Uncategorized

رواية ملك للقاسي الفصل الأول 1 بقلم فاطمة أحمد

 رواية ملك للقاسي الفصل الأول 1 بقلم فاطمة أحمد

رواية ملك للقاسي الفصل الأول 1 بقلم فاطمة أحمد

رواية ملك للقاسي الفصل الأول 1 بقلم فاطمة أحمد

في الصعيد تنطلق الزغاريط من داخل سرايا اقل مايقال عنها قصر للملوك ، ندخل لها لنجد فتيات ترقص وتصفق والعروس ترتدي فستان زفاف ابيض جميل جدا تجلس وعلى وجنتيها حمرة الخجل والنساء حولها كل واحدة منهن ترتدي عباءة طويلة و العديد من اساور الذهب الخالص مايكفي لان تغطي ذراعها كله والقاعة مليئة بأجواء الفرحة.
دلفت فتاة ذات 19 سنة ترتدي فستان ازرق طويل به فصوص فضية كثيرة بحزام ستان باللون الزهري وحجاب باللون الزهري ، زينت عينيها العسليتان بالكحل و شفتيها بملون طبيعي جعلهما اكثر جاذبية.
لفت انظارها في القاعة هامسة بضجر :
– هي البنت ديه بتختفي فجأة كده فين.
شعرت بيد تربت على كتفها و صوت ابنة عمها يضحك :
– يارا حبيبتي انا هنا.
استدارت لها و مطت شفتها قبل ان تعلق :
– رهف انا مليون مرة بقولك متسيبنيش كده وسط ناس مبعرفهمش ، انا من لما دخلت و الستات هنا بتبصلي بغرابة كأني كائن فضائي وانتي مختفية و سايباني اووف يا.
ضحكت رهف عليها و اردفت :
– والله ياحبيبتي انا اجتماعية جدا و مسبتش واحدة هنا الا وعرفتها ع نفسي فكنت مشغولة معاهم الدور عليكي انتي يا بنت الاسكندرية محدش عارفك هنا ولا كأنك صعيدية.
رفعت يارا حاجبها ساخرة :
– اوو بجد على اساس انتي اللي باين عليكي صعيدية ماشاء الله.
– ههههه لورا يا قمر انا جذوري مش باينة لحد بس انا مبنساهاش يعني قلبا صعيدية و قالبا اسكندرانية و في الاخر كلنا ولاد بلد واحد و….
قاطعتها الاخرى بضجر :
– طيب طيب بلاش تتكلمي على الوحدة الوطنية لاننا مش هنخلص المهم فين تيتا و مرات عمي حنان.
هزت كتفها وهي تجيبها :
– اعتقد تيتا قاعدة مع الستات اللي برا و ماما هتلاقيها هنا بتسلم… المهم انا سمعت اننا راجعين الاسكندرية بكره المسا و الحمد لله.
وكزتها يارا ضاحكة :
– ع اساس اتعرفتي على الناس اللي هنا و حبيتيهم لحقتي تزهقي ، طيب هو بابا فين دلوقتي.
– مع الرجالة والعريس و ابيه ادم قاعد معاهم مع صاحبه.
اهتز جفن يارا لوهلة قبل ان تسألها :
– هو اخوكي نزل البلد ليه اصلا مش عنده شغل كتير ومينفعش يجي ومن الكلام ده.
اتسعت عيني رهف مبتسمة :
– انتي بتقوليها كده صريحة قدامي نسيتي اني اخته احترميني شويا الله !!
اندفعت سريعا تصلح زلة لسانها :
– لا مقصدش بس يعني من غير كذب اي مكان بكون انا موجودة فيه اخوكب بيظهر قدامي و بيزعقلي بدون سبب….. ابيه ادم ده.
زفرت بضيق قائلة :
– وبعدين مع ابيه ديه ! هو اخويا انا مش اخوكي انتي ، والله يا يارا انا بشك انك هتعنسي من كتر احترامك ايه الحالة ديه انتي خليتي كل الشباب اخواتك. 
