Uncategorized

رواية أغلال لعنته الفصل الثامن عشر 18 بقلم إسراء علي

 رواية أغلال لعنته الفصل الثامن عشر 18 بقلم إسراء علي

رواية أغلال لعنته الفصل الثامن عشر 18 بقلم إسراء علي

رواية أغلال لعنته الفصل الثامن عشر 18 بقلم إسراء علي

قد تكون قصة مُختلفة، بـ نكهةٍ جديدةٍ
قد تختلف أحداثها، و الشخصيات بها
و لكن نهايتها..! كانت بداية جحيمية…
إنتهى الطبيب من تضميد جرح وقاص ثم أخبره و هو ينزع قُفازاته
-الجرح مش خطير، بس هتحتاج تغير عليه كل يوم، حمد لله على السلامة
-رد عُبيدة نِيابة عن وقاص:شُكرًا ليك يا دكتور…
أومأ الطبيب ثم رحل و تركهما معًا ليقف عُبيدة أمام وقاص ثم سأله بـ تردد
-مُتأكد إنك مش هتبلغ!!…
حاول وقاص تحريك ذراعه و لكنه آلمه قليلًا ثم أجاب بـ تعبيرٍ غامض
-لأ، مش عرفت مين اللي عمل كدا! يبقى ليه أدخل البوليس فـ مشاكل عائلية
-مسح عُبيدة على وجههِ و قال بـ نفاذ صبر:يا وقاص يا حبيبي، دا كان عايز يخلص عليك أنت مستوعب هتتعامل مع عقلية زي دي إزاي!
-رد وقاص بـ بساطة:و محصلش أي حاجة من دي، و عارف أتصرف إزاي متقلقش مش هتوه عن أهلي…
كاد عُبيدة أن يفقد المُتبقي من عقلهِ و لكنه آثر الصمود قليلًا ثم هتف في مُحاولةٍ بائسة لإثناء صديقهِ عن رأيهِ الأحمق
-وقاص دي مش فتونة، اللي حصل دا ستر من ربنا إن البلطجي طلع طماع قلبكوا أنتوا الأتنين…
نظر إليه وقاص بـ هدوء و تعجب عُبيدة لذلك كثيرًا، وقاص لم يكن يومًا من هواه العُنف و الرد بـ مبدأ العين بـ العين، بل كان رزينًا هادئًا، يعرف دائمًا كيف يسترد ما سُلبَ منه دون أن تتسخ يديه
أما ما يراه الآن ما هو إلا شخصًا آخر قد تلبسه، يبدو مُعاكسًا لِما عرفه ذات ليلة، وقاص شخصٌ حذر جدًا و لكن الآن يسوقه غضبه أو ربُما كرامته التي أُهدرت
أراد أن يُثنيه عن ذلك في مُحاولةٍ أخيرةٍ و لكن وقاص رفع رأسه و قال بـ بُطء
-محتاج أطلع شريحة بـ نفس الاسم عشان الشُغل…
نظر إليه عُبيدة بـ ذهولٍ تام و غضب جعل من ملامح وجهه تقتم بـ شدة، فـ قبض على يدهِ بـ غيظ قم هتف بـ حنق و هو يخرج من هذه الغُرفة
-أنا اللي لازم أطلع من الأوضة دي بدل أما أكمل اللي معرفوش البلطجية يعملوه…
و تركه عُبيدة راحلًا ليسقط قناع وقاص الهادئ و حلَّ محله غضب و كُرهٍ شديدين و ملامح تُنذر بـ شرٍ لم يكن ليُخرجه أبدًا، و لكن كِنانة كانت معه كيف يجرؤ ذلك الوضيع على إرهابها؟
لحظات و سمع صوت طرق و بعده دخول شخصٌ ما، لم يرفع وقاص نظره إلى ذلك الشخص ظنًا منه أنه عُبيدة، إلا أنه رفع رأسه سريعًا حينما وجدها تقف أمامه و تسأله بـ صوتٍ مُرتجف
-أنت كويس!!…
لم يهتم بـ الرد على سؤالها بل نهض و سألها بـ جنون و غضب على الرغم من هدوء نبرته
-أنتِ بتعملي إيه هنا و لسه مروحتيش ليه!
-أجابت بـ تردد:كان، كان لازم أطمن عليك…
للعجب لم تغضب و هذا ما جعله يغضب و يُصيبه الجنون أكثر، لا تزال خائفة مما حدث مُنذ قليل، ليتنهد وقاص ثم إقترب و قال بـ نبرةٍ مُتعبة
-أنا كويس يا كِنانة، لازم تروحي البيت فورًا
-لم تجد ما تقول سوى السؤال:طب و الشُغل!…
نظر إليها بـ عدم تصديق و وضع يده على جرحهِ ثم قال بـ ذهول
-شُغل إيه يا كِنانة! هنروح أصلًا إزاي بـ منظرنا كدا!
