Uncategorized

رواية ملك للقاسي الفصل الرابع والأربعون 44 بقلم فاطمة أحمد

 رواية ملك للقاسي الفصل الرابع والأربعون 44 بقلم فاطمة أحمد

رواية ملك للقاسي الفصل الرابع والأربعون 44 بقلم فاطمة أحمد

رواية ملك للقاسي الفصل الرابع والأربعون 44 بقلم فاطمة أحمد

عاد المستبد.
________________________
بعد تأدية صلاة الفجر في المسجد مع ابن عمه الذي بدأ يلتزم بفروضه الدينية إفترقا على وعد باللقاء قريبا لمعرفة آخر مستجدات القضية و هاهو تدم الآن يستيقظ من غفوته القصيرة و يجد يارا مازالت نائمة ، تأوه بخفوت و نهض ينزل الى غرفة مكتبه ليتابع أعماله حتى رن جرس الباب.
فتحه و سأل باستغراب :
– بابا الوقت لسه بدري ايه اللي جابك حضرتك كويس إمي ….
قاطعه ابراهيم بوجوم :
– في ايه يا ادم هو انا لازم استأذن عشان اجي اشوف إبني ؟
تنحنح ادم و أجابه وهو يطالع الملف الذي بيده :
– لا طبعا استغفر الله انا بس قلقت لأن الساعة لسه 8 اتفضل.
دلفا الى المكتب ووضع ابراهيم الأوراق متحدثا بجدية :
– كنت جاي اكلمك بخصوص الشغل … انا نويت انقل أسهمي ليك انت و اختك وبعد ما توقع على الورق ده هتبقى صاحب اكبر نسبة من الأسهم في الشركة. 
نظر له بدهشة قائلا :
– تنقلي الأسهم ليه يا بابا انا من الاول صاحب اكبر نسبة ممكن تفهمني سبب قرارك ده ؟
– يا ابني انا طول عمري واقف على راس الشركة اشتغلت و تعبت كتير عليها و دلوقتي جه الوقت عشان ارتاح ومتأكد زي مانا شايفك قدامي انك هتحقق ضعف اللي انا حققته و تنجح نجاح مبهر ب اذن الله … انا بثق فيك يا ادم و مؤمن بقدراتك و ذكاءك كفاية انك السبب في توسيع الشغل و نجاح مشاريع كبيرة مش هخاف على تعبي طول مانا مأمنه عليك.
تأثر ادم و ابتسم بخفة :
– الصراحة انا مستغرب من كلام حضرتك لأني اتوقعتك هتنقل الاسهم لعل… لعمي علي عشان مركزه يكبر.
ظهر العتاب على وجه ابراهيم و أردف :
– عمك علي اخويا بس انت ابني و بثق فيك اكتر من ثقتي فنفسي و عندي استعداد اسلمك حياتي وانا مطمن ، صحيح إني اتخانقت معاك كتير عشان علي لدرجة افتكرتني بحبه اكتر منك بس الحقيقة يا ادم اني بفضلك على كل الناس ومهما اراءنا اتعارضت الثقة و المحبة مش هيزولو. 
انبسطت قسمات وجه ادم برضا و انحنى عليه يقبل جبينه :
– ربنا يخليك ليا و اكون قد ثقتك.
ابتسم له و فجأة تجهم و عقد حاجباه بتحفظ :
– ايه الريحة اللي طالعة منك ديه انت شربت سجاير يا ادم ؟ مش كنت بطلت العادة ديه من زمان ايه اللي رجعك ليها ليه عملت كده ؟
تشنج وجهه و عاد فكه ينقبض ميجيب بنبرة متشنجة :
– بابا لو سمحت انا مش صغير عشان حضرتك تستجوبني كده ديه سجارة واحدة القصة مش مستاهلة.
– لا الواضح انها سجارة واحدة.
علق عليه والده ساخرا ثم أخذ نفسا عميقا و تحدث بتريث :
– ابني انا عارف ان مادام وصلت لمرحلة ترجع لعادة بطلتها يبقى اكيد انت مدايق من حاجة و حاسس انك مش هتحلها بس اللي مش عارفه ايه السبب ده ايه اللي بيخليك طول الوقت شارد ومش مركز و عدائي مع اللي حواليك فهمني يا ادم عشان اقدر اساعدك ، لو على مراتك فهي انتكست مرة و خفت الحمد لله و بقت كويسة.
صمت قليلا و استدرك بتوجس :
– يارا خفت صح و معندهاش حاجة تقلق اوعى تكون لسه تعبانة وانت مخبي عليا !!