– اهااا اللي يسمعك بيقول اتجوزتي و مخلفة اتنين.
رمشت بعينيها بغرور :
– انا لسه 22 سنة حبيبتي ومع ذلك مكنتش هعترض لو اتعرف ع حد هنا…. بس ابيه ادم هيدبح اللي يقرب مني وانا مبقدرش اعرض حياة الناس للخطر بسبب جمالي و جاذبيتي.
كادت يارا ترد عليها مجاكرة اياها ك العادة لكن اقتراب الجدة زهرة منهما اوقفها.
– تيتا زهرة صباح الخير انا مشوفتش حضرتك من امبارح بليل ينفع كده. 
قالتها يارا وهي تحضنها بحب لترد عليها الاخيرة :
– واه ياحفيدتي اني من الصبح مجعدتش دجيجة واحدة الشغل لفوج راسي ميصحش اخلي الضيوف وحديهم.
اقترحت عليها بتلقائية :
– طيب انا ممكن اا…
قطعتها رهف فجأة :
– يارا انا نسيت كان في موضوع محتاجاكي فيه ضروري نتكلم فيه دلوقتي من غير تأخير…. سوري يا تيتا احنا لازم نمشي حالا.
سحبت ابنة عمها من يدها و ركضت خارجا لتوقفها يارا مستغربة :
– انهي موضوع كنتي عايزاني فيه يا رهف ؟
ضربتها بخفة على رأسها وردت :
– مفيش اي موضوع ، بس انا لقيتك هتقضي اليوم كله مع الستات و تضيعي اللي كنت مخططاله فسحبتك عندي بسرعة.
– خطة ايه مش فاهمة.
سألتها يارا لتستدرك بعد ثانيتين من سكوتها :
– استني متقوليش انك عايزة تخرجي تشوفي الفرح اللي الرجالة عاملينه منفصل…. حبيبتي مينفعش كده هتحصل مشكلة لو بابا و عمو و جدو شافونا …. وكمان ابيه ادم لو اا….
قاطعتها الثانية بعدم اكتراث وهي تكمل سحبها :
– لا هننزل نشوف وانتي هتجي معايا ، ثم تابعت هامسة وهي تقلدها :
– ابيه ادم ننننن.
______________________
في الخارج كان يوجد احتفال كبير اقامه الرجال فرحا بزفاف احفاد عائلتين كبيرتين ناهيك عن الرقص الشعبي و اطلاق النار من مسدساتهم اعلانا عن فرحتهم وفئة من الشباب تقدم عروضا مختلفة ، العريس يرتدي عباءة بيضاء ووشاح ينسدل على كتفيه وعمامة بيضاء يضعها على رأسه بشموخ ويضحك مع والد العروس.
على بعد منهم كان بطلنا يستند على سيارته يراقب الاحتفال ببرود و عدم مبالاة يتطلع لساعة يده من الحين للآخر ، على عكس صديقه مازن الذي يحتفل مع الرجال بسعادة بعد اندماجه معهم سريعا.
نظر مازن له ثم اقترب منه مرددا بمرح :
– ايه يا ادم هتفضل مركب وش الخشب كتير اللي بيشوفك مدايق كده هيقول ده فرح حبيبتك على راجل تاني.
قلب عيناه بتملل :
– كان في اجتماع مهم في الشركة ع المشروع الجديد و اضطريت الغيه و انزل البلد ده مش كفاية ولا ايه.
قهقه عليه غامزا :
– اهااا قولتيلي عشان كده ، عادي مش هستغرب انت بتعتبر شغلك هو كل عيلتك و هتتجوزه بردو و تجيب منه عيال حلوين كده.
كتم ادم ضحكته و نظر له شزرا :
– انت جاي عندي ليه يا مازن امشي شوف حاجة بعيدة عني….. انا مش فاهم انت نزلت البلد معايا ليه اصلا.