-مش عارفة…
نظر إلى يدها المُتعرقة و حركاتها الخرقاء، ليضع كفه على يدها ثم إبتسم إبتسامة مُطمئنة و قال بـ دفءٍ
-أنا كويس متقلقيش…
توترت ليده و إقترابه المُفاجئ لتصفع يده بعيدًا ثم تراجعت خطوة لتقول و هي تُدير رأسها بعيدًا عنه
-مين قال إني قلقانة! و بعدين محدش قالك تعمل نفسك شُجاع و تنزل…
رفع وقاص حاجبيه ثم هز رأسه بـ يأسٍ و قال بـ نبرةٍ شبه مازحة
-أنتِ ليكِ عين تتكلمي بعد أما زمايلك فـ الشُغلانة عوروني!!…
أثار غضبها و هي كانت تنتظر هذه اللحظة حتى تُخرج مكنوناتها و لكنه في وضعٍ بائس لا يستحق التوبيخ، لتقول بـ عصبية و هي تضع يدها في خصرها و قد عادت كِنانة إلى حالتها الطبيعية
-لأ عندي لسان هيمرمط بـ كرامتك سراميك المُستشفى كُلها…
لم يجد بِدًا من الضحك فـ ضحك و هو ينظر إليها، الآن يستطيع الإطمئنان، هي بخير و هذا ما كان يصبو إليه
قاطع تلك اللحظات المشحونة و التي تُنذر بـ مُشاجرة ستحدث، صوت عُبيدة الذي قال و هو يطُل من الباب
-دفعت، يلا نمشي
-ماشي…
رد وقاص و هو يلتفت و يجذب سُترته، بينما عُبيدة نظر إليهما بـ شك، و لكن صديقه لم يهتم و خرج قبلهما، و وقفت كِنانة تسُبه بـ داخلها قبل أن يُقاطعها عُبيدة قائلًا
-هتفضلي واقفة عندك و لا هتيجي عشان أروحك!
-نظرت إليه بـ ضيق و قالت:متخلكش رذل زيه…
تقدمته كِنانة و ضرب عُبيدة فخذيه ثم تبعهما في صمت، الموقف لا يحتمل مُشاجرة أو توبيخ، يكفي لحظات الرُعب التي قاساها و هو يرى صديقه مُلقى أرضًا و ينزف، هو لا يزال على قيدِ الحياة و لكن فكرة إصابته كانت تُصيبه هو شخصيًا بـ الموت
********************
رغم فساد شهر العسل الخاص به، و الذي كان يُخطط به كيف يسلُب قلبها، و لكنه يعيش الآن سعادة مُطلقة، لقد إعترفت تلك القاسية أنها لا تستطيع العيش من دونه، وقتها لم يعرف كيف مرت اللحظات، و لكن فجأة كانت إختفت و كأنها كانت سراب
و هذا لم يمنعه من الإحتفال بـ سعادتهِ، عندما عاد إلى المنزل، زاره النوم كما لم يفعل من قبل و نهض يكتب عبارته حتى لا ينساها، أو ربُما توثيقًا لإعتراف لن يتكرر على الأقل الآن
كان صفيره قد بلغ أعلى مراحله حتى أنه بدأ يرقص على أنغام صفيره ثم قام بـ تمشيط خُصلاتهِ لينظر بعدها إلى المرآة و يقول بـ إبتسامة زادته وسامة
-قمر ياض يا قُتيبة…
كان يُريد التأنق أكثر من المُعتاد و لكنه ذاهب إلى مأتم، و عليه أيضًا أن يُخفف من إبتسامتهِ و مزاجه إحترامًا لحوراء، كان الوقت عشاءًا إلا أنه لم يتحمل إنتظارًا للغد
إلتقط مُتعلقاته الشخصية ثم خرج، و صدح صوت هاتفه، فـ وجده أرسلان، من المُفترض أن يغضب، كيف يتصل به و هو في إجازة يقضي أيامه الحلوة مع زوجتهِ؟ و لكنه إبتسم و أجاب
-يا أهلًا، حصلت البركة
-أتاه صوت أرسلان:حصلت البركة!!
-ضحك قُتيبة و قال:أومال…
ساد الصمت و كان حينها أرسلان ينظر إلى هوية المُتصل إن كان أخطأ أم لا، ليجده حقًا قُتيبة ثم وضع الهاتف على أُذنهِ من جديد و قال بـ سُخريته المُعتادة
-أنت الجواز لحس مُخك
-لم ينفي قُتيبة بل قال بـ إبتهاج:جدًا
-زفر أرسلان و قال بـ جمود:شكلك رايق، المُهم ناوي سيادتك تخلص شهر العسل إمتى عشان نبدأ الشُغل…
خرج قُتيبة من البناية و نظر حوله ليجد والدته تقف مع إحدى سيدات الحي، و من تعبيرات وجهها تبدو أنه تسبه و تلعن كيان، و ما أن رأت رجاء قُتيبة حتى رمقته بـ نظرةٍ تهكمية و أدارت وجهها، ثم رفعه صوتها عن قصد ليسمعها
-البت ياختي عملاله عمل مخلياه ملفوف حوالين صابعها زي الخاتم…
أظلمت تعابير وجه قُتيبة، بل إستحالت إلى أُخرى جحيمية و هو يستمع إلى تنشره والدتهِ من شائعات قاسية عن كيان، رمقها بـ نظرةٍ أخيرة و لكنها لم تهتم و أكملت، فـ أكمل طريقه حينما سمع صوت أرسلان يقول
-هو أنت اللي ملفوف حوالين صُباعها! كانوا قاصدينك يعني؟!