استدار ادم له و طالعه قليلا قبل ان يقول :
– يارا كويسة ومحدش مخبي عن حد حاجة …. انا مضغوط ف اخر فترة بسبب الشركة و المشاريع اللي وقعنا عليها.
– و بخصوص العملاء الأتراك اتفقتو مع بعض ولا لسه ؟
حرك رأسه بآلية :
– مستني التقارير اللي هيعملها مازن بخصوصهم بما انه هو المدير التنفيذي للشركة ولما يخلص هنشوف اذا قدرنا نتفاهم و نوقع على العقد ولا لأ.
بعد حديث قصير حول العمل وقع ادم على الاوراق التي تنقل نصف أسهم ابيه اليه و النصف الآخر الى رهف و عندما انتهى تمتم بهدوء :
– خليك قاعد هنا كمان شويا و اهو نفطر سوا.
ربت عليه ابراهيم ضاحكا :
– انا سايب امك تعمله عشان نفطر انا ووياها كان نفسي اعزمك بس معلش بحب انفرد بمراتي. 
ابتسم ادم عليه و قبل مغادرة والده التف يكلمه :
– انا هقدم الورق للمحامي عشان يخلص باقي الاجراءات و انت ارتاح شويا من الشغل و اه ياريت مشمش ريحة السجاير ديه تاني.
كان يقصد انه لا يود عودته لإدمان عادة التدخين لكن ادم رفع حاجباه بمكابرة و تمتم ببرود :
– حاضر يا بابا هبقى استحمى بعد كل سجارة عشان متوصلكش ريحتها …. بهزر متبصليش كده.
بعد دقائق كان ادم يجلس على الأريكة يزفر في إرهاق ، عضلات جسده متشنجة و تفكيره مشغول في آخر محادثة بينه وبين ادهم عندما قال بأنه سيخبر يارا بكل الحقائق فأجابه الآخر بأن يتريث ولا يتسرع و يفسد كل شيء معرفة زوجته بحقيقة عمها و ابنه تعني معرفة العائلة كلها و افساد عمل المباحث و الخطة التي يجرونها منذ أيام طويلة … يارا لن تصدق و بكل غباء ستسأل علي ان كان هذا الكلام صحيحا …. و بالتأكيد عمها العزيز لن يجلس مثل مسكين قليل الحيلة بل سيسعى ل انقاذ نفسه و انتشالها من الخطر و في طريقه الى ذلك سيدوس على من يقف أمامه و لن يتوانى عن أذيتهم جميعا.
تأفف بخنق و فتح اول زرين هامسا :
– مبقتش مستحمل الصورة اللي يارا رسماها ل **** حبها لعمها بيخ*نقني وانا مش تقدر اسكت بعد ما عرفت قد ايه علي أذاها و أذا*نا كلنا.
مرت عليه ساعة دون ان يتحرك حتى انتصب واقفا و صعد الى غرفته ليسمع صوت ضحكات يارا وهي تكلم أحدهم على الهاتف ، ورغم اشتياقه الكبير لضحكاتها الجميلة الا انه تساءل عن هوية المتصل في هذا الوقت.
فتح الباب و دخل وسرعان ما جز على اسنانه عندما علم انها تحادث عمها علي و يبدو ان مزاجها اصبح معتدلا عكس حالتها ليلة أمس.
رفعت يارا رأسها و ابتسمت عندما رأته يقف امامها فقالت :
– طيب يا عمو انا هقفل دلوقتي عشان انزل احضر الفطار سلملي على تيتا و جدو و خلي بالك على نفسك و شكرا لأنك بتتصل تطمن عليا …. مع السلامة.
اغلقت الخط و رددت ببساطة :
– عمو علي بيسلم عليك يا ادم.
لم يجبها و جلس أمامها بوجوم يحدث نفسه ” هذا هو الوقت المناسب لإخبارها ” ، لكن بدلا عن ذلك غمغم بجفاء :
– اتصل ليه ؟
– عشان يطمن على صحتي ده كل يوم بيرن عليا و يسأل عن احوالي … تعرف حاجة انا احيانا بحس نفسي بنته مش بنت أخوه لأنه بيهتم بيا كتير و بيحبني.
تأ*لم قلبه لكلامها و التزم الصمت بينما تابعت هي :
– يعني رغم المشا*كل اللي حصلت بينه وبين بابا زمان و بينه و بينك بس عمره ما ربطها بيا و حبه قل بالعكس مهما حصلي دايما واقف جمبي انا محظوظة لأن عندي عيلة زيكو.
