Uncategorized

رواية سر غائب الفصل السابع 7 بقلم سماح نجيب

                                                     رواية سر غائب الفصل السابع 7 بقلم سماح نجيب

رواية سر غائب الفصل السابع 7 بقلم سماح نجيب

 رواية سر غائب الفصل السابع 7 بقلم سماح نجيب

 لم
تتحمل تلك المرأة حديث عنايات عن تهديد مستقبلها وما ستؤل إليها معيشتها
الرغيدة فرفعت يدها تهوى بها على وجهها وهى تردف بحقد أسود:
– أخرصى خالص صوتك ده مش عايزة أسمعه نهائى لولا ان عايزة أعرف مكان اللى بدور عليه وهو عايش فين دلوقتى كان زمانى دفنتك من زمان
مدت عنايات يدها تمسح ذلك الدم المتساقط من فمها من قوة لطمة تلك المرأة على وجهها فأبتسمت بسخرية قائلة:
–وأنا
مش هقولك هو فين ولا عايش مع مين بس لو عقلك صورلك انك تعملى فيا حاجة
هتلاقى الدنيا اتهدت فوق دماغك علشان فى ناس سيبتلهم كل الأدلة اللى تجيب
مناخيرك الأرض وقولتلهم لو جرالى حاجة يفضحوكى وساعتها المستخبى هيبان
نفخت
تلك المرأة بضيق وأستياء فهن مازالن على ذلك المنوال منذ مايقارب الشهرين
تقريباً تأتى إليها لجعلها تبوح بمكان ذلك الشخص الذى تبحث عنه ولكن تلك
المرأة المسماة عنايات عنيدة جدا وترفض التصريح بأى معلومة فحاولت تصنع
اللطف قائلة:
– بصى يا عنايات لو قولتيلى هو فين هسيبك تخرجى من هنا ومش بس كده لاء هديكى فلوس كتير أوى مكنتيش تحلمى بيها
تعالت صوت ضحكة قوية صادرة من عنايات لتردف :
–أنتى
مفكرانى هبلة انا لو قولتلك على مكانه بعد ثانية واحدة مش دقيقة هتكونى
قتلانى وبعد كده توصليله علشان تخلصى منه هو كمان بس لاء مش هيحصل كفاية
اللى جراله فى السنين اللى فاتت دى كلها وكان كله بسبب حقدك وكرهك وغيرتك
اللى عموكى وخلاكى كنت عايزة تخلصى منه بس لولا رحمة ربنا ان انقذته من
إيدك وقدرت ابعده عن ايدك ومتقدريش توصليله
التوى ثغر تلك المرأة بابتسامة هازئة قائلة:
–أنتى
ليه محسسانى انك الخضرة الشريفة أنتى ناسية انك كنتى متفقة معايا ان نعمل
كده وكمان كنتى قابضة فلوس علشان نخفيه ومحدش يعرفله طريق
تذكرت عنايات
ذلك الإتفاق الشيطانى بينهن إلا أن ضميرها أستفاق مؤخراً ولكنها وقعت فى
قبضة تلك المرأة قبل أن تكشف ما لديها من أسرار
– كان شيطانى غالبنى وقدرتى طول السنين اللى فاتت دى تضحكى عليا بالفلوس
فأكملت المرأة بسخرية:

اه ولما الفلوس قلت شوية ضميرك صحى مش كده غريب اوى ضميرك ده اللى بينام
ويصحى بمزاجه او على حسب الفلوس بس ملحوقة كده كده هتنطقى يا عنايات بالذوق
او بالعافية وخليكى فاكرة كلامى
أنصرفت تلك المرأة بعد أن انتهت من
تهديدها،لتجلس عنايات على فراشها ثانية وهى تفكر فى حل او مهرب من ذلك
المكان فهى باتت تشك أن تلك المرأة لن تصبر أكثر من ذلك وربما ستقوم بتنفيذ
تهديدها وتقضى على حياتها
_______
دلفت فيروز إلى غرفة أبنتها
وجدتها فى شرفة الغرفة تستند على السور، فأقتربت منها،لم تنتبه ثراء لدلوف
والداتها إلا عندما شعرت بيدها تربت على كتفها فأستدارت بوجهها إليها تبتسم
لها قائلة:
–ماما
مسدت فيروز على خصلات شعر ابنتها الفحمية تردف بحنان:
