روايات

رواية امرأة العقاب الفصل الحادي والعشرون 21 بقلم ندى محمود توفيق

رواية امرأة العقاب الفصل الحادي والعشرون 21 بقلم ندى محمود توفيق

رواية امرأة العقاب البارت الحادي والعشرون

رواية امرأة العقاب الجزء الحادي والعشرون

رواية امرأة العقاب الحلقة الحادية والعشرون

توقف بسيارته بأحد الشوارع الجانبية لتلك المنطقة الشعبية .. تفحص المارة بعيناه التي تخفيها نظارات شمسية سوداء وهو داخل سيارته .. التقط العقد ووضعه في جيب بنطاله ثم فتح الباب ونزل وأغلقه بهدوء ، وقف والتفت حوله بنظرات تائهة ، وصل لمنطقتها لكنها لا يعرف منزلها .. لاحظ نظرات الفتيات والنساء والرجال وهم يمرون من جانبه .. بعضها نظرات استغراب وفضول والآخرى غامضة ما بين همسات الفتيات وهم يعلقون نظرهم عليه بإعجاب ، تنهد بقوة ثم سار بخطواته في الطريق وهو ينقل نظره بين كل شيء .. فوجد طفل حوالي في التاسعة من عمره يركض خلف صديقه الآخر فاقترب منه واوقفه هاتفًا بخفوت :
_ في بنت هنا اسمها مهرة متعرفش بيتها فين ؟
صمت الطفل وهو يحدق بآدم في تدقيق .. ملابسه الاشبه بملابس الأثرياء ونظارته الفاخرة .. جعلته يتساءل عن سبب سؤاله عن فتاة حارتهم فقال له بقوة لا تليق بصوته :
_ وإنت مين وتعرف مهرة منين ؟!
آدم باسمًا ببعض التعجب من لهجة الولد وطريقته في التكلم :
_ اعرفها من الشغل
نزل الولد بنظره يلقي نظره متفحصة على آدم بريبة فور قوله بأنه يعرفها من الشغل ، ثم أجاب عليه بالأخير في مضض :
_ تعالى ورايا
القى بجملته واستدار وسار باتجاه منزل مهرة بينما آدم فتأفف ببعض الحنق وسار خلف ذلك الطفل حتى وقفا أمام بناية صغيرة متهالكة مكونة من طابقين والتفت له الولد هاتفًا وهو يسير بأصبعه لأعلى :
_ الدور التاني
اماء له آدم بالموافقة وقبل أن يستدير الطفل وينصرف هتفت الجارة سماح من شباك شقتها بالطابق الأرضي :
_ مين ده ياواد ياسيد ؟!
نظر إلى آدم وقال باقتضاب :
_ واحد عايز مهرة بيقول يعرفها من الشغل
ارتدت سماح نظارة النظر خاصتها وتفحصت آدم بتدقيق شديد فابتسمت بخبث وقالت ساخرة :
_ هو إنت اللي بيقولوا عليه ولا إيه !
ضيق آدم عيناه بعدم فهم ولكنه لم يكترث وهم بدخول البناية حتى يصعد لشقة مهرة لكنها أوقفته هاتفة بفضول شديد :
_ ومن امتى بقى على كدا !
توقف والتفت لها برأسه هادرًا بصوت رجولي غليظ :
_ نعم !!
سماح بتوضيح أكثر وبلؤم أنوثي وهي تتفقد بعيناها كل جزء بآدم :
_ من امتى يعني وإنت ماشي مع البت مهرة .. والله وطلعتي قادرة يابنت رمضان الولا باين عليه ابن بشوات أوي
رفع حاجبه بنظرة مخيفة استقرت في عيني آدم .. لكنه أصدر زفيرًا حارًا بنفاذ صبر ولم يعيرها اهتمام للمرة الثانية .
كانت سهيلة على بعد خطوات من منزل مهرة متجهة إلى السوق حتى تقوم بشراء بعض متطلبات منزلهم ، وحين وقعت عيناها على آدم كأن صاعقة برق أصابتها من الصدمة والفرحة بذات اللحظة .
كان آدم على وشك أن يدخل ويصعد لولا الصوت الأنوثي الناعم الذي سمعه وهو يصيح عليه :
_ أستاذ آدم
تملكته الدهشة حين سمع اسمه ، فمن الذي يعرفه بهذه المنطقة !! .. توقف واستدار بجسده كاملًا للخلف وتابع تلك الفتاة وهي تهرول مسرعة نحوه بتلهف ، كانت ترتدي عبائة سوداء وحجابها من نفس اللون .. تلفه على شعرها بعشوائية … لحظات معدودة وتوقفت أمامه هاتفة بلهاث :
_ إنت جاي لمهرة ؟!!!
_ أيوة .. إنتي تعرفيني ؟!
سهيلة بوجه مشرق :
_ وهو حد ميعرفش الفنان آدم الشافعي  .. أنا كنت في افتتاح معرض حضرتك مع مهرة ، في الواقع أنا اللي اخدتها معايا
ابتسم لها ابتسامة متكلفة ورد بود :
_ آااه اهلا وسهلًا .. طيب عن أذنك عشان مستعجل أنا هطلع لمهرة
ردت عليه زامة شفتيها بأسف :
_ بس مهرة مش موجودة .. طلعت راحت الشغل
_ امممم هو إنتي اختها ؟!
