Uncategorized

رواية لمن القرار الفصل التاسع والثلاثون 39 بقلم سهام صادق

  رواية لمن القرار الفصل التاسع والثلاثون 39 بقلم سهام صادق

 رواية لمن القرار الفصل التاسع والثلاثون 39 بقلم سهام صادق

 رواية لمن القرار الفصل التاسع والثلاثون 39 بقلم سهام صادق

هل وقف أمامها ” جودة النعماني” للتو، إنه بالفعل أمامها ينظر إليها بنظرة طويلة فاحصة وكأنه لا يُصدق إنها بالفعل حققت ما أخبرته به في لقاء أرادت أن تجد فيه الندم وحضن العائلة، ولكن ” جودة النعماني” لم يغيره الزمن ولم يُحرك فيه الشَّيْب شئ, كما يفعل في البعض ويسارعوا في رد الحقوق وطلب السماح.
والعبارة التي تحدته بها وقد نفذتها واصبحت زوجة
” كاظم النعماني” ها هو يهتف بها وقد استند بجسده المتعب فوق ذراع أبنته
– عملتيها يا بنت عثمان..
ثم طالع ابنه الذي وقف على مقربة منه، يظهر عليه صورة الزوج السعيد بزفافه
– عرفت إزاي تضحك عليك وخليتك تتجوزها.. كاظم النعماني اللي الكل بيحلف بذكاءه، قدرت بنت زي ديه تخليه يتجوزها
ابتعلت “جنات” حلقها، تنظر لملامح “كاظم” الجامدة، فهل كان ينقصها مزيد من الكره والتعقيد في حياتها؟ حتى يأتي
” جودة النعماني” اليوم ويخبره بحديثها
– ده أنا قولت اخرك هترميلها الفلوس، لكن جواز 
– خلصت يا جودة باشا 
انتقلت عينين ” جودة ” نحو تلك التي حماها ولده بجسده
– ولا في كلام تاني 
– كاظم البنت ديه سبق وجات الفيلا عندنا عايزة حقها، و لما بابا قالها إن الأرض مبقتش ملكه وبقت ملك لك، اتحدته إنها هتعرف تاخد حقها كويس
هتفت “مهيار” عبارتها بنظرت حاقدة نحو “جنات” التي تراجعت للخلف
– وأهي عرفت تاخد حقها كويس 
– عارف يا مهيار كل حاجة، مش كاظم النعماني اللي يقدر حد يستغفله
لمعت عينين “جودة” بارتياح ولكن سرعان ما اختفى ارتياحه واقترب منه بخطوات بطيئة وهو يستند فوق ذراع أبنته
– ومدام عارف، اتجوزتها ليه.. ،ديه طمعانه في فلوس العيلة 
– قصدك فلوسي يا جودة باشا
حقيقة لا يمكن إنكارها، حقيقة اقتصت الأيام فيها من “جودة”، جودة ذلك الطامع الذي بني إمبراطورية من سرقة الحقوق، كانت والدة كاظم إحدى ضحاياه وها هو الزمن يدور ويعطي كل ذي حق حقه.
اطرق “جودة” رأسه في حسرة، فاقترب ” كاظم” منهم يُخاطبهم
– أعذريني يا مهيار، كان نفسي اضايفكم بس زي ما أنتِ شايفه عريس بقى
ابتسمت إليه “مهيار” مجاملة وتجاوزت وقاحته في طردهم ولكنه تعلم أن “كاظم” لم يصبح هكذا إلا بسبب والدهما
– مبرووك يا كاظم
نطقت بها الشقيقة الكبرى وهي ترمق “جنات” التي أصبحت جامدة الجسد
غادرت ” مهيار” بوالدها الذي أنسحب معها في صمت، فهو لم يعد يملك سلطة على شئ لا مال ولا عاطفة الأبوة
سكن المكان إلا من صوت أنفاسهم، فلم يعد معهم أحداً بالمنزل، حتى الخادمة غادرت بعد أمراً منه. 
