Uncategorized

رواية سر غائب الفصل الثامن والأربعون 48 بقلم سماح نجيب

  رواية سرغائب الفصل  الثامن والأربعون 48 بقلم سماح نجيب

رواية سرغائب الفصل  الثامن والأربعون 48 بقلم سماح نجيب

رواية سر غائب الفصل  الثامن والأربعون 48 بقلم سماح نجيب

تمنت ثراء أن يكون محقاً بما قاله ،فهى سأمت هذا الحزن الذى طالما طاردهم كثيرا كمطاردة أحد الوحوش الضارية لفريسته فكلما فرت منه ركض خلفها يلهث يربد النيل منها ، فدنت منه قائلة بحيرة:
–أنت متأكد يا أيسر إن إحنا خلاص ملناش أعداء تانى أصل أنا مبقتش مستحملة حاجة تانى تحصل وأعصابى تتعب
لم يكن متيقن من هذا ،ولكن يتمنى من الله أن لايصيبهم يأس ولا حزن فقلوبهم أنهكتها الحياة بالفراق والعذاب واللوعات والحزن ،فهو لايريد سوى أن يحيا بسلام مع زوجته وإبنته 
زفر أيسر بتعب قائلاً:
–مش عارف يا ثراء صدقينى مش عارف بس اللى أعرفه إن عايز أعيش فى هدوء وشوية سعادة معاكى أنتى وبنتى هو أنا بطلب المستحيل 
عادت لتضع رأسها على صدره تطوقه بذراعيها تدمدم قائلة:
–وأنا كمان نفسى فى كده يا أيسر لأن أنا كمان تعبت 
حاوط كتفيها بذراعه، صوت دقات قلبه تكاد تصم أذنيها وهى واضعة رأسها موضع قلبه ،نبضات خائفة مرتجفة ليس على شئ سوى أنه يخاف أن يصيبها أو يصيب صغيرته مكروه ،ولكنه ينشد من الله تعالى العون والمساعدة على مواجهة تلك الظروف والصعوبات التى تواجههم من حين لآخر
مسد على رأسها قائلاً بحنان:
–يلا علشان تنامى أنتى كمان أعصابك كانت مشدودة وأنا خايف عليكى لازم ترتاحى شوية 
رفعت رأسها عن صدره تحدق به فأومأت برأسها موافقة وذهبت لغرفة ثيابها ،فأرتدت منامتها وعادت للغرفة وجدته سبقها للفراش ،فتح لها ذراعيه لتستكين بينهم ،فغاصت بينهما ،تخفى وجهها بتجويف عنقه كأنها تهرب من تلك الكأبة التى سكنت بين ثنايا قلبها ،فلا ملاذ لها وملجأ بعد الله سواه 
___________
صف السائق تلك السيارة الفارهة الخاصة بكبير عائلة الرافعى أمام مبنى الشركة الشاهق البناء ،ترجل من السيارة يفتح الباب الخلفى تمهيداً لترجل سيده عزام الرافعى،أصدرت عصاه نقرة خفيفة على الأرض بعد أن مد يده يخرجها خارج السيارة يستند عليها ،ولج للشركة فهب جميع العاملين إحتراماً لحضوره فهو أصبح قليل الحضور للشركة يعتمد بذلك على المدراء الثلاثة أيسر وثراء وشهاب فهم إستطاعوا الحفاظ على صدارة الشركة بتجارة الذهب والألماس فلم يخفقوا فى عقد صفقة من الصفقات المعروضة عليهم ،أثناء إقترابه من غرفة مكتبه ،لمح خروج أيسر مع بعض العملاء
حدق به أيسر قائلا بهدوء:
–أهلا يا عزام باشا نورت الشركة 
عندما حاول تجاوزه رفع عزام يده يوقفه قائلاً:
–بعد ما توصل العملاء دول تعال علشان عايزك، فى حاجة عايز إيديهالك
قطب أيسر حاجبيه بدهشة قائلاً:
–حاجة إيه دى اللى عايز تديهالى يا عزام باشا
تبسم عزام من رؤية الفضول الواضح بصوت أيسر ،فأكمل سيره قائلاً:
–أبقى تعال وأنت هتعرف متتأخرش
ولج عزام لمكتبه ، إنتبه أيسر على الأشخاص الواقفين بإنتظاره فأقترب منهم لينهى عمله ليعود فيما بعد لمعرفة ماذا يريد منه عزام ؟
بعد خمسة عشر دقيقة طرق أيسر باب غرفة المكتب ليسمع صوت عزام يأذن له بالدخول ،فولج أيسر  بخطى ثابتة مثلما كان دائماً ،فسابقاً كان يصيب عزام بالحيرة من عدم تأثره بهيبته فكان يشعر بأنه يجابهه بعنفوان متوارى خلف إنصياع مزيف ولكنه علم الآن لماذا كان يفعل ذلك؟
أقترب أيسر من المقعد أمام المكتب فجلس قائلاً:
–أفندم كنت حضرتك عايز منى إيه أو إيه الحاجة دى اللى عايز تديهالى
أخرج عزام من جيبه خاتم فنظر إليه أيسر بعدم فهم ،ولكنه سمعه قائلاً:
–كنت عايز أديك الخاتم ده، الخاتم ده بيلبسه كل واحد بيبقى كبير عيلة الرافعى دا زى ورث فى عيلتنا أبويا كان لابسه وأبوك انت كمان كان لابسه لحد ما مات وأخدته أنا ودلوقتى أنتى هتأخده
زوى أيسر ما بين حاجبيه بغرابة قائلا:
–وأخده أنا ليه
رد عزام يزفر بإرهاق قائلاً:
–علشان أنت يا أيسر اللى هتبقى كبير العيلة بعد منى وعلشان أنت أكبر وريث فى ورثة عيلة الرافعى عرفت ليه
آبى أيسر أن يأخذ الخاتم من يده فترك مكانه قائلا:
–أسف مش هاخد الخاتم ده ومش عايز أبقى الكبير عن إذنك
سار أيسر وما كاد يبلغ الباب حتى سمع صوت عزام قائلاً:
–ولو قولتلك علشان خاطر أبوك الله يرحمه
تسمرت يد أيسر على مقبض الباب ،فهو لايريد ذلك فهو لا يتمنى سوى العيش بهدوء و راحة برفقة زوجته وطفلته ولكنه الآن يلقى على عاتقه مسؤولية كبيرة يخشى أن يخفق فى تحملها 
أستدار أيسر برأسه إليه قائلاً:
–عزام باشا أنت بتشيلنى مسؤولية كبيرة بتشيلنى مسؤولية عيلة بحالها 
_وعارف أنك قدها يا أيسر أنت مخك كبير وذكى أنت مش محتاج غير أن تحب اللى حواليك علشان هم كمان يحبوك ويسمعوا كلامك لأن فى فرق بين اللى يسمع كلام حد علشان بيحبه وبين اللى بيسمع الكلام علشان خايف من جبروت اللى قدامه أهو أنا كنت كده بس النتيجة كانت في الآخر إيه بقى كل واحد فى قلبه جرح منى وأنت أولهم يا أيسر أنا عايزك الجيل الجديد يطلع حابب بعضه يبقوا سند لبعض وده مش هيحصل إلا لو كان حد من البداية يخليهم يحبوا بعض فهمتنى يا أيسر
علم أيسر مدلول كلامه فهو أيضاً يريد أن تنشأ إبنته على حب عائلتها وأن ينجب أطفال متحابين فيما بينهم وبين أبناء شهاب أو أبناء حسام لايريد للجيل القادم أن ينشأ على الكراهية 
أومأ أيسر برأسه فعاد إليه فمد يده ووضع عزام الخاتم بكفه،دقق أيسر النظر به فهو خاتم من حجر كريم نادر به رسومات صغيرة جدا لاترى إلا إذا وضعه أمام عيناه ،وبتجويف الخاتم محفور إسم الرافعى 
–عن إذنك
قالها أيسر وخرج من الغرفة عاد لمكتبه فأرتمى على الأريكة ومازال يحمل الخاتم بين سبابته وإبهامه ،ينظر بداخل إطاره كأنه مرآة سيرى بها المستقبل ،فبرح يسأل ذاته و عقله هل هو قادر علي تحمل تلك المسؤولية الملقاة على عاتقه من أن يحافظ على إرث تلك العائلة المتوارث من جيل لأخر ؟
___________
فتحت ميرا عينيها بصعوبة وهى تشعر بيد توكزها بكتفها برقة ولكن تلك اليد لم تكن يد زوجها فتلك يد صغيرة رقيقة 
هتفت بصوت ناعس:
–إيه يا حبيبى فى أيه
قفز الصغير على الفراش ،يندس بين والديه قائلاً:
–ماما أنا جعان عايز أكل 
تململ حسام بنومه يهتف قائلاً:
–ميرا قومى أكلى ريان علشان مش هيسكت وهيصدعنا وأنا عايز أنام أنا ما صدقت أن النهاردة أجازة
نهضت ميرا من الفراش ومازال النعاس يداعب جفنيها فنظرت لريان قائلة:
–تعال يا سى ريان عايز تأكل إيه
داعب الصغير وجه أبيه قائلاً:
–أنا عايز كورنفليكس و بابا يقوم ياكل معايا يلا يا بابا
تأفف حسام قليلاً قائلاً:
–أنا مش جعان يا حبيبى سيبنى أنام بقى يلا روح مع ماما
أولاه حسام ظهره فوثب الصغير عليه بمرح صائحاً:
–يلا يا باااااابا
أنتفض حسام من صراخ الصغير بأذنه فأستدار إليه قائلاً:
–فى إيه يا ريان فى حد يصرخ فى ودن بابا كده وهو نايم قولتلك يلا روح مع ماما أنا مش هاكل أقولك انا هصوم النهاردة عن الأكل علشان خاطرك قوم بقى يا ابن ميرا من هنا
أرتمى الصغير على صدر أبيه قائلاً :
–أنا أسمى ريان حسام جمال الرافعى أنت مش عارف إسمى يا بابا
رد حسام متفكهاً:
–أنعم وأكرم يا أخويا تشرفنا سيبنى أنام بقى ينوبك ثواب
عادت ميرا وأستلقت على الفراش ثانية قائلة :
–أنا هنام ولما تخلصوا أبقوا صحونى 
عادت لتكمل نومها ،فترك حسام الفراش يحمل صغيره وخرج من الغرفة ،هبط الدرج حتى وصل للمطبخ ،وجد جليلة يبدو عليها أنها أفاقت من نومها منذ قليل فهتف بها قائلاً:
–صباح الخير ممكن تعملى كورنفليكس للأستاذ ده علشان صدعنا على الصبح
تبسمت جليلة قائلة:
–من عينيا يا باشمهندس حسام تعال ياريان
أخذت جليلة ريان تضعه على أحد المقاعد ،وشرعت فى تحضير طعامه الصباحى المفضل
عاد حسام للغرفة ثانية،تمدد على الفراش يتمطى بكسل يهيأ جسده للنعاس ، وجد زوجته تقترب منه تلقى برأسها على صدره قائلة:
–هو ريان راح فين يا حسام
داعب حسام رأسها قائلاً:
–أنتى لسه فاكرة خدتى تعسيلة وقايمة تسألى عليه نزلته تحت فى المطبخ بيفطر 
–طيب
قالتها وعادت لنومها ،فتبسم على فعلتها فربت عليها وغفى هو أيضاً ،بعد مرور ساعتين نهض حسام من نومه وجد ميرا سبقته وخرجت من الغرفة ففكر أنها ربما تجلس مع والداته الآن ،أغتسل وأرتدى ثيابه هبط الدرج بخطى سريعة كأنه يقفز ،فتبسمت ميرا وهى تراه يفعل ذلك فطباعه لا تتغير أبدا أقترب منهن فقبل فيروز على وجنتها قائلا:
–صباح الخير يا ماما
ردت فيروز قائلة بإبتسامة:
–صباح النور يا حبيبى
فين الفطار أنا جعان وكمان علشان أنا عايز أروح الحارة أشوف عفيفى بقاله شوية مش باين ليكون حصل حاجة
قالها حسام وهو يرفع أكمام قميصه على ساعديه ،فمن يراه يظن أنه ذاهب لوليمة وليس لتناول صعام الإفطار
ضحكت ميرا قائلة :
– أنت بتشمر ليه على العموم هقولهم يحضرولك الفطار وخد ريان معاك علشان هروح أشوف ماما ماشى
رد حسام غامزاً إياها:
–ماشى بس بسرعة يا مهلبية علشان جعان
فرت ميرا هاربة إلى المطبخ فحملت أطباق الطعام للمائدة فتناول حسام طعامه وبعد أن فرغ مما يفعل أخذ ريان معه بسيارته ،وصلا أمام الورشة التى كانت سابقاً له فهو بعد أن إمتلك معرض السيارات أهدى الورشة لعفيفى لتصبح ملكاً خاصاً به
رأى عفيفى حسام وهو يترجل من السيارة اقترب منه يهتف بترحيب:
–أهلا يا أسطى حسام دا الدنيا نورت وكمان جايب ريان معاك دا إيه النور ده كله
–أزيك يا عفيفى فينك ياض أنت بقالك شوية مبتسألش
قالها حسام وهو يقترب منه يحتضنه يربت على ظهره ،فرد عفيفى قائلاً:
–متزعلش منى كنت بس مشغول شوية
إبتسم حسام قائلاً:
–كنت مشغول فى ايه يا روميو كده
ملأ الحزن ملامح وجهه فإبتسم إبتسامة واهنة شعر حسام بالقلق فعقب قائلاً:
–مالك يا عفيفى حصل حاجة  مالك باين عليك شايل هم الدنيا فوق راسك تعال أقعد واحكيلى
جلس حسام على مقعد خشبى وجلس عفيفى على مقعد مقابل له ،نظر حسام لريان وهو يلهو بجواره قبل أن يعاود النظر لعفيفى
زفر عفيفى بثقل قائلا:
–الموضوع أن مراتى موضوع الخلفة مأثر فى نفسيتها وحاسس أنها تعبانة ومضايقة ويوم عن التانى بتضايق أكتر من كلام الجيران اللى كل شوية يسألوها هى مخلفتش لدلوقتى ليه
ربت حسام على يده فرفع عفيفى رأسه فإبتسم بوجهه قائلا:
–طب ما تعملوا عملية حقن مجهرى العمليات دى بتنجح بنسبة كبيرة دلوقتى
أومأ عفيفى برأسه قائلاً:
–عارف وكنت بفكر فى كده بس محتاج مبلغ كبير فإن شاء الله يمكن على الشهر الجاى يمكن ربنا ييسر الحال ونشوف موضوع العملية دى
رد حسام قائلا:
–متشلش هم يا عفيفى فى المستشفى بتاعة أبويا فيها أحسن دكاترة ومتشلش هم أى حاجة خالص لو ناوى عرفنى وإن شاء الله أكلم بابا وتعمل العملية لمراتك
شد عفيفى على يد حسام بإمتنان ، فحتى بعدما أصبح من الأثرياء لم يلمس عفيفى به التكبر والغرور فدائما يشمله برعايته كأنه شقيقه ،ولا يتوانى عن تقديم يد العون والمساعدة له بأى شأن يخصه 
_________
حاول الترويح عنها وأن يجعلها تنسى تلك الذكرى المأساوية التي تعرضت لها ،فجعلها تمتطى ذلك الجواد ،فهى أصبحت تهوى ركوب الخيل
أنحنى على وجهها يقبل وجنتها قائلا:
–مبسوطة يا حبيبة بابا
أومأت مليكة برأسها قائلة:
–أيوة يا بابى هو الراجل الوحش ده مش هيخطفنى تانى يا بابى مش كده 
أحتضن أيسر جسد الصغيرة يتمتم:
–لا يا قلب بابا محدش هياخدك منى تانى متخافيش فخلاص أنسى بقى إيه رأيك تيجى معايا الشركة النهاردة
صفقت مليكة قائلة بحماس:
–ماشى يا بابى يلا بينا
أخذ أيسر إبنته وولج للداخل وجد ثراء تنتظرهم لتناول طعام الإفطار ، فهى فضلت تركهم بمفردهم على أن تقوم هى بمساعدة الخادمة فى تحضير الطعام 
ركضت مليكة إلى ثراء قائلة:
–مامى بابا هياخدنى معاه الشركة 
داعبت ثراء وجنة الصغيرة فأقتربت منها تقبلها بحب :
–طب يلا تعالوا أفطروا علشان تروحوا تشوفوا شغلكم
حاولت ثراء بمزاحها التخفيف من وطأة الضغوط التي تعرضوا لها جميعاً ،تناولا طعامهم وأخذت المربية مليكة لتبديل ثيابها ،صعدت ثراء للغرفة برفقة زوجها لتتهيأ هى الأخرى للذهاب لعملها 
وقفت أمام المرآة تضبط وضع حجابها ،وجدته يخرج من غرفة الثياب يغلق أزرار معصمه فأقتربت منه باسمة تغلق له أزرار قميصه فهتفت قائلة:
–أيسر أنا النهاردة هروح مع ضحى علشان تشترى شوية حاجات علشان الفرح ماشى
–تمام بس مش عايزك تتأخرى عليا مفهوم
قالها وهو يداعب طرف أنفها بإصبعه رغبة منه فى مشاكستها
رفعت وجهها إليه تجعد أنفها بحركة طفولية قائلة:
–لما بتعمل كده بتخلينى عايزة أعطس ولو عطست هبهدلك القميص
إرتد خطوة للخلف قائلاً:
–وعلى إيه تبهدليلى القميص خلاص مش هعملها تانى
زينت إبتسامة وجهها فعاد وأقترب منها ثانية يدنيها منه ليضع رأسها على صدره قائلاً:
–سامعة دقات قلبى دى بتقولك بعشقك يا ثراء
أغمضت عينيها تتنهد شوقاً قائلة:
–وأنا كمان بعشقك يا حبيبى نفسى أفضل على طول أسمع دقات قلبك لأن بتخلى قلبى أنا كمان بيدق جامد وكتير بحس أن بيوجعنى بس وجع لذيذ 
أنحنى على وجهها فتشابكت أنفاسهم ،بحثت بعينيها عن ذلك الفيض من الحنان الذى تراه دائماً عندما يقترب منها ، أغرقها ببحور الشوق والهوى ، فعادت تلتقط أنفاسها اللاهثة ،تلملم شتات قلبها 
هتفت بصوت هامس:
–يلا بينا بقى هنتأخر على شغلنا كده
تأمل بريق عينيها اللامع فأجابها قائلاً:
–لما ببقى معاكى بيبقى نفسى الوقت يوقف علشان مبعدش عنك ولا تبعدى عنى وأتحرم منك حتى لو ساعات قليلة
تخشى أن تخذلها قدميها بين ثانية وأخرى ،وتجد نفسها هى من ترجوه أن لا يجعلها تذهب إلى عملها اليوم وأن تظل برفقته ولكن تذكرت ضحى فهى ستنتظرها اليوم فهى لا تريد أن تحنث بوعدها لها أو تتركها بهذا الوقت الذى تحتاجها به أشد الحاجة
__________
سمعت سما صوت رنين هاتفها فتبسمت إبتسامة خفيفة تحدق بالاسم الذى ينير شاشة هاتفها وجدت نفسها تهمس قائلة:
–أمير
فتحت الهاتف تجلى صوتها قائلة:
–السلام عليكم أزيك يا أمير
رد أمير قائلا بسعادة:
–وعليكم السلام أنا الحمد لله أنتى أخبارك إيه تمام
جلست على الأريكة خلفها فأجابته بهدوء قائلة:
–الحمد لله تمام كنت بتتصل عليا فى حاجة
صمت أمير برهة ثم قال:
–الصراحة كنت عايز أجى اشوفك النهاردة بس قولت أشوفك موجودة ولا لاء
إبتسمت سما بخحل قائلة:
–أيوة موجودة النهاردة يوم إجازتى من العيادة وببقى طول النهار فى البيت مش بخرج
زفر أمير بإرتياح قائلاً:
–خلاص تمام إن شاء الله هاجى أنا وماما بقولك إيه يا سما ما نكتب الكتاب ونتجوز بعد ٣ شهور مفيش مشكلة بس على الاقل أعرف أجى عندكم وبقاش محروج ولا تبقى أنتى كمان مكسوفة منى قولتى ايه
–كلم ماما
قالتها سما وأغلقت الهاتف قبل أن يتمكن من الرد عليها فما الذى يجرى لها ؟ فكل شئ يريده توافق بدون مناقشة فخطبتهم لم يمر عليها سوى أسبوعين فقط ولكن خلال تلك المدة القصيرة ،جعلها تشعر بشعور مغاير لمشاعر القلق والخوف التى دائما ما كانت تصيبها عند رؤية أى رجل كان
ولجت والداتها وجدتها تجلس شاردة ولكنها مبتسمة أيضاً فأقتربت منها تجلس بجوارها قائلة:
–مالك يا سما سرحانة كده وبرضه بتبتسمى خير 
ردت سما قائلة:
–أصل مبسوطة جدا يا ماما
شعرت والداتها بالسعادة فربتت على يدها قائلة:
–ربنا يسعدك يارب يا حبيبتي بس خير فرحينى معاكى
أطرقت سما برأسها أرضاً قائلة بصوت منخفض:
–أصل أمير جاى النهاردة وكمان عايز يطلب من حضرتك نكتب الكتاب ونبقى نتجوز بعد ٣ شهور عادى
رنت ضحكة عالية من والداتها وسحبتها تضمها لصدرها قائلة:
–أممم قولتيلى أمير دا باين عليه سره باتع أوى
أحتقن وجهها بدماء الخجل قائلة:
–ماما
زوت والداتها ما بين حاجبيها قائلة:
–ماما إيه وبتاع إيه بقى ما خلاص كل حاجة انكشفت هو الصراحة أمير يتحب راجل ومحترم وإبن ناس وناجح فى شغله يعنى زى ما بيقولوا عريس ميتسابش وأنا يا حبيبتى مبسوطة علشانك وعلشان هتخرجى من الحالة اللى كنتى فيها الحمد لله
أسندت سما رأسها إلى كتف والداتها قائلة:
–أنا فعلا مش عارفة انجذبت ليه بسرعة كده إزاى بس فعلا يا ماما حاسة إحساس جميل أن أمير عوض ربنا ليا إن شاء الله
ربتت والدتها على ظهرها قائلة بحبور:
–إن شاء الله يا حبيبتى ربنا يسعدك يارب قومى بقى معايا علشان نعمله عشا ويتعشى معانا هى مامته جاية معاه
أومأت سما برأسها فنهضت من مكانها تسير خلف والدتها يتوجهن صوب المطبخ فشرعت سما فى مساعدة والدتها فى إعداد الطعام من أجل أمير وقلبها بات يعد الدقائق حتى يحين موعد مجيئه
__________
وثبت مليكة على تلك الأريكة الجلدية تقفز عليها بمرح تصفق بيدها ، حدق بها أيسر باسماً وعاد يطالع الأوراق الموضوعة أمامه 
ولجت السكرتيرة قائلة بتهذيب:
–دكتور أيسر فى واحد عايز حضرتك بيقول أن أسمه متولى
أشار اليها بأن تسمح له بالدخول قائلاً:
–أه خليه يدخل بسرعة