-هدر قُتيبة بـ صوتٍ أجفل الجميع من حولهِ:أرسلاااااان، متنساش أنك بتتكلم عن مراتي…
ساد صمت خلالها كان تنفس قُتيبة حاد و حاول الخروج من هذا المكان، ربُما ليست المرة الأولى التي تأتي بها إلى هُنا و تبدأ رحلتها في نشر الشائعات، لقد ترك الحي حتى لا تتعرض كيان لمثل هذه المواقف القاسية و لكن والدته تُطاردهما بـ شراسة مُعتقدة أنه سيتركها، لن تعرف أنه لن يترُكها إلا حينما يكون جُثةً هامدة
سمع بعد لحظات صوت أرسلان يقول بـ فتور و كأنه لا يعنيه بل مُجبر و كأن أحد أجبره على الإعتذار
-معلش مكنتش أقصد…
أكمل قُتيبة سيره و في قرارة نفسه يشعر بـ الغضب و ها هو قد فَقَدَ روعة بداية اليوم، تنهد و قال بـ نبرةٍ صلبة، شحيحة المشاعر
-فـ ظرف أقل من أسبوع هرجع، هو حد مهنيني على شهر العسل
-أحسنلك تصدق فـ كلامك
-زفر و قال:قول يارب، سلام…
ثم أغلق قُتيبة الهاتف و إستقل حافلة ذاهبة بـ القُرب من المنطقة التي تسكن بها حوراء، و ما يدور داخله
“اللعنة، لقد أفسدوا يومي”
*******************
مُنذ فترة لا بأس بها و هي تأتي إلى حيث يسكن قُتيبة دون علمهِ، تأتي تتقصى عنهما و عن الحي الذي يسكنان به و كونت صداقات مع نساء الحي هُنا، تُخبرهن أن إبنها تزوج و يقطُن هُنا و هي تُريد الإطمئنان عليه في هذا الحي
و لكنها تتقصى أخبارهم من حين لآخر و الفضلُ كله لتلك السيدة التي تقف معها الآن نظرًا أنها ثرثارة تُشبه من يقطنْ معها بـ الحي، و هي الهدف الأمثل لتشويه سُمعة كيان
-و النبي يا ختي ما كُنت موافقة على الجوازة، بس أقول إيه الواد هيموت عليها
-أخرجت السيدة صوتًا مت فمها و قالت:شباب إيه الأيام دي اللي يعصى أمه عشان واحدة…
أتقنت رجاء دروها الذي تعتقد أنه صحيح و أنها على، و أن كيان لا شيء سوى حية إختطفت إبنها و كانت السبب في موت شاهين، وضعت يدها على فمها و قالت بـ قلة حيلة
-أعمل إيه بس يا ختي، قالي يا هي يا مفيش…
لمحت من مكانٍ قريب قُتيبة يخرج من البناية، توترت في البداية و كادت أن ترحل و لكنها وجدتها فُرصة جيدة ليعلم كيف يُفكر أبناء الحي هذا في كيان، لتقول بـ صوتٍ ماكر أصبغته بـ الدهشة و الإستنكار
-البت ياختي عملاله عمل مخلياه ملفوف حوالين صابعها زي الخاتم…
نظرت من طرف عينها، لتجد قُتيبة ينظر إليها بـ تعابير مُظلمة أرعدتها و لكنها سعدت أن مُبتغاها قد وصل، و إنتظرته يتقدم و يتشاجر معها لتُزيد الطين بلة و لكنه لم يفعل، بل إكتفى بـ نظراتهِ و رحل
و السيدة أمامها تُخرج أصوات إستنكار من فمها و بـ نبرةٍ مُشفقة و مُتعاطفة هتفت
-بنات آخر زمن، مش عارفة تجيب العيل من هنا، تقوم تروح لواحد يعملها عمل عشان تجيبه على بوزه
-هتفت رجاء:مش صعبان عليا غير إبني اللي معمي…
ربتت السيدة على كتفها ثم قالت و هي تُشدد على يد رجاء و تقول بـ غرض التخفيف عنها
-ابن أختي برضو، بت بنت حرام عملت فيه كدا، عملتله عمل و ياعيني طلق مراته بسببها
-ردت رجاء بـ غضب زائف:أعوذ بالله، الناس جرالها إيه!
-أشاحت السيدة بـ يدها و قالت:والله ما أعرف، بس ربنا كرمه و عرف يفُك العمل…
لمعت عيناها فجأة حينما قالت بـ نبرةٍ حماسيةٍ مُفاجئة
-صحيح، ما تيجي نروح للراجل دا، هو اللي فك العمل عن ابن أختي
-نظرت إليها رجاء بـ إستنكار و قالت:لأ يا ختي مش لدرجادي…
ربتت على يدها بـ قوة طفيفة ثم قالت بـ نُزق و هي تنظر إلى تعابير الحيرة التي إرتسمت على وجه رجاء
-إسمعي الكلام، عندك ابن واحد بس هتسيبيه للحرباية دي!
