Uncategorized

رواية أغلال لعنته الفصل الرابع عشر 14 بقلم إسراء علي

 رواية أغلال لعنته الفصل الرابع عشر 14 بقلم إسراء علي

رواية أغلال لعنته الفصل الرابع عشر 14 بقلم إسراء علي

رواية أغلال لعنته الفصل الرابع عشر 14 بقلم إسراء علي

أخبرتها ذات ليلة أنها البداية والنهاية 
أنها مُفترق الطرق و جمعيها تؤدي إليها
أخبرتها مرارًا و تكرارًا إنها رشفة ماء بعد الظمأ
أنها سراب تكون في الصحراء و رغم ذلك أحببتُ الخدعة
أخبرتها أنني يائس و أنها الأمل 
أنها الشمس في ليلة حالكة السواد مدت لي يدها فـ أشرق ظلامي… 
إلتفتا الإثنين على ذلك الصوت الجهوري و الغضب الذي جعل الهواء خانقًا، لتتسع عيني حوراء بـ صدمة لماذا جاء إلى هُنا بعد طردها له من المقهى؟ و الأهم من ذلك ما الذي سيفهمه من وضعهما ذلك! 
حاولت حوراء دفع قُتيبة و لكنه كان كـ الجُثة الهامدة، ثقيل الوزن بـ شدة و كأنه تم إضافة صخور إلى وزنهِ، أخذت نفسًا عميق و هدأت جنون ضربات قلبها و قالت 
-نعم يا أُستاذ عُميّر!… 
البرود كان يقتله، هو بعدما أحس بـ الذنب لِما فعله لها، ركض وراءها ليُصالحها فـ وجدها يتم سحبها منه فجأة دون أن يفهم ماذا حدث ليركض خلفهما و وجدهما في هذا الوضع المُخل! 
تقدم عُميّر ينوي إنتشال حوراء بـ قسوة و الغضب قد أعمى بصيرته فـ توقعت هي أنه سيؤذيها، إلا أن قُتيبة قد قطع عليه الطريق و وقف أمامها ثم هدر بـ صوتٍ صخري، مُحذر
-متقربش منها، و إهدى… 
توسعت عيني عُميّر بـ جنون و الغضب يشتعل أكثر و أكثر فـ جأر بـ حدة و هو يقترب منهما
-و ليك عين تتكلم يا…. 
-قاطعته حوراء صارخة:متشتمش يا عُميّر، قُتيبة كان دايخ و تعب فـ آآ… 
لم تستطع حوراء وصف ما حدث أو كيف تصيغه و تُخرج نفسها و قُتيبة من هذا الموقف المُحرج إلا أن قُتيبة هتف بـ إستنكار و برود
-بس أنا مش تعبان… 
دهست حوراء قدمه بـ قدمها و نظرت إليه بـ تحذير و شددت قائلة 
-لأ كُنت تعبان
-زفر قُتيبة و قال:هي بتقول إني كُنت تعبان
-صرخ عُميّر بـ حدة:كفاية هبل و لعب عيال، و إوعى تفكر إني مُمكن أسلمك أُختي تحت أي ظرف… 
صرخت حوراء صرخة داخلية ثم ضربت رأسها بـ يديها الإثنتين ثم تقدمت تمنع شجار يوشك على البدء و هتفت بـ صوتٍ شبه حازم
-مُمكن بلاش فضايح! مش معقول كُل يوم فضيحة شكل كدا ربنا يهديكوا… 
دفعت قُتيبة و تقدمت تدفع عُميّر الذي أمسك يدها إلا أنها هدأته و هي تنظر إلى عينيه
-مفيش حاجة حصلت و قولتلك قُتيبة كان تعبان… 
قبض عُميّر على معصمها و جرها خلفه دون حديث و بعد أن رمق قُتيبة نظرة سوداوية، مُستحقرة، إلا أن صوته من خلفهما أوقفهما 
-حوراء!… 
إستدارت حوراء و عُميّر له فـ قذف بـ عُلبة الدواء لتلتقطها قائلة بـ إبتسامة سخيفة
-العلبة الدوا اللي اتمرمطت معايا… 
صرخت بـ ألم حينما سحبها عُميّر بـ شدة خلفه، و قررت الهدوء رغم الغضب و الثوران بـ داخلها حتى لا تُثير ضجة و سارت خلفه بـ صوتٍ، ليس سير بل شبه ركض لتواكب سُرعة خطواته بـ ساقيهِ الطويلة 
حتى وصلا إلى المنزل و في الفناء، سحبها لتقف أمامه و قبل أن يتحدث عُميّر إنفجرت هي غيرُ عابئة لصوتها العال 
-أنا مش بقرة و لا كلب عشان تُجره وراك بـ الطريقة الغبية دي… 