_ لا صحبتها وتقدر تعتبرني اختها برضوا عادي
هدر آدم بصلابة وهو يهم بالاستدارة والرحيل :
_ اه مش مشكلة ابقى اجيلها مرة تاني
سهيلة بفضول وحماس :
_ هو حضرتك كنت جاي ليه ؟
اضطرب قليلًا في باديء الأمر لكنه اسرع ورد بثبات :
_ هااا .. كنت جاي اديها حاجة بس خلاص مرة تاني
همت بأن تجيب عليه لكن اوقفها صراخ صبي وهو يركض باتجاههم ويصيح بهلع :
_ يا أبلة سهيلة الحقي .. الحقي
التفتت سهيلة باتجاهه بزعر هاتفة :
_ في إيه يا ولا سرعتني
توقف أمامها وانحنى للأمام مستندًا بكفيه على ركبتيه يلتقط أنفاسه المتسارعة ويهتف بلهاث :
_ مهرة .. الحقي مهرة
صرخت به مزعورة فور سماعها لاسم مهرة الذي لفت انتباه آدم الذي كان سيرحل لكنه توقف :
_ مالها مهرة يا ميدو انطق
التقط أنفاسه وهتف بهلع وخوف :
_ بدرية الشحات خدرتها في الشارع وهي راجعة وبعدين مهرة اغمي عليها وجات عربية ميكروباص نزل واحد منها شالها ودخل بيها العربية ومشي .. أنا شوفتها بعيني والعربية بتاعت ريشا حتى عليها نفس العلامة اللي على ميكروباص ريشا
شهقت سهيلة بزعر وصاحت وهي تضرب على صدره بارتيعاد :
_ ريشا خطفها .. وفين اللي ما تتسمى بدرية دي
_ رجعت على محلها
صرخت سهيلة بعصبية :
_ وحياة أمي لأشرب من دمك ياولية يا ****
قبض آدم على يدها قبل أن تندفع وهتف بقلق بسيط :
_ استني فهميني مين ريشا ده و ليه يخطفها ؟!
سهيلة بغضب هادر وخوف ملحوظة في نبرتها :
_ ده واحد **** ربنا يستر وميأذيهاش .. أنا هروح اشوف الولية بنت ***** دي واخليها تقولي خدها فين
_ طيب استني أنا جاي معاكي
                                    ***
تجوب الغرفة إيابًا وذهابًا وهي عبارة عن بركان تفوح حممه البركانية فوق سطحه ، وتضغط على قبضة يده بقوة من فرط الغيظ وتردد كلماته بعصبية ويد تهتز من فرط السخط :
_ إنتي زعلانة ليه .. طيب متزعليش !! … أنا زعلانة ليه !!! .. طيب أنا هوريك زعلانة ليه ياعدنان
اندفعت ثائرة باتجاه أحد إدراج المكتب الصغير الموضوع بجوار فراشهم وفتحت الدرج ثم التقطت المقص وعادت نحو خزانته وهي تشتعل غضبًا .. فتحت الخزانة وأخرجت ملابسه واحدة تلو الأخرى وكل قطعة تمسكها من ملابسه تشقها بالمقص إلى قطعتين أو ثلاثة بحسب ماتهوى ، وبينما تقوم بتمزيق ملابسه في غل تتمتم ببعض الكلمات المستاءة نتيجة لردوده الباردة عليها منذ الأمس وتهتف بازدراء :
_ طبعا ماهو إنتي اللي غبية عشان بتهيني نفسك قدامه يا جلنار .. كنت منتظرة منه إيه مثلًا يقولك لا أنا بحبك ياحبيبتي .. طبيعي هيرد بكل برود وتناحة كدا .. ماشي ياعدنان مبقاش أنا بنت الرازي إما شربتك من نفس الكاس
فتح الباب ودخل بكل هدوء وطبيعية وحين وقع نظره عليها تسمر بأرضه منذهلًا  مما يراه ، وباللحظة التالية فورًا هتف في شبه صيحة ساخطة :
_ بتعملي إيه !!!
جلنار ببرود وهي تصر على أسنانه :
_ اصل لقيتها هدوم قديمة ومش حلوة ابقى روح اشتريلك هدوم جديدة
اندفع نحوها وجذب ملابسه من يدها صائحًا بها بانفعال :
_ إيه اللي بتعمليه ده ياجلنار .. إنتي اتجننتي !
رفعت المقص ولوحت به أمام وجهه صارخة بعصبية وعدم وعي :
_ أه اتجننت وابعد من وشي بدل ما اقتلك واخلص منك خالص
تراجع برأسه للخلف كرد فعل طبيعي لتهديدها له بالمقص ، وعيناه تطلق إشارات الصدمة من انفعالها وما تفعله لكن كلمتها الأخيرة قلبت كل شيء حيث رسمت الريبة على ملامحه بلحظة وبالأخرى كان ينفجر ضاحكًا وهو يردد كلمتها :
_ تقلتيني !!!!
مد يده إليها بهدوء شديد وجذب المقص من يدها وبيده الأخرى يحاوط خصرها متمتمًا من بين ضحكه :
_ طيب هاتي المقص ده بس يارمانتي عشان أنا كدا هخاف على نفسي منك بجد
دفعته بعيدًا عنها بعنف وصاحت به منفعلة :
_ قولتلك مية مليون مرة متلمسنيش
_ طيب مش هلمسك أهو .. ممكن افهم إيه اللي عملتيه في هدومي ده !