هز كتفاه متعجبا :
– انت اللي طلبت مني انزل معاك لانك مش هتستحمل تقعد مع ناس مبتعرفهمش كتير ، نسيت ولا ايه ؟
– لا منسيتش ، انا مكنتش هستحمل المكان ده من غيرك اصلا.
عدل مازن ياقة قميصه بغرور مهمهما :
– احم شكرا على ثقتك العالية ، بس قولي انت مبتستحملش المكان ده ليه ، بسبب ابن عمك عمر ؟
تنهد بحنق و حذره :
– بقولك ايه امشي من وشي احسن والله ه….
قاطعه مازن بتعجب وهو ينظر لجهة معينة :
– قبل ما تتعصب عليا ممكن اسألك حاجة ، البنات اللي واقفين هناك دول اختك و بنت عمك صح و اللي واقف معاهم ده… عمر ؟
نظر ادم الى حيث يشير فوجد يارا و رهف تقفان مع ذلك الرجل المتيم ب ابنة عمه منذ طفولتها وليس هذا فقط ، بل تضحك بقوة معه ايضا !!
_______________________
خلف احدى الأعمدة وقفت يارا مع رهف تراقبان الاحتفال بشغف لتقول الأولى بحماس :
– الله ، الافراح هنا بتتعمل بطريقة حلوة خالص بصي بيرقصو ازاي وكمان صوت ضرب النار و الخيول اللي هناك ، ياريت كنا بنعمل كده في الاسكندرية.
ردت عليها رهف ضاحكة :
– هتعملي فرحك هنا في البلد متخفيش وممكن تتجوزي واحد صعيدي كمان.
– تؤتؤ انا هتجوز اسكندراني باذن الله.
ابتسمت الاخيرة بغموض :
– والله محدش عارف المستقبل ومين اللي هيبقى شريك حياته….. ممكن تتجوزي ياماش كوشوفالي بطل الحفرة.
قهقهت يارا عليها معلقة :
– لا وانتي الصادقة …. هتجوز فارتولو هههههه.
– بتعملو ايه اهنيه ؟
شهقت الفتاتان واستدارتا لتجدا عمر ابن عمهما ، عقدت رهف حاجبيها مستنكرة :
– ابقى اعمل صوت وانت جاي يا ابن عمي.
ابتسم بغلاظة دون ان يعيرها اهتماما :
– اني شوفتكم واجفين اكده جلت يمكن رايدين شي ، جايين تشوفو جو الاحتفال اهنيه.
ابتسمت يارا بتلقائية :
– ايوة الصراحة الافراح هنا حلوة جدا.
طالعها عمر بحالمية :
– صوح يا بت عمي ، المدينة مبتعملش افراحها كيفنا لو كنتو عايشين في البلد اهنيه احسن بس نعمل ايه انتو لبستو توب مش توبكم حتى لهچتكم غيرتوها.
كعادتها رهف في هذه المواقف تشتعل بالغضب و تندفع مستعدة للشجار وهذا ما كانت ستفعله لولا يارا التي قاطعتها :
– والله يا ابن عمي المشكلة مش ف انك تغير لهجتك و طريقة حياتك ع حسب المكان اللي انت عايش فيه ، المشكلة ف انك تغير قيمك و مبادئك حتى وانت قاعد وسط اهلك و في المجتمع اللي اتولدت فيه ، احنا اتولدنا في الاسكندرية و عشنا حياتنا كلها هناك بس منسيناش اصلنا و متكسفناش منه لا احنا بنفتخر بيه !!
فتح عمر كلامه ليرد لكنه تراجع فهو لا يعلم بالاصل ماذا سيرد عليها وهي تتكلم بثقة و جرأة لم يعهدها من امرأة حتى طليقتاه لم تتجرآ يوما على رفع اعينهن عندما يقفن امامه ، ورغم تضايقه منها الا انه اعجب بيارا اكثر من قبل و تخيل نفسه عندما يتزوجها ، سيتملكها و يروضها لجعلها تخضع له فهو يعشق ترويض اللواتي من امثالها !!