يا الهي كيف سيخبرها الحقيقة بعد كلامها هذا ، كيف يقول لزوجته انها عمها الحبيب هو من قت*ل والدها و يتمها و غير لها أدويتها وجعلها مد*منة و خطط لتفريقا عن زوجها وكل هذا لأجل المال ، كيف يستطيع إطفاء لمعة الحب و الإمتنان بعينيها و افسا*د ضحكتها التي غابت عنه طويلا لن يقدر هو قوي نعم ولم يتردد يوما في إخبار الحقائق مهما كانت قسو*تها لكن ابتسامة يارا تجعله يتراجع …. ربما عليه الاحتفاظ بهذا السر لنفسه و سينكشف في يوم من الأيام بعد الزج به في الس*جن لن يدع غض*به يتحكم به و يجعله يف*سد ما يسعى اليه هو والشر*طة.
وعند هذه النقطة تشنج وجه ادم دم بحدة أجفلتها :
– اوعى تكوني حكيتيله عن سبب تعبك و انك بتتعالجي دلوقتي !!
استغربت رد فعله هذا لكنها ردت على اي حال :
– لا محكيتش لحد زي ما نبهتني هقول ايه اصلا وانت لسه مفهمتنيش قصة الحبوب المهلو*سة ديه و ليه استهدفوني انا بالذات و ليه احنا لسه مخبيين الحقيقة ديه على العيلة !
اغمض عيناه و دلك رأسه بخفة مهمهما :
– قولتلك الناس المنافسة ليا حبت تنت*قم مني و يشغلوني عشان كده أ*ءو اقرب واحد ليا واللي هي انتي …. مراتي و ام بنتي ، وبالنسبة لسؤالك التاني ف اتمنى احتفظ بالحقيقة ديه لنفسي وهبقى احكيلك عن كل حاجة ف الوقت المناسب بس اوعى حد يعرف فاهماني يا يارا !
بدى وجهه صار*ما و محذ*را بشكل لن تتجرأ على معارضته في اي شيء بالتأكيد و رغم حنقها و فضولها القوي لمعرفة ما يخفيه الا انها ردت بمضض :
– ماشي يا ادم حاضر ….. بس ايه الريحة ديه.
انكمشت ملامحها وهي تتفحصه حتى شهقت مندهشة :
– ديه ريحة دخان اللي طالعة منك …. انت قضيت الليلة بتشرب سجاير ؟
تأفف ادم بضجر و غضب :
– هو كل حد يشوفني يسمعني الكلمتين دول ما خلاص بقى متعملوش منها قصة انا مش ولد صغير عشان تستجوبيني انا الراجل و بعمل اللي عايزه و محدش ليه عندي حاجة.
فغرت فاها بتعجب و اندفعت تهاجمه :
– لا والله محدش ليه عندك حاجة يا سلام مين اللي قال الكلام ده !
– انا اللي قولته و اظن ده كفاية.
رد عليها ببرود و عندما لاحظ إحتقان وجهها هدأ قليلا و هتف بلين :
– ديه كانت سجارة واحدة و مش هتتكرر لاني طبعا مش هحب ا*ؤذيكي و ا*ؤذي بنتي بالدخان.
قرص وجنتها لتنفخ يارا بحزن :
– انت شربت السجاير ديه بسببي … اللي عملته امبارح دايقك و خلاك تطلع غضبك ف التدخين كله بسببي اسفة.
أمالت برأسها على كتفه فرفع يده و ملس على شعرها بحنان :
– فداكي.
اسدلت جفونها بندم و خز*ي رغم ان لا دخل لها بمرضها لكن ضميرها يؤنبها بشكل مر*وع عندما ترى إرهاقه و تعبه وكله بسببها ….. تنهدت بحر*قة و فجأة مرغت انفها في كتفه لتسمع ادم يضحك على تصرفاتها :
– انتي بتعملي ايه ؟
ردت عليه بإنتشاء :
– ريحة السجاير مع ريحة البرڤيوم جننتني اااه كنت بشمها فيك من زمان قبل ما نتجوز و زعلت وقتها لما بطلت تدخن.
رفع حاجبه باستنكار و قال :
– يا سلام تحبي اد*من عليها تاني ؟
انتفضت و سارعت تجيب :
– لالا عشان خاطري …. انا بحب الريحة ديه بس بحبك اكتر مش عايزة ترجعله لو سمحت.
اتسع ثغره مبتسما فقبل جبينها ببطئ مدروس و همس بصوته الرجولي المتهدج :
– انتي كويسة ؟ 
تأوهت بخفوت مرددة :
– كويسة طول ما انت معايا … وحشتني اوي.
تشنج جسد ادم بتأثر من قربها و ابتلع ريقه بصعوبة هاتفا :
– انا … لازم اروح المكتب وانتي ارتاحي عشان متتعبيش و…
قاطعته يارا بلوعة وهي تمرر يدها على ذقنه :
– متبعدش عني انا برتاح معاك انت بس … انا بحبك.
