Uncategorized

رواية أمسك بيدي فلتنقذني من الهلاك الفصل الثامن والعشرون 28 والأخير بقلم فرح طارق

    رواية أمسك بيدي فلتنقذني من الهلاك الفصل الثامن والعشرون 28 بقلم فرح طارق

رواية أمسك بيدي فلتنقذني من الهلاك الفصل الثامن والعشرون 28 بقلم فرح طارق

رواية أمسك بيدي فلتنقذني من الهلاك الفصل الثامن والعشرون 28 والأخير بقلم فرح طارق

“ف كلما توقفت عَيني أمام عينيكِ، يتوق القلب لاحتضان قلبك حينها؛ ف بربِك إن لم يكن هذا عِشقًا.. ماذا تُسميه إذًا؟”
سار بخطوات بطيئة ومتثاقلة نحو الأمام.. يشعر وكأنه يعود للخلف وليس العكس! 
يعود لماضٍ حاول قدر الإمكان الهروب منه والعيش مع الحاضر، ماضي مهما أدعى في حياته، وابتسم، سيظل ندبة سوداء مكانها في منتصف قلبه.
اخذ نفسًا داخله وهو يحاول كبت خوفه، يعزم على فعل ما جاء إليه؛ فهو بالفعل يحتاج إلى ذلك حقًا! يحتاج للتقدم والقيام بتلك الخطوة لعل قلبه يهدأ ويسكُن داخله مثلما ظن ورأى أمامه ذاك الشيء..
رفع يديه وكاد أن يضغط على اجراس المنزل..ليجد الباب يُفتح أمامه وتظهر والدته “مُشيرة”.
توتر سيف أكثر، ثم حاول السيطرة على توتره وقلقه، واردف
– كنتِ خارجة؟ أنا آسف شكلي جيت ف وقت مش مناسب ليكِ.
كاد أن يستدير، بينما تمسكت مشيرة بذراعه، قائلة في لهفة
– لأ يا ابني مش ماشية.. 
رفع سيف حاجبيه، بينما أكملت هي
– هتصدقني لو قولتلك اني حسيت بيك جاي؟ حسيت بروحك بتقرب مني، وبعدين خطواتك حسيت بيها زي دقات قلبي بالظبط.
ظل صامتًا..يرغب باسمتاع المزيد! لم تكفي تلك الكلمات لإنبات تلك الزهرة الذابلة المتواجدة داخل قلبه الآن!
بينما دمعت هي عينيها من فرط صدمتها! لا تصدق ما تشعر به الآن من نظراته تلك! هل بالفعل هو يرغب بحديثها معه؟ هذا ما تشعر به! بل بالاكثر من ذلك.. جاء إليها، واقفًا أمامها، عينيه تخبرها بأن تتحدث بالمزيد..! كل ذلك لا يقوى قلبها على تصديقُه، تشعر وكأنها أعجوبة كونية تحدث أمامها، على الرغم من حديث ليان لها كل يوم، وهي تحاول أن تشعرها بالطمأنينة واخبارها أنها مجرد أيام لا أكثر، يتداوى بها جرحه ويعود لاحضانها من جديد، ولكنها أيضًا كانت غير مصدقة لذلك، تأخذ الكلمات منها وتضعها داخل نجمة سمائية، بجانب تلك النجوم المُعلقة في السماء، وكأنها أمنية لن تتحقق ولكن على الأقل تتأملها يوميًا.
رفعت أناملها التي غلبها العُمر، لتمتليء بالتجاعيد. كحال وجهها تمامًا..لكن! هل العمر حقًا من فعل، أم الحزن من فعل ذلك؟
احتضنت وجهه بين يديها، و وجهها غارق بدموعها الحارقة، وما أدراك تلك الدموع! فقد كانت مكتومة داخلها تحرقها من الداخل طوال تلك السنوات الماضية، وللتو! قد أُفرِج عنها لتعفو عن روحها وترحل كـ طائر وجد حُريته بعد سنوات .