–مالك يا قلبى فى ايه اليومين دول حاسة كده انك مش على طبيعتك فى حاجة حصلت ولا إيه
اجابتها ثراء بهدوء قائلة:
–ابدا يا ماما مفيش حاجة انا كويسة ليه بتقولى كده
سحبت فيروز ابنتها تحتويها بين ذراعيها تقبلها على رأسها بحنان بالغ قائلة:
–أنا حاسة بيكى يا قلب ماما لأن دى مش طبيعتك أبدا يا ثراء فلو فى حاجة مضيقاكى قوليلى
أغمضت ثراء عينيها تحاول جاهدة ألا تسقط دموعها فهى لاتريد ان تثير قلق والداتها،فرفعت ذراعيها تلفها حول أمها مردفة:
–أنه والله كويسة يا ماما بس الصراحة بفكر اسافر أكمل دراستى برا مصر
تصنمت ملامح فيروز بعد سماع حديث ابنتها لتبعدها قليلاً لتنظر اليها قائلة:
–تسافرى
! تسافرى وتسبينى يا ثراء عايزة تحرمينى منك هو أنا ليا غيرك انتى وباباكى
موضوع السفر ده تشليه من دماغك خالص مستحيل اوافق على انك تبعدى عنى مفهوم
تعلم
ثراء مدى تعلق والداتها بها لأنها ابنتها الوحيدة ولأن ثراء تعلم بشأن
وفاة شقيق لها منذ صغره،لذلك لا تحب فيروز ابتعاد ابنتها عنها
–خلاص يا ماما سافرى معايا انا عارفة انك هنا فى البيت ده مش مرتاحة بسبب تصرفات مرات عمو عزام فلو كده نسافر انا وأنتى
ربتت فيروز على وجنة أبنتها قائلة:
–يعنى عيزانى أسافر معاكى وأسيب باباكى ازاى
أردفت ثراء بمشاكسة:
–اه قولى كده بقى مش عايزة تبعدى عن سى بابا صحيح هتسيبى المز ده لمين
ضربتها فيروز بخفة على ذراعها بعد ان احمرت خجلا:
–بنت عيب كده ايه اللى بتقوليه ده ثم اه انا مقدرش ابعد عن باباكى انا كنت اموت فيها
نظرت
إليها ثراء بحب وهى ترى تلك اللمعة القوية بعين والداتها عند ذكر والدها
فكم تعشق هى حب والديها لبعضهم البعض فهى أولا وأخيرا ثمرة هذا الحب بينهم
لذلك فهى بمثابة الحياة بالنسبة لهم
–أنتى بتحبى بابا اوى كده يا ماما
كسى الحنين وجهها وهى تجيب على ابنتها:
–يااه
يا ثراء انا عمرى فى حياتى ما حبيت حد زى ما حبيبت باباكى ولا شوفت فى حبه
وحنانه ولا رجولته ان واحد يضحى بالنعيم اللى كان عايش فيه علشانى باع كل
حاجة فى سبيل حبنا دا مش بس احبه دا انا أعشقه وكفاية طول السنين اللى
عشتها معاه دى كلها عمره ما فكر يزعلنى او ان يقسى عليا انا لما ببص
لباباكى بحس ان رجعت البنت الصغيرة اللى شافته اول مرة فى مطعم جدك
ابتسمت ثراء وارادت سماع المزيد عن قصة عشق والديها فاستحثت والداتها على إكمال حديثها عن تلك الأيام الخوالى
–ماما احكيلى عن مقابلتك انتى وبابا وازاى بدأت حياتكم مع بعض
سحبت فيروز يد أبنتها ليجلسن سوياً على تلك الأريكة الموضوعة بالشرفة
– أنتى مبتزهقيش من الحكاية دى انا حكيتهالك كتير يا ثراء
هتفت ثراء بحماس:
–احكيهالى تانى انا بحب اسمعها أوى يا ماما
ايتسمت
فيروز لتبدأ فى سرد قصة عشقها هى وزوجها يغلب على صوتها العذب
الحنان،تستمع اليها ثراء باستمتاع لتعود بذهنها إلى ذلك اليوم الذى قابلت
به أيسر فهل يمكن أن يصبح القدر رحيماً ويجمعها به فى قصة عشق مثل تلك
التى تسمعها من والداتها الآن ،شردت بتفكيرها لم تنتبه إلى على صوت
والداتها تناديها:
–ثراء ثراء ايه انتى روحتى فين كده وبتفكرى فى إيه
