Uncategorized

رواية عروس من باريس الفصل الثامن عشر 18 بقلم سارة علي

 رواية عروس من باريس الفصل الثامن عشر 18 بقلم سارة علي

رواية عروس من باريس الفصل الثامن عشر 18 بقلم سارة علي

رواية عروس من باريس الفصل الثامن عشر 18 بقلم سارة علي

كان ادهم يجلس امام ليديا في احد الكافيهات المشهورة يتطلع اليها بصمت بينما هي تقلب في قائمة الطعام كي تختار شيئا تتناوله ..
ما زالت كلماتها عن عودتها الى فرنسا تتردد داخل عقله وهو يتذكر صدمته حينها وصدمتها هي ايضا بإيقافه سيارته فجأة في منتصف الطريق ليبرر لها بسرعة وهو يستوعب ما فعله حيث اخبرها بأن هذا حدث لا اراديا ثم طلب منها ان يتحدثا بشأن موضوع عودتها الى فرنسا مما جعلها تنظر اليه بإستغراب شديد قبل ان تهز رأسها موافقة على طلبه رغم الحيرة التي سيطرت عليها ..
وهاهو الان يجلس امامها منتظرا ان يبدئا الحديث سويا كي يفهم سبب رغبتها تلك في العودة ..
افاق ادهم من شروده حينما وجد النادل يتقدم نحويهما كي يأخذ طلباتهما فأخبرته ليديا عن طلبها وقام هو بذلك ايضا ..
ابتعد النادل عنهما بعدما سجل طلبيهما ليقول ادهم بهدوء :
” تمام يا ليديا .. اللي فهمته آنك حابة ترجعي فرنسا .. ممكن افهم السبب ..؟!”
اجابته ليديا بصدق شديد :
” انا حياتي كلها هناك .. بقالي خمسة و عشرين سنة عايشة ففرنسا .. مش هينفع دلوقتي اعيش فبلد تاني عمري ما زرته حتى طول السنين اللي فاتت .. بلد مختلف تماما عن بلدي الاصلي .. مش شبه بعض فأي حاجة ..”
” انتِ مش مرتاحة هنا ..؟!”
سألها بدهشة لترد بهدوء :
” مصر جميلة .. بس مش لدرجة استقر فيها للابد .. صعب جدا بعد ما كنت عايشة ففرنسا استقر هنا .. غير انوا العادات والتقاليد هنا مختلفة تماما عن هناك .. لا انا هقدر اتقبلها ولا الناس هنا هيقدروا يتقبلوني ..”
سألها ادهم بحيرة :
” ليه كل ده ..؟! كتير ناس كانوا عايشين بره وعاشوا هنا .. ومرتاحين اهو .. هي حصلت حاجة دايقتك ..؟! “
اجابته بجدية :
” معايا لا .. بس هي حياتكوا بصورة عامة مختلفة ..”
” ممكن تشرحيلي اكتر ..؟!”
اجابته ليديا بهدوء :
” كل حاجة بشوفها هنا بتأكدلي اني عمري ما هعرف اكمل هنا ولا هعرف ابقى وحدة من عيلتكوا الغريبة ..”
” عيلتنا الغريبة ..؟! تقصدي ايه ..؟!”
سألها ادهم مصدوما لتجيبه بصراحة لطالما تحلت بها :
” عيلتكوا غريبة وافكارهم انقرضت من عشر قرون .. مدايقين من حسام عشان ارتباطه بوحدة اقل منهم ماديا .. وشايفين انهم افضل من الكل ومفيش زيهم مع انوا الكل احسن منهم ..”
تطلع ادهم اليها بعينين غاضبتين وهو يحاول بصعوبة ان يكتم غيظه من حديثها وتلك الصفات التي نعتت عائلتها بها قبل ان يقول :
” مش ملاحظة انك بتبالغي .. ؟! هنا مش سيئين للدرجة دي .. كل الحكاية انهم متمسكين بعادات وتقاليد اتربوا عليها ..”
ضحكت بخفة وهي تقول : 
” عادات متخلفة و سخيفة المفروض تكون انتهت من قبل ما انت تتولد اصلا ..”
 ضغط على اسنانه بقوة ثم قال بعد صمت :
” انا نفسي تفهم .. هو فيه حد دايقك ..؟! حد ازعجك ..؟!”
