خلاص. أوعدك هاظبط إجازة أول الشهر الجاي و هانزل أقعد معاك حبة جلوين قبل الدراسة ما تبدأ.. قشطة ؟
إبتسم “عزام” رغمًا عنه و رد بنفس الإسلوب :
-قشطة يا أبو علي.. يلا روح شوف وراك إيه. زمان النهار طلع عندك !
و توادعا، ثم أغلق “عزام” الخط و هو يعاود التفكير بمصيبته بضراوةٍ أشدّ …
الآن.. ماذا عليه أن يفعل ؟
كما بات واضحًا هو لن يتمكن أبدًا من السفر لإبنه، فهل يغيّر الوجهة مثلًا و يسافر إلى أيّ دولة أخرى ريثما يرى مآل  الأوضاع !
زفر بقوة و هو يطالع ساعة الحائط مجددًا …
إنها تشير للعاشرة مساءً، لقد مرّ على تلك الواقعة الشؤوم أكثر من ثماني ساعات.. بالتأكيد لو أن “ليلة” قد حكت شيء لعائلتها لكان عرف بحلول الآن… لكانوا هم قد قبضوا عليه قبل أن يفكر حتى بالهرب
معنى ذلك أنها لم تفتح فاها بكلمة، و هذا ما توقعه لكن خوفه غلبه.. فلماذا يهرب الآن ؟
إنه إنما يبالغ في خوفه… فكما هو واضح.. “ليلة” لن تنبس بكلمة لأنها جبانة و خائفة مثله… لذلك عليه أن يهدأ تمامًا
لن يحدث شيء …
-لأ ! .. تمتم “عزام” مخاطبًا نفسه
-لازم أخد احتياطي في كل الأحوال …
و أمسك بهاتفه من جديد و أجرى إتصالًا في الحال :
-آلو !
ناظم.. عايزك في أقل ساعتين تكون في شقة الزمالك. وضبهالي كويس أوي.. هقضي فيها كام يوم كده. ف عايزها تبقى جاهزة على نص الليل بالكتير !!
______________
لم تستطع أن تمنع نفسها عن الابتسام، و هي تستلقي في صمت بأحضانه الواسعة الدافئة، تلتف بجسمه كاخطبوطٍ، و تشبك أصابعها باصابعه …
الغرفة معتمة، و لكن الضوء المنسلل عبر فتحة باب الحمام الموارب بأقصى الغرفة كان يكفي لرؤية بعضهما، رغم أنه لم يكن يشعر بشيء الآن، بعد أن قضى وطره بها.. و كأنه نال جرعة مخدر، لم يسعه إلا التمدد هكذا بلا حراكٍ و التفكير
أما هي …
فسعادتها لم تكن تقدر بثمن، خاصةً عندما إكتشفت الحقيقة.. واحدة من إثنان… إما أنه لم يمسّ زوجته الجديدة أبدًا لسببٍ ما لا تجرؤ على الاستفسار عنه.. و إما أنه لم يجد معها ما يجده هنا.. فيها هي
و الدليل إنه هنا الآن، و قد ترك عروسه بصبيحة ليلة الزفاف، ليأتي و يقضي كل هذا الوقت برفقتها، و لتنعم هي به كله، علاوة على كل ذلك.. كانت هذه المرة مختلفة و لها سحرها الخاص، هو نفسه، أظهر شغفًا بها لم تعهده بهذه القوة من قبل… و كأنه أراد يحفر تفاصيله على قواعدها
على كلٌ.. هو أساسًا كذلك… محفورٌ بكل ذرة فيه بكيانها و وجدانها.. و آخر شيء منه يكمن برحمها الآن… نطفته.. التي تستعد منذ أسابيع قليلة لتتحوّل إلى طفلًا.. أو طفلة
طفلهما، طفلتهما !!!
كان النعاس قد بدأ يخيّم عليها، عندما صدح رنين هاتفه، لتقفز من سباتها مجفلة، بينما يطمأنها متمتمًا و هو يمد يده نحو الكومود ليكتم صوت الهاتف تمامًا :
-ماتتخضيش يا نوسا. ده موبايلي إللي رن.. نامي لو نعسانة !
تنهدت “نسمة” مبدية إزعاجًا و هي تعود لتتوسد أحضانه ثانيةً :
-لأ يا حبيبي أنا مش نعسانة.. أنا بس عايزة أفضل حاسة بوجودك جمبي كده. حتى لو في عيوني النوم.. مش هنام أبدًا و إنت جمبي. مش متخيل أصلًا إنت بتوحشني أد إيه الفترة دي !!
