Uncategorized

رواية أغلال لعنته الفصل الثاني والعشرون 22 بقلم إسراء علي

 رواية أغلال لعنته الفصل الثاني والعشرون 22 بقلم إسراء علي

رواية أغلال لعنته الفصل الثاني والعشرون 22 بقلم إسراء علي

رواية أغلال لعنته الفصل الثاني والعشرون 22 بقلم إسراء علي

كـ المُحيط الهادئ في نعومتها
و كـ أمواج شديدة الإرتفاع في ثوران مشاعرها
و يبقى الغريق أنا في مياهها العميقة…
لم يُعجبه ما تفوهت به كـ ردٍ على فضولهِ، هو يعيش مُراهقة مُتأخرة، حائرًا و لكن يعلم جيدًا أنه يُريدها، أن نفسه تهواها و تُريد عناقها كُل حين و بلا داعٍ، كان شديد الحرص فيما سبق للسيطرة على ما يشعر به و على ما يدور داخله، و الآن ذَهَبت تلك السيطرة أدراج الرياح
حدق بها صامتًا، دون ملامح حتى شكت أنه فَقَدَ حياته فـ تفحصت تنفسه و سألت بـ قلقٍ و توتر
-وقاص أنت لسه عايش!…
أخرجته من ذهوله و ضحك رغُمًا عنه ثم قال و إبهامه يتحسس باطن كفها ثم يصعد إلى معصمها
-للأسف يا كِنانة، لسه عايش عشان أسرق إعترافك…
إبتلعت لسانها و عضت باطن وجنتها ليُمازحها بـ خُبثٍ
-و لو إن السرقة دي لعبتك
-زمجرت بـ حدة:هنبتدي نعك أهو…
إبتسم وقاص ثم قربها أكثر حتى باتت تلتصق به و قال بـ هدوءٍ و نبرةٍ رخيمة
-مسمعتش إجابتك يا كِنانة…
أشاحت بـ وجهها بعيدًا و الخزي يكتنفها بـ قوة حتى أنها كانت على وشك البُكاء، أرادت أن تنشق الأرض و تبتلعها، أو أن تتحول إلى ذرة تراب و تختفي من أمامه، و هو لن يتركها و تعلم ذاك جيدًا
لقد حاولت الهروب كثيرًا و أرادت تجنبه أكثر و في كُل مرة كان يجذبها إليه بـ خيطٍ وهميّ ظنه سعيه وراء دينها له، إلا أنها كانت مُخطئة لقد كان يسحبها بـ خيطٍ أكثر قوة و متانة و أكثر إخافة من دخولها السجن و هو شيءٍ لم تقُم بـ تجربتهِ من قبل
ألا و هو الحُب!!
أعاد وقاص وجهها إليه ثم قال بـ الإبتسامة الوقورة نفسها و نبرتهِ التي تُصيبها بـ الإنزعاج من فرط حلاوتها
-أنا قتيلك النهاردة
-ردت عفويًا:طب بس أسكت عشان معملهاش بجد…
لن تُصيبهُ الدهشة بعد الآن لقد إعتاد كِنانة بـ كُل مساوءها و جمالها الفطري، لذلك قهقه ثم قال بـ صوتٍ هادئ
-و ماله، نشوف مين هيعملها الأول…
أرادت سحب النرد في أرضها فـ رفعت حاجبها و عكست الأدوار ثم سألته بـ مكرٍ و إنتصار و كأنها حشرته في الزاوية
-طب ما تقولي أنت ليه بتحبني!