ردت عليه بجدية :
” حاليا لا بس اكيد هيحصل قريب .. انا مش غبية يا ادهم وعارفة انوا اغلبهم مش متقبليني .. لاسباب كتير.. حتى لو تجاهلوا موضوع والدتي مش هيقدروا يتجاهلوا موضوع تحررري وديانتي .. بس دلوقتي كل حاجة هادية عشان محصلش صدام حقيقي او عشان يادوب بقالي فترة صغيرة لكن لما الموضوع يطول لكام شهر وممكن سنه الصدامات هتحصل والفرق الكبير بيني وبينكم هيظهر بوضوح ..”
زفر ادهم انفاسه وهو يقول بتأني :
” مينفعش تقولي حاجة قبل ما تحصل .. ممكن يكون  كل ده توقع مش اكتر .. ثانيا حتى لو مش هيتقبلوكي .. هما يهموكِ فإيه .. المهم والدك واخوانك .. الباقي تحصيل حاصل .. مش هيدخلوا فيكي ولا يقدروا يعملوا كده اصلا ..”
قالت ليديا بجدية :
” ومين قالك انوا كمال بيه او يوسف  هيتقبلوني .. ؟؟ مش معنى انهم بيسايروني دلوقتي يبقى خلاص تقبلوني .. هما بس مستنيين الوقت المناسب عشان يبتدوا تغييراتهم المنتظرة .. بمعنى تاني مستنيني اتعود على العيشة هنا والناس اللي حواليا وبالتالي فاكرين انوا تغييري هيكون اسهل وانا هقدر اتقبله ..”
ثم اكملت بتهكم :
” بس انا مش زعلانه يا ادهم .. انا اساسا جيت هنا وشفت كمال بيه بسبب ماما ورسالتها .. يعني سواء تقبلوني او لا عادي .. يمكن كنت هزعل شويه لو رفضوني بس الموضوع مكانش هيفرق معايا .. كده كده انا مش معتمدة عليهم ولا على الشخص اللي هو ابويه .. انا اعتمدت على نفسي من سنين طويلة وكونت صداقات وعلاقات جميلة خلتني محتجش لأي حد ..”
كان يتأملها بهدوء .. عيناه تلتقطان عينيها التي يظهر صدق حديثها داخلهما بوضوح .. ابتسامة هادئة تزين وثغرها وتؤكد حقيقة انها غير مبالية لكل هذا .. والاهم
هم حديثها الذي ينم عن فتاة ذات شخصية قوية وواثقة من نفسها .. والاهم انها فتاة عجيبة لم تفكر في البقاء بجانب والدها الذي يمتلك اموالا لا تعد ولا تحصى بل فضلت حريتها وبساطة عيشها على هذا ..
منحها ابتسامة هادئة لا تظهر منه سوى في وجودها قائلا بإعجاب :
” انتِ حقيقي جميلة اوي .. كل يوم بتثبتي ليا انوا مفيش زيك …”
ابتسمت ليديا وهي تشكره بهدوء :
“ميرسي يا ادهم ..”
وجدته يمد يده مرتبا على يدها وهو يقول :
” انا بس بطلب منك تستني فترة .. مينفعش تنفذي قرارك دلوقتي .. عمي هيزعل وهيحس انك عايزة تبعدي عنه بأي طريقة .. بلاش تخليه يحس كده .. “
نظرت اليه ليديا بتردد غير منتبهة على يده التي تقبض على يدها وقالت :
” ماشي .. هعمل كده فعلا ..”
ابتسم ادهم وهو يحرر يدها من يده اخيرا قبل ان يجد النادل يأتي بطلباتهما مستغربا من تأخره عليهما والذي لم ينتبه له بسبب اندماجه في حديثه معها ..
……………………………………………………………
تطلعت عليا الى الصور التي جاءت بها والدتها اليها بعدم تصديق .. الان فهمت كل شيء .. سبب ابتعاده عنها ونفوره منها .. رغبته في انهاء الخطوبة .. كل شيء كان واضحا وكان عليها ان تفهم من البداية ان هناك فتاة اخرى سببت كل هذا .. والفتاة تلك لم تكن سوى ابنة عمها التي لم ترتح لوجودها منذ اول يوم ..
” كلفت واحد يراقبه زي ما قلتلك .. اليومين اللي فاتوا مشافوش حاجة مهمة .. لكن النهاردة خرج الظهر من شركته وراح للمطعم ده .. فضل جوه عرببته لحوالي ساعتين .. كان مستني الهانم تخرج بعدما عرف انها في المطعم ده .. اكيد بيراقبها .. واول ما خرج جري عليها وحدها فعربيته وراحوا لكافيه تاني .. الصور كلها قدامك اظن مفيش اثبات اكتر من كده عاللي بيحصل ..”