تقدم منها عُميّر خطوات حتى أصبح يُشرف عليها بـ طولهِ ثم هسهس بـ صوتٍ مُخيف
-صوتك ميعلاش، و ملكيش عين تتكلمِ بتاتًا… 
جفلت حوراء من إقترابهِ المُفاجئ و الخطير قبل أن تضربها كلماته فـ ضربت صدره و قالت هائجة
-مين اللي ملوش عين يتكلم! مش أنت طردتني! و بعدين مين إدالك. الحق تتصرف معايا كدا
-لن يرضخ لكلماتها المُحقة و قال:أنتِ هنا أمانة فـ بيتنا، و يحقلي أعاملك زي ما بعامل كيان… 
زاد جنونها و ضربت الأرض بـ قدمها ثم صرخت و هي تلكز صدره
-لأ ميحقلكش، و فيه فرق بـ إني أمانة و إنك بتكره قُتيبة فـ عاوز تطلع كُرهك و غضبك عليا… 
لجمته بـ حديثها و بـ عينيها الجميلتين اللتين تلمعان بـ عبرات تُهدد بـ الهطول و قبل أن يتحدث أكملت هي دفاعها 
-و على فكرة قُتيبة أنقذني من واحد كان هيمد إيده عليا، يعني أنا و أنت مديونين له يا بتاع الأمانة… 
قطب جبينه و إشتعلت عيناه بـ خطورة و سألها ينحني أكثر فـ بات الفراغ بين وجهيهما يكاد يكون معدوم
-مين دا! و إيه اللي حصل
-توترت حوراء و أدارت رأسها ثم أجابت:معرفش، بس قُتيبة جه و طلعني… 
لم يرضَ بـ هذه الكلمات كـ إجابة بل قبض على ذقنها و أدار رأسها إليه فـ إتسعت عينيها بـ ذُعر و تعالت أنفاسها قبل أن يُهسهس غاضبًا
-حوراء متلعبيش بـ أعصابي
-إرتجفت شفتيها الحلوة و قالت:والله العظيم معرفش، و إبعد شوية… 
لم يكن بـ حال يسمح له إستيعاب الموقف الذي هما به الآن، بل أكثر ما يشغل همه أنها كادت أن تتعرض لأذى بـ سببهِ و بـ سبب طردته لها و رحيلها دون مُرافقتها، و الأنكى أنه يعلم ما نوع الأذى الذي كان سيطالها، و الفضل يعود إلى الحقير الذي يكرهه أكثر من تعرضها للأذى
و لم يستفق إلا على صوت أنفاسها المُتوترة و التي تضرب مُعظم وجهه، و حينها قد وعيَّ تمامًا لِما هما بـ صددهِ، و خاصةً عندما وقعت عينيه على شفتيها المُرتجفة بـ إغراء لرجل لم يقرب نساء مُنذ زمنٍ
و الشيطان يُوسوس لا ضرر من إقتراب بسيط ستخجل هي منه، و تخجل من ذكرهِ أمام عائلته أو حتى بينها و بين نفسها، الموقف بات أكثر خطورة و الحرارة إشتعلت أكثر و كِلاهما مُكبلين بـ قيودٍ وهمية سيجعلهما يخسران و بـ شدة
و فجأة سمعا صوت أحدهما يهبط الدرج و كانت الإشارة الخضراء ليبتعد عن حوراء و لكن قبل أن تبتعد، كانت دفعته بـ قوة شديدة لم يكن يعرف أنها تمتلكها و سقطت عُلبة الدواء من جديد، لتصعد الدرج راكضة دون أن تلتفت
تعثرت و سقطت و كاد أن يركض ليُساعدها قلقًا إلا أنها نهضت سريعًا و أكملت طريقها إلى أعلى
مسح عُميّر على وجههِ و أعاد خُصلاتهِ إلى الخلف و إنحنى يلتقط عُلبة الدواء التي علقت بها رائحتها ثم همس دون أن يلتفت لـ أؤلئك الذين ينظرون إليه بـ تعجب
-الخطر زاد يا عُميّر و أنت ضعيف و هتتسحب فـ الدوامة… 
********************
زفر قُتيبة بـ قتامة و مسح على خُصلاتهِ ثم رحل و في طريقهِ إلى الشاطئ رفع أكمام قميصه و فتح أول زرين منه، لقد كان يشعر بـ إختناق كبير مُذ لقاءه مع أرسلان
ياللهي لم يكن يعرف أنه يحمل كُل تلك الغيرة و الحقد لـ أؤلئك الذين يمتلكون عائلة، و اليوم أعاد فتح جراح قد ظن أنها إندملت و لكن ذلك لم يكن سواء هباءًا منثورا
“عودة إلى وقتٍ سابق” 