شعرت بكفه يربت على ذراعها العاري بلطفٍ، فاستطردت بعد ترددٍ :
-مش هتقولي بقى مالك يا رزق.. حد ضايقك في البيت
و لا العروسة مزعلاك ؟ بس إزاي.. ده الفرح كان إمبارح بس. لحقت تزعلك ؟!!
لم يبدو لها أنها سمعها جيدًا، أو أنه تجاهل اسئلتها، فمن تلقائها أحجمت عن فضولها و غيّرت محرى الحديث :
-عمومًا أنا عايزة اتأسفلك على الطريقة إللي كلمتك بيها إنهاردة الضهر.. بس لازم تعرف إني كنت محتجالك أوي. و إنك وحشتني.. قعدتي هنا لوحدي كانت هاتجنني. على الأقل لما كنت في حي الجزارين كنت بصبر نفسي في وحدتي إنك في نفس المكان جمبي. و لما كنت توحشني أوي كنت أقف أبص عليك من الشباك. أستنى بس ألمحك.. أو أسمع صوتك.. كنت بحس بأمان و حماية لأنك موجود قريب مني… بس لما قطعتني فجأة. قلت أهو إتجوزتها و عملت إللي عليا. و سبتني هنا و ما سألتش فيا.. زعلت أوي و حزنت على نفسي. تصدق لو قلتلك حسيت لأول مرة إني يتيمة بجد.. رغم إني مادوقتش طعم إن يكون ليا أم و لا أب… بس إنت كل حاجة بالنسبة لي يا رزق. أنا منغيرك و لا حاجة !
و تقطع صوتها بأواخر عبارتها تأثرًا بإلتهاب حلقها المتأهب للبكاء.. لولا أنه أنقذ الوضع بسرعة و باغتها بسؤالٍ و هو ينظر لها أخيرًا عبر الظلام بعينيه اللامعتين :
-نسمة إنتي فاكرة أول مرة لينا مع بعض ؟!
أجفلت مجددًا لغرابة السؤال، و لما إستوعبته قليلًا قالت بحيرةٍ :
-أول مرة لينا في إيه ؟ .. يعني لما إتقابلنا و لا آ ا …
قاطعها بنزعةٍ منفعلة بعض الشيء :
-أول مرة قربنا لبعض بالشكل ده.. فاكرة التجربة كلها و لا نسيتي ؟؟؟
غلبتها الابتسامة و هي ترد عليها متوّردة خجلًا :
-أنسى !
أنسى إزاي بس.. رزق. مش أول مرة بس.. كل مرة بتبقى قريب مني كده عمري ما أنساها. بتبقى ذكرى في عقلي و في قلبي …
اعتدل “رزق” قليلًا في إضطجاعته و سألها بدقة أكثر :
-طيب قوليلي.. كان إيه شعورك. يعني كنتي حاسة بإيه ساعتها.. أقصد يعني …
-أيوة أيوة فهمتك ! .. قاطعته هي هذه المرة، و استطردت على قدرٍ من الاستحياء :
-هي أول مرة بتبقى العملية صعبة شوية أكيد.. بس شوية شوية كله بيبقى سهل !
واصل “رزق” اسئلته بتركيزٍ دون أن يرمش له جفن :
-يعني بعد كده مش بتحسي بغرابة مثلًا.. أو إنها حاجة عادية زي أي حاجة ممكن تحصلك ؟؟؟؟
عبست بشدة قائلة :
-حاجة عادية !
لأ طبعًا يا رزق.. بص أنا مش عارفة إنت بتسأل الاسئلة دي ليه. بس أنا هقولك من الآخر. إللي إنت بتحسه أنا كمان بحسه زيك بالظبط. أكيد إنت عارف حاجة زي دي و كان عندك خبرة قبل كده زي ما قولتلي …
و هنا لم تستطع كبح هذا السؤال و طرحته عليه فورًا :
-هو في إيه بالظبط يا رزق ؟
ممكن تقولي و تفضفض.. في حاجة حصلت بينك و بين العروسة ؟!!
لكنه ما لبث أن شرد بعينيه بعيدًا عن عينيها ممعنًا التفكير بهذه الرواية السريالية كلها …
بينما تعض نسمة” على شفاهها عاجزة عن فهمه أو حتى التعاطي معه بالحوار، فقامت فوق ركبتيها بجواره و جاءت من خلفه تمسد كتفيه قائلة :
-طيب بص.. إيه رأيك تفضيلي دماغك دي خالص الليلة دي !
إنت مش جعان ؟ عارف أنا عملالك إيه.. كنت حاسة إنك هاتيجي بسرعة لما كلمتك. ف عملتلك بإيديا طاجن العكاوي إللي بتحبه. أنا عارفة إنك بتحب العكاوي.. ربع ساعة و أحضرلك أحلى عشا. على ما تقوم و تاخد دش كده. هاتلاقي في الدولاب قميص و بنطلون بتوعك غير فيهم يا حبيبي ..
