Uncategorized

رواية الدبش اللي خطفت قلبي الجزء 2 الفصل الثالث والثلاثون 33 والأخير بقلم نرمينا راضي

 رواية الدبش اللي خطفت قلبي الجزء 2 الفصل الثالث والثلاثون 33 بقلم نرمينا راضي

رواية الدبش اللي خطفت قلبي الجزء 2 الفصل الثالث والثلاثون 33 بقلم نرمينا راضي

رواية الدبش اللي خطفت قلبي الجزء 2 الفصل الثالث والثلاثون 33 والأخير بقلم نرمينا راضي

نظر لها مروان مطولاً،وكأنه يستذكر شيئاً ما..هتف سريعاً
— اسمه ايه ده اللي كنتي متجوزاه 
قطبت دنيا حاجبيها بتعجب من سؤاله الغير متوقع ثم أجابت بتلقائيه
— ماجد عفيفي 
اتسعت عين مروان بذهول وظل يحدق في الفراغ أمامه بشرود في ماضي شقيقه،هل من الممكن أن يكون مجرد تشابه أسماء؟ولكن مازكرته دنيا مشابه تمامًا لماضي شقيقه المرير؛فهو بالفعل ارتكب حماقه منذ حوالي أربع سنوات عندما تزوج من وراء عائلته تحت مسمى الزواج العرفي،ثم ترك الفتاه التي تزوجها بعد أن نال منها ما اراده،وسرق أموال والده،ثم هرب عن طريق البحر،نعم تذكر مروان ذلك جيدًا،بل أنه لم ينسى حين جاء أحد اليهم في نفس اليوم الذي هرب شقيقه واخبرهم بأنه رأه يُبحر على متن باخره متجهه لـ ألمانيا  !
لوحت دنيا أمام مروان لتخرجه عن شروده بعد أن نادته عدة مرات ولم يجب،قالت متعجبه
–دكتور مروان،في حاجه؟
تأملها مروان دون أن يتكلم؛فذهنه مازال شاردًا مع أخيه.
ظنت دنيا بأنه ربما اشمئز من ماضيها ومما حدث معها،فعبث وجهها حزينًا،ثم غمغمت
-مش عاوزاك تاخد عني فكره وحشه يادكتور مروان،أنا بعترف ان غلطت،بس انا اتعلمت من غلطي وبحاول على قد مااقدر ارضي ربنا عشان يتوب عليا
أجاب مروان سريعًا
— لالا يادنيا،أنا معاكي،إخنا كلنا بنغلط،الغلط اننا منتعلمش من غلطنا،وانا اقصدخ بالجمله دي ماجد أخويا،للاسف مبيتعلمش من غلطه ابدًا،ماجد اخويا هو اللي انتي كنتي متجوزاه عرفي يادنيا
رمقته دنيا بصدمه ثم هبّت فجأه واقفه،تتطلع في الفراغ بدهشه اجتاحت معالمها دون أن تتفوه بشيء،كيف!كيف ذلك؟
هل بالفعل مايقوله الدكتور مروان صحيحًا،هل أكثر شخصًا،تكره بحياتها وتود لو تلتقي به ثانية حتى تطعنه في قلبه عدة مرات وتشفي غليلها منه،يكون شقيق هذا الرجل المهذب،الدكتور مروان
ماذا لو ماسمعته للتو صحيح،هل ستنتقم لنفسها من شقيقه؟وماذنبه شقيقه؟
هي فقط تريد أن ترد كبريائها وترضي كرامتها كأمرأه،تود أن تنتقم منه أو من أي شخص له صله به،وشقيقه الأن أمامها، إذن مالحل؟
ماذا تفعل؟
لم يكن مجيئها للصعيد صدفه،بل قدر،لقد تدخل القدر وفتح لها ابواب الماضي،وترك لها حرية الإختيار،إما أن  ترضي وساوسها وتنتقم من شقيقه وإما أن تعفو وتختار الصفح وتغلق بشجاعه باب الجحيم للأبد، ولكن هذا يعتمد على شيء واحد فقط 
“الإختيــــــار”  
وقف مروان أمامها،متأملاً إياها في حزن،فقد ساروته الظنون بأنها حتمًا غضب منه وظنت بأنه يستحقرها أو ماشابه.
وجد نفسه يقترب منها قليلاً،حتى صار مماثلاً،وبدون وعي لِما يفعله،سحب كفيها ليحتويها بأكفف يده الرجوليه،ثم قال بصوت يملأوه العاطفه والرزانه
— دنيا،أنا معاكي،متخافيش،مش معنى إنك إتأذيتي من ماجد،ابقى وحش زيه،صدقيني يادنيا،أنا مش هسمح لأي حاجه تأذيكي تاني بعد إنهارده،أنا مش عارف اخدلك حقك ازاي،بس أنا جنبك،اطمني 
انتبهت دنيا لِما هُم عليه،فأخفضت رأسها بخجل،ثم سحبت يدها منه ببطء هامسه
–دكتور مروان!
انتبه الدكتور مروان لإنجذابه نحوها وهيمان عينيه بتفاصيل وجهها البريء والحزين،فحمحم خجلاً ثم ابتعد قليلاً ليقول أسفًا
–أنا..أنا آسف
ابتسمت نصف ابتسامه حزينه ثم قالت
–أخوك دمرني يادكتور مروان،أخوك قتل حياتي
تنهّد مروان بآسى وحزن شديد،آسفًا على ماقد جعلها أخاه المتهور تشعر به،شعر بالذنب تجاهها،مراودًا نفسه بتشتت،مالذي أوصله لتلك الحاله كي يفعل بفتاه هكذا؟ هل هي الثقه؟
هل ثقة الفتاه في شخص تحبه،يجعله يوصل به الأمر،لأن يذبح عذريتها،ويتلذذ بعذابها؟
هل أحيانًا الثقه المفرطه تجلب الخذي لصاحبها؟
غمغم مروان بحيره
— أنا مش عارف اتصرف ازاي،بس لو كنت شفتك وقت اللي حصل،كنت ادخلت علطول وخليته يتجوزك،بس للأسف اللي حصل ده فات عليه خمس سنين 
— الوجع والخذلان والندم،مشاعر مبتموتش ولابتتنسى لو فات عليها ميت سنه
قالت دنيا جملتها تلك بعيون دامعه وبصوت متهدج، ثم تهاوت على المقعد ورائها بقلة حيله وندم شديد على مااقترفته من خطأ، كان بمثابة طريقًا للجحيم. 
بينما هو أطرق رأسه خجلا من فعلة أخيه،لايعلم مالذي يوجب عليه فعله كي يواسي آلامه،يريد أن يساعدها بأي شكل،ولكن كيف؟
وحتى إذا التقى بشقيقه يومًا ما،هل سيساعدها في الإنتقام منه،من شقيقه!؟
انتابته الحيره الشديده،لأول مره يوضع في مأزق ولايستطيع حله أو الإنفلات منه،حزن لأجلها كثيرًا،أحب البسمه على شفاهها،يريدها أن يستعيد ابتسامتها الطيبه،ولكن كيف له أن يكتب عن الفرح وفمه مملوء بالذكريات والحزن والفقد، نعم، لقد شعر للتو بمرارة الفقد حين تذكر علياء حبيبته وزوجته، كانت أول امرأه ينبض لها قلبه، تذكر تلك الليله المشؤمه التي لا ينسى أحداثها قط،حين صعدت روحهها الطاهره للسماء، لا يعلم كيف استطاع الحزن أن يروض كلماته،كي يبقى محافظًا على رزانته وهدوءه كل هذا الوقت.
جلس مروان بمحاذاة دنيا ثم قال بصوت حزين
–أعوضك ازاي يادنيا،ايه اللي يرضيكي وأنا اعمله؟
نظرت له دنيا بيأس وعيناها تبوح بكل المآسي التي واجهتها والصعوبات التي دمرتها كأن نظرة عيناها تستنجد بمروان وكأنه ملاذها الوحيد،كانت منذ قليل تريد الإنتقام منه عوضًا عما فعله شقيقه بها،ولكن هي الآن بحاجه ماسه ليد العون،لم يعد لديها أحد،أجبرها تمردها وعنادها على هجران وائل الشخص الوحيد الذي احبها بصدق،والأن بات كل شيء واضحًا،لقد خسرت الجميع،الجميع بدون شك،مازالت لاتعلم ماذا دهاها أن تفعل ذلك،هي فقط تريد أن تشعر ببعض الأمان،الحب،الإطمئنان،أليس لها الحق في ذلك؟
بدأ صوت دنيا يتهدج وعينيها ترغرغان بأحر الدموع وهي تنظر لمروان كالطفل الذى تُوفيت أمه،تحدثت بصوت متقطع 
— أنا خايفه،خايفه اوي،مبقتش أثق في حد،أرجوك متسبنيش زيهم
قالت دنيا جملتها الأخيره بتوسل وبكاء،ثم ارتمت في أحضان مروان بدون سابق إنذار،فتفاجئ بها تدس رأسها في رقبته وتتمسك به بكل قوتها،وتبكي بشده،وجد نفسه هو الآخر يلف ذراعهه عليها ليشدد من عناقه لها،دون أن يتكلم،وكأنما أراد بعناقه هذا أن يبث بها مشاعر السكينّه.
ظل كلاهما على هذا الوضع لدقائق،حتى شعرت دنيا بجسد ضخم يحتويها، كحضن الأم لإبنتها ليلة زفافها، ابتعدت عنه قليلا وهي تتحاشى قدر الإمكان النظر في عينيه الرماديه التي تتفحص معالم وجهها بدقه. 
ابتلعت ريقها بإرتباك وخجل ثم همست
— مـ… مكنتش أقصد.. أنا آسفه، حقيقي آسفه
لم يكتفي مروان عن عناقها، فااحتوى وجهها بكلتا يديه ثم نظر في عينيها بقوه هامسًا
–أبقى بكذب عليكي لو قولتلك أنا بحبك وأنا مبقاليش اسبوع عارفك، بس أنا مش هسيبك تضيعي مني، دنيا… انتِ فرصه جات لعندي، والفرصه الحلوه بتيجي مره واحده بس في العمر.. تتجوزيني؟ 
تأملته دنيا للحظات بحيره ودهشه،وكأنها ترى وائل أمامها،نعم لم تشعر تجاه وائل بالحُب الصادق،ولكن مشاعرها مع مروان غير متوازنه،تشعر كما لو أنها تعرفه منذ سنوات،هو مختلف جدًا عن هذا الوغد ماجد،بل هو أنضج وأرزن،وكما قال هو،الفرص الثمينه تأتي بالعُمر مره واحده فقط!
هل ستقبل هذا العرض المغري،أما ستسيطر عليها هواجسها وتهرب من طلبه؟
في تلك اللحظه استيقظت تلك الصغيره رفيده،ابنة مروان؛فاابتعدت دنيا في الحال وهي تخفض رأسها خجلاً،ابتسم مروان بخفه،ثم حمل ابنته لتتوسد كتفه،مستعدًا للذهاب لبيته.
قبل أن يذهب التفت لدنيا،ثم مدّ أنامله ليضغط على ذقنها برّقه ممازحًا اياها
— بصي،أنا اه فرق بيني وبينك خمستاشر سنه،بس لسه شكلي شباب برضو،متخافيش مش هتتجوزي واحد عجوز يعني 
ابتسمت دنيا ثم قامت لتُقبل ابنته،وحين اقتربت من كتفه،استغل مروان قربها،فهمس في أذنيها 
–حتى لو فضلتي مصممه على رفضك للجواز مني،هفضل جنبك ومش هسيبك برضو 
ابتعدت دنيا لتقول بحيره
— ازاي هتأمن لوحده هربت من خطيبها وأهلها تبقى مراتك؟
أجاب مروان بثقه
— انتي مبتحبيش وائل،لو بتحبيه مكنتيش سبتيه وهربتي،أما موضوع اهلك بسيط،حله عندي 
فركت دنيا يدها بتوتر حين قال لها ذلك،فهو صادق في قوله،بالفعل هي لم تشعر بمشاعر الحب الكافيه تجاه وائل،الحب هو الشيء الوحيد الذي لاتستطيع قيادته أينما شئت.
قالت دنيا بتوتر
— بس.. بس انت ملكش ذنب، هتعبك معايا 
هحب التعب معاكِ
قالها مروان وهو يبتسم بعاطفيه شعر بها للتو. 
ثم قال وهو يخرج باابنته
— تصبحي على خير، نامي ومترهقيش نفسك بالتفكير، ليها حلها
أومأت دنيا وهي تتبعه بنظرات باتت مطمئنه ولكن مازالت الحيره تتملك منها حيال عرضه للزواج منها ووائل الذي هجرته وهو يعشقها وانتقامها من ماجد الذي افقدها عذريتها ثم هرب. 
