Uncategorized

رواية لمن القرار الفصل الثامن والثلاثون 38 بقلم سهام صادق

  رواية لمن القرار الفصل الثامن والثلاثون 38 بقلم سهام صادق

 رواية لمن القرار الفصل الثامن والثلاثون 38 بقلم سهام صادق

 رواية لمن القرار الفصل الثامن والثلاثون 38 بقلم سهام صادق

هل أخبرك أحدا يوماً عما تحبه النساء؟
نعم قلة من الرجال بارعين في هذا ولكنهم لم يكونوا يوماً شرفاء بل كانوا اكثر الرجال خبرة.
كان يسمعها بانصات وهو يستمع لتفاصيل يومها عبر خاصية الفيديو، ابتسم داخله وهو يراها كيف بدأت تنبسط معه بالحديث وكأن الزمن يعيد إليه فتون الصغيرة التي أتت شقته كخادمة بعدما أقترحت عليه السيدة “ألفت” هذا الأمر. 
لم يكن منتبهاً إليها ولم تكن هي من أسس أختيارته وما يناسبه من النساء، لقد كان ينتقي منهن الأكثر جمالا وذكاءً.
انقلب كل شئ في لحظة بل في عبارة القتها السيدة “ألفت” كنصيحة منها لرب عملها
” فتون مفتونة بيك، ويمكن كمان تكون حبيتك” 
والنصيحة كانت دربً نحو طريق أخر. 
تنهدت ببطئ تزيل تلك الخصلة المتمردة التي انسابت فوق جبينها تهتف بسعادة حقيقية
– المؤسسة كبيره اوي، نفسي اكون شاطرة زيهم كده
وزكزت اخيرً بشاشة الهاتف، بعدما كانت نظراتها تحيد هنا وهناك حتى لا تتلاقى عيناهم، انكمشت ملامحها وهي تبحث عنه، ولكن صوته كان يخبرها بوجوده وإستماعه إليها
– بكرة تتعلمي وتكوني زيهم واشطر منهم كمان
تضرجت وجنتيها بالخجل وهي تراه يعود إليها عاري الصدر ويحمل قميص اخر يشرع في ارتداءه، مسحت فوق جبهتها وهي لا تفهم لما شعرت بالتوتر رغم إن الأمور بينهم تخطت هذه المرحلة
– احتمال طيارتي تكون اخر الاسبوع ده، مهما احاول انجز في الشغل مبيخلصش
“سليم” يُحاورها، نقطة فاصلة في حياته وحياتها، يشرح لها عبء أعماله وحنقه من شركاءه 
وسؤال خافت خرج من بين شفتيها دون أن تنظر إليه
– ليه سيبت المحاماة وبقيت بيزنس مان
ضحك مستمتعاً، ينظر إليها بعمق 
– يعني يوم ما نتشارك حديث يبقى عبر القارات
توهّج وجهها باللون الوردي ، مما زاده رغبة بها 
– لما ارجع وتبقى في حضني هحكيلك يا فتون
ومنذ بداية محادثتهم، كانت المرة الأولى التي تتلاقي عيناهم في حديث طويل صامت ، وبحنكة كان يُجيدها 
– اوعي تنسى بنود العقد يا فتون
انتهت المحادثة، فتسطحت فوق الفراش بعدما القت هاتفها جانبا.. ،تغمض عينيها بضيق يؤلمها.. لقد عاد هذا الرجل يستوطن كيانها، عادت ترى عالمها معه، عادت تنظر إليه بتلك النظرة التي كانت تضج حبً 
والعقل يُخاطب بضراوة 
” لا رجل بطلا، وحينا تضعه المرأة بطلا تتجرع مرارة الخذلان” 
………… 
تسطح فوق الأرضية بعدما بسط لحاله ما يساعده على النوم، وتنهد بسأم وهو يطالع السقف
– اخرتها هنام على الأرض، حظك يا رسلان بقى في السما
كان يعلم إنها لم تغفل، تتقلب فوق الفراش وقد غادر النوم جفنيها، أتكأ على جانبه الأيمن ينظر إليها بحب ورغبة في ضمها 
– ملك 
ومع التفافتها نحوه وظهور فتنتها إليه، كان يزدرد لعابه بصعوبة.. ،إنها تختبره بأكثر الأشياء صعوبة لديه، يقاوم المرأة التي حلم بها مراراً 
انتظرت أن تستمع منه حديث، ولكنه عاد لتسطحه يزفر أنفاسه متنهداً
– ليه وافقتي على وجودها هنا
والاجابه كانت تُخبره بها ببساطة 
– لأني مش زيكم يا رسلان، اظاهر إنى ورثت طباعها 
قطب جبينه وعاد يلتف إليها، متسائلا 
– مين هي؟ 
– ماما الله يرحمها 
ودمعة انحدرت فوق خدها وهي تتذكر حكاية والدتها، فتاة لم تكمل العشرون من عمرها تقع في حب جارها الشاب الذي يطمح بمستقبل افضل ومع إلحاح والدته بأن يتزوج تلك الامانه التي تركتها لها جارتها كان يرضخ بل وبدء يُقنع قلبه بحبها ولكن في النهاية طموحه وجمال ناهد كانوا يجتذبونه.
لم يتحمل رؤية دموعها، فنهض مُقتربًا بتردد وسرعان ما كان يحتويها بين ذراعيه 
– كانت ست عظيمة، الدنيا ظلمتها.. لكن ده نصيبها من الدنيا يا ملك
توقفت عن بكاءها وقد ادركت للتو كيف يُحاوطها بذراعيه، نفضت حالها من بين ذراعيه بقوة تتهمه
– انتوا السبب
ووراء أي شئ يوجعها كان هو السبب، نظر نحوها وقد ابتعدت عنه لطرف الفراش تعطيه ظهرها، وبارهاق كان يُدلك جبهته عائداً لمكانه 
– فعلا، أنا السبب في كل حاجة يا ملك
رثت حالها، فاستمع لأنينها الخافت.. إنها بالفعل تُعاني من أثر الماضي الذي قد ظن أن المرء يمكن أن يتعالج منه بمفرده. 