و طبعت قبلة رطبة على خده.. ثم قفزت من السرير و هي تلف شرشفٍ حول جسمها متجهة إلى خارج الغرفة …
في غمضة عينٍ، بعد خروجها مباشرة وثب “رزق” من مضجعه و هو يلتقط ثيابه من فوق الأرض متمتمًا بخشونةٍ :
-أنا هعرف إذا كنتي بتكدبي و لا لأ.. أنا هعرف إذا كان فعلًا هو إللي عملها زي ما قولتي و لا حد غيره. أنا هكشفك يا ليلة.. و الليلة و مش بكرة !!!
لم يكن مقتنعًا باعترافات عروسه و إبنة عمه، كل حديثها كان هراء من وجهة نظره و فحش جملة و تفصيلًا… أيّ فتاة تلك التي تبقى تحت وطأة الاغتصاب عامين دون أن تشعر بأن ثمة أمرٌ خاطئ ؟
فحتى لو كانت ساذجة… لا بد و أن توقظ الممارسة _ و إن كانت قسرية _ المشاعر و الغرائز الفطرية.. إن هذا الأمر به لغزًا
و هو سوف يفك اللغز، لن يرتاح قبل أن يفعلها و إلا فإنه يخشى لو يقتلها بيديه !!!!!
أمسك بهاتفه و طلب رقمًا معين، ثم تحدث إليه بصوتٍ أجش :
-آلو !
مرحب بالقط.. إسمعني كويس. عاوزك تعدي على أسامة أبو الخير. تاخد منه مفاتيح المستودع بتاعنا.. و بعدين تروح بيتنا. هاكلم أبويا يديك أمانة. تجبها و طيران على هناك. تستناني لحد ما أجي.. مفهوم و لا أعيد كمان ؟؟؟
و أغلق معه، ليجري الاتصال بأبيه هذه المرة… و بلهجة لا تخضع حتى للجدال خاطبه :
-أيوة يابويا.. عاوز أعرف عنوان خال ليلة !
______________
في أقل نصف ساعة …
أفضت به قيادته المخالفة للسرعة القانونية إلى فيلا “عزام الوديدي”.. و للغرابة… رآه في هذه اللحظة تمامًا يخرج عبر الباب الرئيسي بسيارته
إن هذا من حسن حظه بالطبع و إن كان لا يعلم إلى أين يتجه ذاك المريب …
لم يضيع “رزق” ثانية و قاد خلفه بسرعة، إلى أن صار على مقربة منه، فوّت بينهما سيارة أو سيارتين لكي لا يلحظ الأخير تتبعه
و هكذا لمدة ثلث ساعة ظل وراءه، حتى وصل أسفل بناية قديمة الطراز بأحد الأحياء الراقية.. بدون تفكيرٍ سحب “رزق” قبعة الرأس الممتدة بغطاء للأمام و ارتداها، ثم ترجل من السيارة و توجه ناحية الأخير
إذ هبط من سيارته هو أيضًا ماشيًا صوب الصندوق الخلفي كي ما ينزل حقائبه، لكنه و قبل أن يمد يديه على حيبقة واحدة شعر بنقرة فوق كتفه
فاستدار ليرى من !
و كان الاكتشاف صاعقة بالنسبة إليه، فجحظت عيناه و فتح فمه استعدادًا للصراخ طلبًا للنجدة.. إلا إن “رزق” الذي سد عليه الرؤية و الطريق عاجله بضربةٍ فوق رأسه بمنطقة مدروسة… ليفقد “عزام” وعيه في الحال و يتلقّاه “رزق” حاملًا إياه فوق كتفه
و بما أن الشارع كان هادئًا و ساكنًا، فلم يكن هناك أيّ شهود عليه و هو ينقله إلى حقيبة سيارته هو راميًا به فيه بلا إكتراثٍ، ثم يغلق عليه الباب و يستقلّ من جديد خلف المقود …
°°°°°°°°°°°°°°°°°°
عندما إستعاد “عزام” وعيه، وجد نفسه مكممًا و مكبلًا إلى كرسي حديدي بمكانٍ تفوح منه روائح العطن و الرطوبة !!!
كان يتآوه، لكن صوته غير واضحًا بالمرة، و خلال رحلة إستعادة الوعي تلك لم يسعه سوى الإستماع إلى حوار إثنان من الرجال يعرف صوت أحدهما جيدًا …
-سامحني يا كبير. بس إنت عارف المعلم سالم.. ماكنش هايسبني أمشي منغير ما يبعت معايا دول
-خلاص يا قط. أنا مش متفاجئ.. و عمومًا خليهم متلقحين برا. أكيد ليهم عوزة
-لو عاوزني أنا كمان خدامك.. اؤمرني بس
-لا إنت تشكر أوي لحد كده.. حط الأمانة هناك بس و إتكل على الله
-أوامر يا كبير !