جلنار بابتسامة شرسة ومستاءة :
_ ده ولا حاجة .. دي لسا البداية طول ما إنت مش عايز تطلقني يبقى تستحمل
ضحك وهتف ساخرًا :
_ وإنتي لما تقطعي هدومي بالشكل ده أنا هطلقك يعني !
_ ما أنا قولتلك دي لسا البداية
وضع كلتا قبضتيه في جيبي بنطاله وتمتم بابتسامة متسلية وبنظرة معجبة :
_ والخطوة الجاية هتكون إيه بقى .. هتقطعي الملابس الداخلية ؟!
جزت على أسنانها واقتربت منه تهتف أمام وجهه باغتياظ وبغل :
_ هقطعك إنت
هتف ضاحكًا بخفة :
_ آه ده إنتي بتتكلمي بجد بقى وناوية تخلصي مني فعلًا
استمرت في التحديق به بشراسة وتحدي بعيناها البندقية  وشعرها الأسود الكاحل ، وهي تقابل منه ثبات انفعالي مستفز ونظرات مثلجة لكن تحمل في ثناياها الإعجاب بزهرته الحمراء الشرسة  .. شعرت به يلف ذراعه حول خصرها ويجذبها إليه فجأة ثم يستدير بها ويحاصرها بينه وبين الخزانة وينحنى على أذنها هامسًا بمتعة ملحوظة في نبرته :
_ برضوا مش هسيبك
هدأت حدة نظراتها قليلًا وهي تتطلع إليه وهو على هذا القرب الحميمي منها ، لكن سرعان ما دفعته عنها حين شعرت بضعف موقفها وهمت بالانصراف لكنه اسرع وجذبها مرة أخرى من ذراعه ودفن رأسه بين خصلات شعرها يشم رائحته الجميلة بتلذذ مغمضًا عيناه وهو يهمس بهيام دون أن يشعر :
_ ريحة شعرك حلوة
سيطرت على نبضات قلبها بصعوبة ولملمت شتات نفسها في لحظة ثم جذبت يدها من بين قبضته واندفعت لخارج الغرفة وهي تتمتم بغيظ ممتزج ببعض الاضطراب :
_ مستفز
بحركة تلقائية منها أمسكت بخصلات شعرها وقربتهم من أنفها تشم رائحته وسرعان ما تركته وهي تعيد جملته الأخيرة تقلده بقرف ! .
                                   ***
غارت سهيلة على بدرية تجذبها من حجابها غير مبالية لفرق السن بينهم وصاحت بها :
_ مهرة فين يا ولية يا *****
حاولت بدرية فك حجابها وشعرها من قبضة سهيلة صارخة بها بغضب :
_ وأنا مالي بمهرة كنت الحارس الشخصي بتاعها
صاح الولد الصغير بانفعال :
_ أنا شوفتك وإنتي بتخدريها وبعدين ريشا أخدها في عربيته
بدرية ببعض الارتباك والعصبية المبالغ بها :
_ أنا مخدرتش حد وشيلي إيدك عني يامجنونة إنتي
كان آدم يقف على عتبة المحل يتابع ما يحدث في الداخل بعيناه بصمت تام وشعور الاستياء يتملكه من تلك المرأة الشمطاء ، مسح على وجهه بالاخير متأففًا بنفاذ صبر ثم دخل وقاد خطواته الثابتة تجاه بدرية ، ابعد سهيلة عنها بيده ووقف أمامها مباشرة يهمس بنظرة مميتة ونبرة محذرة :
_ عملتي فيها ايه واخدتوها فين .. سؤال واضح وبسيط وإنتي هتجاوبي عليه بالذوق وإلا صدقيني لو رفعت تلفوني واتصلت بالبوليس مش هتطلعي منها
تفحصت هيئته الفخمة وملابسه باستغراب امتزج ببعض الخوف من تهديده الصريح الذي يبدو أنه ليس فارغ مطلقًا .. سيطرت على توترها وصاحت :
_ وده مين ده كمان ؟!
آدم بعيناه المخيفة :
_ الأفضل متعرفيش انا مين عشان متندميش .. ويلا انطقي
صرخت بها سهيلة بانفعال هادر وزمجرة :
_ما تخلصي انطقي يا ولية خدتوها فين ؟
خضعت بالأخير وظلت تقلب نظرها بينهم بخوف وتردد وبعد لحظات من التحديق بذلك الغريب عن منطقتهم الذي يقف أمامها وقد أصابها ببعض الاضطراب جعلها تستسلم وتهتف بمضض :
_ معرفش أنا ساعدته بس أنه ياخدها من المنطقة .. معرفش خدها فين
سهيلة بصراخ هستيري :
_ متعرفيش إزاي .. إنتي هتستعبطي علينا
آدم بخفوت وهدوء مريب وهو يعلق نظره عليها بقوة :
_ اتصلي بيه واسأليه خدها فين
طالت النظر في عين آدم التي تحمل في طياتها الانذار فأخذت نفسًا عميقًا والتقطت هاتفها تجري اتصال بريشا الذي أجابها بعد لحظات قصيرة وقبل أن ينفتح الخط جذب آدم الهاتف من يدها وفتح مكبر الصوت ليستمعوا جميعهم له وهو يهتف :
_ لا بس عفارم عليكي يابدرية .. دي البت مش حاسة بأي حاجة لغاية لوقتي انتي خدرتيها بإية !