وببطء كان يلتف إليها يفصحها بعينيه كالصقر، الذي يتربص لفريسته وبصعوبة كان يخرج صوتها
– أنا روحتله فعلا، لكن مكنش هدفي الفلوس ولا الأرض.. أنا كنت عايزه
أرادت أن تخبره إنها كانت تريد عائلة، تريد من هم من دماءها ولكن ” جودة النعماني” عاملها بأشد الطرق حقارة وإذلال، نعم هي أخبرته ستنال حقها بكل الطرق المشروعه والغير مشروعه، ستنال أكثر أولاده سلطة ولكنها كانت تتحدث كالجريحة.
اقترب منها بخطوات جعلت قلبها يرتجف وبخطوات متعثرة كانت تتراجع..، صدحت ضحكة “كاظم” عالياً وهو يري رعبها وقوتها الواهية تتلاشى من مجرد نظرات من عينيه
– خيرتك بين إنك تدخلي عرين الأسد وبين الحرية، لكن أنتِ عشان طماعة وعايزه تنتقمي من جودة النعماني، فافتكرتي اللعب معايا سهل
وكلما كانت خطواته تزداد إقتراباً منها، كانت خطواتها تتراجع..، وشهقة خرجت من بين شفتيها بعدما خانتها ساقيها وهوت فوق الأريكة
– فين صوتك، اصل دور الست الضعيفة مش لايق عليكي
ثم أخذ يحك ذقنه مفكراً، حتى يطلق عليها لقبً يليق بها
– تصدقي دور الطمع بس اللي لايق عليكي
– انا مش طماعة..،ومش عايزه حتى الاسهم أو فلوس الأرض مدام هما فعلا ملكك حقيقي مش ملكك ” جودة النعماني”
ارتفعت زاويتي شفتيه في إستنكار، وبنظرة ساخرة كان يُحدق بها وسرعان ما انفرجت شفتاه في ضحكة صاخبة
– أنتِ بتلعبي على مين، عايزه تقوليلي إنك مكنتيش مصدقة إن الأرض ملكي ولا إن كل أملاك جودة النعماني باسمي، لا تصدقي طلعتي ذكية
عادت عيناه تجول فوق ملامحها، إنه يري الخوف في عينيها، تزدرد ريقها ولكنها تُحاول أن تُداري رجفتها..، ولكن ها هي القطة تعود لشراستها الهاوية.. ،أندفعت واقفة عن تلك الأريكة تنظر إليه بقوة تُداري خلفها ضعفها
– طمعي عمره ما هيوصل لطمعكم..، وكاظم النعماني لو مكنش عايز يتجوزني مكنش اتجوزني
القت عبارتها الأخيرة ساخره، فطالعها بنظرة طويلة سرعان ما تحولت لعاصفة هائجة
– مدام رجعتي لقوتك من تاني.. 
صمت لثواني يرمقها بنظرة جليدية
– يبقى خليني اعرفك كاظم النعماني، اتجوزك ليه
التقط ذراعها بكل قسوة..، يصعد بها الدرج .. نظرت للغرفة التي قذفها داخلها لتتراجع فوق أرضيتها تشهق بفزع
– أنت هتعمل إيه؟ 
– العنوان باين يا روحي، بس دلوقتي هيكون عملي..، مش برضوه العروسه عارفه واجباتها
………..
هل أشار إليها للتو أن تصعد نحو غرفتها دون حديث؟
إنه بالفعل يعطيها ظهره وكأنه يخبرها إنه لا يُريدها أن تتحدث وتعطي له تبريراً
تسألت داخلها، هل سيُعاقبها بطريقة ما..؟ ، وعندما اقتحم السؤال عقلها، لا تعلم لما عصفت داخلها ذكريات بعيدة، وحسن يصفعها ويحرقها على قدميها ليُعاقبها ثم يتلذذ بعقابها. 
انكمشت نحو حالها، واتجهت تصعد درجات الدرج ولكنها وقفت مكانها تلتقط أنفاسها ثم التفتت إليه وقد اتجه نحو مكتبه يغلق الباب خلفه بقوة.