-هتفت بـ تردد:إبني هيغضب لو عملت كدا
-تأففت السيدة و قالت:مش هنعرفه، هتروحي من وراه، بس هاتي حاجة من حاجته، أي حاجة…
الفكرة تتلاعب بـ عقلها كما يفعل الشيطان الآن، هي لن تقوم بـ فك السحر كما تقول تلك السيدة، بل ستُبعدها عن إبنها، إنها شر يجب الإبتعاد عنه، و زين لها الشيطان سوء عملها و أن هذا هو الأفضل للجميع، خاصةً لـ قُتيبة
نظرت رجاء إلى السيدة أمامها ثم قالت بـ عزم
-إديني رقم الراجل دا و أنا هروحله
-إبتسمت السيدة و قالت:متقلقيش هاجي معاكِ و مش هسيبك
-نفت رجاء بـ قوة و قالت:لأ عشان بس محدش يشك فينا و مياخدش باله…
نظرت إليها السيدة بـ ضيق، كان الفضول يأكلها أكثر من مصلحة قُتيبة كما تدعي و لكنها أخرجت هاتفها الصغير على مضض، و أعطت لرجاء الرقم ثم قالت بـ فتور
-بس كلميه قبلها بـ كام يوم و لا حاجة عشان بيكون زحمة
-سألتها رجاء:بياخد فلوس كتير!
-لأ خالص، دا راجل إيده حنينة و بيجيب من الآخر…
أخذت رجاء الرقم و أومأت ثم رحلت و الفكرة تترسخ أكثر و الشيطان يُوسوس أكثر مُقنعًا إياها
“من أجل مصلحة قُتيبة لا أكثر”
“فتاة عاهرة، أغوت زوجها و إبنها”
“عليها أن تتخلص منها حتى يعود إبنها”
و كُل ما عليها فعله هو الحصول على شيءٍ من مُتعلقاتها الشخصية
********************
زفر قُتيبة للمرة التي فَقَدَ عدها مُذ خرج من المنزل، لم يتجه مُباشرةً إلى منزل رفعت، بل ظل يحوم كثيرًا علَّ ذهنه يصفى مما حدث صباحًا و لكن بلا فائدة، فـ قرر الذهاب إلى كيان علها هي من تُصفي ذهنه
كان يسير بـ خُطىٍ وئيدة، لا يُريد الذهاب و في الوقت ذاتهِ تسوقه قدماه إليها قبل عقله، و هو لن يتردد أبدًا، و في جُنح الظلام و بعدما بـ التأكيد إنتهى العزاء سار حتى ليرها و يطمئن على حوراء
سمع صوت نُباح كلب و لكنه لم يجفل بل أكمل سيره حتى صدح صوت هاتفه فجأة، ليُخرجه قُتيبة و لكنه إستمع إلى صوت أقدام تدهس الحصى ثم أسرعت تلك الخطوات في الإبتعاد
لم يستطع تبين الملامح او مَنْ قد يكون، و رجح أنه الكلب ليُخرج هاتفه و يرى أن المُتصل لم يكن سوى آدم صديقه، زفر و أجاب ليأته صوته
-إيه يا بني مبتردش من الصُبح ليه!
-رد قُتيبة بـ جفاف:مكنتش فاضي
-لم يقتنع آدم و لكنه قال:أخبارك إيه و أخبار البنت اللي اسمها حوراء إيه؟!…
أكمل قُتيبة سيره حتى وصل على مقربة من البوابة الأمامية للمنزل و لكنه توقف حينما رأى حوراء تقف أمام المنزل و تُعانق شخصًا مجهول، ليقطب جبينه و يقول بـ إقتضاب و على عَجَل
-إقفل هكلمك بعدين
-يا بني إستنـ…
و لكن كان قُتيبة قد أغلق الهاتف و إقترب مُسرعًا تجاه حوراء ثم فصل بينهما، ساحبًا نوح بعيدًا عنها و هتف بـ غلظة
-جرى إيه يا نجم! هو مال سايب و لا إيه؟!
-شهقت حوراء مُجفلة:قُتيبة!!!…
إلتفت نوح على تلك القوة التي تجذبه بـ قسوة و تُبعده قسرًا عنها، و لكن قُتيبة كانت أنظاره مُعلقة على حوراء و هتف بـ خشونة
-أنتِ واقفة قُدام البيت فـ وقت زي دا و مع واحد إزاي يعني!