جلست دنيا على الأريكه ثم احنت رأسها لتستند على الوساده بجانبها، تفكر في مخرج من كل ذلك التيه. 
ظلت تفكر لنصف ساعه إلا أن وصلت لحل يُغلق كل تلك الأبواب المربكه لذهنها. 
تمتمت بااصرار على ماقررته 
— أنا لازم أعمل كده، لازم أحط حد لكل اللي بيحصل ده وفي أسرع وقت 
تُرى ماالقرار الذي توصلت له دنيا، واصرت على تنفيذه؟! 
————————– 
لا تؤلموا احدآ فكل القلوب مليئه بما يكفيها.
….
تشبثت هنّا في قميص مهاب لتهمس بتعب وتوسل
— الحقني يامهاب بيه..مش قادره اتنفس…حاسه..حاسه إن روحي بتنسحب مني
ظلت هنا تتنفس بصعوبه شديده،حتى شعر مهاب بالهلع تجاهها،فحملها سريعًا ليضعها في سيارته بخوف ثم قادها نحو أقرب مشفى.
فاصل ونواصل 
المتابعين/
(ولما انت يابن ديك البرابر خايف عليها،عملت وش امها شرشوبه ليه؟)
عُدنا..
وصل مُهاب للمشفى وهو يحمل هنّا على ذراعيه،التي هي الآخرى غابت عن الوعي تمامًا.
لم يصرخ مُهاب بالأطباء، لأن ليس لهم ذنب مثلما يفعل أبطال الروايات الآخرى.
عندما رآهم الممرضات،آتو في الحال ليتفحصوا هنا التي وضعها مهاب برفق على سرير المشفى،ثم تركها مع الممرضه ليذهب ويأتي بطبيب مختص.
شخص حالة هنّا بعد دقائق،ثم قال بصوت غاضب موجهًا حديثه لمهاب الذي يقف بإرتباك من أن يكون ضربه العنيف لها تسبب بشيء 
— انت ازاي ساكت على المرض اللي عندها كل المده دي؟
رمقه مهاب بدهشه قائلاً
–مرض! مرض ايه؟
أجاب الطبيب بوجوم
–المدام بتاعتك لازم يتعملها عملية زراعة كبد حالا يإما هتموت،الكبد عندها مدمر خالص،ازاي مكشفتش كل ده!
انتابت مهاب الدهشه للحظات،هل مايقوله الطبيب صحيح؟ 
بالطبع ولِما لا يصدقه،فضربه العنيف لها ذاد من علتها حتى سعلت الدماء،لقد ضربها بشده وحطم جسدها كالأحمق،ولم يهتم للدماء ولا الصراخ الذي يصدر منها،هو حقًا لم يكن سببًا في مرضها،ولكنه ذاد الداء داءًا.
هتف مُهاب بحيره وخوف عليها
–هي..هي بصراحه مش مراتي،هي موظفه عندي ولقتها تعبت جبتها علطول هنا
رمقه الطبيب بسخريه ثم قال مستنكرًا
— والضرب اللي في جسمها ده،جه لوحده!
مين اللي زرق جسمها من الضرب كده؟
تتفس مهاب بغضب واستياء من هذا الطبيب الذي يصّر على إحراجه أمام ممرضيه،لم يستطع مهاب كبح غضبه تلك المره،فتصرف بطيش شديد،فقد جذب الطبيب فجأة من المعطف الطبي خاصته،ثم أحاط رقبته بيده حتى خنقه خنقًا شديدًا،وهو معمي تمامًا عما يفعله وعن صرخات الممرضين من حوله متوسلين أن يتركه،لم يعبئ مهاب لهم،وظل يخنق في الطبيب بقوه حتى احتقن وجه واصبح ازرق قاتم وجحذت عيناه،وكأنه يلفظ آخر أنفاسه
همس مهاب أمام وجهه بغِل واضح في عيناه
–ايوا انا اللي ضربتها،ولو عاوز اقتلها هقتلها،أنا حر،ميخصكش،ولو ادخلت في اللي ميخصكش تاني،هموتك
تركه مهاب ثم بصق على وجهه،أمام جميع الأطباء وأمن المشفى والممرضات التي إمتلئت الغرفه بهم،ظل الطبيب يسعل بشده وهو يتحدث بصعوبه
— امسكووه..ده..ده مجنون..عاوز يقتلني..اقبضوا عليه 
كاد أن يتحرك رجال الأمن تجاهه ولكن مهاب نظر لهم باستهزاء،ثم أخرج آله حاده غريبه بعض الشيء من جيبه،رُسم على مقبضها صورة أفعى؛فتراجع الجميع للوراء خوفًا من تهوره،فقد بدا مهاب يظهر كما لو أنه مجنون!
هجم مهاب فجأة على الطبيب ثم قبض على فكه ليخرج له لسانه رغمًا عنه وهو يقول ببرود
— دي قرصة ودن صغيره عشان تبقا تقولهم يقبضوا عليا كويس 
وفي لمح البصر قطع مهاب للطبيب لسانه بقسوه،فصرخ جميع الواقفون ثم تكاتفوا عليه ليقيضوه وهم يصيحون بذعر ورعب
— حد يطلب الشررطه…امسكووه…الدكتور سليم اغمى عليه دخلوه اوضه تانيه بسررعه 
وقف مهاب لينظر لهم كما لو كانت أفعى تترصدهم،فكانت نظراته مشابه لنظرات المنتحل لشخصية المهندس المصري عمر الرفاعي.
ارتعب البعض منهم من نظراته الإستهزائيه والمخيفه،أدخل مهاب الآله الحاده في جيبه،ثم اتجه ناحية هنّا ليحملها برقه وقبل أن يخرج التفت لهم يرمقهم بجمود قائلاً
— اللي هيعترض طريقي هخليه يحصل الهفأ اللي بقا أخرص ده.
في وقت خروج مهاب من المشفى حاملاً هنا على ذراعيه،جاءت الشُرطه لتُلقي القبض عليه،ولكن ماحدث جعلهم يفسحون له الطريق ليخرج من المشفى وكأنه لم يفعل أو لم يحدث شيء!
فمالذي حدث  !؟
———————
ماذا لو استيقظت يومًا،وجدت نفسك تمتلك قوه خارقه!؟
……
— ايووه فيين دااهيه يعني 
قالها نادر وهو يصيح بيأس متسائلاً عن اختفاء القناص 
أجاب قائد النسور ببرود وهو يعيد النظر لجريدته
— تلاقيه بيتمشى على سطوح الجبال…أو بيسابق النعام…أو ممكن بيـ…
قاطعه نادر هاتفاً بغيظ وغضب
— أو ممكن بيعلم العصاافير الطيير..ده انتو مجاانين…علياا الطلااق مجاانين وكلتواا دمااغ أممممي..
ضحك قائد النسور بسماجه قائلاً
— هدي اعصابك،وتعالى خدلك كاس،مفيش حاجه مستاهله،المرادي خابت،المره الجايه تصيب
رمقه نادر بإمتعاض وغيظ من برود أعصابه،ثم اتجه نحو زجاجات الخمر التي بجانب قائد النسور،وقام بفض غضبه بها،بأن هشمها جميعها وهو يصيح بنفاذ صبر
— انتووو مييين…اناا تعبت مننكمم…مرااتي في بلد براا معرفش عنها اي حااجه وانتو عماالين تهزرواا هنااا…انتواا عاايزيين منني اييه  !!
هبّ قائد النسور واقفًا،ثم اتجه لخزانه موضوع بها بعض الأغراض وأخرج كرة بيسبول ومضرب،ثم استدار ليقول مبتسمًا
— تلعب  ؟ 
رمش نادر بأهدابه للحظات غير مصدق مايقوله هذا الأبله في نظره،صرخ نادر بتعصب شديد،فقد طفح الكيل من كل هذا الهراء الذي لايستوعبه عقل أي شخص
— أنا غلطاااان…أنا استااهل الحرق ان سمعت كلاام شوية مجاانين زيكم…اناا اللي استاهل ضرب الجذمه اني مشيت ورااكم
تابع نادر صراخهه وهو يحطم أي شيء يراه أمامه
— شووية مجاانين بيلعبواا علياا اناا..اناا المقدم ناادر حوااس مسااعد رئيس المخاابراات ينضحك علياا من شووية متخلفين زيكم
وقف نادر يسترد أنفاسه بصعوبه وهو في قمة غضبه من هذان الثنائي الأحمق،واحد منهم يمتلك قوه خارقه يستطيع القفز على الأسطح وثني المعدن بسهوله كما لو أنه من عالم آخر،والثاني يتعامل بغموض وبرود شديد كأن الأمور تجري على مايرام وكأن كل شيء يسير بانسيابيه ودقه.
قرر نادر الخروج من هذا الكهف الغريب،وترك كل شيء ورائه،والذهاب لساندي كي يكون بجانبها وبجانب طفلهم الذي بأحشائها،فهي في تلك المراحل بأمس الحاجه إليه،وهو أيضًا اشتاق اليها كثيرًا،يتمنى لو أمامه لكان فرغ شحنة غضبه بعناقها والإرتواء من رقتها وحنانها عليه،ولكن هذين الوغدين يسببان له المشاق والمتاعب دون أدنى استفاده مما يفعلانه ويشاركهم هو كالأحمق فيه.
قبل أن يخرج نادر من الكهف،استوقفه قائد النسور قائلاً بخبث
— مش عاوز تطمن على مراتك؟
التفت له نادر في الحال،هاتفًا بلهفه
— وانت..وانت تعرف مراتي منين؟ مالك ومالها!؟
جلس قائد النسور واضعًا قدم فوق الآخرى قائلاً بتعالٍ
— بشرط،تلعب معايا مباراة بيسبول الأول
–ده أنا هلعب على وشك بالشلاليط دلوقت
قالها نادر وهو يضرب كف بكف ويجز على أسنانه بغيظ ويأس مما يسمعه من هذا العجوز البائس!
أجاب قائد النسور ضاحكًا
— ناادر..عيب..كده تخليني أخد فكره عنك وحشه
هتف نادر بغضب
— يااخي ماتاخد ولاتولع بجااز…انت مش مكسوف من سنك واللي بتعمله ده!..
انا دلوقتي عاوز اعرف..مراتي انت مالك ومالها؟
مطّ شفتيه بملل ثم فتح جهاز ترصد حديث وفريد من نوعه،يستطيع رصد مايحدث في أي منزل بالعالم عن طريق كاميرات تجعلك تتجسس على الخصم ولو كان بينك وبينه مليارات الكيلوميترات.
فتح قائد النسور هذا الجهاز،فاتضحت صورة ساندي وهي نائمه بسكينه على الفراش.
انقض عليه نادر ليمسكه من ملابسه صارخًا به
–عملت كده ازاااي!!! وصلتلها ازاااي!؟
أزاح يده عنه ببرود قائلاً
— ده بدل ماتشكرني ان مراقبها عشان ميحصلهاش حاجه 
اندفع نادر يجذبه من ملابسه ثانيةً ليصيح بغضب عارم
— بترااقب مرااتي وتتجسس عليهاا ياخسيس ياازبااله وعااوزني اعدهالك بسهوله كده 
دفعه قائد النسور بعيدًا عنه ثم هتف بإذدراء
— ده لمصلحتكم..انا بحميلك مراتك من…
لم يكد يكمل الجمله والتفت الاثنين لصوت الصراخ الصادر من الجهاز،انتصب شعر نادر من الخوف والفزع على ساندي حين رأى سامح الصعيدي بنفسه يمسك سكينًا بيد واليد الآخرى يحيط بها رقبة ساندي!
تُرى مالذي سيحدث معهم!؟
——————
ﻭﻵﻥَ ﻭَجعي ﺑﺂﺕ ﻣٌﻨﺘﺸﺮ ﻓِﻲ ﻛٌﻞ ﺟﺴَﺪﻱ، ﻟَﻢ ﺁﻋﺪ ﺁﻋﺮﻑُ ﻣَﻌﻨﻰ ﺃﻟﺴَﻌﺎﺩﺓ !
……
— أناا فعلاً هخليكي تعيشي معااياا دايماً..بس مش كخدامه 
قالها ايليفر وهو يمسح لها دموعهها، بعد أن أغاثها
 من وقاحة ودنائة والدها 
ابتلعت انچي ريقها بتوتر وخوف شديد من أن يكون مثل أبيها…همست بوجل
— اوماال..كـ…كاإيه  !!
