Uncategorized

رواية أمسك بيدي فلتنقذني من الهلاك الفصل السادس عشر 16 بقلم فرح طارق

 رواية أمسك بيدي فلتنقذني من الهلاك الفصل السادس عشر 16 بقلم فرح طارق

رواية أمسك بيدي فلتنقذني من الهلاك الفصل السادس عشر 16 بقلم فرح طارق

رواية أمسك بيدي فلتنقذني من الهلاك الفصل السادس عشر 16 بقلم فرح طارق

يشعر وكأنه داخل أرض تِّيه، كل مما حوله يؤديه لطريقًا مظلمًا لا مفر منه ولا مخرج، كلما سلك طريقًا وجد آخره بابًا مغلقًا مهجور لسنواتٍ وأمامه بِه طريقان، واحدًا أشد ظلامًا منه، والآخر أن يدخل من ذاك الباب المهجول ولا يعلم نهايته بداخله!
بمن سيعود..؟ بأشقائه الآن وابنه! أم مالكة قلبه وجميعهم..؟ من سيختار بين الجميع! حبيبته أم طفله؟ 
والآن! ماذا عن الآن؟ شقيقه بين الحياة والموت بالداخل وهنا يُوجد أمامه فتاة كانت أمام ناظريه لسنواتٍ والآن فقط يعلم بأنها شقيقته من الأب ايضًا !
والدته..
تلك التي كان يأمن لها على طفله طوال السنوات الماضية يعرف اليوم إنها السبب بإبعاد إخوتهُ عنه؟ بل والأسوأ من الأمر قلبها لم يرفق بقلب طفل صغير وقلب امٍ مثلها و وضعت طفلًا لا يعرف ما يدور حوله وسط وحوشًا داخل غابة مظلمة لا يعرف دربًا يسلكه ولا مخرج!
أتعرف معنى إن أقرب الأشخاص إليك وأكثر من تأمن لهم، أن يأتي يومًا وتقع به وما إن دِرت ظهرك حتى تجده هو من اوقعك؟ من فرط ثقتك به تمد يدك بعدم تصديق ليسحبك من حفرتك ليضحك عليك ويتركك وحدك ويهجرك؟ بل والأسوأ يظل حولك لسنواتٍ يبتسم لك ومن داخله هو من دفنك حيًا يومًا وقسم قلبك لشطرين!
رفع رأسه المدفونة بين يديه ليرى (حور) تقف بجانبه تضع يدها على كتفه وعلى وجهها علامات الأسى لما يحدث حولهم.
ابتسم لها فهد بتعب وهو لا يعلم ما يقوله لها ! هل يخبرها أنه عليّ الإختيار الآن بينكِ وبين ابني للعودة لمصر ؟ وإن مايكل سمح لهُ بأخذ سيف معه حتى يقرر فهد من سيأخذ ابنه وسيف للعودة أم حور وسيف! 
جلست حور بجانبه وهي تشعر بالاسى لما حدث معه، وتفكيرها أن شروده وحزنه الآن لما أخبرته به چَيدا وإصابة أخيه.
ابتسمت لهُ وهي تحاول بث الطمأنينة بداخله مخبرة إياه بنبرة هادئة
– متقلقش، بإذن الله هيخرج ويكون كويس، وكمان بص للشيء الإيجابي إن عندك أخ وأخت! وهترجع بيهم مصر وكمان..
صمتت بصدمة وهي تجد فهد يضمها لداخل أحضانه ويدفن رأسه بعنقها ويده تتمسك بها بشدة، بينما خرجت هي من صدمتها وهي تلف يدها حور خصرها لتضمه إليها أكثر وتربت على ظهره ليطمئِن.
تمر على جميعنا أوقات لا نرغب بها للاستماع لأي شيء سوى أن يعانقنا أحدهم ونشعر بيد أحدهم تربت علينا لنستكين داخل ذراعيهم ونشعر ببعض الإطمئنان الذي سلبتهُ مِنا الدروب من حولنا، ف آسفي عليك يا من مررت بذاك الوقت ولم تجد من يفتح ذراعيه ويضمك بينهم، ليمر الوقت بك وأنت تضم روحك بنفسك، لتهدأ وترجع للحياةِ من حولك وأنت ترسم ضحكة كاذبة لمن حولك، آسفي عليك وافتخاري لقوة روحك بتلك الأوقات.
فرح طارق
امسك بيدي فلتنقذني من الهلاك.
ابتعد فهد فور سماعه لصوت مهاب ونهض من مكانه بلهفة
– الدكتور خرج ؟
– لأ..