هز رأسه اخيرا متشدقا ب :
– كلامك صوح يا بت عمي.
تنهدت و نظرت الى رهف :
– يلا نمشي من هنا.
اومأت الثانية ثم نظرت له شزرا لتهمس :
– عامل علينا داعية و بيتكلم على الدين و المبادئ ، وهو الشفع و الوتر فاكرهم اسماء صحابة.
سمعتها يارا و حاولت كتم رد فعلها لكنها لم تستطع فترجمت على شكل ضحكات عالية لم تقدر على كبتها :
– ههههههه لا مش للدرجة ديه ههههه يا ربي عليكي هههههه.
ابتسمت رهف ليسألهما عمر بضيق بعد ان عجز عن فهم سبب ضحكهما :
– واه انتو بتضحكو اكده ليه اني جاعد بهرج اهنيه ؟!
اجابته يارا مبتسمة :
– لالا احنا مبنضحكش عليك ههههه.
– طيب جوليلنا بتضحكي ليه عايز اضحك وياكي يابت عمي.
قالها وهو يبتسم ببلاهة ليصدر صوت من خلفه :
– وانا بقول كده بردو ، سمعينا احنا عايزين نضحك شويا.
نظرت رهف لأخيها الكبير و تمتمت :
– ندخل دلوقتي على صلاة الجنازة.
لم يخفى ان يارا تلك النظرة الحارقة التي القاها عليها ذلك المستبد ، قبل ان يتقدم منهم بخطوتان وبعكس ما توقعته رهف ، ابتسم ادم مرددا :
– يلا يا بنات ادخلو جوا الاحتفال قرب يخلص وانتو شفتو نصه اهه عشان متزعلوش.
بلعت يارا ريقها و غمزت ل ابنة عمها و دخلتا بسرعة ، رمق الاخير ابن عمه متسائلا ، بنبرة تقرير اكثر منها استفهامية :
– خير يا عمر كنت واقف مع البنات ليه ؟
– عادي كنت بتحدد وياهم…. البنات دمهم خفيف جوي صوح خاصة يارا بت بتاخد العجل يا ابن الاسكندرية.
كأنه كان منتظرا لتلك الجملة كي تكون الشرارة التي تجعله يشتعل ، تشنجت عضلات وجهه و انقبض حاجباه بشدة جعلت عمر يبتسم بسرور لانه استفزه ، وضع ادم يده على كتف الاخر و غرز اصابعه داخله هامسا بنبرة مخيفة : 
– اختي وبنت عمي مش عايزك تقف معاهم وسط الخلق كده تاني خصوصا الهبلة اللي فاكر نفسك بتقدر تضحك عليها انا مش عايز اشوفك معاها تاني يا عمر ولا تفكر فيها حتى بينك وبين نفسك سامعني !!
تابع بعدما حمحم و تراجع خطوة الى الخلف :
– احنا جينا البلد فترة و راجعين فبقولك خلينا حلوين سوا يا ابن عمي الكبير والا هتشوف مني حاجة مش هتعجبك…. يلا السلام عليكم.
رمقه من الاعلى للاسفل باستنكار و غادر ، فغمغم عمر متوعدا :
– ابعد عنها مشان تستفرد انت بيها يا ولد عمي فاكرني مش ملاحظ انك حاط عينك عليها اياك ، بس اني ف الاخير هتجوزها و غصب عنك و عن ابوها.
_____________________
في مساء اليوم التالي.
كانت يارا جالسة في غرفتها وقد انهت تأدية فرض المغرب ، استلقت على سريرها تقرأ احدى الكتب حتى طرق الباب و كان والدها.
