Uncategorized

رواية قناع العروس (جبابرة الصعيد) الفصل الأول 1 بقلم أية أحمد

 رواية قناع العروس (جبابرة الصعيد) الفصل الأول 1 بقلم أية أحمد 
رواية قناع العروس (جبابرة الصعيد) الفصل الأول 1 بقلم أية أحمد

رواية قناع العروس (جبابرة الصعيد) الفصل الأول 1 بقلم أية أحمد

في ذلك المجلس الذي كان يجمع أكبر  العائلات  في الصعيد لكي يتم حل تلك الكارثة التي توشك على الحدوث وسوف يذهب ضحيتها العديد من شباب تلك العائلات 
كان يجلس ذلك الرجل الذي يظهر عليه الوقار والاحترام والذكاء الشديد ينظر إلى وجوه الموجودين أمامه بعيون مثل الصقر….تلك الوجوه التي يعرفها حق المعرفة وخاصة ذلك الذي يجلس مقابله لا يختلف عنه في اي شيء سوء نظرة الخبث التي تشبه نظره الذئب الماكر الذي يحوط فريسته لكي ينهي امرها…. رمقه ذلك الرجل نظرة عرفها جيدا فقد كانت نفس النظرة التي رمقها بها منذ كثر من اربعين عام…. 
كسر ذلك الهدوء صوت ذلك الرجل المدعو “همام” 
(همام، هو رجل في الخامس والثمانين من عمره، يمتاز بحكمته الشديدة لذلك هو من يترأس المجلس لكي يجد حل او يكون مصلح بين كبار عائلتين،  العراب والهوري.) 
ـــ وبعدين عاد،  مش هتجيبها لبر عاوزين الي قفلنها من عشرين سنه يرجع تاني،  لحد امتى ها تموتوا في بعض وكل اللي بيروح الشباب. 
هتف أحد الرجال والذي كان من عائلة  الهوري والذي كانت تظهر علي ملامح وجهه الكره والحقد علي العائلة الأخرى  ،  كيف لا يفعل قلبه وفؤاده احترق  علي ابنه الأكبر الذي ذهب ضحية ذلك الطار. 
_ لا مش هنجبها يا شيخنا.  
هتف بها إبراهيم بحرقة شديدة، وهو يوجه نظرة الي “جلال” 
(جلال العراب،  كبير عائلة العراب رجل يتميز بملامحه الحادة وتلك العينين الثاقبتين التي تزيد من حدة نظرته، في الخامس و السبعين من عمره،  وعلى الرغم من تقدم سنه إلا انه لا يزل يحتفظ بوسامته وشموخ وقفته،  كان رجل صارم حاد الطباع قوي كلمته سيف علي الكبير قبل الصغير،  ومع ذلك يمتلك ذلك الحنان الذي يخفيه خلف قناع الجدية والصرامة. 
  ضرب جلال بعكازه على الأرض بقوة ورفع عينه إلى إبراهيم وقال بقوة وصلابة لا تليق الي بكبير عائلة العراب تلك العائلة العريقة التي حكمت الصعيد منذ اجيال عديدة،  وإلى الآن لا تزال شامخة في قلب الصعيد لترأس ذلك المكان الذي لم يتخلى عن ابناء العائلة،  ابناء عائلة العراب،  الملقبون ب ” جبابرة الصعيد “. 
_ ولو انت مش هتجيبها لبر يا إبراهيم استحمل اللي هيحصل، احنا الجبابرة مش اي حد، و اللي يرشنا مية نرش دم. 
  قالها بقوة وهو ينظر إلى ذلك الرجل الجالس أمامه بهيبته التي لم تتغير على الرغم من مرور تلك السنين، كانا من قبل اصدقاء، كانوا يعيشون طفولتهم معنا الى ان اتى ذلك الطار الذي قصم العائلتين لتندلع تلك الحرب لم تنتهي، وذهب اثرها الكثير من الضحايا.  
