Uncategorized

رواية أتحداك أنا الفصل الأول 1 بقلم أميرة مدحت

 رواية أتحداك أنا الفصل الأول 1 بقلم أميرة مدحت

رواية أتحداك أنا الفصل الأول 1 بقلم أميرة مدحت

رواية أتحداك أنا الفصل الأول 1 بقلم أميرة مدحت

قبل ذلك بـ ستة أشهر، كان يُسير بـ سيارتـــه على سُرعة هادئة، تنفس بـ عُمق وهو يُضيق عينيــهِ بتفكير في أمرًا مـا، أرتسمت إبتسامة قاسية غريبة على وجهه وهو يصف سيارتـــــه بقرب من البناية التي يقطن فيهـا مؤقتـًا، ترجل عن سيارته ثم سار بخُطى هادئة، ولكن أوقفه صوت همهمة يأتي من خلف سيارته، وضع يديــهِ بداخل جيب بنطالـه وهو يتراجع قليلاً، ثم ألتفت برأسه وقد أقترب من ذلك الصوت، عقد ما بين حاجبيــه بتوجس عندمـا وجد شئ ما متكوم على الرصيف، ليجد أنــه ماهو إلا جسد بشري متكوم على نفســه، هتف بصوتٍ حـاد مُتسائلاً:
-إنت مين؟؟..
أنتظر أن يرفع وجهه بـ عينين جادة، سُرعـان ما أصابه الذهول عقب أن رأى أنها فتاة، فقد كانت تخفي شعرهـا وترتدي ملابس رجال، ومع ذلك لم يستطــع إدراك ملامحها من شدة الظلام المُحيط بالمكـان، وقف أمامهـا مباشرةً وهو يسألهـا في شئ من الحدة:
-إنتي سمعاني؟؟.. إيـه إللي مخليكي أعدة بالشكل ده؟؟..
سمـع صوتهـا المُرتجف قائلة:
-ساعدني!
ضيق عينيهِ أكثر عقب كلمتها المُريبة تلك، أقترب منهـا أكثر وأنحنى بـ جسده نحوها لتتسع عينـــاه بصدمة واضحـة وهو يرى أنهـــا مُصابة بـ طلق ناري، وثيابها السوداء مليئة بالدماء، أعتدل في وقفته وهو ينظر حوله محاولاً التفكير، مسح على شعره بقوة قبل أن يهمس بغضب مكتوم:
-ينهـــــار أسود.
أنحنى مرة أُخرى وهو يسألهـــا:
-مين عمل فيكي كده؟؟..
لم ترد عليـهِ، فـ أخرج هاتفــه سريعًا وهو يقول:
-طب أستحملي شوية، أنا هتصل بالإسعاف.
وقبل أن يعبث بـ هاتفـه، وجدهـا تمسك معصمـه قائلة بوهن لا يليق بها:
-لأ، إسعاف، لأ.
ألتفت برأسـه للجانبين قائلاً:
-أستني أشوف في حد في الشارع ولا لأ.
وحينمــا تأكد من عدم وجود أي مارة في هذه الساعة المُتأخرة، رمقها بـ نظراته القوية ثم انحنى بجزعه ليحملها عن الأرضية الصلبة وتوجه بهـا بخُطى سريعة نحو مدخل البناية، همس لهـا بصوتــه العميق:
-لازم تروحي المُستشفى، حالتك مطمنش.
سمع صوتهـا المُتقطع وهي ترد عليه:
-لأ، أ.. أوعى تـ.. تعمل كده، يـ.. ياإمـا تسبني.
صعد بها إلى الطابق الثاني، بدأت تلك الفتـاة تعلو حرارتهـا ويرتخي جسدهـا المُرتعش بين يديه؛ حيثُ ظهرت قطرات العرق الباردة على جيبينهـا، فـ أستسلمت لفقدان وعيهـا وخارت قواهـا تمامًا حيثُ سقطت رأسهـا على كتفـه، أنتبـه لها فـ هز رأسه نفيًا قائلاً بإمتعاض:
-هو أنا كُنت ناقص. 
أنزلها برفق حتى لامست قدميهـا الأرض، وذراعـه لايزال محاوط خصرها، بينمـا رأسها على كتفه، أخرج سلسلة مفاتيح المنزل وهو يهمس بكلمات غير مفهومة، عاد يحملها بين ذراعيهِ قابضًا عليها بين يديهِ، دخل منزله ثم أغلق الباب بـ قدمه، ركض نحو غُرفته ثم وضع جسدهـا المُرتخي على الفراش برفق، أخرج هاتفه من جيب بنطاله وهون يعبث فيه، وضعـه على أذنه ثم قال بلهجة حادة خطيرة:
-عايزك تيجي حالاً على العنوان إللي هبعتهولك.
ألتفت برأسه نحوها وهو يقول بجمود:
-في واحدة مُصابـة بـ طلق نـاري، فمن غير كلام كتير، تيجي ومتقولش لأي حد إني كلمتك.
أنهى المُكالمة دون أن ينتظر رده، زفر زفيرًا حارًا وهو يجلس على طرف الفراش بجوارها، سحب منديلاً ورقيًا من حافظة المناديل ومسح عنهـا حبات العرق المُلتصقة على جبينهـا فـ بدا وجهها أكثر وضوحًا له، تأمل تفاصيله بدقة، حرك رأسـه بتفكير وهو يهمس بشرود:
-إنتي حكايتك إيــه؟؟..
******
«بعد عدة ساعات»
-آنسة، يا آنسة، إنتي سمعاني؟؟..
حاولت أن تفتح عينيها ولكنها شعرت وكأن أجفانها كُتل رصاص، ألم شديد في كُل مكان بجسدها، تأهوت بخفوت وهي تحرك رأسها بتعب، بينما هو يمسح جبينها بمنشفة ورقية، ثم وضع يده على جبينهـا فزفر بإرتيـاح حينما تأكد من إنخفاض درجة حرارتها، فبعد أن أتى الطبيب، قام بنزع الرصاصة وطهر الجرح جيدًا بالمواد المُطهرة وضمد الجرح جيدًا، حتى لا يكون تلوث الجرح قد وصل للدمـاء، وعندمـا غادر من المكان، قـام بـ عمل كمادات لهـا لتخفيض حرارتهـا المُرتفعـة.
كادت تصرخ من هول الألم ولكن كبحت انفعالاتهـا وحاولت فتح عينيهـا المشوشتين لتدقيق النظر فيمـا حولهـا، سمعت صوتــه من جديد وهو يقول:
-إنتي سمعاني طيب؟؟.. حاولي تفتحتي عينيكي.
وأخيرًا فتحت عينيها وأتضحت الرؤية أمامهـا لتصطدم بـ وجهه، حاولت أن تعتدل في جلستـها ولكن أشتدت عليها الوخزات الحادة، أغمضت عينيها وقد أرتجفت شفتاهـا مُخرجة آهة خافتة، سمعت صوته مرة أُخرى وهو يحاول أن يجعلهـا تتحدث بأيّ كلمة، فقالت بوهن:
-عايزة أشرب ماية.
وكأنـه كان يعلم ذلك، فقد كان كوب الماء جاهزًا، جذب الكوب من على الكومود بينما فتحت عينيها وأعتدلت في جلستها بحرص، قرب الكوب من شفتيها فبدأت تشرب المياة الباردة بهدوء حتى أنهت نصفها، عاد يضع الكوب مكانه وهو يسألها بصوتٍ جاد ممتزج بالإهتمام:
-أحسن دلوقتي؟؟..
حركت رأسهـا إيجابيًا وهي تتسائل بحيرة:
-إنت مين؟؟.. وإيه إللي حصل؟؟.. آخر حاجة فكراهـــا اني..
صمتت قليلاً حينما هاجمتها الذكريات والأحداث ليلة الأمس، بلعت ريقها بصعوبة وهي تضع يدها تلقائيًا على مكان إصابتها، أغمضت عينيها بضيق وهي تهمس بداخلها «يا إلهي».
تأمل معالم وجهها بدقة وهو يسألها بدون أي مواربة:
-أفتكرتي؟؟..
فتحت عينيها ببُطء وهي ترد عليه بخفوت:
-أيوة أفتكرت، شُكرًا إنك أنقذتني، عارفة إني تعبتك معايا أوي.
رد عليها بجدية:
-مفيش داعي، بس أحب أعرف إنتي مين؟؟..
صمتت قليلاً قبل أن تسأله بالامبالاه:
-هتفرق معاك يعني لو عرفت اسمي؟؟..
مط شفتيه وهو يومئ برأسه قليلاً متسليًا، ثم قال بثقة مراقبًا ملامح وجههـا الثابتة:
-أيوة هيفرق معايا.
نظرت أمامها بصمت وبملامح باهتة، قالت بلا تعبير:
-«لينا».
نهض من مكانه وهو يسألها بلهجة خشنة:
-إزاي أتضربتي بالنـار؟؟..
قالت بصوتٍ غريب غير مقروء:
-آسفة، مش هقدر أقول.