في الصباح الباكر، وقف يعد له فنجان من القهوة حتى يُقاوم سُهْاده ليلة أمس..، التف بجسده بعدما حمل فنجانه، فوجد “ناهد” خلفه تُطالعه بنظرة نادمة 
” فلا ابنتها عاشت تلك الحياة التي تمنتها لها ولا ابن شقيقتها الذي تحبه ك ابن لها جعلته يعيش حياة سعيدة” 
وبحديث خرج منها بصعوبة 
– ملك طيبة 
ثم رحلت نحو غرفة الصغيرين 
……….
مضغت “سميرة” العلكة جوار أذنها، ثم لكزتها بغل في كتفها
– عايزاكي حلوه كده، لا أرى لا أسمع لا اتكلم
كتمت” بسمة” تأوهها ، فقد عاصرت أمثال سميره في المصنع الذي كانت  تعمل به من قبل
– أنا جايه هنا أشتغل وبس
امتقعت ملامح “سميرة” وهي تراها تبتعد عنها بهدوء، فتمتمت لحالها حانقة 
– البت ديه شكلها مبتخافش، مش كفايه الحاج صدقي بقى ليل نهار يشكر فيها 
رمقتها بحقد وخطت بخطوات ممتقعة خارج المطبخ، حدقت 
” بسمة” بذلك الفراغ الذي تركته خلفها تزفر أنفاسها بثقل وخوف 
……….. 
طالع مقطع الفيديو المنشور على صفحات التواصل الاجتماعي، وكلما كان يستمع لحديثها عن ظلم الرجل للمرأة كانت تتحول ملامحه للشراسة، غير مصدقًا إنه يوما رأي فيها زوجته الراحلة 
طالعه مستشاره القانوني وهو يمسح فوق جبينه 
– الاسهم ممكن تنزل يا جسار بيه، الحملة التسويقية الحاليه بتستهدف النساء
أمتقعت ملامحه، يزيح الهاتف من أمامه وقد بدء صوت أنفاسه يعلو 
– إجراءات الطلاق تتم فوراً، حتى لو هخسر الحملة الدعائية 
– بس يا جسار باشا 
– قولت كلامي يتنفذ
حاول مستشاره إيجاد أي شئ يُقلب الأمور لصالحهم، توقف في مكانه قبل أن يُغادر
– ما تفضحها زي ما هي بتعمل واكشف حقيقتها، طليقها موجود وشغال عندك، بسهوله نقدر نخليه يطلع يتكلم، اد إيه هي ست..
وقبل ان يُكمل عبارته، لطم جسار طاولة مكتبه  
– مش أنا اللي اطلع اتكلم عن ست كانت مراتي في يوم، نفذ اللي قولتلك عليه يا استاذ شوكت
غادر “شوكت” غرفته حائراً في أمره، ولكنه في النهاية اخذ يعد أوراق الطلاق متمتما 
– خليني اشوف شغلي أفضل 
…….. 
ضيق “جسار” عينيه وهو يري ذلك العراك الذي يتم بين موظفي الأمن لديه وذلك الذي يعرف هويته، اقترب منهم بخطوات جامده يُشير إليهم بالذهاب لعملهم 
انصرف الحارسين بعد اشارته ينفضون أيديهم، فهندم “فتحي” قميصه حانقاً
– عالم مش بتيجي غير بالخناق 
–  عايز إيه يافتحي
اشرقت ملامح “فتحي” بمكر، فعلى ما يبدو إنه علم بالأمر من تلك الدخيلة التي أتت حارتهم وجعلت شقيقته تتمرد عليه وتفر هاربه، ومن ستكون غيرها ” ملك”
– اظاهر انك عرفت يا باشا، وعشان نكشف ورقنا، عايز أختي
قالها “فتحي” بعدما رفع رأسه بغرور، فرمقه “جسار” بنظرة مزدرية من قمة رأسه إلى أخمص قدميه
– نكشف ورقنا!
تراجع “فتحي” للخلف وهو يري نظراته القوية صوبه ، لم تتغير ملامح “جسار” ولم تهتز منه شعره واحده وهو يستمع لنبرة “فتحي” المتعلثمه
– ده اختطاف أنثى يا باشا
ورغم مزاجة اليوم، إلى إنه ضحك بقوة..، حدق به حارسي الأمن ولكن سرعان ما اشاحوا عيناهم عنه
– تعالا يا فتحي معايا، عشان شكل الكلام هيطول
عاد الغرور يرتسم فوق ملامح ” فتحي” وهو يدلف خلفه الشركة، يُطالع الموظفين حوله ويمسح فوق ملابسه الغير مهندمة، ارتفع حاجبيه وهو يحدق بتلك الحسناء التي وقفت على الفور عند عودة مديرها
– عنده ستات بالجمال ده وهيبص لبسمة أختي
تمتم عبارته بصوت خافت فلم يسمع إلا حاله ، طالعه “جسار” بعينين كالصقر وقبل أن يغلق باب غرفته، أصدر أمره بصرامة لتلك التي وقفت تنظر لهذا الرجل غريب الهيئة
– مافيش حد يدخل، مفهوم
اماءت برأسها وعادت لعملها ولكن سرعان ما كانت تنتفض عن مقعدها، تستمع لصوت صراخ بالداخل
– أنت جاي تضربني في منطقتك يا باشا
لكمه “جسار ” مجدداً وقد وجد اخيراً أحدا يخرج به حنقه وغضبه
– بتتشطر على أختك وعايزاها تشتغل مع ناس بتوع دعارة، لا راجل يا واد
لهث فتحي أنفاسه وهو يُحاول تفادي ضرباته والدفاع عن حاله، ولكن “جسار” كان يفوقه قوة ومهارة
– أختي يا باشا وأنا حر
كاد أن يعود للكمه، ولكن تلك المرة تفاده “فتحي” 
– انا بحاول اكون حنين معاك يا باشا
ابتسم ” جسار” وهو يطقطق عنقه، ف ازدرد “فتحي” ريقه
– مية الف جنيه تاخدهم زي الشاطر وترجع مكان ما جيت
حدقه فتحي بطمع، فعلى ما يبدو أن شقيقته نالت رضاه ليدفع بعض الأموال من أجلها
– مش معقول يا باشا، بسمه اختي تساوي عندك مية الف بس
ولكمة أخرى دفعه بها بعيداً، فسقط فوق أحد الأرائك
– أنا بدفع فلوسي لواحد زيك عشان أخلص أختك منك، اوعي تكون فاكر إن، أنا ممكن ابص لواحده أخوها زيك.. فاحمد ربنا إني بتفاهم معاك
عاد الخوف يحتل قسمات “فتحي” وهو يراه يميل صوبه يقبض فوق تلابيبه
– حبايبي في الداخلية كتير، شكلك عايز ترجع السجن تاني
فبهتت ملامح ” فتحي ” ونفض حاله من قبضته، تراجع جسار للخلف يرمقه بقوة
– اخلص هتاخد الفلوس وتمضي على وصل الأمانه وعدم التعرض ولاا أتصرف بمعرفتي
– نخلي المبلغ الضعف يا باشا، وانسى إنك شوفتني ومعنديش اخت خلاص، أنا قولت للحارة إنها راحت عند ناس قرايبنا تعيش معاهم لكن بالنسبالي اختي ماتت  بعد ما هربت وفضحتني قدام الراجل بتاعي
وقع له عن المبلغ الذي وجده خساره به وبشقيقته ولكنه كما وعد “ملك” سيصون الأمانه 
–  جدع يا فتحي 
بصق عبارته بازدراء واردف بنبرة جامده 
– المحامي بتاعي هيمضيك على كام ورقه، وهتاخد الفلوس ومشوفش وشك تاني 
……….. 