أفاقت ثراء من شرودها تبتسم ابتسامة خفيفة:
– لاء مفيش انا معاكى اهو انا بس اندمجت فى الحكاية
أمسكت فيروز وجه ابنتها تنظر اليها قائلة:
–ثراء أنتى بتحبى
باغتتها
والداتها بهذا السؤال لتتسع حدقتيها وتبتلع ريقها تخشى ان تكون والداتها
تعلم شئ عن ذلك الحب الذى تكتنفه بين ثنايا قلبها فاسرعت تجيبها:
– لاء لاء يا ماما ليه السؤال ده انا مبحبش حد ولا هحب حد
ابتسمت فيروز ابتسامة متفهمة لتردف بعد ذلك:

حبيبتى الحب عمره ما كان عيب ولا حرام الحب اللى بيبقى فى الحلال واللى
بتبقى أخرته معروفة مش الحب اللى بيبقى طيارى بين الشباب والبنات اللى
بيستحلوا الكلمة دى وممكن الموضوع يوصل لأضرار جسيمة وخصوصا للبنت اللى لو
وقعت فى حب شاب وهو مش كويس او بيلعب بيها او بيوعدها ويوهمها بأوهام علشان
بس يوصلها الحب الحقيقى هو اللى يخلى الشاب يروحلها لحد بيتها ويطلبها من
أهلها قدام الكل تبقى بعد كده مراته وحلاله زى ما باباكى عمل كده حبنى ملفش
ودار عليا جه لبابا الله يرحمه وطلب ايدى واتحدى باباه واهله لما رفضونى
علشان فقيرة هو ده الحب اللى بتمنى تلاقيه يا ثراء واحد يحطك فى عينيه
ويخاف عليكى قبل ما يخاف على نفسه فالبنت متفرطش فى قلبها الا للى يستاهلها
واللى يبقى أمانها وسندها مش للى يضحك عليها بكلمتين حلوين وتفوق تلاقى
نفسها متورطة فى مصيبة ربنا يكفينا شر المصايب يارب
فأنتى صارحينى يا حبيبتى باللى فى قلبك مش احنا صحاب
هزت ثراء رأسها بتأكيد قائلة:
–صدقينى يا ماما لما أبقى متأكدة اكيد هقولك أنتى عارفة مبخبيش عليكى حاجة أنا مليش غيرك انتى وبابا
ألقت
ثراء برأسها على صدر والداتها تضمها فيروز بحنان تمسد عليها بعطف أمومى،
شعرت ثراء بأنها يجب ان تفكر جيدا فى حالتها تلك الأيام وأن تحاول هى تفسير
ما يعتريها من مشاعر قبل أن تخبر والداتها بكل شئ
________
سمعت ضحى طرق على باب المنزل فوضعت حجابها على رأسها تفتح الباب بابتسامة تلاشت على الفور من رؤية ذلك الزائر فهتفت بهمس:
– هو أنت افتكرتك حد عليه القيمة باين عليه يوم حلو من أوله
رسمت ضحى ابتسامة سمجة على وجهها قائلة:
– أهلا يا استاذ أشرف خير إن شاء الله
استند أشرف بيده على الحائط يميل بجسده إلى الأمام فتراجعت ضحى عدة خطوات للخلف
– إيه المقابلة الساقعة دى مفيش أتفضل يا أشرف
هدرت ضحى بضيق قائلة:
– أنت عايز ايه انت دلوقتى ها
دلف أشرف للداخل يغلق الباب قائلا بسماجة:
جاى أشوف أختى بلاش يعنى ولا بلاش أجى اشوفها كمان دى صلة رحم يا أنسة ضحى
تمنت لو كان بإمكانها الآن ان تلعنه هو وشقيقته فرسمت على وجهها ابتسامة تحاكى تلك الابتسامة السمجة على وجهه قائلة:
–اه صلة رحم وماله ميضرش اتفضل يا أستاذ أشرف
خرجت فايزة من غرفتها فهتفت بفرحة:
–أشرف ازيك يا حبيبى انت واقف ليه كده مدخلتش تقعد ليه
ثم نظرت لضحى بغضب فقابلتها ضحى بعدم اهتمام لتتركهم تريد الذهاب لغرفتها ولكن قبل ان تدلف الى الغرفة سمعت صوت زوجة أبيها تناديها:
–أستنى عندك راحة فين اعملى شاى لأشرف ولا عصير يلا انجرى على المطبخ
عقدت ضحى ذراعيها امام صدرها قائلة:
– هو اخوكى انتى ولا اخويا انا روحى انتى اعمليله الشاى عن اذنكم
دلفت
ضحى الى غرفتها تصفق الباب فى وجههم رأت فايزة ذلك أرادت الذهاب إليها
وتلقينها درساً فوجدت شقيقها يمسك ذراعها قبل ان تتجاوزه فهتفت به بغصب:
–سيبنى يا أشرف خلينى اعلمها الادب قليلة الرباية دى واللى حاطلنا مناخيرها فى السما
حاول أشرف تهدئة شقيقته فاردف مسرعاً:
أهدى بس يا فايزة كله بأوانه بس جوزهالى أنتى بس وملكيش دعوة هطلع على عينيها القديم والجديد
ابتسمت فايزة بانتشاء بعد سماع حديث شقيقها فهى تتخيل الآن مصير ضحى الذى سيؤل اليه بعد زواجها من شقيقها، فهى تعلم مدى غلاظته
–دى بت نمرودة ومحدش عارف يكسر مناخيرها
أردف اشرف بزهو وتفاخر:
– خلينا بس نتجوز كده وانا أكسرلك رقبتها مش بس مناخيرها وهخليها تبوس ايدك كمان
ربتت على ذراع شقيقها بابتسامة قائلة:

تسلملى يا ابن ابويا متقلقش هجوزهالك ورجليها فوق رقبتها ادخل اقعد على ما
اعملك شاى وأصحى ابو الشملولة يقعد معاك مباخدش منه إلا النوم
تركت
شقيقها وذهبت إلى المطبخ ولكنه اتجه صوب غرفة ضحى يفتح الباب على مصراعيه
فانتفضت ضحى فى جلستها فأسرعت فى ارتداء حجابها تصرخ فى وجهه بغضب عارم:
– ايه قلة الذوق وقلة الادب دى ازاى تسمح لنفسك تدخل عليا الاوضة من غير استئذان هى وكالة من غير بواب
–مالك بس ياضحى شامة نفسك عليا ليه كده هدى اللعب شوية مش كده للصبر حدود يا ضحى وأنتى عارفة ان غرضى شريف
مد طرف لسانه يبلل شفتيه ينظر اليها بخبث، تسرب الخوف إلى قلب ضحى من رؤية ملامح وجهه الدنيئة، عندما حاولت الكلام تلعثمت قائلة:
– ففى إيه مالك بتبصلى كده ليه أمشى أطلع برا يلا اخرج برا
لم يتزحزح من مكانه، فزاد رعبها نظرت حولها لم تجد سوى ذلك المقص بجوار ألة الحياكة فرفعت يدها به تهدده:
–لو مخرجتش من هنا دلقتى هضربك بالمقص ده فى رقبتك واخليهم يترحموا عليك النهاردة
فأجابها ببرود قائلا:
–نزلى
اللعبة دى من ايدك يا شاطرة انتى عارفة انا ممكن أكسرلك ايدك دى بس حظك ان
بحب البنت الشرسة وانا عايزك علشان أقصص جناحاتك دى اللى فرداها علينا
سلام يا قطة دلوقتى
هرولت ناحية الباب تغلقه بالمفتاح بعد خروجه تستند
عليه تلتقط أنفاسها المضطربة فهى تعلم أنه لن يتركها بحالها ولكنها تفضل
الموت على ان تقترن به فلو خلت الدنيا من جميع الرجال ولم يتبقى سواه فلن
تقبل به مهما كلفها الأمر من عناء فرفعت وجهها تبتهل إلى الله
–يارب نجينى منه وابعده عنى يارب يارب وديم سترك عليا واحفظنى منه ياتبعتله مصيبة تشيله هو واخته من حياتى وترحمنى من أشكالهم
تتمنى
ان يتقبل الله دعاءها،فهى لا يخفى عليها نواياه، وتعلم أيضاً انه يريد
النيل منها سواء عن طريق الزواج أو أى وسيلة أخرى تمكنه منها ،ليهدم فيما
بعد حياتها ويجعلها بائسة،تحيا بهذه الدنيا مكلومة ومغلوبة على أمرها، ولكن
لا فهى لن تتخلى عن طموحها وأحلامها فتتمنى ان يمدها الله بالقوة والعون
على مواجهة شر هذا الرجل البغيض
________
فى المشفى الخاص بجمال
الرافعى..دلفت إحدى الممرضات إلى غرفة المكتب الخاص بمالك هذا المشفى بعد