في الجهة  المقابلة كان ذلك الرجل، الرجل؟!، هل قلت رجل لا هو ذئب،  ذئب متجسد في هيئة رجل،  تلك اللمعة الماكرة الخبيثة التي تخرج من عينيه تجعل المرء  يقشعر خوفا منه ، فهو الرجل الذي حكم عائلة الهورى،  تلك العائلة التي تتنافس في المكانة مع عائلة العراب،  تلك العائلة التي لا تقل مكانتها عن مكانة عائلة العراب،  فها هو ذلك الطار الذي  قام بين العائلتين قبل عشرين عام، وها هم الآن يجتمعون ليتم إيقاف سلسلة الدم قبل أن تبدأ فقبل عشرين عاما، عندما اندلع ذلك الطار تم تصفية العائلتين فيه كانت البلاد مقلوبة في تلك الفترة، حتى ان قوات الشرطة وقفت عاجزة عن التدخل بينهم. 
_ وذي ما انتو عيلة العراب، احنا عيلة الهوري، ورينا تقدروا تعملوا اية. 
  هتف بها “سليم الهوري” بصوت صارم مفعم بل كره والحقد. 
(سليم الهوري ، رجل أقل ما يقال عنه انه جبروت وطاغية من شدة قسوته،  في الخامس والسبعين من عمره،  حكم عائلة الهوري بيد من حديد ليخرج ابنائه مثلة تماما،  ومع ذلك لدية جانب لا يعرفه  احد سوء “جلال العراب” لديه ذكاء يجعل الجميع يهاب منة. 
ـــ كفاية  يا سليم وانت يا جلال، عايزين تعيدوا الي حصل من عشرين سنة تأني، اسمعوني كويس يا رجالة انا خلاص كبرت، ومش هعيش قد اللي عشتو، عاوز قبل ما اقابل ربنا اكون وقفت سلسلة دم ها تحرق الأخضر واليابس، ربنا نهي عن قتل نفس بدون حق، حرام تحرقوا قلب أم على ولدها او مرة على جوزها وعيالها يتيتموا من بعد ابوهم  ، الطار مش هيريح قلب حد فيكم لو ابنه  مات وهو في عز شبابه ، ربنا ما مرش بكدة يا جلال انت و سليم، كفاية  كفاية كده تفتكروا  انكم في يوم من الايام كان فيه عشرة بيناتكم ذي الاخوات، الشيطان الي دخل بينكم من عشرين سنة وخلكم تكرهوا وبعض رجع تاني . 
نظر له رجال المجلس باهتمام، هم لا ينكرون ما يقوله فقبل عشرين سنة كانت عائلة الهوري وعائلة العراب كل عائلة الوحدة، إلى أن دخل بينهم تلك اليد التي تسببت في اندلاع حرب الطار بينهم. 
_والعمل يا شيخ همام، انت عارف ان محمد (ابن إبراهيم)  الله يرحمه  اتقتل  . 
_  و متنسوش  صلاح الي  اتقتل  على يد محمد، كدة واحد قصاد واحد. 
ابني ما قتلش حد انتو سمعين،  ابني مكنش فيه اطيب من قلبو،  عمره ما عمل مشاكل مع حد،  واختوه مني من غير ذنب، تحرقو قلب امو ومرتو و ولادة علية. 
هتف بها بقلب محروق ووجع علي ولدة الاكبر سنده،  بحزن علي اولاد ابنه الذي لم تجف الدموع من عيونهم علي والدهم،  على زوجة ابنه التي ترقد في الفرش من فاجعة موت زوجها، اااخ ما  اصعب فقدان الابن، لا يعرف شعوره الي من حرق قلبة،  نظر له رجال المجلس ومنهم جلال الذي كان يضغط على يده يعلم انه شعور يصحبه  بل تتمنى الموت على ان تعيش تلك التجربة التي مر بها في موت والده الأصغر (فؤاد جلال العراب) الذي قتل في عز  شبابة ترك  خلفه طفلين صغيرين يعيشون  بدون اب او ام.  