كادت عليا ان تمزق الصور لولا تذكرها لأهميتها فضغطت على اعصابها وهي ترميها على الارض لتتجه جيجي بسرعة وتقوم بلمها بينما نهضت عليا من مكانها وهي تسير داخل غرفتها بعصبية وهي تتذكر تلك الفتاة الاجنبية ومجيئها .. اخذت تلعن كل شخص تسبب بدخول تلك اللعينة الى حياتهم ..
اوقفها صوت والدتها وهي تردد :
” ممكن تهدي .. “
صرخت عليا :
” اهدى ازاي ..؟! ها ..”
قالت جيجي بهدوء :
” متبقيش غبية .. احنه كده متساويين .. هو بالفويس اللي معاه واحنه بالصور دي ..”
صاحت عليا :
” الصور .. الصور اللي بتقول انوا البيه بيحبها .. انوا عايز يسيبني انا عشانها .. “
قالت جيجي بنفاذ صبر :
” سيبك من ده كله .. لا بيحبها ولا نيلة .. ده مبهور فيها .. “
تمتمت عليا بغل :
” بقى انا حتة بنت زي دي تعمل فيا كده .. بنت متسواش حاجة ..”
قالت جيجي بسرعة :
” انتِ بتقولي ايه ..؟! بنت مين اللي تلعب بيكِ ..؟! انتِ اتجنتتِ ..؟! انتِ نسيتي انتِ مين وتبقي بنت مين ..؟!”
نظرت عليا الى والدتها بحزن لتقول الاخيرة :
” اسمعيني وركزي معايا .. الصور دي جت لحد عندنا … انتِ هتستني الاسبوع يخلص ولما يجي اخر يوم يبلغك انوا هيفضحك تعمليله مفاجئة وتبعتيله الصور دي وخليه يلف فدماغه ويشوف هيتصرف ازاي ..”
نظر ت عليا الى والدتها بعدم اقتناع لكنها اثرت الصمت حاليا فلا رغبة لها بنقاش اي شيء بعدما رأته في تلك الصور اللعينة ..
…………………………………………………………..
بعد مرور يومين اخرين ..
خرجت ليديا من منزل عائلتها لمقابلة ريهام التي تتتظرها في سيارتها كالعادة ..
توجهت نحو ريهام التي خرجت من سيارتها كي تحييها .. ابتعدت ليديا عنها بعدما حييتها لتتفاجئ بعليا تتقدم نحوها بملامح قاتمة ..
” هاي عليا ..”
قالتها ليديا بعفوية لترد عليا عليها ..
” بصي يا حلوة شوية الحركات دول متخيلش عليا ..”
قالتها بلهجة غريبة لتسألها ليديا بإستغراب :
” انا مش فاهمة حاجة .. تقصدي ايه ..؟!”
جذبت خصلة من شعرها ولفتها حول إبهامها وقالت :
” لو فاكرة انك بالشعر الاشقر والعيون الزرق هتغريه تبقي غلطانه .. ولا عشرة زيك يقدروا ياخدوا مكاني فقلبه ..”
تطلعت ليديا الى ريهام الواقفة بجانبها بحيرة لتقول الاخيرة :
” فيه ايه يا انسة ..؟! متتكلمي عدل .. احنا مش فاهمين قصدك ايه ..؟!”
نظرت لهما بسخرية وقالت :
” انتي مش فاهمة بس صحبتك فاهمة اووي ..”
قالت ليديا بهدوء وصدق :
” انا بجد مش فاهمة قصدك ..”
جذبتها من ذراعها وقالت بعنف :
” بت انتي .. حركات الخواجات دي متخيلش عليا ..”
ثم اردفت وهي تهتف بجانب اذنها بنبرة عالية :
” احسنلك متدخليش فالحرب دي معايا لإنك هتخسري .. انا مستعدة عشان اهزمك اتحالف مع الشيطان ولا اقولك انا اتقلبلك الشيطان نفسه ..”
ثم اكملت ببرود :
” ولا اقولك .. نصيحة ليكي خدي بعضك وارجعي فرنسا .. انتي ملكيش مكان هنا والعيشة هنا صعبة عليكي وانتي مش قدها .. انا بنصحك بس مش اكتر ..”
صمتت قليلا وقالت بإبتسامة خبيثة :
” الرسالة وصلت ولا اترجمهالك .. ولا اقولك خلي صاحبتك الجميلة دي تترجمها ليكي .. باي يا روحي ..”
تطلعت ليديا اليها بذهول وهي تحاول استيعاب كلماتها تلك التي لم تفهم شيئا منها بينما ابتعدت عليا عائدة نحو سيارتها ..