استرد حديثه وهو يحمحم بجدية
– بس احنا كدة هنعمل ايه ؟ هتسلم حور وتاخد أسر ؟
طالعته حور بتساؤل 
– تسليم ايه وأسر ايه علاقته ؟
جلس فهد مرة أخرى وهو يضع رأسه بين يديه، وتنهد بعمق وخرجت نبرة خافتة 
– مايكل خطف أسر ومقابل إني اخده اسلمك ليه واديه الجهاز وارجع باسر وسيف مصر.
تجمد جسدها ودقات قلبها تتزايد وهي تسأله بصوت خافت متردد يخشى الإستماع لاجابته الواضحة
– وانت هتعمل ايه ؟ 
تراجعت حور للخلف وهي تراه يطالعها بعجز، ف عرفت إجابته على ذاك السؤال وأمأت له بتفهم لتذهب من أمامه.
في مكان آخر تحديدًا مصر..
جلست ليان أمام مشيرة، وهي تربع قدميها على الفراش لتخبرها مشيرة بحماس
– ها احكيلي بقى من أول الموضوع لاخره.
شرعت ليان بقص عليها كل شيء من بداية الأمر لاخره، بحماس لانصات مشيرة لها وانهت حديثها وهي تخبرها بإبتسامة باهتة
– بس ده اللي حصل.
– هو إسمه ايه ؟
– سيف.
رق قلبها وهي تتذكر شيء بحياتها ليخرج صوتها بنبرة خافتة حزينة
– إسمه على إسم ابني.
– هو حضرتك عندك ابن ؟
فرت دمعة من عينيها لتهبط على وجنتيها وهي تكمل بحزن
– آه، ابن آخر مرة كان بين ايديا كان عمره ٦ سنين
– وحصل ايه ؟
تنهدت مشيرة وهي تشعر بوغزة داخلها وعينيها تمتليء بالدموع ليأتيها صوت ليان بندم
– أنا آسفة لو حضرتك.
– لأ هقول، كتمت لسنين طويلة ٤٠ سنة !! مش كتير ؟ 
نظرت إليها بتساؤل حزين لتكمل حديثها وهي تشرد بماضٍ يأبى ترك عقلها ويستحوذ على كل شيء بحياتها وكل ركن بها
– كان عندي ١٦ سنة يوم ما قابلته، حبيته بسذاجة كبيرة أوي، كنت وحيدة وامي وابويا لسة متوفيين واخويا الوحيد بيحاول يبقى ويحقق حلم ابويا عاش يحلم بيه سنين و ف وسط حلمه نسيني وكنت لوحدي، بس أنا عذراه، كان عنده لسة ٩ سنين ! بس لما كبر  وفهم ؟ مطبطبش! سابني لوحدي بردوا ! كبرتوا وحاولت محسسهوش بغياب ماما وبابا وقولتلوا أسعى لحلم بابا وحققه وعمل كدة، عدت سنة ويوم عيد ميلادي الـ ١٦ لقيت واحد بيكلمني، بيعيد عليا وقتها كنت ف الدرس وهو كان ف ٣ ثانوي وأنا لسة ف أولى، سمع واحدة زميلتي بتقولي كل سنة وانتِ طيبة تاني يوم جابلي شكولاتاية وملزوق عليها وردة حمرة وبيديهاني، طيرت بيها من الفرحة لدرجة إني كنت هحضنه وقتها !!
تنهدت وهي تمسح دمعتها وشهقة خرجت من داخلها تنمي عن حزنها الدفين غير مصدقة بأنها واخيرًا تفصح عن ما بقلبها لترفق عنه مرة !
– مرت السنين لحد ما دخلت الجامعة وهو راح الجيش، كنت ف أولى جامعة وأول يوم ليا ف الجامعة كان بيودعني ورايح الجيش، و قعد سنتين وخلص رجع وكنت مستنياه، مستنية الشخص الوحيد اللي قلبي دق وحبيته من جوايا، رجع وفاجئني بأن هيتجوز بنت خالته، قلبي انكسر يومها ومشيت وسيبته، بعد ٣ سنين جه قالي لسة بحبك ومش قادر أعيش من غيرك، قبلت واتنازلت واتجوزته وهو مراته على ذمته، مقدرتش أقوله لا خاصةً إن محدش من يوم ما ممشي طبطب على قلبي زي ما كان هو بيعمل، أقول الحق؟ 
نظرت لـ ليان وابتسمت لها وهي تتذكر ماضيها
– حبني، من قلبه حبني، شوفت وعشت معاه أجمل أيام ف عمري، قبلت أكون ف السر علشان حبه ليا كان يستاهل أضحي كدة، أول ما اتجوزنا مراته عرفت، بس مطلقتش، فضلت على ذمته ولما أنا وهو اتجوزنا كانت مراته خلفت ولد عنده سنتين، فضلت أنا وهي على ذمته وقتها كان عندي ٢٥ سنة، من وأنا ١٦ سنة معاه!!