اتسعت ابتسامة ايليفر الجميله ليهمس بصدق
— كـ مراتي 
شهقت انچي بدهشه وتعجب
— مراااتك  !!!!
أومأ ايليفر ليعانقها بإحتواء آسفًا على غرضه الخبيث قبل سابق تجاهها، فهو لم يشعر بالحب أو الفقدان حين وُضعت بهذا المأزق، عندما سمع صرختها تستغيث، شعر وكأن قلبه يتمزق تضامنًا مع آلامها، بعض المشاعر تُكتشف بوقت الشده. 
قال ايليفر معتذرًا
— انا اسف.. اسف ياحبيبتي..سامحيني ياانچي اني كنت وقح معاكِ، حقك عليا ياحبيبتي 
تمتمت انچي بتهدج
— مسامحاك، بس خليك جنبي، اوعدني متسبنيش ياايليفر، انا خايفه اوي، انا واختي ملناش حد، ابويا اللي المفروض ياخد باله مننا ويحبنا، لأ عاوز يدمرني وكل شويه يضرب اختي ويقولها انتي ملكيش لازمه
وقعت هذه الكلمات أثارها على قلب ايليفر، فأغمضه عينيه اسفًا وحزنًا، ولكن تلك المره ليس عليها، بل على يوسف شقيقه، فقد كان والديه يضربانه ويسمعانه اسوأ الأقوال حتى أنه حاول أن يقتل نفسه أكثر من مره عندما كان طفلاً. 
عانق ايليفر” انچي” بقوه قائلاً بحزم
–قومي ياانچي، قومي ياحبيبتي، انتي معتيش جايه هنا تاني وابوكي لو اتعرضلك ولا حاول يعترض طريقنا هطلبله الشرطه يجوا ينضفوا المجتمع من القرف ده. 
أومأت انچي وهي تبكي بشده في أحضان ايليفر، ظل ايليفر يوزع القُبلات الرقيقه على شعرها وهو يمسد على ظهرها بحنو، بينما كريستيانا شقيقتها كان تقف بعيدًا تنظر لهم بدموع فقط، نعم هي بكماء ولكن تكفي دموعهها للبوح بكل ماتشعر به، فالمشاعر يستطيع جميع سكان العالم التحدث بها دون النطق. 
فتح لها ايليفر ذراعيه وهو يبتسم لها قائلا
–تعالي ياكريستيانا، تعالي ياحبيبتي متخافيش
سارت كريستيانا نحوه ببطء وخوف، حتى اقتربت منهم فجذبها ايليفر ليعانقها محاولا التهدئه من هلع تلك الطفله المسكينه. 
همست انچي وهي مازالت في تعانق ايليفر
— خلينا نمشي دلوقت، انا مبقتش طايقه اقعد هنا ثانيه كمان 
أجابها ايليفر بعد أن لثم بضع قُبلات على جبهتها
— متخافيش، مش هيقدر يعملك حاجه طول منا جنبك 
لحظات وصرخت انچي بخوف حين رأت والدها يقترب من وراء ايليفر وهو يمسك سكين بيده 
ركضت كريستيانا بخوف للخارج، أما انچي زحفت للوراء وهي ترتعد بخوف، ثم صرخت
— ايليفررررر
التفت ايليفر ورائه، فاانتبه لنظرة والدها الشريره والسكين بيده وهو يقول 
— لو طلعتي ياانچي برا البيت هقتلك وهقتلوا معاكي 
صرخ ايليفر باانچي 
— اهررربي ياانچـــــي… خدي اختك واطلعوا برااا 
هزت انچي رأسها بعنف وبكاء
— لا.. لا مش هسيبك.. ايليفر انا مش هسيبك
هجم والد انچي على ايليفر، يريد أن يطعنه بالسكين في أي جانب بجسده، ولكن ايليفر انقض عليه ليوقعه ارضًا، ثم ظل اثنتيهم في شجار صامت يحاول ايليفر أن يجعله يترك السكين، والاخر يريد أن يقتله، ظلوا هكذا لدقائق وانچي تبكي بخوف شديد، ثم عندما وجدت الشجار يحتد بينهم، قامت على الفور لتحاول فعل أي شيء تبعد والدها عن ايليفر. 
لحظات قليله ودوى صوت صراخ قوي بالغرفه، التفتت انچي بفزع وجسدها يرتجف بشده، اتسعت عيناها بخوف حين رأت السكين غُرست بجسد ايليفر
صرخت انچي كالمجنونه وهي تتجه نحوه
— ايليفررر لا لااا متموتتش.. ايليفرر قووم.. قووم عشان خااطري.. انت وعدتني تفضل معاايا
ظلت تهزه بعنف ولكن الدماء كانت تسيل منه بغزاره، بينما والدها ارتكب جريمته وفرّ هاربًا، بكت انچي بمراره حتى باتت الرؤيه منعدمه أمامها، في حين أن ايليفر استكان جسده تمامًا. 
هل سيموت أم لنرمينا رأي آخر  !؟ 
وقفت ماجي تطلع بوجه محتقن من شدة الغضب والغيره وكأنها شعلة من الجحيم تشكلت على هيئة إمرأة تُقسم بأشد أنواع العذاب لمن يقترب من ممتلكاتها،وهكذا اعتبرت تلك الحيّه،باسم إحدى ممتلكاتها،فكلما تراه يقترب من صاحبة العيون الخضراء،تكاد تنفجر كالبركان من شدة الغيره والحقد.
توترت نور وهي في أحضان باسم وبالفعل كانت تشعر بالدوار وبعض التعب،وهذا طبيعي في أولى مراحل الحمل..خافت نور كثيرًا من أن تُكتشف خطتها وهي ترويض ماجي وجعل منها إنسانه صالحه،ولكن هيهات يانور،فالبعض جعل من نفسه خادم لإبليس متلذذ بإرتكاب أبشع الجرائم والخطط التي تلوذ بالدناوه،كيف إذًا سيتحول من إنسان طالح فاسد لصالح مُحب للجميع!
ربما يستجيب البعض ويود أن يتغير للأفضل حقًا،ولكن ماجي!..لا..الجميع من الممكن أن يتغير إلا هيّ.
لم يستطيع باسم تمالك أعصابه تلك المره والسير على نهج نور،فصاح بغضب
— في واحده محترمه تدخل على واحد ومراته من غير ماتخبط حتى؟
وضعت ماجي يدها في خصرها لتهتف بغيره
— انا عايزه اعرف في إيه بالظبط؟
شويه تقول هطلقها وشويه لازقلها زي العيل الصغير…في إيه بيحصل هنا  !؟
ضغطت نور على كف باسم كي لايبوح بشيء،فتنهد باسم بضيق ثم طبع قُبله طويله على جبهة نور ليهمس لها مبتسمًا
— بحبك
ابتسمت نور بحُب ونظرت له نظره ذات مغزى تحثه على مسايرة ماجي بأي شكل،قام باسم ليتجه نحو ماجي وهو يرمقها بنظرات غاضبه،ثم جذبها من ذراعيها ليتوارى بعيدًا عن أنظار نور،شدت ماجي يدها منه قائله بحقد
— مش هيهدالي بال ياباسم غير لما تطلقها قدام عيني
أردف باسم في نفسه بغيظ وهو يكور قبضة يده بتعصب
— طلقه في بوزك يابوز الإخص انتي..اه لو نور تسيبني عليكي بس..والله لكون دافنك مكانك بلسانك الزفر ده
تنفس باسم بعمق قبل أن يباشر تمثيله كما اوصته نور
— ماجي..حبيبتي..انتي مش عاوزه تفهمي ليه..انتي كده هتبوظيلي خطتي ياروحي..مش أنا قولتلك ياحبيبتي إني كتبتلها نص أملاكي وعاوز ارجعهم تاني قبل مااطلقها واخلص منها..لازم اسايرها الاول ياروحي..ولاإنتي شايفه إيه؟
تأملته ماجي بتفكير للحظات،ثم بدأت ملامحهها تلين لتقول بدلع
— صالحني
زم باسم شفتيه بإمتعاض ليقول
— نعم!
عاودت ماجي قولها وهي تحيط رقبته بدلع وتتحسس صدره بوقاحه
— انا زعلت منك يابسومي عشان انت مش بتفهمني مره واحده وكمان بغير اوي لما الاقي الجربوعه دي بتتمسح فيك وأنا الأولى بكل ده..يلا بقا صالحني عشان أنا زحلانه
جز باسم على أسنانه بغيظ مغمغمًا
— زحلانه! ومالو ياختي ادلعي كمان..ادلعي بشلفك اللي اوسع من قناة السويس ده
قال باسم بتمثيل وهو يحيط خصرها النحيف رغمًا عنه
— اصالحك ازاي ياقلبي
ثم أردف في نفسه ساخرًا من خصرها
— ايه الوسط اللي عامل زي زعزوعة القصب ده..الله يرحمك يانور..كنت امسك وسطك احس ان ماسك طبق چيلي بيروح ويجي معايا..ايه التشبيه الأوفر ده
لوحت ماجي أمام وجهه وهي تتراقص بخصرها بين ذراعيه كما يتراقص عود القصب عند عصره ليصبح “أسير أسب”2
— بتفكر في إيه يابيبي
–في الچيلي
أجابها باسم وهو يبتسم ببلاهه
ضحكت ماجي بصخب مثلما تضحك الراقصه سونيا الكحيانه..ثم قالت
— توم وچيلي ههههه
اضطر باسم أن يضحك رغمًا عنه ولكنه قال في نفسه بضجر
— يخربيت تقل دم أمك..كرتونة بيض بترمي ألش
بدأت ماجي تعبث في شعره لتهمس بوقاحه وهي تنظر لشفتيه برغبه
— نفسي في مره انت اللي تبوسني..كل مره أنا اللي ببدأ..هتبطل كسوف امتى بقا يابسومي
كانت نور تتوارى خلف الباب وتستمع لتلك الحيّه وتكتم الضحك بصعوبه مردفه في نفسها
— باسم بينكسف؟..والله باسم شكله هيموت من الضحك وماسك نفسه بالعافيه
بينما باسم كان ينظر لشفتيها بتقزز مردفاً في نفسه
— الله يسامحك يانور..انا مني لله ان سمعت كلامك..طب دي ابوسها ازاي دي..دي نافخه شفايفها ولاكأنها كوتش عربية نقل..الحقيني ياامااا هتشفط
قال باسم وهو يرسم على وجهه ابتسامه مزيفه
–ماجي ممكن سؤال؟
أومأت ماجي وهي مازالت تتحسس صدر باسم وتعبث في شعره بوقاحه
قال باسم مستنكرًا من جراءتها الذائده
— انتي ازاي قليلة الأدب وجريئه كده؟
غاضت بسمتها المندهشه للحظات لتقول
–نعم!
صحح باسم حديثه سريعًا
— احمم قصدي ياروحي ان الواحده لما تبقى جريئه مع جوزها قرة عينها بتغريه وبتخليه يبقى زي الخاتم في صباعها غصب عنه.. وانتي ماشاء الله في الجراءه متتوصيش
قهقهت ماجي بصخب ثم دفعته من صدره ليقع على الاريكه وراءه ثم جلست على خصره ويديها مازالت تتحسس صدره بوقاحه، حتى كاد أن يشعر بالتجاوب معها والإنهيار أمام جراءتها المفرطه ولكنه تمالك نفسه على آخر لحظه، وظل يردد في عقله أنه يكرها ولو كانت آخر إمرأه في العالم لن يقع في شِباك غناجها.
همست ماجي أمام شفتيه باابتسامه لعوب، بعد أن أجبرته على نزع ملابسه العلويه
— انت لسه شوفت حاجه يابسومي.. ده انا هنسيك صنف الستات كلهم بما فيهم بنت بياع الأنابيب
سمعتها نور فجزت على اسنانها بغيظ شديد واحتقن وجهها الأشقر بغضب ثم ظلت تزفر بضيق وتتنفس بعمق حتى لاتنقض عليها وتفسد خطتها، بينما باسم تحولت ملامحهه للغضب والإمتعاض من تطاول تلك الحيّه على نورِه.
فأردف قائلًا بوجوم
— منا كنت في ايدك ياماجي لما كنا في الجامعه وكنت وقتها هتجوزك.. خونتيني ليه؟
ولا كف الحلاوه مبيحلاش غير لما يروح للغير!