وقفت جانباً تمسح حبات العرق من فوق جبينها، طالعت المطعم خلفها متنهده.. ، فهي تعمل بكل جد حتى تثبت للسيد” صدقي” إنها تستحق إكرامه عليها، حينا سمح لها بنومها في المطعم بعد مغادرة الجميع.
اخرجت هاتفها الصغير، تنظر إليه ترغب في مهاتفة شخصين لا غيرهم ولكن “ملك” لا تريد لها الاذى من فتحي شقيقها ، تراجعت عن الاتصال بها من شريحتها الجديدة حتى تهدأ الأمور وينسي “فتحي” أمرها، ولكن الشخص الأخر كانت رغبة ملحة تخترقها لتهاتفه.
تراجعت لمرات عدة ولكن في النهاية شئ دفعها للأتصال، تُقنع حالها إنه فعل معها الكثير، وجد لها عمل لدي السيد ” صدقي” ذلك الرجل الطيب، واعطاها بعض المال لتُدبر به حالها رغم إنها رفضت المال ولكنه تركه للسيد” صدقي” يعطيه لها. 
انفتح الخط دون إجابة من صاحبه، فخشيت أن لا يكون سجل رقمها بعدما أعطاها رقمه، وبتعلثم تمتمت 
– جسار بيه أنا بسمة
– عارف، في حاجة عايزاها يا بسمة
شعرت بالحرج من نبرته، فابتلعت غصتها التي لا تعلم سببها
– ابداً، انا كنت بطمنك أني استقريت في الشغل والسيد صدقي مبسوط مني
طال صمت “جسار” بعدما جلس داخل سيارته أسفل البناية التي بها مكتب المأذون وقد أنهي كل شئ بينه وبين ” جيهان” التي حصلت على المال الذي ارضاها واقنعها إنها ستكون الخاسرة إذا لم تخرج من حياته، فهو لا يخاف من شئ ولا من الخسائر
– شكلك مش فاضي، أنا بس
– تمام يا بسمة، اتمنى متقصريش رقبتي قدام السيد صدقي
– حاضر
وبهمس خافت هتفت كلمتها، انتهى الحديث وانحدرت دمعة سخية فوق خدها ،تُخبرها إنها لا شئ في حياة أحد. 
كان ” عنتر” يهبط من سيارته أمام المطعم، وقد جاء ليأخذ المال كعادته، وقف مكانه يُطالعها وهو يمسح فوق شاربه
– البت رغم إنها مش حلوه، بس جسمها كله تضاريس
بلل شفتيه بلسانه واقترب منها ولكن قبل أن يصل إليها، كانت “سميرة” تخرج من المطعم تحمل النفايات لتضعها في موضعها 
توقف مكانه وتراجع، وعينين سميرة عليه تهتف اسمه 
– عنتر 
فاقت “بسمة” من أفكارها والتفتت نحو الصوت، فاسرعت بخطواتها نحو الداخل، فرؤيتها لهم تُذكرها باقذر الأشياء شناعة قد رأتها في حياتها 
………… 
تجمدت في حركتها، بعدما كانت تطرق الأرض بكعب حذائها.. ، تعلقت عيناها بتلك التي تحمل بعض الأوراق ثم جلست على أحد المقاعد أمام مكتبها تنظر للأوراق بتدقيق …
 اقتربت من تلك الساحة الواسعة التي تحتوي على بضعة مكاتب حتى تتأكد مما رأته عيناها
– مش معقول، بقى مشغلها هنا في المؤسسة 
– مدام دينا، مستر حازم مستني حضرتك في مكتبه
هتفت احدي الموظفات المختصين بمهام الإدارة وخدمة العملاء، فتحركت ” دينا” من أمامها نحو الطابق الذي يحتل به مكتب حازم وبعض المحامين المختصين بالقضايا الكبرى، ولكنها توقفت تتسأل
– مين البنت ديه؟ 
قطبت الموظفة حاجبيها تنظر نحو ما تُشير إليها
– اصل بصراحه بشبه عليها 
– اه قصدك فتون.، ديه متدربه جديده ومتوصي عليها من حازم بيه
رفعت ” دينا” بعض الخصلات عن جبهتها، تُحاول سحب بعض المعلومات من الواقفة 
– حازم بيه بس اللي موصي عليها 
– هو ده اللي اعرفه يا فندم
تعالت السعادة فوق ملامح ” دينا”، فعلى ما يبدو أن “سليم” بدء يراها دون مستوى؛ هكذا كانت تفسر ” دينا” لحالها 
غادرت دينا المؤسسة بعدما انهت بعض الإجراءات التي وكلتها لحازم..
صعدت سيارتها ترتب خصلاتها، وسرعان ما كانت “شهيرة” تخطر على بالها
– نعم يا دينا، ياريت تقولي اللي عايزاه عندي اجتماع مهم
ارتفعت شفتي ” دينا ” بابتسامة ماكرة، تتخيل ردة فعل شهيرة حينا تعلم أن الزوجة الأخرى أصبحت تعمل في مؤسسته الخاصه بالمحاماة
– مرات سليم
اغمضت “شهيرة” عينيها حانقة، فهي لا تحب سماع تلك العبارة، فاتسعت ابتسامة “دينا” وهي تُدرك إنها أثارت غيرتها وعليائها، ادعت ” دينا ” عدم قصدها متمتمه
– قصدي الخدامة.. 
