Uncategorized

نوفيلا إنذار بالقتل الفصل الرابع 4 بقلم نسمة مالك

   نوفيلا إنذار بالقتل الفصل الرابع 4 بقلم نسمة مالك

نوفيلا إنذار بالقتل الفصل الرابع 4 بقلم نسمة مالك

نوفيلا إنذار بالقتل الفصل الرابع 4 بقلم نسمة مالك

أسدل الليل ستائره السوداء بعدما انقضت ساعات النهار سريعًا،بدأت الأمطار تتساقط رويدًا رويدًا تمهد لعاصفة ستصل إلى حد السيول، جعلت الجميع يختفون داخل منازلهم حتي أصبحت الشوارع خالية تمامًا من البشر خوفًا من أن تصيبهم إحدي صاعقات البرق القاتلة.. 
.. بمنزل شرف.. 
تسير “تهاني” ذهابًا و إيابًا بلا توقف، تفرك يديها ببعضهما بتوتر ملحوظ أمام أعين زوجها و أبنتيها الجالسين على أريكة كبيرة أسفل غطاء وثير يتناولون مشروبات ساخنة تمدهم بالدفء.. 
“تعالي أقعدي يا أم نوح و بطلي قلقك دا.. ولادك مش أطفال صغيرين دول رجالة ميتخفش عليهم”.. 
أردف بها “شرف” بهدوء رغم أن القلق بدأ يزحف لقلبه هو الأخر، خاصةً مع صوت الهواء القوي بالخارج الذي يصفع الأبواب والنوافذ بعنف،
و البرودة الشديدة التي يشعر بها و هو داخل منزله أسفل الغطاء، بينما أبنائه بالخارج يواجهان هذه الأجواء الصعبة جعلته يتمتم بسره.. 
” ربنا يحفظك يا نوح يا ابني أنت و نور أخوك و ترجعولنا بألف سلامة، ويعدي انهارده على خير”.. 
كانت “تهانى” ممسكة بهاتفها تحاول الإتصال بأولادها للمرة التي لا تعلم عددها و هي تقول بنبرة أوشكت على البكاء.. 
“أنا اللي غلطانة من الأول لما سبتهم ينزلوا و أنا عارفة أن الجو هيقلب بشكل دا.. كنت المفروض أمسك فيهم زي ما مسكت فيك يا شرف”.. 
صمتت لبرهةٍ، و نظرت لزوجها، و هي تضع الهاتف على أذنها و تابعت بتنهيدة.. 
“الحمد لله إنك منزلتش معاهم..الجو دا يتعبك و أنت مناعتك ضعيفة.. كان زماني موت من خوفي عليك يا أبو نوح”.. 
” بعد الشر عليكي يا حبيبتي “.. غمغم بها” شرف” بمنتهي الحب الظاهر على محياه وعينيه التي تنظر لها نظرة متيمة، جعلت وجنتي “تهاني” يشتعلان بحمرة الخجل.. 
” أيوه يا نور.. أنتو فين يا ابني، و أخوك مبيردش على تليفونه ليه”.. 
قالتها “تهانى” بلهفة فور سماعها لصوت أبنها عبر الهاتف.. 
” أطمني يا ماما .. أحنا جاين في الطريق، و نوح راكب الماكينة و ماشي قدامي أهو.. بس مش هعرف يرد عليكي وهو سايق”.. 
أردف بها” نور” بنبرة مطمئنة لم تستطيع تقليل قلق و خوف تهاني على الإطلاق بل زاد ارتعاد قلبها بعدما علمت أن نوح يقود دراجته البخارية في هذه الأجواء .. 
………………………………….. سبحان الله ????……. 
.. بمنزل عبد الحميد.. 
كانت” رقية ” تقف خلف النافذة تنتظر زوجها بدموع منهمرة على وجنتيها كلما تذكرت نظرته لها حين ألقت على سمعه رغبتها بالأنفصال عنه، لم ينطق “إسلام” حينها بحرف واحد و كأن صدمته فيها فقدته النطق، رمقها بنظرة تصرخ بألم حاد كادت أن تفتت قلبها لأشلاء، يخبرها بنظرته أنها ضربته بمقتل بجملتها هذه، طال الصمت بينهما كانت النظرات تبوح بما تحمله القلوب.. 
و برغم أن نظرتها له كانت تستجديه ليخطفها داخل صدره و يضمها بقوة حتي يكسر عظامها، و يهمس لها أنه لن و لم يتركها مهما حدث، و سيبتعد عن هذه الصحبة الفاسدة و يكتفى بها هي و صغيره، فهذا كل ما كانت تريد أن تسمعه منه بتلك اللحظة.. 