تأملته ماجي للحظات بدهشه وتوتر من اعادة سرد ماضيهم ثانيةً، فقالت بتلعثم وهي تنحني لتُلثم بضع قُبلات رقيقه على صدره كي تمنحه الشعور بالراحه
— حبيبي.. اللي فات مات.. زمان كنت صغيره وطايشه ومش مستوعبه يعني ايه حُب.. لكن دلوقت انا عرفت ان كنت غلطانه لما سبتك وانا مستعده اعمل اي حاجه عشان ارضيك وصدقني ياباسم هبذل كل جهدي ان ارجعك تثق فيا تاني وانسيك اللي فات
ابتسم بسخريه شزرًا ثم قال ببرود
— اللي انكسر مابيتصلحش
صمت للحظات يتذكر خيانتها له، وجرحهها لكرامته كرجل أمام اصدقاءه والجميع سابقًا، رمقها بكُره فوجدها تفرك يدها بتوتر ظنًا بأنه ربما يتركها ويتراجع عن قراره بإخلاء نور من حياته، فقرر مجاراتها والإستمرار في تمثيله.
حاوط باسم خصر ماجي ليجذبها نحوه ويسايرها بنفس جراءتها، ليهمس بمرح
— بقولك ايه.. اللي فات مات فعلاً.. بتعرفي ترقصي؟
تعجبت ماجي في بادئ الأمر من تحوله السريع ولكنها تغاضت عن ذلك، فكل مايهمها الآن، أن يترك نور فقط،في حقيقة الأمر هي لاتحبه بمعنى الحب والعشق الحقيقي كما تفعل نور، ولكن هي فقط ارادت التقرب منه كي لايُقال عنها أن إبنة المستشار المشهور حسن الرماح، قد تركها باسم ومال قلبه لفتاه من ذوي الطبقات الفقيره.. تريد فقط أن ترد كبريائها وكرامتها لا أكثر ولا أقل من ذلك، ولكن رغم كل خطط ماجي للإيقاع بباسم، لم تدرك بعد أن رجل القانون صاحب الضربة القاضيه في لُعبة الملاكمه، يمتلك دهاءًا يستطيع أن يجعل العالم برمتّه تحت سيطرته.
والأمر الذي ماإن تعلمه نور وأيضًا ماجي حتمًا سيحدث جدلًا، هو أن باسم قد علم مؤخرًا بعد زواجه من ماجي أن الطفل الذي بأحشائها ليس منه، ولكنه قرر مسايرة نور في خطتها ومجاراة ماجي في ألاعيبها.. لغرضٍ ما سيتم الكشف عنه فيما بعد.
قاطعت ماجي شروده بعبثها في حزام بنطاله كي تنزعه عنه، ولكنه انتبه لذلك فأزاح يدها بعيدًا هاتفًا بحِده
— انتي بتزفتي إييه؟!
شعرت ماجي بالخجل لبرهه، ثم هتفت سريعًا وهي تتحسس عضلات ذراعيه
— عادي ياحبيبي.. يعني.. حسيت إن الچينز في البيت هيخنقك.. وبعدين قولي بقا.. انت لسه بتلعب ملاكمه ولابطلت.. أصل عضلاتك اللهم لاحسد يعني هههه لسه زي ماهي ماليه مركزها
رمقها بفتور غير مكترث لما تقوله، فقد لمح طرف قميص نور من وراء الباب، فأدرك في الحال ان كل ماحدث، كانت هي تشاهده بقلب منفطر من الغيره، فلم يُرد تعذيب قلبها أكثر من ذلك، لم تستوعب نور قطّ أن تكون ماجي بكل تلك الجرأه بالإضافه لأفعالها الخادشه للحياء التي لم تجربها نور مع باسم بتاتًا، على الرغم من عشقها له.
قامت ماجي من على خصر باسم لتشغل الموسيقي ثم بدأت بالتمايل بجرأه أمامه، فبرغم خصرها النحيف بشده كعارضات الأزياء إلا وأنها تجيد الرقص بمهاره.
لم يتأثر باسم برقصها وكاد أن يخرج ضحكه عاليه منه كلما صوب بصره تجاه خصرها النحيف ولكنه تمالك نفسه بصعوبه حتى لاتظن أنه يقلل منها،أما نور ظلت ترمقها بنظرات غيره،كأنها تتمنى أن تتشقق الأرض وتبتلعها وترتاح منها للأبد..ولكن مهلاً،أنتِ من اخترتِ ذلك يانور،أنتِ من صممتِ بإحضارها والسماح للحيّه بنفث سُمها بينك وبين زوجك،إذًا دعِ الأمور تسير كما خططتِ لها وابقي على رُسلك.
وضع باسم اصبعيه في فمه ليصدر صفيرًا عاليًا ثم صفق بيديه،متظاهرًا أنه يتجاوب معها،فهتف بمرح
— يااحلااوة العود الفرنساااوي لما يدلع..ايواا..دلعيني بقااا…اصل كان معايا واحده بومه مكنتش بتعرف تبسطني خالص
قال باسم جملته الأخيره وهو يرمق نور شزرًا ويضحك كالأحمق كأنه يود اشعال غيرتها،منتظرا منها أن تتقدم ولو خطوه واحده وتفعل بتلك الوقحه كما تفعل النساء اللواتي يغيرن على أزواجهن.
أما نور ظلت تتنفس بغضب شديد،مستغفره ربها عدة مرات حتى تستطيع كبح غيرتها ولاتسرع بالتهور الذي قد يؤدي بها للجحيم على يد تلك الوقحه ماجي.
تابعت ماجي رقصها بإحترافيه،فكان يشوبه بعض الإغراء لجعل باسم هو من يريدها بشده وبمحض إرادته دون أن تجبره على فعل شيء،بينما باسم كان يتابع تمايل خصرها مردفًا في نفسه بسخريه
— حاسس إن شايف عود مكرونه اسباكتي بيرقص قدامي..إيه القرف ده..مليش انا في الرفعين..يعع..فينك ياانور..فينك يامهلبيه
انتهت ماجي من رقصها لتعود وتجلس على خصر باسم ثم حاوطت وجهه لتقول بدلع
— ايه رأيك يابيبي..رقصتلك وانا حامل اهو..انا مقدرش احرمك من أي حاجه ياروحي حتى لو بموت..قولي بقا ايه رأيك في جسمي..انا قبل مااحمل مكنتش بقطع يوم واحد من الچيم ودايمًا محافظه على رشاقتي عشان كده عودي..عود فرنساوي
قال باسم بحماقه وتلقائيه
— ده مش عود فرنساوي..ده انتي عندك السُل..حللي يمكن يطلع عندك ديدان
وضعت نور يدها على فمها تمنع صوت ضحكاتها،بينما ماجي رمشت بأهدابها عدة مرات تستوعب ماقاله،فأعاد باسم القول بسجيّه
— ايوا ياحبيبتي متزعليش..انا لازم اهتم بيكي عشان جسمك يملى شويه وتقدري تشيلي البيبي تسع شهور كاملين من غير ماتتعبي..ومفيش چيم هيتراح تاني..انا بحبك في كل حالاتك ياقمر انت
ابتسمت ماجي برّضا ثم اقتربت منه لتحثه على تقبيلها،فأرضاها باسم بطبع قُبله سريعه على شفتيها ثم أبعدها عنها ليقول بتلعثم
— أنا..هاا..هروح اشوف البت اللي جوا دي..ألين دماغها بكلمتين عشان تتنازل عن كل حاجه بسرعه ونخلص منها بقا
أومأت ماجي قائله
— ربنا معاك يابسومي ويخلصك من الأشكال دي
تمتم باسم بحنق وهو يدلف عند نور
— يخلصني منك انتي يامسلوعه ياللي شبه القلم السنون
دلف باسم عند نور،فوجدها تجلس بأريحيه على الفراش وتنظر له بسخريه مردفه
— لأ الموضوع اطور وبقا فيه رقص وبوس وكمان شويه هتخلف منك بجد
ألقى باسم برأسه على فخذيها ليتنهد قائلاً
— كمان شويه وهنعمل الجزء التاني من مسلسل الزوجه الرابعه..نوري أنا زهقت..البت دي انا مش طايقها بجد
مسدت نور على شعره بحنو لتقول مستنكره
— والله..اممم..وبوستها ليه لما انت مش طايقها؟
أجاب وهو يُقبل كف يديها
— عشان أديها الأمان
ثم اعتدل في جلسته ليصبح هو مكانها،فمالت برأسها على صدره ثم أغمضت عيناها لتتنهد بعمق مردفه
— في سببين خلوني أجيبها تقعد معانا..السبب الأول ان اخليها تعترف بنفس إن اللي في بطنها ده مش منك..السبب التاني إن اساعدها تقرب من ربنا وتبطل اللي بتعمله ده بقا
رفع باسم ذقنها ليتطلع في عينيها الخضراوتين بعشق ممزوج بالإعجاب من تفكيرها وعقلانيتها،كأنه يقول لنفسه،مالذي يدفعها لتفعل ذلك؟
إمرأه غيرها من الممكن أن تقتل ماجي وتقتل زوجها إذا علمت بحدوث أمر كهذا،ولكن نور..لاتلجأ لفعل أي شيء من فراغ..كل أفعالها تُبنى على التفكير والتريث في اتخاذ القرارات.
انحنى باسم ليُقبل جفونها برقه،ثم همس
— أنا حظي الحلو كله..لقيته فيكِ..
بحبك أوووي يانور عيني
تأملته مبتسمه بحُب ثم ضمت نفسها إليه لتقفل جفونها معلنه حاجتها للنوم.
مرّت نصف ساعه،غطت نور في النوم تمامًا على صدر باسم،بينما هو ظل يمسد على شعرها،مستندًا برأسه على الوساده وراءه وذهنه شارد في أمر ما.
وبالخارج مكثت ماجي مكانها تزفر بضيق من تأخر باسم بالداخل.
دقائق أخرى مرّت ثم رن جرس باب الشقه،فاانتفضت ماجي من مكانها،وقطب باسم جبينه متسائلا في نفسه..
مَن الأحمق الذي يؤرق ليلتهم في ساعه متأخره من الليل كهذه؟
أزاح نور من عليه برقه،ليجعلها تنام على الوساده،ثم خرج من الغرفه وأغلق الباب وراءه وأمر ماجي بأن تتوارى في إحدى الغرف بسبب ردائها الفاضح هذا،واتجه ليفتح الباب وهو يقول
— ايواا..ميين؟
اتسعت عينيه بدهشه فور أن رأى رجال الشُرطه أمامه والضابط يقول بحزم
— الأستاذ باسم الرفاعي مش كده؟
باسم بإيماء
— ايوه..خير؟!
الضابط بجديّه
— اتفضل معانا على القسم
رمقهم باسم بدهشه ثم صاح بهم
— مين ده اللي يجي معاكم على القسم!!..انتوا مش عارفين انتوا بتكلموا مين ولااايه!!
أومأ الضابط قائلاً
— حضرتك غني عن التعريف..بس انا باخد أوامر من قيادات عُليا..ومعايا أمر بإحضارك على مركز الشرطه..انا آسف ياأستاذ باسم..بس لازم تيجي معانا
تُرى ما هو الخطأ الذي يظن باسم أنه ارتكبه كي يُحاكم عليه  !؟
———————–
وللعاشق نظرة لا تخيب أبداً، فهو مفضوح حتى وإن حاول اخفائها …❤
……………
عقدت يمنى يديها على صدرها وصوبت بصرها لعين عمر بتحدي،كأنها تثبت له أنه لم يعد يعني لها أي شيء،أما هو كان مشتت الذهن تمامًا،لايريد الإبتعاد عنها وفي نفس الوقت هو مجبر على تركها،تركها للأبد..لم يكن طلاقه لها ردًا على ماحدث بينهم من فجوات،بداخله يقسم أنه لو كان  الأمر كله بيده ماكان سيسمح لنفسه بأن يبتعد عنها لحظة واحده،منذ أن جاء لمصر لأداء مهمته والقاء المهندس المصرى عمر الرفاعي بالسجن بعد أن اتفق معه على عدة أشياء من ضمنها ألا يمسس يمنى خطيبته،ولكن رغمًا عنه وقع في غرامها كالأبله بل وعشقها وافتتن بها حد الولع والجنون،لذا تزوجها بإسمه الحقيقي بالإتفاق مع المأذون واستطاع بخبرته الأفعوانيه أن يشوش الرؤيه أمام عائلتها كي لاينتبهوا لتغير الإسم في “قسيمة الزواج”
واستطاع بزيارته المتكرره للزنزانه التي تشبه فندق الخمس نجوم الخاصه ب عمر الحقيقي أن يتطبع على طباعه بالضبط حتى جعل الجميع لايستطيعون التفرقه بينه وبين الحقيقي وساعده على ذلك وجه الشبه الكبير بينهم، بل من يراهم يكاد يجزم أنهم توأم متماثل، ولكن بإختلاف الإسم والعمل والجنسيه وأيضًا “الديانه”  ! 