-مال بـ رأسهِ و قال بـ بساطة:أنا مقولتش بحبك يا كِنانة!…
بهتت ملامحها و خجلت في الوقت ذاتهِ و حاولت البحث عن شيءٍ تُنقذ به الموقف المُخزي و لكنها لم تجد فـ عضت شِفاها السُفلى بـ خجل، و لكن وقاص أكمل بـ نفس البساطة
-أنا محبتش قبل كدا و لا أعرف البنات بتفكر إزاي، أنتِ أول تجربة يا كِنانة أخوضها فـ عالم مفكرتش قبل كدا إني أدخله…
رفعت رأسها سريعًا و نظرت إليه مصدومة فـ أكمل بـ إبتسامة بسيطة و لكنها حملت الكثير من المعاني
-يعني لو أنا مُتقبل كُل عيوبك و مستحملها، و لو مستني أشوفك كُل شوية، و لو بفكر فيكِ أكتر من الشُغل، و لما كُنت فـ خطر و أولويتي إني أحميكِ، و لو أنا مُستعد أرمي جوازي من إيزيل عشانك بـ مجرد كلمة واحدة منك بس…
المشاعر التي تُحاصر قلبها و تجعلها ريشة في مهب ريح مشاعره العاتية، تستمع إليه بـ ذهول حطم مُقاومتها الأخيرة في إنكار إنجذابها له، وقاص الهادئ و الذي إستفزها دائمًا هدوءه، يُخبرها بـ ذات الهدوء أنه يكن لها مشاعر عميقة، قد تكون أعمق من الإعجاب و الحُب
مُستمتع هو بـ ملامح وجهها و تعبيراتها اللذيذة، فـ إبتسم ثم قال و هو يرفع يده المُمسكة بـ يدها و رسم دوائر في باطن كفها
-لو كُل دا معناه الحُب، فـ أه بحبك يا كِنانة…
الكلمة كانت صدمة قوية، رغم أنها عرفت أنه سيقولها بـ صراحةٍ، إلا أنها لم تتحمل ذلك فـ سقطت عبراتها تِباعًا حتى عبس وقاص و غمغم بـ سخط
-لو أعرف إنك هتزعلي مكنتش قُلت
-نفت قائلة:لأ مش بعيط لأ…
رفع يده و مسح عبرة ثم رفعها أمام وجهها و قال بـ ضيق
-أومال يعني السقف بينقط على وشك!
-إنفجرت في البُكاء أكثر و قالت:مش عارفة، مش عارفة…
ذُهل وقاص بـ شدة أمام صوت بُكاءها و توتر هل هي تكرهه إلى هذا الحد الذي يجعلها تبكي الآن بـ هذا الشكل المُثير للشفقة؟ لم يجد ما يفعله سوى قوله السريع
-لو زعلانة، هسحب إعترافي!…
كانت تُخفي وجهها بين يديها و ما أن نطق ما قاله حتى أبعدت يدها عن وجهها و هدرت بـ شراسة
-إياك تعملها
-تعقدت ملامحه و هدر حينها:أومال مالك فهميني!!…
أجفلت كِنانة لغضبهِ المُفاجئ و كادت أن تسُبه و لكنها رأت أنه مُحق، فـ هي لا تفعل شيئًا سوى البُكاء، فـ مسحت عبراتها بـ أكمامها ليقول و هو يسحب منشفة ورقية
-إمسحي فـ المناديل يا معفنة
-سحبتها بـ قوة و قالت:متشتمش…
عقد وقاص ذراعيه أمام صدرهِ و إنتظرها حتى فرغت ثم هتفت و هي تنظر إليه بـ خجل
-آسفة، حبت مشاعر و راحوا لحالهم
-سخر قائلًا:الحمد لله، ربنا سترها و مغرقناش بـ دموعك يا ست أمينة رزق
-هتفت ساخطة:على فكرة دا موقف رومانسي ليه تضيعه كدا ليه!
-أشار إلى نفسهِ و قال ذاهلًا:هو أنا اللي عيطت!