ترددت للحظات لا هي تعرف القرب إليه ولا البعد عنه، إنها بالفعل امرأة خائبة الرجا، امرأة في ثوب فتاة لم تنضج بعد
– جيه من السفر يدور عليكي، سليم مش ديكتاتور في الأمور اللي زي كده..، لكن يا بنتي الست لازم تحترم قرار جوزها ويوم ما يرجع من سافره يلاقيها مستنياه بابتسامة حلوه
– بس أنا مكنتش أعرف إنه جاي النهاردة
اقتربت منها السيدة ” ألفت” تنظر إليها مشفقة
– أنتِ فكرتي تسأليه، فكرتي تقوليله أنه وحشك ومستنيه رجوعه
اماءت برأسها نافية والأفكار تتخبط داخل عقلها، فمن تفعل ما تخبرها به السيدة ” ألفت” هي الزوجة الحقيقية ولكنها لا تري نفسها في حياتها إلا زوجة لأشباع رغبات سيدها
, ولكن سليم يعاملها بحنان، يمنحها حياة تشعرها بذاتها، حتى في علاقتهما يمارس معها الحب وليس ما عرفته في السابق مع حسن..، 
 أن العلاقه الزوجية ما هي إلا علاقة عنيفة ربما تكون إغتصاب ولكن تحت إطار الزواج..، مفاهيم أصبحت تتبدل داخلها ولكن عقلها أصبح واقف في نقطة واحدة وحديث واحد 
” إنها ليست إلا خادمة لتشبع رغبة سيدها، إلى أن يعود لرشده ويُطلقها”
– فاكرة زمان يا فتون، فاكرة لما قولتلك ابعدي عن البيه، لكن أنا دلوقتي بقولك قربي منه، قربي وأنتِ مطمنة..
انتبهت على حديث السيدة ” ألفت” لتتذكر ذلك اليوم الذي منحتها فيه النصيحة وهي لم تكن ترى رب عملها إلا في صورة نقية غير مشوهة
– سليم بيه بيحبك.. ، سليم بيه اتغير يا فتون وحلم اي ست تفوز به، روحي ليه مكانك جانبه يا بنتي وبلاش تضيعي راجل زيه من ايدك..، يمكن كل واحد فيكم ليه عالم مختلف.. ، لكن سليم بيه انضج من إنه ميكونش عارف هو عايز إيه
تركتها السيدة “ألفت” في دوامتها ولكن تلك المرة كان قلبها يُحركها إليه شوقاً..، وبطرقات خافته كانت تطرق الباب ثم دلفت بعدها بعدما اذن للسيدة ” ألفت” بالدلوف إليه.. ،
فهذا ما هو معتاد عليه وجود السيدة ” ألفت” في كل صغيرة وكبيرة، فمنذ أن كان رجلاً اعزب حتى وهو زوج, النساء في حياته يقتصر وجودهم في الفراش وحسب ولكن تلك التي تقف أمامه الأن، كطفلة صغيرة تنظر إليه وكلما حركت لسانها للتحدث تتراجع عن حديثها، وأخيراً خرجت عن صمتها
– كان عندك  حق لما قولتلي متروحيش
ضاقت عيناه نحوها ، وانتظر سماع المزيد..، فزوجته الصغيرة على ما يبدو لديها المزيد من الحديث.