تنهّد عمر بحزن وتشتيت ثم قال بصوت خافت وكأنه يتوسلها
— يمنى.. امشي.. لو سمحتِ امشي.. روحي.. وانسيني.. وياريت تنسيني للأبد.. ياريت
رمقته يمنى بسخريه وفتور ظنًا بأنه يصطنع ذلك كي يستطيع الإفلات منها بسهوله.. هتفت بحنق
— مش همشي ياعمر.. وقولتلك انا مش جايه الزفت المطار وراك.. أنا جايه تبع شغل خاص بيا.. عاوز تمشي انت.. غور وياريت متورنيش وشك تاني.. انت بني ادم خاين وكداب أصلًا
ابتسم عمر بوهن والتمعت بعينيه الدموع ثم جذبها من ذراعيها ليخرج بها من المطار بعيدا عن أعين الناس وتبعتهم هدى..
شدت يمنى يدها منه لتصيح بغضب
— انت واخدني ورايح فين.. ابعد عني.. اووف
اقترب عمر منها ناظرًا في عينيها بقلة حيله، يريد أن يعترف لها بكل شيء وأنه ليس الشخص الذي قابلته في أحد المولات بالإسكندريه، ولكنه خاف بشده من أن يعلم أسياده عنها فيأمرونه بالتخلص منها في أسرع وقت، وهو وقع في غرامها، كيف سيقتل من استطاعت التملك من قلبه منذ أول مرة رآها فيها!
شرد بذهنه متذكرًا أول يوم استطاعت فيه أن تأسر قلبه دون أن تعي، كان حينها يراقبهم عن بعد أثناء تناولها المثلجات تحت المطر أمام البحر مع عمر خطيبها، حينئذ كان يترصد لعمر بعينه وليس من أجل خطيبته، فمهمته التي أرسله إليها أسياده من أجل انجازها لاتمد ليمنى بأي صله، ولم تكن ضمن القائمه المطلوبه، ولكن الحُب هو من أرسل حكمًا بوقوع الأفعى في غرام تلك المرحه صاحبة الغمازتين اللتان عشقهما فور رؤيتهم.   
قال عمر بدموع حقيقية
— اتمنى تسامحيني.. أنا غصب عني حبيتك.. حبيتك لدرجة الإدمان.. بس حبي ليكِ كان غلطه.. والغلطه الوحيده اللي حبيتها في حياتي هي اني حبيتك.. ولكل قصه نهاية.. ونهاية قصتنا دلوقت.. ياريت تنسيني وتعيشي حياتك زي ماتحبي.. بس لما تفتكريني.. افتكريني بالخير.. أنا عمري مهقدر أنساكِ.. لأنك الحاجه الحلوه الوحيده اللي الدنيا كفأتني بيها، وأجمل حاجه حصلتلي.. وأخر كلمه مني ليكِ.. بحبك وهفضل أحبك لأخر نفس فيا.. كنتِ نبض الفؤاد.. وهتفضلي..
تأملته يمنى للحظات، غير مستوعبه مايقوله، لاتعلم لِما يتفوه بذلك، شعرت للتو بأن هناك خطب ما، وأن كل كلمه قالها نابعه من أنياط قلبه.. هل سيتركني حقًا!.. هل سيرحل حبيبي للأبد  !؟
تلألأت الدموع بمقلتيها ثم همهمت غير مصدقه
–انت ليه بتقول الكلام ده؟.. قصدك ايه باللي بتقول ده!.. يعني.. يعني.. انت هتمشي خالص!
طب ازاي.. انت قلت هترجعني.. ولازم ترجعني قبل ماالتلت شهور بتوع العدة يخلصوا.. ازاي مش هترجع في شهور العدة!.. انا.. أنا مش فاهمه حاجه.. يعني بجد خلاص..عمر ويمنى بح..؟!
مسح عمر دموعه قائلاً
— كنت هرجعك فعلاً.. بس حاليًا مش هقدر.. للأسف.. احنا انتهينا..انتهينا بجد
تمالكت يمنى نفسها ثم اقتربت منه بشده وهي تغوص في عينيه مباشرة لتهمس
— كداب..نظرة عينك فضحاك..لمعة عيونك بتقول..انك..انك بتحبني ياعمر
أومأ عمر بصدق
— مش بس بحبك..أنا بعشقك…بس خلاص معتش ينفع
هتفت يمنى بنفاذ صبر
— هو ايه ده اللي معتش ينفع..انت عاوز ايه بالظبط..انا مبقتش فاهمه حاجه
أجاب عمر بقلة حيله
— عاوزك تنسيني..انسي انك عرفتيني اصلا..اكرهيني يايمنى
ضحكت يمنى بسخريه ثم صفقت بيدها هاتفه
–براافوو..تمثيليه جديده عشان اسامحك..لأ ياعمر..لازم اعلمك الأدب الأول..وبالنسبه للكلام الأهبل بتاعك ده..اللي هو كل شويه انسيني انسيني..حاضر ياعمر هضغط على قلبي زي الزرار واقوله ينساك..فاانساك علطول..ماشي ياعمر..عاوزني اكرهك!..حاااضر…من عنياا..أوعدك ياعمر ان من هنا ورايح هفكر في نفسي وبس وهندمك على كل اللي عملته فيا ده..وابقى خلي ست شروق تنفعك
تأملها عمر بسخريه من نفسه،فلأول مره يعجز عن الرد وعن مجادلتها،نعم يعشق عنادها وتمردها عليه ولكن الآن كل شيء بات خارج سيطرته،لم يعد المتحكم في ذاته،حتى زواجه من شروق كان لغرض ما..تزوجها كي يجعل اسياده يظنون أنها هي زوجة المهندس عمر الرفاعي وليست يمنى،فهو لايتحمل أن يرى نبض فؤاده تحت سيطرة الكِبار!
أما يمنى لم تعد تحتمل كل هذا الهراء،فقررت بالفعل نسيانه حتى ترضي كرامتها،ورفعت شعار
“من لا يهتم لأمري، لا اهتم لأمره، فالحب جميل،والكرامة اجمل.”
ولكن لا أحد يستطيع خداع قلبه،هي لن تستطيع كُره أو نسيانه مهما فعلت،ولكن الشيء الوحيد الذي تستطيع فعله،هو البُعد  !
ربااه..إن آفة البعد إن حدثت،حدث معها تمزيق للقب ببطء ودون رحمة.
هل بالفعل سيفترق كلاهما وتنتهي معهم قصة تلك الدبش المرحه الجميله وذاك الأفعوان الأكثر مهاره لإنتحال شخصيات المشاهير ورجال الأعمال  !
هل بعد أن استطاعت الدبش إختطاف قلب الأفعوان ببساطه سينتهي حبهم  !؟
من الصعب أن تفارق من كان جزءًا منك دون أن تتألم، حتى الورق وهو ورق، إن فارق كتابه أحدث صوتًا نابع عن التمزيق.
ولكن ماذا عن قلبين تشابك كما الوتين بجدار القلب!
ماذا إذا انقطع ذلك الوتين  !؟
من الصعب جدًا نسيان شخص ؛ كان يومك ، وسعادتك ، وحياتك كلها…
قالت يمنى بدموع
— امشي..امشي ياعمر..وانا مسمحاك..مسمحاك عشان حاجه واحده بس..هناك عند ربنا بيتقابل المتخاصمين..وأنا مش عاوزه اشوفك تاني..أبدًا
لم يتفوه عمر بشيء،كأن الأحرف قد جفت من حلقه،فضل الصموت والإرتواء من شفتيها اللتان يدمنهما كالقهوه بعشق..فأحاط وجهها برقه ثم انحنى عليها ليطبع قُبلة صغيره ثم ابتعد هامسًا
— أنا آسف
أدمعت عين هدى وهي تتأمل هذان العاشقان يفترقان على الرغم من أن نظرات أعينهم تبوح بنيران العشق وتفضح جنونهم ببعضهم البعض،انسحبت هدى من هذا الموقف وانتظرت صديقتها بعيدًا..بينما يمنى لم تستطيع منع نفسها عن معانقته تلك المره،ففقدت السيطره على نفسها واندفعت نحوه تتعلق في رقبته وتحتضنه بكل ماأوتيت من قوه،بادلها عمر العناق بقوه أكثر وكأن الإثنين يتسابقان في عناق كل منهم الأخر بشده
ابتعدت يمنى عنه بعد دقائق وهي تتذكر كل شيء حدث بينهم وهو الأخر كذلك..باتت الرؤيه منعدمه أمام الأثنين تمامًا من كثرة دموعهم التي أصبحت كالسحب المأهوله بالأمطار.
مسح لها عمر دموعهها ثم قبلها من جبينها ليبتعد قائلاً
— محدش بيموت من الفراق..كله بيعدي..الدنيا بتمشي عادي..لازم نتعود على الوداع..لازم نعود نفسنا اننا هنفضل نقابل في ناس ونفارق في ناس..والحياه بتمشي عادي جدًا..الحياه مبتوقفش على حد يايمنى
عاودت يمنى عناقه لتهمس بصوت مبحوح
— حاول ترجعلي تاني..مفيش حد بيحب حد ويبعد عنه..مش ممكن حياتنا تنتهي بالشكل ده
أراد أن يخبرها أن حياته ليست ملكه وأنه مجبر على تركها كي لاتتأذى بسببه ولكنه لايستطيع البوح بأي شيء،أراد أن يطلعه على حقيقته وعلى عمله ومن هو ولكنه مقيد الفاه، مكبل اللسان..!
همس عمر بضعف
— مقدرش أوعدك..بس هعمل اي حاجه عشان ارجعلك تاني..أنا حبيتك اوي..وهفضل أحبك يايمنى..حتى لو مرجعتش..هفضل أحبك
ظلت تتأمله للحظات،لاتكاد تصدق بعد أنه بعد دقائق سيختفي من حياتها،وهو مازال غير مستوعب أن تلك اللحظه هي لحظة الفراق!
الأن ستغادر طائرته لموطنه الأصلي..الأن سيغادر المنتحل لشخصية عمر الرفاعي الأراضي المصريه،لقد عمل بعدة بلدان غير مصر ولكنه لم يسبق له وأن أعجب بفتاه ووقع في غرامها مثلما أوقعته تلك الأنثى المصريه،بل أرغمه عشقه لها بأن يكسر قواعد أسياده ويتزوج !
قبلها عمر قبله أخيره باتت قويه نوعًا ما..
نظرت له بعينان تقول له بلحظة وداع : أهناك ما تقوله؟
فكانت إجابته بالنظر إليها بعين ساهرة قائلاً: أشتقت من الآن..!
وضعت يمنى يدها على قلبه برقه،فأحست دقاته التي تقرع بقوه،نظرت في عينيه بدموع وشوق كأنها تريد أن تقول له..
“وهل لي بعناق قصير كمدة عام او اثنين ولا بأس بخمسين..!
فهم عمر ماترمي إليه،فجذبها لصدره ليعانقها بقوه شديده قبل أن يتركها للأبد..
ثم ودعها تحت شهقات البكاء منها لينطلق ويركب طائرته محلقًا نحو موطنه الأصلي!
بعد أن غادر عمر لم تستطيع يمنى أن تتمالك نفسها فجثت على الأرض بركبتيها لتبكي بأنين وصل لعنان السماء،مترجيه في نفسها أن يعود لتراه ولو مرة واحده فقط!
وَعلى سبيل الوداعَ نٌدير ظهرناَ للبعض وقلوٌبنا  مازالت تريدٌ البقاء..لقد اﺑﺘَﻌَﺪ ﻭَﻫِﻮ يعلم أن في ﺑُﻌْﺪَﻩَ ﻭَجعها..
جاءت هدى في الحال لتسندها وترغمها على الذهاب، وبالفعل اوقفت هدى سيارة لتقلهم لبيت يمنى..
أما عمر أسند رأسه بجانب النافذه ليلقي نظره وداع أخيره على موطن حبيبته.
مسح دمعه فرت من عينيه، متنهدًا بصعوبه حين تذكر أنه فشل في مهمته التي بعث من أجلها، وحتمًا سيغضب أسياده منه كثيرًا، وعقاب الفشل في المهام هو الذبح بالسيف وإلقاء رأسه للأسود والضباع
وبالطبع، لن يجد مفر من حكمهم، لذا سيحمل سيفه الذي سيذبح به ويذهب اليهم حاملاً السيف على يده لتنفيذ الحكم سريعًا، فهو لايحتمل البقاء دقيقه أخرى على قيد الحياه دون نبض فؤاده..