ضربت سهيلة بكفيها على خديها في هلع ورعب بينما بدرية فابتلعت ريقها وهتفت بصوت جاهدت في إظهاره طبيعيًا :
_ هي لسا مفاقتش ؟
_ لا لسا .. كدا احسن عشان اعرف اخد راحتي
اندفعت سهيلة وكانت على وشك أن تصيح في الهاتف وتسبه ببعض الألفاظ البذيئة لولا أن آدم منعها بيده وأشار لبدرية بأن تتحدث وتسرع فقالت له :
_ هو إنت اخدتها فين صحيح
_ في بيت ( ….. ) القديم
انزل آدم واغلق الاتصال فورًا ثم هتف :
_ فين البيت ده ؟
هتفت سهيلة بقلق ووجه مرتعد :
_ أنا عرفاه يلا هدلك عليه في الطريق
جذبت الهاتف من يد آدم ووضعته بكف ميدو هاتفة بحزم :
_ هتفضل قاعد هنا ياميدو وإياك عينك تزوغ عنها ولا تخليها تطلع والتليفون يفضل معاك
_حاضر متقلقيش
ثم اندفعت للخارج ولحق بها آدم الذي اخذها لسيارته واستقلت بالمقعد المجاور له ثم انطلق بالسيارة يشق الطرقات وهي تدله على الطريق .
                                    ***
فتحت عيناها تدريجيًا والألم يجتاح رأسها بعنف ، وفور إدراكها لكل شيء حولها شعرت بيد تعبث بشعرها ، ففتحت عيناها على آخرهم وحين رأته وثبت جالسة وهي تصرخ وتتلفت حولها بهلع في ذلك المنزل المتهالك والفراش المتسطحة عليه .. نظرت لملابسها فوجدتها كما هي ، وثبت من الفراش واقفة وهمت بالركض لكنه قبض على ذراعه وجذبها هاتفًا :
_ استني يابطل رايحة فين دي لسا الليلة هتبدأ !
تململت بين قبضته وهي تصرخ به بهستريا :
_ ابعد إيدك ال**** دي عني يا حيوان
جذبها إليه أكثر عنوة وهو يحاول تقبيلها وهي تصرخ وتضربه بكل قوتها وتسبه بكل لفظ يخطر على عقلها .. وللأسف صراخها المرتفع لا يصل لأحد نظرًا لأن ذلك المنزل بمنطقة مهجورة من السكان .. استمرت في الدفاع عن نفسها بكل الطرق تارة تحاول دفعه دون أن يلمسها بشفتيه وتارة تضربه بكلتا يديها في عنف وهي لا تتوقف عن الصراخ حتى بالأخير بصقت في وجهه بقوة وهي تخرج من بين شفتيها ابشع واقذر الألفاظ المناسبة له .
اغضبته وأثارت سخطه بشدة مما جعله يمسك بها بعنف ويلقيها على الفراش وسط محاولاتها البائسة للفرار من بين براثينه .. فهو يفوقها بقوته الجسمانية ، اقترب منها بتريث وعلى وجهه ابتسامة شيطانية تعبر عن نوياه ، ولحسن حظها لمحت بجوار الفراش كوب ماء متوسط الحجم فمدت يده مسرعة والتقطته ثم نزلت به فوق رأسه فتحطم الكأس كله فوق رأسه وتناثرت أجزائه على الأرض بينما هو فوضع يده على رأسه يصرخ بألم وقد ابتعد عنها قليلًا بتلقائية نتيجة لألمه .. فدفعته هي واسقطته على الأرض ثم هرولت راكضة باتجاه الباب وفتحته ثم اندفعت راكضة على الدرج تفر هاربة وهي تلهث برعب ولا ترى أمامها سوى طريق الخروج تركض وهي تتلفت خلفها حتى تتأكد من عدم تعاقبه لها .. خرجت من البناية وهي ترتجف ولا تزال تركض دون أن ترى أمامها فقط تحمي ظهرها برأسها .. وإذا بها فجأة ترتد للخلف حين اصطدمت بآدم وهي تركض ، أمسك بها قبل أن تسقط وحدق بمعالم وجهها المزعورة .. بينما هي فدفعته بحركة عفوية في زعر وخوف ورأت صديقتها تركض إليها من خلفه وهي تصيح بسعادة :
_ مهرة
وصلت إليها وضمتها تعانقها بقوة وتهتف باهتمام وقلق :
_ عملك حاجة الحيوان ده ؟
كان ريشا يركض على الدرج حتى يلحق بها وهو ممسك برأسه وعندما خرج من البناية ورأى سهيلة ومعها ذلك الرجل الغريب وهي معهم ، فتوقف بدهشة يتطلع إليهم بارتيعاد والتقت نظراته المرتبكة للحظة بنظرات آدم النارية وفورًا باللحظة التالية كان يركض مهرولًا بعيدًا ، فلحق به آدم ركضًا .