قصت عليه ما دار في حفل الزفاف المُقام في منزل
 “كاظم النعماني” والمقتصر على عدد من الأفراد، وتلك الطريقة الفظة التي تعاملوا بها قبل أن يُغادروا المكان حانقين
– ده حتى أحمس قالي، ياريتك سمعتي كلام سليم
ارتفع حاجبي “سليم” مقتً وإستنكاراً، زوجته تخبره عن حديث رجلا أخر أقتنعت به ، نهض عن مقعده بملامح مبهمة جامدة
– والأستاذ أحمس قالك إيه تاني
وبغباء كانت تُجيبه 
– نفسه ياخد فرصه ويتدرب عندك في المؤسسة
شعرت بوجود خطب ما به، لقد اخذ يدور حول نفسه، يُدلك عنقة ويُحادث حاله
– الهانم بدل أول ما تشوفي تقولي حمدلله على السلامة، تسألني كانت رحلتي عامله إيه، تاخدني بالاحضان 
ثم تراجع عن كلمته الأخيرة متمتماً بمقت ارتسم فوق شفتيه
– أحضان إيه بس اللي بتكلم فيه، بنود عقدنا مبتكونش غير في أوضة النوم
اتسعت عيناها ذهولاً
– رجعالي البيت مع راجل وماشيه أنتِ وهو تتسايروا سوا
– ده أحمس يا سليم زميلي في الجامعه، وكان جاري لما كنت عايشه مع جنات
وببساطة كانت تُجيبه، فهي لا تنظر للأمر إلا بتلك الصورة التي تخبره بها، ف أحمس أصغر منها بعام، تتعامل معه كأخ لا أكثر
– فتون مش أنا قولتلك أطلعي أوضتك، فتون لو سامحتي امشي من قدامي.. لأن اللي متعرفهوش عني، أنا راجل مش متحضر في الأمور اللي زي ديه
بهتت ملامحها وتصلبت في وقفتها.. تطالعه، تقطب حاجبيها
– طيب أنا عارفه إني غلطانه في إني خالفت أمرك، لكن أنت مضايق من أحمس ليه، ومش عايز تديله فرصه يشوف فيها مستقبله
– فتون اطلعي أوضتك
وبصوت صارخ، حاد.. كان يصرخ بها.. ،غادرت غرفة المكتب بخطوات سريعة، لتتراجع للخلف بعدما ارتطمت بجسد السيدة ” ألفت” التي أتت على صوت صراخه
– مالك يا بنتي إيه اللي حصل 
– قولتيلي ادخله وأكون جانبه، واه شخط فيا وطردني
فرت هاربة نحو غرفتها، وقد أنسابت دموعها فوق خديها 
………..
كان غارق في لذته، هائم في منحها ما تُريد ويُريده هو في توق شديد، تسارعت أنفاسه وهو يقاوم رغبته ولكن هي كانت تجره إليها وتجرده من ملابسه.
فاق أخيراً من نشوته، فما الذي يفعله بها..، طالع عيناها وذلك الضياع الذي يحتلهما؛ فانتفض عنها يلتقط ملابسه يرتديها في عجالة 
كانت عيناها تنظر إليه في صدمة، لقد رفضها ” رسلان” رفض أن يمنحها ذلك الطفل الذي ستعرف معه، هل كل النساء مثل ناهد في انانيتهم ام هناك إستثناء؟ ،
هل هناك نساء تمنح دون أن تنتظر المقابل؟ ام إننا نتوقف عن المنح حينا نحصل عما نُريد 
نقطة واحدة كان عقلها يدور بها ولا تجد الإجابة 
طالعها بحزن وهي تنكمش على حالها، تضم الغطاء لجسدها واللحظات التعيسة تأخذها لتلك الليلة التي طردتها فيها “ناهد” من منزلها، حتى تبحث عن مكان أخر لتعيش به.
انحني نحوها يرفع جسدها، فنظرت إليه وقبل أن تُخبره بشئ، كان يُعانقها بقوة
– عمري ما اعمل فيكي كده، ولادنا هيجوا يا ملك، وهتربيهم مع ولادك، ايوة عزالدين وعبدالله ولادك، أنتِ غير ناهد وغير مها، يمكن مها لو كانت عايشه وكانت بدالك مكنتش ضحت زيك بحاجات كتير
وتنهد اسفاً على ذلك القرار الخاطئ الذي وافق به وكانت هي أحد اسباب موافقته
– لو مش عايزاها تعيش معانا هنا… 
وقبل أن يستطرد بحديثه، كانت تُعطيه الإجابة
– لا، متحرمهاش من أحفادها يا رسلان، كفايه اتحرمت من بنتها غير مرضها 
