روايات

رواية روح بلا مأوى الفصل السادس 6 بقلم سارة فتحي

رواية روح بلا مأوى الفصل السادس 6 بقلم سارة فتحي
رواية روح بلا مأوى البارت السادس
رواية روح بلا مأوى الجزء السادس

رواية روح بلا مأوى الحلقة السادسة

فى بعض الاحيان تجبرنا الحياة على تجاهل اشياء،
وأن نصمت ونبتعد ونحن بأشد الحاجة إلى الوصال
لكن هذه ما تسمى بعزة النفس
    ***
وقف ضياء يحاول كبح مشاعره فى الاقترب منها ثانيةٍ
يطالعها من بعيد وهى وتفف وسط صديقاتها، بالأخير
انحلت عقدت قدميه وسار إليها بعد ما انصرفت صديقاتها، وقف خلفها ثم تحمحم فالتفت له باشراقة
لم ترَ العين فى جمالها فقال :
– كدة كتير عليا والله
بدت علامة استفهام على وجهها وسألته ببراءة :
– فى حاجه يا دكتور ضياء ؟!
تنهد ضياء وهو يحك مؤخرة رأسه :
– ضياء بس كفاية من غير دكتور
هزت رأسها بالايجاب :
– تمام
ثوانٍ وانضم لهم طاهر بابتسامة واسعة :
– ايه رأيك بقى يا دوك فى شغلنا
اجابه بابتسامة فاترة وهو يجز على اسنانه :
– جميل اوى زيك ياباشمهندس
ثم استرسل موجهًا حديثه لبيلا :
– الوقت اتاخر تحبى اوصلك فى طريقى
قهقهة طاهر وهو يضرب كتف ضياء بخفة قائلًا :
– لا دية شغلتى يا دوك انا بقيت السواق الخاص
بتاعها، سواق الهانم كده
احتقنت ملامح ضياء وهو يتمتم بخفوت :
– ابو غتاتك جدع رزل، دم أمك يلطش
ظن طاهر انه يحدثه فسأله :
–  بتقول ايه يا دكتور ؟!
طالع بيلا بابتسامة واسعة :
– ده انت محظوظ بس
ثم انصرف ضياء واضعًا يده على قلبه قائلًا :
– طب ليه الغدر والخيانه دية، مش كنا متفقين مالناش
فى جو الحب والتلزيق ده عجبك سحلتى دية وراها
*****
وقفت كيان امام المرأة وهى تفك حجابها، مدت يديها تتلمس وجنتيها
المشتعلتين، لازالت اللحظات السابقة تسيطر عليها
تنظر لنفسها فى المرآة وهى تتأمل نفسها بضعف
قائلة بنبرة متألمة :
– يارب ماليش غيرك عارفة انى غلطت بس استرها
معايا لحد ما الجدع ده يمشى
تراجعت للخلف ترمى بجسدها على الفراش لتقع فى
النوم على الفور
*****
فى صباح اليوم التالى
وقفت على اعتاب الغرفة ترمق البهو بتوجس فوقعت عيناها عليه يرتشف قهوته، خطت قدمها للخارج بصمت
وهدوء، فما حدث ليلة امس جعلها تراه بشكل مخيف
وقفت فى المطبخ بارتباك تعد الفطور
لاحظ وهو يجلس على الاريكة المقابلة للمطبخ مدى توترها وتخبطها بين ادوات الطهى ابتسم وهو يقرص
مقدمة انفه محاولًا كبح ضحكاته على الفوضى التى
سببتها فى المطبخ من اجل كوب قهوة، نهض من مكانه
يضع كوب القهوة الفارغ فى الحوض ثم وقف وراءها
يبتسم قائلًا بجوار اذنها :
– معقول، مش سامع صوتك
ابتلعت خوفها ثم استدارت وهى تستند على الرخامة خلفها طرق على الباب انقذها منه
فرمقها بنظرة سريعة ثم هز رأسه وتجاوزها ليفتح
الباب، طالع وجه ضياء فالتوا ثغره قائلًا :
– نعم على الصبح خلفتك ونسيتك مش كلها
شوية وهقابلك
اغلق ضياء الباب خلفه، وسار للداخل :
– انت ازاى اصلًا تمشى امبارح من غير ما تقولى
وهو يسير للداخل وقعت عيناه على تلك الواقفه فى
المطبخ  فابتسم ثم جلس امامها على المقعد قائلًا :
– صباح الجمال على اجمد شيف فيكى يا مصر
تلاشت ملامح القلق والتوتر وابتسمت برقة ثم قالت :
– صباح الخير
– ده ايه الصباح العسل ده اجمل صباح ده ولا ايه ؟!