كان “عزام” يرتعش خوفًا الآن، عندما صار يرى بوضوح ذلك المكان الموحش الأشبه بالصهريج و مخازن الخردة، حاول أن يتخلّص من قيوده، لكن هيهات.. “رزق” كان قد أحكم تكبيله بسلكٍ بلاستيكي راح يغور في لحمه كلما حاول التخلّص منه… كما أن الكمامة فوق فمه كانت تقطع أنفاسه بما أن الخوف دفعه للتنفس من الأنف و الم معًا
صدر عنه صوتٍ أقرب إلى النشيج المتقطع، كان كافيًا ليصل إلى مسامع “رزق” الذي إلتفت نحوه و هو يشمر عن ساعديه …
تلاقت أعينهما، عينيّ “عزام” المذعورتين بعينيّ “رزق” المخيفتين.. و في لمحة مرعبة لا ينقصها الوضع أبدًا إبتسم له “رزق” بوداعةٍ تثير الفزع و هتف قائلًا :
-هه !
صحي النوم يا أنكل عزو.. ده أنا بدأت أزهق و أنا لوحدي كده. يلا صحصح كده.. هانلعب مع بعض شوية !
_ الجزار ! _ “2”
كان يرتعش خوفًا، فضلًا عن درجة الحرارة الآخذة بالإنخفاض منذ بداية المساء الشتوي المكفهّر… كان أيضًا في قمة الحرج و الخزي من ذاته بالمقام الأول
عندما شعر بإلتصاق سرواله بلحمه و إكتشف بأنه  تبوّل لا إراديًا، و هذا كله بسببه هو… هو لا غيره
جلاده الذي يقف على مقربةٍ منه أمامه طاولة خشبية مهترئة أكل الدهر عليها و شرب.. كان يفترش فوقها بساطًا جلديًا تتراص به مجموعة مختلفة من الأسلحة البيضاء الخاصة تحديدًا بأعمال المذابح و الجزارة …
كان لا يزال مكبلًا و مكممًا، لولا النشيج الذي إنبعث من صدره معبرًا عن رعبه من مصيره الضبابي.. ما كان “رزق” لينتبه إليه بالوقت الحالي… لكنه أولاه إهتمامه الآن و هو يستدير نحوه ممسكًا بسكينٍ ضخمٍ حاد النصل
تلاقت أعينهما هلى الفور بنفس اللحظة، عينيّ “عزام” المذعورتين و عينيّ “رزق” المخيفتين.. و على عكس نظرات الشر التي صوّبها تجاهه
إبتسم “رزق” و قال و هو يلوّح بالسكين بينما أضواء الصهريج الموحش تنعكس على وجهه مضفية عليه طابعًا إجراميًا :
-معلش. أنا عارف إنك زهقت. بس لا يصح إلا الصحيح.. لازم أسن العدة كويس. عشان الضحية ماتتعذبش.. دي أصول الشغلانة …
إزدادت حالة “عزام” سوءً مع سماعه لذلك و طفرت الدموع من عينيه.. ليستطرد “رزق” مساهمًا أكثر بترهيبه و هو يمرر أنامله بحرصٍ فوق النصل اللامع الحامٍ :
-ماتستغربش من كلمة شغلانة. ماتنساش إن إسم عيلتنا الجزار. و لمعلوماتك قصيرة المدى.. ده مش مجرد إسم إتسمى بيه جدي الكبير. أبويا زمان حكالي القصة. جدي الجزار الكبير يوم ولادته ستي إللي هي أمه كانت مرى شديدة أوي و قوية.. المفروض إنها حامل و تعبانة زي كل الستات لازم تقعد في بيتها لحد ما العيّل يوصل بالسلامة. لكن هي. هي كانت غير كل الستات.. طول فترة حملها مافوتتش يوم منغير شغل. مش شغل بيت بس لأ.. عيلتنا زماااااان أوووي.. كان لهم شغلانة واحدة مايعرفوش غيرها. الجزارة. و كانت ستي دي ماسكة الشغل مع الرجالة كأنها نفر منهم.. تصوّر الطلق جالها و هي باركة على عجل و بتدبحه بإيديها.. في اللحظة دي بالذات نزل جدي و هي و لا حست بيه إلا لما إللي حواليها قالولها. مسكت إبنها بإيديها الغرقانة دم.. و هي إللي سمته الجزار… بعدين بقى كبر. و بقى جزار بجد. و أسس حي الجزارين و الباقي إنت عارفه بقى أكيد !