دخل احمد مبتسما بحب :
– بنتي الحلوة بتعمل ايه هنا لوحدها ؟
ضحكت بخفة قائلة :
– بتسلى على ما يجهز العشا.
– طب منزلتيش تقعدي مع بنت عمك ليه.
عبست يارا فجأة :
– مفيش داعي ، رهف مش قاعدة لوحدها هي قاعدة مع مامتها و باباها و اخوها انا مليش مكان بينهم.
استغرب احمد من موقفها فسألها :
– هو في حاجة حصلت يا بنتي حد زعلك ، اوعى تكوني متخانقة مع مرات عمك.
اندفعت يارا مسرعة :
– لالا طبعا طنط حنان مين اللي اتخانق معاها ديه ست عسل ومفيش منها ، انا بقصد ابيه ادم هو قاعد تحت وانا مش عايزة اتكلم معاه.
– ليه هو عمل ايه دايقك في حاجة ؟
لم ترد يارا افتعال المشاكل الآن بين العم و ابن اخيه فنفت بهدوء :
– لا خالص ، بس حضرتك عارفه بيتصرف مع غيره ازاي دايما مركب وشه الخشب و بيعرف بس يصدر الاوامر اعملي ديه و متعمليش ديه اخرجي امتى و تدخلي امتى روحي فين ومتروحيش فين…. انا مبحبش كده.
ارتاح احمد من اجابتها لكنه مسد على شعرها بحنان :
– طيب ياحبيبتي ادم بيعمل كده عشان خايف عليكي انتي و رهف مبيحبش تعملو حاجة غلط و تأذو نفسكم ، انتو لسه صغيرين و مش واعيين للدنيا في حاجات مش هتفهموها في السن ده خاصة انتي يا صغننة.
ابتسمت برضى و احتضنته :
– بس انا مش عايزة غير بابي حبيبي اللي يخاف عليا ، وبعدين انا مش صغننة اوي بقدر اخد بالي من نفسي من غير ما احتاج لحد غير ربنا…و حضرتك طبعا.
استدركت شيئا فسألته :
– صحيح يا بابا هو مش المفروض كنا هنرجع النهارده المسا ايه اللي حصل عشان يتأجل المخطط انتو ناويين تجوزو رهف ولا ايه ؟
قهقه احمد و قرص وجنتها بخفة قائلا :
– جدك سليم كان عايزنا فموضوع ضروري انا وعمك ابراهيم هيكلمنا فيه بعد العشا ، معرفش ايه هو بس ان شاء الله خير.
انهى كلامه ثم طبع قبلة على جبين ابنته و خرج بينما تسطحت يارا على فراشها و تذكرت ما حدث مساء البارحة…
Flash back
( بعد انتهاء الحفل صعدت يارا الى الطابق العلوي قاصدة غرفتها ، و في الطريق اليها ظهر امامها خيال اسود ضخم فصرخت بفزع و سقطت على الارض.
تاوهت بألم و رفعت رأسها لتجده ادم يطالعها بملامحه الباردة ، غضبت منه و قامت تصرخ :
– انت ازاي بتطلع قدامي فجأة كده انا كنت هموت من الخوف !!
ضحك بدون مرح و اجابها :
– لا مؤاخذة يا طفلة انا مش متعود القي الخطابات و اسلي اللي قدامي وانا واقف معاه فتلاقيني مش قد كده.
يارا بدهشة :
– ابيه ادم انت بتقول ايه انا فعلا مش فاهمة حاجة.
تخلى عن قناعه الهادئ ليدنو منها حتى كاد يحصرها في الحائط :
– انا بقول اني مش زي عمر اللي كنتي واقفة معاه و بتضحكي ب أعلى صوتك…. ازاي بتوقفي تكلميه انتي اتجننتي !!
عادت برأسها الى الوراء و بررت بخوف :
– لالا انا مكنتش واقفة معاه… اا انا و رهف كنا بنشوف الفرح عامل ازاي و فجأة عمر ظهر قدامنا… يعني و رهف قالت حاجة خلتني اضحك بس كده.