_ يمكن انا اكتر واحد عارف اللي انت حاسس بيه يا أبراهيم، انا  كمان خسرت ابني وهو في عز شبابه، ساب وراه  طفلين من غير لا اب ولا ام، حرقة قلبي  عليه كانت اصعب عندي من اي حاجة في الدنيا، كان عندي استعداد اموت قبل ما يموت قدام عيني، شيخ همام انا مع القرار الي هتاخده أي كان. 
  نظر الجميع الي جلال بصدمه من ما قالة لم يتخيلوا أن كبير عائلة العراب هو من سوف يتنازل عن طار عائلته.. 
_واية الي خلاك تاخد القرار ده يا جلال خايف ولا ايه. 
   قاله سليم وهو ينظر الي جلال بنظرات حاده، ربما ليس مطمئن لكلامه، مع انه اكثر من يعلم بأخلاق جلال العراب، ومع ذلك أراد أن يعلم سبب تراجعه عن قرار الطار، نظر جلال الي سليم ثم هتف بشي جعل الشيخ همام يبتسم بفخر. 
_انت عارف ان قراري ابعد ما يكون عن الخوف يا ابن الهوري، انا هنا عشان مستقبل اولادي  وولاد ولادي، مش مستعد اخسر حد فيهم مهما حصل، لو كنت انت بتبيع عيالك وعيال غيرك فانا لا يا سليم، انت منتش عارف احساس حد فينا يا سليم، كل واحد هنا قلبوا  اتحرق علي ابنه او اخوه او ابن عمو،  يمكن انت متحسش بده لانك مخسرتش حد من ولادك  يا سليم…. 
  سرح بخياله الى تلك الأيام ، تلك الذكريات الجميلة التي تسكن عاقلة تذكرها ،تذكر ابتسامتها وكلامها ، يوم زفافها عندما سلمها  لجلال العراب وهو مرتاح البال والقلب عليها بين يد ذلك الرجل الذي كان يستحقها بكل جداره ، عم الهدوء القاعة مرة أخرى ، كان كل ما هو مسموع انفاسه  المتأججة ، لهؤلاء الرجال ، كان أولهم “إبراهيم” الذي لم يستطع أن يتقبل كلام جلال ، الي الان قلبه يشتعل من الحزن على فلذة كبده ، لكنه أثار الصمت ولكن من سابع المستحيلات ان يترك حق ابنة . 
_”النسب” تفوه بها همام وهو يلقي نظره على وجه كل من جلال و سليم ، كانوا يعلمون ان هذا هو الحل الوحيد أمامهم لكي يحلو الخلاف ، وكأنهم بمثابة وضع قلب كل وحد فيهم في كف الآخر ، فكل واحد سوف يتخلى  عن واحدة من حفيداته  للعائلة الثانية  .
  ابتسم إبراهيم بخبث ولكنه اخفها بسرعة لكي لا يشك أحد به بعد ما سوف يفعله ، فقد اقسم علي ان ينهي تلك العائلة ، مهما كلفة الامر ، اما جلال الذي أغمض عينيه لتظهر صورة حفيدته الصغيرة تلك الزهرة المتفتحة التي ترسم الابتسامة على وجهه في أشد  المواقف صعوبة، أما سليم الذي رواده ذلك الشعور الذي انتابه قبل عشرين عام ، الاطمئنان ،والراحة ، ربما لأنه اكثر من يعلم ما معنى  الزوجة بالنسبة لرجال عائلة العراب ، فهم علي عكس كل العائلات الصعيد ،فقد عرف رجال الصعيد  انهم  لا يعترفون بل المرآه  بل هي بالنسبة لهم مجرد  اداه لانجاب  ، لتأتي تلك العائلة وتقلب كل مفاهيم الصعيد عن النساء ، فهم يتعاملون معهم  علي انهم كنز بل تاج فوق الراس يفتخر به . 
_ها يا رجالة عاوز قراركم حالا ، لان ده الحل الوحيد عشان نحل الطار ، ولازم تعرفوا ان في اتفاقات وشروط للنسب ده ، وكل واحد يمضي عليها . 