بعد ٣ سنين خلفت وجبت تؤام (سيف وچَيدا) مراته اتبدلت وظهرت الشر اللي جواها لأنها كانت متخيلة إني نزوة وهتروح ف حالها، هددته بابنهم وأنها هتاخده ومش هيعرف طريق ليهم، وهو كان متعلق بيه أوي وابنه كان بيحبه اكتر ما بيحب أمه! مقدرش وشرطت عليه يطلقني، جه واتفق معايا هياخد سيف وهناك فهد هيحبه لأنه فهد شافه كتير وكان متعلق بسيف أوي، وقالي هنقولها اطلقنا، وافقت! متخيلة ؟ من حبي فيه خوفت يمشي وأرجع وحيدة تاني والمرة دي هرجع وحيدة بطفلين! فضلنا لحد ما بقى عمر عيالي ٦ سنين، كنت بشوف سيف طول الأسبوع وأوقات كتير كان بينام ف حضني وأوقات ف حضن فهد أخوه، كان مصبرني حب فهد ليه، كان بيحبه ولا كأن سيف ابنه! كان بيعيط لما باخده ! ٤ سنين عدوا على نفس الوضع ويوم عيد ميلادهم السادس أبوهم مات! وابني كان هناك ويومها روحت اخده قالتلي ابنك من صدمته نزل من البيت ومقدرناش نلحقه! اتصدمت وحسيت الظنيا طول وقفت حواليا، وبقالي ٢٠ سنة بدور عليه.
اجهشت مشيرة بالبكاء لتضمها ليان وتبكي هي الأخرى لتكمل مشيرة
– دورت كتير، قلبي وجعني! ٢٠ سنة بعيط على غيابهم هما الاتنين ومحدش طبطب عليا، ٢٠ سنة ومحدش حس بيا ولا مد ايديه يطبطب عليا غيره يا ليان، كان حنين لدرجة إنه يستاهل كل حاجة عملتها عشانه ولو رجع بيا الزمن صدقيني كنت عملت نفس اللي عملته تاني بس كنت خدت بالي من ابني اكتر! يوميها فضلت وراها لحد ما قالتلي إنها اللي مشيته! سيف كان بيحبها ! كان بيعتبر إنها أمه لأنها كانت مورية ليه الوش الحلو عشان فهد ابنها، انتقمت مني عشان حبني ومحبهاش ومشت إبني ومعرفش يرجع لحضني تاني وأنا معرفتش أوصله.
ظلت ليان تربت عليها وهي تبكي لأجلها وأجل ما مرت به في حياتها وبالوقت ذاته كان أخيها يقف على أعتاب الغرفة، يتألم قلبه وهو لأول مرة يستمع لحديثه شقيقته، عانت لتلك الدرجة بحياته وهو لتلك الدرجة كان معمي قلبه عنها ؟ 
أغمض عينيه وهو يمسح دموعه التي خانته وهبطت على وجنتيه ولم يمتلك الشجاعة ليولج للداخل ويواجهها..! 
احيانًا تهزمنا الحقائق لدرجة أنها تشعرنا بالعجز عن مواجهتها.
في مكان آخر تحديدًا أوروبا..
نهض الجميع بلهفة نحو الطبيب وهو يخبرهم بعملية
– الحمدلله الرصاصة خرجت، وإنها مكنتش ف مكان حرِج وكانت بعيدة عن موضع القلب.
جلس فهد وهو يشعر بارتخاء جسده المشدود خوفًا على أخيه، ويخرج زفيرًا من داخله..
بينما أردفت چَيدا بسعادة
– بجد ؟ طب هيفوق امتى ؟ 
– على بكرة بإذن الله، أنا موجود معاه متقلقوش.
أمأ له الجميع ليدلف الطبيب بإحدى الغرف المجاورة لغرفة سيف، ف هو معهم بنفس المهمة دكتور في رتبة رائد، أتى معهم للحظاتٍ مثل تلك وخاصةً إنه خطر على الجميع أن يذهبوا لأي مشفى إن حدث إصابة لهم.
استمع الجميع لصوت طرقات على باب المنزل ليفتح فهد ليجد إبنه (أسر) يقدم نحوه بسعادة 
– بابا وحشتني أوي.
رفعه فهد لاحضانه بعدم تصديق، ولكنه ابتسم بسعادة غامرة لوجود ابنه بين أحضانه الآن.