-إنكمشت حوراء و قالت:مش، يعني آآ…
تلعثمت حوراء فـ أبعد نوح يد قُتيبة و وقف أمامه ثم قال بـ هدوءٍ تام
-راعي حالتها الأول، و ثانيًا أنا معرفة لحوراء
-تهكم قُتيبة:و المعرفة دي تقضي إنك تُحضنها فـ الشارع و قُدام بيتها!…
أجفل نوح لتلك الحقيقة و إرتبك قليلًا ثم غمغم و قال
-عندك حق، بس كُنت بحاول أخفف عنها
-ليرد قُتيبة بـ غلظةٍ أكبر:في طُرق كتيرة، بس مش من ضمنها الأحضان…
زفر نوح و كاد أن يتحدث و لكن حوراء قامت بـ الفصل بينهما، حيث وقفت في المُنتصف و قالت بـ نبرةٍ ضعيفة
-حصل خير، و شُكرًا يا نوح عشان عزتني…
ثم إلتفتت إلى قُتيبة و قالت بـ النبرة ذاتها الضعيفة
-و أنت تعالى معايا جوه نتكلم…
رفع قُتيبة حاجبه و لكنه أومأ على مضض، لتلتفت حوراء إلى نوح ثم لوحت له ليقول قبل أن يرحل
-البقاء لله يا حوراء
-شُكرًا…
و أكملت طريقها مع قُتيبة إلى الداخل، الذي أغلق البوابة رامقًا نوح بـ نظراتٍ قاتلة قبل إن يلتفت و يُكمل طريقه مع حوراء
قبل أن يسيرا المزيد إلى الداخل و قبل أن يفتح قُتيبة فمه، كانت حوراء تسبقه قائلة بـ صوتٍ حزين
-نوح صديق ليا على فكرة، و كُنت محتاجة حد أتكلم معاه…
لم يقتنع قُتيبة و وقف لتقف هي و تستدير إليه ثم هتف بـ صوتٍ هادئ لا يُريد إحزانها أكثر
-مقدر دا كُله، بس مينفعش اللي حصل دا…
رفعت حوراء حاجبها تُذكره بما فعله سابقًا مُنذ مدةٍ طويلة، ليُحمحم قُتيبة و قال بـ خشونة مُحرجة
-وقتها مكنتش فـ وعيي، و كُنت ناوي أتأسف
-زفرت حوراء و قالت:محصلش حاجة، أنت أخويا الكبير يا قُتيبة…
لانت ملامح قُتيبة و حك مُؤخرة عُنقه ثم قال بـ صوتٍ صادق
-و عشان أنا أخوكِ بقولك كدا عشان خايف عليكِ…
حركت رأسها بـ إمتنان ثم أكملت سيرها و تبعها هو حتى وصل جوارها فـ سألته و هي تضم سُترتها حولها أكثر لذلك البرد الذي ضربها فجأة
-جاي عشان كيان!
-إبتسم إبتسامة صغيرة و قال:هكدب لو قلت لأ، بس برضو جاي عشانك…
توقفت حوراء و إلتفتت إلى قُتيبة الذي وقف مُتعجبًا و أردفت بـ نبرةٍ على وشك البُكاء
-و أنا مش كويسة يا قُتيبة…
تجهمت ملامحه و أصابه إحساس به مرارة لاذعة، تُذكره بـ طفلةٍ كانت في يومٍ تركض إليه لتبكي و تشتكِ إليه، والديها تركاها وحدها و هي تُريد عودتهم، قبض قُتيبة على يدهِ و قال بـ صوتٍ قاتم
-هي فـ مكان أحلى يا حوراء دلوقتي
-هتفت بـ نشيج:بس هي سابتني من غير أما تقولي، أنت خسرت باباك و أكيد عارف أنا حاسة بـ إيه…
أصابته نوبة الضحك داخله بـ قوة و لكنها ضحكات صارخة بـ غضب و قسوة، ضحكات تحمل المرارة و تزداد لتُصبح مرارتها كـ العلقم، تحولت نظراته إلى نظراتٍ أكثر قتامة و حدة، لا يا عزيزتي أنا لا أعلم كيف تشعرين، فـ أنا لم أحزن على على وفاتهِ، بل كانت بـ مثابة حُرية ضنى عليه الدهر ليُعطيها إليه، فـ أخذها عنوة
إبتلع كُل ذلك، و أغلق جرحًا عميق قسرًا ثم قال بـ صوتٍ جامد، شديد القسوة
-تعالي ندخل يا حوراء
-و لكنها أصرت:حسيت بـ إيه يا قُتيبة! أكيد خسرت ضهرك اللي بيحميك!…
كان يُريد الصُراخ، يُريد إخبارها أن تتوقف، إلا أنه أجاب بـ مشاعر لا تنتمي للبشر
-طبعًا، يلا ندخل…
خسارة والده كان الأكثر ربحًا له
********************
طرق باب الغُرفة ثم دلف دون أن ينتظر أن تأذن له، فـ وجدها شاردة تنظر من نافذة الغُرفة حيثُ الظلام الدامس يغزو جميع الأنحاء، توقف قُتيبة قليلًا و أشبع عينيه منها، كم إشتاقها و كم أراد عن يعتصرها في عناق يُزهق أنفاسهما معًا
تقدم منها دون أن يصدر أي صوت، مُستمتعًا بـ رؤيتها هادئة هكذا، ثم لف يده حول خصرها كـ كِلّاب إنتفضت كيان على إثرهِ ثم هدرت بـ غضب
-دخلت إزاي هنا!…
وضع رأسه على كتفها ثم أودعه قُبلة رقيقة جعلت جسدها يرتجف ثم أجاب بـ تمهل
-وحشتيني، قُلت أشوفك
-سألتك سؤال يا قُتيبة
-قهقه و أجاب:نطيت من البلكونة، زي مُراهقة زمان…
رُغمًا عنها إبتسمت بـ حنين و شجن لتلك الأيام التي لم تحمل لها همًا، كان بـ الفعل يتسلق حتى يصعد إلى نافذة غُرفتها، و يتعلق بـ الشجرة التي أزالها جدها بعد ذلك، لا تعلم لِمَ فعلها و لكن يبدو أنه إكتشف ما يحدث
ذات ليلة أخبرته أنها خائفة بـ شدة من إختبار غد، رغم أنها ذاكرت العديد من المرات و لكن قلبها كان يخفق بـ إستمرار، لتجده بعد فترة قصيرة يتسلل إليها
“عودة إلى وقتٍ سابق”
كانت تسير بـ الغُرفة ذهابًا و إيابًا تؤكد معلوماتها و لكنها كانت متوترة بـ شدة و فجأة سمعت صوت طرق على النافذة، فـ فتحتها و وجدت قُتيبة يجلس أمام الشجرة، شهقت كيان و همست بـ صدمة
-بتعمل إيه يا مجنون!