واردفت بهدوء ومكر
– تصدقي يا شهيرة، سليم مشغلها عنده في المؤسسة لا والكل على لسانه مرات سليم باشا، حقيقي مش قادره أصدق إزاي سليم يطلع واحده زيها لفوق، لا وبكره ينقلها ملكية المؤسسة
واستطردت بتعاطف مصطنع تجيدة 
– فاكره لما موفقش يكتب ارض الساحل باسمك، رغم إنه عارف إن الأرض كنتي هتموتي عليها عشان المشروع اللي بدء فيه  هو دلوقتي
قبضت “شهيرة” فوق القلم الذي انقسم لنصفين ، فتسارعت أنفاسها تتسأل بملامح جامدة 
– سليم، عمره ما هيديها اكتر من قيمتها 
صدحت ضحكة ” دينا” بصخب وهي تتحرك بسيارتها وترفع من صوت المسجل 
– يبقى شكل الخدامه قيمتها كبيرة أوي عنده يا شهيرة، حتى أكتر منك أنتِ 
………… 
وبهيمنة كان يجلس ويضع أمامها بنود عقدهم، كانت تسمعه وهو يخبرها بكل بند ببطئ، ويتابع تعبيرات ملامحها، وجنات كانت بارعة في إخفاء ما يجول بداخلها
– أسهر ، اعرف ستات غيرك، أعمل أي حاجة في حياتي.. أنتِ مجرد كرسي في بيتي
انتظر ردها ولكنها ظلت صامته تسمعه، فارت دماؤه وتابع حديثه بغضب, يرغب بسحقها به
– وقلة قليلة بس اللي هتعرف بجوازنا، ما أصل أنا عارف صنفكم في كل مكان لازم التباهي بتاعكم
وازداد غضبه اكثر وهو ينتظر إجابة منها ولكنها ظلت صامته تسمعه
– حقي الشرعي هاخده في الوقت اللي أنا عايزاه
ومال ناحيتها يخبرها بميوله العنيفة بعض الشئ، ارتجف قلبها لوهلة، فابتسم براحه فاخيراً قد ظهر الخوف فوق ملامحها
– قصدك إيه يعني إنك سادي
همست عبارتها بتعلثم، فصدحت ضحكته عالياً
– والله لو عايزه نلغي الاتفاق وتاخدي الفلوس وتمضي تنازل عن الأرض اللي هي ملكي، ونداله والدي وساذجة والدك اللي أنا ماليش دخل فيها لكن من كرمي هديكي فلوس، لكن نقول إيه 
وقبل أن يستطرد بحديثه 
– طماعه مش كده، فعلا أنا طماعه..، وبكره تكتشف هدفي من الطمع يا كاظم باشا
تجهمت ملامح “كاظم”وهو يُدرك مدى طمعها في ماله لتنتقم من والده، ولكنها اختارت الشخص الخطأ لتتلاعب معه، طالعها وهي تنهض، فضاقت عيناه بوعيد
– الجواز بعد يومين، حضري نفسك يا عروسه 
…………….
دلفت لداخل الغرفة بتوتر، تنظر حولها هنا وهناك، تتواري عن الأعين حتى لا يراها أحداً
– فتون كل ده بتوصلي لاوضة المكتب بتاعتي، مش معقول
اغلقت الباب خلفها، تزفر أنفاسها، فلا احد هنا اكتشف إلى الأن إنها زوجته، فهي لا تُريد تلك الحماية التي ستجعل الجميع يخافها، لقد اعتادت على إنها فرداً عادياً يتباسط الكثير معها في الحديث دون النظر لهويتها
– فتون أنتِ معايا
لقد طال صمتها حقاً، وهو بدء يتسأل.. دارت بعينيها في المكان
– اصل الأوضة كبيرة اوي وجميلة
ابتسم رغما عنه، وهو ينقل الهاتف لأذنه الأخري
– طيب يا سرحانه في جمال الأوضة، نبدء ندور على الكتاب عشان هيفيدك يا فتون في مذاكرتك
لمعت عيناها بالسعادة وهي تستمع لعبارته وهتفت بحماس لا تعرف كيف ومتى أصبح من سماتها
– هبدء اه أول ما تقفل 
– ومين قالك إني هقفل الخط، ولما اقفل الخط مين هيدلك على مكانه
حكت رأسها بطفولة تخبره وهي تُطالع المكان حولها 
– عندك حق 
وتسألت وهي تبحث بين الأرفف 
– هو عمك كان محامي كبير أوي 
ضحك وهو يستمع إليها 
– اسألتك بقت كتيره وده مش من طبعك يا فتون
– اسفه 
تمتمتها بخجل، فتنهد وهو يستمع لنبرتها 
– عايز فتون اللي بتكلمني كده وبتسأل مش في التليفون، لا عايزاها وهي في حضني..
ثم اردف بمكر ووقاحة تليق به 
– عشان أخد المقابل يا حببتي 
وبعبارات صريحة كان يخبرها بالمكان الذي يجب أن تسأله فيه، شهقة خجلة خرجت من بين شفتيها 
– سليم 
– خلاص سليم سكت ، يلا ابدأي دوري على الكتاب عشان تاخديه معاكي البيت وتذاكريه كويس.. ،عشان في اختبار مني ليكي
عادت للبحث عن الكتاب وهي تستمع إليه، يسألها عن يومها وكيف يُعاملها حازم والبعض هنا..، واه لو علم إنها جعلت حازم لا يخبر الجميع إنها زوجته، فقلة قليلة من أهتمت بزيجته الجديدة بل الكثير رأي أن الزيجة الجديدة لن تطيل وسيعود لأم أبنته
– لقيته يا سليم
هتفت عبارتها، بعدما ضجرت من البحث عن الكتاب..، لتفتح أول صفحاته وتنظر فيها..، لم تشعر بتلك التي وقفت أمام الغرفة بعد أن فتحتها ببطئ ووقفت تطالعها بملامح جامده 
انغلق الباب ببطء كما فُتح، تغمض عينيها لعلها تستطيع اخذ أنفاسها،  ألم طفيف كانت تشعر به بل ليس طفيف إنه ألم يجعلها لأول مرة تُريد الصراخ بكل قوتها، وسؤال واحد كان يخترق فؤادها
” لماذا لم تكن علاقتهما هكذا؟”
وسؤال جديد أقتحم عقلها دون رحمة
 ” هل كانت فقط زوجة للفراش في البداية، ام زواجهم المُعلن كان من أجل ابنتها”؟
نيران وغيرة وغضب، ومشاعر لا تعرف مهيتها.. ، إنه يتحدث معها دون ملل، يعطيها من وقته, وهو الذي كان دوماً يخبرها أن وقتهم ثمين وهي كانت تقتنع ؛ فعالمهم يحتاجهم جائعين دون شبع، فلو شبعوا وتهاونوا ستضيع سلطتهم وهم في حرب المال والأعمال.