و إلتفت ثانيةً متفقدًا بقية المجموعة و هو يضيف بلهجةٍ فاترة :
-المهم بقى إن العدة إللي إنت شايفها دي زي تراث كده.. ورث يعني. بياخده كبير العيلة أبًا عن جد. بيتعمل بيه إيه بقى ؟
أقولك.. زمان بردو و أن صغير. أبويا كان بياخدني معاه مشاوير كتير. شغل و غيره و كل حاجة.. و في مرة جيت معاه هنا في المكان إللي إحنا واقفين ده. كان جايب معاه العدة دي. و كان في راجل مربط مكانك بالظبط. و زيك بالظبط كمان.. إللي عرفته ساعتها إنه كان حرامي. كان بيخنصر من البضايع بتاعتنا و يروح يبعها لحسابه. بس طبعًا إنت عارف شغل الجزارين معروف و مافيش قشاية تتباع في منطقة ألا بعلمنا. المهم أبويا عرف إنه بيسرق ف جابه على هنا و قرر يعاقبه.. عاقبه إزاي بقى ؟!
و إستدار صوبه من جديد ساحبًا بيده الساطور الكبير مجيبًا على سؤاله بنفسه :
-بالساطور ده. قطعله إيديه.. الشمال و اليمين. من الكف للكتف.. و عشان يبقى عِبرة رجعه الحي تاني و فضل عايش.. لحد إنهاردة موجود. مش عارف ممكن تكون شوفته و لا لأ.. و مش عارف أصلًا إذا كنت هاتشوف حاجة تانية في حياتك غير وشي ده !!!
و أخذ يقترب منه ببطءٍ كثعبانٍ عملاق زاحفٍ… بينما “عزام” من شدة خوفه خشى لو أنه يستسلم حتى للاغماء الذي يلح على حواسه.. و بقى فقط يحدق ملء عينيه بجلاده و هو على وعي تام بفداحة الورطة التي أوقع نفسه بها، حين قرر الذهاب لعقر دارهم و إثارة لبؤتهم الشرسة الجريحة …
-أبويا قطع للحرامي إيديه ! .. قالها “رزق” و هو يسحب مقعٍ آخر ليجلس فوقه بالعكس
مقابل “عزام” أسند ذقنه فوق ظهر المقعد و هو يرفع الساطور نصب عينيّ ضحيته و هو يستطرد بقتامةٍ و قد صار صوته أكثر قساوة و غلظة :
-تخيّل أنا هاعمل فيك إيه.. لو ماتكلمتش و قلت الحقيقة. قول الحقيقة و جايز تخرج من هنا على رجليك.. أسكت أو أكدب… و حياة إللي خلقني و خلقك. طبيبك هو !
___________
أحسّ “سالم” بالغضب يتصاعد بداخله ليدفعه في الأخير إلى إلقاء هاتفه بعنفٍ صوب الأريكة التي لولاها لأنكسر و تناثر إلى قطع صغيرة …
في البادئ لم يرد إبنه على إتصالاته، ثم أغلق هاتفه نهائيًا.. و الآن… حتى الرجال الذين أرسلهم إليه ليقوموا مقام سمعه و بصره عند إبنه هم أيضًا لا يجيبون إتصالاته !
لقد بدأ القلق يساوره بشدة… ترى ماذا يحدث بالضبط !!!!
الجواب عندها هي.. و هو لا يطيق الإنتظار أكثر من ذلك …
لم يضيع “سالم” لحظة أخرى و صعد رأسًا إلى شقة إبنه، قرع الجزار مرتان و وقف منتظرًا و هو يحرك مسبحته بين أنامله مرددًا عبارات الاستغفار …
دقيقة واحدة و إنفتح الباب ذي رائحة الغراء الطازج، لتظهر “ليلة” من خلفه متشحة ببيجامة من الستان الأسود اللامع، شعرها منسدل بنعومة للوراء، و قد وضعت طبقة تأسيس من مسحوق التجميل ترابي الملمس لتخفي آثار الشحوب و البكاء الذي ورّم عينيها الواسعتين ذات الأهداب الطويلة و الشبيهة بأعين الغزال
لا شك بأنها جميلة حتى في اسوأ الأحوال، و لكن “سالم” إرتاب أكثر في هذه اللحظة عندما تأكد من وجود كارثة.. و نظر إليها كما لو أن غريبة عنه و هو يقول بجمودٍ مقتضب :
-معقول العروسة هي إللي تفتح !
أومال فين جوزك يا ليلة ؟؟
ردت “ليلة” بعدم إتزانٍ واضح و هي تزرر قميص البيجامة من الأعلى :
-أنكل سالم !