صدح صوت كنان وهو يزمجر به فاكمل ضياء حديثه
معاها  :
– قولت اجى الحق افطر من إيديكى فطرتى
هزت رأسها بالايجاب ولم تستطع ان ترفع عيناها من
ذلك الذى يقف امامهم كالبركان الثائر، التفتت له
ضياء ببرود قائلًا :
– ورايا نتخانق جوه براحتنا
******
وقف كنان وضياء فى الشرفة ينظران امامهما بصمت خرج كنان عن صمته قائلًا :
– خير يا ضياء ؟! ايه اللى جابك ؟!
صمت ضياء لحظة متنهدًا :
– شاغلة تفكيرى اول مرة اللى بيحصل ده
حابب اتكلم معاها اعرفها ومش مديانى فرصة
والبنى ادم اللى اسمه طاهر ده لازق ليها مش عارف
حاجة عنها كنان الموضوع لازم حل حاسس انه هيقلب
بجد
اغمض كنان عيناه وهو يسند بمرفقيه على سور الشرفة
ثم استقام فى وقفته معارضًا لحديثه :
– اللى هو ازاى مش يمكن بجد بيحبوا بعض مالك ياضياء
مفيش تفكير، بجد ازاى من يومين ؟!
ضياء بحزن بلغ ذروته تنهد قائلًا :
–  مفيهاش ازاى وممكن من اول ساعة من اول نظرة
هى كده، على العموم متشغلش بالك سلام
سحب كنان نفسًا طويلًا ثم فرك وجهه بيديه مردفًا :
– استنى هنا .. انا هحاول اتصرف واعرف حكاية
الاستاذ اللازق ده
أوما برأسه ثم ضيق عيناه كمن يحضر افكاره لسرقة مصرف :
– هنعمل اية يا كبير نخطف طاهر ونهدده او نقتله ونرتاح منه
نظر له بقلة حيلة ثم تحدث من بين اسنانه :
– امشى يا ضياء استنى تحت هلبس ونروح ليها
الشركة وانا هناك هعرف بطريقتى
تحمحم ضياء :
– طب هفطر مع كيان الاول
– ضيييياء
صاح كنان بغضب، بينما رفع ضياء يده دلالة على علامة
الاستسلام وانصرف من امامه
*****
وصلا ضياء وكنان لمبنى الشركة وسار كنان بكل
هدوء وثقة مال عليه ضياء يهمس فى أذنه :
– ده مكتبها اهو
مال عليه كنان هو الاخر متسائلًا :
– مكتب طاهر فين ؟!