_انا موفق ….تفوه بها سليم الهوري ليصدم الكل بموافقته على ذلك القرار بتلك السهولة ، تبادل النظرات مع جلال الذي بدورة علم ما يفكر به ذلك الثعلب ، و لكنه من المستحيل أن يسلم. حفيدته الي تلك العائلة الي عندما يتأكد انها سوف تكون بأمان بين مجموعة الذئب تلك . 
وانا لازم اعرف مين الي هياخد حفيدتي وده حقي طبعا يا شيخ همام …. 
  قالها جلال ولا يزال عينه مثبته علي سليم الذي قال بكل ثقة وقوة لا تليق إلا به 
_ “أحمد خالد سليم الهورى “….هذا الاسم الذي جعل جلال يغمض عينة بقليل من الاطمئنان  ، أحمد ذلك الرجل الذي كان يراه  وهو صغير يلعب مع حفيدة بالسر لكي لا يعلم احد انهما اصدقاء ، كان يعلم بكل شيء علاقة حفيده وحفيد سليم الهوري ولكن مع ذلك ، لا يشعر بل اطمئنان فتلك العائلة تشبه الغابة القوي فقط هو من يبقي علي قيد الحياه وفى حاله حفيدته سوف تكون وجبه سهله المنال للكل واولهم تلك الحرباء المدعوة “بسمة الهواري “تلك المرأة التي تسببت في اشعال النار بينهم قبل عشرين عام ووثق انها هي من تشعله الان. …..
_ ايه يا حج جلال هتعمل اية ؟؟!! .
ـــ  موفق يا شيخ همام . 
  تنهد الشيخ جلال براحة تام وهو يعيد ظهره إلى الخلف ، قال وهو يبتسم براحة لأنه على وشك حل ذلك الطار .
_ تمام كتب الكتاب والفرح بعد اسبوع ، …نهض وضرب بعكازه علي الارض وقال ، مبروك يا رجالة الصعيد …….
………..
في مكان مختلف تماما عن الصعيد وعن ذلك المجلس الذي انتهى بتلك الزيجة ، التي سوف تكون سبب في جمع قلوب ، وتحطيم اخرى …. 
في تلك الشركة العملاقة ، شركة (الهوري ) للمقاولات ، في مكتب رئيس مجلس الإدارة  ، كان ذلك الشاب الذي في ريعان شبابة يترأس تلك الطاولة وهو يطرق بالقلم علي المكتب ويوجه نظرته الحاده المهلكة للأعصاب ، رفع احد حاجبيه الكثيف وقال بصوته الذي يرسل قشعريرة في اجساد اقوى الرجال . 
ـــ  عاوز سبب واحد ميخلنيش اقلب الشركة فوق روسكم يا شوية ***** انتو  بتاخدوا  فلوس علي اية ، يعنى اية الشركة تتسرب منها الملفات ، وازاي  شركه زى   شركه الحديدي تاخد مني انا “احمد خالد سليم الهوري ” مناقصة زى   دي؟؟! …..  
_ أحمد خالد سليم الهوري “شاب في أواخر  العشرين من عمره ، في التاسع والعشرين ، رجل بمعني الكلمة طويل القامة عريض المنكبين يمتلك جسد قوي ذلك الجسد الذي يمتاز به رجال الصعيد ، ذو شعر بني به بعض الخصلات الذهبية ، وتلك العيون الرمادية الممزوجة بلون الازرق ، وذلك الأنف الشامخ مثل صاحبة ،   ورث عن جده شخصيته الصارمة وذكائه الحاد في التعامل مع الآخرين ، ولكنه يختلف عن جدة فهو يمتلك قلب طيب لا يظهره لأحد ، الرئيس مجلس الإدارة لمجموعة شركات الهواري كبير احفاد الهوري وأقربهم له ، استطاع في وقت قياسي أن يصبح من اهم واقوى  رجال الأعمال في مجال المعمارية …..
_يا احمد بيه في حاجة غلط اكيد في جاسوس فينا ، انا متأكد ان مفيش حد يعرف عن الملف ده حاجه غيرنا وانت يا فندم . 