أهلًا بيك. اتفضل ادخل.. رزق زمانه جا آ ا …
-إنتي عارفة إن رزق مش جاي دلوقتي ! .. قاطعها “سالم” بفجاجةٍ مفاجئة و قد عاوده الغضب من جديد
وقفت “ليلة” أمامه عاجزة عن الرد، ليمضي مكملًا بحدة أكبر :
-إنتي ماتعرفيش أساسًا هو فين و لا مع مين.. تحبي أقولك أنا مع مين ؟!!
رزق مع خالك عزام !!!
و كأنها تلقّت لكمة، حبست أنفاسها و هي تحملق فيه بكامل وعيها و تركيزها الآن.. لتسمعه يقول باللحظة التالية :
-أقصد خالك عزام إللي مع رزق. و مش عايز أقولك فين بالظبط.. بس كفاية تعرفي إن نيته مش خير أبدًا. و أنا زي الأطرش في المولد. مش فاهم حاجة.. أكيد إنتي تعرفي في إيه بالظبط. قوليـــــلـي !!!!!
______________
كان قد حل وثاقه الآن و فك كمامته أيضًا …
مقابل ذلك، كان هناك رجلين بثيابٍ باهتة مائلة للجرب، و قبضاتٍ حديدية كبنيتهما الضخمة، أمسكا جيدًا بـ”عزام” و شلّا حركته بسهولةٍ، بينما إنشغل “رزق” بتكييل اللكمات و الضربات الموجعة إلى جسد خال زوجته الذي تحوّل إلى خرقةٍ مدماة
كلما سأله الشهير “عملت إيه في ليلة ؟”… فيرد “كدابة.. ماجتش جمبها !”
ثمنًا لهذا الكذب البيّن الذي عرفه “رزق” ببساطةٍ، سدد له ثلاث لكماتٍ.. الأولى هصرت معدته… و الثانية أتلفت كبده.. أما الثالثة و قد كانت القاضية فحطمت أسفل فكه !!!
و أخيرًا أعطى “رزق” الإشارة للرجلين كي ما يتركاه، و بالفعل أرخا وثاقه، ليرتمي ثانيةً فوق المقعد الحديدي، بينما يمضي “رزق” لاهث الصدر نحو الطاولة الخشبية مرةً أخرى و هو يمسد قبضته التي أرهقها كثيرًا بتعذيب “عزام” من غير طائلٍ
و الآن هو مضطرٌ لإستخدام سلاحه الأخير …
-نسيت أعرفك ! .. هتف “رزق” و هو يحدثه من وراء ظهره
و أخذ يستعرض أمامه محتويات أداوات الجزارة و هو يستطرد بهدوءٍ :
-الـ Collection بتاع جدي الجزار الكبير صناعة يدوية. بس إيه من الآخر.. و على فكرة. مش لجزارة البيهايم. دي كان عاملها للبني آدمين.. يعني مثلًا دي سكينة للدبح. و دي للسلخ.. و دي للقطعية و المجوز. و دي بلطة لتكسير الدماغ و تسليك لحم الراس !!!
و إلتقط سكينًا معقوقٍ و هو يلتفت ناحيته من جديد معطيًا إشارة برأسه للرجلين، ليمسكا به مجددًا و يسحباه صوب السيد
بينما “عزام” كمن يقتيد إلى غرفة الإعدام، يلقي بثقله فوق ركبتيه المنهارتين و ينتحب بذعرٍ صائحًا :
-هاتعمل فيا إيه ؟؟؟؟ أنا ماعملتش حاجة.. ليلة دي كدابة… أنا ماجتش جمبها و الله.. و رحمة أختي الغالية… ليلة كداااااااااابة !!!!!!