– وحشتني يا سيف، وحشتني يا قلب أمك .
– أنا عايز أرتاح..
قال تلك الكلمات، بعدما أنهت كلماتها وأخذته داخل أحضانها..لتستمع لكلماته تلك، ويبكي هو الآخر، لتتشارك دموعهم، ثم آلامهم..لعلها ترحل للأبد.
– ارتاح يا قلب أمك، ارتاح يا حبيبي.
كلمات بسيطة، تحتويها دموع صادقة، نابعة من عُمقها، ذاك العمق الذي فُتِح للتو، فقد ما تُعطيه إليه الآن ليس سوى تلك الأتربة التي كانت تُغطي روحها طوال تلك الفترة التي دامت لأكثر من عشرين عامًا، وهو غائبًا عنها، لـ تُزال من أعلى روحها رويدًا رويدًا.. وتزهر روحها مرة أخرى.. قائلة
– وحشتني يا قلب أمك، حقك عليا يا سيف..الزمن والدنيا كانوا أقوى مني، والله كانوا أقوى مني، وأنا كنت وحيدة! مقطوعة من شجرة لا ليا أهل ولا حد غير أخويا وكان صغير وقتها، كان هو المسنود عليا، بعدين أبوك مات وايدي اتحطت تحت دروس دِيابة مبترحمش! وأنا ضعيفة يا ابني، صدقني ضعيفة! بس عارف؟ لما توهت يا سيف؟ عرفت إن أنا كنت قوية مش ضعيفة زي ما كنت فاكرة، ولما رجعتلي تاني دلوقت اتاكدت..اتأكدت إني قوية مش ضعيفة يا سيف، وحشتني يا حبيبي .
أخيرًا رفع يده ليحاوطها، قرر الإفصاح عما بداخله، فقط ثقل على روحه لدرجة أن أنفاسه باتت تُسلب! 
– جيتلك عشان أرتاح، انا شوفت چَيدا بعيني، كانت بتعيط وحضنتك هديت وسكتك! جيتلك، جيت يمكن أهدى وترتيب افكاري..يمكن أسكت انا كمان، وروحي تبطل عياط وصريخ جوايا! دوشة..دوشة لدرجة أني حاسس باني شخصين، واحد ظاهر وده هادي..والتاني جوايا مبيسكتش! 
أغمض عينيه وصوت أنفاسه المتسارعة باتت تهدأ نتيجة ليدها التي كانت تمررها بين خصلات شعره، والأخرى تربت على ظهره، وكأنها تربت على روحه.
انتهى بهم المطاف وهو ساكِن بين أحضانها، كغريق بين أنهارٍ من اليأس واخيرًا توصل لنهاية خيط الأمل، ليجد نفسه وسط بر الأمان.
رفع رأسه؛ لينظر لوجهها..قائلًا 
– السِر ف حُضنِك؟
ابتسمت “مشيرة” وهي تمرر يدها من بين خصلاته
– السِر ف اني أمك يا سيف.
في مكان آخر..
غادرت الشركة، بعد نهاية يوم متكرر ككل يوم، ولكنها كم أحبت ذاك التكرار! ف هي قد باتت تنشغل بالعمل، عشقت ذلك الكرير الذي انشيء باسمها الذي تصدر السوق ب أقل فترة، لتصبح سيدة الأعمال “حور الشافعي”.
صعدت بسيارتها الخاصة، وتحرك سائقها الخاص، لتخبره بلهجة هادئة
– ليان.
قالت اسم شقيقتها، حتى يفهم السائق أنها ستذهب لمنزلها، ف هو قد حفظ إلى أين تذهب، فقط تخبره بالاسم وعليه هو أتم التسليم .
انشغلت بالحاسوب الخاص بها، لتعمل به حتى تصل..
مر وقت لا ينتهي! على الرغم من أن منزل شقيقتها ليس بذاك البُعد..رفعت رأسها قائلة في تعجب