-أجاب بـ شيءٍ ليس له علاقة بـ سؤالهِ:هاتِ المُذكرات بتاعتك و تعالي…
حدقت به بـ عدم إستيعاب ليُشير بـ رأسهِ إلى المُذكرات الموضوعة فوق مكتبها الصغير و قال بـ إبتسامة شقية
-يلا متنحيش يا كيان، هنتقفش و هقع من على الشجرة حالًا…
أسرعت تُحضر المُذكرات كما طلب و فتحت النافذة على مصرعيها و جلست فوق مقعد، و بدأ قُتيبة في مُراجعة بعض النِقاط الهامة و شرحها مرةً أُخرى بـ سلاسة حتى تتذكرها بـ سهولة و كم إتبهرت صغيرته بـ قُدرتهِ على إيصال المعلومة، إذًا لماذا هو بـ ذلك الغباء حينما يتعلق الأمر بـ مشاعرها؟
تُرى أيخدعها أم حقًا لا يستطيع أن يراها سوى طفلة تشبثت به في أول يومٍ دراسيٍ لها؟
أغلق قُتيبة المُذكرة ثم قال و هو يُعطيها إياهم
-لو راجعتِ على النُقط دي، هتعرفِ تحلي، بس متعيطيش عشان متتوتريش
-حاضر، شُكرًا يا قُتيبة
-هتف بـ صوتٍ عميق:لو عايزة تُشكريني بجد، حلي كويس فـ الإمتحان و يوم النتيجة لو طلعت حلوة، فيه مُفاجأة…
كان يعتقد أنها ستتشبث به و تتوسله ليُخبرها و لكنها خيبت ظنه لأنها تعلم أنه لن يُخبرها بـ شيءٍ لتقول بـ إبتسامة حلوة
-ماشي، هستنى يوم النتيجة بـ فارغ الصبر
-قهقه و مازحها:راحت فين الطفلة الزنانة زمان؟
-عبست و قالت:كبرنا يا دنجوان…
إبتسم قُتيبة و هُنا و خافت كيان، كانت إبتسامة لذئبٍ صبور سينال ما يطمح بعد طول إنتظار، كانت إبتسامة تحمل معاني عنيفة أحرقت جسدها و روحها على حدِ سواء، كانت إبتسامة أخبرتها بـ كلِ وضوح
“لقد وقعتِ بـ الفخ يا صغيرة”
توترت كيان و ألقت مُذكراتها فوق الفراش ثم قالت و هي تبتعد مُغلقة النافذة
-لازم تمشي و أنا هنام عشان الإمتحان الصُبح…
كادت تُغلق النافذة و لكنه وضع يده ثم قال بـ صوتٍ جدي و لا زالت الإبتسامة تُقلقها
-هاجي أوصلك و أخدك، متتحركيش من غيري
-هتفت سريعًا:طب يلا ماشي، تصبح على خير…
و لم تنتظر رده بل أغلقت النافذة و الستائر، تختبئ من نظرةِ عينيهِ المُقلقة، وضعت يدها على فمها ثم فتحت جُزء من الستار لتجده لا يزال جالسًا و ينظر تجاهها، و ما أن رآها تفتح الستار حتى لوح لها، لتشهق كيان ثم أغلقتها سريعًا و ركضت إلى الفراش
إرتمت فوقه بـ شدة و خبأت وجهها تحت يديها و ركلت الفراش قائلة بـ ذهولٍ و إعتراف سعيد
-أنا بحب قُتيبة، و مش هحب غيره…
“عودة إلى الوقت الحالي”
أحست بـ رأسه تتحرك و وجهه يدفنه بـ عُنقها يشتمها ثم أودعها قُبلة عميقة ثم رفع فمه و همس بـ صوتٍ أجش جعل إرتجافة تنتشر في جسدها كُله
-وريني ضحكتك، ضحكة زمان يا كياني…
أدارها بين يديهِ و للغرابة لم تُشيح وجهها عنه بل حدقت به بـ قوة جعلت من كيانه يهتز، فـ تأوه قُتيبة و صبره قد نفذ مُنذ زمن، ليهبط على شفتيها بـ قُبلةٍ قاتلة أخبرها خلالها أنه إشتاقها بـ قوة
و تمسكت كيان به، تدعم جسدها الرخوي كـ غريق يتمسك بـ طوقِ النجاةِ، هو حتى في قُبلتهِ لم يسلبها حياتها بل أضفى عليها ألوانٍ مُبهرة تُلون عالمها عديم اللون
إبتعد قُتيبة عن وجه كيان و لكن نظراته ظلت مُتشبثة بها، داعب وجنتها بـ يدهِ الخشنة و قال بـ همسٍ متوسل