هل حقًا ستنتهي قصة حبهم للأبد وسينفذ الحكم على منتحل شخصية عمر؟.. أم ستحدث معجزه ويتدخل أحد لإنقاذه  ؟!
ويبقى السؤال:من هو منتحل شخصية المهندس عمر منير الرفاعي  !؟..من يكون؟؟
——————–1
وإنـك الوريـد ، إذا تأذيـت تـأذى قلبـي وبكـى❤
…….
أخذ الذئب فريسته من يدها برقه ليفتح لها باب سيارته ثم ساعدها في الجلوس بسبب فستانها الطويل،منطلقًا بعد ذلك لإتمام طقوس الزواج في الكنيسه.
كان يوسف يختلس النظرات عليها من بين الحين والأخر،لايصدق بعد أن واحده من أحلامه قد تحققت الآن!
وهو الوقوع في العشق!
لم يكن يتوقع أن يفتح باب الحب لقلبه ثانيةً،بعد الأذى الذي تلقاه من والديه وارغمته القسوه التي تعايشها على أن يتغلل قلبه بالحقد والكُره لكل شخص حتى ولو لم يكن له صله به.
هكذا هي المعامله القاسيه،تولد البغض والكراهيه،ولاشك أن معظم المجتمعات تعم بضجيج من المشاكل والخلافات الأسريه،التي تترك تأثيرًا سلبيًا على أفرادها،كما حدث مع هذا الوسيم الشرس،ولم تقع تلك الصفه عليه من فراغ،أي لم يكن يوسف بكل تلك القسوه إلا من بعد معاملة أهله الغير سويه والقاسيه له،وعندما طرق الحب قلبه،رغمًا عنه وقع وكأنه غريق وجد منقذه فلم يتردد في مد يده لينعم بحياة ثانية،ولكن تلك المره سيجاهد كي ينزع عنه كل صفاته السيئه كأنه وُلد من جديد،سيجاهد لأجله تلك الفتاه التي عوضته عن كل شيء كان يتمنى أن يجده في والدته مثل، الحنان والحُب،و الدعم والإعتزاز الذي لطالما تمنى أن يتلقاه من والده،كل هذا وجده في مارينا،لذا سيفعل أي شيء كي يجعل وجهها لايخلو من الإبتسامه الحقيقيه،سيجاهد أيضًا كي يكون أب سوي لأولاده وكذب من قال “فاقد الشيء لا يعطيه”
آفاق من شروده على قُبله رقيقه من تلك التي تشبه الأميرات في فستانها الرقيق،ابتسم لها يوسف ثم أحاطها من كتفها ليضمها لصدره طابعًا قُبله عاشقه على جبهتها ثم قال
— مبسوطه؟
–حاسه إن من كتر السعاده اللي حاسه بيها هيطلعلي جناحات
أجابته مارينا وهي تضع رأسها على صدره بأريحيه 
اتسعت ابتسامة يوسف العاشقه وهو يقود سيارته متجهًا للكنيسه ليتزوجها رسميًا دون حتى أن يعطي لعائلته خبر بذلك، فهو لايهمه أمر أحد واعتاد الا يكون عليه سلطان من أحد، هو في غنى عن أي شخص، بعد أن طرده والده من بيتهم بسبب نتيجة الثانويه وأنه لم يحقق رغبة والده في دراسته للطب البشري، ومنذ هذا الحدث وهو يدير كل أموره بنفسه، لذا اكتفى بوضع خبر زواجه في كل الجرائد وأيضًا كلف بعض الأشخاص بذيع الخبر على الإنترنت، ومن خلال ذلك سيعلم الجميع بزواجه.
شتت تركيزه أنامل مارينا وهي تعبث في شعره قائله بلهجه مرحه
— علفكره أنا أحلى منك برضه، متفكرش انك بالبدله اللي هتاكل من عليك حته دي وشوية الشعر اللي مخلينك مز المزز إنك كده أحلى مني!  لاياسكر أنا أحلى وزي القمر كمان
أجاب يوسف ضاحكًا
–طبعًا ودي محتاجه كلام ياعروستي، بس في فرق بينك وبين القمر
نظرت له بااقتضاب لتقول
— ليه بقا ياحضرة الذئب البشري إنت
أجاب باسمًا وفي عينيه التمعت ومضة عشق
— الفرق بينك وبين القمر، القمر للناس كلها أما إنتِ ليا لوحدي
تطلعت لملامحه بنظره ساهره باتت لدقائق مرتسمه على وجهها كأنها تحفر تفاصيل وجهه الوسيم في ذاكرتها،انتبه لها يوسف فأراد مشاكستها..أردف مازحًا
— يااه..للدرجادي أنا حلوه كده..طب خدي بالك مني بقا عشان هتعاكس كتير انهارده
رمقته بغيره هاتفه بحنق
— طب خلي بس واحده تبصلك كده وأنا أخزقلها عنيها
شدد من احتضانه لها وهو يضحك قائلاً
–فريستي الحلوه بتغير
أجابت وهي تستعد للنزول أمام الكنيسه
— أنا اغيير..لسه متخلقتش اللي تخلي حرم الذئب البشري تغير منها
ابتسم يوسف على مرحها وسعادتها بالقرب منه،ثم ساعدها في النزول باسطاً يده امامه وانحنى قليلاً واليد الأخرى وراء ظهره كما يفعل الملوك،فابتسمت مارينا برقه ثم وضعت يدها في كفه المبسوط ليجذبها يوسف برقه لداخل الكنيسه،مشكلين ثنائي أكثر من رائع،وزع يوسف بصره على الواقفون على أمل أن يرى أي أحد من عائلته،لحظات وفوجئ بوجود هيلانه شقيقته الكبرى تبتسم له بحنان فبادلها يوسف الإبتسامه بسعاده،وأيضًا فوجئ بوجود وائل الذي ماإن علم الخبر سبقه على الفور للكنيسه بعد أن هاتف والدي مارينا وأحضر معه سناء وسلامه والديه،وقد إستئذن وائل من حمزه لحضور حفل زفاف صديقه وبالطبع لم يعترض حمزه لأنه سيكون من ضمن المتواجدين هو والنقيب أحمد والنقيب مايكل ابنة خالة مارينا الذي لم يهدأ له بال منذ أن علم بأن الزيجه ستتم،ولم ينسى حمزه أن يرسل فستان رقيق لروضه وبدله أنيقه لأكرم كي يحضروا الحفل معهم ويتعرفوا أكثر على يوسف،لغرض ما يدور في رأس ذلك الجِنّ الذكي.
تقدمت هيلانه لتعانق شقيقها بإشتياق ملحوظ،فبادلها يوسف العناق ورغمًا عنهم بكى الإثنين وأدمعت عين مارينا لإنفطار قلب يوسف،فقد شعرت بما يشعر به من فقدان للأهل.
قالت هيلانه بمشاعر صادقه
— سامحني يايوسف،أبوك هو اللي كان مانعني أنا واخواتك نشوفك،صدقني حاولت كذا مره اوصلك واكلمك بس ابوك كان بيعرف وبيضربني..أنا اسفه ياخويا حقك عليا
ابتسم يوسف بحسره ليقول
— بطلي هبل..أنا عمري ماازعل من اخواتي..طمنيني على ابوك وامك..كويسين ياهيلانه؟
نظرت له بحزن ثم قالت
— برغم كل اللي عملوه فيك..لسه خايف عليهم وبتسأل على أخبارهم؟
أراد يوسف أن يظهر طابعه القاسي لكنه فشل،فأردف قائلاً
— اللي حصل حصل ياهيلانه..أنا مسامحهم..بس مش هختلط بيهم نهائي..لكن من قلبي مسامحهم
ربتت هيلانه على كتفه ثم تأملت مارينا لتقول باسمه
— عروستك جميله اوي يايوسف..عرفت تختار
ابتسم يوسف لينظر لمارينا قائلاً
— محبتهاش عشان جمالها..عمر الجمال مكان مقياس للحب..أنا حبيت مارينا عشان قلبها أبيض وهي دي البنت اللي أقدر أأمنها على نفسي وحياتي وأنا مطمن
تنهدت مارينا بإرتياح، فقد تحققت امانيها وبدأ يوسف يتغير للأفضل.
تقدم وائل ليبارك ليوسف ثم عانقه، ليهمس في أذنه مازحًا
— ياخساره..أنا اللي سبتها تروح من إيدي
لف يوسف ذراعيه حول جسد وائل الضئيل مقارنة به،ليتصنع أنه يعانقه وكاد أن يكسر ضلوعه حتى تألم وائل من شدة عناقه،هتف يوسف بحِده
— تبقي جنيت على نفسك لو بس مسيت شعرايه منها..خليك في الدكتوره يافالح
ضحك وائل بحسره،ثم تنهد بحزن مشتاقًا بشده لمعذبة قلبه الذي هجرته دون سابق إنذار،
لقد اشتاق لها رغم كل الوجع الذي جعلته يشعر به، أدرك الآن أنه أحببها أكثر مما تتسع الحياه، يفتقد بشده و بكل ما تحمل الكلمه من شوق وحنين لها.
يقولون أن البعيد عن العين بعيد عن القلب
وانا اقول.. البعيد عن العين أذاب القلب شوقا.
مثلما يشتاق وائل لحبيبته ونبض قلبه دنيا.
سلم يوسف ومارينا على جميع من بالكنيسه ثم بدأت طقوس الزواج،وبعد عدة خطوات قام بها الكاهن وشاركه الحضور والعروسين يوسف ومارينا اللذان كان ينظران لبعضهما بسعاده شديده وفي هذه الأثناء،انحنى يوسف قليلاً ليهمس في أذن مارينا
— أنا خايف
قطبت مارينا حاجبيها وتوترت للحظات خيفة من أن يكون قد تراجع في قراره للزواج منها،فهمست بخوف
–من إيه؟
أجاب بنفس الهمس وعينيه مصوبه لشفتيها
— خايفه افترسك قدامهم دلوقت وفضيحتنا تبقى بجلاجل
ضحكت برقه لتوكزه بكوعها في جنبه حتى يصمت ثم قالت
–فكرتك هتقولي مش هكمل معاكِ
ده انا عندي أموتك باايدي ومتبعديش عني ثانيه
أجابها يوسف وهو يرمقها بغضب
ابتسمت بخفه ثم تنهدت بإرتياح،وبعد دقائق
م
ن وضع الأكاليل على العروسين وحلول الروح القدس عليهما ليوحدهما، وضع الكاهن الدبل في إصبعيّ العروسين كعلامة ظاهرة على اتحادهما واقترانهما.
ثم قال الكاهن:
“والآن قد حضرتما في هذه الساعة المباركة قدام هيكل رب الصباؤوت ومذبحه المقدس، وجمعتكم هذه الزيجة المباركة… فجب عليكما أن يعرف بعضكما حق بعض، ويخضع كل منكما لصاحبه”.
ثم سلم الكاهن مارينا لذاك الذي وقف يتأملها كأنه سيلتهمها كالذئب الجائع في أي لحظة.. أخذها الكاهن من يدها اليمنى وسلمها ليوسف في يده اليمنى، ثم غطى يديها بلفافة بيضاء نظيفة.
ليقول موجهًا حديثه ليوسف:
“يجب عليك أيها الابن المبارك المؤيد بنعمة الروح القدس أن تتسلم زوجتك في هذه الساعة المباركة بنية خالصة ونفس طاهرة وقلب سليم، وتجتهد فيما يعود لصالحها وتكون حنون عليها وتسرع إلى ما يسر قلبها” …إلخ.
ثم وصى الكاهن مارينا قائلا:
“وأنتِ أيتها الابنة المباركة العروس السعيدة”….
فيجب عليك أن تكرميه وتهابيه ولا تخالفي رأيه، بل زيدي في طاعته على ما أوصى به أضعافًا…
لتبدأ بعد ذلك صلاة بركة للاثنين:
ركع كل من يوسف ومارينا أمام الهيكل،ثم وضعان يديهما اليمنى على الكتاب المقدس الموجود على منضدة صغيرة أمامهما وهما مغطيتان باللفافة البيضاء منذ ساعة التسليم وتكون رأساهما متقاربتين رمز الارتباط والاقتران.
و يصلى الجميع “أبانا الذي في السموات” ثم يقولون قانون ختام الصلوات، بينما الكاهن يصلى التحليل للعروسين ثم البركة.
وبالطبع وقف وائل ووالديه يشاهدان طقوس الزواج المسيحيه وبداخلهم يدعوان الواحد الأحد بأن يحفظهم ويبارك في زواجهم.
ختم الكاهن بقوله “بخرستوس بينوتى”. و”أبانا الذي في السموات”.