أنزله فهد وهو يجلس ويضعه على قدميه قائلًا بتساؤل
– مين جابك وحصل معاك ايه ؟
استمع الجميع بتركيز للطفل ليخبرهم أسر
– مش عارف، أنا كنت ف أوضة وعمو دخل قالي هترجع لبابا، كان بيتكلم زي الأفلام مش زينا كدة، ومشيت معاه وركبت العربية ونزلني هنا.
نظر فهد لمهاب وياسين وهو يعقد حاجبيه بصدمة، فورًا ما انتهت وهو يشعر بقلبه كاد يخلع من مكانه من كثرة الخوف وهو بنهض من مكانه ويصرخ باسم حور.
دلف لغرفتها والجميع خلفه ليجد ورقة موضوعة على الفراش ويفتحها فهد ليقرأ ما بداخلها..
– فهد! أكيد مكنتش هتاخدني وتسيب أخوك وابنك واسفة على السؤال الغبي اللي سألته ليك وأنا بقولك هتعمل ايه لأن اللي المفروض يتعمل كان واضح جدًا ! صدقني مش زعلانة واي حد مكانك كان هيعمل نفس الشيء وأنا مشيت سلمت نفسي بنفس عشان عارفة هيكون صعب عليك قد ايه وأنت بتسلمني بنفسك لمايكل من تاني، بس أنا مخدتش الجهاز، سيبتهولك واديت لمايكل جهاز مزيف، عقبال ما يكتشف ده أتمنى تكونوا رجعتوا مصر، وقدرت تسلم الجهاز ويتقبض عليه وتيجي تاخدني تاني، وأنا مستنياك..حور.
كور قبضة يده على الورقة وهو يصرخ بإسم مايكل ويلقي الورقة على الفراش، ليأخذها ياسين ويقرأ ما بها..
انتهى ياسين من قرأتها بصوتٍ عال ليتحدث مهاب 
– أنا بقول نرجع كلنا مصر، ونسلم الجـ..
قاطعه فهد بحدة
– هتمشوا والطيارة خلال ساعتين هتكون موجودة، وكلكم هتسافروا وچَيدا هتاخد بالها من سيف، وأنا هفضل هنا وهرجع بحور.
ياسين بقلق
– بس 
قاطعه فهد بحدة وحزم
– مفيش بس اللي قولته هيتنفذ، يلا.
خرج الجميع ولم يتبقى سوى چَيدا معه، لتذهب نحوه وهي تتشبث بذراعه قائلة بخفوت
– فهد، أنا طول عمري كان نفسي اقابلك، يكون عندي أخ وسند ليا أما وماما بدل ما احنا طول الوقت لوحدنا معانا خالو بس، لكن كنت بخاف، نفس الخوف اللي ماما من كتروا جواها غيرت أسمي ونسبتني لعيلتها هي، طول الوقت كنت بكدب وأقول أكيد اسمك ده تشابه اسماء! ببقى عايزة أتأكد بس كنت بخاف واتراجع تاني، ارجوك متأذنيش نفسك عشاني أنا وسيف، أنا وهو محتاجين ليك، كل واحد فينا كان عايش حياته ضعيف سواء أنا أو سيف اللي حياته واضحة كانت عاملة ازاي! عشان خاطري متسبناش تاني.
أنهت كلماتها وفهد يأخذها بين أحضانه ويربت عليها ليخرج صوته بحنو
– وأنا معنديش استعداد ابعد عن حد فيكم تاني يا چَيدا، واوعدك هجيب حور وارجع تاني..
ابتعدت عنه وهي تثني إصبعها الصغير وتردف بطفولة
– وعد ؟
ابتسم لها فهد وهو يفتعل نفس حركتها
– وعد.
احتضنته چَيدا بسعادة، ليتسأل فهد
– كنتِ خايفة من ايه يا چَيدا ؟
ابتعدت عنه وهي تحمحم بخفوت قائلة في خجل
– مامتك، هي انتقمت من ماما زمان ف سيف، وماما خافت وبعدت بيا..
نظر أمامه بغضب وهو يكور يديه، ويتسمع لحديثها، ليخبرها
– ماشي يا چَيدا، اخرجي اجهزي عشان تسافري معاهم.
– أنت هتفضل لوحدك ؟
– معنديش استعداد اجازف بحد فيكم تاني.