خرجت السكرتيرة تخبر متولى بشأن إنتظار أيسر له ،فولج متولى بأقدام مرتجفة يزدرد لعابه بتوتر شديد 
ترك أيسر مقعده قائلاً:
–تعال أتفضل يا متولى أدخل
ولج متولى إلى منتصف الغرفة فأقترب منه أيسر مصافحاً له قائلاً:
–أهلا بيك أتفضل تحب تشرب إيه
رد متولى قائلا:
–شكرا حضرتك مش عايز حاجة أنا جيت زى ما حضرتك قولت
أشار أيسر بيده لإحدى الارائك قائلا:
–طب أتفضل أقعد واقف ليه 
جلس متولى يضم ساقيه يفرك يديه بتوتر ،يخشى حتى رفع وجهه ليرى وجه أيسر ،فتركت مليكة مكانها تقترب من أباها قائلة:
–مين ده يا بابى
رد أيسر بابتسامة خفيفة قائلاً:
–ده عمو اللى أنقذك من الراجل الشرير اللى كان هيخطفك يا مليكة
أستكانت الصغيرة بين ذراعى والدها تنظر لمتولى فرفع رأسه بنظرة خاطفة ليعود ويطرق برأسه أرضاً ثانية
وضع أيسر مليكة على ساقه يحدق بمتولى قائلاً:
–أنا طبعا مش عارف أشكرك إزاى على إنقاذك بنتى فلو فى أى حاجة أنت محتاجها ممكن تقولى على طول أنا برضه عرفت أنك مش بتشتغل حالياً ده بجد
أومأ متولى برأسه إيجاباً بدون أن ينبت ببنت شفة فهتف به أيسر قائلا:
–تمام مفيش مشكلة تحب تشتغل حارس شخصى اظن انت جسمك مناسب وبتعرف تضرب نار وكمان فى مركز تدريب تبع الشركة لو حابب تتدرب على شغل الحراسات فإيه رأيك
رفع متولى رأسه قائلا بإمتنان:
–تسلم يا دكتور أيسر أنا موافق وإن شاء الله مش هخيب ظنك فيا
أخرج أيسر من جيبه عدة أوراق نقدية فأقترب منه يضعها بيده قائلاً:
–ودى حاجة بسيطة على ما تبتدى الشغل علشان لو عايز تشترى حاجة وكمان تستعد علشان شغلك ممكن تيجى من بكرة هتروح مركز التدريب وبعدها هنشوف هتشتغل مع مين تمام
ترك متولى مكانه قائلاً بإبتسامة:
–تمام من بكرة إن شاء الله هكون موجود عند حضرتك ربنا يباركلك يارب
خرج متولى مسروراً بالحصول على عمل وأيضاً أنه سيبدأ من جديد، سيحرص على أن يحسن إستخدام تلك الفرصة التى منحها الله له ليبدأ تطهير نفسه من ذنوبه الماضية 
نظر للنقود بيده قائلاً:
–ألف حمد وشكر ليك يارب 
خرج من الشركة يشير لسيارة أجرة ليعود إلى المنزل الذى مازال يقطنه برفقة مدبولى ففكر فى شراء شئ يسعد به ذلك العجوز فأشار للسائق أن يقف أمام إحدى متاجر الثياب ولج للداخل أشترى ثياب له ولمدبولى فهو يجب أن يكون حسن المظهر من أجل تلك الوظيفة الجديدة،حمل الحقائب إلى إحدى عربات النقل فهو لايريد صرف كل ما أعطاه له أيسر دفعة واحدة فلينتظر حتى يحصل على راتبه الأول 
___________
ظل لسانها يلهث بالدعاء والثناء لله تداوم على أدعية الاستغفار والشكر ،منذ نصحتها والداتها بأن تفعل ذلك فهى حتى لم تترك فرضاً من فروض الله ، شعرت بالسكينة تغزوها وروحها أصابها الاطمئنان عوضاً عن ذلك التشتت الذى نهش عقلها وقلبها من كثرة الإنتظار ، طوت سجادة الصلاة بعد أن فرغت من صلاتها وتسبيحها ، خلعت ثوبها المنزلى وأرتدت ثياب مناسبة للخروج برفقة والداتها من أجل شراء بعض الأغراض المنزلية من إحدى الاسواق القريبة منهن ، خرجت مايسة من شقتها حتى وصلت منزل والدها وجدت والداتها بإنتظارها
هتفت روحية بإبتسامة قائلة:
–إيه يا مايسة كل ده أنا قاعدة من بدرى مستنياكى
إبتسمت مايسة تقترب منها تقبلها على وجنتيها قائلة:
–معلش يا ماما لو كنت أتأخرت عليكى يلا بينا
خرجن متجهين إلى السوق ،يثرثرن ببعض الأحاديث النسائية ولتطمئن روحية على أحوال إبنتها ،إبتاعوا كل ما يريدن ولكن شعرت مايسة بدوار خفيف وضعت يدها على رأسها ،أصبحت الرؤية لديها مشوشة وضبابية ،ظلت واقفة مكانها ريثما تستعيد توازنها 
شعرت روحية بالقلق قائلة:
–مالك يا مايسة فى إيه مالك يا حبيبتى
أفتر ثغر مايسة عن إبتسامة واهنة فردت قائلة:
–أبدا يا ماما الظاهر دماغى لفت علشان مفطرتش قبل ما أخرج متقلقيش دلوقتى هبقى كويسة
–طب تعالى يا حبيبتى أقعدى إرتاحى على ما أجبلك أى حاجة تاكليها
قالتها روحية وهى تسحب يد إبنتها ولكن تسمرت مايسة بوقفتها وغامت عينيها وسقطت مغشياً عليها
صاحت روحية قائلة:
–يا حبيبتى يا بنتى إيه اللى جرالك
ساعدتها بعض النسوة فى إفاقة مايسة حتى إستعادت وعيها 
فتحت عينيها تهتف بصوت منخفض:
–ماما هو إيه اللى حصل ده أنا..