ابعدت سهيلة مهرة عنها واحتضنت وجهها بين كفيها هاتفية بقلق تتطلع لمعالمها المرتعدة :
_ مهرة ردي عليا إنتي كويسة
انهارت جميع حصونها وانهمرت دموعها على وجنتيها بغزارة وتدريجيًا بدأت تشتد حدة بكائها وهي تمسك بشعرها بقوة وعنف كمن ترغب في جذبه من جذوره وتصرخ باكية بحالة هسيتريا :
_ لمسني يا سهيلة منه .. نفس المكان .. لمسني .. نفس المكان
حاولت تهدأتها وهي تفلت خصلات شعرها من بين قبضتيها مردفة بقوة حتى تجعلها ننتبه لها :
_ مهرة … اهدى .. اهدى .. إنتي بخير الحمدلله .. بصيلي
سكنت لوهلة فجأة واعادت تشغيل الشريط لترى كل شيء أمام عيناها ، المأسآة كاملة .. ثم عادت مرة أخرى للبكاء لكن بعنف أشد وهي ترتجف بشكل يثير القلق وثواني معدودة حتى بدأت تفقد وعيها تدريجيًا وسهيلة أدركت ذلك فأمسكت بها وهي تصيح بها حتى لا تغمض عيناها :
_ مهرة فوقي .. مهرة .. مـــهـــرة
استسلمت واغمضت عيناها متغيبة عن الواقع .. فتلفتت سهيلة حولها تبحث بنظرها عن آدم ولكن لا وجود له ، فتأففت بعدم حيلة وانهمرت دموعها بأسى على صديقتها ثم جلست على الأرض وهي تضع ذراعها اسفل رأسها وتحاول إفاقتها لكن دون فائدة .. دقيقة بالضبط وعاد آدم وهو يلهث من أثر الركض ، فوقف أمامها وهتف :
_ مالها ؟
_ اغمي عليها وبحاول افوقها مفيش فايدة
انحنى على الأرض وحملها على ذراعيه ثم سار بها متجهًا نحو سيارته هاتفًا :
_ يلا هناخدها المستشفى
هرولت سهيلة خلفه وفتحت باب السيارة الخلفي ووضع هو مهرة بحذر شديد ثم اغلق الباب واتجه لباب مقعده ليفتحه ويستقل به واستقلت سهيلة بالمقعد الخلفي بجوار صديقتها ثم هتفت بتساءل :
_ هرب ؟!
حرك محرك السيارة وانطلق بها وهو يجيب عليها بغضب :
_ ايوة ركب الميكروباص وهرب بس هجيبه هيروح مني فين يعني
                                  ***
كانت تجلس أمام التلفاز تشاهد أحد البرامج الترفيهية وإذا بها تسمع صوت رنين هاتفها يصدع من الغرفة بالداخل فاستقامت واقفة واتجهت للغرفة والتقطت الهاتف الملقي فوق الفراش ، ثم حدقت في الشاشة تقرأ اسم المتصل ” نشأت الرازي ” .. أصدرت زفيرًا حارًا بخنق ثم اجابت عليه باقتضاب :
_ خير
نشأت بنبرة دافئة :
_ عاملة إيه يابنتي
جلنار في جفاء :
_ كويسة يا نشأت بيه .. خير إيه سبب الاتصال ؟!
صعب عليه أن تناديه ابنته باسمه دون أن تقول ” أبي ” كما اعتاد أن يسمع اسمه منها هكذا .. فتنهد بيأس وغمغم في ندم :
_ كفاية ياجلنار .. صدقيني يابنتي أنا ندمان على كل حاجة ، كرهك ليا بيقتلني ومش قادر استحمل اشوفك مش طيقاني كدا
_ إنت السبب في الكره ده يا نشأت الرازي .. مفكرتش ليه في النتائج قبل ما تبيعني عشان مصلحتك وفلوسك
نشأت بخزي وصوت مبحوح :
_ عندك حق أنا غلطت وكنت استاهل كل حاجة واستاهل عقابك ليا بس كفاية يابنتي عشان خاطري ، سامحيني
_ ياريت بس مش قادرة اسامحك للأسف .. إنت حتى محاولتش تثبتلي ندمك وتطلقني من عدنان
نشأت باندفاع وبصدق :
_ مطلقتكيش منه عشان بيحبك وهو قالي وطلب مني اديله فرصة يصلح علاقته بيكي
التزمت الصمت للحظات في دهشة بسيطة  قبل أن تهتف بعدم تصديق وحدة :
_ مش مصدقاك ولا مصدقاه .. عدنان عمره ما حبني ولو قالك كدا يبقى كان بيخدعك عشان تبعد عن طريقه
كان على وشك أن يجيب عليها لكنها أسرعت وهتفت هي تمنعه من استرسال الحديث :
_ كفاية انا زهقت ومبقتش قادرة اسمع كذبكم إنتوا الاتنين .. انسى إن ليك بنت يا نشأت الرازي
انزلت الهاتف من فوق أذنيه وأغلقت الاتصال ثم ألقت به فوق الفراش وهي ترفع أناملها تخللهم بين خصلات شعرها في محاولات بائسة منها حتى لا تبكي ، وعندما التفتت بجسدها للخلف رأته يقف عند الباب يستند بكتفه عليه عاقدًا ذراعيه أمام صدره .. أدركت أنه سمع كل حديثها فرمقته باشمئزاز وهتفت في غضب :
_ كـــذاب
لوى عدنان فمه ومصمص شفتيه بهدوء مريب ثم انتصب في وقفته وابتعد عن الباب واغلقه بحرص شديد حتى لا تخرج أصواتهم لأذن صغيرتهم بالخارج ثم التفت لها وتقدم إليها في خطوات ثابتة وهادئة تمامًا حتى أصبح في مقابلتها مباشرة وهتف بصوت رجولي غليظ وخافت :
_ إنتي عايزة تطلقي ليه ؟!!
استنكرت سؤاله وضحكت ثم هتفت ساخرة :
_ يمكن مثلًا عشان مش عايزة اعيش مع راجل مش بيحبني !