لكن عذرًا لم يستطع أن يلبي رغبتها، ربما كان يفعل هذا لها بوقت أخر، هي أساءت إختيار التوقيت المناسب، فحالته النفسية تكاد تكون على حافة التدمير، بل بعد ما قالته له بالتأكيد أصبح مدمر نفسيًا،و هرول لخارج الشقة بل لخارج المنزل بأكلمه منذ الصباح الباكر، و لم يعد و قد تعدي الوقت منتصف الليل مما جعل والده يتصاعد غضبه لأضعاف مضاعفة و لم يتوقف عن الشجار مع جميع من بالمنزل.. 
“اتصلي بيه يا رقية قوليله أبوك حالف لو مجتش  حالاً ليخرج يبلغ عنك”.. 
كان هذا صوت “عبد الحميد” الذي يدور حول نفسه وخلفه زوجته تحاول تهدئته بكافة الطرق متمتمة.. 
“استهدي بالله يا عبد الحميد.. الواد كان خارج الصبح مش شايف قدامه، و الدمعة هتفر من عينه بعد القلم اللي انت ادتهوله”.. 
” لا إله إلا الله “.. همس بها” عبد الحميد” بسره، و من ثم تحدث و هو يصطك على أسنانه بعنف.. 
أنتي مش شايفة الجو قالب إزاي و مش مبطل مطر و رعد و برق..الناس كلها مكنونه في بيوتها، و ابنك قاعد عند الصيع الحشاشين اللي اتلم عليهم لحد دلوقتي بيعمل ايييه؟!”.. 
اقتربت “آية” من والدها وقفت بجواره، و امسكت يده تجذبه نحو شقتهم برفق مغمغمة.. 
” يا بابا تعالي بس نقعد جوه من البرد دا و إسلام زمانه جاي ان شاءالله “.. 
نظر لها” عبد الحميد ” نظرة يملؤها الآسي، و تحدث بصوت متعب قائلاً.. 
“مش هيجيلي قلب أقعد أنا في الدفي، و اخوكي لسه برة البيت في التلج دا يا آية”.. 
جملته جعلت “رقية” الواقفة مستندة على باب شقتها اجهشت ببكاء مرير، و حتي” مني” أيضًا لم تتوقف عن البكاء خاصةً حين تابع” عبد الحميد” بقلة حيلة قائلاً.. 
“طيب كلموه خلوه يجي بس و أنا هرضيه و أطيب خاطره على القلم اللي ادتهوله، و أبوس راسه كمان قدامك يا رقية يا بنتي.. بس يرجع يبات في فرشته بدري مره علشان أقدر أنا أغمض عيني شوية وأنا مطمن انه نايم في فرشته”.. 
ساد الصمت للحظات يقطعه صوت بكاء الجميع، بينما “عبد الحميد ” يجاهد لكبح عبراته، بقلب ملتاع على وحيده و ما وصل إليه.. 
” والله عماله اتصل بيه يا عبدو أنا و أخته وبيكنسل علينا مش عايز يرد”.. أردفت بها” مني” بأسف.. 
نظر” عبد الحميد ” لزوجة إبنه و تحدث و هو يخرج زفرة نزقة من صدره.. 
“هيرد على مراته.. اتصلي أنتي بيه يا رقية يا بنتي.. مدام البيه لا بيرد عليا لا ولا أمه ولا أخته “.. 
بيد مرتجفه أمسكت” رقية” هاتفها، و طلبت رقم زوجها و هي تقول بتقطع من بين شهقاتها…
“حاضر يا عمي.. هكلمه”..
…………………………………. الحمد لله ????……… 
..”إسلام”.. 
كان بحالة لا يرثي لها بعدما تناول كمية كبيرة من الخمر، و الحبوب المخدرة جعلته يتصرف بلا وعي، يضحك بقوة، يبكي بنحيب بآن واحد، يرقص، يغني، يصرخ صرخات نابعة من جرح قلبه النازف تشق سكون الليل.. 
“أنت أفورت أوي ياض يا إسلام وقعتك سودة”.. 
تفوه بها “سعد” و هو يزيح من على فمه زجاجة الخمر الذي يتناولها “إسلام” على مرة واحده، 
جحظت أعين “سعد” و تابع بتعجب قائلاً.. 
“أنت يا متشربش خالص.. يأما تبلبع و تطينها على الأخر.. أيه عايز تموت مننا أوفر دوس!!!”..
” ياريت”.. همس بها” إسلام ” من بين ضحكاته، وعينيه تفيض بالدمع دون بكاء.. 
رنين هاتفه بنغمة زوجته الخاصة جعلته يهب واقفًا بصعوبة بالغة، و يسير نحو الشرفة بخطي مترنجحة، و ضغط زر الفتح بلهفة مغمغمًا.. 
” رقية.. عايزة تطلقي مني يا رقية.. عايزه تسبيني”.. 