كان قد وصل قبل الموعد بـ دقائق في المكان الكي طلب منه أرسلان اللقاء به و ظل ينتظره مُحدقًا في أطراف المكان، مكان شبه مُنعزل به عدد من المصانع كـ الذي ينتظر أمامه و لكنه قديم و رث بعض الشئ، و إستطاع قُتيبة إلى حدٍ ما إستنباط ما يود أرسلان الهاشمي فعله
دقائق مرت حتى أتت سيارة سوداء و توقفت ثم ترجل منها، أرسلان الهاشمي الغامض المتوحش، لن يُبالغ إذ قال أنه كان شيطانًا، في وقتٍ سابق حينما كانا فـ السجن كان يرى به المادة الخام للظلام و الشر، و القصة وراءه كانت تستحق كُل تلك الظُلمة و الشر
و لن يستثني نفسه من الظلام فـ هو أيضًا في مرحلة من حياتهِ كان قاتل و تدنست يده بـ دمٍ لن يندم على إراقته
و لكن أرسلان الذي أمامه الآن كان كمن وجد السلام بعد حروبٍ دامت سنوات أهكلته و أكلت من روحه، أرسلان عاد إنسانًا فـ متى سيعود هو أيضًا؟ 
و ما جعل قلبه ينقبض و يحل الظلام به فـ إنعكس على وجههِ، حينما رآه يحمل طفلًا صغير يكاد يبلغ الخمس سنوات يبتسم إبتسامة طفولية مُشرقة و أرسلان ينظر إليه، رغم أنه لا يبتسم إلا أن نظرته كان أبوية خالصة، شديدة الحنو و هذا ما لم يحصل و لن يحصل عليه أبدًا 
حاول قُتيبة إبتلاع مرارة العلقم التي تجرح حنجرته و إقترب من أرسلان ثم صافحه بـ تجهم و قال 
-لو كُنت هتتأخر كُنت قول نأخر المعاد! 
-رفع أرسلان حاجبه و قال ساخرًا:أنت اللي جاي بدري، تسع دقايق!… 
زفر قُتيبة و أخرج لُفافة تبغ يُدخنها إلا أن أرسلان هتف بـ صوتٍ شبه حاد
-بلاش سجاير، مش شايف الولد!… 
ضيق قُتيبة عينيه، ثم زفر و أعاد اللُفافة إلى مكانها و أشار إلى أرسلان ليتقدمه و هو خلفه، الطفل كان يحتضن عُنق والده و نظر إلى قُتيبة ثم إبتسم الطفل، إبتسامة جعلت من قلبه الحجري يذوب فـ إبتسم
مدّ أرسلان الصغير يده إلى قُتيبة و كأنه يُصافحه فـ مدّ هو الآخر يده و صافحه ثم همس قائلًا 
-أزيك يا بطل!… 
ضحك. الطفل بـ خجل الذي تمسك بـ أرسلان ليأتي معه و وضع رأسه في كتف والده، إنهما ضدان، عكس والده تمامًا لا يبتسم و لا يخجل، و هذا جعل قُتيبة يبتسم، يومًا ما ستكون له أُسرة و أطفال كُثر من كيان، سيُعامل أطفاله و كأنهم كائنات خيالية تستحق ذلك الحُب و العطف الذين حُرم منهما
إلتفت أرسلان إلى قُتيبة الهائم في خيالاته ثم هتف و هو يقطب جبينه
-أنت سامع! 
-رفع قُتيبة رأسه و قال بـ عدم تركيز:بتقول إيه!… 
صمت أرسلان لعدة ثوان قبل أن يزفر بـ نفاذ صبر و قال من جديد
-بقول أكيد أنت عارف محتاجك ليه! 
-ليه!… 
سأل بـ تلاعب عبثي جعل أرسلان يغضب و لكن قُتيبة لم يهتم و سبقه إلى المصنع يفتحه ثم أردف بـ هدوء رن صداه في أرجاء المصنع الفارغ
-مظنش فهمت أوي، بس اكيد ليه علاقة بـ إنك تسأل عن شهادتي! 
-حدق أرسلان بـ الأرجاء و قال:المصنع دا واخد توكيل لماركة عربيات، فـ طبعًا ن
محتاجك معايا… 
وضع قُتيبة يديه في جيبي بِنطاله و وقف قبالة أرسلان، الإثنين يرتديان الألوان الداكنة عكس أشعة الشمس الساطعة فـ جعل منهما شخصين غيرِ مُلائمين للإشراق حولهما ثم هتف هادئًا و كأنه لا شيء يخجل منه
-بس أنا محلتيش غير ستر ربنا
-ربت أرسلان على رأس طفله و قال:مش عاوز منك غير خبرتك
-ياريت تكون واضح 
-سخر أرسلان:أكتر من كدا! 