رفعت وجهها اليه لتصطدم بعيناه الحادتان تطلقان شرارا من داخلهما…. بدأت تتعرق و تتنفس بصوت عال :
– ابعد شويا انا مش عارفة اتنفس.
رجع ادم قليلا فهاجمته الاخيرة بدهشة :
– هو انا كنت ببررلك ليه ؟ انا بعمل اللي بحبه ان شاء الله اضحك مع الدنيا كلها انت مالك ها مالك !!
ضرب ادم الحائط خلفه و اردف بتشنج :
– ليا ونص فاهمة…. انا مبحبش اشوفك بتخلي اختي تعمل حاجات غلط و اسكت هي عندها اهل بيخافو عليها.
رغم ان ادم لم يكن يقصد شيئا بجملته الاخيرة الا ان يارا ادمعت عيناها و اخفضت رأسها لتبدأ بالبكاء…. ارتعد جفن ادم للحظات قبل ان يكمل :
– يعني بقصد ان…….
قاطعته هي بهجوم :
– مدام خايف على اختك لمها من قدامي قبل ما اخليها رقاصة ! وبعدين انا من كل عقلي بعتبرك انسان طبيعي و بكلمك ! ابعد من وشي احسن والله….
قاطعها بصوت هادئ للغاية :
– والله لو كملتي بالنبرة العالية ديه مش هيبقى ليكي لسان تتكلمي بيه…. انا نبهتك انتي حرة.
كادت تصرخ لكن تعابير وجهه لم تكن تنفي تهديداته التي القاها للتو ، تنحنحت و اشارت الى غرفتها :
– ابيه ادم بص من الاخر اا….
تأفف و صاح بعصبية :
– يادي ابيه ادم اللي مش هنخلص منها…. يابنت انتي مبتفهميش انا مش اخوكي انااا مش اخوكي انا ابن عمك للاسف الشديد ، انتي معندكيش اخ افهمي الكلام ده.
– عادي يعني لزوم الاحترام. 
هتفت بها يارا قاصدة استفزازه لكنه استطرد :
– وهو الاحترام بيبقى معايا بس ، انتي بتقولي للبني ادم التاني عمر عادي امال انا بتقوليلي ابيه ليه !!!
كان الوضع و كلامه بالنسبة اليها مضحكا للغاية…. لو لا تعرف طبيعته لكانت اعتقدت انه يغار عليها من ابن عمها الاكبر ذلك الرجل الذي لم تنظر له يوما ولا تفكر به حتى لمدة جزء من الثانية. 
اتسعت عيني يارا متعجبة منه :
– هو عشان انا بشوفه مرتين في السنة فمش متعودة اندهله ب اسمه اصلا لكن انت بما انك دايما فوشي مضطرة اندهلك ب اي حاجة و اهو بقولك ابيه ادم بس انت ايه اللي هيفهمك في الاحترام.
القى ادم عليها نظرة ثاقبة قبل ان يسألها :
– عيدي الجملة الاخيرة ديه عشان انا مفهمتهاش معلش يعني.
– ااا… انا بضيع وقتي معاك ع الفاضي والصراحة انا مبحبش كده فهخليك تكلم الحيط اللي قدامك ده تصبح على خير…. يا ابيه ، ثم فرت راكضة من امامه…. )
Back
زفرت بضجر مرددة :
– وبعدين معاه البني ادم ده ، عليه بصة و صوت بيقطع الخلف انا مش عارفة ليه دايما بيتصرف معايا بالطريقة الوحشة ديه.
طرق الباب و دخلت زوجة عمها بابتسامة :
– يارا حبيبتي انتي بتعملي ايه هنا لوحدك مجيتيش قعدتي معانا ليه ؟
هزت كتفها وردت :
– مفيش يا طنط حنان انا كنت بقرا كتاب و اندمجت فيه شويا عشان كده طولت.