ان طرقت الباب عدة طرقات مهذبة وسمعت صوت من الداخل يأذن لها
–دكتور جمال حضرتك فى حالة جت فى حادثة عربية
خلع جمال نظارته الطبية يردف باهتمام:
–مدى خطورة الحالة إيه
تقدمت منه تناوله التقرير الأولى عن تلك الحالة قائلة:
–هو حضرتك حصلها خدوش و دراعها اليمين فى اشتباه فى كسر
نهض جمال عن مقعده يلتف حول مكتبه قائلا:
–تمام خليهم يجبسولها دراعها بسرعة وانا هبقى أمر عليها اشوفها
هزت الممرضة رأسها قائلة
–تمام يا دكتور
خرجت
الممرضة،القى جمال نظرة أخرى على تلك التقارير بيده،سمع رنين هاتفه فاتسعت
ابتسامة عندما رأى إسم زوجته ينير شاشة الهاتف،رفع الهاتف إلى أذنه قائلا:
–حبيبتى
أجابته فيروز بصوت خجل:
–جمال أنت خلصت ولا لسه
قهقه بصوت مسموع فهو يكاد يجزم الآن ان وجهها أصبح اشد احمرارا بسبب خجلها الذى لم يفارقها منذ سنوات عديدة فأردف ممازحا:
–أكيد لون وشك بقى زى الطماطم دلوقتى مش كده
هزت فيروز رأسها بدون ان تجيبه كأنه يرى ما تفعله فتذكرت أنها تحدثه عبر الهاتف
–أنت وبعدين معاك مصر تحرجنى كده انا مبقتش صغيرة لكده يا جمال
–بس أنتى لسه فى نظرى البنوتة الصغيرة اللى قابلتها زمان عمرك ما هتكبرى بالنسبة ليا يا فيروز
هكذا أجابها جاعلا أبتسامتها تزداد أتساعاً يتضاعف الحب بقلبها فأردفت بصوت خافت:
–ربنا ما يحرمنى منك يا حبيبى خلص بقى بسرعة وتعال ماشى
–عندى حالة هعدى عليها أشوفها وأرجع البيت على طول
بعد
أن أنهى حديثه مع زوجته تذكر تلك المريضة الواجب المرور عليها للاطمئنان
عليها قبل ذهابه من المشفى فخلع الرداء الأبيض ليرتدى سترة بذلته الأنيقة
تاركاً غرفة مكتبه متجها صوب غرفة تلك المريضة،دلف إلى الداخل تنحنح قليلاً
ليجد عينان بنيتان تطالعه باهتمام بالغ فتقدم قليلا من الفراش مبتسماً:
– أخبارك ايه دلوقتى انا الدكتور جمال صاحب المستشفى أنتى اسمك إيه
نظرت إليه تلك الفتاة المعصوبة الرأس بضماد أبيض وبيدها اليمنى جبيرة بيضاء فأردفت بصوت منخفض:
– الحمد لله يا دكتور كويسة بس حاسة بألم شديد انا أسمى زهرة
أمسك جمال معصمها ينظر فى ساعته لقياس مستوى نبضها فوجده على مايرام:
– انا هخليهم يحطولك فى المحلول حقنة مسكن وألف سلامة عليكى
حاولت زهرة الاعتدال الا انها شعرت بالألم فعادت الى وضعيتها الأولى مرة اخرى
–متحاوليش تتعبى نفسك خليكى مرتاحة
اشارت بيدها الى زجاجة مياة موضوعة على المنضدة:
–انا عطشانة وعايزة أشرب
تقدم
جمال من قنينة المياة يسكب منها فى كوب زجاجى موضوع بجانبها وأقترب منها
يناولها إياه،تناولته منه وضعته على فمها تحتسيه وعيناها لاتفارق وجهه،انهت
الكوب تناوله له بامتنان ظاهرى:
–شكرا يا دكتور جمال
تعجب جمال من
إبتسامها الدائم فمن فى مثل حالتها لابد ان تكون تشعر بالألم الذى يعجزها
عن فعل شئ حتى الابتسام فهو يعلم ان من يعانون من كسور العظام ربما يصرخون
فى البداية بسبب انتهاء مفعول المسكن،الا ان تلك الفتاة تبتسم منذ دخوله
إلى الغرفة،ولكن نفض عن ذهنه كل هذا فنظر إلى ساعة يده الثمينة فرأى انه
يجب ان يذهب الآن فزوجته بانتظاره فأعتذر مغادرا