ثم يعطى التسريح: “امضوا بسلام. سلام الرب فليكن معكم”.
يتقدم الشمامسة العروسين بالزفة ولحن شيري ماريا إلى باب الكنيسة حيث يقفان لتقبل التهاني من المدعوين.
ثم انصرف الجميع بسلام، متجهين لحفل الزفاف الذي اوصى يوسف بتصميمه بدقه وأناقه على باخره كبيره في بحر المحروسه.
……
لم ينسى حمزه طفلتيه، فكان يهاتفهم دائمًا للإطمئنان عليهم، وبالطبع سأغتنم فرصة ضيافتهم عندي، وبحكم حفل زفافي قريبًا، طلبت من صباح والدة روضه وصاحبة الضربه القاضيه في تصويب النعال على المؤخرة مباشرة، أن تساعد عائلتي في تحضير” الكحك والبسكويت، عقبال كحككم ويكون بعجوه “
أما ريناد ساجعلها تحمل لي ذيل الفستان وأنا أدلف لقاعة عُرسي على أنغام جون سينا عندنا يدخل حلبة المصارعه.
……
في فيلا حمزه
سعدت روضه بشده من جمال الفستان الذي أرسله لها حمزه،فكان أبيض اللون يشوبه بعض الزرقه،رقيقًا وناعمًا جدًا،ارتدته روضه بسعاده ولم تضع اي من مساحيق التجميل سوى كريم الأساس لتخفي به بعض البثور التي تظهر نتيجة الشهريه،برغم سعادتها إلا وأن معدتها ظلت تؤلمها بشده،حتى انتبه لها أكرم فسألها بخوف عليها
— روضه..مابكِ..ماذا بها معدتك؟
أجابت روضه بألم حقيقي
— فيها واوا..انت مالك ياعم الله
تفاجئ أكرم من تعصبها وحدتها عليه ولكنه لم يفهم ماقالته..فابتسم قائلاً
— حسنًا..اهدئي ياروضه..ليس عليكِ الذهاب
هتفت روضه بحنق وهي ترمقه بغضب
— لأ طبعًا هرووح..ده انا جايبه معايا كيسه سوده عشان ألم فيها بواقي الأكل..ونسيت الجاتوه ياأستاذ..ده النص الشعب بيروحوا الأفراح عشان ياكلوا جاتوه..شعب جعان
ضحك أكرم على تعابير وجهها المضحكه ثم اتجه لغرفة أخرى ليرتدي بدلته الأنيقه..
…….
دقائق وجاء حمزه والنقيب أحمد ومعهم مايكل الذي بدت على ملامح وجهه الغيره الشديده والإمتعاض..
وقف حمزه بسيارته في الأسفل وطلب من أحمد أن يصعد ليخبرهم بأن يتعجلوا حتى لايفوتهم العُرس،وبالطبع ارتدى كل واحد منهم بدله أنيقه تليق به..
ماإن رأت روضه النقيب أحمد بزي غير زي الضُباط،هتفت بصياح
— اووه..نضفت ياابو احمااه..الله يرحم..كان بيعلق الفاس على الشماعه
رمقها أحمد بفتور ثم قال بحده
— اخلصوا يلا عشان منتأخرش
قال أكرم بهدوء وقد بدا وسيمًا جدًا بهذه البدله
— أريد أن أظهر وكأنني من أصول مصريه مثلكم،هل من أحد سيعطيني نصيحه؟
هتفت روضه سريعًا متناسيه ألم بدنها
— بص يااكرم.. في حكمه أنا واخداها قاعده في حياتي
تمتم أحمد بضيق
— أخيراً هتقول حاجه عدله
أومأ أكرم وقد القى باانتباه كله مع روضه، فتابعت بجديه جاده قائله
— الحياه مليئه بالحجاره، لاتتعثر بها بل إجمعها وافتح راس اللي مدايقك بيها
قالت روضه جملتها الاخيره وهي ترمق أحمد شزرًا،كأنها تقصده هو،لم يعلق أكرم على ماقالته أو لم يفهمه من الأساس،بينما أحمد اقترب منها لينظر لها نظر سريعه قائلاً بسخريه
— لأ..بس الفستان عاملك منظر..الأول كنت شبه الرجاله
بقدر ماألمتها جملته،لكنها لم تبدي الشعور بالحزن وفضلت مجاراتها لتقول بنفس سخريته
— بصراحه لقيتك مش راجل،قلت أسِد مكانك
جز أحمد على أسنانه بغضب ليزفر بضيق ثم نزل للأسفل تجاه السياره قائلا
— اخلصوا يلااا..بلاش لكاعه
تأففت روضه لتتمتم بحنق
— بني أدم براس دولفين…الهي يارب تتجوز واحده تهد حيلك وتجننك..يلا هي
نظر لها أكرم ليهمس مبتسمًا
— تبدين كالأميرات أيتها الثرثاره
دق قلب روضه بعنف لتبادله النظرات للحظه وهي تبتسم ملء شدقيها،وعلى شفاه حفرة من البوح كانت ” أحبك”
……
قاد حمزه السياره نحو زفاف يوسف بعد أن ركب أكرم وروضه معهم.
…….
وصل يوسف ومارينا للباخره المجهزه بأحدث تصميمات الأعراس،شهقت مارينا بدهشه من جمال التصميمات فكانت الباخره رائعه للغايه.
بينما يوسف تفاجئ بوجود والديه وشقيقه إدوارد المتزوج حديثًا ومعه طفله بعمر الثمانية أشهر.
ظل يوسف يتأملهم للحظات بنظرات متشبعه بالحزن والألم والعتاب والحيره والشوق والكُره،مشاعر باتت مختلفه ومضطربه،ولكن لطيبة قلبه الذي ورغم قسوته إلا أنه يملك قلب نقيًا طيبًا كالأطفال،تقدم ليرتمي بأحضان والدته ليبكي بشده دون أن ينطق بشيء،ظلت مارينا تراقبهم من بعيد بعيون دامعه لأجل حبيبها المسكين،عانق يوسف والده وشقيقه بشده وبكى والديه أيضًا طالبين منه السماح والمغفره،فابتسم يوسف قائلاً
— مهما حصل هتفضلوا انتوا أهلي وأنا مليش غيركم
ربت والده على كتفيه هامسًا بندم
— الرب يحميك
بينما والدته قالت بحزن من نفسها
— حقك عليا يايوسف..احنا غلطنا في حقك كتير..سامحنا ياابني
مسح يوسف دموعه سريعًا حتى لايلاحظه أحد ثم قال
— مسامحكم..انسوا اللي فات..المهم عندي انكم بخير
تساءل يوسف عن شقيقه ايليفر فأجابه والده بأنه أخبرهم بذهابه لمسابقة خاصة برقص الباليه.
عاد يوسف لمارينا ليجذبها من يديها برقه ثم وقف أمام عائلته قائلاً بحُب وبفخر
— دي البنت اللي ملكت قلبي وقدرت ببراءتها ترجع يوسف الطيب بتاع زمان
ابتسمت لها والدته لتقول
— اختيارك في محله ربنا يسعدكم يابني
أخذها يوسف من يديها وهو ينظر لها بحب ليبدأو رقصة العروسين التي تفصلهم عن العالم بما فيه.
كانت الأغنيه التي أرادها يوسف مخصصه لفريسته،فكانت أغنيه “ياعيون”لـ تامر حسني
بدأ يوسف يغني مع كلمات الأغنيه بفيض من العاطفه والمشاعر المأهوله بالعشق والإحتواء،غاص بعينيه السوداويه الحالمه لعينان مارينا الجميله كأنه يغرق بتيه وضياع في عينيها،ولأول مره كان ضياعه بمحض إرادته،أميرته وفريسته وإحدى إنتصاراته في الحياه،لما لا يضيع بجنون في حُبها؟!
ابتسمت مارينا برقه،كلما غمز لها يوسف بشوق وهو يغني،ثم مال يوسف بجبهته على جبهتها ليهمس لها بعشق
— وجودك في حياتي،مخليني أخجل إن أتمنى شيء تاني
رمشت بأهدابها لوهله،تستوعب هذا الكم الهائل من العشق الذي يبوح به بااستمرار،غمغمت مارينا بخجل
— هتفضل تحبني لإمتى؟
–مش عارف هموت إمتى
أجابها وهو يميل على شفتيها ليُقبلها برّقه،متناسيًا هذا الحشد من الجالسين يتأملونهم بمشاعر مختلفه من الحب والسعاده والحقد والغيره.
أطال يوسف في قُبلته كأنها بمثابة أول رشفه من الماء بعد عبور الصحراء.
…….
بعد أن وصل حمزه والتقيب أحمد ومايكل ومعهم روضه وأكرم،جلسوا جميعهم على طاوله واحده،فكانت نظرات كل واحد منهم مختلفه،حمزه نظراته تتحدث عن الغموض والتخطيط والنقيب أحمد لايعرف بعد لِما أرادهم حمزه أن يحضروا الزفاف،بينما مايكل ظل يرمقهم بحقد وغيره شديده،أما أكرم وروضه كالعاده يخوضون في جو من الدعابه والمرح،روضه تتحدث كالمجنونه وأكرم يستمع لها كالأبله ويضحك دون أن يفهم شيء.
….
أردف مايكل قائلاً بفتور وهو يخرج مسدسه
— حمزه باشا..ايه رأيك لو ضربت طلقتين في الهوا كده،كنوع من الشو يعني
أجابه حمزه بنفي في الحال
— دخل مسدسك ومشفهوش طالع في الفرح نهائي،،انت فاهم؟
أومأ مايكل متأففًا بضيق،ثم بعد لحظات استئذن ليذهب لدورة المياه.
…..
أشار يوسف بيده لمُشغل الأغاني صائحًا
— شغلنا اغنيه ده لو اتبااس
رمقه الرجل بدهشه كأنه يحاول استيعاب أنه ربما يوجد اغنيه بهذا الإسم، ببنما قطبت مارينا حاجبيها متمتمه بدهشه
–ده لو اتباس!؟
ابتسم لها يوسف ابتسامه جميله كملامحه وهو يميل على أذنيها هامسًا بتغزل
–مع انا مبحبش عمرو دياب ده بس الأغنيه دي بحبها عشان عارف انك بتحبيها
ضحكت مارينا برقه لتبادله الهمس
–اسمها ده لو اتساب
تغيرت ملامح يوسف للإمتعاض ثم قبض على ذراعيها بقوه حتى تأوهت بألم.. قال يوسف بحنق
–تسيبي مين ياروح اللي مخلفينك ده انتي قبل ماتفكري تسيبني هكون مقطع لحمك وموزعه على جزارين مصر كلهم وخلي الغلابه تفرح.. قال ده لو اتساب قال
لم تتمالك مارينا نفسها فاانخرطت في الضحك بين ذراعيه قائله
— هي الأغنيه اسمها كده ياغبي
رمقها بفتور ثم أحاط خصرها بتملك ليجذبها نحوه يلصقها فيه ثم هتف بحِده
— بغض النظر عن كلمة غبي دي اللي هتخليني اقطعلك لسانك دلوقت بس من هنا ورايح اسمها ده لو ايه…؟
أجابت مارينا على الفور وهي مازالت تضحك
— اتباس.. ده لو اتباس
رفع يوسف حاجبه مستنكرًا
— هو مين ده اللي يتباس ياقليلة الأدب انتي
علت اصوات الضحك الصادره منها وهي تهزّ رأسها بقلة حيله وتردد
–مش معقول.. هيجنني والله
مال يوسف على شفتيها ليهمس أمامهم بوقاحه
— انتي لسه شوفتي جنان.. ده انتي ليلتك مش……
أبت باقي الكلمات أن تخرج وتحشرجت بصعوبه بسبب تلك الرصاصه التي انطلقت في لمح البصر من أحد المجهولين لتستقر في جسد يوسف، الذي خرّ على الأرض متألمًا بقوه شديد وكأنه يلفظ آخر أنفاسه..
أما مارينا توقف بها الزمن لدقائق وهي تتطلع بوجه شاحب مصفر من الهلع للدم المنسال بغزاره من جسد ذئبها المفتول
لم تستوعب قط أن هذا الذي يتنفس بصعوبه ويصارع الموت هو يوسف حبيبها ومعذب قلبها، نعم لقد أحبته بشده بل وعشقته حد الجنون، رغم كل ماحدث لها على يده ولكنه استطاع بتملكه وهيمانه بها امتلاك قلبها واحتلال وتينها بجداره.