-رد على سُخريته بـ أُخرى:معلش حاول تتعامل مع غبائي… 
إنحنى أرسلان ليضع طفله أرضًا و ركض في الأرجاء، ثم قال وهو يُتابع بـ عينيهِ صغيره بـ برود
-أنا الفلوس و أنت المجهود، أظن مش محتاج توضيح أكتر من كدا
-مط قُتيبة شفتيه و قال:مش عدل، مجهودي ميجيش حاجة قُصاد الفلوس اللي هتحطها فـ مشروع زي دا 
-رد أرسلان بـ هدوء و غرور:مبستثمرش فـ حاجة مُمكن أطلع منها خسران… 
ضحك قُتيبة بـ سُخرية على ثقة أرسلان و لكنه ليس بـ شخصٍ حقًا يعقد صفقة قد يكون بها خاسرًا و إن كانت خسارة لا تُلحظ، وضع يده بـ خصرهِ و بدأ يُفكر هل هذه حقًا فُرصة أُتيحت له من ذهب؟ بـ النهاية هو لن يخسر بـ كِلا الأحوال فـ هو عاطلًا و لن يخسر إذا ما حاول
قاطع تفكيره أرسلان و هو يقول بـ مكر 
-دي فُرصة مش هتتعوض، و هتبدأ بيها حياتك بعد السجن، و جايز تبني حياتك معاها… 
حدق به قُتيبة بـ نظرةٍ شبه غاضبة فـ إبتسم أرسلان بـ سُخرية و قال 
-اللي يدخل السجن عشان واحدة، مُستعد يستغل فُرصة زي دي حتى لو كانت ضحك عليه عشان يوصلها بس، متفكرش كتير… 
لا يفهم سر إصرار أرسلان عليه، لماذا هو دون الجميع، هُناك مَنْ يمتلك خلفية تؤهله لذلك العمل أكثر منه، و كأن أرسلان قرأ أفكاره فـ أجاب على سؤالهِ الصامت
-عشان إحنا الأتنين زي بعض… 
نظر إليه قُتيبة بـ تشويش حقًا ما وجه الشبه بينهما؟ و لكن أرسلان تركه حائرًا و نادى صغيره ليرحلا و قبل ذلك هتف و هو يخرج
-هستناك بعد يومين، و تعالى أوصلك فـ طريقي… 
“عودة إلى الوقت الحالي” 
لم يشغل باله طوال هذا اللقاء إلا عبارتيه عن تشابههما، رُبما يعني الظلام الذي تعرض له قُتيبة في طفولته ذاقه أرسلان في شبابهِ، أم أنهما كِلاهما يبحثان عن طوق النجاة الذي تمثل لهما في شخص! 
و الثاني الغيرة التي إكتنفته حينما رأى عائلة أرسلان و ذلك الجو الدافء بينهم، لقد إكتشف اليوم أنه كان يغار من كيان و بـ شدة، لأنها تمتلك ما لم يمتلكه
كُل ذلك جعله مُترنحًا و فَقَدَ عقله، لذلك لم يعِ ما فعله مع حوراء غير الآن، فـ ضرب وجهه بـ غضب و سب سباب بذئ قبل أن يعود إلى المنزل غاضبًا
********************
الغضب ثم الغضب و الكثير من الغضب
جلست كِنانة في مكتبها غاضبة بـ شدة، من هو ليحق له فعل ذلك؟ ذلك الحقير المُتحرش إنه يستفزها فقط لتُخطئ، إنه يستمتع بـ سادية مُقززة في إثارة غيظها
و الحق إنه ينجح في كُل مرة، و هي أيضًا في كُل مرة تُخبر نفسها أنها لن تنساق و تجعله يربح و لكن صدقًا إنه يتخطى توقعاتها، سابقًا كان يغضب و يجأر و ذلك أسعدها بعض الشيء و أخبرها أن سلامها قادم
و لكن لا سلام مع ذلك المُتحرش، لن تستطيع مُجابهة أفعاله و سعة صدره الغريبة، هي أحيانًا تشعر بـ الغضب من نفسها و تود أن تعتذر عما بدر منها و لكنها تتراجع حينما تراه
أخرجها من أفكارها التي بدأت تتخذ مجرى الجريمة فـ تتحول من سارقة إلى قاتلة، صوت الهاتف و التي تتأكد أن تلك المُكالمة منه، فـ تأخرت في الرد – عن عمد- ثم أخيرًا أجابت، ليخترق صوته أُذنها و كان أول ما قابلها هو سُخريته 
-أنا فكرتك مُتِ من غيظك عشان تتأخري فـ رد كدا… 
صرت كِنانة على أسنانها بـ غلٍ و غضب، لترد عليه بـ نبرةٍ حادة
-لأ كُنت بخطط لجريمة قتل
-أتاها صوته المُتعجب بـ سُخرية:يااااه، طب إبقي إديني خبر بقى عشان أضيفها على جريمة السرقة
-صرخت بـ صوتٍ مكتوم قائلة:يا أخي حسبي الله ونعم الوكيل، أنت مين مسلطك عليا! 