– قدامنا كتير؟ وبعدين مش ده الطريق اللي بنمشي منه ! 
لم يجيبها، ظل صامتًا يباشر الطريق أمامه فقط، بينما ارتفع صوت حور أكثر وهي تلفظ بإسمه.. وتحاول أن ترى وجهه الغير ظاهر بالمرآة المنعكسة.
دقائق من صراخها به، توقفت السيارة ونزل منها السائق..لتهبط خلفه بغضب، و وجدته يرحل ويتركها، كادت أن تذهب خلفه..لكنها شهقت أثر تلك اليد التي قبضت على ذراعها..لتجد نفسها ترجع مرة أخرى لمكانها، وتصطدم بجسد أحدهم..رفعت رأسها لتجده “فهد”.
دفعته بعيدًا عنها، قائلة بغضب
– انت اللي قولتله يعمل كدة؟ وهو سمع كلامك عادي! طب والله لهرفده.
زفرت بضيق وغضب لترفع يدها تعيد خصلات شعرها المتناثرة بفعل الهواء الطلق حولها، ولحظات حتى انتبهت لصوت المياه..
نظرت حولها لتجد أنهم أمام البحر..وطاولة بسيطة تضم مقعدين، يعلوها كوبين فقط على عددهم، و وردة صغيرة تتوسطهم.
أمسك فهد يدها مستغلًا لصدمتها، وتقدم من الطاولة، ثم وقف جانبها واستدار لحور واردف حاملًا للوردة.
– مبعرفش اتجمل يا حور، ولا إني أقول كلام حلو كتير، ولا قليل حتى! مبعرفش أعمل أي شيء وباين حواليكِ ده..معرفتش غير اني اجيب ترابيزة عليها كرسيين و وردة حتى بعد ما جيت قولت طب ما كنت اجيب بوكيه ورد! مش وردة واحدة؟
قال كلمته الأخيرة بسخرية من نفسه على جهله، ثم نظر للوردة وأكمل
– بس والله حلوة، عارفة ليه؟
طالعته حور بنظرات مستفهمة، ليرفع الوردة أمام وجهها، قائلًا ببسمة
– لأنها من قلبي فعلًا يا حور.
– ولو بوكيه مكنش هيبقى من قلبك!
– تتسخطي قرد لو مردتيش رد عِدل فحياتك! 
تنهدت بضيق جالٍ على ملامحها، ثم اردفت
– فهد ما تجيب من الاخر!
– تصدقي حتى الآخر بقى خسارة فيكِ؟
لم تجيبه، بل استدارت بجسدها لترحل من أمامه..بينما امسك فهد بيدها سريعًا..ليجعلها تقف مكانها، قائلًا 
– بحبك يا حور..تتجوزيني؟ ده الآخر واللي عايز أوصل ليه، أنك تكوني مراتي.. وتعرفي اني بحبك.
استدارت لهُ حور غير مصدقة ما قاله للتو، بينما أكمل فهد
– عايز أوصل لأنك تكوني في بيتي، اصحى وأول حد اشوفه انتِ، أرجع من شغلي وقبل ما انام تبقي آخر حد، أوصل لأنك تكوني أم لابني، و زوجة ليا..بحبها وتحبني، واحنا الاتنين نحب أسر اللي هيكون إبنك بردوا.
اقترب منها وأكمل حديثه
– عايز اوصلك أنتِ يا حور، أوصل لقلبك، لحبك، ولعينك، أوصل لكل حاجة فيها أنتِ..تتجوزيني؟ 
كلمات متتالية يلقيها عليها، لا يعطيها فرصة واحدة للرد! لينهي حديثه بنفس الشيء وهو ينخفض برأسه نحو شفتيها، ليقبلها بشوق؛ ف أصبحت تلك هي الطريقة الوحيدة التي يعرف بها يخبرها كم يحبها، بل يعشقها..ويشتاق لها.