مر الوقت على الجميع وهم يتجهزون بالعودة لمصر، وفيوالمساء على الجانب الآخر استيقظت حور من نومها على صوت مايكل الغاضب 
لتنهض وهي تشهق بصدمة اثر سحبته لها وهو يقبض على خصلات شعرها، ويقول لها بغضب
– كذبتي عليّ حور ؟ أعطيتني جهازًا غير حقيقي وجعلتني المغفل بالامر ؟ 
حاولت حور دفعه بعيدًا عنها قائلة في تحدٍ
– آه لأنك مغفل فعلا! مفكر إن كل اللي أنت مخطط ليه هيتم ؟ مفكر إني جيتلك وأنا قابلة أكون معاك ؟ مفكر إني وقعت ف حبك مثلا ! أنت مغفل فعلا وكلها مسألة وقت وتقع ف شر اعمالك كلها.
دفعها مايكل بحدة وغضب لتصطدم بالنافذة وتبدأ مقدمة رأسها بالنزيف أثر الصدمة، ومايكل يخرج حزامه الجلدي من بنطاله ويخبرها بتلذذ وهو يرى الدماء على وجهها
– اتعرفين لما احضرتك لهنا حور ؟ ليس حبًا بكِ حلوتي، ولكنكِ بريئة جدًا، لدرجة أنني أرغب بكِ لشيئًا واحدًا فقط الآن.
أنهى كلماته وهو يهوى على جسدها بصفعات متتالية، ويخرج صوته المتحشرج
– أريد التلذذ بتعذيبك حلوتي، هيا اريني صراخك الآن! 
حور بصراخٍ وصوتٍ غاضب متقزز
– أنت إنسان مريض! 
قبض على شعرها وهو يهوى بصفعات على وجهها، ويستمع لصراخها ونحيبها من كثرة البكاء، ولم يفعل شيء سوى أنه كان يزداد من ضربه لها وكأن صراخها شيئًا جميلًا بالنسبةِ لهُ، بل ويتلذذ به! 
انتهى مايكل وهو يجدها غابت عن الوعي، ليلقي الحزام من يده، ويجلس على الفراش وهو يلهث بكثرة للمجهود الذي بذله وهو يضربها، ويمسك هاتفه ليجري إحدى المكالمات..
– اسمعني ليس هناك وقت للحديث، الجهاز لازال مع فهد، اريده قبل خروجه من أوروبا حسنًا ؟ هو بالتأكيد لن يغادر قبل شفاء شقيقه.
أغلق معه وهو ينهض من مكانه ليغيب بالمرحاض بعض الوقت ويخرج مرة أخرى وهو يحمل دلو مُحمل بالماء، ليفرغه على رأسها؛ لتشهق حور وهي تنهض من مكامها طول بفزغ لتجده يجلس على الأريكة أمامها يحمل الحزام الجلدي بين يديه ويضع قدم فوق الأخرى، لتتراجع حور للخلف بخوف مما هو قادم على فعله بها.
في مساء اليوم التالي
استيقظت ليان على صوت صراخ أحدهم لتخرج من الغرفة سريعًا وكادت أن تهبط للاسفل لتجد سيف يصعد للأعلى وهو يستند على كتف شقيقته.
توقف سيف مكانه وهو يطالعها باشتياق شديد، ويفوق من شروده بها على صوت چَيدا
– يلا عشان تطلع تستريح!
ابتسم لها سيف وهو يصعد معها ويحاول قد الإمكان ألا يتحامل عليها بكثرة، لتبتعد لهم ليان وهي لا تفهم شيء، لتجد مشيرة تصعد خلفهم وهي صامتة ولا تتحدث!
استلقى سيف على الفراش لتدلف ليان للداخل وتقف بعيدًا عنه، لتجد مشيرة تتحدث بصوتٍ مبحوح خافت
– قوليلي يا چَيدا إنك بتضحكي عليا ؟ 
نظرت لها چَيدا لتخبرها بسعادة
– وانتِ مش حاسة بأن إبنك قريب منك دلوقت ؟ 
تقدمت مشيرة نحوهم لتحتضن سيف ودموعها تهوى بغزارة ليخرج صوتها المتألم
– آه يا سيف لو تعرف اللي حصلي ف غيابك! ٢٠ سنة يا حبيبي بدور عليكِ ! ليالي ٢٠ سنة كل يوم ببكي عليك وأنا حاسة إنك عايش، حاسة إن ابني موجود، ابني بيتنفس بس بعيد عن حضني! تعبت يا سيف، تعبت يا ابني واخيرًا ارتاحت دلوقت.
چَيدا وهي تبكي على بكاء والدتها
– أنا ياسين فضل يقولي مقولش لسيف حاجة غير لما يخف، بس مقدرتش، مقدرتش محضنكش واقولك وحشتني واقولك إني أختك اللي كانت بتعيط كل يوم عشانك واختك اللي بقالها ٢٠ سنة مش ناسياك، مقدرتش صدقني.