-ردت بـ ثقة:لأ أنا، بس أنا بنت و واجب تتحمل هرموناتي…
رقمها وقاص بـ غيظٍ ثم أخرج تنهيدة حارة و قال بـ إبتسامةٍ مُجبرة
-آسف يا ستي، مُمكن أسمع ردك!…
عادت تنفجر بـ البُكاء من جديد فـ نفخ وقاص بـ نفاذ صبر ثم سحب بعض المناشف الورقية و مدّها إليه و سألها بـ نبرةٍ فاترةٍ
-بتعيطتِ تاني ليه!…
أجابت و هي تمسح وجهها بـ عفوية ناظرةٍ إليه بـ أعين شديدة الحيرة و السعادة في الوقت ذاته، و لمح هناك تلك الحرب الطاحنة التي تدور
-لأني مش قادرة أخبِ إنجذابي ليك أكتر من كدا…
هل هذه الإجابة تكفي؟
********************
خرجت كيان من المرحاض بعد لحظات من خروج قُتيبة لتجده يجلس فوق المقعد شارد الذهن، يبدو كـ كُتلة صخرية لا حياة بها، يُمسك بـ منشفة كانت من المُفترض تقوم بـ تجفيف خُصلاتهِ التي تُقطر عليه الآن و لكنه تقريبًا نسى، أو أهمل مُتعمدًا
إقتربت كيان منه ثم سحبت المنشفة و تفاجئ هو، لتضع يديها على كتفيهِ قائلة بـ صوتٍ حازم
-همسح شعرك عشان ميجيش لك برد…
أومأ بـ فتور و عينيه صلبة تُحدق بـ الفراغ بـ فراغٍ مُماثل، ثم بدأت كيان في تجفيف شعره بـ رقة و حذر، أحيانًا كانت تُداعب فروة رأسه بـ يدها و تُصفف خُصلاتهِ بـ يدها و أحيانًا أُخرى تنحني و تضع قُبلة، تشعر بـ إرتجافة بدنه و لكن عينيه كانت وادٍ آخر مُقفر، خالي من الحياة
إنتهت لتجلس جواره في صمتٍ ليلتقط المنشفة من يدها و أدارها لتوليه ظهرها و بدأ هو الآخر في تجفيف خُصلاتهِا، على الرغم من تجهم ملامحه و جفاف مشاعره إلا أن يده كانت رقيقة، و كأنها تُعامل آنية شديدة الهشاشة
هي سعيدة لن تُنكر ذلك، مفهوم الحُب عندها يتمثل في تلك التفاصيل الصغيرة، لم يكن يُغريها المظاهر الباذخة في الحُب، كانت تشعر أنه زائف و مُمل، و قُتيبة كان الأمثل في تحقيق هذه التفاصيل
مثلًا كان ينتظرها بعد إختبارها و يسألها كيف أبلت،
أو يقوم بـ المُذاكرة لها و تهدئتها،
أو أن يسير معها إلى المنزل و يقفا أمام عربة مُتنقلة تبيع المُثلجات و يشتري نكهتها المُفضلة دون أن يسأل
إعترافاته و تمُسكه المُميت بها، كان هذا بـ النسبةِ لها أعظم درجات الحُب و السعادة و لم تُرِد أكثر من ذلك، حتى بعد زواجهما حافظ على تلك البساطة القاتلة لها
إنتهى من تجفيف خُصلاتهِا، ليُلقي المنشفة بـ إهمال لتستدير إليه كيان بـ صمتٍ، تنتظره يبدأ الحديث، و لم يتأخر فـ سمعت تنهدة رفعت من حرارة الجو من فرط حرارتها و سأل بـ صوتٍ مُظلم
-عايزة تعرفِ إيه!!…
توترت و لمعت فكرة التراجع بـ رأسها و لكنها دحضتها سريعًا و حمحمت قائلة بـ تلعثم
-أي حاجة و كُل حاجة
-إلتفت إليها و قال هازئًا:عايزة تتأكدي أنا بكرهه ليه! عايزة تعرفِ أنا كرهت طفولتي أد إيه! عايزة تفهمي أنا بحارب نفسي عشان مكنش زيه ف يـ يوم؟!…
تراجعت كيان و إرتسمت الصدمة على ملامحها، فـ قبض على يدهِ و هدر بـ صوتٍ مُخيف أخافها بـ شدة
-معشتش طفولة زي اللي كُنت بشوفها فـ التليفزيون، و لا إتربيت فـ عيلة تعرف معنى كلمة الحُب، أنا كبرت و وعيت على ضرب و إهانة و ذُل…