– وجودها مش هيريحك، أنا متأكد، خالتي لسا شايفه مها موجوده قدامها
وبالفعل كانت هذه هي الحقيقة، إنها تتحدث مع الصغار عن “مها” .. حتى إنها تهتف باسمها أمامهم مراراً ، ثم تمنحهم صورها..، والصغار ليسوا واعيين لشئ 
ولكن مع حركت رأسها بالرفض، تراجع عن قراره
– شوف هتحجز عند الدكتورة أمتي يا رسلان، لكن ارجوك متخليش حد يعرف إني بتعالج
واغمضت عيناها قهراً على حالها 
– كنت المفروض أتعالج من صدمتي زمان، لكن افتكرت لما اشغل نفسي بغيري وبالشغل هعرف أرجع أقوى.. بس ده كمان طلع كدب يا رسلان
اشتد في ضمها، أراد أن يمنحها الأمان والطمأنينة ولكن هي كانت غارقة في دوامة الماضي والتساؤلات
– مها لازم تدخل كلية الصيدلة حتى لو مجموعها مجبش الكلية، لكن ملك عادي تدخل اي كلية..، مها ليها عربية لكن ملك هتعمل بالعربية إيه
وابتعلت غصتها وهي تتذكر عندما كانوا أصدقاء العائلة يمدحونها باخلاقها وجمالها، كانت “ناهد” تخبرهم عن “مها” ونجاحها وتلك الموضة التي تواكبها، ف مها صاحبة الأذواق الراقية 
– ياريتني كنت اتربيت في ملجأ يا رسلان، ياريتها ماكانت ادتني حنانها وبعدها مبقتش الاقي غير نفسي ولا حاجة قصاد حبها ل مها 
– ياريتني أنا اللي كنت حاربت ضعفك واخدتك مجبوره وسافرت 
هتف بها بألم ومرارة وعندما رفعت عيناها إليه، اسرع في مسح دموعه
– هنكون أسرة سعيدة صدقيني يا ملك، أديني فرصة أعوضك 
………..
تسطح جوارها فوق الفراش بعدما أنعش جسده بحمام بارد ازال عنه أعباء السفر، تجاهلها بالطريقة التي يعرف فائدتها معه ومع غيره، فهو حانق بالفعل منها ليس لمخالفة أمره والذهاب لعرس “جنات” ، تلك الغبية التي حذرها من فعلتها التي ستعود عليها وذلك الأحمق ” كاظم” الذي اخبره بنواياه الحقيقية نحوها ، ولكن كلما أتت صورتها أمامه هي وذلك الذي يُدعي بذلك الاسم الغريب يزداد حنقاً وغيرة. 
شعر بها وهي تغلق الكتاب الذي كانت تقرأ فيه، واغلقت نور الإضاءة جوارها.. استمع لصوت أنفاسها وتنهيداتها وتقلبها يميناً ويساراً 
حدقت بظهره تهتف بهمس، ظنت إنه لم يسمعه
– نسيت أقولك حمدلله على السلامة
ارتسمت ابتسامة ساخرة فوق شفتيه، فالتفت إليها، مما جعلها تجفل من حركته وتحديقه بها، استمرت في بلع لعابها فسألها مستهزءً
– تصدقي نسيت إني كنت غايب عن البيت أسبوع، لولا الخدم وترحيبهم بيا كنت هفتكر إني بقيت اتخيل حاجات غريبة
أسبلت اهدابها خجلاً من عبارته، فهو يعاتبها بطريقة ما يعلم تأثيرها عليها
– أنا عارفة إني غلطانه 
– وإيه كمان..
سألها وهو يقترب منها، فعلقت عيناها به، فاردف متسائلا
– غلطانه في إيه تاني يا فتون 
– مش عارفة 
ابتسم وهو يري نظراتها إليه، فازداد قربًا منها
– غلطانه في كل حاجة يا فتون 
وقبل أن تعترض على حديثه، كان يجذبها إليه، يضمها في عناق حنون يخبرها عن شوقه إليها
– هتجيب خديجة امتى، ولا خلاص مش هترجع تاني مدام أنا هنا
ابتعد عنها بعدما كان غارق في رائحتها، نظر لعينيها وقد علقت الدموع بهما عندما اردفت بعبارتها الأخيرة وقد تذكر للتو مجئ “شهيرة” هنا وما دار بينهم
– بنتي هتتربي هنا يا فتون، ومدام فتحنا سيرة الموضوع ده لازم افهمك شوية حاجات للأسف هيفضلوا يواجهوكي طول حياتك معايا 
وكأن الرد عند تلك النقطة، حاضر معها