فتح سيف ذراعه ليأخذها بين أحضانه، وأصبح الاثنتين داخل أحضانه شقيقته و والدته اخيرًا بعد فراق لـ عشرين عام.
ابتعدت مشيرة عنه قائلة في حنو
– أنا مش قادرة اسيبك بس أنت أكيد لازم ترتاح وعشان جرحك، بس لحد ما ترتاح هعملك أكل تاكله، هعملك كتير، لسة لحد دلوقت فاكرة وأنت صغير كنت بتحب تاكل ايه، هعملك نفس الأكل يا حبيبي، مش هتأخر عنك.
امأ لها سيف ولم يتحدث، هو بالأساس منذ وجوده هنا وهو لم يخرج كلمة واحدة من داخله، ظل يستمع لكل ما يحدث حوله وغير قادرًا على قول شيء، لازال عقله غير مستوعب شيئًا حتى الآن! 
نهضت چَيدا من جانبه قائلة 
– أنا هروح أغير هدومي واخد شاور مش هتأخر عليك.
ابتسم لها سيف بهدوء لتخرج چَيدا وخلفها وفاء لتترك ليان واقفة مكانها لا تعلم ما يحدث وما يجب أن يحدث! 
أرجع سيف رأسه للوراء وهو يستند به على ظهر الفراش، وفتح ذراعه لها وهو يغمض عينيه
– مش هتيجي تسلمي ؟ أو ع الأقل تلبي رغبة اشتياقي ؟
اقتربت ليان نحوه، لتستقر داخل أحضانه ولازال سيف على وضعه، لتضع رأسها على صدره لينزل سيف رأسه وهو يدفنها داخل عنقها ويستنشقه باشتياق ويخبرها
– آه يا ليان، وحشتيني اوي، حاجات كتير بتحصل مش قادر أشوف حاجة منها ! حاسس عقلي وقلبي وقفوا على حاجة واحدة بس وهي انتِ، مش قادر استوعب حاجة غير أني شوفتك بس! 
ظل يفرق قبلاته باشتياق وهو يكرر كلمات اشتياقه لها
– وحشتيني اوي، حاجات كتير عايز اقولهالك، وحاجات اكتر نفسي اقولها ! لما انصابت مكنش ف بالي غيرك يا ليان، كان قدامي صورتك بس، كنت بحارب وعايز اعيش عشانك، عشان ارجعلك تاني.
انعكست نومته، لعلوها سيف ويبدأ معها بـرحلته التي تمناها طوال ما مضى، ليخبرها بها عن كم اشتياقه لها، وكيف أحبها منذ الوهلةِ الأولى التي رآها بها.
بينما على الجانب الآخر..
دلف چَيدا للمطبخ، و وجدت والدتها تعمل بنشاط وسعادة، لتقف بجانبها وهي تفرك يديها بتفكير، ليخرجها صوت والدتها المتسأل
– ايه يا چَيدا ؟
– ماما تفتكري سيف هيتقبل كل ده ؟ هو متكلمش كلمة واحدة بس! حتى لما قولتله إنه اخويا ! طلب نعمل تحليل DNA عملناه الصبح ف المستشفى وطلع بعد ساعات وشافه وفضل ساكت! متكلمش؟ ودلوقت؟ معملش حاجة غير إنه خدنا ف حضنه! هو هيفضل كدة ؟ أنا خايفة ! خايفة ميتقبلش حياتنا ولا يتقبل أي حاجة جديدة ويبعد! آه من كلام فهد أنه كان نفسه يبعد عن المافيا بس خايفة يبعد ويقرر يبدأ من جديد بعيد عننا ! 
تركت والدتها ما بيدها لتذهب نحو ابنتها
– عارفة وفاهمة خوفك يا حبيبتي، بس هو معذور يا بنتي! مش سهل عليه يتقبل كل حاجة واكيد سيف لحد دلوقت فاكر اللي حصل معاه وهو عنده ٦ سنين! متعلميش بيفكر ف إيه أو ..
قاطعتها چَيدا
– سيف هيفكر وبيفكر ف إنه عاش حياته لوحده، مع مافيا وشغله قتل وسلاح، سيف مش متعلم يا ماما ! وده اللي خايفة منه ! ميتقبلش إنه يكون وسطنا بعد اللي مر بيه وخاصةً إني ظابط ! تؤامه ظابط وهو ايه ؟ وأي حد مكانخ هيفكر ف كدة بس الواضح إن سيف هيفكر ف كدة بشكل أكبر.