–ان هخلى الممرضة تيجى دلوقتى تحطلك حقنة المسكن وأشوفك بكرة ان شاء الله تصبحى على خير
–وأنت من أهله يا دكتور
تبعت اثره بعينيها حتى رأته يغلق الباب خلفه فاعتدلت سريعا فى جلستها تبتسم ابتسامة مكر مردفة:
– أووووف ان الواحد يمثل انه عيان دى حاجة رخمة أوى حتى الجبيرة دى مضيقانى بس مش مهم المهم ان كل حاجة تمشى زى ما متخطط لها بالظبط
سحبت هاتفها من على الكومود طلبت أحد الارقام وانتظرت حتى جاءها الرد على الطرف الاخر فهتفت زهرة بثقة:
–كله
تمام وانا عنده فى المستشفى دلوقتى وكله هيبقى تمام والخطة هتتنفذ زى ما
اترسمت بالظبط دا انا زهرة اللى مفيش حاجة بالنسبة ليها صعبة
تعالت صوت
ضحكاتها بثقة عالية،لتنهى مكالمتها وتضع الهاتف تصدر صوت صفير من بين
شفتيها فلمحت دلوف الممرضة فأستلقت سريعاً على الفراش ترسم على وجهها ملامح
الألم تصدر أنين متألم حتى لا تشك الممرضة بأمرها،فكل شئ يجب ان يسير وفق
تلك الخطة التي تسير على نهجها..!!!
________
كان منهمكاً فى تصليح
تلك السيارة عندما سمع رنين هاتفه،فناول ما فى يده الى عفيفى ليكمل ما
يفعله ليتسنى له الرد على هاتفه فأجاب بابتسامة
–عاش من سمع صوتك يا أيسر ايه الغياب ده كله مش كنت بتقول هتيجى ده كله من ساعتها وانت بتيجى تشوفنا
اجابه أيسر بنبرة مبهمة:
–معلش يا حسام معرفتش اخد اجازة واجيلكم بس ان شاء الله جاى النهاردة علشان عايز اتكلم معاك شوية
شعر حسام بالقلق من نبرة صوته فأردف:
–مال صوتك يا أيسر فى حاجة ولا ايه صوتك مش مريحنى خالص
زفر أيسر انفاسه العالقة بصدره قائلا:
–لا ابدا مفيش حاجة بس عايز اتكلم معاك مش أكتر انت عارف مليش صاحب غيرك
أجابه حسام بتفهم:
– تمام ان شوية وهخلص العربية اللى فى ايدى عدى عليا فى الورشة وبعد كده نروح اى مكان نقعد فيه ونتكلم
– تمام نص ساعة وأكون عندك سلام
أنهى
أيسر حديثه مع حسام، ترك مكانه ينتقى مايرتديه فأختار بنطال من الجينز
وقميص أزرق فارتداهم ليخرج بعد ذلك من غرفته يريد الاستئذان من جمال
بالسماح له بالخروج إلا انه تقابل مع ثراء قبل ان يدلف الى الداخل فهتفت
ثراء:
– أيسر كويس انك هنا
عقد ايسر حاجبيه قائلا:
– فى حاجة ولا إيه يا أنسة ثراء حضرتك عايزة حاجة
وضعت ثراء حقيبة يدها على كتفها مردفة:
– ايوة كنت عايزة اخرج اشترى كتب
رفع يده يحك ذقنه بتفكير:
–مينفعش حضرتك تأجلى المشوار ده لبكرة
–ليه فى حاجة ولا ايه انت خارج مع ميرا دلوقتى
ابتلعت ريقها فى انتظار رده تخشى ان يجيبها بالايجاب ولكنها لاحظت انه لم يرتدى ملابسه الرسمية المعتادة،فأجابها قائلا:
–لاء هو الصراحة كنت هستأذن دكتور جمال ان اخرج علشان هقابل واحد صاحبى بقالى فترة مشفتوش ولا انا من ساعة ما اشتغلت هنا مخدتش اجازة
فكرت ثراء فيما اخبرها به فهتفت بعد بضع لحظات:
–مش مشكلة ودينى المكتبة وقابل صاحبك ولما تخلص تجيلى المكتبة تانى
هز أيسر رأسه بعلامة الرفض قائلا:

مقدرش أسيبك فى المكتبة لوحدك مش ضامن انك تبقى فى أمان بس لو حضرتك تأجلى
الموضوع لبكرة يكون أفضل لأن بالى هيفضل مشغول عليكى ومش هبقى مطمن وانا