– إحنا مش هنفضل مع بعض طول العمر، مجرد شهور وهنطلق
وببرود أصبح يجيده مع حالتها البلهاء، كان يُجيب بعدما اعتدل في رقدته
– اول نقطة لازم تفهميها، إن لعب العيال ده انتهى خلاص..، بنود عقد إيه وكلام فارغ، الجواز مفيهوش شروط يا فتون ولو كنت بعمل ده زمان، فأنا دلوقتي راجل بخاف ربنا.. مافيش جواز اسمه جواز متعة ولمدة معينة في الشرع يا حضرت المحاميه مستقبلاً
طالعته في صمت طويل وسرعان ما تحول صمتها لصدمة ارتسمت فوق ملامحها
– ياريت تبطلي تاخدي الحبوب
الجمها معرفته بالأمر الذي حرصت عليه ، فهي لن تعيش تلك التجربة المؤلمة ثانية، لن تحمل طفلاً ثم تجهضه كما فعل بها حسن قديماً..، بعض العقد مازالت محفورة داخلها حتى لو تجاوزت البعض مع حنانه الذي يغمرها به
– لو كنت ساكت الفترة اللي فاتت، فكنت ساكت عشانك، سايبك في لعبتك الغبية اللي واثق إنك مش قدها
واردف وقد عاد يقربها منه، ويداعب خدها بكفه
– عشان عارف إني هقدر ارجعك ليا
وعندما وجد الخوف ارتسم فوق ملامحها، تنهد اسفاً
– سليم النجار اتغير يا فتون، أنا اتغيرت من ساعة الحادثة، عارفه يعني إيه اطلع منها باعجوبة، يعني ديه رحمه من ربنا وفرصه تانيه ليا
شرد في تلك الذكرى الأليمة، ثم ارتسم الحنين والحب نحو صغيرته ” خديجة”
–  قومت منها، ولقيت هدية من ربنا..، خديجة 
لمعت عيناه وهي يتحدث عن صغيرته، جعل قلبها يرفرف تتمنى لو كانت محظوظة كخديجة الصغيرة
– كان نفسي يكون ليا أب يعاملني كده، ولا الفقر بيحرمنا من حاجات كتير
وكأن حديثها نثر الألم فوق جروحه، فاردف ساخراً وهو يتذكر حياته وهو صغيراً
– زمان كنت بحسد أولاد الخدم عندنا على حب أهاليهم ليهم ، كنت أقف اشوفهم ازاي بيحضنوهم لما بينجحوا و إزاي بيكونوا فخورين بيهم، صافي هانم و صفوان باشا لو كانوا عايشين.. كانوا هيعرفوكي مثال الأبوة صح.. عشان كده مش عايز اطلع خديجة زي، وبحاول اتعامل مع شهيرة بلطف رغم إني اقدر اجبرها على حاجات كتير لكن بنتِ هتطلع في النهاية معقدة نفسياً.. وهتيجي في يوم تلومني ليه عملت فيها كده..
وعندما وجدها تسمعه بانصات، اردف بأمل أن تفهمه
– شهيرة هتفضل كرهاكي، ويمكن تصورك ديما لخديجة بصوره وحشه؛ وده بسبب إنك انتصرتي عليها وأخدتي حاجة كان نفسها تعيشها، لكن في يوم هتتقبلك وتنسحب
– ارجعلها وسيبني أنا في حياتي زي ما كنت
هتفت بها بمرارة، وأعين دامعة.. ليرفعها إليه يمسح دموعها العالقة بأنامله
– للأسف أنا وشهيرة انفصالنا عن بعض أفضل، غير إني هكون بظلمها.. عارفه ليه؟
علقت عيناها به تنتظر أن تستمع لباقية حديثه، فابتسم وهو يقطف من شفتيها قبلة صغيرة
– اعرفي السبب لواحدك يا فتون
وقبل أن تصر مستفهمة عن السبب، كان يغرقها في رحلة طويلة، تنسى فيها كل شئ معه.. 
تعالا رنين هاتفها، وكلما يتوقف عن الرنين، كان يعود الرنين مجدداً وكأن المتصل يصر على الأتصال
هتفت بأنفاس مسلوبة
– سليم التليفون  بيرن
وهو كان لا يسمح لها بالأبتعاد عنه، عاد الرنين مجدداً وتلك المرة ابتعد عنها مرغماً، يلتقط الهاتف حانقاً ينظر لرقم المتصل
– مين اللي بيتصل بيا، أنا خايفه ليكون أهلي .. ليكون حاجة حصلت ليهم
طالعها بنظرات جامده قبل أن يفتح الخط ويستمع لصوت أحمس المتقطع
– المطعم بيتحرق يا فتون 
………….