أجابها بثبات انفعالي يحسد عليه :
_ ويعني هي كلمة بحبك اللي هتخليكي تنسي الطلاق ده !!!
كان يعرف ردها قبل أن يسأل السؤال وبالفعل طالت نظرتها إليه بصمت حتى قالت بقسوة وعناد :
_ لا
بدا صوته أكثر وداعة لكن ازدادت صلابة نظراته إليها وهو يجيب عليها :
_ طيب امال عايزة إيه بظبط !
جلنار بسخرية وقوة تليق بها :
_ أكيد مش بعد ده كله هقولك أنا عايزة إيه .. المفروض تعرف وحدك ، بس هيفيد بإيه حتى لو عرفت خلاص فات الآوان
مرت من جانبه وهمت بالانصراف لكنه قبض على ذراعها ليوقفها واقترب منها ثانية ثم تمتم في صوت رخيم :
_ وفات الآوان ليه ؟!
_ عشان مهما عملت ياعدنان هفضل مصممة على الانفصال برضوا
استفزته بشدة جملتها لكنه نجح في تمالك أعصابه وانحنى على وجهها يهتف بحدة :
_  وانتي مهما تعملي أنا برضوا هفضل رافض الانفصال
صاحت به مستاءة في غيظ :
_ ليه عايزة افهم لـــيـــه .. طالما مش بتحبني مش عايز تطلقني لـــــــيـــــه
قابل انفعالها وصياحها عليه بالصمت والجمود في الملامح وهو يقف كالصنم التي لا حياة فيه ، وهي تستمر في التحديق به وبعيناه تبحث عن ثغرة تنفي كلامها لربما تفسر سبب رفضه لتركها ، ولكنها لم ترى سوى ثلوج المشاعر وانعدامها .. لم ترى اي من الكره أو الحب فقط الجمود الذي ينجح به في كل مرة بمهارة .
ادمعت عيناها وردت عليه مغلوبة على أمرها :
_ مش بترد ! .. اقولك أنا ليه .. عشان أناني ومتجبر
انتظرت أن تقابل ردة فعل منه ولكنه لا يزال يقف كما هو بنفس السكون ، فهزت رأسها باستهزاء واستدارت وسارت مغادرة الغرفة بأكملها .
                                     ***
بمدينة كاليفورنيا …….
كان يجلس على مقعده أمام مكتبه بغرفته الخاص به في الشركة وتجلس نادين على المقعد المقابل للمكتب وهي تتفحص بعض الاوراق المهمة الخاصة بالعمل .. فرفع هو رأسه ونظر لها متمتمًا :
_ أنا حجزت الطيارة لمصر على بكرا .. جهزي نفسك
رمقته بذهول وهتفت بشيء من الاستياء :
_ بس أنا ما خبرتك إذا راح سافر معك أو لا .. على أي أساس بتحجزلي معك !
حاتم باسمًا بلؤم :
_ ما خبرتيني بس كانت واضحة زي الشمس إنك موافقة ، وعملتيلك شويتين قدامي قال هفكر !
اتسعت عيناها بدهشة من رده عليها وأنه كان يفهمها منذ البداية لكنه تصنع الحماقة .. رسمت ملامح الغضب على محياها حتى تنقذ نفسها من الموقف المحرج وقالت بعناد :
_ لا مو موافقة
رفع حاجبه باستنكار وهو يبتسم باتساع ثم هدر ضاحكًا بمشاكسة يقلدها في الكلام :
_ بلا ولدنة
نادين بغيظ :
_ عم تتريق مو هيك !!
_ أبدًا هو أنا اقدر .. بلاش بس عناد وقولي حاضر بسكات عشان كدا كدا هتروحي
اشتعلت نظراتها وهبت واقفة ثم انحنت عليه وهي مستندة بكفيها على سطح المكتب وتهتف بكره مزيف :
_ تعرف شيء .. أنا كتير بكرهك ياحاتم
كتم ضحكة عالية كانت ستنطلق منه وأجابها بابتسامة عريضة وببرود مستفز :
_ ميرسي ياحياتي وأنا كتير بحبك والله
فرت الدماء من وجهها وتزايد تدفق هرمون الادرينالين في جسدها فور سماعها لاعترافه بحبها حتى لو لم يكن يقصد ذلك الحب الذي تكنه هي له لكن الكلمة كفيلة لتبثعرها كليًا ! .. انتصبت في وقفتها وهتفت بتلعثم ملحوظ وهي تلملم الأوراق  :
_ أي .. طــيب أنا راح روح حط هاي الأوراق بالمكتب عندي مشان ما يضيع منها شيء
لاحظ هو ارتباكها وتوترها ولم يعلق .. اكتفى بالابتسام وهو يوميء لها برأسه مغمغمًا :
_ تمام
ثم تابعها بنفس ابتسامته وهي تلملم الأوراق وتندفع لخارج المكتب مسرعة .. فور مغادرتها زدات ابتسامته اتساعًا بتلقائية وهو يعلق نظره على أثرها بشرود .
                                  ***
أمسكت زينة بالهاتف تجيب على المتصل في صوت مرهق :
_ أيوة يا رائد
رائد باستغراب :
_ برن عليكي من الصبح بدري مش بتردي ليه ؟!
فركت رأسها بألم وتمتمت بتعب :
_ نزلت أنا وماما وسمر نشتري حجات عشان الخطوبة والتليفون كان في الشنطة ومسمعتهوش
_ طيب إنتي مال صوتك كدا !