أستمع لصوت نحيبها، و تأوهت بأسمه بنبرة راجية حين أدركت تعاطي شيئًا قائلة.. 
“إسلام.. تعالي البيت.. كلنا قلقانين عليك”.. 
“عايزاني اجي ليه.. أوعى تقولي إنك خايفة عليا؟!”.. 
خرج صوته المتقطع يكسوه الحزن، و بغضب صرخ مكملاً..
“مش هاجي، و اطمني هتخلصي مني بس مش هطلقك يا رقية.. لا هخليكي أرملة.. علشان أنا مش هقدر أعيش من غيرك”.. 
بكي بقوة و تابع بصوت يملؤه الحسرة.. 
” أنا عايش أصلاً لحد دلوقتي بيكي،و عملت كل اللي عملته دا عشانك أنتي و ابننا.. كنت عايزك تكملي تعليمك و مخليش حاجة نقصاكم و أجبلك كل اللي بتحلمي بيه.. بس معرفش أن كل دا هيحصل، و إني هخسر كل حاجة بسبب القرض اللي عملته.. أنتي كان عندك حق.. فلوس القروض و الربا بيخرب البيوت، وبيتنا اتخرب يا رقية”.. 
لهنا و انفجرت “رقية” ببكاء شديد أوشك على الانهيار، وهي تستمع لكلماته الحادة التي قطعت نياط قلبها على حين غرة،تهاوت قدميها و أوشكت على السقوط أرضًا، لتهرول” آية، مني” نحوها و أسندوها بلهفة، و هما يبكيان لبكائها.. 
بينما تناول “عبد الحميد” الهاتف من يدها، متمتم بجدية مصطنعه حاول بها تلطيف الأجواء.. 
“واد يا إسلام أنت قولت ايه لمراتك زعلها أوي كده..خف نفسك و تعالي أوام علشان ترضيها”.. 
“مش هاجي يا عبد الحميد “.. قالها “إسلام” بغضب عارم جعل الصدمة تعتلي ملامح والده حين وصل لسمعه صوته الذي يدل على أنه مخمور.. 
فهمس “عبد الحميد” بذهول.. “أنت سكران يا إسلام؟!!”.. 
” ملكش فيه؟! “.. 
قطع حديثه والده حين صاح بوعيد، و نبرة محذرة لا تقبل الجدال.. 
” الله في سماه لو مجتش البيت حالاً لكون مبلغ عندك أنت و المجرمين اللي سهران بتسكر معاهم و اخلي البوليس يلمكم في بوكس واحد”.. 
صعق” إسلام ” من جملة والده لتي أيقظت وحشه الكامن، و بهدوء ما قبل العاصفة قال.. 
“تبلغ عني؟!.. عايز تسجني يا عبد الحميد”.. 
“قدامك عشر دقايق، و تكون قدامي هنا، وإلا هتلاقي البوليس فوق دماغكم”.. 
قالها” عبد الحميد ” قبل أن يغلق الهاتف بوجهه، نظر لزوجته و تحدث بدهشة قائلاً.. 
“ابنك صوته شارب يا مني!!.. إبنك اللي عمره ما شرب سجارة بيكلمني، و هو سكران، و بيقولي يا عبد الحميد حاف كده.. نسي أني أبوه “.. 
وضع كف يده على جبهته يدلكه برفق لعله يكون بإحدى كوابيسه ويفيق منها، و لكن وبكل أسف هذا واقع مرير، و ابتلاء قوي أصابه بوحيده.. 
أخذ نفس عميق، و تحدث بصرامة قائلاً.. 
” آية يله على اوضتك، و أنتي يا رقية يا بنتي ادخلي شقتك”.. 
وزع نظرته بينها وبين زوجة ابنه و تابع بأمر قائلاً.. 
“و مهما يحصل مش عايز اشوف واحده منكم لما يجي إسلام.. مش عايزكم تشوفوه و هو بالمنظر دا لحد ما نفوقه أنا و أمه”.. 
……………………………..الله أكبر ????…. 
أشعلت أعين” إسلام ” بنيران غضب حارقة جعلت عروقه تبرز بخطورة، و ركض بخطوات متعسرة للخارج متجه نحو منزله، و هو يحدث نفسه بذهول قارب للجنون.. 
” عايز تبلغ عني.. حصلت كمان عايز تسجني يا عبد الحميد “.. 
أخذ الطريق بأكمله يركض تحت الأمطار الغزيرة المنهمرة فوقه، و لكن دموع عينيه فاقتها غزاره بعدما تأكد انه ضل طريقة و وصل لنهايته.. 
دقائق معدودة، و كان يخطو لداخل المنزل و من ثم لشقه والده ارتمي بثقل جسده على الحائط لوهلة يلتقط أنفاسه ، و من ثم طرق على الباب بكلتا يديه مردداً.. 