هل عنفه تحول حقاً لتلك الأحاسيس التي تطير بها نحو السماء..، بارع هو في منحها ما سمعت عنه من ثرثرة بعض زميلاتها بالعمل ..، وبعد أن كانت تقاومة بضراوة، كانت تتجاوب معه بطريقة مخجلة، فلم تكن تدري أهو عطش منها أم هو الذي يجعلها هكذا ببراعته، 
 “وكاظم النعماني” ياخد العلامة النهائية في معاملة المرأة في الفراش ولكن ها هو البساط يُسحب من اسفل قدميها، وتسقط للقاع بطعنة قوية وهي تراه يبتعد عنها يلتقط المال من الدرج جوار الفراش يُلقيه عليها بعدما نهض عنها
– تستاهلي الفلوس، وكل ليلة هتبسط فيها هبسطك أكتر 
بهتت عيناها، وما غفلت عنه وظنت إنها ستتحمله ومع أول عبارة قتلتها
– متخافيش هتطلعي من الجوازة ديه كسبانة كتير أوي
حدقها بنظرات طويلة، ومن شدة إحتقاره لها لم يكن يري تلك الدموع التي علقت بأهدابها
– لكن هتخسري نفسك
التف بجسده نحو المرحاض ولكن قبل أن يتحرك بخطوات أخرى، كانت ورقيات المال تلطم ظهره..، التف نحوها ببطء ينظر إليها بنظرة قاتمة
– أنا مراتك، مش فتاة ليل
وبقسوة كان يُجيبها 
– فتاة الليل افضل من واحده طماعة زيك، عايزة تتجوز واحد عشان الفلوس ومش مهم هتكون إيه في حياته
واقترب منها بعدما تناثر المال أسفل قدميه
– مكنتش عامل حسابي ألمسك النهاردة، لكن زي الشاطرة بعد كده تشوفي دكتورة تديكي وسيلة لمنع الحمل، مش عايز ولاد من واحدة زيك وافتكري إني حذرتك
ابتلعت تلك المرارة التي صارت في حلقها كالعلقم، أين صوتها، أين هي كرامتها؟ وإجابة واحدة كانت تخبر بها حاله
” إنها خسرت بداية الجولة”
– وبلاش تلعبي معايا لعبة حقيرة تانية بطفل تربطيني بي، لأن لو ده حصل هتتحرمي منه طول العمر
ونسخة ” جودة النعماني” تظهر إليها، بل بصورة أبشع ، هل كانت مغيبة حينا سمحت لحالها، أن تحلم أن تكون زوجة هذا الرجل وتحصل على الحب المستحيل كما حصلت عليه فتون 
تركها مع دوامة أفكارها وتلك الدموع التي انسابت فوق خديها
………..
لكي ينهض بشركته الجديدة، ما عليه إلا الأبتكار.. ،تلك هي نصيحة السوق ونفس النصيحة التي القاها اليوم على مدير التسويق الخاص بحملته الدعائية الجديدة، وفي ظل إجتماع إستغرق ساعتين..، كان فريق العمل يخبره بفكرتهم الجديدة، فكرة ربما فعلها غيرهم من قبل ولكن هم يحتاجون لشئ يجذب جمهورهم المستهدف وجمهورهم ليس إلا النساء. 
ترددت العبارة لمرات في عقله وهو جالس في مكتبه يتابع بعض أوراق العمل والخسائر التي حصدها بسبب ثرثرة جيهان هنا وهناك
” يا جسار بيه، إحنا محتاجين نموذج من الستات المكافحة، ست وجهت حاجات كتير في حياتها ومازالت صامدة بتكافح والظروف مأثرتش فيها ولا حولتها لنموذج سئ”
ومدير التسويق يبتكر بخياله مع فريقه عن المواصفات، والفكرة تطرء في لحظة، وقبل إن ينتهي الإجتماع
” إحنا محتاجين بنت في عمر العشرين، هنساعدها تفتح مشروع خاص بيها، ولو بتكمل تعليمها نقدم ليها فرصة، وهنقدم النموذج للناس بعد ما نقدر نخرج البنت ديه من حياتها الصعبة لحياة فيها أمل، وكده مش هنكون بس بنهتم بجمال الست، لا إحنا كمان بنهتم بمستقبلها وإنها إزاي بتقدر تتحدى ظروفها “
والقرار كان هو البحث، وفريق العمل قد بدء في بحثه عن نموذج تتبناه حملتهم.