احتضنت مشيرة وجه ابنتها لتخبرها بنبرة حانية
– احنا هنغير تفكيره، هنكون معاه ونقف جمبه، هندعمه ونخليه يبدأ كورسات قراية لكل اللغات، وكأنه معاه شهادة بالظبط! هيبدأ من السفر ويشوف مجال يحب يتخصص فيه وياخد فيه كورسات ويتخصص فيه، هو لسة شاب ف بداية حياته.
– تفتكري ؟
بدأت مشيرة تضع كل اهتمامها بالطعام الذي تجهزه لابنها وهي تخبر ابنتها
– ومفتكرش ليه ؟ المهم دلوقت إنه قدام عيني، وأي حاجة تانية هتهون.
في غرفة سيف استلقى على الفراش وهو يأخذها بين أحضانه، واغمض عينيه براحة وسعادة تندلع بداخله، ليخرج صوته المتسأل وهو يفتح عينيه وينظر لها
– ندمانة ؟ 
– آه.
عقد حاجبيه بدهشة لتنهض ليان قائلة بندم 
– ندمانة، فوق ما تتخيل يا سيف، ومكنش لازم يحصل كدة! 
امسك ذراعها بحنو وهو يزيل خصلات شعرها للخلف قائلًا بهدوء مقدرًا ما حدث لها
– ليه يا حبيبتي ؟ مش احنا متجـ..
قاطعته بغضب 
– ما دي المصيبة كلها !! إنك جوزي!! 
لم يجيبها سيف وظل ينظر لها بدهشة لتكمل ليان بهدوء
– سيف، أنا وانت مننفعش بعض! ممكن تقولي هقول لعيالنا ايه ؟ لو قالولي عرفتي بابا ازاي هقولهم ايه ؟ ولا لو قالولك بتشتغل ايه هتقول ايه ؟ هقول كان خاطفني وهو اصلا دي شغلته؟ إجرام ومافيا وقتل ؟ هتربي عيالك على ايه يا سيف ؟ هتعلمهم يحبوا اللي حواليهم ازاي وأنت أصلا بتقتل اللي حواليك ؟ هتـ 
قاطعها سيف وهو يضع يده على فمها ويخبرها بصراخ والم
– بس كفاية!! ايه مبتحسيش معندكيش قلب ؟ اطلعي برة..
نظرت له ليان بقلق من حالته لتنتفض أثر صراخه بها
– بقولك برة!! 
امأت له بخوف وهي ترتدي ملابسها ليأخذ سيف التيشيرت الخاص به ليرتديه وينهض من مكانه ليغادر ذاك المكان، الذي منذ دلوفه إليه لا يشعر بشيء سوى الاختناق فقط! ماضيه وكل ما مر به في حياته يهاجمه فور مجيئه لهنا ! حتمًا أثناء مروره بكل شيء لم يؤلمه لدرجة تذكره له الآن! 
فتح الباب وهو لا يشعر بشيء سوى أنه لا يريد شيءٍ سوى أن يغادر المكان فقط! يشعر بغربته هنا وموطِن غير موطنه..
نزل الدرج بسرعة كبيرة ليجد چَيدا أمامه تبتسم لها وفور أن اقترب شهقت بفزع وهي تجد التيشيرت مليء بالدماء، أسرعت نحوه و والدته تأتي على صراخ ابنتها ليدفعها سيف بعيدًا عنه وهو يصرخ بها
– ابعدي عني! عايزين ايه دلوقت ؟ عايزني اعيش معاكم وطول ما أنا هنا أحس بأني غريب ؟ أشوف كل اختلافي عنكم ؟ اشوف مدى حقارتي و وس*خت* اللي كنت فيها ؟ أعيش هنا ليه ها جاوبيني ؟ 
نظر لوالدته الباكية وتقدم نحوها بغضب وعينيه تخونه لتفرج عن الدموع المحجوزة بداخلها
– وانتِ ؟ انتِ اللي سبتيني معاها علشانه! عشان هو ميبعدش عنك وافقتي ابنك يبعد عنك ؟ هي طردتني من عندها وأنا لسة طفل عمدي ٦ سنين بس انتِ كنتِ اقسى منها عارفة ليه؟ سبتيني وانا لسة سنتين ف حضن واحدة غيرك عشان واحد بتحبيه معندوش شخصية ولا قادر يقف عشان عياله ولا يحارب عشان اللي بيحبها واختار الطريق الأسهل ليه واللي محدش ضاع ف نصه غيري أنا..! وأنا لسة عندي ٧ سنين واحد إيطالي خدني مكنش بيعلمني حاجة غير إني امسك سلاح بس! 