هتف بها أحد المسؤولين بخوف من ذلك الوحش الجالس أمامه فمن لا يخاف منه وهو من مجرد سماع صوته يجعل اعصابهم تتلف  من شدة الخوف ، نظر احمد الي المسؤول   ، أطلق ضحكة صاخبة وهو يعود بظهره الى الخلف مما يجعل الجالسين أمامه يرتجفون مثل الدجاج ، وكأنهم ليسوا  برجال من الأساس .
_لا حلو النكتة دي يا ظريف  ، ومين  بقي فيكم الخائن يا أستاذ منك لية ….. 
   نظر كل واحد الى الاخر برعب منه ، ابتسم احمد وعلم انه اوشك علي الحصول علي الاجابة ، أخذ هاتفه وأمر أحد رجاله أن يأتي ، دخل رجل طويل القامة عريض المنكبين يمتلك وجه اجرامي على الرغم من أنه ضابط أمن الى ان شكله لا يوحي بذلك 
ـــ  سفيان خدهم علي المخزن وواجب معاهم  لحد ما اشوف مين الي عمل كدة ….
انتفض الأربعة برعب عندما اقترب سفيان وامسك اثنين منهم من ملابسهم من الخلف مثل المجرمين ، والاثنين الاخرين قد أخذوا من قبل حارس اخر ، أراح ظهره على المقعد وقال 
_ بـ تلعب بالنار  يا ابن الحديدي ، بس انا هحرقك بيها .
  هتف بها بقوة واخرج سيجارته ذات النوع الفاخر وبدا يدخن ، الي ان اتي  صوت هاتفه الخاص ، نظر الي اسم جدة الذي يظهر على الشاشة. 
_ احمد بكره تكون موجود عندي …
_ في حاجة يا جدي ولا ايه ؟؟….  
  هتف بها بلهجة صعيدية اصيلة وكأنه ليس ذلك الشخص الذي كان يتحدث بطلاقة أمام رجالة …
_ اما ترجع هجولك ….
  تنهد مغلق الهاتف بعدها وهو ينهض من مكانه متجها إلى فيلته التي يسكن بها في مصر لكي يكون قريب من الشركة ،  في المسافة بين قنا ومقر الشركة في القاهرة بعيد جدا، ترجي من السيارة متجه الى داخل الفيلا بهدوئه المعتاد ، امر احد الخدمات أن تحضر له حقيبته لأنه سوف يعود إلى الصعيد ، نزع  جاكيت بدلته وربطة عنقه ثم رمى نفسه على السرير بتعب واغمض عينه لكي يستريح فهو يعلم أنه على أمر كبير وكبير جدا ، اتصال جدة به في هذا الوقت يدل علي ان الامر لا يبشر بالخير خصوصا ذلك الطار اللعين الذي  لا يكف  عن الانفتاح ، اطلق تنهيده  قويه عندما رفع الهاتف أمام عنه ليجدها الخامسة مساءاً ، نهض مرة اخرى واخذ حمام يريح أعصابه ثم ارتدي ملابسه وتوجه الي الاسفل لكي يرجع  الي قنا . 
………
في مكان اكثر برودة ليس من برود الجو بل من تلك الذبذبات التي تحيط بذلك الجالس ببرود ولا مبالاة  تثير القشعريرة في الروح ، مرر عينه علي تلك الحديدة وهو يسند بيده علي حافة المقعد في احد الحدائق العامة العادية ، كان يمرر عينيه في جميع الاتجاهات الى ان توقفت على تلك الفراشة الصغيرة ، كانت تركض خلف طفلين صغيرين ، وحجابها الذي يطير خلفها بتناغم مع حركتها ، دقق نظره علي ملامح وجهها وهي تضحك بعد ان امسكت احد الطفلين وهي ترفعه إلى السماء وتعود به ، تسللت  ابتسامة علي شفتيه بدون وعي منه ، لم يهتم بشي سواء انظر لها وتمتيع عينة بذلك المشهد الفريد من نوعه ، لا يعلم ما المميز بها ما الذي يدفع عينة لنظر لها بذلك الانتباه ، ليس جسدها فهي بل كاد تظهر من ذلك الفستان الوسع الذي ترتديه وذلك الحجاب الذي يحتضن راسها وصولا الي اسفل صدرها ، لحظ اقترب احد الطفلين منه بدون  ان تنتبه له ، نظر إلى الطفل الذي كان يقف أمامه وهو يضع يده علي فمه الصغير ويفتحه بدهشة واستغراب ، مال الي الاسفل  ليقرب من الطفل . 