هم ضياء بالمعارضة فقاطعه كنان :
– هششششش انا عارف انا بعمل ايه
اشار ضياء على باب فى الجهة اليمين فتقدم كنان
وخلفه ضياء طرق على الباب ثم ولج للداخل
ابتسم طاهر بترحاب  :
– اهلًا نورتونا .. نورت المكتب يا دكتور كنان
رمقه ضياء بنظرات حائرة، بينما تحدث كنان بثقة :
– امم، قصدك تقولى يا دكتور عشان اقولك يابشمهندس
قهقة طاهر :
– ابدًا، خلاص كنان
– طيب معلش الفترة  اللى فاتت معرفتش اجى مع ضياء كنت مشغول ممكن اشوف الشغل والتصميم
تحدث كنان برزانة بينما رد عليه طاهر بعملية شديدة
وفتح حاسوبه وشرع فى فتح الملفات كان كنان
يتابع باهتمام شديد بينما كان ضياء يجلس على
الجمر ، انتهى كنان اوما برأسه ايجابًا قائلًا :
– لا الشغل ممتاز، ده كمان تصميم الافراح روعة
اكيد بعد الافراح دية كلها والشغل ده نويت على
الجواز
اشار طاهر إلى صدره ثم هز رأسه بالنفى :
– مين انا .. لا لا استحالة لسه مجتش اللى تهز قلبى
وتهدم حصونه
فجأة نط ضياء من على  مقعده صائحًا :
– الله اكبر .. الله اكبر
جز كنان على شفتيه السفلية لاعنًا غباء صديقه
اما طاهر قطب حاجبيه باندهاش
لاحظ ضياء تسرعه فجلس على مقعده وهو يطالع
كنان بترقب ضحك كنان قائلًا :
– اخيرًا لقيت حد شبهك عشان كل ده
اصل دية وجهة نظر ضياء وماصدق لقى حد زيه
لا يعلم طاهر لِما صورة تلك المشاكسة ظهرت امامه
الآن، اومأ برأسه بالايجاب مردفًا :
– كنان انت مش معانا ؟!
رفع كتفه ثم قال غير مكترس للأمر :
– الصراحة ماليش فى الجو ده، اصل بحس ان الرومانسيات للبنات مش اكتر، يعنى اكيد الانسة بيلا
هى اللى تبقى نفسها مفتوحة  للجواز بعد الشغل ده
اجابه طاهر بكل بساطة :
– لا بيلا بقى رافضه الفكرة كلها حاسس اننا مش
لايقين على الشغلانة دية
انهى جملته ثم نهض واقفًا مصافحًا طاهر قائلًا :
– طب يادوب نلحق نشوف المركز .. اسف عطلتك
*****
– انت غبى صح اللى عملتوا فوق ده
تلك الجملة اردفها كنان بعصبية
– ما خلاص بقى يا كنان عدت خلينا فى المهم هنعمل
ايه دلوقتى مع بيلا دية طلعت كده معقدة
اردف ضياء ساخطًا وهو يفتح باب السيارة
توسعت عين كنان وهو يضرب سطح السيارة :
– ايه هنعمل ايه دية ؟!
انا مالى لحد كده وخلاص اهى طلعت مش مرتبطة اكتر
من كده ميخصنيش وتبطل تحشرنى فكل حاجة
ثم إنك بتفتح باب العربية ليه ؟!
رفع ضياء حاجبيه مستنكرًا سؤاله :
– جاى معاك ياجدع انا جاى من غير عربيتى
اشار كنان برأسه على الباب وهو يزمجر قائلًا :
– اقفل الباب ده اقفلوا يا ضياء متعصبنيش
اغلق ضياء الباب مبتعدًا عن السيارة وهو يرمقه بسخط
ثوانٍ وكان كنان يجلس خلف عجلة القيادة وانطلق
مسرعًا فاصدر غبارًا فى الجو، لوح ضياء فى الجو
ليبعد آثار الغبار قائلًا :
– ما تلاقى ماما اللى جايبهالك، اه لو امه سمعتنى
*****
ولج طاهر لغرفة مكتب بيلا ثم اطلق صفيرًا :
– سيدى ياسيدى بقالى ساعة بخبط اللى واخد عقلك
ابتسمت باستيحاء فكيف تقول له أنه هو من يشغل
تفكيرها :
– بجد، سورى مانمتش كويس من امبارح الافتتاح
طير النوم من عينى
سحب المقعد وجلس امامها يسألها :
– بجد عجبك ؟!