-أجاب ضاحكًا:جريمة السرقة بتاعتك… 
إنتفخت أوداجها غضبًا و إحمر وجهها، لتركل كِنانة المكتب بـ حذاءها ثم قالت بـ فتور واهي فـ هي لا تُريد رابحًا
-هتقول عايز إيه و لا أقفل فـ وشك!… 
صمت و ظنت أنها ربحت، و كادت تشق إبتسامة وجهها و لكنها ماتت في مهدِها حينما هتف بـ صوتٍ خبيث
-قلة الأدب مش هتجيب معايا سكة يا كِنانة، فـ ياريت تحترمي مُديرك شوية عشان أنتِ شوفتِ مُمكن أعمل إيه… 
عليها أن تهدأ، يجب أن تهدأ و إلا ستقود نفسها إلى الهلاك، فـ أخذت نفسًا عميق و سألته بـ هدوء غاضب
-تحت أمرك يا فندم
-هتف بـ رضا:شاطرة، هاتيلي كُوباية شاي أخضر 
-هتفت بـ غيظ:أنا مش شغالة خدامـ…. 
قاطعها وقاص بـ برود و هي تسمعه يأمر بـ صلف
-متتأخريش… 
ثم قُطع الخط فجأة، لتُغلق الهاتف بـ هدوء، ثم وضعت رأسها على المكتب و ذراعها أسفل فمها و صرخت صرخة مكتومة و سبت هذه المرة بـ صوتٍ ظاهر قليلًا
-يا حيوان يا اللي معندكش ريحة الدم يا مُتحرش… 
و بعد قليل من الوقت نهضت بـ قلة حيلة و جلبت ما طلبه، شاي أخضر ودت لو تسكبه في وجههِ و لكنها ستُضيف جريمة أُخرى لا طاقة لها به، تحركت في حذر حتى لا ينسكب
و هذه المرة طرقت كِنانة الباب و دلفت ثم وقفت أمامه، لتجده يجلس بـ إريحية فوق المقعد و ينظر إليها بـ تحدي، قارئًا نواياها بـ تحدي أن تفعل ما تُفكر به، و قال ساخرًا 
-وريني بقى هتحدفيه إزاي!… 
مُحق، إذا فعلت ذلك سينتهي بها المطاف بـ ذنبٍ آخر و ستكون مُذنبة أمام الجميع، و رُبما يفشي سرها مُستغلًا الموقف، لذلك تقدمت منه بـ حذر و سكون مُقلق ثم وضعت الكوب فوق المكتب و قالت بـ إبتسامة بغيضة
-بالهنا يا فندم
-إلتقطه وقاص و قال ضاحكًا:قصدك بـ السم مش كدا! 
-أجابت بـ الإبتسامة ذاتها:كُل لبيبُ بـ الإشارةِ يفهمُ… 
بصق وقاص ما إرتشفه و ضحك ساعلًا حتى هي أجفلت و قطبت جبينها أمام هذا المشهد، ليقول بعدما إنتهى من ضحكهِ و مسح فمه 
-دمك خفيف يا كِنانة، بس هيوديكِ فـ داهية خُدي بالك… 
لم تجد كِنانة القُدرة على الرد أمام تلك الضحكة الرجولية الجميلة، وقاص يمتلك أجمل إبتسامة رأتها، إبتسامة رجل وقور يحمل الشبابية في جمالها و عبثها المُستتر، كانت تُحدق به بـ بلاهة و كأنها نست كيف تتحدث أمام هذا المشهد الفاتن الذي لن تراه مع قاطني منطقتها 
مال وقاص بـ رأسهِ حينما وجدها تُحدق به هكذا و قرر الصمت، يتأملها هو الآخر، سيكذب إن قال أنه لم ينجذب لها من أول مرة و لكنها تجذبه بـ شدة في كُل حديث و كُل نظرة منها، كأنها مُثلث برمودة في مُحيط لا سبيل للنجاة سوى الإنجذاب لها
حتى عرض زواجه المُفاجئ، تفاجأ أنه خرج من أعماق رغبته بها، أنها أول إمرأة لامست قلبه بـ هذه الطريقة شديدة الخطورة
سمع صوتها أخيرًا حينما إستفاقت و توردت خجلًا، و كانت هذه أجمل مرة يراها بها تقول بـ تردد
-هو، هو أنت ليه إديت لبابا مُكافأة نهاية الخدمة بتاعته تاني! و أنت عارف إني سرقتها… 
إبتسم إبتسامة أسرت قلبها لثاني مرة على التوالي و قال بـ بساطة و كأنها لم ترتكب خطأ جلل
-عشان عُمرك ما هتقولي لوالدك إنك سرقتِ
-همست بـ تعلثم و غرابة:بس أنت كدا بتحملني ذنب أكبر!… 