ضيق عينيهِ قليلاً وهو يضع يديه على خصره، حينها ألتفتت برأسها نحوه وهي تُتابع بجمود:
-إنت أنقذتني وكل حاجة، بس ميدلكش الحق بإنك تستجوبني.
ظل ينظر إليها طويلاً بتعبير غامض، ثم قال أخيرًا بصوتٍ أجش خافت:
-لأ لازم أعرف، إنتي مين بظبط؟؟.. وإيــه إللي حصل؟؟..
قالت بلا تعبير وهي تُشير بيدها:
-أُعذرني يا..
هز كتفيـه وهو يقول:
-«مُــراد».
ابتسمت «لينا» وهي تومئ برأسها قائلة بخفوت:
-أُعذرني يا مُراد، مش هقدر أتكلم.
أخفضت عينيها عدة لحظات ثم رفعتهما مجددًا إليـهِ تقول بخُبث:
-وبعدين بصراحة أنا جعانة جدًا، مفيش أكل هنا؟؟..
انعقد حاجبيه قبل أن يرتفع احداه وهو يحدق في عينيها مباشرةً، عيناها تلمعان بترفع هادىء عجيب و ثقة تفوق طولها المتآكل، تمالك نفسه وهو يهز رأسه قليلاً كي يستوعب أنها تطلب منـه الطعام.. وتجلس على فراشــه بكل أريحية وكأنه منزلها.
قست عيناه للحظات وقد تقوس فمه بإبتسامة ماكرة قائلاً:
-لأ مفيش، على العموم أنا هنزل أجيب أكل دلوقتي، وإكرامًا مني هجبلك لبس بدل إللي إنتي لبساه ده؟؟..
أنعقد ما بين حاجبيها بإستغراب، قبل أن تُخفض رأسهــا لترى الكثير من الدماء على ملابسها، فـ عادت تنظر إليهِ وهي تقول ببراءة لا تُليق عليها:
-يبقى كتر خيرك.
أقترب منها وهو يرمقها بنظرات غريبة هادئة، ثم قال بثقة:
-لينا كلام تاني مع بعض.
كانت عينيها واثقة للغاية وهي تحدق في عينيه مباشرةً، لم تهتز من كلماتـــه بل إبتسمت لـه إبتسامة غامضة، أنتظرت أن يُغادر من المكان، وحينمـا سمعت صوت باب المنزل يُغلق، وجدت نفسهـا تقول بإختناق:
-إيـه المُصيبة إللي وقعت نفسي فيهـا دي؟؟..
******
منذ أن عاد وهو يرمقها بنظرات حائرة خفية، وهي تنظر للطعام بنظراتٍ شاردة، ظل يراقبها طويلاً والحق يُقـال أنه قد بدأ يشعر بالتسلية قليلاً رغم خطورة الموقف الكارثي الذي وضع نفســــه بـهِ، شعر بأن وجودهـــا سيكون خطر عليـهِ لذا قرر أن يخرجهــا من منزلــه في أسرع وقت مُمكن، ولكن أجتاحه الضيق وأخفض عينيـه وهو يفكر أنه سيجعلها تنصرف وقد أُصيبت بـ طلق ناري مُنذ عدة ساعات فقط.
تنهد بضجر وقبل أن يهتف بأي شيء كانت تبتسم بثقة مرددة بلهجة هادئة:
-مفيش داعي تفكر في وجودي.
رفع عينيهِ مذهولاً نحوها، فرفعت عينيها الجميلتين إليهِ أيضًا وهي تكمل مضغ الطعام ببساطة، ثم أضافت بهدوء:
-بعد ما أخلص أكل، هتحرك من هنـا، كفاية إنك تعبت معايا.
رفع «مُـراد» يده إلى جبهته وهو ينظر إليها مذهولاً هامسًا بداخله:
-دي بتقرأ الأفكار كمان!!
رمقها بعيون قوية وهو يقول بحزم في نفسه:
-مش هينفع أسكت، أنا مش مرتاح. 
رفع ذقنـه ونفخ صدره بنفسٍ صـارم، ثم قال بلطف:
-لينا، طب لو أتحركتي من هنـا هتروحي فين؟؟..
ردت عليهِ «لينا» وهي تكمل مضغ الطعام ببساطة:
-للأسف يا مُراد مش هقدر أقول أي معلومة تتعلق بيـا.
أخذ «مُراد» نفسً آخر، ثم أغمض عينيهِ لعدة لحظات قبل أن يعد للعشرة محاولاً تهدئة نفسـه، بينما لم تهتم بحنقه الواضح، تمتم بصلابة:
-لينا، أنا أنقذتك ومن حقي أعرف إيـه سبب حادثتك، أتكلمي أحسنلك.