_ اسمك اية يا قمر …… 
    تفوه بها الرجل بصوت الصلب الذي يرتجف له أكبر  الرجال ولكنه لم يتأثر بذلك الكائن البريء  الذي يقف امامة بعفوية و  طفولة ، ارتسمت ابتسامه على وجه الطفل ورفع يده الصغيرة نحو وجه الرجل وهو يمسك وجنته ، اغمض عينه مستشعر لمسته الرقيقة ، بيده الصغيرة الناعمة  علي وجنته الملتحية بعض الشي ، مد يده نحو الطفل وحملة بسهولة بسبب حجمة الصغير ، وضع الطفل في حضنة ومرر يده على شعره  الاشقر الناعم ، راقب  حركته  البريئة  وهو يعبث بجاكيت بدلته الفاخرة ، اندمج مع الطفل غفلا تماما عن تلك التي جن جنونها عندما لم تجد الصغير حولها . 
     ظلت تلاعب الطفلة وقد غفلت عن الصغير ، التفتت لتجد مكانة فارغ ، دب الفزع في قلبها الصغير وهي تحمل الطفلة الاخرة وتبحث عنه  ، تهللت  أساريرها بعد أن رأت الصغير يجلس في حضن رجل ما ، اتجهت له بسرعة غير منتبه  لهؤلاء الحراس الملتفون حول الرجل ، وقبل أن تقترب وجدت حائط بشري يقف امامها منعا ايها من التقدم ، ضمت الطفلة برعب من شكل الحارس وقالت 
_ لو سمحت عاوز اخد الطفل ابعد عن طريقي  .
    آفاق الآخر على صوتها العذب الذي تسلل الى مسمعة ، كم كانت رقيقه  في حديثها صوتها الخافت الملفت للانتباه ، وجه نظره إلى الحرس وأشار له ان يبتعد ، ترجع الحارس الي مكانه بهدوء مما  اذهل تلك المسكينة التي تكاد تموت في جلدها من ذلك الوحش كما تخيل لها ، تقدمت بخوف وسحبت الطفل من حضنه وهي تتراجع  إلى مكانها مرة اخرى ، ظلت تنظر له بخوف وهو لا يقوم بشيء سوى التحديق بها ببرود الذي يكسي ملامح وجه ، تراجعت  بسرعة عندما نهض فجأة وهو لا يزال  ينظر لها ، لا تعلم لما خافت منة بتلك الطريقة ، اخذت الطفلين وهربت من امامه بسرعة ، ظل وقف في مكانه  وهو ينظر الي أثرها بشرود ، ارتسمت تلك الابتسامة مرة  اخرى   ولكنه اخفها بسرعه ثم اتجه إلى سيارته وخلفه حراسته الشخصية . 
_ وصلتو ….. 
    تفوه بها ذلك الشاب وهو يضع هاتفه على اذنه مستمع الى الطرف الاخر …. 
_انا في الطريق على العموم جلال العراب مش هيعمل حاجة غير وهو حاسب حسبها كويس اوي متقلقش ، انتبه لنفسك وتعاله بسرعه لان جدك مش هعديهالك. 
ـــ  يعني انا اعمل ايه انت عارف ظروف شغلي كويس بس  ها حاول  اكون موجود بكره اخر النهار سلام دلوقتي . 
_سلام .
………..
يتبع ……
لقراءة الفصل الثانى : اضغط هنا
لقراءة باقى فصول الرواية : اضغط هنا

اترك رد

error: Content is protected !!