إكتفى وقاص بـ إبتسامة وقورة في باطنها الكثير خشت أن تستنبطه فـ إكتفت بـ شهقة و ركضت قائلة بـ خوفٍ
-شُـ شُكرًا…
أعقب إبتسامته نظرة طويلة تُظهر أكثر مما تُخفي ثم إلتفت و إرتشف من الشاي الأخضر، مُنذ متى و تحولت تلك المرارة إلى الحلاوة التي تُشبه لذة غزل البنات؟ 
أما كِنانة فـ لهثت جالسة فوق مكتبها و لطمت قائلة بـ فزع حقيقي و كأنها قتلته بـ الداخل 
-أنتِ هتخيبِ يا كِنانة و لا إيه! نهارك إسود… 
********************
كان يعلم أنه يخطو إلى المنطقة المحظورة عليه بـ كامل إرادته، و أنه يعي مقدار الخطورة التي ستأتي عقب ذلك، مشاعره المُشتتة و تفكيره الطويل أخبراه 
“يا صديقي ستُخطئ و تتحملان كِلاكما نتاج خطئك” 
لم يعد عُميّر يعلم نفسه، لقد كان شابًا طائشًا في صغرهِ و إرتكب الكثير من الحماقات و عندما ظن أن الحُب قد طرق بابه و أنها المنشودة، قرر تزوجها
و قُوبل قراره بـ الرفض التام، تمرد و غضب و ترك المنزل و عاد حينما وافق الجميع على قرارهِ، ضغط عليهم بـ كُل جوارحه ليتزوج إيزيل في سنٍ مُبكر
ثم ماذا بعد؟ زواج لم يدُم سوى ثلاث سنوات، لقد كان صغيرًا و فوجئ بـ ذلك العبء الكبير عليه، و خرج من هذا الزواج خاسرًا نفسه و حُبه و نتج طفلة تشتت بين أبوين ظنت ذات يوم أن الحُب فقط هو كُل ما يحتاجاه لبناء البيت
لينهار ذلك البيت عندما واجها الحياة بـ شكلها الشرس و مصاعبها التي لا تنتهي، و هو لم يستطع تخطي كُل ذلك، تسبب ذلك بـ صدع كبير داخله و ثقته إنهارت و حاول النضوج من أجل إبنته و إنقاذ ما يُمكن إنقاذه
لا يجب هدم ذلك الآن، عليه أن يتحكم في عبثيته و طيشه فقط أسيل إبنته لا تستحق والد مثله، لا تستحق أبدًا أ يسحبها في إعصار سيُهلك الجميع و، هي أولهم -حوراء-
البسكويتة الناعمة التي تُهلك الجميع و تأسرهم بـ نعومتها الخلابة، لم يُخطئ حينما أخبرها أنها لا تُشبه مُجتمعهم، حتى إيزيل كانت شرسة، عشوائية، طبيعة نشأتها في منطقة شبه شعبية جعلت منها إمرأة خطيرة، عكسها هي، التي تجعل نزعة الحماية تُجبرك على الخوف من مُجرد خدشها
لم يعُد إلى المقهى، لقد خاف أن يظهر ما يشعر به للعيان فـ يستحقره الجميع، أو ربُما يُريهم حقيقته التي عَمِلَ جاهدًا على إخفاءها، فـ ظل جالسًا على الدرج يُلملم شتات نفسه ثم قرر السير قليلًا ليسترخي و يُنقي أفكاره
و لكن قبلًا قد مر مرور الكرام على المقهى و أعطى أحد العاملين المفتاح ليغلقه و من ثم رحل، بـ الأحرى هرب إلى الشاطئ و رائحة اليود تخترق رئتيه فـ تُنقيهما
و لكنه صُدم عندما رأى حوراء سبقته إلى هُناك، متى رحلت و أتت دون أن يراها؟ و لكن الأهم الآن من هذا الذي تقف أمامه؟ هي لا تعرف أحدًا هُنا بـ إستثناء عائلته و هو
تذكر عُميّر فجأة ما قصته عليه مُنذ ساعات ليُثار القلق داخله و يهرع إليها صارخًا، مُمسكًا بـ يدها خٍشية خِشيةٍ أن يؤذيها هذا المجهول
-حوراء!… 
شهقت حوراء بـ صدمة و نظرت إلى عُميّر بـ عدم إستيعاب و كذلك الذي يقف معها، لتدارك إمساكه القوي بـ يدها فـ حاولت التملص قائلة بـ تألم
-عُميّر إيدي!… 
لم يبدُ أنها سمعها فـ قد كان يتحقق من سلامتها، ثم هتف بـ صوتٍ متهدج و هو يترك يدها بعدما إستعاب قوة قبضته
-أنتِ كويسة! 