انتشت روحه بهمستها التي كادت تحط على شفتيه من شدة قربها و تحفزت حواسه متأثرة بأفعالها التي رغم بساطتها الا انها تغر*يه بدرجة كبيرة ، رفع ادم يده و مررها على وجنته هاتفا بشجن :
– يارا متعمليش كده انا عايز قربك اكتر منك بس مش عايز تتأ*ذي ولو فضلتي تقولي الكلام ده مش هسيطر على نفسي.
توردت وجنتيها بخجل و اجابت :
– انا سألت الدكتورة اللي متابعة معاها لما روحنالها من يومين … و قالتلي يعني … ممم مفيش مشكلة لو … لو قربنا مم من بعض قصدي …
ابتلعت باقي كلماتها و كم ندمت لأنها طلبت القرب منه هي مشتاقة له نعم وتعلم ان زوجها رغبته بها ضعف خاصتها لكنها لا تريد ان تتعرض للإحراج لو رفضها بحجة المرض ، و سرعان ما فاجأها ادم عندما وجدته يزيح طرف ثوبها و يطبع قبلته على كتفها العاري بتأن ثم احتجزها بين ذراعيه و تكلم بنبرة عابثة :
– مكنتش اعرف اني وحشتك للدرجة ديه عجبتني جر*أتك ابقي اطلبيني على طول بقى.
– ادم !
همست يارا محتجة وقد اخفضت عينيها عن مرمى عينيه ف انحنى عليها و قبل ثغرها هامسا :
– قلب ادم … روح ادم …
طالعت حدقتيه الحادتان بحب و استغربت عندما لاحظت وجود الحزن و الغضب بداخلهما يغطيهما الر*غبة التي تراها به منذ ايام طويلة ، عقدت حاجبيها بحيرة و كادت تسأله عن السبب لكنه اوقفها وهو يميلها على الفراش و يميل فوقها مقبلا كل انش من وجهها و عنقها ثم غلغل اصابع يده بأصابعها و تأ*وه بحر*ارة :
– بحبك.
أوصدت جفونها براحة و اردفت :
– وانا بموت فيك ….
_________________________
مساء اليوم التالي.
في شقة الضابط مروان.
انتهت تجيهزات الخطوبة و هاهي تقي تقف امام المرآة تطالع هيأتها المزينة من الخارج و المجروحة من الداخل ، قد ارتدت فستان اسو*د حدادا على حبها الخاسر و طرحة بيضاء تلائم بشرتها و الدمو*ع تهطل من عينيها الملونتين كحال عيون كل العائلة ، شهقت ببكا*ء و همست لنفسها :
– انتي بتعملي ايه ؟ و ليه و عشان مين التصرفات ديه انتي أصريتي تكملي الخطوبة المزيفة ديه وانتي اصلا متجوزة في ايه مالك يا تقي عايزة تفض*حي اهلك للمرة التانية و تخلي الناس تتكلم عليهم و كله علشان آسر اللي مبيستاهلش د*معة منك ؟ آسر اللي اتخلى عنك للمرة المليون انتي لسه محرمتيش من الخيانة هلاص بقى ارمي الحب ده من قلبك اخلصي من لعن*ته انا مبقتش قادرة استحمل والله العظيم مش قادرة !
كفكفت دموعها بسرعة و حدثت نفسها :
– انا لازم انهي المسخرة اللي بتحصل ديه لازم اقول الحقيقة قبل ما الناس تجي و تبقى فض*يحة. 
خرجت من الغرفة لتقابل والدتها متجهمة الوجه :
– رايحة على فين ؟
تقي :
– رايحة ادور على ابيه مروان هو فين عايزة اكلمه بخصوص موضوع مهم.
استنكرت عزة لهفتها و قالت :
– ليه عايزاه يباركلك لانك هتتخطبي لواحد بلط*جي و متجوز اتنين قبلك وانتي الزوجة التالتة ؟ عمتا اخوكي قاعد مع مازن خطيب اختك مش هتقدري تشوفيه دلوقتي.
كادت تتكلم لكن أمها قاطعتها :
– ادخلي جوا و جهزي نفسك اللي اسمه سليم و أمه و زوجاته هيجم بعد شويا يلبسوكي الدبلة اللي قاتلة نفسك عليها و بعد الساعة ديه مبقاش ينفع تتراجعي عن خطوبتك.
جفلت تقي مصدومة و تلعثمت :
– اا …. ماما انا عايزة اعترفلك بحاجة مهمة هو ….