بإشارة أخرى من رأس “رزق” مد أحد الرجلين ذراع “عزام” فوق الطاولة، لينحني “رزق” صوبه مغمغمًا :
-إنت فاكرني بهزر معاك صح ؟ أو إني ممكن أزهق و أسيبك بعد ما أعدمك العافية.. بس أنا هاثبتلك غلطك. و مع كل سؤال جاوبت عليه غلط هاتخسر حتة من جسمك يا أنكل عزو.. و أنا معاك للآخر …
إرتعدت فرائص الأخير و هو لا يصدق ما يسمعه.. إنه حقًا قد فكر بهذا… ظن بأنه إذا أغلق فمه و تلقّى ضربًا مبرحًا و هو يصر على كذبه فربما يمل منه “رزق” و يتركه في النهاية
لكن ها هو.. جلاده… يثبت له عكس ذلك تمامًا و يهدد بقتله و تقطيعه إربًا
مهلًا …
إنه لا يهدد، إذ سمع “عزام” في هذه اللحظة بالضبط صوت قرقعة مكتومٍ، ثم شعر عقبها بألمٍ حاد بكفة يده اليمنى أطلق على إثره صرخة مدوية
ليكتشف و هو ينظر إلى موضع الألم بأن “رزق” بكل دم بارد و بسكينه الحاد المتوارث قد قطع له بنصره، فسقط الإصبع الضئيل فوق التراب و تفجرت الدماء كشلالٍ من كف “عزام”.. بينما يقول “رزق” بمنتهى البرود :
-ده عشان أول سؤال سألته و إنت ماجاوبتش صح.. و دلوقتي هاكرره تاني. لو ماسمعتش إللي أنا عاوزه هانخش على الصوباع التاني. و هكذا إن شالله نوصل للراس.. لو حسيت إنك بتكدب هاخلي الرجالة دول يلموك في أكياس و على أقرب صندوق زبالة… هه. جاهز ؟
أغمض “عزام” عينيه من شدة الألم و قد أدرك بأن “رزق” جاد تمامًا في تهديداته، لكنه حاول للمرة الأخيرة بكل ما فيه إستكانة و ضعف و بكاء كامرأةٍ مقهورة :
-و الله أنا مظلوم.. أي حاجة قالتها عليا ليلة مش مظبوطة. صدقني.. قولتلك إنها كانت بتتعالج نفسيًا. أنا ممكن أدلك على الدكتورة بتاعتها لو حابب …
-يبقى إنت إللي اخترت ! .. و أستعد لبتر الاصبع التالي
لولا صراخ “عزام” الذي توسله بهستريا :
-خلاص خلاص خلاص. هاقول.. هاتكلم.. هاقول كل حاجة و الله. هاحكيلك إللي إنت عاوزه.. بس تديني الأمان الأول !!!
جمد “رزق” محله و هو يرمقه بنظرة متفحصة مدركًا بأن تهديداته قد أتت ثمرها.. و قد عرف أيضًا بأن ما يوشك خال زوحته على الإفصاح عنه لا ينبغي لأيّ مخلوقٍ سزاه أن يسمعه
لذلك أشار للرجلين قائلًا بصرامةٍ :
-إنتوا إستنوا برا.. لما اعوزكوا هانده صوت
الرجلين في صوتٍ واحد :
-أوامرك يا كبير !
و خلال دقيقة، كانت الساحة الداخلية قد خلت لهما من جديد، و “رزق” قد أجلسه فوق مقعده مرةً أخرى و جلس قبالته مكررًا سؤاله و هو ينظر داخل عينيه مباشرةً :
-عملت إيه في ليلة ؟
تمالك “عزام” نفسه بصعوبة و هو يشعر بقطرات العرق المنداحة من صلعته و جبينه تشكل ما يشبه الغشاوة فوق عينيه.. مع ذلك إستجمع ما تبقى من قواه و بدأ اعترافاته بصوتٍ ملؤه النحيب و الندم :
-أيوة.. أنا آذيتها… بس في الأول لازم تعرف إني وقتها ظروفي و حالتي النفسية كانت مدمرة. مراتي إللي بحيها ماتت فجأة و بدون أي مقدمات. إبني إللي كان هايروح مني بعدها أضطريت أسفره برا يكمل تعليمه و قبلت ببعده عشان ماخسروش هو كمان.. في غمضة عين لقيت نفسي وحيد. آه أختي معايا. بس عاجزة و مريضة و محتاجة إللي ياخد باله منها. بنتها.. كئيبة علطول و من شدة خوف أمها عليها خلتها انطوائية. حتى المدرسة ماكانتش بتروح. كنت بجيبلها المدرسين في البيت. لحد ما كبرت و راحت الثانوي آ …
-حصل إيــــه قبل كده ؟؟؟؟ .. صاح “رزق” متسائلًا بفظاظة مخيفة
ثم أطرق برأسه متظاهرًا برسم دوائر عشوائية بذاك العود الذي تدلى من يده اليسرى …
بينما يزدرد “عزام” ريقه بتوترٍ مكملًا من نقطة معيّنة :
-لما مراتي ماتت و إبني سافر.. أحوالي ساءت أوي. بقى النهار بالنسبة ليل و الليل نهار.. كنت بنام الصبح و أسهر طول الليل.. و كنت بعزم جماعة كده و بنقعد نشرب و نلعب قمار.. و في ليلة… ماكنتش شايف قدامي. كنت شارب خمرة و بالع أقراص.. و الله ما كنت في وعيي.. لاقيت نفسي رايح على أوضة ليلة عشان أعاقبها على حاجة مش فاكر بالظبط كانت إيه.. بس بدل ما يحصل ده… الشيطان لعب في عقلي. و هي كانت لسا عيّلة صغيرة و ساذجة و بتخاف مني…. مش عارف إزاي ده حصل.. بس… بس.. هي أصلًا لما شافتني بالمنظر ده لأول مرة في حياتها ماستحملتش من الرعب و اغم عليها.. أنا أستغليت الفرصة و خدعتها. آه حصل الاعتداء.. بس هي لسا بنت و الله. أنا عملت فيها كده.. بس ماجتش ناحية العفة.. أقسملك بالله. أكيد إنت فاهم إيه إللي حصل. و أكيد بردو عارف إنها بنت لما دخلت عليها ليلة الفرح.. إلا لو ….