-النهاردة آخر يوم هتباتيه بعيد عني، بكرة هترجعي…
أومأت بـ طاعة، ربُما لأعترافها المُخزي أمس جعلها الآن غيرِ قادرة على الرفض، أو ربُما لأنها إستسلمت لطوفانه الذي جرفها إلى شاطئهِ، لم يُغرقها قط
أبعد خُصلاتهِا و داعب وجنتها أكثر ثم دنى و قَبّل وجنتها قائلًا على مضض
-همشي دلوقتي، و بكرة هاجي آخدك…
ثم قُبلة جديدة على جبهتها، أحست بـ قوة ما أودعه لها من إشتياق و كأن أثرها لن يختفي، و حدق بها مُبتسمًا، كانت إبتسامة مُتألمة و رأت هي ذلك الألم ثم إبتعد ليرحل
وجدت كيان نفسها تُمسك كفه، فـ أجفل و إستدار إليها قُتيبة مُتفاجئًا، لتقول هي بعد تردد و خجل طغى على وجنتيها فـ تخضبت بـ حُمرة جميلة
-خليك…
تأوه قُتيبة كـ وحشٍ أصيب في معركة شديدة العُنف و إقترب منها مُعانقًا إياها، يرفعها عن الأرض، ثم نظر إلى عينيها و قال بـ نبرةٍ عنيفة، شديدة الخطورة
-لو تعرفٌ طلبك أصعب من بُعدك إزاي!…
حاوطت خصره بـ قدميها و عانقته ثم همست بـ صوتٍ خفيض، على وشك النُعاس
-يلا ننام…
ربت قُتيبة على خُصلاتهِا ثم سار بها إلى الفراش و وضعها بـ حذر، ثم نزع حذائه و دثر نفسه جوارها، كمشت كيان نفسها في أحضانهِ و حاوطت خصره، ثم نامت بـ سلام و هو كذلك
كانا قلبين ينبضان فـ إتحدت نباضتهما تربت على أوجاعهما فـ ينعمان بـ السلام
********************
بعد ظهر اليوم التالي
ترجلت من السيارة و معها أسيل التي تسأل بـ فضول
-إحنا رايحين فين يا ماما!
-أجابت إيزيل:هنزور قرايب لينا يا حبيبتي…
صعدت إيزيل الدرج المؤدي إلى داخل البِناية، ثم ضغطت أزرار المصعد و صعدت، وصلت إلى الطابق المطلوب ثم وقفت أمام الشقة و دقت الجرس
إنتظرت بعض الوقت حتى تفتح لها عمتها و لكنها فوجئت عندما رأت عُبيدة هو من يفتح الباب، تراجعت و نظرت حولها بـ ذهول ليقول هو بـ هدوء و بساطة
-العنوان صح، بس أنا قاعد عن وقاص
-سألته بـ تعجب:أنت عرفت اللي حصل!…
عقد عُبيدة ذراعيه أمام صدره ثم أومأ قائلًا بـ مُزاحٍ
-أنا اللي لحقته أصلًا…
نظرت إيزيل خلفه و بحثت عن عمتها ثم أعادت نظرها إليه، وجدته عندها يُلاطف أسيل فـ سألته مُبتسمة
-طب هي عمتو جوه!
-أجاب ضاحكًا:أه بتغذي العيان اللي عندنا جوه…
أرادت الضحك و لكنها لم تستطع، فً طمأنها عُبيدة قائلًا بـ رزانة
-متلوميش نفسك، اللي حصل ملكيش ذنب فيه…
إتسعت عينيها بـ صدمة و تراجعت خطوة إلا أن عُبيدة إستقام في وقفتهِ و إبتعد يسمح لها بـ المرور ثم قال
-وقاص مبيخبيش عليا حاجة، و أعرف حاجات أنتِ نفسك متعرفيهاش، أُدخلي و بعدين نتكلم…
أومأت إيزيل بـ شرود و دلفت فـ ربت عُبيدة على رأس الصغيرة ثم أغلق الباب خلفه، نادى عُبيدة أسعد الذي آتى
-معلش يا أسعد، خليك مع أسيل شوية…
كانت نظرات عُبيدة تحكي و فهم أسعد الذي رف بـ عينهِ و أخذ أسيل قائلًا لها بـ مُزاحٍ و حماس
-أما يا بت يا سيلا، نزلت ألعاب تلبيس بنات إيه هتعجبك، تعالي نلعب مع بعض
-ياريت يا عمو أسعد…
إستدارت أسيل إلى إيزيل و سألتها بـ توسل طفولي
-ماما تسمحيلي!