قطعت كلامها عندما سمعت صوت ضجة عالية كأن هناك مشا*جرة تحدث و استطاعت تقي تمييز صوت أخيها و صوت اخر شخص توقعت وجوده في هذه اللحظة …. آسر !!
قبل ساعة ونصف.
كانت رتاج في غرفتها تمشط شعرها حتى سمعت طرق الباب اعتقدت انها تقي او مروان فقالت : 
– اتفضل.
– بسم الله ماشاء الله.
انتفضت بهلع و استدارت لتصيح بدهشة :
– مازن ! انت بتعمل ايه هنا دخلت ازاي ؟!
طالعها مازن بانبهار ولشعرها الطويل ناعم ولونه مائل للاحمرار مع عيونها الخضراء وبشرتها البيضاء الصافية و فستانها النبيتي الداكن كانت آية من الجمال وخاصة بعد رؤية شعرها ولونه الغريب هذه اول مرة يراها بدون حجاب بالرغم من انه كتب كتابه عليها منذ مدة ، اقترب منها ببطئ فبلعت ريقها بصعوبة و هتفت :
– لو سمحت اطلع برا قبل ما يشوفك حد هنا و تحصل مشكلة.
امسك يدها وقبلها ببطئ ورقة شديدة هاتفا :
– انا هربت من اخوكي و قولتله رايح الحمام عشان اجي اشوفك بس متوقعتش الاقي القمر قاعد هنا.
انسلتت منه بارتباك وهي تنظر خلفه خشية دخول احدهم :
– لو سمحت اطلع برا قبل ما ….
قاطعها وهو يمسك خصلة منها و ادارها حول اصبعه هاتفا :
– شعرك بيجنن اخر مرة شوفته فيها كنتي لسه صغيرة و كان قصير و لونه احمر بس دلوقتي طول وبقى بني مايل للأحمر.
ابتسمت رتاج بوله :
– لسه فاكر شكلي وانا صغيرة ؟
هز رأسه بإيجاب وقبل ان يتكلم رن هاتفه وكان زياد من يتصل به فقال :
– انا همشي دلوقتي بس هرجع تاني ممكن تلاقيني بنط من شباك اوضتك و ادخل عليكي الساعة 12 بليل ها.
شهقت بصدمة ليضحك مازن :
– انا بهزر معاكي يا حبيبتي.
انحنى عليها و قبل وجنتها و غادر تاركا اياها تطالع فراغه ببلاهة …. نظر لهاتفه و فتح الخط :
– السلام عليكم دكتور زياد ايه اللي حصل عشان تفتكرني.
– و عليكم السلام يا صاحبي المفروض انت اللي اختفيت الفترة ديه و مبقتش تعبر حد فينا بعدما كتبت الكتاب و معزمتنيش.
ضحك و علق بمزاح :
– هو انا عملت حفلة عشان اعزمك يالا بس لو عايز تقدر تجي النهارده تحضر الخطوبة.
– خطوبة مين ؟
– خطوبة تقي اخت مراتي.
صمت زياد يستوعب ما سمعه ثم ضحك بخفة :
– مازن ياريت تقولي انك بتهزر معايا !
– و اهزر ليه خطوبة البنت النهارده و هتلبس الدبلة شويا كمان … الو زياد انت سامعني ؟
*** من ناحية اخرى.
اغلق زياد الخط و نهض ينادي زوجته بعجل :
– رهف …. رهف !!
خرجت رهف من المطبخ بفزع :
– ايه في ايه بتناديلي كده ليه في حاجة ؟
وقف امامها و سألها ب إنفعال :
– صاحبتك اللي اسمها تقي بجد هتعمل خطوبتها النهارده ؟
اندهشت من معرفته للأمر و اجابت :
– ايوة بجد بس انت عرفت منين و بتسأل ليه ؟
– ليه مقولتليش و خبيتي عليا !!
صاح في غضب ف احتدت ملامح رهف و قالت :
– و اقولك ليه مش احنا اتفقنا منجيبش سيرة الناس و قولتلي مطلعش اسرار بيتي ولا اتكلم في حاجة متخصنيش ايه غيرت رأيك و بقيت انا الغلطانة ؟؟
تأفف زياد و تمالك نفسه ليقبل جبينها يخبرها :
– مغلطتيش بس ياريتك غلطتي المرة ديه.
ابتعد عنها و طلب رقم أخيه الذي سرعان ما رد :
– الو زياد ازيك عامل ايه ؟
ابتسم بتهكم و اجابه :
– كويس الحمد لله اتصلت اعزمك ع الخطوبة اهو تغير جو شويا.