ودمعة خائنة انسابت من عينيها لعلها تُريحها وتطفئ تلك النيران المشتعلة داخلها ، ولكن ” شهيرة” امرأة قوية والنساء كحالها لا يبكون، بل يصبحون أكثر صلابة.
القت نظرة أخيرة نحو الغرفة وقد ازدادت عيناها قتامة، سارت راحلة وهي تزفر أنفاسها بهدوء لعلها تعود لتوازنها ولكنها سكنت في مكانها تستمع لصوت “حازم”
– شهيرة 
اغمضت عينيها وزفرت أنفاسها، ثم التفتت إليه ببطء وعلى وجهها ابتسامة هادئه
– مش معقول كنتِ جاية لسليم هنا 
ومازحها بلطف 
– أكيد جيالي أنا طبعا
ضحكت مرغمة، ثم رفعت يدها نحو خصلاتها تصففهم باصابعها 
– لا أنا عارفه إن سليم مسافر، أنت عارف علاقتي بسليم مش بيغيرها حاجة
فهم “حازم” مقصدها، وهو مقتنع به..،صديقه سيفيق من غفوته ويدرك خطأه في زيجته الأخيرة، وتسأل عن معرفتها، بعدما القى نظرة خاطفة حوله
– فتون بتشتغل هنا!
تظاهرت ” شهيرة” بعدم اهتمامها للأمر، ثم أعادت يدها نحو خصلاتها المنسدلة على كتفيها
–  ما انا قولتلك سليم معرفني حاجات كتير عن حياته الجديدة
اعتلت الدهشة ملامح “حازم”، فعلى ما يبدو أن صديقه يرتب للعودة لشهيرة ثانية ، ولكن لماذا أصبحت ” فتون” هنا بل ويهتم بمستقبلها ، لأول مرة كان “حازم” يشعر بالتشوش.
أدركت “شهيرة”  أن وقفتها قد طالت ويجب عليها المغادرة، قبل أن يسألها “حازم” عن السبب الذي أتى بها لهنا ، وكأنه كان يقرء أفكارها، فتسأل بعدما طرد أفكاره عن حياة صديقه
– مدام مش جايه عشان سليم، يبقى اكيد في استشارة قانونية محتاجاها يا شهيره
ابتسمت بتوتر بعدما حاصرها  بسؤاله، بحثت عن شئ تُخبره به، فهتفت تؤكد حديثه 
– أكيد طبعا محتاجه استشارة قانونيه منك يا حازم
– طيب اتفضلي معايا المكتب
ازداد توترها وحازم يشير إليها أن تتقدم معه نحو غرفته، تنفست الصعداء بعدما تعالا رنين هاتفها برسالة ما قد بعثتها إليها “دينا”
– الشغل مش بيخلص للأسف، عندي اجتماع مهم والسكرتيرة لسا بعتالي رساله تبلغني بالميعاد
واردفت بعدما بسطت كفها تصافحه قبل أن تغادر 
– مرة تانيه يا حازم، اعذرني
أسرعت بخطواتها راحلة، فوقف يطالعها وقد رفع كفه يحك به لحيته 
– سليم والنساء في حياته، طول عمرك جايب لنفسك وجع الدماغ يا صديقي 
صعدت سيارتها والغيرة تكاد تقتلها، لم تهتم برسالة “دينا”، كل ما كانت تريده هو إلاختلاء بحالها لتفكر قليلاً،
 لقد اخذت صغيرتهم منه ولكنها تعلم تماما حينا يعود ويُطالب بها ستعطيها له ليس خوفا منه ولكنها تُدرك أن صغيرتها، أمانها ونشأتها أفضل بجواره هو وليست هي وحامد شقيقها الذي يعامل الصغيرة وكأنه يري خديجة الكبيرة أمامه، ترى نظراته ولمساته وهوسه لأمرأة لم تكره رجل مثله بل وكرهتها هي أيضاً.
وضعت رأسها فوق عجلة القيادة، تزفر أنفاسها ببطء ولكن سرعان ما أدركت إنها بحاجة لشئ اخر تُخرج به زفراتها، التقطت علبة السجائر وهي تمقت إدمانها بها وقت الحاجة ، ومع كل زفرة معبئة برائحة النيكوتين كانت الأفكار تقتحم عقلها.
أسرعت في التقاط هاتفها تبحث عن رقم ما تحتاجه كلما أرادت إعطاء احد منافسيها درساً
– عايزاك تنفذ اللي هقولك عليه بالظبط 
……….
– أنتِ يا جنات تعملي في نفسك كده 
هتف بها “أحمس” بعدما نهض عن مقعده حانقا مما أخبرته به، ف المرأة التي يري فيها قوة النساء والمثابرة تُخبرها بالحقيقه أن النساء يصبحون حمقوات حينا يقحمون حياتهم ب الرجال ظنين إنهم سيخرجون منتصرين دون ندوب. 