-إبتسمت إيزيل و قالت:طبعًا أسمحلك، يلا روحي إلعبي، بس متعذبيش عمو أسعد
-أوكيه يا ماما…
تابعت إيزيل تحرك الصغيرة بـ حماس حتى إختفيا في غُرفةٍ، ثم إستدارت إلى عُبيدة الذي كان ينظر إليها مُنتظر سؤالها
-عرفتوا إزاي! وقاص محكاليش تفاصيل، هو قالي أنا عايزك تيجي
-طب نقعد الأول قبل ما ندخله، عشان تبقي عارفة كُل حاجة…
أشر لها لتجلس في غُرفةِ الإستقبال و جلس أمامها ثم بدأ في سرد ما قصهُ وقاص عليه في وقتٍ سابق
-وقاص فيه بلطجية طلعوا عليه و هو رايح إجتماع، و الحمد لله الواد طلع طماع أخد فلوس من اللي اسمه سعيد دا و منه و طلع كسبان…
عند ذكر اسم سعيد جفل جسدها و تراجعت في مقعدها، ليسألها عُبيدة رغم أنه يعرف الإجابة
-سعيد دا اللي قابلناه و كان بيضايقك!…
أومأت بـ رأسها، فـ تعقدت ملامح عُبيدة و سألها من جديد يُريد إيضاحًا
-أفهم من كدا إن دا مكنش صُدفة صح!…
مطت شفتيها بـ جهل فـ زفر عُبيدة بـ نفاذِ صبر ثم هتف بـ نبرةٍ شبه عصبية
-معلش لازم أفهم إيه اللي حصل! ما هو معلش مش أنتِ يحصل معاكِ كدا فـ يقوم ينتقم من وقاص…
حكت إيزيل جبينها ثم إتكأت بـ مرفقيها إلى رُكبتيها و قال بـ إجهاد غريب
-سعيد يبقى إبن عمي، لو أنت عارف ظروف الميراث آآ
-قاطعها قائلًا:عارف…
إتسعت عينيها فجأة وقاص حقًا يعتبر عُبيدة أكثر من شقيق، صداقتهم عميقة كما أخبرها ذات ليلة، كان عُبيدة يحمل عاتق هذا المنزل و كأنه منزلهُ أيضًا، في وقتٍ كان وقاص لا يزال مُراهق لا يعرف كيف يعتني بـ أُسرتهِ، لذلك هو يستحق تلك الأسهم في الشركة
كما أن والده أدار الشركة في ظلِ وفاة زوج عمتها، حدقت به إيزيل طويلًا هي سمعت عنه الكثير مُسبقًا و لكن لقاؤه الآن كان شيئًا آخر، إنه بطل من فيلم قديم خرج ليُثبت لها أنه لا تزال هُناك رجال نُبلاء في هذا العالم
تنهدت إيزيل ثم قالت و هي تُشير بـ يدها بـ عشوائية
-كان المفروض ليا ورث، بس أهل بابا رفضوا يدونا حاجة، علشان أنا و ماما ملناش حد فـ معرفناش نعمل إيه، و إتجوزت فـ سن صُغير قُلت يمكن أشيل عبئ عن والدتي شوية…
إبتسمت إيزيل كانت طفلة ساذجة و كم حذرتها والدتها أن الحُب وحده ما هو إلا كـ خيطِ عنكبوت لا يستطيع مواجهة الريح العاتية و لكنها أبت أن تُصدق و تزوجت ثم حصلت على الطلاق بعد فترة قصيرة و يا ليتها أنصتت إلى والدتها حينها لم تكن لتخسر هكذا
شبكت يديها ثم نظرت في عيني عُبيدة و قالت بـ نبرةٍ عادية بها صلف بـ الفطرة
-عن حُب بس للأسف مقدرناش نكمل لأننا كُنا صُغيرين وقتها، و رجعت بـ عبء زيادة على ماما، مش ندمانة إني خلفت أسيل بس تهوري وداني لحتة بعيدة…
إستمع لها إيزيل بـ صبر فـ أكملت و قد ظنت أنها حادت عن مسار الحديث الأصلي
-المُهم وقاص هو اللي كان واقف قُصاد العيلة عشان يرجعوا حقي، بس هو كان لوحده و مش هيعرف يعمل حاجة…
تابعها بـ تركيز فـ إستطردت حديثها و الذنب يأكلها
-بعد اللي الزفت دا عمله كلمت وقاص و حاولت معاه عشان نوصل لحل، و هو مستحملش و راح واجهه و هدده إنه هيعرف يرجع حقي، و كان دا آخر حاجة حصلت، بعدين حصل اللي حصل دا إمبارح…
رفع عُبيدة حاجبه و إنتظرها تُكمل ولكنها صمتت، فـ حثها على الحديث قائلًا
-ها و إيه كمان
-قطبت و قالت:خلاص كدا
-لأ مش خلاص كدا…
إلتفتا على صوتٍ قاطع حديثهما و كانت عمتها التي قالت بـ قوة و حزم أصابت كِلاهما بـ الدهشة
-وقاص هيتجوز إيزيل و نرد إعتبارها…
يتبع…… 
لقراءة الفصل التاسع عشر : اضغط هنا
لقراءة باقي فصول الرواية : اضغط هنا

اترك رد

error: Content is protected !!