-تمتمت بـ حيرة:أيوة كويسة! مش عارفة مالك!… 
إلتفت عُميّر على ذلك الصوت المألوف و كأنه تذكر أن هُناك أحدًا آخر يقف معهما و إتسعت عيناه بـ صدمة 
-أُستاذ عُميّر في حاجة! 
-هتف بـ صوتٍ مشدوه:نوح! بتعمل إيه هنا! 
-تولت حوراء الرد:نوح أعرفه، في حاجة؟… 
حَوَلَ عُميّر نظراته إلى حوراء التي كانت تقف بً. تحدي رافعة حاجبها تستعد للإطاحة به إذا هاجمها
-تعرفيه منين! ثم خرجتِ إمتى و إزاي أصلًا! 
-عقدت ذراعيها أمام صدرها و قالت:مش من حقك يا أُستاذ عُميّر تسأل سؤال زي دا، ثم أخرج وقت ما أنا عايزة طالما جدو حلمي سمحلي… 
لم يجد ما يرد به عليها، بل نظر إلى نوح الصامت و قال بـ نبرةٍ حادة
-و انت سايب شُغلك و واقف معاها ليه! 
-أجاب بـ هدوء:شيفتي خلص من ساعة… 
كأن إجابة نوح ألجمته فـ لم يجد ما يقوله، بل نظر إلى حوراء و قال بـ خشونة
-يلا نروح، الوقت إتأخر
-أنا مش فاهمة أنت بتأمر على أساس إيه! 
-ضيق عُميّر عينيه و قال:مش لطيف إنك تقفِ مع حد غريب لوحدك يا حوراء
-أنت مش من حـ… 
و لكنها صمتت حينما قاطعها نوح بـ لُطفٍ و هو يبتسم 
-أُستاذ عُميّر عنده حق يا حوراء، آسف إني كلمتك و نزلتك 
-كُنت عايز منها إيه!… 
هم نوح أن يتحدث هذه المرة و لكن قاطعته حوراء قائلة بـ نبرةٍ جافة، هي لم تنسَ ما حدث 
-مش من حقك تعرف، مع السلامة يا نوح… 
و إلتفتت ترحل تحت نظراته المصدومة ثم إلتفت إلى نوح الذي لوح بـ يدهِ و تمتم لها بـ كلماتٍ مودعة و رحل خلفها بـ صمتٍ، ثم عاد ينظر إلى الخلف ليتجعد جبينه حينما رأى نوح ينظر إلى حوراء نظراتٍ كان هو ينظر بها إلى إيزيل سابقًا
سُحقًا ماذا يحدث؟ 
********************
ليلًا
مُرهقة و مُتعبة، و قلبها يحترق، مشاعر كثيرة تُداهما من حين لآخر و السبب هو
قُتيبة سر سعادتها و تعاستها
راحتها و شقاءها
عشقها و كُراهيتها
قُتيبة يُشكل كُل أركان حياتها و عكسها، التضاد اللذيذ و الناتج عن مشاعر لن يستطيع أحد وصفها، هو فقط من عرفت الحُب به، هو رجُلها الأوحد، يُعذبها و تتلذذ هي بـ عذابهِو ذلك العذاب ما هو إلا راحة تتشكل مع غيره و هى لا تُريدها
لقد كانت حوراء مُحقة إن كانت لغيره فـ ستخونه و تخون ذلك الرجل و تخون نفسها، ذلك القلب يأبى الإعتراف بـ حبيب آخر غيره، قُتيبة شاهين الجامح و المُشتعل لأجلها فقط
تنهد كيان بـ تعب، مُذ خطبتهما و قد منعها عُميّر و جديها من الحديث معه بل و أخذها هاتفها ليمنعا أي تواصل بينهما، حتى حوراء فقدت الإتصال به و ظلت هي هائمة في مشاعرها
بين الحين و الآخر تنظر إلى حلقتها الذهبية، تتضارب المشاعر ما بين الخوف لِما هو آتٍ و السعادة أنها أصبحت له و عدم التصديق أنها تتطلع إليه، دفنت وجهها في الوسادة و سألت حائرة
-أنا بكرهه و لا بحبه!… 
و الكراهية كلمة لا وجود لها في قاموسها و تعلم ذلك جيدًا، إن كرهته تعلم أنها النهاية بـ النسبةِ لها
رفعت رأسها و نظرت إلى السقف و رفعت يدها تُحدق بـ الحلقة الذهبية و همست بـ عدم تصديق
-يارب عايزة أشوفه، ساعتها هعرف إذا كُنت هقدر أكرهه و لا لأ… 
دُعاؤها أُستجاب حينما سمعت صوت باب غُرفتها يُطرق و بعدها تدخل حوراء، مُغلقة الباب خلفها بـ المُفتاح، لتنهض كيان مُتعجبة و سألتها 
-في إيه يا حوراء؟!… 
إبتسمت حوراء و إقتربت منها ثم أخرجت هاتف غريب و أعطتها إياه، لتسألها بـ دهشة 
-تليفون مين دا! 