كان منذ لحظات يتغزل بها ويسمعها كلمات العشق والغزل، لم يكن يتوقع أن ينصلح قلبه بعد كُره وقسوه ابويه له ليصبح الذئب الشرس.. قط أليف على يد تلك الصغيره، تراقص قلبه وأقرعت أوردته بسعاده كما تُقرع الطبول في الأفراح وفي لمح البصر، حال الفراق بينهما بسبب تلك الرصاصه اللعينه، وربما لن يحالفه الحظ ويكتب القدر وفاته الليله!
هل سيموت يوسف بالفعل وتنتهي قصة عشق الذئب لفريسته، أم أن آجله لم يحن بعد؟
..
وقف جميع من بحفل الزفاف يصوبون بصرهم تجاه ذاك الوسيم المُلقي على الأرض والدم يحيط جانبيه بغزاره، واعترت الصدمه وجوه الواقفون من بينهم المتوتر والخائف والذي خانته دموعه وفضحته أمام الملأ ليجهش بالبكاء كالصغار.
أما صغيرته مارينا جثت على الأرض لتهز يوسف بعنف وتصرخ وتبكي بهيستيريه
–يووووووسف…لااااا…لااا يااارب..يوووسف قوووم..كفااياا تمثييل بقاا متوجعش قلبي علييك..يووسف وغلاوة مارينا عندك كفايه اللي بتعمله فيا ده..يووسف لو بتختبر حبي ليك فأنا بحبك والله بحبااااااك بس قووم بقااا..حرام عليك والله حاسه ان روحي بتطلع
بدأت جفون يوسف بالتراخي والتثاقل وبدأت الرؤيه تنعدم أمامه رويدًا وهو مصوب بصره تجاه مارينا،يريد أن يطمئنها ويخبرها أنه قوي وسيتحمل الألم لأجلها،ولكن أي ألم،لقد أصبح في تعداد الموتى الآن!
يريد أن يجذبها من شعرها بقوه كما يفعل دائمًا ويخبرها أنها له فقط حتى وإن فني ومات ستبقى فريسته وعشقه الأبدي،يريد أن يعانقها حتي يمزق ضلوعها بين ذراعيه المفتولتان ويهمس في أذنيها
“إهدئي،سأكون بخير،دموعك هذه تقتلني حبيبتي”
ولكن أبى الكلام أن يخرج وشعر بأنها ربما تكون النهايه
لم تكف مارينا عن بكاءها وصراخهها بجنون،فقامت بهزه بعنف ثانيةً وضربته على صدره عدة مرات بجنون صارخه
–كفاااايه…كفاااايه..مش قاادره استحمل..حرااام والله حرااام يووسف قووم عشاان خااطري
بدأت مارينا تشعر بالتعب طفلها في أحشائها فخارت قواها الجسديه وألقت بنفسها على صدر يوسف لتهمس ببكاء وتوسل
— مش هتبقى انت وابنك عليا..انا تعبت يايوسف..وغلاوتي انا واللي في بطني عندك تقوم..والله انا بحبك..طب أعمل ايه عشان تصدقني..هاه أعمل يايوسف
قالت مارينا جملتها الأخيره وهي تحتوي وجهه وتبكي أمامه بتوسل،تحرك لسان يوسف ليهمس بصعوبه وهو يحاول مواصلة التنفس،فخرجت الأحرف متقطعه
— سا..سامحيني..سامحيني ياحبيبتي..أنا..أنا آسف..آسف..آسف عشان..كنت..وحش معاكي..بس..بس محبتش حد..قد ماحبـ….يتك
وضعت مارينا رأسه على صدرها لتحتضنه وتبكي بشده هاتفه
— لا..لااا..انت هتبقى كويس..طيب قوم اعمل فيا كل اللي انت عاوزه وهسامحك…لكن لو سبتني يايوسف بعد ماخلتني احبك كده والله مهسامحك..مش هسامحك ابدددا…قووم بقااا..قووم عشاان خااطري
لم تكن مارينا هي التي تصرخ وتبكي وحدها،بل وكذلك فعل والدي يوسف وأشقائه
بكى والد يوسف بشده وهو يضرب بيده على رأسه
— ساامحني ياابني..انا اسف على كل حاجه وحشه شوفتها مني.قوم يايوسف..قوم يابني متعملش فينا كده..انا غلطت في حقك كتير بس انت قلبك ابيض وهتسامحني..قوم يابني عشان خاطري
أما والدة يوسف ركضت نحوه وأثناء اتجاهها له تعثرت عدة مرات من شدة بكائها وصراخهها المسترسل هاتفه
— يوووسف..قووم ياضنااياا..قووم يااقلب اممك..ان شالله انا وانت لاا يابنني..يارتني كنت مت قبل ماشوف اليوم ده..قوم ياقلب امك متعملش فينا كده ياحبيبي..يارتني مازعلتك ولامره يابني..ااه يايووسف..ساامحناا ياابنني
“هكذا نحن البشر،نظلم ونهين ونذل ونكره بعضنا البعض،وعندما يحين الفراق..نبدأ بالصراخ والعويل ويكون شعار بكائنا (ياليتنا).. لماذا لا تكون علاقتنا مع الجميع تحت بند الحب والإحترام والموده؟
لماذا دائمًا نكتشف أهمية الأشخاص في حياتنا عندما يرحلون منها؟..تبًا لنا جميعًا”
…..
قام حمزه على الفور متأملاً تلك الضجه بفزع وشك وطلب من أحمد أن يتصل بالإسعاف فورًا،لحظات وجاء مايكل مهرولاً ليتساءل بدهشه عن سبب ذلك الحشد حول يوسف
هتف حمزه بغضب
— انت اللي ضربت عليه نار؟
اتسعت عين مايكل بذهول مردفاً
— صدقني ياحمزه باشا..أنا معملش كده..أي نعم انا باصصله في الجوازه دي،بس متوصلش بيا ان اضرب عليه نار
رمقه حمزه باامتعاض ثم اتجه ناحية يوسف ليرى هل مازال على قيد الحياه،بينما روضه ركضت لتسند مارينا التي شلت الصدمه قوامها وارتمت على صدر يوسف تبكي بمراراه.
أبعدها وائل عن يوسف بصعوبه بمساعدة روضه،ثم رفع رأس صديقه وهو يبتلع ريقه بهلع وخوف عليه،قام وائل بقياس النبض له من يده،فتنهد بإرتياح مطمئنًا مارينا أنه النبض به على مايرام
بينما حمزه قطع ليوسف قميص بدلته ليتن بإرتياح هو الأخر قائلاً
— متخافوش ياجماعه..بسيطه..الرصاصه قريبه من الكتف
بادره وائل الحديث بإيماء
— ايوه هو هيبقى كويس ان شاء الله..بس هو دخل في حالة اغماء من قوة الصدمه بس…يوسف قوي وهيقوم منها زي الأسد
دقائق وجاءت سيارة الإسعاف لتنقل يوسف للمشفى وركبت معه مارينا وهي تجر فستانها وتبكي بكاء يمزق القلوب،ولم تتركها روضه دقيقه واحدة،أما حمزه ومن معه لحق بهم للمشفى.
بعد وصول يوسف للمشفى،أدخله الأطباء غرفة العمليات ليبدأو عملهم في نزع الرصاصه من جسد يوسف،وفي الخارج جلست مارينا تبكي وتنتحب في أحضان روضه التي بكت هي الأخرى على حالة تلك الفتاه الجميله التي لم يكن لها نصيب من السعاده
مرّت عدة ساعات ليخرج الأطباء يوسف على الترولي ثم نقلوه لغرفة عاديه ووضعوا له أجهزة التنفس الصناعي،معللاً الطبيب كما قال وائل أنه مجرد اغماء بسبب صدمته وبسبب أن جسده لم يتعرض لأي اصابات سابقًا،فتلك كانت صدمة قويه بالنسبة له.
……
ساعات أخرى مرّت عليهم كأنها سنوات،لم تكف مارينا لحظة واحده عن البكاء ولم تتركها روضه دون مواساه،بينما مايكل كان كلما يحاول التكلم معها لتهدئتها تنهره وتزجره بغضب،فيبتعد متأففًا بنفاذ صبر..وحمزه كان منتظر بشده رجوع يوسف لوعيه حتى ينفذ مايدور في رأسه.
بدأ يوسف يعود لوعيه تدريجيًا،وما إن فتح عينيه،حتى قام بنزع جهاز التنفس عنه وظل يعافر كي ينزع الأجهزه عن صدره،فأصدرت الأجهزه إنذارا قويًا،جعل الطبيب يأتي في التو والحال.
دلف الطبيب ليتفحص يوسف،فرمقه يوسف بغضب ليصيح بصوت متعب
— انا بهبب ايه هنا..طلعوني من هناا
تحدث حمزه بعد أن عرف الطبيب على هويته
— مينفعش تخرج من هنا غير اما تتعافى
تأمله يوسف بغضب هاتفاً
— انا عارفك..انت ظابط شرطه..ايه اللي جابك فرحي…شكلك انت اللي ورا كل ده
قاطعه النقيب أحمد لينهره بحده
— ولااه..احترم نفسك..واتكلم عدل
أوقفه حمزه قائلاً
— بس انت ياأحمد..أنا هعرف اتعامل معاه
هتف يوسف بغضب وهو يحاول نزع الأجهزه عنه
— والله لو انت رئيس الداخليه نفسها..انا مبخافش ومبيهمنيش حد..انت وهو على جزمتي
رمقه النقيب أحمد بذهول من تطاول يوسف على حمزه دون أي خوف،بينما حمزه تبسم بخبث ليتمتم وهو يميل على أذن أحمد
— النوع ده اللي كنت بدور عليه من زمان..هينفعني اوي الواد ده
أجابه أحمد متعجبًا
— انت بتكلم بجد ياباشا؟..ده اللي كنت بدور عليه!..
ده كمان شويه وهيقوم يضربنا،لامؤاخذة ياباشا عامل زي التور الهايج…هينفعنا ازاي ده وهو عامل زي الديب الجعان كده
اتسعت ابتسامة حمزه متأملاً يوسف الذي يرمقهم بغضب،ليقول بتصميم
— اللي مش عاجبك ده ياأحمد..هيبقا دراعي اليمين
في تلك اللحظه هرولت مارينا لترتمي في أحضان يوسف بعد أن علمت بأنه بخير..
أصدر يوسف تأوهًا بسيطًا من عناق مارينا الشديد ضاغطه على جرحه دون وعي منها.
ابتعد مارينا لتحتوي وجهه وهي تبكي قائله
-يوسف..حبيبي..انت كويس…حاسس باايه دلوقت.ها..رد عليا ياحبيبي..حاسس باايه؟
ابتسم يوسف بوهن ليجيب وهو يلمس بأنامله خداها
— متقلقيش يافريستي…أنا ابن مصر انا ضد الكسر
ضحكت مارينا بخفه ثم دست وجهها في رقبته لتهمس بخوف
— انا كنت هموت لو كان بعيد الشر حصلك حاجه..انا بحبك اوي يايوسف..دلوقت اتأكدت ان مقدرش أعيش من غيرك
مسد يوسف على شعرها بحنان،ثم رمق حمزه وأحمد شزرًا ليهتف بإمتعاض
— انتوا هتفضلوا واقفين مبحلقين كده…يلا انت وهو وروني عرض كتافكم
كاد أحمد أن يوبخه ولكن حمزه أسكته بااشارة من يده،ليتقدم ويجلس في مقابل يوسف بعد أن طلب منهم الخروج بما فيهم مارينا،ليتركوهم وحدهم لدقائق
قال حمزه بتخطيط
— أنا هدخل في الموضوع علطول عشان مش فاضي…بص يايوسف..أنا عاوزك تشتغل معايا
تأمله يوسف بعدم تصديق ثم ضحك قائلا
–لا ياباشا…انا دكتور مش ظابط
ابتسم حمزه قائلاً
— الشغلانه دي محتاجه حد في قوتك وجبروتك..وبصراحه ملقتش غيرك تليق عليه..وهي بعيده كل البعد تمامًا عن شغلي
زفر يوسف بضيق ثم قال بااهتمام قليلاً
— وهشتغل ايه بقا..جاسوس؟
هزّ حمزه رأسه ضاحكًا
— مش بالظبط
ثم مال حمزه بجسده للأمام ليتأمل يوسف للحظات ليقول بنبره جاده
— زعيم مافيا…عاوزك تبقا زعيم مافيا
اتسعت عين يوسف بذهول هاتفًا
— زعيم مافياا.  !!!
تُرى هل سيوافق يوسف؟!
ومالذي سيحدث مع جميع الأبطال في الأحداث القادمه؟
انتهى الجزء الثاني…
إلى اللقاء في الجزء الثالث قريباً…

‫3 تعليقات

اترك رد

error: Content is protected !!