– وأنتِ يا فتون عارفه وساكته، أنتم بتعملوا كده ليه في نفسكم 
طرقت “فتون” عيناها، فما الذي فعلته  واتخذت قراره ، هي لا تفعل شئ بحياتها، هي تساق لا أكثر
– أحمس متحطش فتون معايا في نفس الدايرة، فتون غيري سليم بيحبها ومتجوزها ب إرادته
– بيحبها؟ انتِ بتضحكي على نفسك ولا عليا ولا عليها ياجنات، راجل زي سليم النجار بذكاءه مش هيدور غير على ست يشبع فيها رغبته بس في إطار الحلال يدوق وبعدين هيرميها
والكلمة قتلتها بالفعل، لقد ضغط “أحمس” فوق جروحها، فوق الحقيقه التي اخبرتها بها السيدة ألفت قديماً، واخبرتها به “دينا وشهيرة”
أندفعت “جنات” صوبه تدفعه حانقة من حديثه
– أنت غبي، شايف وجعتها إزاي
طالعها “أحمس” وهو لا يصدق إنه تفوه بذلك دون قصد
– أنا خايف عليكم، أنا بعتبركم اخواتي.. ،مقدرش اشوف واحده فيكي بتعمل في نفسها كده
– أنا معملتش في نفسي حاجة يا أحمس، ولا عمري أخدت قرار في حياتي 
خرجت أخيراً عن صمتها تنظر نحو جنات بلوم، فاطرقت الأخرى عيناها.
طالعهم “أحمس” بحيرة بعدما هوي فوق مقعده بقلة حيله، ف “جنات” قد اتخذت قرارها وانتهى الأمر
– يمكن سليم النجار بيقدم ليها مستقبل هي محتاجاه، لكن أنتِ يا جنات كاظم النعماني بيتجوزك عشان يعرفك إزاي تقفي قدامه وتتحديه، شايفك طماعه
كان المطعم خالي بهم، يحاوطهم سكون الليل وظلمته..، خرج صوتها بنبرة جريحة وقد تردد صداه حولهم
– تعبت من الوحده ومن الخوف، كل يوم اقرا عن بنت  اغتصبوها وهي راجعه من شغلها، عن واحده ماتت في شقتها وحيدة، واخيرهم جارتنا اللي اغتصبوها يا أحمس، جارتنا المطلقه.. عايزني اكون كده
طالعتها ” فتون” بصدمة، فمنذ متي وكانت “جنات” هكذا
– بتبصولي كده ليه، أنا أجبن واحده ممكن تشوفوها 
صمت كلاهما لا يستوعبون شئ، ولكن جنات كانت ضائعة وسط مخاوفها ورغبة تقودها نحو هذا الرجل
– هتكونوا معايا بكرة، ولا هتسبوني لوحدي
والطريق قد اختارته “جنات”، رمقها ” أحمس” بنظرة أخيرة قبل أن يغادر متمتماً
– الراجل ده هيطفيكي يا جنات، هيفضل شايفك طول عمرك ست طماعه، اتجوزته عشان نصيبها اللي لا يذكر في قطعة الأرض، وكانت عايزة الزيادة. 
و”جنات” كانت لا تسمع، كانت ترى إنها ستنتصر في النهاية وستنال قلب ” كاظم النعماني” كما نالت قلة من النساء أحلامهم. 
………….
مسحت حبات العرق من فوق جبينها، تنظر نحو الأغراض التي  تناولتها من ” ماجد” زميلها بالمطعم
– فاضل ندخلهم المطبخ
طالعها ” ماجد ” مشفقاً، فغياب السيد ” صدقي” هذا اليوم وتولى ابنه الإدارة عنه  الأيام القادمة ينبئهم بما سوف يحدث لهم
– أنا هشيلهم يا بسمة، كفايه عليكي كده
– لا أنا هساعدك
ودون أن تنتظر منه إجابة، كانت تنحني لتحمل احد الصناديق نحو الداخل..، رمقهم “عنتر” بنظرات فاحصة ولكن عيناه بدأت تستبيح له نظرات أخرى، داعب خده وهو يحدق بجسد ” بسمة” وكيف تنحني ثم تعتدل حامله الصناديق، لعابه أخذ يسيل وهو يتخيلها بصورة يُريدها وعيناه تزيد تركيزاً نحو تفاصيل جسدها
– اه بنت الإيه عليها جسم، بس عامله نفسها شريفه، الواد ماجد ده لازم اربيه
اتجه نحو ” ماجد” يلكمه فوق كتفه بقوة، ثم القى بنظره نحو الصناديق المتراصة حانقاً
– ماتشهل يا خويا أنت وهي، ولا الحاج شكله دلكم
تنهدت “بسمة” حانقه، فهم يعملون بجد عكس “سميرة” التي لا تفعل شئ سوي الدلال أمامه
– أشمعنا سميرة مبتشلش معانا 
هتفت “بسمة”، وقد علقت عيناها نحو ” سميرة التي اتبعت” عنتر ” كظله
– شايف يا أستاذ عنتر حطاني في دماغها ازاي 
– أنا مش حطاكي في دماغي، أنا بقول الحقيقة 
– أيوة فعلا، بسمه عندها حق
صفقت” سميرة ” بكفيها بعدما استمعت لعبارة” ماجد “، ثم دارت بعينيها بينهم
– طبعا من ساعة ما ست بسمة جات، وأنت معاها ديماً
وبطريقة ما كانت تظهر الصورة التي أرادت أن تظهرها، عادت نظرات ” عنتر” تفحصهما وقد شبَّ عراك بينهم..، شعر بالضجر من عراكهم، فصرخ حانقا ولكن العراك قد أشتد بينهم ، تعلقت عيناه بتلك اللبوة الشرسة وكيف ترد الصاع صاعين لسميرة التي أخذت تسبها بابشع الألفاظ
والفرصة قد أتته سانحة، وقف يفصل بينهم يضع يديه فوق جسدها
– طب والله لاربيكي يا سميرة، لا اوعي تفتكريني هسكت بعد كده، لا عن حقي ولا حق ماجد 
– خلاص يا سميرة اسكتي
وسميرة لا تصمت بل يزداد حنقها وهي تراه كيف يُحامي عنها ويتصدي عنها ضرباتها
– لا أنا لا البت ديه هنا
وبابتسامة واسعة لم يشعر بها “عنتر”كان يُجيب 
– هي يا سميرة
بهتت ملامح ” سميرة” وهي لا تصدق ما سمعت، حتى هو لم يُصدق ما نطق به لكنه كان هائم بتلك التي تقف أمامه تناطح سميرة بشراسة وقد ظهرت مخالبها