تمطع آسر و نهض جالسا على فراشه :
– خطوبة مين خطوبتك انت ليه هتتجوز على مراتك ؟
قالها بمزاح و ابتسامة متسعة سرعان ما زالت و حلت الصدمة مكانها عندما سمع جواب الآخر :
– لا يا حيلتها خطوبة مراتك اللي هتتجوز عليك !!
بعد مدة كان آسر يقود سيارته بسرعة جنونية وهو يهمس لنفسه :
– تقي هتتخطب ازاي مش انا قولت ل اخوها اني لسه متجوزها هو مصدقنيش ولا بيلعب معايا ولا ايه.
اخرج هاتفه و طلب رقم مروان لكنه تفاجأ به يغلق الخط فزمجر بعصب*ية مر*يرة و واصل طريقه حتى  توقف عند العمارة التي تقطن تقي فيها.
ترجل و ركض يصعد الدرجات ليصل الى الشقة طرق الباب عدة مرات بقوة حتى فتح و ظهر مروان يسأله ببرود :
– في حد يخبط على الباب بالطريقة ديه ؟
في نفس الوقت نزل المدعو سليم و أمه و زوجتيه و عندما رآه جز على اسنانه بغيظ :
– ده عريس الغفلة ؟
سليم بسماجة :
– انت مين يا حيلتها و بتخبط كده ليه احنا معزمناش حد من برا العيلة.
قهقه آسر بر*عونة وقد فقد أعصابه ليمسكه من ياقة قميصه و يصرخ :
– انا جوز الست اللي جاي تلبسها الدبلة يا حيلتها انا آسر الألفي جوز تقي !
انتفضت أم سليم بصدمة و صرخت :
– انت نفسه اللي هربت معاك قليلة الشر*ف من زمان …. سامع يا ولد بيقولو ايه البنت العا*يبة اللي كنت ناوي تتجوزها طلعت مصاحبة اتنين في وقت واحد ويا عالم مين تاني.
نظر لها آسر بحدة و تقدم خطوة مهددا :
– اتلمي يا حرمة و احترمي نفسك اوعى تغلطي في مراتي !
تكلمت احدى الزوجات بلزوجة :
– هي ديه اللي نويت تتجوزها و نجيبها ضرة تالتة و قال ايه هتخدمنا و تخدم أمك اهي طلعت مش مطل*قة و دا*يرة على حل شعرها.
– إخرسي !
صاح بها مروان و طالع سليم محذرا :
– لم مراتك احسن ما….
قاطعه بوقا*حة و قر*ف :
– هتعمل ايه الولية مغلطتش اختك بدل ما تبوس ايدها وش و ظهر عشان قررت استر عليها وعلى نجا*ستها طلعت بتلعب عليا.
تنند آسر و في اللحظة الموالية كان يجثم فوقه يلكمه بعن*ف صارخا :
– نجا*سة مين يا **** لما هي عايبة عايز تتجوزها ليه وانت متجوز اتنين ولا ديه فراغة عين وخلاص مراتي اشرف منك يالا يا ***** يا ***** 
انتفض الجميع و خرج الجيران يحاولون الفصل بينهما و فجأة وجد آسر نفسه يسحب من أحدهم و يتلقى لكمة عن*يفة جعلت انفه ينز*ف ، تأوه بدهشة و نظر الى مروان :
– انت اتجننت بتضر*بني ليه ؟ انت كنت عارف اني لسه متجوز تقي سايرتها في اللي بتعمله ليه يا ضابط يا محترم !!
في هذه اللحظة التقت عيناه بوجهها المصدوم فزاد غضبه و كاد يقترب منها لكن مروان سحبه الى الداخل و لكمه ثانية و سدد له عدة ضر*بات مو*جعة صائحا :
– انا كان نفسي اديك الضر*ب ده من زمان بس مسكت اعصابي و دلوقتي محدش هينجيك مني.
صرخت تقي بخوف و ركضت نحوهما تحاول الفصل بينهما :
– ابيه مروان خلااااص كفاية ارجوك سيبه مروااان انت هتموته بس بقى !!
عند سماع صوتها رفع رأسه ليجدها تبك*ي بخوف و تحاول ابعاد أخيها عنه ف ابتسم رغم الكدمات التي تغطي وجهه و قفز يسدد لكمة في وجه مروان :
– تقي مراتي انا ومش هسمح لحد ياخدها مني !!
توقف الآخر عن ضربه ووقف ف انحنت تقي على آسر تردد بهلع :
– قوم بسرعة و امشي قبل ما تتأذى أرجوك امشي دلوقتي و متجيش هنا تاني.
التفت لها بأ*لم و تمتم :
– انا مجتش عشان امشي يا تقي … جيت ارجعك معايا !