استدار نحو ليان التي كانت واقفة مكانها تبكي بندم بسبب ما قالته، وقبض على ذراعيها وصرخ بها
– وانتِ، انتِ أكبر غلطة غلطها ف حياتي، الحاجة الوحيدة اللي كنت مستعد اسيب كل حاجة عشانها، الحاجة الوحيدة اللي شوفتها صح ف حياتي كانت انتِ، كنتِ لسة بتقولي إني جاهل صح ؟ كنتِ هتقوليها فوق! بس أنا سكتك مقدرتش اسمعها منك !
ابتعد عنها وأكمل حديثه
– لما خدني دخلني مدرسة بريطانية، اتعلمت فيها مكملتش بس اتعلمت لحد ما كان عندي ١٥ سنة، خرجني منها وكنت اتدربت على كل أنواع القتال، واشتغلت معاه ف المافيا، ملقتش طريق تاني! كنت وسط غابة كلها حيوانات وده الوحيد السالك اللس لقيته قدامي! كنت طفل ٧ سنين مقدرتش أميز اللس بعمله ده صح ولا غلط بس عقبال ما فوقت كان الوقت فات! كان خروجي من وسطهم بموتي! شوفتك كنت مستعد أخرج واموت عشانك! قولت هحارب للآخر هحاول لآخر لحظة يمكن انجح والقدر ينصرني لمرة ويديني الحاجة الوحيدة اللي اتمنتها ف حياتي وهي انتِ.
تقدمت چَيدا نحوه وهي تبكي من حديثه قائلة بترجي وهي تجده يترانح مكانه بتعب
– سيف ارجوك أقعد لبسك كلوا دم من الجرح! 
نظر سيف لـ ليان الباكية وتقدم نحوها وهو يجدها تشير بتأييد لحديث چَيدا..
أشار لقلبه وهو ينظر لها
– طب وهنا ؟ هتوقفي النزيف اللي هنا لو قعدت ؟ هتوقفيه ازاي ؟ بكلام زايف هيخرج من جواكِ ؟ ولا ازاي يا ليان ؟ 
امسك ذراعيها وهو يكمل حديثه 
– حبتيه هو صح ؟ طب ما هو كمان بيشتغل زيي! كان بيولد الستات ويقولهم الجنين مات وكان بيبيعهم! كان بيتاجر ف الاطفال وما زال؟ اشمعنا هو ؟ محبتنيش انا ليه ؟ قولتي كان بيخاف عليكِ ؟ بس عمره ما هيخاف قدي! طب ضربك ليه لما كنتِ عنده ؟ وأنا ليه ضربتك بالقلم مرة واحدة ومن يومها لحد دلوقت حاسس بندم ؟ يومها لما ضربتك حسيت قلبي وجعني! ليه؟ ردي
صرخ بكلمته الأخيرة لتنتفض هي وهي تشهق ببكاء وشفقة على حاله الذي وصل إليه وندم يأكل صدرها لما فعلته.
أغمضت عينيها لتخبره بألم
– طيب ارجوك جرحك نشوفه وهنتكلم حاضر.
– هتقولي إيه تاني ؟ 
صمتت وهي تنظر لعيناه التي تناظرها بتعب وترجي، وكأنه يترجاها لتخبره بشيءٍ يريح قلبه الآن.
وضع سيف رأسه على صدره وهو يغمض عينيه بألم
– قولتلك حاسس بغربة هنا، حاسس إنه مش مكاني بس كنت ساكت ومستني اجي ف مكاني الوحيد وهو حضنك، ليه عملتي كدة ؟ 
همس لها بخفوت ودموعه تبلل صدرها
– قوليلي بحبك يا ليان، خليني اسمعها مرة واحدة، احضنيني و قوليلي بحبك.
ضمته ليان وهي تهمس لهُ بتكرار 
– بحبك، بحبك يا سيف، بحبك يا أنضف قلب قابلته ف حياتي.
صرخ الجميع أثر سقوطه من أحضانها، لتنظر لهُ ليان بهلع وهي تجد جسده ممتد ارضًا والدماء تغرق ملابسه بأكملها ! 
بينما في مكان آخر تحديدًا أوروبا..
دلف مايكل للغرفة ليجد حور ما زالت فاقدة للوعي! ف هو منذ الأمس وهو يضرب جسدها بأكمله وكلما فقدت للوعيّ كان يحضر دلو الماء ليجعلها تفيق مرة أخرى ويكمل رحلة ضربه لها، ولكنها تلك المرة لم تفيق..! 
يتبع…..
لقراءة الفصل السابع عشر : اضغط هنا
لقراءة باقي فصول الرواية : اضغط هنا
نرشح لك أيضاً رواية عنيد غير حياتي للكاتبة لبنى عبدالعزيز

اترك رد

error: Content is protected !!