– بتفضلها عليا، أنا 
سقطت دموع ” سميرة” في صدمة، بعدما اكتشفت مكانتها لديه..، أسرعت نحو الداخل وقد اسقطها بجوابه للقاع، تدارك أخيراً فداحت جوابه فاسرع خلفها يهتف اسمها 
– سميرة
كان ” ماجد” سعيد بفعلتها يُصفق لها وهي كانت مثله سعيدة بعراكها مع سميرة دون خوف
– والله طلعتي بمليون راجل يا بسمة
اتسعت ابتسامة” بسمة ” بغرور مصطنع، وعادت لعملها دون أن تفكر بتلك النظرات ولا بتلك اللمسة التي لمسها بها “عنتر” عندما شبَّ العراك وكان يفضه بينهم، لم تكن تدرك أن خلف هذا نوايا دنيئة كصاحبها
– خلينا نشوف شغلنا يا ماجد، عشان خاطر الحاج صدقي موصينا على المطعم 
لملمت ” سميرة” أغراضها وهي تندب حظها ممن ظنته يفضلها وفي النهاية باعها بلحظة أمام فتاة اقل منها جمالاً
– ما خلاص بقى يا سميرة، ما أنا قولتلك مكنش قصدي يا بت، الكلمه خرجت مني بالغلط
تحسس خصرها بيديه ، فدفعته عنها ومازالت تنتحب بشدة
– كان قصدك يا خويا، ما أنا خلاص بقيت قديمه ومستهكلة وعايز تجرب الجديدة
وداخله كان يتمنى هذا ولكن الأوان لم يأتي بعد، ف الجديدة ليست سهلة وتحتاج لوقت
– يا سمارة جديدة إيه، طب بذمتك أنا ابص لواحده زيها.. ، هي تيجي في جمالك وحلاوتك يا سمارة
اطرب قلبها بحديثه، فمالت نحوه تترك لها جسدها يستبيحه كما يريد
– اروح في البت ديه في داهية لو خدتك مني، سامع
وبضحكة قوية صدح صداها بالمكان كان يُجيبها
– وتدخلي في واحده زيها السجن
رفعت عيناها نحوه وقد عادت ترى “عنتر” حبيبها المتيمه به
– بحبك يا سي عنتر
وبضحكة ماكرة لعوبة كان يُخبرها وهو يجذبها إليه
– وأنا أكتر يا سمارة
اجتذبها لداخل الغرفة التي يتم فيها حفظ الطعام ، ينال ما تعطيه له، وبانفاس لاهثة كان يخبرها
– تعاليلي الشقة النهارده يا سمارة
تعلقت بعنقه هامسة بعدما اماءت برأسها إليه
– عايزاك تهزئها وترديلي كرامتي
وهو رغم عدم قناعته بالأمر، إلا إنها كانت تمنحه ما يريحه، هندم هيئته كما فعلت هي..، وخرج قبلها يستمع إلى مزاح ماجد معها ولا يعلم لما شعر بالحقد نحو ماجد
– هنقضيها ضحك وقله ادب، روحي يا ختي شوفي شغلك بدل ما اعرفك قيمتك
– ما أحنا شغالين اه يا استاذ عنتر
– أنتِ كمان بتردي عليا
اندفع “عنتر” صوبها يجذبها من ذراعها وبغضب دفعها نحو سطح طاولة المطبخ
– كلمة زيادة وهقولك خدي حاجتك وأمشي من هنا، مش كفاية الحاج سامحلك تباتي في المطعم والله اعلم وراكي إيه
وقفت ” سميرة” ترمقها بشماته وهي ترى معالم الألم المرتسمة فوق ملامحها، مسحت ” بسمة” فوق جبهتها التي أصبحت مكدومة وابتلعت غصتها، فهي إذا غادرت هذا المكان لن تجد مكان يأويها، فاسرع ” ماجد” نحوها
– وأنت أخرك معايا قرب، ولا فكرين إن رجوع الحاج قريب تبقوا غلطانين، الحاج بقى تعبان وصحته مبقتش زي زمان، ومن النهاردة أنا كل حاجة هنا سامعين
…………
لقد أخبرها ألا تذهب ولكنها خالفته لتكون جوار “جنات” هذا اليوم، ورغم عدم اقتناعها بالأمر؛ 
فها هي في ذلك العرس، الذي يُذكرها بليلتها، ولكن “جنات” هي من اختارت الأمر بكامل رغبتها
– شايفه عملت في نفسها إيه
طالعته “فتون، ثم عادت تركز بعينيها نحو ” تلك السيدة التي احتضنت “جنات”، بعدما انتهى عقد القران
– هما أهل جنات
ركز ” أحمس” عيناه نحوهم ، بعدما كان عقله مشغولا بتلك التي زجت نفسها بزيجة اتضحت معالمها أكثر اليوم
– ديه عمتها لكن معرفش الراجل اللي معاها
– هي عمتها مفتكرتش بنت أخوها غير النهاردة
– تعرفي إنها طلبت بورثها من اخوها في الأرض، الأرض اللي متعرفش إن جنات ضيعت نفسها عشانها بسبب احلام مش هتعرف تحققها
قالها ” أحمس” الذي نظر نحو جنات بنظرة حزينه معاتبه
– المناسبة السعيدة خلصت يا أساتذة، اتفضلوا
هتف بها “جلال” بطريقة صفيقة، فاقتربت منهم جنات تحتضنهم بعدما تركت” كاظم” الذي وقف يرمقها بنظرات قاتمة..، انتزعها من بينهم، ثم أشار لاحد رجاله بطردهم. 
خرجوا سويا ينظرون للمنزل الذي طردوا منه للتو
– جنات ضاعت يا أحمس، هو ليه بيعمل كده
– كاظم النعماني راجل معروف بجبروته وغروره يا فتون
– شوفت طردنا ازاي 
ضيق عيناه بضيق مصطنع يهتف بها لائماً
– عمال اغمزلك عشان تقوليله أنتِ مرات مين، لكن ولا على بالك 
وعندما ذكرها به، شهقت مذعورة تضع بكفها فوق شفتيها
– تفتكر لما يعرف هيعمل إيه
رفع “أحمس” شفتيه مستنكراً سؤالها وحضورهم اليوم
– بصراحة جوزك كان عنده حق لما رفض تيجي عند راجل قليل الذوق زي كاظم النعماني 
………….