مسحت على وجنتها و استطردت :
– طب يلا العشا جهز انزلي تتعشي معانا. 
– بس اا…
– مفيش بس يلا يا يارا ، انا اصلا عارفة انتي مدايقة ليه بس مش هخليكي تجوعي نفسك بسببه.
ادركت يارا ان حنان تعلم ما دار بينها و بين ابنها فأخفضت رأسها خجلة ، عمها و زوجته من اطيب و انقى الناس الذين تعرفهم انهما مثال للحنان و اللباقة ، من الغريب ان يكون شاب قاسي و همجي مثل ادم ابنهما لولا الملامح الوسيمة التي ورثها من والديه سويا ل اعتقدت انه ليس ولدهما الحقيقي !!
ارتدت يارا فستان صيفي طويل باللون العشبي الباهت يتوسطه حزام بني و طرحة بنية و حذاء بنفس اللون ، القت نظرة اخيرة في المرآة ثم قالت برضا :
– بما ان جدو سليم عازم ناس ف انا هنبسط ومش هشغل بالي ب ابيه ادم الرخم.
اخذت هاتفها و نزلت للأسفل ، كانت غرفة الطعام ممتلئة بعدما تمت عزيمة كبار العائلة و يتوسط المائدة الجد سليم ، ابتسمت يارا و ذهبت تقبل يده باحترام :
– جدو مساء الخير ازي حضرتك.
تكلم الجد بنبرة الخشنة :
– اني زين بوچود عيالي و احفادي جمبي يا غالية.
ابتسمت برقة و ذهبت لتجلس في مكانها على المائدة و للصدفة – كما كانت تعتقد – كان كرسيها مقابلا تماما لكرسي ادم و جلس بجانبه عمر.
همست رهف ل ابنة عمها :
– بصي دلوقتي هتحصل حرب باردة تانية بين ابيه و عمر…. شايفة النظرات اللي بينهم ديه.
ضحكت بخفوت و اجابتها :
– شايفاها طبعا ، ربنا يستر بقى شكلها هتولع.
بدأ الجميع بتناول الطعام بصمت حتى همهم ابراهيم بسعادة :
– بقالنا زمان مقعدناش مع بعض القعدة ديه مبسوط اننا اتجمعنا سوا بعد فترة طويلة.
وافقه علي ( والد عمر ) وهو يطالع يارا :
– صوح يا خوي ، ان شاء الله الافراح تكثر في بيتنا و التجمعات تكثر مش اكده يا حج.
الجد سليم :
– ان شاء الله ، عجبال نشوف فرح باجي البنات و اولهم انتي يا حفيدتي رهف و وراكي يارا.
وضعت كأس العصير بجانبها معلقة بمرحها المعتاد :
– ان شاء الله يا جدو …. بعد 4 او 5 سنين كده بس اهي يارا جاهزة تتجوز بكره خلاص ديه كبرت ولازم تتستر في بيت جوزها.
ضحك الجميع بينما وكزتها يارا بغيظ :
– والله بجد شكلك نسيتي انك اكبر مني بسنتين لازم افكرك انا مش هفرح قبلك يا بنت عمي يا حبيبتي.
حمحم ادم بخشونة موجها كلامه الى شقيقته :
– في ناس كده وشها مش خير لا ع نفسها ولا على غيرها متتوقعيش منها حاجة حلوة يا رهف.
شهقت يارا بخفة و جزت على أسنانها بضيق :
– وبتعرفي ايه كمان يا رهف ، في ناس كده وشها شؤم على غيرها في كل حاجة لا بتتوقعي منها فرح ولا حزن بس مجرد ما تلاقيهم جمبك كده اعرفي ان مستحيل حاجة حلوة تحصل فاهماني ؟
نظرت الاخيرة الى كليهما ثم هزت كتفيها بحيرة :
– لا مش فاهمة ، هو انتو بتقولو ايه ؟
طرق الجد سليم مرتين على الطاولة دلالة على وجوب السكوت الآن ، اخفضت يارا رأسها مكملة تناول طعامها و كانت هناك اعين تراقبها… عينان جائعتان تتطلعان لها برغبة و حالمية و عينان تنظران لها بضيق رغم البرود البادي عليهما….