…………………………………………………..،
كان الجميع يجلس في قاعة الاجتماعات فاليوم هو اليوم المعهود والذي سيتحدث فيه ادهم عن ارباح الشركة ويعطي كلا منهم نصيبه الشهري منها ..
جلس ادهم في مكانه المخصص تحت انظار جميع الموجودين حيث والده وعمه حسن وابنيه خالد وكريم اضافة الى عمه كمال وابنه يوسف ..
اخذ ادهم يتحدث بجدية عن الارباح والحق الشرعي لكل من اعمامه ممررا امامهم جميع الاثباتات ..
انهى حديثه ليقول بجدية :
” فيه موضوع مهم لازم اعرفكم بيه ..”
تطلع الجميع اليه بهدوء بينما اكمل :
” انا اديت لحسام مبلغ معين موجود فالشيك ده .. ده يعتبر جزء صغير من حقه الشرعي فميراث جدي ..”
تطلع اليه الجميع بصدمة بينما انتفض سليم من مكانه وقال :
” انت اتجننت ..؟! حق شرعي ايه وزفت ايه ..؟! مش كفاية كل اللي عملته ..؟! تقوم تديله مبلغ كبير زي ده .. انت بأي حق تعمل كده ..؟!”
تدخل عمه حسن في الحوار قائلا بغيظ :
” مش من حقك تعمل كده يا ادهم .. الفلوس دي مشتركة بينا واخوك هو اللي اختار انوا يخسر جميع حقوقه بعملته دي ..”
قال ادهم بهدوء :
” فشرع مين ده يا عمي ..؟! فأي منطق الكلام اللي بتقوله ده يا بابا ..؟! حسام وريث شرعي لجدي وليه ففلوسه زي ما كلنا ليه .. واللي اخده ميجيش واحد فالميه من حقه الشرعي ..”
قال كريم بسخرية :
” وانت بقى بقيت فجأة بتتكلم بالشرع والحق .. انت ناسي انك بتتحكم فكل حاجة بقرار جماعي مننا .. واننا زي ما قدرنا نخليك رئيس للشركة نقدر نرجعك واحد عادي زينا ..”
رمقه ادهم بنظرات هادئة ثم قال بإبتسامة رزينة :
” لا طبعا مش ناسي .. وانا اهو قدامكم .. حابين تسحبوا الادارة مني عادي جدا … حابين كمان تخرجوني بره الشركة كلها عادي .. احلى حاجة اصلا اني استريح بعد سنين التعب دي كلها ..”
ثم نظر الى اعمامه ووالده قائلا بهدوء :
” لو عاوزين تخلوا كريم او خالد او اي حد تاني يمسك الادارة اهلا وسهلا .. بس ياريت متجوش بعد فتره وتطلبوا مني ارجع لما تشوفوا الفرق فالارباح .. لاني لو خرجت مش هرجع تاني حتى لو اطربقت الدنيا عليكم وبقيتوا عالحديده ..”
صاح كريم بغيظ :
” انت بتهددنه ..؟! لا وكمان مستهين بينا .. فاكر انك الوحيد اللي هتقدر تدير الشركة بأرباح كبيره .. مش كفايه غرور بقى يا ادهم بيه .. طول عمرك فاكر مفيش حد زيك .. مع انوا كلنا احسن منك ..”
قاطعه ادهم بملل :
” انت بتقول ده كله ليه يا كريم .. تمام طالما انت كده اطلب آنك تمسك الادارة كلها وانا هتنازل ليك عنها قدام الكل .. بس ياريت انت كمان تبطل تصرفاتك القذرة ومراقبتك ليا قال يعني عاوز تمسك حاجة عليا .. يؤسفني اقولك انوا المحاسب اللي جندته لصالحك بلغني فكل حاجة .. ابقى اعرف اختار رجالتك تاني وخلي فبالك اني عمري ما عملت حاجة اخاف منها والدليل جيت قدامكوا وحكيت عالمبلغ اللي اديته لحسام وبدون تردد ..”
” ادهم .. كريم .. كفاية ..”
قالها سليم بصرامة ليتفاجئ الجميع بخالد وهو ينهض من مكانه راميا مجموعة من الصور على ادهم وهو يقول بسخرية :
” والصور دي كمان مش هتخاف منها وهتلاقي ليها مبرر كالعادة ..”
نظر ادهم الى الصور بصدمة ولم تقل صدمة من حوله عنه ..
يتبع ….
لقراءة الفصل التاسع عشر : اضغط هنا
لقراءة باقي فصول الرواية : اضغط هنا
نرشح لك أيضاً رواية توأمان وقلب واحد للكاتبة إيمان المهدي

اترك رد