زينة بخفوت وهي تلقي بجسدها على الفراش وتجيبه وهي مغمضة عيناها بتذمر طفولي :
_ اتهلكت في اللف يا رائد وتعبت أوي وماما بتدقق في كل تفصيلة وأنا بكره التفاصيل ، والصداع هيفرتك راسي
سمعت ضحكته العالية في الهاتف وهي يجيبها بحنو :
_ معلش يازوزوا ماهو عشانا .. حتى أنا مشغول جدًا بس خلاص فاضل يومين الحمدلله .. وفي علاج بجيبه للصداع هبعتلك اسمه في رسالة جبيه وهيخفف معاكي خالص
 زينة بصوت يغلب عليه النعاس :
_ حاضر .. أنا هقفل بقى يا رائد عشان ممكن لحظة وتلاقيني نمت وتفضل تكلم نفسك في التلفون
رائد بدفء :
_ طيب ياحبيبتي ارتاحي ونامي وشوية بليل كدا هبقى اكلمك تاني
_ تمام .. سلام
ودعها والغى الاتصال ثم ألقي بالهاتف بجواره .. دخلت أمه الغرفة واقتربت منه تهتف بتساءل :
_ كنت بتكلم زينة ولا إيه يا رائد ؟
_ أيوة ياماما
هزت رأسها بإيجاب ثم رتبت على كتفه وتمتمت باسمة بحنو :
_ ربنا يصلح حالك يابني وتهدى شوية على حس الخطوبة والجواز بدل ما إنت تاعبنا معاك أنا وأبوك
رائد بحنق :
_ إن شاء الله ياماما .. بلاش اسطوانة كل يوم دي بقى
نرمين بعدم حيلة :
_ طيب يلا غير هدومك وتعالى عشان الغدا جهز
_ حاضر
                                    ***
داخل إحدى المستشفيات الخاصة …..
متسطحة على فراش صغير نسبيًا يتسع لجسدها الضئيل ونائمة وهو يجلس على مقعد أمام فراشها لكن على مسافة بعيدة قليلًا منها ويمعن النظر في وجهها الملائكي الهاديء وهي نائمة على العكس تمامًا عندما تكون  مستيقظة .. وكأن تلك الفتاة الشرسة والمجنونة أصبحت أخرى وهي نائمة .
فتحت عيناها ببطء ثم حركت عيناها في حركة دائرية تتفحص المكان النظيف والجميل الذي يشبه المستشفى !! ، ثم مالت برأسها الجانب فرأته يجلس على المقعد فزعت وهتفت بهلع :
_ سلام قولًا من رب رحيم
رد عليها ببرود :
_ إيه شوفتي عفريت
مهرة وهي تتلفت حولها بارتيعاد بسيط :
_ أيوة أنا فين وإنت بتعمل إيه هنا !
_ اغمي عليكي وجبناكي على المستشفى
_وسهيلة فين ؟!
_ طلعت برا تكلم جدتك تقريبًا لأنها مبطلتش رن عليكي
سكتت لوهلة تمنع نفسها من تذكر الأحداث الأخيرة حتى لا تنهار مرة أخرى واعتدلت في الفراش وانزلت قدمها منه تهم بالقيام وهي تقول :
_ أنا لازم اروح .. تيتا مش هترتاح غير لما تشوفني
أمسك بيدها في تلقائية حتى يمنعها من الوقوف وهتف :
_ هتمشي بس اصبري ترتاحي شوية عشان متشوفكيش بالمنظر ده
نفرت يدها عن لمسته بسرعة في زعر وارتيعاد لاحظه في نظرتها ، فسحب هو يده فورًا وهتف معتذرًا :
_ أنا آسف مقصدش والله .. إنتي كويسة ؟
انتصبت في جلستها بشموخ وردت بثبات مزيف وقوة متصنعة :
_ كويسة .. معاش ولا كان اللي يعرف يأذيني بس ورحمة أمي ما هسكت عن حقي
_ أنا بلغت البوليس وكلها كام ساعة وهيجبوه والست اللي من منطقتكم دي ابقى اتصرفي إنتي معاها بقى
لمعت عيناها بشر الانتقام عندما تذكرها لبدرية وقال بوعيد :
_ ده أنا هخليها تقول حقي برقبتي وهعرفها مين بنت رمضان الأحمدي على حق
سكتت فجأة وانتبهت أنها تتحدث مع نفس ذلك الذي كانت تبحث عن اسمه في مواقع التواصل وتشاهد صوره .. فطالعته بعدم فهم ودهشة متمتمة :
_ إنت بتعمل إيه هنا !!
ضحك رغمًا عنه وهتف بنفاذ صبر :
_ إنتي بتفقدي الذاكرة ولا إيه ! .. أنا اللي جبتك المستشفى يامهرة
_ ايه ده يا حلاوة وعارف اسمي كمان ! .. اعترف إنت طلعت معجب وبتراقبني في صمت صح !
رمقها آدم بذهول وعدم فهم مضيقًا عيناه في حيرة من تلك الفتاة لكنه لم يتمكن من منع ضحكته التي انطلقت وهو يجيبها مستنكرًا :
_ معجب إيه إنتي هبلة يابنتي .. بعدين إنتي مش كنتي لسا منهارة وبتعيطي قبل ما نجيبك المستشفى لحقتي ترجعي لطبيعتك امتى
ظهر العبوس والأسى على محياها ثم اطرقت رأسها أرضًا وغمغمت :
_ بيني وبينك أنا بحاول اتناسي اللي حصل .. يعني بمثل قدامك ، بس اقنعتك مش كدا !