” افتح يا عبد الحميد.. افتح أنا مش هحلك الليله دي”.. 
…………………………….لا حول ولا قوة الا بالله ????…. 
“رقية”.. 
كانت منفصلة عن العالم أجمع بعدما وقفت بين يدي الله، تصلي بخشوع، تناجي ربها و تدعوا لزوجها من أعماق قلبها أن يلهمه ربه الصواب، 
شعرت بسكينة و راحة تغزو قسماتها، و إزاح همها عن صدرها بعدما أيقنت أن كل ما تمر به الآن هو إختبار لها و عزمت على أجتيازه بنجاح مهما كلف منها الأمر.. 
“الحمد لله على كل حال”.. غمغمت بها “رقية” بسرها و أمسكت مصحفها، و جلست بجوار صغيرها النائم بعمق، و أخذت تتلو ما تيسر من القرآن الكريم ويدها تمسد على رأسه و جسده تمده بالدفء و الأمان.. 
و لكن؟!.. 
صوت صرخات حماتها المرتعدة تردد بهلع قائلة.. 
“اهربي يا آية اخوكي هيموتنا؟ “.. 
هرولت “رقية” نحو باب شقتها فتحته بفزع، ليسقط قلبها أرضًا حين لمحت أخت زوجها تركض بوهن تاركة أثار دمائها بكل خطوة تخطوها.. 
“آية بتجري راحة فين.. أيه اللي حصل؟!”.. 
تفوهت بها “رقية” و هي تركض نحو شقة حماتها،لتصعق من هول ما رأت، حتي أنها كاد أن يتوقف قلبها من شدة الصدمة، بل الكارثة التي فعلها زوجها بعائلته.. 
“إسلام”.. صرخت بها “رقية” صرخة مدوية جعلت زوجها يسترد وعيه فور رؤيتها، جحظت عينيه بهلع و هو يدرك حجم الخطأ الفادح الذي فعله بحق والديه الملقيان أرضًا غارقان بدمائهما.. 
هنا ظن أنه كتب نهايته بيده فنظر لزوجته نظره يملؤها الندم، و انهمرت عبراته على خديه هامسًا بصوت متقطع من بين شهقاته العالية.. 
“أنا آسف.. آسف يا رقية سامحيني” .. 
أنهى جملته، و وجهه السكين نحو قلبه، أغلق عينيه، و أخذ نفس عميق و هم بطعن نفسه بكل قوته طعنه نافذة ستزهق روحه في الحال إلا أن صوت والدته أوقفه حين همست بضعف و صعوبة بالغة قائلة.. 
“لا يا ضنايا.. متشقش قلبي يا أبني”.. 
هنا استجمعت” رقية” شتات نفسها، و ركضت نحو حماها جثت على ركبتيها أرضًا جواره، وضعت يدها على رقبته تتحسس نبضاته البطيئة أسفل أصابعها،و خلعت حجابها و قامت بربطه بقوه حول صدره لتمنع تدفق الدماء، و من ثم سارت زحفاً نحو حماتها التي تجاهد حتي لا تفقد وعيها، و خلعت عنها حجابها و عقدته حول جرحها أيضًا بأحكام أمام أعين زوجها المنذهلة، 
و بلمح البصر كانت انتفضت واقفة و اقتربت من زوجها خطفت منه السكين، و جذبته من ياقة قميصة عليها حتي تلامست أنفهما، و نظرت لعينيه بغضب عارم، و تحدثت بشراسة قائلة.. 
“أتحرك حالاً يا إسلام وشوف مفاتيح عربية أبوك فين وخرجها من الجراج خلينا نلحقهم.. مش هسيبك تروح مني، و تدمر نفسك أكتر من كده.”.. 
…………………………….لا حول ولا قوة الا بالله ????… 
“أيه اللي جابك من الطريق دا؟!”.. 
أردف بها “نور” بتعجب و هو يسير بجوار شقيقه بسيارته، بينما” نوح” يقود الدراجة البخارية بتراوي، و حرس.. 
” مش عارف يا نور أيه اللي جابني هنا”..
قالها” نوح” بدهشة و هو ينظر للطريق من حوله، وتابع محدثاً نفسه.. 
“زي ما أكون الطريق بيوديني لحاجة مش عارف ايه هي؟!”.. 
توقف عن الحديث، و عن القيادة أيضًا حين وجد فتاة ظهرت من العدم و توقفت أمامه بمنتصف الطريق.. 
يتبع…..
لقراءة الفصل الخامس : اضغط هنا
لقراءة باقي فصول النوفيلا : اضغط هنا

اترك رد

error: Content is protected !!