_________________
بعد انتهاء العشاء طلب سليم من اولاده و عمر الانضمام اليه في صالة الاستقبال ، رفع مازن حاجبه بغرابة :
– جدك نده على عمر و مندهش عليك ليه يا ادم ؟؟
رد عليه ببرود غير مبالي :
– وانا مالي ، بيكونو هيتكلمو في حاجات تخص الشغل.
سخر منه صديقه مستنكرا :
– وهو الشغل هيبقى من غيرك يا ادم !! انا حاسس في حاجة تانية…. على فكرة جدك و عمك علي و ابنه كلهم كانو بيبصو على بنت عمك وهما قاعدين و التلميحات اللي كانو بيلمحوها انا شاكك انها بتخص يارا… اقصد الآنسة يارا يعني.
لم يكن من الصعب الحصول على كامل تركيز ادم بعد ذكر صديقه لإسم تلك الفتاة ، رفع رأسه له مباشرة مندفعا :
– فكك من كلام الستات اللي ملهوش لازمة ده اساسا لو كان الموضوع كده انا كنت خت بالي انت عارف ان مفيش حاجة بتخفى عليا !
رمقه بنظرته الماكرة قبل ان يرد عليه :
– كنت هتاخد بالك لو عقلك كان مركز مع اللي قاعدين…. انت طول القعدة مشلتش عيونك من على بنت عنك عينيك كانو بينقطو شرااار و كنت هتاكلها يا بشمهندس.
تابع مازن وقد اشار الى الصالة :
– انا متأكد في جوازة في الموضوع.
****** في نفس الوقت.
اصاح احمد و ابراهيم بصدمة سويا :
– نعم !!!
اعاد الجد كلامه مؤكدا :
– اني بجول عمر طالب ايد حفيدتنا يارا على سنة الله و رسوله و رايدها مرته ايه اللي مخليكو مصدومين اكده.
مرر احمد يده على وجهه وهو يزفر ، لقد كان متأكدا من قدوم هذه اللحظة منذ زمن بعيد لكن ليس الآن بالتحديد…. كان عليه معرفة سبب طلب والده منه البقاء هذه الليلة !!
تنحنح متحدثا بجدية :
– اللي صادمني اني متوقعتش عمر يطلب ايد بنتي اللي معتبراته اخوها يا حج اضافة ل ان عمر متجوز و مطلق مرتين و بنتي لسه 19 سنة.
اندفع علي بغضب :
– واه يا خوي من ميتى بناخد رأي البنات في الجواز ! وبعدين الراجل مبيعيبوش غير جيبه لو اتجوز ميت ست جبلها عادي.
قاطعه سليم بحدة :
– له يا ولدي اني مهجبرش حفيدتي تتجوز ولدك لو مرادتش ديه مش اخلاجنا.
تأفف عمر بداخله ثم هتف مستلطفا :
– واه يا جدي طبعا مستحيل اجبر بت عمي توافج عليا بس اسألوها الاول و هي هتجاوب اذا وافجت ولا رفضت ، وبعدين احنا في عيلتنا البت بتاخد ولد عمها لو اني مخدتش يارا مين اللي حياخدها.
في هذه اللحظة صدر صوت ادم الخشن وهو يدخل :
– انا اللي هاخدها يا ابن عمي…. يارا هتتجوزك ازاي وهي هتبقى مراتي…..!!
يتبع…
لقراءة الفصل الثاني : اضغط هنا
لقراءة جميع فصول الرواية : اضغط هنا

اترك رد

error: Content is protected !!