وضعت كيان يدها على فمها و شهقت بـ فزع حقيقي، و لكنه ضحك ضحكة سوداء و أكمل ناظرًا إلى عينيها الدامعة
-معرفش كان ماله يمكن كان مريض أو عنده عُقدة نقص، بس اللي أعرفه إني بكرهه و كُنت بكره أشوفه، وقت رجوعه البيت كان أسوء وقت بعيشه، ببقى مُترقب الضربة هتنزل فين أو هتعاقب على أي ذنب معملتوش…
تقلصت ملامحها بـ حُزنٍ و ألم كبيرين، و إقتربت من قُتيبة تُعانق رأسه إلى صدرها، و إستطرد مُكملًا و كأنه سبح في عالمهِ الأسود
-أمي كانت بتنضرب لو الأكل ناقص ملح، و أنا بنضرب لو قُلت معلش، كان جبار و أنا كُنت أهبل بحاول أرضيه عشان يحبني، بس لما كبرت عرفت إنه مشوه من جوه ميعرفش يحب حد غير نفسه و لا يعيش غير لنفسه…
تمسك قُتيبة بـ يدها التي تربت بها على رأسه و عانقها إلى صدرهِ مُكملًا
-كُنت بشوفه صُدف مع ستات تانية فـ أماكن مشبوهه، كان بياخد تعبي اللي بتعبه فـ الشُغل عشان يصرفه على القرف بتاعه، حاول يخرجني من التعليم بس أنا عافرت و إشتغلت أكتر عشان ألهيه بـ الفلوس و يسبني فـ حالي…
ضحك ساخرًا و رفع بصره إليها ثم قال بـ صوتٍ ساخر، أسود مُحمل بـ مرارة الماضي و علقمه
-هي حتى قالتلي سيب التعليم عشان أرضيه، بس أنا حاربت يا كيان، حاربت عشان نفسي و عشانك، كُنت كُل ما أيأس أفتكرك و أفتكر إنك أملي اللي فاضل
-همست بـ لوعةٍ مُؤلمة:قُتيبة!!
-و لكنه أكمل:دعيت ربنا فـ كُل صلاة و فـ أي وقت إني مخسركيش، و إني أكون أحسن عشانك…
إعتدل و حاوط وجهها ثم قال كأنه يتوسلها و معالم وجهه تتقلص بـ ألم لأول مرة تراه على ملامحهِ
-أنا مش زيه والله، أنا عارف إن فيا عيوب و مش كامل، و عارف إني همجي و إني مُتملك و مُقرف، بس مش زيه و بحاول أكون مش زيه
-أمسكت يده و قالت بـ ألمٍ باكية:قُتيبة أنا مصدقاك
-نفى و أكمل:أنا لما يكون عندي ولاد منك هعاملهم أحسن معاملة، حتى هدخلهم أحسن مدارس أنا لاقيت شُغل حلو هقولك عليه…
وضعت كيان يدها على فمهِ تمنعه من إكمال حديثه و قالت مُبتسمة بـ حُزن شطر روحها إلى نصفين، ألم إعتصر قلبها في قبضةٍ من حديد لمُعاناته الصامتة ثم هتفت
-أنت كُنت فـ يوم بابا اللي خسرته، عاملتني و كأني بنتك تفتكر مش هكون عارفة هتعامل ولادك إزاي!
-سألها بـ لهفةٍ مؤذية:يعني أنتِ مصدقاني؟!!…
أمسكت كيان يده و قَبّلتها ثم إبتسمت و هي تحك وجنتها على باطن كفه الدافئ
-ولو العالم كُله كدبك، أنا هصدقك…
وجدت وجهه المُظلم يُشرق
و إبتسامته المُتيبسة تنفرج بـ سعادة
و يده تقترب و تضعها في مكانها الصحيح، بين ذراعيهِ ثم تأوه قائلًا بـ نبرةٍ أجشة، مُتحشرجة
-كُنت خايف تكتشفِ جانبي الأسود و تهربِ…
بادلته العناق القوي بـ آخر أقوى ثم أودعت وجنته قُبلة و قالت بـ نبرةٍ صادقة، جميلة
-الجانب الأسود دا هو عالمي و أنا راضية بيه… 
يتبع…… 
لقراءة الفصل الثالث والعشرون : اضغط هنا
لقراءة باقي فصول الرواية : اضغط هنا

اترك رد