نزلت دمو*عها بغزارة و شهقت بحر*قة قلب :
– بعد المدة ديه …. ايه اللي هتقدر تصلحه فهمني !
اغرورقت عيناه بالدمو*ع و حاول الإستناد عليها ليقف ثم فتح باب الشقة ووجد الجيران متجمعين و أعينهم متسعة بفضول ، أخذ نفسا عميقا و أمسك يد تقي متحدثا بصوت عال :
– من زمان انا حبيت تقي و اتجوزتها بس بسبب غبائي خسرتها و اتعذبت في بعدها عني و النهارده انا جاي اقولكم انها لسه مراااتي و قيمتها محطوطة فوق راسي من النهارده اي حد يفكر يتكلم عليها هيلاقيني قدامه ومش هفكر مرتين قبل ما اخل*ص عليه.
طبع قبلة على يدها و همس بتعب :
– عايز اتكلم معاكي.
احتدت عيناها برفض :
– وانا مش عايزة اسمع صوتك كفاية الفض*يحة اللي عملتها.
جاء صوت مروان الجاد من الخلف :
– معاك ساعة يا استاذ لو مقدرتش تقنعها حط في دماغك انك لو طولت السما مش هتقدر تشوفها تاني مفهوم … ديه آخر فرصة ليك.
اندهشت أخته و طالعته بإستفسار ليبتسم ويرفع حاجبه بمعنى ” كنت أعلم بكل شيء ” ولم تكد تتكلم حتى وجدت نفسها تمشي خلف آسر الذي يمسك يدها و يسحبها بعزيمة متجاهلا حديث الجيران الجانبي و تساؤلاتهم عن المجنونة التي كادت تعقد خطوبتها وهي متزوجة من رجل آخر !
هدر مروان بصوت جهوري :
– المسرحية خلصت اختي مشيت دلوقتي مع جوزها لو سمعت كلمة غلط عليها مش محتاج اشرحلكو هعمل ايه !
رمقوه بنظرات مستنكرة ساخطة و دخل كل منهم الى شقته فجاءت عزة تصرخ بصبر نافذ :
– انت هتشرحلي كل حاجة قبل ما افقد اعصابي سامع !
رد عليها بتريث :
– حاضر يا أمي ثواني بس.
شمر على ذراعيه و استدار الى سليم مغمغما بتشنج :
– انت بقى كنت ناوي تاخد اختي و تشغلها خدامة عندك لأنها عا*يبة و قليلة شر*ف …. تعالالي يا رو*ح إمك ! 
___________________________
بعد مرور اسبوع.
في فيلا ادم الشافعي.
تململ في نومه و فتح عيناه بكسل ليجد المكان بجانبه فارغ فإنقبض حاجباه و تساءل … اين هي ؟
نهض جالسا و خرج من الغرفة ليبتسم عند سماع حركة تصدر من المطبخ و صوتها الناعم يدندن أغنية تركية تعود على سماع شقيقته رهف تغنيها بشغف ، تنهد براحة و تذكر الأيام الماضية اتبعت يارا جلساتها و تحسنت حالتها كثيرا بعد العلاج و بدأت تعود الى سابق عهدها ، حسنا لم تشفى تماما او تتوقف نو*باتها لكن على الأقل لم تعد تتألم مثلما كانت و عادت لها روحها المرحة نوعا ما.
نزل ادم الى الأسفل و رآها تضع العصائر فوق الطاولة ف احتضنها على غفلة منها و قبل وجنتها :
– صباح الخير.
– خضتني يا ادم.
همست خجلة صدرت منها وهي تبتسم له فلحد الآن تشعر بإرتباك و حرج عندما يتصرف بحب معها ، التفتت له و أردفت :
– صباح النور.
ابتسم و قرص وجنتها بخفة :
– مصحتنيش بدري ليه انا عندي اجتماع بعد ساعة ونص.
– كنت هطلع دلوقتي اصحيك والله مش قصدي اخليك تتأخر.
فسرت له يارا مسرعة فردد بخشونة :
– انتي اتوترتي كده ليه اهدي اكيد مش هترفد من شغلي لو اتأخرت ع الشركة بتاعتي.
– مغرور !
قالتها بغيظ منه فرفع حاجبه مستفزا اياها :
– حقي اتغر.
حلس على الكرسي وهي جانبه يتسامران حتى قالت وكأنها استدركت شيئا :
– صحيح انا عايزة استأذنك عشان اخرج النهارده.
همهم ادم باقتضاب :
– تخرجي تروحي على فين ؟
ردت عليه ببساطة :
– اسجل في الجامعة الدراسة هتبدأ بعد اسبوع وانا لسه محطيتش الملف بتاعي.