و هنا رفع “رزق” رأسه و حدق به محمّر الوجه و العينين، بدا كأنه يقمع نفسه بصعوبةٍ بالغة و هو يسأله بأحرفٍ متثاقلة من شدة الإنفعال :
-إلا لو إيه ؟؟؟؟؟
أجفل “عزام” عدة مراتٍ و هو يفصح له عن سرًا آخر متأوهًا للآلام الجسيمة التي يشعر بها :
-ليلة… لما ؤاحت المدرسة الثانوية.. إتعرفت على ولد. بان ساعتها إنها كانت مرتبطة بيه أوي.. و كانت بتعزمه عندنا في البيت كتير.. تقريبًا كانوا بيقضوا الوقت كله سوا.. بس فجأة إنفصلوا و مابقتش طايقة إسمه حتى.. مش عارف إيه إللي حصل بينهم. و ماحاولتش أعرف.. لأن وقتها ليلة كانت إمفصلت عني أنا كمان. و اشترت سلاح و كانت بتهددني لو قربت منها تاني هاتقتلني !
أطرق “رزق” برأسه ثانيةً و هو يسأله بلهجةٍ غامضة :
-طول السنتين إللي عشت فيهم بالشكل ده بتعتدي على بنت أختك…. إزاي ماحستش إنها كشفتك. إنها استغربت الوضع ده كله.. إزاي هي ماحستش إنك بتنتهك جسمها.. و لا هي إستحلت إللي بيحصل و كانت بتتجاوب معاك ؟!!!
رفض “عزام” اعتقاداته في الحال مفسرًا :
-لا لأ. عمرها ماتجاوبت معايا.. أنا من اول مرة لما شوفتها أغم عليها جالي زي إلهام كده. ف كنت كل مرة أحطلها في العشا بتاعها نسبة مخدر معين.. بحيث كانت تبقى واعية. بس مش حاسة بجسمها. و لا حاسة بأي حاجة بعملها.. كانت بتشوف بس. و بتفتكر إن ده عقاب زي ما كنت بقولها و بقنعها !
أومأ له “رزق” مرارًا، ثم شرع يقوم من مكانه على مهلٍ و هو يسأله آخر سؤال :
-الولد إللي كانت ليلة مرتبطة بيه.. إسمه إيه ؟
نبش “عزام” بذاكرته لبرهةٍ قبل أن يقول باندفاعٍ :
-إسمه كريم.. كريم عدلي النجار. إبن عدلي النجار رجل الأعمال المعروف !
كان “رزق” يمشي حوله الآن كما لو أنه يدور في حلقة، و بدا مشغولًا بأفكاره… ليتجاسر “عزام” و يساله من تلقائه :
-أنا حكيتلك زي ما طلبت بشرط تديني الأمان.. أتمنى ماتخلفش ظني فيك. أنا عارف إنك أد كلمتك …
يتوقف “رزق” في هذه اللحظة عند الطاولة الخشبية، يستلّ من البساط الجلدي تلك البلطة التي عرف عنها منذ قليل، ثم يدير رأسه نحو خال زوجته مغمغمًا بشراسةٍ مطلقة :
-أنا عمري ماديلك كلمة و لا أوعدك بحاجة يا أنجس خلق الله.. إنت مش متخيل نهايتك عاملة إزاي !!!!!
و سحب البلطة منقضًا كالممسوس على “عزام” الذي طفق يصرخ برعبٍ شديد سرعان ما خمد تدريجيًا حين أخذ “رزق” يضرب جسده بالسلاح الأبيض مقطعًا إياه إربًا و هو يصيح بضراوةٍ جنونية :
-أنا لو بإيدي أخد روحك ألف مرة.. أعملها… يا ××××××××… يا ××××××… تعمل كده في بنت أختك.. في دمك… في بنتــــــك… يا جااااااااااااااحد يا كااااااااااا فر !
يتبع…..
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على (رواية وقبل أن تبصر عيناك)

اترك رد

error: Content is protected !!