أبتعد عنها فهد بعد وقت، ليستند جبينه على جبينها..ويديه لازالت تحاوط رأسها من الخلف، ثم ابتعد عنها أثر دفعتها لهُ وهي قائلة
– يخربيت العشم بتاعك! من كتر ما هو تقيل هيِقع منك.. هو أنا قولت آه؟
– بردوا هتجوزك يا حور، مش فهد اللي يحط حاجة ف دماغه وميوصلهاش.
– صدقني لو آخر راجل ف الدنيا.. الانتحار أهون من إني اتجوزك.
“بارك الله لكم وبارك عليكما وجمع بينكما في خير”. 
كانت تلك اخر كلمات قالها المأذون الشرعي، لتندفع الزغاريد من حولهم، والجميع يهنئهم ويتمتم لهم بالسعادة الدائمة.
اقترب فهد من حور، واردف بنبرة ساخرة
– مبروك يا مدام حور .
على الجانب الآخر، توقف سيف بجانب ليان واردف
– هتفضلي زعلانة!
لم تجيبه ليكمل حديثه
– طيب كنتِ عايزاني أقولك إيه! إني متهدد بالقتل ف أي لحظة؟ 
تنهد سيف بيأس من صمتها، ليقول سيف
– يعني لو كان مهاب فشل ف المهمة واتقتلت، كنتِ هتبقي زعلانة مني كدة؟
دفعته بحدة..ثم اردفت بخوف يغلفه الحدة.
– بعد الشر عليك متقولش كدة! 
– خلاص بقى!
قالها وهو يلكزها في كتفها بمرح، ثم أكمل
– هو الدكتور قال ايه صحيح؟ ولد ولا بنت؟
ابتسمت ليان وهي تجاريه في حديثه، فحقًا شعرت بالخوف فور أن أخبرها بأنه كان من الممكن أن يُقتل! أجل حزنت لأنه أخفى عنها ولكنه لديه بعض الحق..
لكنها الأنثى المتلاعبة داخلها، وهرمونات ذاك الحمل هن من يحملون ذِمام أمورها معه، لينتهي كل حديث بينهم بمشاجرة أكبر من قبلها، رغم محاولاته للصلح بشكل دائم.
على الجانب الآخر..
ذهب مهاب نحو ياسين واردف بمكر ومرح
– أنا حاسس نفسي عاطف أوي! واقف ف مكان كلوا كابلز وأنا الوحيد كدة..! أنا ف المهمات كنت ببقى تخصص شقط بس..اشمعنا ف الواقع؟ 
خجلت چَيدا من حديث مهاب الصريح عن أنها هي وياسين أصبحوا ثنائي! لقد أعترف الجميع بذلك ما عدا لوح الثلج الواقف أمامها.
رحلت چَيدا مدعية نداء والدتها لها، ثم أقترب مهاب من صديقه واردف
– والله لو مقولتش ليها أي حاجة لاروح اتجوزها أنا! 
نهض ياسين من مكانه، واردف وهو يدعي أنه سيقوم بلكمته
– بس بس أسكت!
ذهب ياسين نحو كامل الواقف بجانب زوجته وشقيقته، واسيرة قلبه معهم..ليردف 
– كامل بيه أنا عايزك ف موضوع.
– تبع الشغل؟ نتكلم بعدين يعني.
– لأ معلش مينفعش تأجيل.
ذهب كامل معه وسط قلق الجميع، ليخبره ياسين ما يريد..ثم عاد كامل إليهم مرة أخرى واردف
– ياسين طلب مني يكتب على چَيدا دلوقت، بس هيعمل فرح ليها وده هنحدده سوى بعد كتب الكتاب.
نظر كامل لچَيدا واردف
– موافقة يا بنتي؟
– آه طبعًا.
قالتها بلهفة، لتتأوه أثر لكزة حور لها، وضحكات الجميع عليها!.
#تمت

لقراءة باقي فصول الرواية : اضغط هنا
نرشح لك أيضاً رواية عنيد غير حياتي للكاتبة لبنى عبدالعزيز

اترك رد