وضع ادم كأس العصير جانبا و تنحنح بجدية :
– بلاش يا يارا.
تفاجأت منه و رددت :
– ليه بس طيب لو مش عايزني اطلع تقدر انت تسجلني بنفسك.
تأفف بسخط و نظر لها مباشرة :
– انا بقصد انك لازم تلغي السنة ديه و متدرسيهاش أجليها للسنة الجاية احسن.
راقب عيناها تتسع بصدمة فوقفت تهتف :
– انت بتقول ايه سنة ايه اللي الغيها و ازاي و ليه انا بقيت كويسة دلوقتي ومش بتعرض لنوبة قوية لو خايف تحصلي حاجة ف….
قاطعها وقد وقف امامها مغمغما بصرامة :
– خايف عليكي وكمان مش موافق اسيب مراتي تروح الجامعة وبطنها قدامها و جسمها ملفت اساسا انتي لازم تهتمي باللي في بطنك الفترة ديه الدراسة مش هتهرب.
صرخت يارا وقد فقدت هدوؤها :
– افندم منين طلعت القصة ديه دلوقتي مش انت اللي من كام يوم قولتلي الدراسة قربت ولازم تبدأي تذاكري ورفضت انزل البلد مع تيتا و جدو عشان اقدر اروح الجامعة اومال ايه اللي حصل فجأة.
رفع ادم اصبعه في وجهها محذرا :
– وطي صوتك و متعليهوش عليا انا بشرحلك بهدوء و بقولك اولا صحتك مش ممتازة عشان اأمن عليكي وانتي لوحدك و رهف جوزها هيوديها الصبح و يرجعها المسا وانا مبقبلش تركبي معاه و مشغول الفترة ديه ومش هقدر اخدك و ارجعك كل يوم ده اولا …. ثانيا انا مش عايز تلفتي انتباه الشباب اللي معاكي و تهملي نفسك من غير حاجة عملتي اكتر من مصيبة وانتي ف الجامعة ومش عايز اللي حصل زمان يتكرر.
هزت رأسها بعدم استيعاب و قالت :
– ادم انا مش اول ولا آخر واحدة بتدرس وهي حامل انا بقدر اخد بالي من نفسي ومن بنتي بطل تحكيلي الحجج ديه لأنها مش داخلة دماغي و قول الحقيقة انت مش عايزني اكمل دراستي ليه ؟ انت خايف يتكرر موضوع محمد مجدي ؟
– متجيبيش سيرته !
صاح بها برعو*نة أخا*فتها وجعلتها تعود للخلف ليتابع :
– هي كلمة واحدة ومش هكررها تاني مفيش دراسة السنة ديه بعد الولادة مسؤوليتك هتكبر و هتبقي تهتمي ببنتنا اعتقد ده من اولوياتك و لحد ما تكبر …
قاطعته يارا ساخرة :
– لحد ما تكبر ؟ لسه من شويا كنت بتقول هتابع السنة الجاية ايه رجعت فكلامك وتقعدني في البيت طول العمر ؟
صمت قليلا وهو يتنفس بحدة قبل ان يتحدث بصلابة :
– هبقى مبسوط لو قعدتي في البيت كده كده انتي مش محتاجة شهادة ولا شغل تجيبي منه فلوس بس هنتناقش في الموضوع ده بعدين المهم السنة ديه هتتلغى.
تحرك و صعد الى غرفته يغير ملابسه و قبل مغادرته سمعها تصرخ بعصبية :
– في احلامك يا ادم انا مش هسيبك تتحكم في حياتي و تلغي وجودي انا دلوقتي عرفت انك زي باقي الرجالة اللي روح قلبها تقعد الست في البيت بس مش هسكتلك فاهم !!
لم يلتفت لها و تجاهلها كليا ف التمعت عيناها بدموع منفعلة غير مصدقة انه نفس الشخص الذي كان يغازلها منذ قليل و يعاملها بحنان العالم في الآونة الأخيرة ، جلست على الكرسي بتثاقل مفكرة اذا طاوعته و ألغت سنتها الدراسية سيجعلها تتنازل عنها في السنوات المقبلة لن يدعها تعود ابدا لكنها لن تسمح له بذلك ليست هي من يستطيع التحكم بها و طمس قراراتها و حريتها لن تخضع له مطلقا.
تنفست بقوة وهزت رأسها تعد نفسها بتصميم :
– ماشي يا ادم يا انا يا انت !!
يتبع..
لقراءة الفصل الخامس والأربعون : اضغط هنا

اترك رد

error: Content is protected !!