لم تكمل جملتها وأفرغت مابجوفها حتى شعرت بوهن شديد،هتفت إحدى النساء قائلة:
–ألف سلامة عليكى يا حبيبتى هو أنتى حامل لو كده جيتى السوق ليه كده فى الحر والتعب 
نظرت مايسة لوالداتها التى بادلتها بنظرة سعيدة أكثر منها مشدوهة فهل حقاً تلك أعراض الحمل؟ ،لم تتوانى روحية دقيقة واحدة حتى هتفت بمايسة قائلة:
–مايسة قومى بينا فى مستشفى قريبة نكشف ونشوف فى إيه يمكن فعلا يكون ربنا كرمك وحملتى
كم تأمل هى أن تكون محقة ، أستقامت بوقفتها وقدميها ترتعشان من خوف ولهفٍ ،سارت مع والداتها حتى وصلت للمشفى الحكومى القريب من مكان سكنهم 
قبضت مايسة على يد والداتها بخوف قائلة:
–ماما 
ربتت روحية على يد إبنتها تبث الأمان بقلبها فتمتمت بصوت هادئ:
–متخافيش يا مايسة إن شاء الله خير مش هنخسر حاجة لو أتاكدنا
هى تخشى أن يخيب أملها ورجاءها مثلما حدث معها بالاعوام الماضية عندما كانت تمنى نفسها بحدوث الحمل ليخيب ظنها بالأخير ،ولكن ما الضرر فى أن تسمع لوالداتها فهيأت نفسها للدخول ،بعد الولوج لغرفة الطبيبة ،أرادت منها عمل إختبار للدم للتأكد من حدوث حمل أم لا ،ذهبت للمعمل الموجود بالمشفى وبعد سحب الدم منها لعمل الاختبار ،خرجت مايسة وروحية يجلسن لانتظار النتيجة ،كل دقيقة تمر عليها تشعر بالخوف الشديد ،فهى حتى تريد الفرار قبل أن تسمع نتيجة الاختبار التى تخشى أن تأتى مخيبة لآمالها
خرجت إحدى الممرضات تنادى بإسمها فلم تتحرك من مكانها فأقتربت روحية منها لمعرفة النتيجة فهتفت الممرضة قائلة:
–فين البشارة بقى مبروك المدام حامل
أخترقت الجملة مسامع مايسة ، سرت القشعريرة بجسدها التى مُزجت بفرحتها وعدم تصديقها لما سمعته إلتفتت لها والداتها تقترب منها قائلة بدموع السعادة:
–ألف مبروك يا حبيبتى ألف مبروك يا مايسة أنتى حامل، حامل بجد يا مايسة
تجلس متصنمة بمكانها لا تصدر رد فعل سوى عينيها التى لم تكف عن ذرف الدموع ،وضعت يدها على فمها تبتسم ابتسامة عريضة تخللتها صدمتها فراحت تردد قائلة:
–أنا حامل معقولة أنا حامل 
رفعت وجهها تحدق بوالداتها مستطردة:
–أنا حامل يا ماما بجد أنا حامل اللى سمعته ده صح
أقتربت منها روحية سحبتها من مرفقيها تضمها بحنان ومايسة مازالت لم تعى بعد ما سمعته أو ما يحدث فهتفت بها روحية قائلة:
–أه يا حبيبتى بجد ،بجد يا مايسة أنا الدنيا مش سيعانى من كتر الفرحة
تركت روحية إبنتها ،واستدارت إلى الممرضة ،أخرجت جزدانها تخرج ما به من نقود وضعتها فى يد الممرضة قائلة:
–مش خسارة فيكى يا وش الخير خدى البشارة أهى
عُدن للطبيبة ثانية التى نظرت لورقة الاختبار وتأكدها من وجود حمل ،فتمت فحصها بشكل كامل وكتبت لها الأدوية اللازمة لها خلال شهور الحمل الأولى
خرجن من المشفى ،أشارت روحية لاحدى عربات النقل المستخدمة فى تلك المنطقة ،ركبن العربة ومايسة صامتة لم تفعل شئ سوى أنها ظلت تبتسم وصدرها يعلو ويهبط من فرط تلك السعادة التى سكنت قلبها منذ سماع ذلك النبأ السار وهى أنها تحمل بأحشاءها الآن جنيناً وأنها بفضل الله وكرمه ستنجب أطفالاً لزوجها
وصلت إلى شقتها فسحبت هاتفها من جيبها سريعاً أنتظرت حتى فتح زوجها هاتفه لتمتم قائلة بصوت متحشرج:
–عفيفى تعال الشقة بسرعة علشان عيزاك
أختلط البكاء بصوتها فشعر عفيفى بالقلق فأردف قائلاً:
–مايسة فى إيه ومال صوتك كده أنتى بتعيطى حصل حاجة
ردت مايسة قائلة بإبتسامة كأنه سيراها :
–تعال بس وهقولك على كل حاجة متتأخرش
أغلقت الهاتف وذهبت للمرحاض توضأت وخرجت بسطت سجادة الصلاة فإنكفأت عليها تشكر الله على تلك المنة التى أنعم بها عليها ،وصل عفيفى الشقة ،فأسرع الخطى حتى وصل لغرفة النوم ،وجد مايسة تؤدى صلاتها فأنتظرها على أحر من الجمر أن تنتهى وتخبره بما تريد فبحة صوتها الباكية بالهاتف أقلقته فيخشى أن يكون حدث لها سوء ،أنهت صلاتها وأستقامت بوقفتها تحدق بزوجها
فدنا عفيفى منها يضع يديه على كتفيها يهتف بخوف قائلاً:
–مايسة فى إيه أنتى قلقتينى وخصوصاً لما حسيت أنك كنتى بتعيطى 
مدت يدها تمسح تلك الدمعة التى أنزلقت من عينيها تبتسم بإتساع قائلة:
–دى دموع الفرح يا عفيفى الحمد لله ربنا مَن علينا ورزقنا يا حبيبى
أخذت إحدى يديه تضعها على بطنها مستطردة:
–أنا حامل يا عفيفى حامل
ظنت أنه لم يسمع ما قالت حتى وجدت وجهه يضئ بسرور وفرحة عارمة ظل ينقل ببصره من بطنها لوجهها فتمتم قائلاً بسعادة:
–ححامل معقولة بجد يا مايسة أنتى دلوقتى حامل
أومأت برأسها عدة مرات قائلة بثقة :
–أه والله يا حبيبى ولسه انا وماما جايين من المستشفى وعملت تحليل وكشفت كمان أخيراً المعجزة حصلت يا عفيفى وهيبقى عندنا أطفال
ضمها إليه بسعادة تتراقص بين جنبيه ولا يعرف أيجعلها تكف عن ذلك البكاء الذى مزج بسعادتها أم يجعل عينيه تكف عن ذرف دموع الفرح والسرور من ذلك النبأ السار الذى تلقته مسامعه منذ دقائق
__________
تركت ثراء الشركة بعد مراجعة سريعة لبعض الأوراق المهمة فضحى تنتظرها الآن للذهاب للتجول بالمتاجر الخاصة بالثياب لشراء ثيابها المنزلية وكل ما يلزمها من أجل زواجها ،وصلت ثراء لمتجر ضحى فولجت للداخل وجدتها تجلس أمام ذلك الثوب الأبيض الذى تعمل على حياكته 
هتفت ثراء قائلة:
–هالووو أنا جيت
أستدارت ضحى برأسها إليها قائلة:
–أهلا ببنت الاكابر لسه بدرى يا أختى أنا مكلماكى من ساعة وقولتى أنك جاية أتأخرتى ليه
وضعت ثراء حقيبتها على مكتب ضحى وجلست على المقعد الموضوع أمامه فزفرت قائلة:
–كان فى ورق كتير فى الشغل محتاج مراجعة منى وكمان الاستاذ شهاب بما أنه عريس ومأنتخ اليومين دول ومشغول بتجهيزات الفرح فالشغل كله على رأسى لما راسى وجعتنى يلا كله عند ربنا أنا ساكتة بس علشان فرحكم غير كده كنت يعنى
رفعت ضحى حاجبها قائلة:
–كنتى إيه سمعينى كده يا ثراء عايزة تقولى إيه ثم هو مش المفروض جوزك يكون معاكى فى الشركة
إبتسمت ضحى بدهاء فزمت ثراء شفتيها قائلة:
–هو بييجى على قد ما يقدر بس علشان شركة الحراسة وأشغاله التانية مبيقعدش وقت كتير هو لو كان معايا كنت أتكلمت مكنتش هعوز اشوف وش حد كان كفاية هو عليا
تعالت صوت ضحكتها بعد جملتها الأخيرة فقذفتها ضحى بقطعة قماش قائلة:
–أه منك أنتى وجوزك اللى واكل عقلك ده 
وضعت ثراء يدها على وجنتها تردف بحالمية:
–أه يا ضحى كل عقلى واخد قلبى وسكن روحى ومش سايبلى حاجة خالص مش عارفة إيه ده
إبتسمت ضحى وتركت مكانها تستقيم بوقفتها تشير بيدها للثوب قائلة:
–طب صحصحيلى يا أختى مقولتليش رأيك فى الفستان أنا مخلتش حد يشوفه ولا حتى شهاب مفيش غيرك بس اللى خليتها تشوفه فقوليلى رأيك بقى
تركت ثراء مقعدها أقتربت من الثوب تجيل ببصرها عليه حتى هتفت بإعجاب:
–واوووووو بجد تحفة يا ضحى جميل أوى دا أنتى هتجننى شهاب يوم الفرح بفستانك ده 
على ذكر اسم شهاب توردت وجنتيها فحدقت بها ثراء قائلة بدهاء:
–يا نهار أبيض على خدودك اللى بتقلب ألوان بس لما تسمعى أسمه هنيالك يا إبن عمى هتاخد عروسة زى الكتاب ما قال حاجة شغل اصلى يعنى
ضمت ضحى حاحبيها قائلة بغرابة:
–هموت وأعرف بقيتى لوكل كده إزاى يا ثراء 
ضحكت ثراء فوكزت ضحى على كتفها قائلة:
–طب يلا بينا بقى علشان نشوف عايزة تشترى إيه وألحق أروح قبل أيسر ومليكة ما يروحوا
بعد خروجهن من المتجر الخاص بضحى ،ركبن سيارة ثراء وأدارت المحرك حتى وصلن لإحدى المتاجر الشهيرة بذلك الحى الراقى ،تجولن عدة ساعات لانتقاء أفضل الثياب والخاصة منها التى تروقهن ،حملت ثراء احد تلك الاثواب قائلة:
–حلو ده عاجبنى أنا هاخده
حاولت ضحى أن توارى ضحكتها فحملقت بها ثراء قائلة:
–بتضحكى على إيه يابت أنتى وعلى فكرة عرفت قصد ضحكتك إيه يا لئيمة ما أنتى واخدة زيه بالظبط بس اللون مختلف 
تصنعت ضحى الجهل قائلة:
–أنا يا ثراء لئيمة أنتى دماغك راحت فين
رفعت ثراء شفتها العليا قائلة:
–مطرح ما راحت دماغك يا ضحى وأنجزى بقى خلينى أروح أظن كده أشتريتى كل اللى أنتى محتجاه يلا بقى زمان أيسر ومليكة روحوا بقالنا ساعات بنلف رجلى وجعتنى يا شيخة حرام عليكى
نقرت ضحى بإصبعها على ذقنها قائلة:
–أستنى كده يمكن فى حاجة نسياها ومش فكراها أصبرى بس يا ثراء جوزك مش هيطير 
أتسعت حدقتي ثراء وقذفتها بإحدى الحقائب الصغيرة ،فهى تعلم أن ضحى تفعل معها ذلك من أجل أن تمازحها فتمتمت بتهديد:
–عارفة لو ممشتيش ساكتة هسيبك هنا لوحدك وأمشى ولا أقولك هتصل على شهاب ييحى ياخدك وبالمرة أبقى خليه يتفرج على الحاجات اللى أشترتيها دا حتى هيفرح أوى وهيدعيلى
أزدردت ضحى لعابها من حديث ثراء فتخيلها فقط أن يرى شهاب ما أبتعته ،جعلها تريد أن تنشق الأرض وتبتلعها فما بالها عندما يرى كل هذا ،فهى لم تبتاع كل ذلك إلا من أجل عُرسها 
لملمت الحقائب مسرعة تهتف بتهذيب:
–يلا بينا يا ثراء أنا خلصت أهو نمشى بقى يا حبيبتى مش عيزاكى تتأخرى على جوزك وبنتك
قرصتها ثراء من وجنتها ممازحة :
–شطورة يا قلبى مبتجيش إلا بالعين الحمرا يعنى لازم تخلينى أهددك بشهاب يلا ما علينا خلينا نمشى بقى
زمت ضحى شفتيها تصيح بها قائلة:
–إصبرى عليا يا ثراء ليكى يوم 
جعدت ثراء أنفها بحركة فكاهية قبل أن تقول:
–يومى جه من زمان يا ضحى 
فأقتربت منها تربت على وجنتها بحنان مستطردة:
–ربنا يسعدك يا قلبى وأشوفك أحلى عروسة وتعيشى متهنية وتخلفى صبيان وبنات
شدت ضحى على يد ثراء تبتسم بوجهها قائلة بحب:
–ويسعدك أنتى كمان يا حبيبتى أحلى صديقة وأخت وحبيبة ليا فى الدنيا دى
خرجن من المتجر يحملن حقائبهن يضعنها بالسيارة فعُدن لمتجر ضحى ثانية لتأخذ سيارتها وتعود إلى منزلها ،بعد إطمئنان ثراء لذهابها ،أدارت محرك سيارتها تنطلق بها لتعود إلى منزلها هى الأخرى، فهى تتمنى العودة للمنزل قبل عودة زوجها لتفاجئه بالمساء بذلك الثوب الذى أبتاعته من أجله ،عادت إلى المنزل فلم تسمع صوت صغيرتها فعلمت أنهم لم يعودوا بعد ،صعدت إلى غرفتها وضعت الحقائب من يدها وأخذت ذلك الثوب تخفيه قبل أن يراه أيسر ،فوضعته بمأمن بعيداً عن أنظاره ،ولجت للحمام وفتحت الماء بالمغطس ووضعت عطور الاستحمام لتنعم بحمام منعش وبعد إنتهاءها عادت للغرفة، وقفت أمام المرآة تمشط شعرها ،دقائق ووجدت زوجها يلج الغرفة مغلقاً الباب خلفه
سحب أيسر رابطة عنقه يزفر بإرهاق فأقترب منها يقبلها على وجنتها قائلا:
–رجعتى أمتى ؟
ردت ثراء قائلة بهدوء:
–لسه واصلة من شوية يادوب أخدت شاور وخرجت 
أستند برأسه على كتفها قائلاً بإرهاق:
بنتك النهاردة طلعت عينى والشغل كان كتير تعبتنى معاها لاء وكمان كانت عايزة تروح الملاهى 
رفعت يدها تربت على وجنته تحدق به بالمرآة :
–وعملت معاها إيه
–وديتها طبعاً أشتريت نفسى قبل ما تعيط وتزعل وأنا مبحبش أشوفها بتعيط
قالها أيسر وهو يبتعد قليلاً عنها ،فأستدارت إليه قائلة:
–أنت اللى مدلعها زيادة عن اللزوم أعملك إيه بقى على العموم يلا خدلك شاور على ما العشا يجهز
ولج أيسر للمرحاض ،وهبطت ثراء الدرج حتى وصلت للمطبخ،طلبت من الخادمة وضع العشاء على المائدة 
ألتفوا ثلاثتهم حول مائدة الطعام تثرثر مليكة كعادتها بقصصها الطفولية تضحك ثراء على مغامراتها اليوم بمكتب أيسر ،حتى أنتهى العشاء وذهبت مليكة لفراشها ،فخرج أيسر للحديقة وذهب لحظيرة الخيول كعادته كل مساء قبل نومه،وذهبت ثراء لغرفتهم أخرجت الثوب وأرتدته وضعت عطرها الثمين وأنهت زينتها وأنتظرت مجيئه،أدار أيسر مقبض الباب للغرفة وهو يدندن ،ولج للداخل ،رأها تنتظره فأطلق صفيراً عالياً إعجاباً بها 
فأقترب منها يأخذ أحدى يديها بين كفه يجعلها تدور حول نفسها قائلاً:
–إااايه الجمال والحلاوة دى كلها والحاجات اللى تجنن دى 
أفتر ثغرها عن ابتسامة فاتنة وهى تدمدم :
–حلوة يعنى 
رد أيسر قائلا بعشق:
–هو أنتى حلوة بعقل يا ثراء دا أنتى جننتينى وهوستينى يا بنت عمى
–تصدق أول مرة تقولهالى يا أيسر 
قالتها وهى تطوق عنقه بذراعيها الناعمتين فدنا بوجهه منها هامساً:
–إنتى بنت عمى ومراتى وحبيبتى وأم بنتى ونور عيونى وأغلى حاجة فى حياتى
ربما همسه قريباً من وجهها جعلها تشعر بمداهمة الضعف لأوصالها فأغمضت عينيها تستشعر حلاوة تلك الكلمات التى يهمس لها بها ،قبل أن يعانقها سمعا طرق على باب الغرفة فأبتعد أيسر متأففاً فتح الباب فوجد الخادمة التى قالت بتهذيب:
–حضرتك فى واحدة ست تحت فى الصالون عايزة ثراء هانم
قطب أيسر حاجبيه قائلا:
–ست مين دى وإسمها إيه مقلتش على إسمها
ردت الخادمة وهى تطرق برأسها أرضاً:
–لاء حضرتك رفضت تقول على إسمها بس قالت عايزة تقابل ثراء هانم ضرورى
سمعت ثراء من الداخل ما قيل فوضعت رداء عليها وأقتربت منهم قائلة:
–أنا جاية معاكى أشوف مين دى اللى عايزة تشوفى وفى وقت زى ده
هبطت ثراء الدرج، فظلت تفكر من تكون تلك المرأة؟ وماذا تريد منها بهذا الوقت ؟ عندما يأست من تفكيرها نفضته جانباً فهى سترى الآن من تكون هى ؟ وصلت لغرفة الصالون فحدقت ثراء بتلك الجالسة وهى مشدوهة فأتسع بؤبؤ عينيها فدمدمت قائلة :
–معقولة …..

يتبع…

لقراءة الفصل التاسع والأربعون : اضغط هنا 

لقراءة باقي فصول الرواية : اضغط هنا

اترك رد

error: Content is protected !!