استند بجسده، ينظر إليها وهي تُحمم صغيريه، وصغاره يضحكون ويقذفونها بالماء ، كانت ضحكاتهم تعلو في المنزل فتبعث فيه دفئاً وروحاً ،
ورغم إنهاكه ورغبته في الخلود للنوم دون مواجهة ومزيد من العتاب، إلا إنه تلك اللحظه لم يرغب إلا برفقتهم
– انتوا بتلعبوا ولا بتغرقوني، أنا كده هقولكم كفايه لعب وهخرجكم من المية
والصغار كانوا يتذمرون، شعرت بأنفاسه خلفها ولكنها لم تلتفت إليه، عانق صغيريه بعينيه وهم ينظرون إليهم بحب
– حبايب بابي بقوا متعبين، وتعبتوا مامي
جففتهم دون أن تهتف بشئ، فزفر أنفاسه مُعاتباً
– كل ده عشان اقترحت عليكي نروح لدكتورة علاج نفسي سوا
– لو سامحت مش عايزه اتكلم في الموضوع ده
حملت الصغيرين واتجهت بهما نحو غرفتهما، اقتربت منها
” ناهد” بملابسهم ونظرت إليها راجية أن تُلبسهم هي ثيابهم، 
اعطتها “ملك” الصغار ووقفت تُساعدها، حتى لا يبكوا فهم لم يعتادوا عليها بعد.
غفا الصغيرين في حضن “ناهد”، فابتسمت بسعادة وهي ترى احفادها بين أحضانها
وبكلمات متقطعة أخذت تتمتم
– عبدالله شبهك يا  مها ، وعزالدين شبه رسلان، يا ترى هي هتحبكم ولا هتعمل فيكم زي ما أنا عملت
تناست “ناهد” وجود ملك وأخذت تُحادث الصغار وهم غافين عن ابنتها الراحلة وعن مخاوفها من مستقبل يتغير فيه نفوس البشر. 
انسحبت “ملك” من الغرفة وقد انسابت دموعها فوق خديها، لقد بدء شئ داخلها يتحرك نحو الأمومة، لقد أصبحت ترى الصغار أبنائها ومن رحمها هي..
دلفت للغرفة تكتم شهقاتها
– ليه شيفاني ممكن اكون زيها
خرج “رسلان” من المرحاض يجفف شعره، لتتجمد حركة يده عن مهمتها واقترب منها قلقاً متسائلاً
– ملك فيكي إيه 
– هما عملوا فيا كده ليه، كانوا خلوني اتربي في ملجأ افضل، كنت هرتاح والله، حرمتني من حنانها ليه، عشان مش بنتها، بس الأم هي اللي بتربي
ارتجف قلبه ألماً، وهو يراها في هذه الحالة بعدما كانت سعيدة بعبثها مع صغاره
– أنت السبب يا رسلان..، أنت السبب لو مكنتش حبيتك وحبتني مكنتش كرهتني وكنت هفضل طول عمري بنتها من غير ما اعرف الحقيقة
تراجع للخلف مصدوماً، فاقتربت منه تدفعه فوق صدره صارخة
– أنت السبب، أنا بكرهك
تلاشي صدمته وهو يدرك إنها لا تجلد إلا ذاتها، تتمنى لو عاشت في خدعتها دون حقيقة مؤلمة 
تركها تُخرج كل شئ داخلها ، أخبرته بكرهها له ، برغبتها في إنهاء زواجهم، وبضعف كانت تهتف 
– رسلان أنا تعبت خلاص، أنا فعلا محتاجه اروح لدكتوره
لم يشعر إلا وهو يضمها بكل قوته، ويعتصرها بين أضلعه
– لو هتفضلي تكرهيني بس ترجعي ملك القديمة وتعيشي حياتك أنا موافق
طالعته في صمت طويل، فاخذ يمسح وجنتيها بانامله، ينظر نحو شفتيها بتمنى .. ، عانقت عيناه عيناها، واصبحت أنفاسه معبقة برائحة أنفاسها..، كانت تطالعه بضياع وسؤال واحد يتردد داخلها
“هل ستكون مثل ناهد إذا أصبح لديها طفلا من رحمها؟ “
والإجابة كانت مجهولة، ولكنها تُريد معرفتها والطريق كان واحد إذا أرادت ذلك
– عايزه أكون أم يا رسلان، عايزه اعرف هكون زيها ولا لاء
وقبل أن يفهم حديثها، كانت هي تخبره بالطريق الوحيد الذي سيمنحها الإجابة 
………….
اصطحبها” أحمس ” للداخل بعدما توقف بهم سائق السيارة الأجرة خارج أسوار المنزل ، تمهلوا في سيرهم وقد أخذهم الحديث عن ” كاظم النعماني” وما فعلته “جنات” بحالها.
ومن خلف زجاج الشرفة، كان يقف يُطالعها وهي قادمة
– أحضر العشا يا سليم بيه
انصرفت الخادمة بعدما لم تتلقى إجابة منه، فقبض فوق كفيه بقوة وارتكزت عيناه عليهما مجدداً 
أغلق ستار الشرفة، واندفع بخطواته نحو الخارج، لقد خالفت
” فتون” امره بل وأتت في تلك الساعة مع رجلاً تتمازح معه.
لوحت بيدها لأحمس بعدما اقتربت من الباب الداخلي وغادر هو عائداً نحو الخارج..، انحنت قليلاً نحو حقيبة يدها؛ لتُخرج المفتاح الذي بحوذتها
– حمدلله على السلامه يا هانم
وشهقة خرجت من بين شفتيها وهي تُحدق به بعدما رفعت رأسها واستمتعت لصوته، لقد عاد “سليم” من رحلته
اقتباس من الفصل القادم 
******
جلست أرضاً تنتحب، تضم جسدها بذراعيها ورغم عدم البرودة إلا ان جسدها كان يرتجف، جزت فوق أسنانها وقد ازدادت دموعها انهماراً فوق خديها، توقف أمامها يرمقها بنظرات طويلة جامدة 
لتشعر بالبرودة قد أشتدت حولها وقد أظلم المكان أمامها ، طالعت الحذاء اللامع جلده، لترفع عينيها نحو صاحبهما هامسه 
– جسار بيه، معملتش حاجة، معملتش حاجة 
يتبع..
لقراءة الفصل التاسع والثلاثون : اضغط هنا
لقراءة باقي فصول الرواية : اضغط هنا
نرشح لك أيضاً نوفيلا ورطة قلبي للكاتبة سارة فتحي

اترك رد