-إبتسمت حوراء بـ خُبثٍ وقالت مُتلاعبة:حد معرفة عملي خدمة
-حد مين!… 
كان السبب وراء لقاء نوح بـ حوراء هو إحضار هاتف لها، و كذبت كذبة بيضاء، لا ضرر أليس كذلك؟ إنها تؤلف بين حبيبين إنه هدف نبيل، و إدعاؤه أنه هو من طلبها كان مطلبها الآخر حتى لا يشك بها أحد
و الآن هي تحمل هاتف، به رقم قُتيبة ثم صدح الهاتف بـ إهتزاز فقط لتقول حوراء بـ صوتٍ هامس 
-رُدي بسرعة… 
تسارعت نبضات قلبها و تأكدت أنه قُتيبة فـ لا حمامة سلام بينهما سوى حوراء، و بلا تردد فتحت الهاتف و ما أن وضعته على أُذنها حتى حبست أنفاسها و هي تسمع صوته يُناديها بـ شجن
-كيان!… 
بعد طول شوق سمعت صوته، ثلاثون يومًا لم تسمع صوته أو تلمحه حتى، لم تعتقد كيان أنها تشتاقه لهذه الدرجة، فـ وضعت يدها على فمها تمنع شهقة كادت أن تخرج و إستدارت بعيدًا عن حوراء، و التي خرجت إلى الشُرفة لتُتيح لها بعض الخصوصية
و في الداخل ظلت كيان صامتة تتنفس فقط حتى سمعت صوت قُتيبة يهتف من جديد بـ شراسة 
-متبخليش عليا بـ صوتك، أنا عطشان يا كياني
-همست بـ إرتجاف:قُتيبة!!… 
سمعت صوت تأوهه فـ فغرت شفتيها، ثم قال بعد لحظاتٍ من الصمت القاتل بـ صوتٍ شرس أخافها 
-إزاي أمنع نفسي عنك دلوقتي!… 
زفرت نفسًا مُرتجف و عادت تهمس و كأنها لا تعرف من الحديث سوى اسمه
-قُتيبة!!… 
سمعت ضحكة سوداوية، قاتلة قبل أن يهتف بـ  صوتٍ عنيف، أحست كما لو أنه يُحطم ضلوعها 
-لو مش عايزة فضيحة جديدة، يبقى بطلي تقولي اسمي… 
هبطت عبرة و تلتها أُخرى قبل أن تهمس بـ تشنج و خوف
-كدا عرفت الإجابة
-بتقولي إيه!… 
فضلت كيان الصمت و رفعت رُكبتيها إلى صدرها و لا زال الهاتف على أُذنها ثم سمعته يقول بـ صوتٍ يزداد به العُنف
-بتعاقبيني عشان بحارب؟ بحارب عشانك! 
-هتفت بـ صوتٍ ذاهب:أنا أنا مش عارفة، لأ مش بعاقبك… 
سمعت صوت ضحكته العابثة فـ حلق لها قلبها اليتيم بـ حُبهِ ثم قال بـ نبرةٍ لاهبة
-محتاجك يا كيان، محتاجك فـ حياتي 
-ليه! 
-ضحك بـ شراسة أكبر و قال:بتسألي! و مع ذلك هجاوبك… 
أخافتها ضحكته و بما سيُجيب أكثر، و لكنها إستمعت بـ جسد يرتجف كما أنفاسها
-لأنك الحياة بـ النسبالي، لأني مش هعيش غير بيكِ… 
بكت كيان دون صوت و إنتظرت باقي حديثه، فـ أكمل بـ صوتٍ إخترقها و إهتز كيانها لأجله
-و أنتِ سبب إني بحارب نفسي، اللي لو عرفتِ اللي فيها هتهربِ… 
أرادت النفي، أرادت أن تُخبره أنها لن تهرب، و لكنها لم تستطع الحديث بل ظلت صامتة تستمع إلى فيض مشاعره المُخيفة
إلى ذلك الطوفان القاتل الذي يجرفهما إلى منطقة شديدة العُمق
إلى بُركان أطاح بهما و أضرم النيران في قلبيهما 
و تقبلت هي كُل ذلك بـ صدرٍ رحب و أرادت منه المزيد، و الإعتراف كان خطيئة لا يجب عليها إظهارها
و رغم ذلك لم يتوقف قُتيبة عن الحديث و البوح بـ فيضِ مشاعره، فـ أردف بما أَذهبَ المُتبقي من أنفاسها 
-أنتِ أرض الوطن بعد طول غُربة…
يتبع…… 
لقراءة الفصل الخامس عشر : اضغط هنا
لقراءة باقي فصول الرواية : اضغط هنا

اترك رد

error: Content is protected !!