_ اه اقنعتيني .. ده إنتي بني آدمة غريبة !
_ غريبة بس قمر
ضرب كف على كف ضاحكًا وهو يهتف :
_ لا إنتي لا يمكن تكوني طبيعية .. يابنتي انتي كنتي مخطوفة وواحد حيوان حاول يعتدي عليكي
مهرة بغيظ وضيق :
_ ما خلاص بقى ياعم انت مصمم تفكرني ليه .. قولتلك بحاول اكون طبيعية وانسي اللي حصل عشان لو افتكرت هيحصل زي ما حصل قبل ما يغمى عليا وعشان كمان مينفعش ارجع لجدتي وأنا كدا .. لو عرفت ممكن يجرالها حاجة ، وبعدين إنت لسا متعرفنيش عشان كدا مستغرب .. محدش يقدر يكسرني وهاخد حقي منهم تالت ومتلت
طال النظر إليها في نظرة إعجاب بشجاعتها قوتها ثم هتف باسمًا :
_ إنتي بلاء ونزل فوق راسي يامهرة .. كل ما اشوفك تكون في مصيبة .. اول مرة تلفوني وتاني مرة كنت هخبط جدتك بالعربية وتالت مرة في المعرض لما عصبتيني وكنت همسك في زمارة رقبتك بس تمالكت اعصابي ورابع مرة اهي زي ما أنت شايفة
ابتسمت وهتفت بمرح لا يلائم الوضع أبدًا وبمكر :
_ ما محبة إلا بعد عداوة
_ نعم !!
اقتحمت سهيلة الغرفة ودخلت وهي تهتف محدثة آدم قبل أن تنتبه لمهرة التي استفاقت :
_ خالتي فوزية قلقانة أوي يا أستاذ آدم و …..
سكتت عن الكلام فور رؤيتها لمهرة وهرولت عليها تهتف باسمة بسعادة :
_ مهرة إنتي كويسة
_ كويسة يا سهيلة الحمدلله .. مالها تيتا قالتلك إيه
_ مش مصدقة ومصممة إن في حاجة واحنا مخبين عنها بالعافية اقنعتها وقولتلها اننا جايين في الطريق
استقامت مهرة واقفة وقالت بجدية :
_ طيب يلا بينا عشان لما بتقلق جامد ضغطها بيعلى عليها
  سهيلة باستغراب من حالتها الطبيعية التي تتحدث بها :
_ مهرة إنتي متأكدة إنك كويسة ؟!
_ ياعم كويسة اغنهالكم .. ودوني بس البيت ارتاح كدا عشان بعدين انزل لبدرية الكلب دي اشق بطنها بإيدي اطلع مصارينها كدا وسعتها ابقى كويسة بجد .. ده أنا هفضحها في المنطقة كلها الولية العايبة دي
آدم بقرف وباستغراب :
_ مصارينها !!!!
التفتت برأسها لها وهتفت في عفوية :
_ اهاا كرشها يعني .. كلت كرشة قبل كدا ولا لا هبقى اعزمك عليها في مرة هتعجبك اوي
نغزتها سهيلة في جنبها بخفة وهي تزغرها بنظرها حتى تتوقف فرمقتها مهرة باستياء من نغزتها لها حتى تصمت وقالت :
_ في إيه .. ما إنتي بتاكليها هتعملي نفسك نضيفة قدامه
رد آدم مبتسمًا بعدم حيلة وهو يكتم ضحكته :
_ خوديها ياسهيلة وأنا هخلص إجراءات الخروج وهاجي وراكي
سارت بها سهيلة للخارج وهي تهمس بغيظ :
_ ياحمارة انا بقولك اسكتي تقوليلي ما إنتي كمان بتاكليها .. كرشة ايه اللي تعزميه عليه يامعفنة ياقذرة
_ ما يمكن تعجبه !
_ اسكتي يامهرة مسمعش صوتك خالص لغاية ما نروح
                                      ***
في مساء ذلك اليوم ……
فتح عدنان باب غرفته بعد أن تأكد من خلود صغيرته للنوم وقد ذهب هو أيضًا لينل قسطه من الراحة المسائية .. اغلق الباب ودخل متجهًا نحو الفراش فوجد جلنار نائمة في هدوء على جانبها ، تنهد الصعداء بقوة واقترب منها ثم وقف أمامها يتأملها للحظات في صمت يتذكر كلماتها بالصباح له ومع أبيها ( عدنان عمره ما حبني ) .. ( عشان أناني ومتجبر ) .. أصدر زفيرًا حارًا بعد لحظات طويلة من التأمل في ملامحها الجميلة والتفتت من الجهة الأخرى ثم دخل بجانبها للفراش ، اقترب منها حتى أصبح ملاصقًا لها فاحتضنها من الخلف وهمس بصوت خافت ومبحوح :
_ مش قادر اسيبك .. حتى لو عايز اريحك مش هعرف ياجلنار ، قولي عني زي ما تقولي أناني أو أي حاجة بس غصب عني مش عارف ابعدك عني لا إنتي ولا بنتي !  .
يتبع…..
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على (رواية امرأة العقاب)

‫2 تعليقات

اترك رد

error: Content is protected !!