تنحنح الخادم وهو يضع له فنجان قهوته، ويري سيده غارق في أفكاره… يُحدق بالاوراق التي أمامه شارداً
– محتاج حاجة تانيه يا بيه
طالعه” جسار ” بابتسامة لطيفة، ثم تناول فنجان قهوته  بعدما زفر أنفاسه بأرهاق
– لا يا عم جميل روح نام أنت.. وقول لسعاد تروح تنام
أماء برأسه وغادر الغرفة..، ورغم فناجين القهوة التي ارتشفها إلا إنه لم يستطيع إكمال عمله
أغلق إضاءة الغرفة وغادرها وهو يُدلك عنقه.. ،وبخطوات بطيئة كان يصعد الدرج في منزلة الجديد الواسع الذي لا يقطنه إلا هو وخادم وخادمة وحارس. 
تسطح فوق فراشه ومن شدة إرهاقه كان يغفو دون الأحتياج لوقت. 
………… 
ترنح في وقفته بعدما حاول الوقوف لعدة مرات، نظر حوله يبحث عن فتاة تُشبع ما لديه من رغبة ولكن قد ضجر من أجسادهن ويُريد التجديد
– مزاجك النهاردة مش عجبني يا صاحبي، ولا شكل البت سميرة مبقتش تريحك 
– عايز حاجة جديدة، عايز بت تكون لوزة متقشرة
والصورة تحضر أمامه، يتخيل “بسمة” بكل الطرق.. ابتلع لعابه وقد ازدادت وتيرة أنفاسه، فالرغبة بها تكاد تحرقه
– لا، لا ده أنت شكلك محتاج واحده حالا يا عنتر، بت يا سوسو تعالي شوفي مزاج عنتر بيه
اقتربت منه الفتاة، فدفعها عنتر عنه ناهضاً
– أنا ماشي، أبقى جدد حريمك هنا لأحسن مبقوش أد كده
تحرك بخطوات مترنحة والضحكات حوله تصدح بالمكان، إلى أن خرج منه يزفر أنفاسه  ويُخرج مفتاح سيارته، 
علقت عيناه بمفتاح المطعم، إنها هناك نائمة في مطعمه، 
لمعت عيناه في شهوة فلما لا يذهب إليها يُمتعها ويمتع حاله 
…………. 
انتفضت من غفوتها تنظر حولها بخوف بعدما استمعت لتساقط أحد مقاعد المطعم ، ارتجف قلبها ذعراً  تبحث عن هاتفها القديم تفتح كشافه لتنير عتمة المكان وبصوت خائف مرتجف هتفت 
– مين هنا…
عمَّ المكان السكون ولكنها كانت تشعر بالريبة، حاولت طمئنت نفسها وهي تُخاطب حالها 
– يمكن تكون قطة دخلت المطعم يا بسمة، نامي متقلقيش
عادت لغفوتها تضم الغطاء لجسدها بعدما اطمئنت على أحكام حجابها فوق شعرها
ولكن هناك أنفاس كانت قريبة منها ثم لمسات أخذت تتحرك فوق فخذيها..، وشئ يجثو فوقها. 
انتفضت بكل قوتها تنظر لصاحب تلك العينين والزجاجة التي يحملها بيده وقبل أن يخرج صراخها كان يكبلها بيديه 
– دخلتي مزاجي يا قطة، وأنا اللي بيدخل مزاج عنتر النمر مبيخرجش منه 
يتبع..
لقراءة الفصل الأربعون : اضغط هنا
لقراءة باقي فصول الرواية : اضغط هنا
نرشح لك أيضاً نوفيلا ورطة قلبي للكاتبة سارة فتحي

اترك رد