– اووووى
قالت جملتها والسعادة تغمر روحها، ابتسم ثم اعتدل
فى جلسته متسائلًا :
– بيلا هو انت تعرفى كل البنات اللى كانوا امبارح فى الحفل
هزت راسها بالايجاب وبداخلها ينقبض تشعر بما هو قادم ابتلعت ريقها ثم اجابته :
– اكيد كل اللى كانوا موجودين اعرفهم
حك مؤخرة رأسه قائلًا :
– اصلى فى بنت كدة كنت شفتها مرتين وكل مرة
يحصل بينا تصادم، هبقى اجيب الفيديو وتقوليلى
مين ؟!
دب الصداع برأسها فقالت بتثاقل :
– تمام
رفع نظره لها فورًا وسألها سريعًا :
– صحيح الأكل كان روعة ، ايه رأيك نتعاقد مع البنت
دية وتبقى معانا فى كل الحفلات، انا ليه مش شفتها
امبارح المفروض تاخد باقى حسابها هى فين
تمتمت بوجه عابس :
– المفروض تيجى النهاردة او بكرة وقت ما تيجى هبلغك
***
فى المساء ولج كنان للشقة فوجدها تجلس على الاريكة وامامها التلفاز على احد القنوات الافلام الكارتونية ودموعها
تغرق وجنتيها، تنظر دون ان ترى شئٍ او لا تعى شئٍ تضع يديها على شفتيها تحاول أن تكتم شهقاتها
ظل واقفًا خلف الأريكة يوزع نظراته بينها وبين
التلفاز لا يجد سببًا لكل هذا البكاء وكأنها فقدت
احد افراد اسرتها للتو يرى العجز والخوف يسيطر عليها
بينما هى كانت شاحبة كالاموات فاقدة الحياة، حاضره امام التلفاز تشاهد فيلم كارتونى بينما هى فى عالم اخر
من الذكريات، مشاهد محفورة فى ذاكرتها تظل تخترق روحها ظنت ان الوقت هو المعالج لها، وانها تعافت لكن
مازالت روح الطفلة بداخلها تتألم
استدار ليقف امامها تشنج جسدها فور رؤيته ونهضت
مسرعة تخفى دموعها وهى تنظر للأرض لكن دموعها
العالقة باهدابها اعاقة الرؤية فتعركلت فى طرف السجادة وكادت ان تسقط لولا يديه التى حالت بينها
وبين السقوط قائلًا :
– فى ايه مالك ؟!
حصل حاجة ؟! انتى كويسة ؟!
فلتت منه مسرعة دون ان تنبس بكلمة واحدة  واندفعت إلى غرفتها تتوارى بين حيطانها اما هو تنهد بثقل وهو يرتمى بجسده على الاريكة خلفه قائلًا :
– وبعدين بقى مع البنت دية
*****
فى صباح اليوم التالى
– صباح الخير، طلبتينى ؟!
تلك الجملة اردفها طاهر وهو يجلس امام بيلا
اغمضت عيناها وتنهدت بثقل قائلة :
– صباح النور يا طاهر، كنت عايزاك تحضر باقى حساب
كيان هى جاية دلوقتى وبالمرة لو عايز تتفق معاها
تبقى معانا
طرق باصابعه على سطح المكتب ثم تحمحم قائلًا :
– تمام الحسابات جهزوه اصلًا، امممم انا كنت نزلت فيديو
الافتتاح على الفون وكنت عايز اسالك على البنت
دية
رمقته بنظرة مستاءة ثم عقدت حاجبيها بتشكك قبل
ان تسأله :
– هى مهمة اوى كده ؟!
ابتسم وهو يمرر يده بين خصلات شعره قائلًا :
– هى الحكاية
قطع كلماته طرق الباب، فرفعت بيلا نظرها صوب الباب
فطالعت السكرتيرة قائلًة :
– الانسة كيان بره
هزت رأسها بعملية :
– تمام دخليها
ولجت كيان للداخل بابتسامة واسعة قائلة :
– صباح الخير
ابتسمت بيلا :
صباح ..
لكن طاهر لم يعطيها فرصة للرد، بلحظة اصبح امامها
وهو يقول :
– انتى ؟!
يتبع..
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على (رواية روح بلا مأوى)

اترك رد

error: Content is protected !!