تركت الخبز وهي تقول بلهجة غريبة:
-مش هتكلم، ومش هقول أي معلومة عني، ولو عايز تمن إنقاذك ليا، قولي عاوز كام وأنا هديلك إللي إنت عايزهُ، غير كده ملكش عندي حاجة.
أنتفض «مُراد» من مكانــه ثم أنقض على فكي وجهها وهو يكاد يعصره بين يده القاسية، صاح بها بصوتٍ جهوري:
-لينااااا، أسلوبك يتعدل معايـا، وإلا هتشوفي وش عُمرك ما شوفتيـه، وبعدين فلوس إيـه إللي أنا هعوزهــا، إنتي عبيطة؟؟..
أنهى كلماتهُ الأخيرة وهو يدفع وجههـا، عاود الجلوس وهو يخلل أصابعهُ بخُصلات شعره البُني الغزير محاولاً تهدئة نفسه، أمّـا هي فنظرت إليهِ بتعابير غير مقروءة، ثم هبت واقفة وهي تهدر فيه بحدة شرسة:
-اسمع يا إسمك إيه أنت، مش عشان أنا في بيتك وأنك انقذتني يبقى هسكتلك لما تهني، المرة الجاية لو إيدك اترفعت عليا هقطعهالك.
رمقها بصدمة وهو يقول في شئ من غضب:
-نعم، أنتي بتقولي إيه؟؟..
ردت عليه بذات اللهجة:
-اللي أنت سمعته.
أدارت له ظهرها متوجهه نحو الداخل، راقبها بعينين حادتين كالصقر حتى أختفت عن أنظاره، زفر أنفاسه بحرارة وهو يهمس بغضب:
-البنت دي مش سهلة، وراهـا سر كبير، لازم أعرفه، على الأقل أعرف أأمن نفسي، لتكون تبع (…).
******
بعد أن غادر من المنزل لسببٍ ما، أنتهت من أرتداء ملابسها التي أحضرها لها، كانت تُليق عليها كثيرًا، دققت النظر في صورتهــا المعكوسة هُناك لترى وجهًا ارتسم عليهِ الحزن بدقة عالية، على الرغم من لمعة القوة التي ظهرت بداخل عينيهـا السوداويان، سحبت نفسًا عميقًا مُرتجفًا وهي تمسك هاتفهـا الصغير لتعبث فيـهِ قبل أن تضعـه على أذنهـا مُنتظرة رد الطرف الآخر، وحينما أتى همست بخفوت:
-أنا راجعة.
صمت الطرف الآخر قليلاً قبل أن يقول بلهجة تشفّ عن سُخريتـه:
-وتفتكري إني موافق أنك ترجعي.
تلك المرة هتفت بـ ثقة غير قابلة للتشكيك:
-طبعًا هتوافق، لأنك محتاجني.
تمتم بإزدراء:
-واضح أن الرصاصة إللي خدتيهـا هي إللي خلتك تعقلي. 
تراقصت إبتسامة قاسية على شفتي «لينـا» وهي تقول في ألم:
-طبعًا، رصاصة إللي أدهالي واحد من رجالتك هي إللي ساعدتني إني أرجع لـ عقلي وأجيلك.
سكتت للحظةً قبل أن تُضيف بخُبث:
-بس عرفتني أد إيـه إنت محتاج وجودي، وإنك لما يأست فإني أرجع قولت أما أخلص منهـا ولا أنا غلطانة؟؟..
قال في شئ من الضيق:
-لأ مش غلطانة، المُهم هترجعي إمتى، لأني مش عايز قلق؟؟..
ردت عليهِ بجدية:
-ما أنا محتاجة الباسبور بتاعي و..
قاطعهــا بصوتـــه الأجشّ:
-فهمتك، هبعتلك رسالة دلوقتي فيهــا عنوان واحد أسمـه «نشأت»، تروحيلـه الليلة وهو هيديلك كل إللي إنتي عوزاه، وتفضلي عنده لغاية ما يجي وقت السفر وتجيلي، مفهوم؟؟..
همست بإقتضاب:
-تمام.
أغلقت هاتفهـــا ثم رفعت وجههــــا نحو المرآة، رمقت نفسهـــا بـ نظرات غير مفهومة ثم همست بقسوة:
-لازم تعملي ده، لازم يا لينا، لغاية ما تخلصي منهم كلهم.
يتبع…..
لقراءة الفصل الثاني : اضغط هنا
لقراءة باقي فصول الرواية : اضغط هنا

اترك رد

error: Content is protected !!