سايبك لوحدك
استمعت الى حديثه لم تكبح جماح تلك السعادة التى تراقصت على
صوت دقات قلبها الصاخبة ،فهل حقاً يخشى ان يصيبها مكروه هل ما يريده هو
أمانها وسلامتها،اللعنة على قلبها الذى وصفه عقلها بأنه سخيف وغبى اذا ظن
أن ما يتفوه به أيسر نتاج خوف حبيب على محبوبته من أن يصيبها مكروه، فهى
تعلم أنه يخبرها بكل هذا بحكم عمله،ولكنها لم تمنع نفسها من أن تتوهم ولو
قليلا ان أيسر يضمر لها شئ خاص بها فى قلبه..!! فاجابته بابتسامة وضاءة
قائلة:
– خلاص نبقى نخرج بكرة ان شاء الله
هز رأسه بالموافقة يرسم إبتسامة على جانب ثغره فتمتم
– ان شاء الله عن أذنك
فماذا
حدث لها جاعلها لا تفكر فى شئ سوا هذا الرجل فهى رأت من أشد منه
وسامة،وقابلت رجال من صفوة المجتمع، فما هو الشئ المميز به يجعلها عاجزة عن
رؤية أحد غيره،رأته يتحدث مع والدها يطلب منه الإذن بالخروج،فصعدت الى
غرفتها وهى مازالت مبتسمة على سخافة قلبها،فأرتمت على الفراش تتجول بعينيها
فى غرفتها كأنها تبحث عن شئ فقدته،ولم يكن هذا الشئ المفقود سوى راحتها
وهدوء قلبها..!!!
ترجل أيسر من سيارة الأجرة بعد أن دفع للسائق النقود، رأه حسام لم يمنع نفسه من المزاح:
– ياسلام اللى يشوفك وأنت نازل من التاكسى ميشوفكش لما كنت نازل من العربية المرسيدس اللى جيتلى بيها أصلحها
أبتسم أيسر أقترب منه يحتضنه:
– بطل خفة دم يا اخويا اخبارك ايه
ربت حسام على ظهره :
– تمام الحمد لله نحمد ربنا
رأى أيسر عفيفى فألقى عليه التحية:
– أزيك يا عفيفى عامل ايه
تقدم عفيفى يصافحه ببشاشة :
– الحمد لله يا أستاذ أيسر عاش من شافك نورت الحتة
– تسلم يا عفيفى
أشار اليه حسام بالجلوس ريثما يقوم بتبديل ملابسه

اقعد على ما اغير هدومى ونقفل الورشة ونطلع نتعشى انا قولت لتيتة ان أنت
جاي النهاردة وهى وجدى نفسهم يشوفوك وبعد كده نروح نتسرمح فى أى حتة
أنهى
حسام باقى حديثه بالمزاح بالرغم بما يختنق بداخله من هموم ومن ذلك الموعد
المرتقب الذى أخبره به مجدى فشرد قليلا لم ينتبه الا على صوت أيسر يناديه:
– فى ايه يا بنى انت واقف متنح ليه كده ما تخلص فى يومك ده بقى ولا أقوم أمشى
رفع حسام شفتيه بامتعاض مصطنع:
– أنت هتهددنى يا اخويا قوم أمشى ايه الاشكال دى على المسا انا غلطان ان عمال أنضف ودانى من الصبح علشان اسمعك يلا بينا
صعد حسام وأيسر الى شقته فقابلتهم سميرة مرحبة بذلك الضيف الغائب منذ فترة تعدت الأشهر فهتفت بسعادة:
– أيسر اهلا يا حبيبى نورت ايه الغيبة دى كلها
تقدم أيسر منها يقبل يدها يبتسم لها ابتسامة عريضة:
– وحشتينى اوى يا مرمر ووحشنى الأكل من إيدك
لكزه حسام فى كتفه ممازحا:
– بس ياض أنت متقولهاش يا مرمر احسن جدى يخرج دلوقتى يمرمطك
لم يمنع أيسر نفسه من الضحك على ما تفوه به حسام ،الا انه ترك يد سميرة سريعاً بعد رؤيته رضوان يخرج من الغرفة فهتف رضوان:
شوفتك وأنت ماسك أيدها وسمعتك بتقولها يا مرمر
أقترب منه أيسر يقبل يده هو الآخر فربت رضوان على كتفه فهو وزوجته يكنون محبة لهذا الشاب فهو بمثابة حفيد ثان لهم
فبادر حسام بالرد قائلا:
– أنا يا جدى حذرته هو اللى مسمعش الكلام شوفت انا مؤدب ازاى
التفت اليه أيسر بوعيد مردفاً:
– أنت بتولعها زيادة يا حريقة يا سوسة
تدخلت سميرة لفض ذلك الحديث
– بطلوا خناق ويلا الاكل جاهز
اجتمعوا
على طاولة الطعام ظلوا يتثامرون للاطمئنان على أحوال أيسر وبعد الانتهاء
أنسحب حسام وأيسر الى الشقة المجاورة وهى شقة أيسر ، دلفوا الى الداخل أنار
أيسر الاضاءة فوجد الغبار قد كسى الاثاث القليل الذى تحويه الشقة فبدأ
أيسر حديثه قائلاً:
– يااه دى الشقة بقت كلها تراب
– متنساش انك انت قافلها بقالها شهور كويس انك لقيت تراب وملقتش عفاريت
لم يكد حسام ينهى كلامه حتى سمعوا صوت مواء قطة صغيرة تعجب أيسر من أين يأتى ذلك الصوت، تراجع حسام الى الخلف وهو يبتلع ريقه قائلا:
– إيه ده بقى دا انا كنت بهزر هو العفريت مسك فى الكلمة
أراد حسام ان يطلق ساقيه للريح إلا ان أيسر أمسكه من ياقة قميصه من الخلف قائلاً:
– أنت رايح فين يا جبان أستنى
ظل حسام يجيل ببصره فى الشقة وهو يردد الآيات القرآنية
– ياعم سيبنى انا خايف خلينى أمشى
– بطل جبن يا خواف ودور معايا نشوف الصوت جاى منين
فظل يبحثوا فى كل مكان بالشقة حتى وجدها أيسر فى احد اركان المطبخ وليس
هذا فحسب فوجد معها ثلاثة قطط صغار يبدوا عليهم أنهم حديثى الولادة
– ايه ده دى القطة والدة كمان ومعاها ولادها
ربت حسام على كتفه:
– اللى جابلك يخليلك يا أيسر كده تخلف من غير ما أعرف ومخبى عليا ليه دا انا افرحلك
نظر اليه أيسر بغضب ففر حسام هارباً يركض أيسر خلفه حتى اصطتدمت قدم حسام بطرف مقعد خشبى فأصدر صوتا متألما فهتف أيسر:
– أحسن أحسن تستاهل
جلس حسام على المقعد يمسك أصابع قدمه :
– أحسن فى عينك يا أيسر اتنيل اقعد قولى كنت عايزنى فى إيه
أطلق ايسر تنهيدة حارة قائلا:
– مش عارف
نظر اليه حسام ببلاهة :
– نعم ! مش عارف ايه طب جيت ليه وقولتلى انك عايز تتكلم معايا
عندما
حاول ايسر فتح فمه للحديث شعر بهروب الكلمات من بين شفتيه،فهو يشعر بأثقال
وهموم تثقل قلبه وبالرغم من ذلك يشعر بأن لسانه معقود غير قادر على البوح
بما يعتمل بداخله،فهب واقفاً مردفاً
– مش عارف اقول ايه اقولك انا ماشى علشان متأخرش سلام بس القطة اللى فى المطبخ دى اعمل فيها ايه اقولك انا هاخدها معايا
بحث
أيسر عن صندوق كرتونى ليضع به القطة وصغارها وكل هذا وحسام ينظر اليه
مشدوهاً لم يعى حتى الآن لماذا أتى أيسر؟ او ماذا كان يريد أن يقول ؟
________
نهضت
ثراء باكرا من نومها تسرع فى أداء روتينها اليومى،حتى تستطيع اللحاق بهم
قبل ان يذهبوا بدونها،هبطت إلى الطابق السفلى تحمل بيدها حقيبة صغيرة بها
رداء خاص بالتمارين الرياضية فهى ستذهب معهم معللة بذلك انها تريد ممارسة
رياضة المشي في النادى،فى ذلك الوقت كانت ميرا أنهت أستعدادها ليرافقها
أيسر إلى وجهتها، لمحته قادما ،فسحبت حقيبتها ولكن قبل خروجهم سمعوا صوت
ثراء خلفهم:
– استنوا علشان انا كمان جاية معاكم النادى
التفتت اليها ميرا تزفر أنفاسها بضيق إلا انه

يتبع …… 

لقراءة الفصل الثامن : اضغط هنا

لقراءة باقي فصول الرواية : اضغط هنا

اترك رد